
معرض «جسور» بعبري .. إبراز للهوية العمانية وقيم الإسلام
«عمان»: تتواصل بمحافظة الظاهرة فعاليات معرض «جسور.. سلطنة عمان هوية وحضارة»، الذي تنظمه إدارة الأوقاف والشؤون الدينية ممثلة بقسم التعريف بالإسلام والتبادل الثقافي.
ويتضمن المعرض أربعة أركان متنوعة تتمثل في ركن المرأة الذي يشرح أقوال العمانيين حول حقوق المرأة في الإسلام، ومدى ارتباطها بالقرآن الكريم والسنة النبوية، وركن الحقوق والقيم العمانية التي تعرف الناشئة وغير المسلمين بالكرم والضيافة العمانية، وموضوعات متنوعة من بينها حق البيئة والحفاظ عليها، وحقوق الأقارب وتنشئة الأطفال، وحقوق الطفل، وحقوق المريض، أما ركن القيم العمرانية فقد ركز على حقوق الجار والفقه العمراني لدى العمانيين.
وأكد سعيد بن عبدالله المجرفي، رئيس قسم التعريف بالإسلام والتبادل الثقافي أن المعرض يهدف إلى التعريف بالإسلام وتعزيز الهوية العُمانية وتعريف الناس بالحضارة العُمانية والإرث العُماني، موضحا أن المعرض في نسخته الرابعة يقام في مؤسستين وهما: جامعة التقنية والعلوم التطبيقية ومركز بوادي مول عبري من أجل تعريف المجتمع بأهمية محاور المعرض.
وأضاف: إن المعرض شهد دخول خمس نساء من جنسيات بورمية وكينية ومالاوية في الإسلام.
ويفتتح معرض «جسور» اليوم في جامعة التقنية والعلوم التطبيقية بعبري، برعاية الدكتور الأمير بن ناصر العلوي، مساعد رئيس الجامعة، وتتخلله محاضرة توعوية للتعريف بالقسم وأهدافه.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


جريدة الرؤية
٢٨-٠٧-٢٠٢٥
- جريدة الرؤية
قراءة في كتاب "القواسم في عُمان" للشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي
د. صالح بن ناصر القاسمي منذ القدم، أولى العرب عناية خاصة بعلم الأنساب وتوثيقها، لما لها من أهمية في حفظ الروابط الاجتماعية ومعرفة الأصول والانتماءات. وقد أتى الإسلام مؤكدًا هذه الأهمية، كما في قوله تعالى: (ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ) (الأحزاب: 5). وقال عليه الصلاة والسلام: (من ادعى إلى غير أبيه، وهو يعلم أنه غير أبيه، فالجنة عليه حرام)، صحيح البخاري ومسلم. وقد ارتبط علم الأنساب بتاريخ القبائل العربية، مما يجعل من الضروري لمن يتولى مهمة كتابة هذا التاريخ أن يتحلى بالموضوعية والحيادية، وأن يُعنى بالتدقيق والتمحيص، حتى يتمكن من الوصول إلى حقائق تاريخية تستند إلى دلائل راسخة ومعطيات موثوقة. ومن القبائل التي حظيت باهتمام واسع في الدراسات التاريخية الحديثة، قبيلة القواسم، لما لها من علاقة وطيدة بأرض عُمان، ولما شكّله حضورها من تأثير على السواحل العُمانية. وقد تناولت العديد من المصادر العربية والأجنبية نسب هذه القبيلة، ومواضع استقرارها، ودورها في تاريخ عُمان. وفي هذا الصدد صدر في عام 2014م عن الدار العربية للموسوعات كتاب بعنوان (الفيصل القاسم في أصل القواسم) لمؤلفه الفاضل خلفان بن علي بن خلفان القاسمي، تناول فيه -بأسلوب علمي موثق- مختلف الآراء التي تناولت أصل قواسم عُمان ونسبهم، بالإضافة إلى تاريخ هجرتهم إلى عُمان ومواطن استقرارهم. ويُعد هذا الكتاب مرجعًا مهمًا في بابه، لما تضمنه من عرض شامل وموضوعي لكافة الآراء المتداولة حول قواسم عُمان. ولمن يرغب في التوسع والاطلاع على التفاصيل، يُنصح بالرجوع إليه. وقد أُهديت نسخة من الكتاب إلى صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، حاكم إمارة الشارقة، باعتباره