الذكاء الاصطناعي وكفاءة الطاقة
في ظل الضغوط البيئية المتزايدة والطلب المتصاعد والمتسارع على الطاقة، أصبحت كفاءة الطاقة في رأيي إحدى الركائز الأساسية لاستدامة الأنظمة الاقتصادية والمعيشية. لا يكفي أن يتم توليد طاقة نظيفة فقط، بل يجب أن يتم إدراتها بكفاءة عالية، وهذا يعني العمل على رفع كفاءة إنتاجها من المصادر المختلفة، وكذلك تحسين كفاءة استهلاكها في جميع القطاعات، من الصناعة إلى المنازل.
لتحقيق ما سبق، أعتقد أن الذكاء الاصطناعي أحد أبرز الأدوات التي تعيد رسم ملامح مستقبل الطاقة، ليس فقط في الإنتاج، بل في الاستهلاك والتوزيع واتخاذ القرار.
الذكاء الاصطناعي يتيح فرصا هائلة لإدارة الطاقة بذكاء، خصوصا في شبكات الكهرباء الذكية التي تتطلب توازنا لحظيا بين العرض والطلب، وذلك من خلال تحليل البيانات الهائلة المقبلة من المستشعرات، حيث يمكن للأنظمة الذكية التنبؤ بأنماط الاستهلاك، وضبط الأداء في الوقت الفعلي، وتقليل الهدر. الجدير بالذكر أن هذه التقنيات تسهم بفاعلية في خفض التكاليف، وزيادة عمر الأصول، وتحقيق استدامة بيئية واقتصادية.
أحد أبرز الاستخدامات يتمثل في دعم مصادر الطاقة المتجددة، التي تعاني بطبيعتها من التذبذب. أعتقد أن أنظمة الذكاء الاصطناعي تستطيع التنبؤ بمخرجات الطاقة الشمسية أو الرياح عبر تحليل البيانات المناخية، ما يتيح دمج هذه المصادر بكفاءة في الشبكة دون التأثير في استقرارها. كذلك، تساعد هذه الأنظمة على صيانة المعدات بشكل استباقي، عبر التنبؤ بالأعطال قبل حدوثها، ما يقلل من الانقطاعات والخسائر.
وقد بدأت عدة دول وشركات بالفعل في الاستفادة من هذه التقنيات. على سبيل المثال، تستخدم بعض المدن الأوروبية الذكاء الاصطناعي في إدارة شبكات الإنارة العامة وخفض استهلاك الكهرباء بنسبة تتجاوز 30%، وتعمل شركات كبرى مثل "جوجل" على استخدامه لخفض استهلاك مراكز بياناتها للطاقة بنسبة 40% عبر تحسين نظام التبريد فقط.
مع ذلك، لا تخلو هذه الثورة من التحديات، كون الاعتماد على الذكاء الاصطناعي يتطلب بنية تحتية رقمية متقدمة، واستثمارا في تدريب الكفاءات البشرية، إلى جانب ضرورة حماية البيانات من الاختراقات. أرى أن العوائد طويلة المدى تستحق هذا الاستثمار، خاصة مع تسارع وتيرة الابتكار في هذا المجال.
يجب على الدول النامية أن تستفيد من تقنيات الذكاء الاصطناعي في مشاريعها العملاقة للطاقة ومراكز البيانات، لتكون في طليعة الدول التي تحقق التوازن بين استدامة الطاقة ونمو الطلب.
