logo
خور عبد الله بين 'الصحوة الوطنية' و'الغفوة الوطنية'

خور عبد الله بين 'الصحوة الوطنية' و'الغفوة الوطنية'

موقع كتابات٣٠-٠٧-٢٠٢٥
إن أي حركة سياسية تقدمية وتحررية، إذا ما سقطت في مستنقع الشعبوية، فلن يكون أمامها سوى التشرذم السياسي، ومن ثمّ الانتحار السياسي.
في مقالنا السابق (لماذا أُثيرت قضية 'خور عبد الله' الآن؟ ومن يقف وراءها؟)، شرحنا الأسباب الحقيقية وراء الضجة المفتعلة حول خور عبد الله. وبغض النظر عن مدى قانونية الاتفاقية، فقد وقّعت عليها حكومة المالكي الثانية في نيسان/أبريل 2012، وصادق عليها كل من البرلمان ورئاسة الجمهورية، ثم نُشرت في جريدة الوقائع العراقية ، العدد 4299، الصادر في 25 تشرين الثاني/نوفمبر 2013، وأُودعت لاحقًا لدى صندوق الأمم المتحدة والمنظمات الدولية المختصة بمثل هذه الاتفاقيات.
لقد تجاوزت حملة التضليل الإعلامي والدعائي التي أُثيرت حول قضية خور عبد الله كل ما سبق من حملات نظّمتها الطبقة السياسية الحاكمة لتضليل الجماهير. وما إثارة هذه القضية الآن إلا جزء من أجندة لا تستند إلى أي استراتيجية واضحة من قِبَل أولئك الذين 'استفاقت لديهم فجأة صحوة وطنية'، وراحوا يرفعون أصواتهم مدوّين بالشعارات الوطنية، و يقرعون طبول استعادة خور عبد الله — رغم أنهم هم أنفسهم من قدّموها على طبق من ذهب للكويت، إلى جانب 52 مليار دولار كتعويضات، عرفانًا باعتراف المجتمع الدولي بهم كحكّام جدد للعراق بعد أن اجتاح الغضب العالمي النظام السابق إثر احتلاله للكويت عام 1990.
إن هذه الحملة التضليلية التي يقودونها لا تمت بأي صلة، لا من قريب ولا من بعيد، إلى نية حقيقية لاستعادة خور عبد الله. فهي لا تعكس أي استعداد لمعركة سياسية أو دبلوماسية، أو حتى لحرب تهدف إلى تعديل الاتفاقية أو إلغائها. بل تبدو وكأننا، من منظور البرجوازية القومية أو الوطنية المحلية، أمام طبقة سياسية تحكم دولة ذات هوية قومية راسخة، وجيشٍ ذي عقيدة عسكرية واضحة، مستعدٍّ لتنفيذ أجندات سياسية ذات سيادة — في حين أن الواقع يفضح هشاشة هذه الصورة بالكامل.
لكن الواقع مختلف تمامًا. فبعض من ارتفعت لديهم 'الحمّية الوطنية' إلى حد الغليان بل والغثيان، يدرك — أو يتغافل — أن خوض أي حرب، بما في ذلك الحرب الدبلوماسية، يتطلب حدًا أدنى من الانسجام السياسي داخل الطبقة الحاكمة، وجبهة داخلية موحدة، وموارد مالية كافية، إلى جانب تحالفات إقليمية ودولية تتيح هامشًا للمناورة أو حتى لانتهاك المواثيق الدولية دون أن تُحاسَب — كما تفعل إسرائيل والولايات المتحدة، حين تدوسان على القوانين والأعراف التي كانتا من أبرز المساهمين في صياغتها.
أما في العراق، فإن الانسجام السياسي بين 'الإخوة الأعداء' في العملية السياسية بلغ أدنى مستوياته. ومع تراجع النفوذ الإيراني في المنطقة، وارتفاع أسهم تركيا، بدأ موسم تغيير 'البوصلة السياسية'. ومن لا يملك بوصلة، لا يسعه سوى القفز من السفينة قبل أن تغرق. نرى هذا بوضوح في فائق زيدان، رئيس مجلس القضاء الأعلى. نرى هذا في فائق زيدان، رئيس مجلس القضاء الأعلى، الذي كان يبحر على متن سفينة ترفع علم الجمهورية الإسلامية، وفي رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، المعيّن من قبل 'الإطار التنسيقي' الموالي لإيران، وكذلك في رئيس الجمهورية عبد اللطيف رشيد، ممثل الاتحاد الوطني الكردستاني، وهو الحزب الذي طالما اقترن ولاؤه بسياسات طهران في العراق.