باحثًا تاريخيا، وقد تفضل سموه بالإشادة بالكتاب، موجّهًا رسالة شخصية إلى مؤلفه عبّر فيها عن شكره وتقديره لمؤلفه، وهي رسالة أطلعنا عليها المؤلف قبل عدة سنوات، ما يُعدّ ضمنيًا بمثابة إقرار بمحتوى الكتاب ومضمونه. وفي الآونة الأخيرة، طالعتنا الساحة الثقافية مؤلَّفًا جديدًا لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي بعنوان "القواسم في عُمان"، ويقع في نحو ثلاثين صفحة، ونرغب هنا في تقديم قراءة أو تعليق موجز على هذا الإصدار. بدايةً، لا يمكن حصر تاريخ القواسم في عُمان في هذه السطور القليلة، فهو تاريخ عريق وممتد، يزخر بالوقائع والشواهد التي تؤكد عمقه وأثره. وقد انتشر القواسم في معظم ولايات سلطنة عمان، ولا سيما في الولايات الساحلية، من ولاية شناص شمالًا حتى ولاية صور جنوبًا، فضلًا عن وجودهم الملحوظ في عدد من ولايات المنطقة الشرقية والداخلية، مثل بدبد وسمائل. وقد تناول الشيخ الدكتور سلطان- حفظه الله- في حديثه جوانب من تاريخ القواسم، إلا أن تركيزه اقتصر على وجود القواسم في الجصة وسمائل دون التطرق إلى وجودهم في الولايات الأخرى، وهو ما يستدعي منا وقفة سريعة للتعليق والتوضيح. ففيما يتعلق بوجود القواسم في الجصة، فإنه أقدم بكثير مما ورد في حديث الشيخ الدكتور سلطان، الذي أشار فيه إلى عام 1811م، بينما تثبت عدد من الأدلة والقرائن أن وجودهم في هذه المنطقة سابق لهذا التاريخ بكثير، وسنذكر فيما يلي بعض الدلائل التي تؤكد ذلك: من بين ما يُستدل به على متانة العلاقة بين القواسم في عُمان -وأعني هنا القواسم القاطنين أرض عُمان الأم- والأسرة الحاكمة، أنهم ظلوا على الدوام تحت راية السادة البوسعيديين، بل وحتى من قبلهم في عهد اليعاربة. فلم يُعرف عنهم الدخول في أي صراع مع الحكام، بل كانوا في صفهم وشاركوا في معاركهم جنبًا إلى جنب. وقد أورد المؤرخ ابن رزيق في كتابه الفتح المبين في سيرة السادة البوسعيديين (ص:416) موقفًا مشرفًا للقواسم خلال وقوفهم إلى جانب السيد سعيد بن سلطان في حربه ضد عمه قيس، حيث قال: (وكان يومئذ القابض للسد سالم بن سلطان، ومعه رجال من جعلان من بني راسب والقواسم، وبعض رجال من بني جابر أهل طيوي، وبعض رجال من نخل من أصحاب مالك بن سيف اليعربي. أما سعيد بن سلطان فكان حينها في حصن بركاء. فلما اقترب قيس وقومه من السد، بادره بني راسب والقواسم بالهجوم، فاندلعت المعركة بينهم في وادي العدي، وقد قُتل فيها محمد بن ماجد، أمير بني راسب، وأمير القواسم، ولم يبق من قومهم إلا القليل، بعد أن أبلوا بلاءً حسنًا في القتال وأعطوا السيوف حقها. وبعد استشهاد القواسم وبني راسب، رجع سالم بن سلطان إلى مسقط). هذا النص يؤكد بجلاء أن القواسم لم يكونوا خصوما أو خصما للسلطة في عُمان، بل كانوا من أوفى مناصريها، وخاضوا المعارك دفاعا عن شرعيتها وولاءً لحكامها. الشاهد أن القواسم كان وجودهم في الجصة سابقا لذلك التاريخ، بل تشير المصادر إلى أن قواسم الجصة كانوا يشكلون إمارة يُوصَف شيخها بصفة "الأمير"، وقد أورد الشيخ سالم بن حمود السيابي في كتابه إسعاف الأعيان في أنساب أهل عمان (ص ٧٦) ما نصه: (ناهيك بقواسم الجصة، فقد كادوا يكونون حكومة مستقلة، وتقع الجصة شرقي مسقط، ولهم فيها آثار مهمة شاهدة على مجدهم). والشاهد أيضا أن القواسم الذين سكنوا الجصة قد دوّنوا تاريخهم فيها، وهو تاريخ يسبق عهد السلطان سعيد بن سلطان -رحمه الله- الذي بدأ حكمه في عام ١٨٠٦م واستمر حتى