
"لا تفعلوها: لا ينبغي لإسرائيل أن تهاجم إيران"
الحديث عن ضربة إسرائيلية وشيكة ضد إيران، رغم المحادثات الجارية بين واشنطن وطهران، كان المحور الرئيسي لافتتاحية صحيفة هآرتس، التي شددت على أن إسرائيل يجب أن تتجنب الإقدام على تلك الخطوة.
وأفردت واشنطن بوست مقالاً، ناقشت فيه تغيّر مواقف وتصريحات الرئيس الأمريكي تجاه نظيره الروسي بشأن الحرب في أوكرانيا.
أما الصفعة التي تلقاها الرئيس الفرنسي في وجهه من قبل زوجته، فلا يزال لها نصيب من الأقلام، وهو ما ناقشه باستفاضة مقال في الغارديان.
نبدأ من صحيفة هآرتس التي ناقشت في افتتاحيتها الأسباب التي تحتم على إسرائيل تجنب شن هجوم ضد إيران.
تشير الصحيفة إلى التقارير التي أوردتها صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية بشأن تهديد أطلقه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بمهاجمة إيران، رغم المحادثات الجارية بين واشنطن وطهران حول صياغة اتفاق نووي جديد، ما أدى بحسب التقارير إلى توتر العلاقات بين إسرائيل والرئيس الأمريكي ترامب.
تنقل هآرتس كذلك أن مصادر إسرائيلية "حذرت الأمريكيين من أن نتنياهو قد يأمر بمهاجمة إيران حتى ولو توصلت الولايات المتحدة إلى اتفاق نووي جديد معها"، وهو ما نفاه مكتب نتنياهو في وقت لاحق، زاعماً أنها "أخبار كاذبة".
تقول هآرتس إن هناك مخاوف أمريكية من أن إسرائيل قد تهاجم إيران فعلاً، وتبلغ الولايات المتحدة قبل وقت قصير من الهجوم. وإن الأمريكيين يتساءلون عن "مدى فعالية هجوم إسرائيلي أحادي الجانب ضد إيران".
غير أن الصحيفة تنقل عن مصادر مقربة من نتنياهو أن إسرائيل "واثقة من أن الولايات المتحدة لن تبقى مكتوفة الأيدي إذا ما نُفّذ الهجوم".
ترى الصحيفة أن إسرائيل في مثل هذه الوضع "تراهن" على جر الولايات المتحدة إلى مواجهة، حتى وإن كانت الأخيرة تعارضها، وهو ما يدلل، برأي الصحيفة، على سياسية إسرائيلية خارجية "متهورة وخطيرة".
لكن ماذا لو ردّت إيران؟ هل تضمن إسرائيل أن تدافع الولايات المتحدة عنها، خاصة إذا نُفّذ الهجوم دون دعم أمريكي؟ وهل إسرائيل مستعدة لمثل هذا الرد الإيراني؟، كل تلك الأسئلة تطرحها هآرتس، وتقول: "من شبه المؤكد أن أي هجوم إسرائيلي على البنية التحتية النووية الإيرانية سيؤدي إلى حرب شاملة. ولا يزال نتنياهو غارقاً في غروره، مُعرّضاً مستقبل المنطقة، ومواطني إسرائيل، للخطر من خلال التسبب في كارثة جديدة"، على حدّ تعبيرها.
تشدد هآرتس على أن الحديث "غير المسؤول" عن شن هجوم على إيران يجب أن يتوقف، إذ "لا يمكن لإسرائيل، ولا ينبغي لها، التصرّف بمفردها"، وترى أن الدبلوماسية يجب "أن تأخذ مجراها في هذا الملف"، فأي اتفاق مع إيران يُعيد فرض الرقابة على برنامجها النووي "أفضل بكثير من الحرب".