أعتقد أن التوازن الذكي بين الإنتاج والكفاءة والاستهلاك لن يتحقق بصورة فاعلة إلا بتوظيف الذكاء الاصطناعي كأداة إستراتيجية، لا كمجرد تقنية تكميلية. فالذكاء الاصطناعي ليس واحدا من أهم ركائز أمن الطاقة العالمي، بل أحد أركان الاستدامة الشاملة.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الاقتصادية
منذ 13 ساعات
- الاقتصادية
كيف توظف الشركات الذكاء الاصطناعي؟
رغم أن ما يقرب من نصف العاملين في المكاتب الآن يستفيدون من الذكاء الاصطناعي التوليدي في عملهم اليومي، فإن أقل من واحد من كل 4 رؤساء تنفيذيين يصرحون بأن هذه التكنولوجيا نجحت في تحقيق قيمتها الموعودة على نطاق واسع. تُرى ما الذي يحدث؟ قد تكمن الإجابة في حقيقة مفادها أن الذكاء الاصطناعي التوليدي جرى تقديمه في البداية كأداة لتعظيم الإنتاجية، الأمر الذي أدى إلى ربطه بقوة بخفض التكاليف وتقليص قوة العمل. في ضوء هذا الخطر، أعرب نحو 42% من الموظفين الذين شملهم استطلاع في 2024 عن قلقهم من أن وظائفهم قد لا يكون لها وجود في العقد القادم. في غياب التدريب وصقل المهارات للاستفادة من إمكانات التكنولوجيا، ليس من المستغرب أن تكون المقاومة أعظم من الحماس. فمثل الأجسام المضادة التي تقاوم جسما غريبا، ربما تحدث "استجابة مناعية" داخل المؤسسات، حيث يقاوم الموظفون والمديرون على حد سواء التغيير ويبحثون عن أسباب "عدم نجاح" الذكاء الاصطناعي معهم. مع ذلك، وجد بحثنا أن الموظفين الذين يستخدمون الذكاء الاصطناعي التوليدي بانتظام يمكنهم بالفعل توفير 5 ساعات في الأسبوع، وهذا يسمح لهم بمتابعة مهام جديدة، أو إجراء مزيد من التجريب مع التكنولوجيا، أو التعاون بطرق جديدة مع زملاء العمل، أو ببساطة إنهاء العمل في وقت مبكر. يتمثل التحدي الذي يواجه قادة الأعمال إذن في التأكيد على هذه الفوائد المحتملة وتقديم التوجيه والإرشاد حول مواضع إعادة تركيز وقت المرء لتعظيم خلق القيمة. لنتأمل هنا مثال إحدى شركات الرعاية الصحية العالمية التي قامت أخيرا بنشر الذكاء الاصطناعي التوليدي عبر موظفيها الذين يبلغ عددهم 100 ألف موظف. أنشأت الشركة برنامجا قابلا للتطوير لتعلم الذكاء الاصطناعي مع 3 أهداف: إلمام عال بالذكاء الاصطناعي في مختلف أقسام المنظمة، حتى يتسنى لجميع الموظفين تحقيق أعظم قدر من الاستفادة من التكنولوجيا، ومجموعة واسعة من أدوات الذكاء الاصطناعي لكل سيناريو عمل، والاستخدام المتوافق. بفضل هذا النهج الشامل، سرعان ما نجحت الشركة في تحسين رضا الموظفين وإنتاجيتهم في الوقت ذاته. لكن تبني الذكاء الاصطناعي لا يتعلق بتوفير الدقائق. إنه يدور حول إعادة اختراع العمل لمصلحة الموظفين والمنظمة. عندما تتعامل أي شركة مع الذكاء الاصطناعي التوليدي على أنه مجرد أداة لتوفير الوقت، فستلاحق في الأرجح حالات الاستخدام المجزأة -توفير 10 دقائق هنا، و30 دقيقة هناك- التي لن تخلف تأثيرا ملموسا في الأعمال في عموم الأمر. ففي نهاية المطاف، من الصعب إعادة استثمار تطبيقات الذكاء الاصطناعي صغيرة النطاق التي تحقق مكاسب إنتاجية مُـوَزَّعة أو تسجيلها في بيان الأرباح والخسائر. في غياب إستراتيجية شاملة لإعادة تصميم عملياتها الأساسية حول الذكاء الاصطناعي، تخاطر المنظمات بتحسين مهام معزولة بدلا من تحسين كيفية إنجاز العمل بشكل جوهري. والنتيجة، في كثير من الأحيان، هي ببساطة انتقال الاختناقات إلى أجزاء أخرى من العملية أو سلسلة القيمة، على النحو الذي يحد من مكاسب الإنتاجية الإجمالية. وتسعى منظمات عديدة إلى التوسع دون أن تقدم أولا إعادة تصور للهياكل وتدفقات العمل اللازمة للاستفادة من المكاسب التراكمية. والنتيجة المعتادة هي فرصة ضائعة، لأن الوقت الـمُـوَفَّـر الذي لا يُعاد استثماره بشكل استراتيجي يميل إلى التبدد. ينبغي لقادة الأعمال أن يضعوا 5 حتميات