عام ١٨٥٦م، إذ نجد أن أحد علماء الشافعية من قبيلة القواسم، الذي سكن هو وأجداده الجصة، قد وُلد في مطلع القرن الثالث عشر الهجري، أي في حدود عام 1790م، مما يؤكد أن أجداده استوطنوا الجصة قبل التاريخ الذي أورده الشيخ سلطان بن محمد القاسمي، وهو عام ١٨١١م. ومن جانب آخر فإن المؤرخ ابن رزيق والذي دون سيرة السادة البوسعيديين لم يذكر أن السلطان سعيد بن سلطان -رحمه الله- حارب القواسم في مدينة صور، والثابت أن القواسم في صور دارت بينهم وبين قبيلة الجنبة حرب وصادف أن عاد الشيخ سلطان بن صقر القاسمي من الدرعية بعد أن احتجزه أمير الدرعية عن طريق ميناء صور، حيث ذكر عبدالله بن صالح المطوع، في كتابه الجواهر واللآلي في تاريخ عُمان الشمالي صفحة 76-78 في معرض الكلام عن خروج الشيخ سلطان بن صقر القاسمي وفراره من الدرعية عن آل سعود قال: (وقد تعرف أثناء قضاء مناسك الحج على رجال من قبيلة الجنبة من بلدة صور وكانت بينهم وبين القواسم عداوة وحروب ودماء فأحبوا أن تكون لهم عند القواسم يد إحسان فعرضوا على الشيخ سلطان أن يسافر معهم وضمنوا له الوصول)، إلى أن قال: (وعندما وصل الشيخ سلطان إلى صور التف حوله من بقي فيها من القواسم والجنبة وبالغوا في إكرامه ورجوه جميعا أن يتوسط بينهما ويعقد بينهما معاهدة صلح ويزيل الأحقاد فتعهد بذلك ووفى بما تعهد به). ومما لا شك فيه أن التاريخ حينما يذكر قبيلة، فإنه يذكرها بمجموعها الكبير، لا بأسرة واحدة فقط. وعليه، فإن ما أورده الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي من أن جميع سكان الجصة هم من نسل صالح بن محمد بن صالح بن علي المالودي القاسمي، بعيد عن الواقع. فالثابت أن قبيلة القواسم التي سكنت الجصة تضم أسرًا عديدة معروفة ببيوتها وأفخاذها، وهم أدرى بأنسابهم. وقد أشار الشيخ الدكتور سلطان كذلك إلى الشيخ مبارك بن عبدالله، وذكر أنه أعقب ولده محمد الذي انتقل إلى الشارقة، دون أن يتطرق إلى ابنيه الآخرين: علي بن مبارك، الذي لا يزال على قيد الحياة في سلطنة عُمان، وأحمد بن مبارك، الذي توفي دون أن يُعقب. أما نسب الشيخ مبارك بن عبدالله، فهو: مبارك بن عبدالله بن علي بن راشد بن حميد بن سلطان بن خالد بن صقر بن عبد الله بن غانم بن غازي القاسمي. وهو آخر شيخ في الجصة، وينتمي إلى فخذ أولاد غازي، ولا تربطه صلة نسب بصالح بن محمد بن صالح بن علي المالودي القاسمي الذي أشار إليه الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي. أما فيما يخص القواسم في سمائل، فقد ذكر الشيخ الدكتور سلطان القاسمي أنهم من نسل ناصر بن سلطان بن صقر القاسمي من ابنه هلال. غير أن ناصرًا، وبحسب المصادر، لم يكن له من الذكور سوى ثلاثة أبناء فقط، وهم: إبراهيم، ومحمد، وماجد، وهم الذين وردت أسماؤهم في المشجرة القاسمية في دولة الإمارات، كما ذكرهم الشيخ سلطان القاسمي في كتابه التذكرة بالأرحام في الصفحة ٧١. وقد أشار إليهم أيضًا لوريمر في كتابه دليل الخليج، حيث ذكر أن ناصر بن سلطان بن صقر القاسمي توفي في رأس الخيمة. وبناءً على ذلك، لا يوجد ما يثبت وجود نسل لهلال بن ناصر بن سلطان القاسمي بين قواسم سمائل. وبناءً على ما سبق، يتبيّن جليًّا أن قبيلة القواسم في عُمان تُعدّ من القبائل العريقة والمنتشرة في مختلف ولايات السلطنة، وليس من المنطقي حصر وجودها في الجصة وسمائل أو نسبتها إلى شخص واحد فقط، فذلك لا يطابق الواقع ولا ينسجم مع حقائق التاريخ ولا يُقبله العقل.