واللافت أن هؤلاء جميعًا شهود زور على الغاء قانونية اتفاقية خور عبد الله في عام 2023 من قبل المحكمة الاتحادية، أي بعد عشرة أعوام من المصادقة عليها قربانا 'للجارة' ايران عندما اختلفت مع الكويت على حقل الدرة النفطي والغازي في منطقة خور عبد الله . أما الجبهة الداخلية، فهي منهكة؛ جماهير العراق تموت من حر الصيف، البطالة، الفقر، وسوء الخدمات. الجماهير في واد، والطبقة السياسية المتصارعة في وادٍ آخر.
والحق يُقال، إن الذين يمسكون بزمام السلطة هم 'سياسيو الغفلة'، لا يجيدون سوى النفاق السياسي والظهور الإعلامي الهزيل، وتبديل بوصلاتهم بحسب الضرورة، وضبط ساعتهم البيولوجية بين 'الغفوة الوطنية' و 'الصحوة الوطنية'.
ما يثير في هذا السيرك الدعائي حول خور عبد الله من اشمئزاز، أن كل من يرفع صوته دفاعًا عن خور عبد الله، سواء من داخل العملية السياسية أو خارجها، هو متورط بشكل أو بآخر في الكوارث التي حلّت بالجماهير العراقية. وعليه، فإن السؤال الذي يجب أن يُطرح ليس البحث عن 'من تنازل عن خور عبد الله؟'، بل البحث: على من الاحتجاج، وعند من الشكوى، وضد من هذا الغضب؟ إنها حقًا مهزلة سياسية.
إنه الإعلام نفسه الذي لا يتحدث عن أرصفة الموانئ في البصرة التي تتقاسمها الميليشيات، ولا عن استغلال العمال في شركات الإسمنت الفرنسية في كربلاء والسليمانية، ولا عن الكارثة البيئية في الأهوار، التي تسعى الحكومات المحلية، بالتنسيق مع بغداد، إلى تجفيفها لعرضها على شركات النفط. وكأنهم يكملون ما بدأه نظام صدام حسين حين جفّف الأهوار لأسباب أمنية. أما اليوم، تتولى المهمةَ الميليشياتُ والعشائرُ الفاسدة، عبر قتل الحياة فيها وتهجير أهلها.
واكثر من ذلك، لو نظرنا إلى جولات التراخيص النفطية التي وقّعتها الحكومات المتعاقبة مع الشركات الأجنبية، لوجدنا أنها تشرعن استغلال العمال والموظفين، وتمنح الشركات الأجنبية النصيب الأكبر من العائدات، فيما يُلقى بالفتات إلى الجماهير، وفي مقدّمتهم عمال وموظفو قطاع النفط، الذين يُحرَمون من حقوقهم الأساسية مثل زيادة الأجور، وبدل الصحة، والأرباح، والتنظيم النقابي. ومع ذلك، لا يُثير الإعلام الذي يشنّ الحملات حول 'خور عبد الله' أي ضجة بشأن هذا الاستغلال، لماذا؟ لأن جزءًا من أرباح النفط يُوزَّع على الأحزاب السياسية الحاكمة التي تحمي تلك الشركات، وتستفيد من جولات التراخيص. لماذا لا ترتفع الحمية الوطنية عند هؤلاء اذا كانوا يبحثون عن الصحوة الوطنية!
وهناك عشرات الكوارث الأخرى، كما حدث قبل أيام، حين اندلع حريق في أحد المولات بمدينة الكوت، وراح ضحيته أكثر من مئة شخص.
وأخيرًا، ما يعنينا في هذا السياق هو ألا تنحرف بوصلة الحركة الاحتجاجية، وألا تتحول إلى ذيلٍ لهذه الجماعات، تخدم أجنداتها المشبوهة. إن حماية الحركة الاحتجاجية وتقويت حصانتها، لا تكون إلا بتسليحها بأفق سياسي واضح، وقيادة واعية تفضح سياسات هذه الجماعات، وتحافظ على الاتجاه السليم للبوصلة السياسية.
فحماية مقدّرات العراق — من خور عبد الله إلى الحقول النفطية، وطرد القواعد العسكرية الأجنبية، وقطع ذيول ايران في العراق، لن تتحقق إلا بالسعي إلى تغييرٍ جذري وثوري لهذا النظام الفاسد والجائر، لأنه المسؤول الأول عن جميع مصائب وويلات جماهير العراق.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