"الحزم" في مواجهة بوتين
تناقش افتتاحية واشنطن بوست أهمية إحداث تغيير في أسلوب تعامل الرئيس الأمريكي ترامب مع نظيره الروسي فيما يتعلق بالحرب في أوكرانيا، فبوتين "سيستجيب للقوة بشكل أفضل من المجاملات"، كما أن ترامب يستطيع إظهار قوته "بشكل أفضل" من خلال التعامل "بحزم" مع الرئيس الروسي، كما يتعين على الولايات المتحدة "ألّا ترضخ لروسيا" وتتخلى عن محادثات السلام.
تقول الصحيفة إن ترامب بدأ يدرك ما تصفه بـ "شرور الديكتاتور الروسي"، وذلك بعد أربعة أشهر من "خضوعه" لبوتين. ففي كل مرة حاول فيها ترامب إنهاء الحرب الدائرة منذ ثلاث سنوات في أوكرانيا، أو دعا إلى وقف فوري لإطلاق النار، كان يُقابَل بـ "عرقلة" من بوتين.
ترى واشنطن بوست أن ترامب بدأ يغير من طريقة تعامله مع الحرب في أوكرانيا، إذ يدرس الرئيس الأمريكي فرض عقوبات جديدة على روسيا. وهي خطوة ستمثل، برأي الصحيفة، نهجاً "أكثر فعالية" لحل النزاع، من أي خطوة أخرى اتخذها ترامب سابقاً، خاصة إذا أُقرنت مع خطوات أخرى، مثل "تكثيف الدعم العسكري الدفاعي لأوكرانيا، ومنح الضوء الأخضر لمزيد من الدعم الأوروبي".
تنتقد الصحيفة، في المقابل، النهج الذي اتبعته إدارة ترامب سابقاً في التعامل مع النزاع، إذ ترى أن بوتين لن يبرم اتفاقاً لإنهاء الحرب ما دام يعتقد بقدرته على الانتصار عسكرياً، وهو موقف عززته الخطوات الأمريكية السابقة، إذ سيكون لدى بوتين ما يبرر اعتقاده بأنه قادر على "إحداث شرخ" بين واشنطن وكييف إذا استمر ترامب في "انتقاد الرئيس الأوكراني زيلينسكي عبر وسائل التواصل الاجتماعي"، كما أن تصريحات نائب الرئيس جيه دي فانس بشأن انسحاب واشنطن من الملف في حال فشل التوصل لاتفاق، تشجّع روسيا على "المماطلة".
تؤطّر الصحيفة الصراع في أوكرانيا على أنه "حرب وكالة بين العالم الحر والأنظمة الاستبدادية التي تحتقر الولايات المتحدة وأوروبا"، وتطرح في هذا السياق تجليّات لـ "حرب الوكالة" هذه، فكوريا الشمالية "قدّمت الصواريخ" لروسيا، وإيران "صممت الطائرات المسيرة"، والتجارة بين روسيا والصين "تغطّي ثمن الأسلحة".
تشير الصحيفة إلى تحرّك داخل الكونغرس الأمريكي، تمثل بتقديم مشروع قانون يتيح للرئيس الأمريكي فرض رسوم جمركية تصل إلى 500 في المئة على الدول التي تشتري النفط والغاز واليورانيوم من روسيا.
وترى واشنطن بوست أن التلويح بفرض عقوبات ثانوية "صارمة" على دول تشتري منتجات الطاقة الروسية، مثل الهند والصين، قد يقنعها بالتوقف عن ذلك، ما "سيُضعف آلة الحرب الروسية". كما أنه، وإلى جانب "تشديد العقوبات المباشرة" على القادة الروس وزيادة الدعم لأوكرانيا، قد يُجبر بوتين على السعي لإنهاء الحرب.
ماكرون وزوجته: ماذا لو حدث العكس؟
صفعة التي تلقّاها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في وجهه من قبل زوجته بريجيت قبيل نزولهما من الطائرة في العاصمة الفيتنامية هانوي، لا يزال يتردد صداها في أحاديث الكتّاب والمحللين، وهي صفعة التُقطت في مقطع فيديو أثار جدلاً واسعاً حول العالم.