جريدة الرؤية
٢٦-٠٧-٢٠٢٥
- جريدة الرؤية
البطالة وأثرها على الاستقرار المجتمعي
علي بن عبدالله بن منصور السليمي 10259288@ دائمًا ما نسمع عبارة: "الباحثون عن عمل"، ولعلّك -عزيزي القارئ- واحدٌ منهم الآن. ولكن، هل تساءلت يومًا عن حقيقة هذه المشكلة التي تواجهها؟ أو عن الآثار التي قد تخلّفها، سواء على حياتك الشخصية أو على المجتمع بأسره؟ وهل حاولت في وقتٍ ما أن تبحث عن حلّ جذري لها؟ أنا لا أشك في ذلك... لكن في السطور القادمة، سنحاول أن ننظر إلى هذه المعضلة من زاوية مختلفة، لعلنا نستلهم منها شيئًا، أو يلتمس -ولو أحدنا- طريقًا نحو المستقبل الذي ينشده. لا شكّ أنّ مشكلة "البطالة" باتت من القضايا العالمية الملحّة، فلا يكاد يخلو بيت -تقريبًا- من باحث عن عمل. ومع توالي الأزمات العالمية وتفاقم الصراعات الدولية، تتعاظم هذه الظاهرة، ويكون أول المتضررين منها هو المواطن الصالح البسيط، الذي يسعى بشرف إلى لقمة عيشه. وعلى الرغم من الجهود الجادة التي تبذلها الحكومات في سبيل احتواء هذه الأزمة، إلا أننا نلاحظ -مع مرور الوقت- ازدياد أعداد الباحثين عن عمل، دون تحسّن ملموس في الأوضاع. ومن هنا، بات من الضروري عقد لقاءات موسعة ومناقشات جادة لإيجاد حلول واقعية وعملية لهذه الآفة، التي تنهش في نسيج المجتمع مثل سوسةٍ تأكل في صمت، حتى تحدث فيه شرخًا يصعب رأبه. فهل ننتظر -لا قدّر الله- أن يبلغ السيل الزُبى؟ هل ننتظر انتشار الفقر، وازدياد معدلات الجريمة، وظهور الانحرافات السلوكية في مجتمعنا؟ بالتأكيد لا. إنّ مجتمعنا المسلم المحافظ، يدرك تمامًا أن البطالة قد تفضي إلى هذه المشكلات الخطيرة، فهي نتيجة طبيعية للفراغ، واليأس، وانعدام مصدر الدخل. وقد حث الإسلام على العمل والكسب الحلال، واعتبره من أسباب الكرامة والعيش الكريم، فقال تعالى: "هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ" (الملك: 15). وقال أيضًا: "وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ" (التوبة: 105). كما قال النبي ﷺ: "مَا أَكَلَ أحدٌ طعامًا قط خيرًا من أن يأكلَ من عملِ يدِهِ..." (رواه البخاري). إذاً يجب على كل امرئ فينا أن يسعى في طلب رزقه، ويطرق جميع الأبواب حتى يحقق مبتغاه. وفي المقابل يجب أن تكون هناك تسهيلات كبيرة من لدن الدولة؛ حتى تتحقق للفرد الوظيفة المناسبة له التي يستطيع من خلالها أن يعيش حياة كريمة. فلا يمكن للإنسان -بطبيعة الحال- أن يكون كائنا خاملا وسط الخلية المنتعشة التي تتطلب كل ذرة قوة فيها حتى تنمو وتزدهر، وإلا سيتم إقصاؤه بعيدًا. إلا أن هذا الأمر لا يتحقق إلا إذا تكاتف الجميع، وعملوا فيما بينهم على إصلاح الخَلَّة، ومعالجة العِلَّة، فلا يمكن القضاء على هذه الظاهرة إلا إذا تظافرت جميع الجهود من أعلى الهرم إلى أدناه. ولربما هناك بعض الحلول التي من شأنها أن تسهم في تقليص حجم هذه المشكلة ومضرتها، وسنسردها لكم فيما تبقى من