
هل تتجدد الحرب الإسرائيلية على إيران نتيجة مواصلتها تخصيب اليورانيوم؟
ففي خطوة وُصفت بأنها تصعيدية، أعلن الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان تفعيل قانون يقضي بتعليق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، مشترطًا ضمان أمن المنشآت النووية. وقد حظي القرار بموافقة البرلمان ومجلس صيانة الدستور، مما يعكس توجّهًا واضحًا نحو تقليص مستوى الشفافية الذي التزمته طهران سابقًا. وتزامن ذلك مع تقارير دولية أكدت أن مخزون إيران من اليورانيوم المخصب تجاوز الحد المسموح به بموجب الاتفاق النووي لعام 2015 بأكثر من 22 ضعفًا، مما زاد من الشكوك بشأن النيات الحقيقية للبرنامج الإيراني، خصوصاً في ظل تقييد وصول المفتشين الدوليين إلى المواقع الحسّاسة.
من جهتها، ترى طهران أن هذه الإجراءات تأتي ردًا على ما تعتبره اعتداءات مباشرة عليها من الولايات المتحدة وإسرائيل، ووسيلة للدفاع عن سيادتها وحقوقها النووية السلمية. ولكن في المقابل، عبّرت دول غربية عن قلقها البالغ، واعتبرت أنّ قرار تعليق التعاون مع الوكالة الدولية انتهاكًا للالتزامات الدولية، إذ وصفته الأمم المتحدة بأنه "مقلق"، واعتبرته برلين "إشارة كارثية"، كما دعت كل من فرنسا وألمانيا إلى موقف أوروبي موحد، بينما وصفت واشنطن القرار بأنه "غير مقبول". أما إسرائيل فأكدت أن البرنامج النووي الإيراني يمثّل تهديدًا وجوديًا لها، ورأت أن تراكم المعرفة النووية لدى طهران يقرّبها من امتلاك قدرة عسكرية نووية، حال توافّر القرار السياسي. ولذا، تنقسم استراتيجيتها إلى مسارين: الأول يدفع نحو إحياء اتفاق نووي جديد يقيّد نشاط إيران بشكل فعّال، والآخر لا يستبعد العمل العسكري في حال استمر الغموض والتصعيد، خصوصاً بعدما قدّم عضوان في الكونغرس الأميركي مشروع قانون يمنح الرئيس دونالد ترامب سلطة تمكين إسرائيل من الوصول إلى قاذفات الشبح الأميركية B-2 والقنابل الخارقة للتحصينات، في حال استمرار إيران في تطوير أسلحة نووية. هذا المشروع، الذي لا يزال قيد المناقشة، والذي يهدف إلى تعزيز التعاون العسكري بين واشنطن وتل أبيب من دون نقل ملكية الطائرات، يشمل التدريب والمعدات. ويعدّ هذا تطورًا غير مسبوق، خصوصاً أن المشروع يعكس تصاعد القلق الأميركي والإسرائيلي من البرنامج النووي الإيراني، وسعيًا الى تقوية الردع الإسرائيلي.