وفي صحيفة الغارديان، نقرأ مقالاً للكاتبة بولين بوك، تتساءل فيه عن سبب تجاهل الحديث عمّا جرى في الأوساط الفرنسية، رغم أنه كان لأيام حديث العالم بأسره.
تشير الكاتبة إلى أن الإليزيه حاول في البداية إنكار صحة مقطع الفيديو، لكنه تراجع عن ذلك لاحقاً، وحاول التهوين من حدة الأمر، وهو ما فعله ماكرون كذلك، حين وصف الأمر على أنه كان مجرد "شجار ومزاح"، وأن تضخيم الحديث بشأنه لا يخرج عن كونه "هراء".
تقول الكاتبة إن الصحف ووسائل الإعلام الفرنسية اهتمت بالخبر في البداية ليس بسبب الصفعة بحدّ ذاتها، بل لأن "الإليزيه كذب في البداية بشأن صحة مقطع الفيديو"، لكن الإعلام الفرنسي "سرعان ما تقبّل تبريرات ماكرون" وتناسى الأمر، ولم تعد القصة تشغل العناوين الرئيسية داخل فرنسا.
تشير بوك إلى أن الصحفيين السياسيين الفرنسيين لطالما طبقوا في تغطياتهم الإعلامية قاعدة تُدعى "قاعدة غرفة النوم"، مفادها أن "ما يحدث في غرف النوم، أو ضمن العلاقات العاطفية عموماً، يُعتبر أمراً خاصاً، وبالتالي لا يستحق التغطية الإعلامية". ورغم أن هذا الوضع بدأ يتغير على يد جيلٍ شاب من الصحفيين الذين يرون أن "الحياة الخاصة قد تكون لها أبعاد سياسية أيضاً"، إلا أن هذا الموقف لا يزال سائداً في فرنسا، و"يزداد ضراوة إذا كان الشخص المعني هو الرئيس"، على حد قول الكاتبة.
تشير بوك كذلك إلى أسباب سياسية تقف وراء "تجاهل" الإعلام الفرنسي لمقطع الفيديو، فالرئيس ماكرون "استُهدف باستمرار بنظريات المؤامرة عبر شبكة الإنترنت، كما أن مصادر الأخبار المدعومة من روسيا تتحدث عنه باستمرار"، وهو ما التقطه ماكرون خلال تبريره للصفعة بالقول: "على مدار ثلاثة أسابيع، يشاهد الناس مقاطع فيديو لي ويعتقدون أنني شاركت كيساً من الكوكايين مع كير ستارمر، وأنني تشاجرت مع الرئيس التركي، والآن، أتشاجر مع زوجتي. كل هذا غير صحيح".
ماذا لو حدث العكس؟ ماذا لو التُقط مقطع فيديو يُظهر رجلاً يصفع زوجته الأصغر سناً؟ هل كان ذلك سيُقابل بالتجاهل ذاته؟ تتساءل الكاتبة، وتقول: "تختلف ديناميكيات السلطة والجنس في كلا الحالتين، لكن جميع أشكال العنف بين الأزواج تستحق الاهتمام".
ترى الكاتبة أن ماكرون لم يعالج الأمر بطريقة ملائمة، فقد تعامل معه بـ "السخرية من الحمقى" الذين اعتقدوا أن هناك خطباً ما بينه وبين زوجته، بدلاً من أن يستغل الحادثة كفرصة لـ "مناقشة الوقاية من العنف المنزلي"، والتأكيد على أن الرجال الذين يتعرّضون للعنف يتعيّن عليهم "ألّا يشعروا بالخجل من طلب المساعدة".