سطور قليلة قادمة... ولمواجهة هذه الظاهرة، تبرز الحاجة الملحّة إلى تبنّي سياسات تنموية واقتصادية شاملة، تستند إلى رؤى واقعية وفاعلة. ومن أبرز هذه السياسات: تنشيط الاستثمارات في القطاعات المنتِجة لفرص العمل، ودعم ريادة الأعمال والمبادرات الفردية، والعمل على مواءمة مخرجات التعليم والتدريب مع متطلبات سوق العمل. كما ينبغي تشجيع الشباب على الانخراط في المهن الحرفية والتقنية، ونشر ثقافة الإنتاج والعمل الجاد، باعتبارها أساسًا لبناء مجتمع متماسك واقتصاد مستدام. وفي الختام، فإنّ البطالة ليست مجرد أزمة اقتصادية، بل هي تحدٍّ حضاري يمسّ كيان المجتمع واستقراره وأمنه. ومن هذا المنطلق، يجب علينا -أفرادًا ومؤسسات- أن نستشعر حجم المسؤولية، ونتكاتف جميعًا في السعي الجاد نحو إيجاد الحلول، وتوفير بيئات محفزة للعمل، وتمكين الشباب من أداء دورهم الحقيقي في بناء أوطانهم. ولنأخذ بأسباب النجاح والتوكل على الله، متيقنين بأن العمل شرف، والكسب الحلال عبادة، وأن في الجد والاجتهاد تُصنع الأمم وتنهض الحضارات.


جريدة الرؤية
٣٠-٠٦-٢٠٢٥
- جريدة الرؤية
دروس من كربلاء
جابر حسين العُماني ** تعد كربلاء من أهم المدن التي ذكرها التاريخ الإسلامي؛ إذ إنها ليست مجرد مدينة عادية رسمت على الخارطة العالمية؛ بل هي من أبرز المعالم الخالدة التي ارتبط اسمها بأعظم فاجعة في التاريخ، وذلك عندما قُتل على أرضها سبط رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وريحانته من الدنيا الإمام الحسين ومعه أهل بيته وأصحابه. واقعة تعد من أهم الوقائع التاريخية التي وقعت في التاريخ؛ يوم العاشر من شهر محرم الحرام سنة 61 للهجرة، والتي فيها تجسد الحق وزهق الباطل. في واقعة الطف تمثل صوت الحق في شخص الإمام الحسين بن علي، بينما تمثل صوت الباطل في أعداء الله ورسوله، فأصبحت كربلاء رمزًا للحق والتضحية والعدل، والإلهام والإصلاح، بل واستطاعت عبر العصور المتعاقبة أن تقدم للأمة دروسًا عظيمة تستحق أن تدرس في مدارس وجامعات الأمة العربية والإسلامية. فيا ترى ما أهم تلك الدروس المستفادة من واقعة كربلاء، والتي ينبغي الاستفادة منها وعدم تجاهلها؟ الدرس الأول: الانتصار ليس مرهونا بالكثرة العددية وهو ما تجسد في ملحمة كربلاء الخالدة، ويتبين ذلك جليا للباحثين والمتأملين الذين يقرأون الحقائق بعين الإنصاف، فالحسين وقف في واقعة الطف مع قلة قليلة من المؤمنين الأشاوس من أنصاره الذين قدموا له من أجل الدفاع عن الإسلام كل ما يملكونه من مال وأولاد وعتاد، وهم يقفون أمام جيش ظالم جرار لا يعرف من الدنيا إلا الظلم والتكبر والغطرسة، ومع كل ذلك كانت الغلبة لصوت الحق رغم التضحيات التي قدمها الإمام الحسين مع أهل بيته وأصحابه، وانتصر الدم على السيف. قال الله تعالى: { كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ }. الدرس الثاني: مصير الظالمين الهلاك اليوم عندما نتأمل الأسماء