في الحسبان. الأولى: التركيز على أكبر مجمعات القيمة مع أفضل حالات الأعمال تحديدا لدمج الذكاء الاصطناعي. والثانية: إعادة تصور العمل، بدلا من الاكتفاء بتحسينه ببساطة. يجب أن يُـسـتَـخـدَم الذكاء الاصطناعي لتحويل سير العمل بالكامل، وليس فقط أتمتة بعض الخطوات. والثالثة: يتعين على المديرين الاستثمار في رفع مستوى المهارات، بحيث يفهم الجميع التكنولوجيا وإمكاناتها. والرابعة: يجب أن يكون المثلث الذهبي، بالتوازن الذي يوجده بين الإنتاجية والجودة ومشاركة / بهجة الموظفين، القاعدة الذهبية للشركات. والأخيرة: ينبغي للمنظمات أن تقيس القيمة بما يتجاوز التوفير في التكاليف. فالشركات التي تستخدم الذكاء الاصطناعي التوليدي بشكل أكثر فاعلية يجب أن تتتبع تأثيراته على تمكين قوة العمل، وخفة الحركة، وتدفقات الإيرادات الجديدة، وليس التكاليف التشغيلية فحسب. بمراعاة هذه الضرورات، يصبح بوسع الشركات استخدام الذكاء الاصطناعي كقوة لإعادة الاختراع، بدلا من كونه مجرد أداة لزيادة الإنتاجية. في هذه العملية، تحدد الشركات وتيرة الحقبة المقبلة من الأعمال. خاص بـ "الاقتصادية" حقوق النشر: بروجيكت سنديكيت، 2025.


العربية
منذ 14 ساعات
- العربية
رئيس "ألفابت" يطمئن: الذكاء الاصطناعي لن يقضي على الوظائف
في وقت تتصاعد فيه المخاوف بشأن تأثير الذكاء الاصطناعي على سوق العمل، خرج الرئيس التنفيذي لشركة ألفابت المالكة لـ"غوغل"، سوندار بيتشاي، بتصريحات حاسمة ينفي فيها هذه الهواجس. وأكد أن التكنولوجيا لن تُقصي البشر بل ستدفع نحو مزيد من التوظيف والابتكار. وفي مقابلة مع وكالة "بلومبيرغ" مساء الأربعاء من قلب مدينة سان فرانسيسكو، شدد بيتشاي على أن الذكاء الاصطناعي لن يؤدي إلى تسريح نصف موظفي "ألفابت" – البالغ عددهم نحو 180 ألف شخص – بل سيساهم في تعزيز الإنتاجية وفتح آفاق جديدة للنمو. وقال بيتشاي: "أتوقع أن يشهد فريق الهندسة لدينا توسعاً مستمراً حتى العام المقبل، إذ أن الذكاء الاصطناعي يساعد على إنجاز المزيد من خلال تقليص المهام الروتينية، وفتح المجال للتركيز على أعمال أكثر أهمية وتأثيراً". وأضاف أن الذكاء الاصطناعي لا يحلّ مكان الموظفين، بل يعمل كمُسرّع في تطوير المنتجات، ما يخلق بدوره حاجة إلى مزيد من الكفاءات. ورغم أن "ألفابت" أجرت بالفعل جولات من تخفيضات الوظائف خلال السنوات الماضية، فإن عمليات التسريح في 2025 بدت أقل قسوة وأكثر تركيزًا. فقد تم الاستغناء عن أقل من 100 موظف في قسم الحوسبة السحابية هذا العام، إضافة إلى مئات آخرين في وحدة الأجهزة والمنصات. ويأتي ذلك مقارنة بـ12 ألف موظف تم تسريحهم في 2023، وما لا يقل عن 1000 موظف في 2024. وعند الحديث عن المستقبل، سلط بيتشاي الضوء على مشاريع الشركة الطموحة، من مركبات "وايمو" ذاتية القيادة، إلى مبادرات الحوسبة الكمومية، والنمو السريع لمنصة "يوتيوب". وأشار إلى أن الهند وحدها تحتضن أكثر من 100 مليون قناة على "يوتيوب"، بينها 15 ألف قناة يتجاوز عدد مشتركيها مليون مشترك. وفيما يخص التخوفات من فقدان الوظائف بسبب تطور الذكاء الاصطناعي، عبّر بيتشاي عن احترامه لتلك المخاوف، وعلّق على تصريحات داريو أمودي، الرئيس التنفيذي لشركة أنثروبيك، التي حذر فيها من احتمال اختفاء نصف وظائف الموظفين المبتدئين خلال خمس سنوات، قائلاً: "أحترم هذا الرأي، ومن المهم مناقشة هذه القضايا بجدية". وفي نهاية اللقاء، طُرح عليه سؤال حول إمكانية وصول البشرية إلى "الذكاء الاصطناعي العام" – وهو الذكاء الذي يضاهي القدرات البشرية في جميع المجالات – فكان رده حذرًا لكن متفائلًا. قال: "نحقق تقدماً كبيراً على عدة مسارات، سواء في الأفكار الحالية أو الابتكارات الجديدة. لكن هل نحن بالفعل على طريق تحقيق الذكاء الاصطناعي العام؟ لا أعتقد أن أحداً يستطيع الجزم بذلك اليوم".


