
مؤتمر نيويورك أطلق حراكاً سياسياً لإحياء «حل الدولتين»
ففي بريطانيا، أعلن رئيس الوزراء كير ستارمر، بعد اجتماع استثنائي للحكومة، عزمه على اللحاق بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والاعتراف بالدولة الفلسطينية في سبتمبر (أيلول) المقبل حال لم تتخذ إسرائيل خطوات لتحسين الوضع في قطاع غزة وإحلال السلام، وهو ما كرره وزير خارجيته ديفيد لامي أمام مؤتمر نيويورك.
ومع ازدياد الضغوط في الداخل، أعلن ستارمر أنه سيُقدم على هذه الخطوة ما لم توقف إسرائيل حربها على غزة، وتفتح المعابر أمام تدفق المساعدات الإنسانية من دون عوائق، وتنخرط في محادثات سلمية جدية لوضع حد للنزاع الفلسطيني - الإسرائيلي.
رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر يلقي بياناً في لندن يوم الثلاثاء دعا فيه مجلس الوزراء إلى الانعقاد لبحث الوضع بغزة (رويترز)
ويبدو التجاوب الإسرائيلي مع هذه الشروط مستحيلاً، بالنظر إلى مواقف نتنياهو وفريقه الحكومي، كما يعني عملياً أن لندن -التي تتحمل مسؤولية تاريخية في قيام إسرائيل منذ «وعد بلفور» عام 1917- ستُقدم على هذا التحرك.
ولهذه الخطوة أهمية خاصة، إذ ستكون بريطانيا هي الدولة الثانية في «مجموعة السبع» التي تعترف بالدولة الفلسطينية، بعد فرنسا، والرابعة في مجلس الأمن من بين الدول الخمس دائمة العضوية. كما أن لها أهمية خاصة من حيث أنها تجعل الحراك الغربي «حراكاً جماعياً»، وهو ما كانت تراهن عليه باريس.
وجسَّد «نداء مؤتمر نيويورك» الداعي إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية والصادر عن 15 دولة غربية ما يشبه «الزلزال الأرضي»، وفق تعبير وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، إذ إنها المرة الأولى التي يُقدِم فيها الغربيون «جماعياً» على خطوة كهذه.
والدول الخمس عشرة هي: أستراليا، وكندا، وفنلندا، وفرنسا، والنرويج، وإسبانيا، والبرتغال، وآيرلندا، وسلوفينيا، ولوكسمبورغ، ومالطا، ونيوزيلندا، وآيسلندا، وسان مارينو، وأندورا.
ومن بين الدول المذكورة، أعلنت مالطا رسمياً أنها سوف تعترف بالدولة الفلسطينية؛ فيما تتأهب كندا لذلك، وكذلك فنلندا. وترى مصادر فرنسية أن البرتغال مهيَّأة بدورها لهذا الاعتراف.
وقد جاء في إحدى فقرات «النداء»: «لقد اعترفنا، أو عبَّرنا أو نعبّر عن استعداد بلداننا أو نظرتنا الإيجابية للاعتراف بدولة فلسطين، بوصفه خطوة أساسية نحو حل الدولتين؛ وندعو جميع الدول التي لم تقم بذلك بعد إلى الانضمام إلى هذا النداء».
كما ورد فيه: «نعرب عن عزمنا على العمل من أجل وضع هيكلية لليوم التالي في غزة، تضمن إعادة إعمار غزة، ونزع سلاح حركة (حماس)، واستبعادها من الحكم الفلسطيني».
تنمّ صياغة الفقرة المذكورة عن رغبة جماعية في الإقدام وتشجيع آخرين على اللحاق بالركب. وتعترف بالدولة الفلسطينية، حتى اليوم، 149 دولة.
وتقول مصادر فرنسية إن إعلان ماكرون خطوة الاعتراف قبل أيام كان ذا هدف مزدوج: ممارسة ضغوط على الدول الأوروبية المترددة من جهة، وإعطائها الوقت الكافي حتى 21 سبتمبر، وهو الموعد المبدئي للقمة التي ستوَّجه الدعوة إليها في نيويورك حتى تبلور قرارها.
ونقلت وزارة الخارجية الفرنسية، الأربعاء، عن بارو قوله للأمين العام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إن هذا الاعتراف «يندرج ضمن ديناميكية سياسية شاملة دعمها المؤتمر، وتهدف إلى تحقيق الاعتراف بدولة فلسطين، وتطبيع العلاقات مع إسرائيل ودمجها إقليمياً، وإصلاح الحوكمة الفلسطينية، ونزع سلاح حركة (حماس) واستبعادها بالكامل، وتنفيذ ضمانات أمنية جماعية».