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


BBC عربية
منذ ساعة واحدة
- BBC عربية
قتيل وجرحى في أول غارات إسرائيلية على الساحل السوري منذ شهر، وواشنطن تقول إن أزمة سوريا وإسرائيل "قابلة للحل"
قُتل شخص في غارات إسرائيلية استهدفت الجمعة منطقة الساحل في غرب سوريا، بحسب الإعلام الرسمي، في حين أعلنت إسرائيل قصفها منشآت عسكرية في منطقة اللاذقية. وتعد هذه الغارات الأولى على البلاد منذ نحو شهر، وتأتي بعد إعلان سوريا شهر مايو/ أيار الحالي عن مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل لاحتواء الأوضاع. وأورد التلفزيون السوري الرسمي أن "غارة من طائرات الاحتلال الإسرائيلي تستهدف مواقع قرب قرية زاما بريف جبلة جنوبي اللاذقية". من جهتها، أفادت وكالة الأنباء الرسمية السورية (سانا) عن "استشهاد مدني جراء استهداف طيران الاحتلال الاسرائيلي محيط قرية زاما بريف جبلة". كما أبلغت الوكالة لاحقاً عن إصابة ثلاثة مدنيين بجروح جراء الغارة. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن هذه الغارات استهدفت "مواقع عسكرية" وثكنات في منطقة طرطوس واللاذقية، بدون الإبلاغ عن وقوع أي ضحايا. وأعلنت اسرائيل من جهتها قصف "منشآت لتخزين الأسلحة تضم صواريخ أرض-بحر، تشكّل تهديداً على حرية الملاحة الدولية وحرية الملاحة لإسرائيل، في منطقة اللاذقية في سوريا". وأضاف بيان الجيش الاسرائيلي أنه "تم استهداف مكونات صواريخ أرض-جو في منطقة اللاذقية". وتأتي هذه الغارات غداة دعوة المبعوث الأمريكي إلى سوريا توماس باراك من دمشق إلى حوار بين سوريا وإسرائيل، البلدان اللذان يعدان في حالة حرب، على أن يبدأ ذلك بـ"اتفاق عدم اعتداء" بين الطرفين. وفي تصريح بثته قناة العربية السعودية، أعرب باراك من دمشق عن اعتقاده بأن "مشكلة إسرائيل وسوريا قابلة للحل وتبدأ بالحوار"، مقترحاً البدء بـ"اتفاق عدم اعتداء" بين الطرفين. ومنذ سقوط حكم الرئيس بشار الأسد في الثامن من ديسمبر/كانون الأول، شنّت إسرائيل مئات الضربات على مواقع عسكرية في سوريا، مبررة ذلك بالحؤول دون وقوع الترسانة العسكرية في أيدي السلطات الجديدة. وطالت إحدى ضرباتها شهر مايو/ أيار الجاري محيط القصر الرئاسي على خلفية "أعمال عنف ذات طابع طائفي". كما توغلت قواتها داخل المنطقة العازلة المنزوعة السلاح في الجولان، والواقعة على أطراف الجزء الذي تحتله إسرائيل من الهضبة السورية. وتتقدم قواتها بين الحين والآخر إلى مناطق في عمق الجنوب السوري. وكان رئيس المرحلة الانتقالية أحمد الشرع أكد مراراً أن سوريا لا ترغب بتصعيد مع جيرانها، ودعا المجتمع الدولي للضغط على إسرائيل من أجل وقف اعتداءاتها. وأشار إلى أن دمشق تجري عبر وسطاء "مفاوضات غير مباشرة" مع إسرائيل بهدف تهدئة الأوضاع خلال شهر مايو/ أيار الحالي. وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في وقت سابق إن "الولايات المتحدة تبحث تطبيع العلاقات مع سوريا بعد اللقاء بالشرع". وشدد على خلفية القمة الأمريكية الخليجية الأخيرة على أن قراره برفع العقوبات عن سوريا كان لمنح البلاد فرصة جديدة.