من جهة أخرى، صحيح أن إسرائيل بالتعاون مع الولايات المتحدة الأميركية قد نفّذت سابقًا عمليات نوعية استهدفت منشآت نووية إيرانية، بهدف إبطاء تقدمها التقني، لكن ثمة تباين داخل الأوساط الإسرائيلية والأميركية بشأن فاعلية هذا النهج، خصوصاً في ظل صعوبة تدمير المعرفة الفنية المتراكمة. وإقليميًا، تواجه إسرائيل تحديات لوجستية تتعلق باستخدام أجواء دول الجوار الإيراني في حال قرّرت تنفيذ عمليات عسكرية جديدة، ما يحدّ من خياراتها ويزيد من أهمية العمل السياسي والديبلوماسي المتعدّد الطرف. وقد تزداد تعقيدات المشهد مع احتمال لجوء إيران إلى الرد عبر حلفائها الإقليميين، بما يفتح المجال لتوَسّع دائرة النّزاع. في الوقت الذي تشكّل فيه معاهدة حظر الانتشار النووي (NPT) الإطار القانوني الأبرز لتنظيم النشاط النووي عالميًا. وإيران من الدول الموقّعة عليها، وهي بذلك ملتزمة عدم السعي إلى تطوير أسلحة نووية. غير أن وقف التعاون مع الوكالة الدولية يعقّد مهمة التحقق من الطابع السلمي لبرنامجها. وفي المقابل، تواصل إسرائيل اتباع سياسة "الغموض النووي" ولم تنضم إلى المعاهدة، رغم الاعتقاد السائد بامتلاكها ترسانة نووية، مما يخلق حالة من عدم التوازن في المنطقة. وهذا الاختلال في الالتزام الدولي يشجّع على سباق تسلّح نووي إقليمي، ويزيد من احتمال وقوع حوادث أو تسربات إشعاعية، فضلًا عن خطر وصول المواد الانشطارية إلى جهات غير حكومية. ومن ثمّ، فإن الأزمة لا تهدّد الأمن المحلي فحسب، بل استقرار الشرق الأوسط برمّته.
ختامًا، فإن احتمالات تجدّد الحرب تظل قائمة في ظل تعقّد المشهد، وغياب اتفاق شامل يعيد ضبط قواعد الاشتباك النووي في المنطقة. ويبدو أن الحل المستدام يقتضي مقاربة مزدوجة تقوم على إلزام إيران التزاماتها في إطار شفاف، بالتوازي مع إدماج إسرائيل في منظومة عدم الانتشار، بما يضمن توازنًا إقليميًا عادلًا ويحول دون تفجر صراع نووي في منطقتنا، التي تعدّ من أكثر مناطق العالم هشاشة أمنية.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صدى البلد
منذ 23 دقائق
- صدى البلد
الرئيس الأمريكي: وقف إطلاق النار بغزة أولوية قصوى
قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت مساء اليوم الإثنين خلال مؤتمر صحفي بإن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وضع وقف إطلاق النار بغزة كأولوية قصوى لديه خلال الفترة القادمة. وتعثرت محادثات وقف إطلاق النار بالدوحة اليوم الإثنين مع بذل المزيد من الجهد عبر الوسطاء المصريين والقطريين لاستكمال المحادثات غدا الثلاثاء لتفعيل هٌدنة ال60 يوما التي ستفرج عن جميع المحتجزين لكلا الطرفين،وتحقق وقف شامل لإطلاق النار. وأرسل الرئيس الأمريكي مبعوثه ستيف ويتكوف إلى الدوحة من أجل العمل على إنجاح المحادثات الحالية لوقف الحرب غير المبررة.


صدى البلد
منذ 35 دقائق
- صدى البلد
أمريكا تستعد لإطلاق TikTok جديد خاص بها بعد صفقة بيع محتملة للتطبيق
في تطور جديد ومثير في ملف TikTok داخل الولايات المتحدة، أعلن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب مؤخرًا أن لديه مجموعة من "الأشخاص الأثرياء جدًا" على استعداد لشراء عمليات TikTok داخل البلاد، في خطوة تهدف لإنهاء أزمة أمنية طال أمدها تتعلق بالتطبيق الصيني الشهير. تطبيق أمريكي منفصل في الطريق وفقًا لتقرير مدفوع المصدر، من المتوقع أن يحصل المستخدمون في الولايات المتحدة على تطبيق TikTok جديد تمامًا في 5 سبتمبر المقبل، ليكون بوابة منفصلة عن النسخة