الأمين العام للأمم المتحدة يصافح وزير الخارجية الفرنسي خلال مؤتمر «حل الدولتين» في نيويورك (أ.ف.ب)
ولعل الفقرة الأخيرة من خريطة الطريق تختصر الهدف الأسمى للمؤتمر: «إنها فرصة تاريخية. لقد حان وقت العمل الحاسم والجماعي لإنهاء الحرب، وتحقيق إقامة الدولة الفلسطينية، وضمان السلام والكرامة لكلا الشعبين».
حظي المؤتمر بحضور واسع، إذ شاركت فيه 125 دولة، وكثير من المنظمات الدولية والإقليمية؛ كالاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية، وما لا يقل عن 40 وزيراً للخارجية، رغم الضغوط الإسرائيلية والأميركية.
وإلى جانب تلك الضغوط، حذرت حملة داخلية استهدفت الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بعد إعلانه العزم على الاعتراف بالدولة الفلسطينية رسمياً في «أسبوع الرؤساء والقادة» في الجمعية العامة للأمم المتحدة في شهر سبتمبر، من تنفيذ بادرة «لن يكون لها أي تأثير» على مسار الأحداث في الشرق الأوسط؛ كما نبّهته من «العزلة الدبلوماسية» التي سيقع فيها لأنه ليست هناك أي دولة أوروبية أو غربية سوف تنضم إليه.
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)
واستبعد «المشككون» انبعاث «ديناميكية دبلوماسية - سياسية» لصالح حل الدولتين الذي أصبح، وفق رؤيتهم، «جزءاً من الماضي»، ليس فقط بسبب التغيرات السياسية والميدانية، ولكن أيضاً بسبب رفض إسرائيل الجذري قيام دولة فلسطينية.
وصوَّت الكنيست العام الماضي على قرار يرفض قيام دولة فلسطينية، كما تبنى الأسبوع الماضي قراراً يدعو الحكومة إلى ضم الضفة الغربية بأغلبية 71 صوتاً. وباختصار، فإن المشككين رأوا في «مؤتمر الدولتين» ضرباً من «الأوهام».
ودأبت السردية الإسرائيلية على التنديد بالاعتراف بالدولة الفلسطينية، معتبرةً إياه «مكافأة لحماس وللإرهاب»، زاعمةً أنه سيؤول إلى «نسف مساعي الحل السلمي» و«الجهود المبذولة لوضع حد للحرب» في غزة.
لكن كل ما سبق لم يتحقق، بل حدث العكس تماماً.
فالرياض وباريس نجحتا في مسعيهما الهادف إلى إعادة إحياء «حل الدولتين» الذي غاب طويلاً.
وخلال يومين فقط، كان تركيز ثلثي بلدان العالم على «خريطة الطريق» التي تمت بلورتها طيلة أسابيع طويلة بفضل جهود ثماني مجموعات عمل مزدوجة الرئاسة، عربية ودولية، انكبَّت على صياغة مقترحات عامة وشاملة وعملية حول كيفية وضع حد للنزاع والذهاب نحو شرق أوسط مندمج أمنياً واقتصادياً وإنسانياً.
وبرز ذلك في «الوثيقة النهائية» المكونة من 7 صفحات والتي صدرت مع انتهاء أعمال المؤتمر، يوم الثلاثاء.
وقال وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، إن الوثيقة «تتضمن مقترحات شاملة للمحاور السياسية والأمنية والاقتصادية والإنسانية والقانونية والسردية الاستراتيجية، وهي تشكل إطاراً متكاملاً وقابلاً للتنفيذ من أجل تطبيق حل الدولتين وتحقيق السلم والأمن للجميع».