القدس العربي
منذ 2 ساعات
- القدس العربي
أوهام ترامب الروسية
لا التريليونات المخطوفة، ولا «بهلوانيات» الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ولا «القبة الذهبية» الصاروخية الفضائية، سوف تحقق هدف ترامب في جعل أمريكا الأعظم مرة أخرى، ولا في فرض «السلام الأمريكاني» على طريقة «السلام الروماني» القديم، أو ما يسميه ترامب كثيرا «فرض السلام بالقوة»، ربما السبب في التغيرات الجارية بخرائط العالم، فقد تغير العالم لمرات كثيرة منذ العهد الروماني، وليس واردا أن يصبح «ترامب» إمبراطورا رومانيا جديدا، وقد لا تصح الاستهانة بقوة أمريكا الحربية والتكنولوجية، تماما كما لا تصح الاستهانة بصعود قوى أخرى إلى قمة التطور العالمي، قد تكون الصين أهمها بالمعنى الشامل للقوة، لكن روسيا أيضا تعاود الصعود على طريقتها العسكرية، وجمع القوة الصينية والروسية العسكرية معا، يزيد بكثير على قوة أمريكا، رغم أن أمريكا تنفق عسكريا ما يزيد على التريليون دولار سنويا، وهو ما يزيد بمرتين على ما تنفقه الصين وروسيا معا، لكن المقابل المالي مختلف عن المقابل العيني المرئي لأسباب كثيرة، ويكفي ـ مثلا ـ أن روسيا مع التواضع النسبي لإنفاقها العسكري، تنتج سنويا أربعة أمثال ما تنتجه دول حلف «الناتو» مجتمعة، بما فيها أمريكا من سلاح. وقد يستطيع ترامب، أن يعقد مؤتمرا صحافيا كل يوم وكل ساعة، وأن يفاخر ـ على عادته ـ بعظمة وروعة الأسلحة الأمريكية، وأن يتمتع شخصيا بإصدار أوامره «البهلوانية» بضم كندا، واحتلال غرينلاند، وقناة بنما، وغزة، وقبلها المكسيك، وأن يتخيل على طريقة مبالغات تلفزيون الواقع، أن أوامره كلها تتحقق فور النطق بها، لكن لا شيء تحقق أو يتحقق، رغم مضى شهور على شطحاته وتبجحاته، ولسبب بسيط لا يدركه في فورة انفعالاته الحماسية، هو أن هناك حدودا للقوة الأمريكية، التي جرى ويجري اختبارها في السنوات الأخيرة، وبالذات في مناطق نفوذ الصاعدين الجدد، وإن أغراه الفوز السريع السهل في مناطق «الربع الخالي»، كما في المنطقة العربية بالذات. بوتين يدمج ببراعة بين أهدافه في أوكرانيا وأوروبا، وسعيه لإقامة عالم متعدد الأقطاب، يفكك ويفتت الهيمنة الغربية والأمريكية، ويعيد روسيا إلى قلب تفاعلات العالم الأوسع لكن الأمور لا تمضي كما يتصور في مناطق أخرى ممتلئة بناسها وقواها، وكلنا يتذكر أغرب وعود ترامب، وقوله المتكرر في حملته الانتخابية الصاخبة، أنه يستطيع وقف حرب أوكرانيا في 24 ساعة، ثم زاد المدة قليلا بعد عودته رسميا إلى البيت الأبيض، ثم مضت شهور لاهثة طويلة إلى اليوم، بادر فيها إلى إجراء مكالمات هاتفية مطولة بالساعات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وتبرع بانطباعات «بهلوانية» عن جودة وروعة مفاوضاته الهاتفية، وعن أدوار وزرائه ومبعوثيه في الرياض وموسكو، وقدم المغريات تلو المغريات للرئيس الروسي، وكرر موافقته على ضم شبه «جزيرة القرم» والمقاطعات الأوكرانية الأربع إلى موسكو، وتعهده بعدم انضمام أوكرانيا