الظالمة التي شاركت في مقتل الإمام الحسين وأهل بيته، نجد أن الله تعالى عاقبهم في الدنيا قبل الآخرة، بما سفكوا من دماء زكية، وأما الحسين بن علي وأصحابه الكرام الأوفياء فقد بذلوا مهجهم لنصرة الإسلام؛ مما جعل من أسمائهم لامعة ومشرقة تتردد في الأسماع عبر التأريخ. الدرس الثالث: التضحية من أجل القيم والمبادئ الإنسانية وهي من أهم الدروس والعِبر التي قدمتها لنا كربلاء؛ فالقيم الإنسانية تستحق من الجميع أن يضحوا من أجلها بالغالي والنفيس، كما ضحى الإمام الحسين بنفسه وأولاده وأصحابه من أجل إعلاء كلمة الحق واحترام مكانة الأمانة والعدل والرحمة والصدق والمساواة وغيرها من الصفات النبيلة التي حث عليها الإسلام، والتي من خلالها يتم الحفاظ على الخير والرفاهية الإنسانية في المجتمع. الدرس الرابع: الثبات على المبدأ المتأمل في مواقف الإمام الحسين في واقعة كربلاء، يتضح له جليًا حجم العروض المادية والدنيوية التي قدمها له الأعداء في محاولة منهم لزعزعة مبادئه وقيمه ومواقفه البطولية والإنسانية، ومع كل تلك العروض المغرية والتهديدات المتكررة بإراقة دمه ودماء أهل بيته ومن معه، ولكنه كان ثابتاً ومتمسكاً بمبادئه وقيمه التي آمن بها وسار عليها. الدرس الخامس: كرامة الإنسان أعز من الحياة وما فيها تُعد الكرامة الإنسانية قيمة أساسية متأصلة في واقع كل فرد من أبناء المجتمع، فلا يجوز المساس بها أو الانتقاص منها، بل ولا يصح أن يتنازل عنها الإنسان مهما كانت الظروف، وهو ما أثبته ودافع عنه الإمام الحسين في واقعة كربلاء إلى آخر لحظة من حياته، حيث كان يقول: "إِنِّي لاَ أَرَى اَلْمَوْتَ إِلاَّ سَعَادَةً، وَاَلْحَيَاةَ مَعَ اَلظَّالِمِينَ اَلْبَاغِينَ إِلاَّ بَرَمًا"، فما أجمل الإنسان عندما يكون صاحب عزة وكرامة. الدرس السادس: أن يكون الولاء لله فوق كل ولاء واعتبار ويتجلى هذا المفهوم واضحا في شخصية الإمام الحسين، الذي جسَّد ولاءه لله الواحد الأحد أثناء صراعه مع الظلم والظالمين، وليس للسلطة أو لتحقيق مكاسب دنيوية، كما يتضح ذلك في قوله عند توجهه إلى كربلاء: "أَنِّي لَمْ أَخْرُجْ أَشِرًا وَلاَ بَطِرًا وَلاَ مُفْسِدًا وَلاَ ظَالِمًا وَإِنَّمَا خَرَجْتُ لِطَلَبِ اَلْإِصْلاَحِ فِي أُمَّةِ جَدِّي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ أُرِيدُ أَنْ آمُرَ بِالْمَعْرُوفِ وَأَنْهَى عَنِ اَلْمُنْكَرِ". وأخيرًا.. علينا أن نفهم كربلاء جيدًا؛ فهي ليست مجرد معركة عادية؛ بل هي ملحمة عظيمة حملت معاني الفداء والصمود والوفاء والإخلاص؛ فأصبحت منهج حياة يدعو الناس للإصلاح ومحاربة الفساد والفاسدين، ومواجهة الظلم والظالمين، والاعتراف بالحق، وأن الحق لا يقاس بالعدد؛ بل بقيمته الحقيقية والمعنوية التي تأتي من خلال الإيمان بالله والتخلق بأخلاق أهل "لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله". ** عضو الجمعية العُمانية للكتاب والأدباء