ودعا الوزير السعودي إلى «تأييد الوثيقة الختامية» قبل اختتام الدورة التاسعة والسبعين للجمعية العامة عن طريق إبلاغ البعثة السعودية أو الفرنسية في نيويورك بذلك.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


عكاظ
منذ 33 دقائق
- عكاظ
رئيس الوزراء الموريتاني يصل إلى المدينة المنورة
وصل دولة رئيس الوزراء الموريتاني السيد المختار ولد أجاي إلى المدينة المنورة اليوم لأداء الصلاة في المسجد النبوي، والتشرّف بالسلام على الرسول المصطفى –صلى الله عليه وسلم–، وصاحبيه –رضي الله عنهما–. وكان في استقباله لدى وصوله إلى مطار الأمير محمد بن عبدالعزيز الدولي بالمدينة المنورة وكيل إمارة منطقة المدينة المنورة عبدالمحسن بن نايف بن حميد، وسفير الجمهورية الإسلامية الموريتانية لدى المملكة المختار ولد داهي، ومدير مكتب المراسم الملكية بالمنطقة إبراهيم بن عبدالله بري، وعدد من المسؤولين. أخبار ذات صلة


الشرق الأوسط
منذ ساعة واحدة
- الشرق الأوسط
«الشرق الأوسط» تكشف قائمة عبد الله الماجد لمجلس إدارة النصر
كشفت مصادر لـ«الشرق الأوسط» أن عبد الله الماجد تقدم اليوم الخميس رسمياً بترشحه لرئاسة مجلس إدارة مؤسسة نادي النصر غير الربحية، وذلك ضمن قائمة موحّدة تضم زياد وهبي، وخالد المالك، ومعن الخميس، ووليد العماري، وخالد السرهيد. وحسب المصادر هذه هي القائمة الوحيدة المُعلنة حتى الآن، وتحظى بدعم واسع من شرفيي نادي النصر، وسط توقعات بتزكية مرشح واحد دون منافسة. الجدير بالذكر أنه تم فتح باب الترشّح من قِبل مؤسسة أعضاء نادي النصر اعتباراً من 22 يوليو (تموز) 2025، على أن يُغلق اليوم الخميس بعد انتهاء المهلة الرسمية المقدّرة مساءً، وتستند العملية الانتخابية إلى التنظيمات الجديدة التي فرضت شرط تقديم دعم مالي لا يقل عن 40 مليون ريال من المرشح لرئاسة شركة النادي، وفي حال عدم وجود من يستوفي الشرط تُسند المهمة للجمعية العامة لاختيار الرئيس من بين سبعة أعضاء مرشحين من مؤسسة النادي أو صندوق الاستثمارات العامة. فيما أوضحت مصادر موثوقة عن عدم رغبة الأمير فيصل بن تركي في التقدم بترشحه لرئاسة النادي، رغم المطالب الجماهيرية بعودته. هذه المعلومات تعكس أن عبد الله الماجد هو المرشح الوحيد حتى الآن، دون أي ترشيحات رسمية منافسة، ويتولّى الماجد حالياً منصب رئيس مجلس إدارة شركة «نادي النصر» منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.


صحيفة سبق
منذ ساعة واحدة
- صحيفة سبق
البرتغال تعتزم الاعتراف بدولة فلسطين خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة
أعلن مكتب رئيس الوزراء البرتغالي لويس مونتينيغرو، الخميس، أن الحكومة ستبدأ مشاورات مع الرئيس والبرلمان تمهيدًا للاعتراف بدولة فلسطين خلال انعقاد الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك في سبتمبر المقبل. وجاء في البيان أن البرتغال تدرس هذا القرار في إطار توجه دبلوماسي منسق يهدف إلى دعم حل الدولتين وإنهاء معاناة الفلسطينيين، مشيرًا إلى أن الخطوة تخضع لمشاورات سياسية داخلية قبيل اتخاذ القرار الرسمي في المحفل الأممي. ويأتي الموقف البرتغالي متزامنًا مع تحركات أوروبية متزايدة تجاه الاعتراف بدولة فلسطين، في ظل تفاقم الأزمة الإنسانية في قطاع غزة والضغط الدولي المتصاعد على إسرائيل. فقد أعلن وزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول ضرورة البدء الفوري بعملية الاعتراف، لافتًا إلى اتساع عزلة إسرائيل دبلوماسيًا. وكان رئيس الوزراء الكندي قد صرّح الأربعاء بأن بلاده تتجه للاعتراف بالدولة الفلسطينية، فيما أكد رئيس وزراء بريطانيا كير ستارمر أن الاعتراف سيتم في سبتمبر ما لم توقف إسرائيل عمليتها العسكرية في غزة. يُذكر أن فرنسا كانت قد سبقت هذا التوجه بالإعلان عن نيتها الاعتراف بدولة فلسطين خلال الشهر ذاته، في موقف يبدو أنه يمثل إجماعًا متناميًا بين عدة عواصم أوروبية.