لحلف «الناتو» في أي وقت، واستعداده للقاء بوتين في أي مكان، لكن بوتين ظل يتلاعب بعواطف ترامب، ولم يذهب إلى مفاوضات تركيا، وضيع على ترامب فرصة التقاط صور ترضي غروره، وتركه يعود من غزوته الخليجية إلى واشنطن محبطا من خذلان بوتين لمساعيه، فيما وجه الرئيس الروسي معاونيه بصياغة مذكرة استسلام أوكراني شامل، يتوقع عرضها في اجتماع لاحق بتركيا، وتكون شرطا مسبقا لبحث اقتراحات واشنطن لوقف إطلاق النار، ما زاد في غضب ترامب، إلى أن وصف بوتين أخيرا بالمجنون تماما، وأنه «يلعب بالنار»، ومن دون أن يكلف بوتين نفسه عناء الرد عليه، وإن صدرت عن «الكرملين» تعليقات طريفة لاذعة، من نوع وصف تهجمات ترامب اللفظية بأنها تنفيس عن «عبء عاطفي زائد»، فالمعروف أن ترامب يعاني من خسارة توقعاته، ومن خيبة أمله في تجاوب الرئيس الروسي معه، بعد أن تباهى مرارا وتكرارا بمعرفته العميقة بالرئيس بوتين، وبمحبته الغامرة لطريقة تفكيره، وتلك واحدة من ألغاز بوتين، الذي يثق على ما يبدو في حدود ردود أفعال ترامب، الذي يطالبه معاونوه بالعودة إلى فرض عقوبات جديدة على موسكو، يتشكك ترامب نفسه في جدواها، حتى إن اندفع إليها . وكما قلنا مبكرا هنا وفي غير مكان، أن ما جرى ويجري بين موسكو وواشنطن، هو لعبة بوتين مع ترامب وليس العكس، وأن هدف بوتين، هو تعميق الفجوة بين واشنطن والحلفاء الأوروبيين في حلف «الناتو»، والسعي لإخراج أمريكا من حرب أوكرانيا، والاستفراد بأعداء موسكو الأوروبيين، وهو ما جرى الكثير منه باندفاعات ترامب، وابتزازه المتكرر للحلفاء الأوروبيين في حلف «الناتو»، وطلبه زيادة بل مضاعفة الإنفاق الأوروبي في ميزانية الحلف، وإلى حدود 5% من إجمالي الناتج القومي لكل دولة أوروبية حليفة، وتخفيض عبء الإنفاق الأمريكي في الميزانية السنوية البالغة 1.6 تريليون دولار، إضافة إلى فتح أسواق أوروبا بلا قيود للمنتجات الأمريكية، وإزالة الاشتراطات والمعايير الأوروبية الصارمة على السيارات والمنتجات الغذائية الأمريكية، فوق مضاعفة واردات أوروبا من البترول والغاز الطبيعي من أمريكا، وكلها شروط أمريكية لا يستطيع الأوروبيون تلبيتها ببساطة، حتى في المفاوضات الجارية في مهلة التسعين يوما بعد تعلية ترامب لسقف الرسوم الجمركية، وكلامه المتكرر عن تناقض المصالح الاقتصادية بين واشنطن والاتحاد الأوروبي، وتخوف الأوروبيين المتزايد من احتمالات سحب مظلة الحماية النووية والقواعد العسكرية الأمريكية في أوروبا، ما دفع الأوروبيين إلى عودة للبحث في نظام دفاعي أوروبي بحت، وإعلان المفوضية الأوروبية عن خطة لإنفاق 800 مليار يورو لتطوير الإنتاج العسكري الأوروبي حتى 2030، وتخصيص 150 مليار يورو إضافية لدعم أوكرانيا في الحرب مع روسيا، وقد أثبتت سنوات الحرب الثلاث وأكثر الفائتة، أنه ليس بوسع «أوروبا الأطلنطية» مجاراة روسيا، ورغم إنفاق مئات مليارات الدولارات، دعما وتسليحا من جانب أمريكا وأوروبا معا، فإنها لم تستطع وقف التقدم العسكري الروسي، الذي تصاعدت وتيرته في