العالمية الحالية من التطبيق. ورغم أن النسخة الحالية من TikTok ستظل تعمل حتى مارس 2026، إلا أن المستخدمين الجدد داخل الولايات المتحدة سيتعين عليهم تحميل النسخة الجديدة للوصول إلى الخدمة. وبعد هذا الموعد، ستتوقف النسخة الحالية داخل أميركا، ما يعني أن الولايات المتحدة ستكون لها بوابة TikTok منفصلة عن باقي دول العالم. TikTok والتهديدات الأمنية تواجه TikTok منذ سنوات اتهامات بأنها تشكل تهديدًا للأمن القومي الأمريكي، إلى جانب اتهامات باستخدامها كمنصة للدعاية الصينية. وفي ضوء هذه المخاوف، أمرت الحكومة الأمريكية ببيع عمليات TikTok في الولايات المتحدة إلى جهة غير صينية، وإلا فستواجه الشركة حظرًا تامًا من العمل داخل البلاد. الرئيس ترامب كان قد مدد المهلة النهائية للصفقة 3 مرات سابقًا، ويبدو الآن أنه واثق بأن الصفقة ستتم قريبًا، خصوصًا مع التلميحات إلى تطوير تطبيق منفصل. تشابه مع السياسة الرقمية الصينية اللافت في هذا السيناريو هو المفارقة الرقمية؛ فبينما طالما انتقدت الولايات المتحدة الصين لفصلها الإنترنت المحلي عن العالمي وتطوير بدائل محلية لمنصات عالمية، تقوم الآن الولايات المتحدة بخطوة مماثلة عبر إطلاق تطبيق TikTok محلي خاص بها، منفصل عن النسخة العالمية. ورغم الانقسام التقني، من المتوقع أن التطبيق الأمريكي لن يختلف كثيرًا في الشكل أو المضمون عن النسخة الحالية، إلا أن البعض يتوقعون أن تشهد النسخة الأمريكية مزيدًا من المحتوى المتماشي مع سياسات الإدارة الحالية. هل الصفقة حقيقية هذه المرة؟ حتى اللحظة، لم يتم الإعلان رسميًا عن هوية "الأثرياء" الذين سيشترون عمليات TikTok في الولايات المتحدة، لكن وجود خطة لتطبيق منفصل يشير إلى أن الصفقة قد تكون أقرب من أي وقت مضى. وإذا تم الأمر، فإن TikTok سيكون قد نجح في البقاء داخل السوق الأمريكية، رغم التهديدات المستمرة بالحظر، وهو ما قد يشكل خيبة أمل كبيرة لمنافسين مثل Instagram، الذين كانوا يراهنون على خروج التطبيق من المشهد.


الديار
منذ ساعة واحدة
- الديار
بعد تأسيس ماسك لحزب سياسي ترامب يصف الخطوة بأنها "سخيفة"
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب انتقد الرئيس الأميركي دونالد ترامب إعلان حليفه السابق إيلون ماسك تأسيس حزب سياسي جديد ووصفه بأنه "سخيف". وقال ترامب للصحافيين في نيوجيرسي قبل صعوده طائرته عائدا إلى واشنطن "أعتقد أن تأسيس حزب ثالث أمر سخيف.. نحن نحقق نجاحا باهرا مع الحزب الجمهوري". وأضاف "لقد كان النظام دائما قائما على حزبين، وأعتقد أن تأسيس حزب ثالث يزيد فقط من الارتباك". وختم ترامب قائلا "يمكنه أن يتسلى بذلك قدر ما يشاء، لكنني أعتقد أن هذا أمر سخيف". وكان ماسك وترامب قريبين جدا، فقد ساهم أغنى رجل في العالم بأكثر من 270 مليون دولار في حملة الجمهوري الرئاسية، وقاد "لجنة الكفاءة الحكومية" لخفض الإنفاق الفدرالي، وكان ضيفا دائما على المكتب البيضاوي. صدام علني وغادر رجل الأعمال "لجنة الكفاءة الحكومية" في أيار للتركيز على إدارة شركاته، وخاصة تسلا المتخصصة في السيارات الكهربائية التي تضررت صورتها ومبيعاتها في أنحاء العالم نتيجة تعاونه مع ترامب. لكن بعد فترة وجيزة، وقع صدام علني بين الرجلين بشأن مشروع قانون الميزانية الذي اقترحه الرئيس على الكونغرس وأقره الأخير. وكان إيلون ماسك قد وعد بتأسيس حزب سياسي جديد إذا تم اعتماد النص. وقد نفذ وعده، في اليوم التالي للتوقيع على "قانون دونالد ترامب الكبير والجميل"، بإعلانه عن تأسيس "حزب أميركا".