الشرق السعودية
منذ 15 ساعات
- الشرق السعودية
OpenAI تتهم مزيداً من مجموعات صينية باستخدام ChatGPT لأغراض ضارة
ذكرت شركة OpenAI المطورة لتطبيق ChatGPT في تقرير، الخميس، أنها لاحظت تزايد عدد المجموعات الصينية التي تستخدم تقنية الذكاء الاصطناعي الخاصة بها في عمليات سرية. وقالت الشركة الناشئة، التي تتخذ من سان فرانسيسكو مقراً لها، إنه على الرغم من توسع نطاق هذه المجموعات وأساليبها، فإن العمليات المكتشفة كانت صغيرة النطاق بشكل عام واستهدفت عدداً قليلاً من الجمهور. وكانت هناك مخاوف منذ ظهور ChatGPT في أواخر 2022 متعلقة بالعواقب المحتملة لتقنية الذكاء الاصطناعي التوليدي، والتي يمكنها إنتاج نصوص وصور وأصوات تشبه التي ينتجها الإنسان بسرعة وسهولة. وتصدر OpenAI تقارير على نحو مستمر تتعلق بالأنشطة الضارة التي تكتشفها على منصتها، مثل إنشاء البرمجيات الخبيثة وإزالتها، أو إنشاء محتوى زائف لمواقع الويب ومنصات التواصل الاجتماعي. حظر حسابات ChatGPT وفي أحد الأمثلة، حظرت الشركة حسابات ChatGPT نشرت على منصات التواصل الاجتماعي منشورات تتعلق بمواضيع سياسية وجيوسياسية ذات صلة بالصين، بما في ذلك انتقاد لعبة فيديو تركز على تايوان، وتوجيه اتهامات كاذبة لناشط باكستاني، ومحتوى يتعلق بإغلاق الوكالة الأميركية للتنمية الدولية. وفي مثال آخر، استخدم متسللون مرتبطون بالصين الذكاء الاصطناعي لدعم مراحل مختلفة من عملياتهم للقرصنة الإلكترونية، بما في ذلك البحث مفتوح المصدر وتعديل النصوص واستكشاف أخطاء تكوينات النظام، وتطوير أدوات لاختراق كلمات المرور وأتمتة وسائل التواصل الاجتماعي. وفي أبريل الماضي، رصدت شركة Rumi المتخصصة في حلول التعليم القائمة على الذكاء الاصطناعي، قيام نماذج حديثة من ChatGPT، وتحديداً GPT-o3 وGPT-o4 mini، بإضافة علامات مائية رقمية داخل النصوص التي يتم توليدها، لإثبات أنها مولّدة باستخدامه. وتتمثل هذه العلامات في رموز Unicode خاصة تُعرف باسم "المسافة الضيقة غير القابلة للكسر" (Narrow No-Break Space) وتحمل رمز (Unicode U+202F)، وتبدو للمستخدم كأنها مسافات عادية ولكنها تختلف عنها في الكود الثنائي ASCII. وأوضح الفريق البحثي، في التقرير المنشور على مدونة الشركة، أن هذه العلامات لا تظهر إلا في الردود الطويلة نسبياً، مثل المقالات النصية المطولة، في المقابل، لم يتم رصد هذه العلامات في النسخ الأقدم من ChatGPT، مثل نموذج GPT-4o. وجاء هذا الاكتشاف ليكون حلقة جديدة ضمن سلسلة من الخطوات التي أعلنت عنها شركة OpenAI بشأن تطوير تقنيات "العلامات المائية" في الصور المولّدة باستخدام الذكاء الاصطناعي.