الشهور الأخيرة، مع استعادة الروس لكامل مقاطعة «كورسك» الروسية، واستمرار موسكو في القضم المتدرج لما تبقى من المقاطعات الأوكرانية الأربع (دونيتسك ولوغانسيك وزاباروجيا وخيرسون)، وما عجزت عنه حرب أمريكا وأوروبا معا، لا يتصور أحد أن تنجح فيه أوروبا وحدها، بعد نجاح بوتين في استثمار اندفاعات ترامب، وخلخلة الموقف الأمريكي الداعم لأوكرانيا ورئيسها زيلينسكي، وإهانات ترامب الشهيرة للرئيس الأوكراني في لقاء المكتب البيضاوي، وتصميمه على تقديم أوكرانيا لتنازلات كبيرة من أراضيها لصالح الروس، وفتور حماسه لتقديم مزيد من المعونات العسكرية في حرب الميدان الأوكراني، وهو ما ظهر في ضعف نظام الدفاعات الجوية في الداخل الأوكراني، وبما زاد في إفساح المجال لهجمات المسيرات الانتحارية والصواريخ الروسية، وفي توسع الهجمات البرية الروسية داخل مقاطعتي خاركيف وسومي، إضافة للمقاطعات الأربع المستهدفة أصلا، ما يضاعف من ذعر الأوروبيين، الذين يخشون من امتداد الحرب الروسية إلى مقاطعات أوكرانيا غرب نهر دنيبرو، وربما إلى دول البلطيق الصغيرة الثلاث (لاتفيا واستونيا وليتوانيا) المنضمة سابقا لحلف «الناتو»، خصوصا مع تخطيط موسكو لإرسال مئة ألف جندي إضافي إلى بيلاروسيا، تحت غطاء إجراء مناورات، وتضاعف معدلات حروب موسكو الهجينة تحت مياه بحر البلطيق، وقطع كابلات الاتصال والطاقة باستخدام أساطيل الظل الروسية، وزيادة الحشد العسكري الصاروخي والنووي في مقاطعة كالينينغراد المنفصلة بريا عن الأراضي الروسية، والتي تبدو على الخرائط كخنجر نافذ في قلب أوروبا الغربية، علما أن أراضي البر الرئيسي الروسي الأوروبي تشكل 40% من كل مساحة أوروبا، وبينما تبدو التحركات الروسية كإجراء احترازي يرد على توسع حلف «الناتو» وضمه لفنلندا والسويد، ما يزيد من هلع الأوروبيين، ويدفعهم إلى اتخاذ إجراءات مضادة ضد روسيا، على طريقة إعلان المستشار الألماني الجديد فريدريش ميرتس عن فك قيود استخدام أوكرانيا للصواريخ بعيدة المدى في العمق الروسي، وربما توريد ألمانيا لصواريخ «تاوروس» إلى أوكرانيا، إضافة لصواريخ «ستورم شادو» البريطانية و»سكالب» الفرنسية، التي لم تحقق تغيرا فارقا في موازين الحرب، لا هي ولا مثيلتها «أتاكمز» الأمريكية، فالروس يتكيفون مع المستجدات الحربية بسرعة لافتة، ولديهم الدواء لكل داء حربي مستجد، وقد يهزمون ويتراجعون أحيانا، لكنهم ينتصرون في النهاية ويستنزفون الأعداء الغربيين، وهو ما اعترف به «ترامب» نفسه مرات، وقال إنه لا يمكن تصور هزيمة روسيا . ويبقى في الحساب المفتوح، أن بوتين لاعب الشطرنج المتمكن سياسيا وعسكريا، لا يبدو قابلا لخداع جديد، وليس مستعدا لخسارة تحالفه القوي مع الصين، ويدمج ببراعة بين أهدافه في أوكرانيا وأوروبا، وسعيه لإقامة عالم متعدد الأقطاب، يفكك ويفتت الهيمنة الغربية والأمريكية، ويعيد روسيا إلى قلب تفاعلات العالم الأوسع. كاتب مصري


العربي الجديد
منذ 3 ساعات
- العربي الجديد
ترامب: قريبون جداً من اتفاق بشأن غزة وسنبلغكم اليوم أو غداً
أعرب الرئيس الأميركي الصورة الرئيس الأميركي دونالد ترامب ولد دونالد ترامب في 14 حزيران/ يونيو 1946 في مدينة نيويورك، لأبوين من أصول ألمانية واسكتلندية، تلقى تعليمه الأولي في مدرسة كيو فورست بمنطقة كوينز في مدينة نيويورك. التحق بالأكاديمية العسكرية في المدينة نفسها، وحصل عام 1964 على درجة الشرف منها، ثم انضم إلى جامعة فوردهام بنيويورك لمدة عامين، ثم التحق بجامعة بنسلفانيا، وحصل على بكالوريوس الاقتصاد 1968 دونالد ترامب اليوم الجمعة عن اعتقاده بأن التوصل إلى اتفاق على وقف إطلاق النار في غزة بين إسرائيل و حركة حماس "أصبح قريباً جداً". وقال ترامب للصحافيين في البيت الأبيض: "إنهم قريبون جداً من التوصل إلى اتفاق بشأن غزة. سنبلغكم بذلك خلال اليوم أو ربما غداً. ولدينا فرصة لذلك". وينتظر المسؤولون الأميركيون رداً رسمياً من حركة حماس على مقترح مبعوث ترامب إلى المنطقة ستيف ويتكوف، الذي يتضمن وقف إطلاق نار لمدة 60 يوماً وإطلاق سراح 28 من المحتجزين الإسرائيليين من الأحياء والأموات خلال الأسبوع الأول، مقابل إطلاق سراح 125 أسيراً فلسطينياً محكوماً بالمؤبد، ورفات 180 من الفلسطينيين الشهداء، وفق ما ذكرته وكالة "رويترز". كما تتضمن الخطة التي تقول إن ترامب والوسيطين مصر وقطر سيضمنون تنفيذها، إرسال مساعدات إلى غزة فور توقيع حماس على اتفاق وقف إطلاق النار، إضافة إلى إفراج الحركة عن آخر 30 محتجزاً بمجرد سريان وقف إطلاق نار دائم. وفي السياق، قالت حركة حماس في بيان مقتضب بعد ظهر اليوم، إنها تجري مشاورات مع القوى والفصائل الفلسطينية حول مقترح ويتكوف، وذلك غداة إعلان عضو المكتب السياسي للحركة باسم نعيم، مساء أمس الخميس، أن المقترح الأميركي حول هدنة في غزة الذي قالت واشنطن إن إسرائيل وافقت عليه، " لا يستجيب لأي من مطالب شعبنا ". ونقلت وكالة فرانس برس عن نعيم أن "رد الاحتلال في جوهره يعني تأبيد الاحتلال واستمرار القتل والمجاعة (حتى في فترة التهدئة المؤقتة)، ولا يستجيب لأي من مطالب شعبنا، وفي مقدمتها وقف الحرب والمجاعة". ومع ذلك، شدد نعيم على أن "قيادة الحركة تدرس بكل مسؤولية وطنية الرد على المقترح". أخبار التحديثات الحية قيادي في "حماس": مقترح ويتكوف الجديد لا يلبي مطالب شعبنا كما نقلت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) عن مسؤول كبير في حماس قوله إن الحركة سترفض اقتراح وقف إطلاق النار في غزة الذي قدمه المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف لأنه "لا يتضمن بروتوكولاً إنسانياً يسمح بدخول مئات الشاحنات يومياً" إلى قطاع غزة. ومساء الجمعة، أعلن وزير الأمن الإسرائيلي يسرائيل كاتس في بيان، أنّ الجيش يواصل عملياته "بكلّ قوة" في موازاة "إجلاء السكان المحليين من كل منطقة معارك"، وأضاف: "على (...) حماس أن يختاروا الآن: إمّا الموافقة على مضمون اتفاق ويتكوف للإفراج عن الرهائن، وإما يُقضى عليهم". (رويترز، فرانس برس، العربي الجديد)