حصري.. البنتاغون يغيّر قواعد الدعم للعراق ويُنهي رواتب البيشمركة مقابل أقوى حزمة تجهيزات عسكرية
حصري.. البنتاغون يغيّر قواعد الدعم للعراق ويُنهي رواتب البيشمركة مقابل أقوى حزمة تجهيزات عسكرية

شفق نيوز

timeمنذ 13 ساعات

  • شفق نيوز

حصري.. البنتاغون يغيّر قواعد الدعم للعراق ويُنهي رواتب البيشمركة مقابل أقوى حزمة تجهيزات عسكرية

كشفت وثائق خاصة اطلعت عليها وكالة شفق نيوز من وزارة الدفاع الأميركية أن واشنطن تمضي نحو أكبر خفض في تمويلها العسكري للعراق منذ إطلاق برنامج الدعم ضد تنظيم داعش عام 2014. الوثائق، الخاصة بـ "صندوق تدريب وتجهيز الشركاء لمكافحة داعش" (CTEF)، تُظهر أن موازنة 2026 لا تكتفي بخفض المخصصات الإجمالية للعراق بنسبة تقارب النصف، بل تنهي أيضًا بالكامل برنامج رواتب قوات البيشمركة، لتضع عبء تمويل هذه القوة الكوردية على الحكومة العراقية، في وقت لم تُحل فيه بعد أزمة الرواتب العالقة بين بغداد وأربيل. هذا التحوّل، الذي يتزامن مع خطط إنهاء مهمة التحالف الدولي في العراق بحلول أيلول/سبتمبر 2025، يعكس توجهًا أميركيًا نحو تقليص الوجود العسكري المباشر والانتقال إلى نموذج "الشريك القادر" الذي يعتمد على تجهيزات نوعية ودعم استخباراتي بدل التمويل المستمر. لكن في بغداد وأربيل، حيث الخلافات المالية والسياسية مستمرة، يثير القرار مخاوف من فراغ أمني محتمل في لحظة إقليمية شديدة الحساسية. برنامج 2014 مسؤول كبير في البنتاغون أوضح لشفق نيوز أن المساعدات الأميركية المباشرة للبيشمركة والقوات العراقية بدأت في صيف 2014، حين اجتاح داعش مناطق واسعة شمال العراق واقترب من حدود إقليم كوردستان. في 5 آب/أغسطس من ذلك العام، سلّمت واشنطن شحنات عاجلة من الذخيرة إلى البيشمركة، وبعد ثلاثة أيام بدأت الضربات الجوية الأميركية، لتصبح هذه القوات خط الدفاع الأول ضد التنظيم. ومع تأسيس CTEF، جرى دمج دعم البيشمركة والقوات العراقية تحت مظلة واحدة، هدفها تمكين الشركاء المحليين من شن عمليات ضد داعش، مع تمويل يشمل التدريب والمعدات والدعم اللوجستي. خلال السنوات التالية، توسّع البرنامج ليشمل الجيش العراقي، جهاز مكافحة الإرهاب، ووحدات وزارة الداخلية، مع تخصيص مبالغ ثابتة لرواتب البيشمركة. لكن كتاب تبرير الموازنة للعام المالي 2026 يوثّق أن هذا سيكون العام الأخير للرواتب، بموجب مذكرة التفاهم الموقعة في أيلول/سبتمبر 2022 بين البنتاغون وحكومة الإقليم، حيث تتحمل بغداد ابتداءً من 2026 المسؤولية الكاملة. جداول التمويل تُظهر أن بند الرواتب كان 135 مليون دولار في 2024 ثم 60 مليوناً في 2025، قبل أن يصبح صفراً في 2026. كما يذكّر الكتاب بأن جميع الوحدات المتلقية للدعم تخضع لتدقيق صارم، بما في ذلك قانون ليهي، لمنع تمويل أي وحدة متورطة في انتهاكات حقوقية أو مرتبطة بجهات مصنفة إرهابية أو تابعة للحكومة الإيرانية. رغم تقليص الإجمالي، تحتفظ الموازنة بعصب تجهيزات موجّهة لتعزيز الاستقلالية العملياتية، أبرزها لوزارة الدفاع العراقية (MoD): نظام تعبئة أوكسجين للطائرات (AC-208) بقيمة 1.5 مليون دولار، ما يرفع سقف الارتفاعات الآمنة ويُحسّن مهام الاستطلاع. نظام اتصال جو–أرض لطائرات F-16 بقيمة 3 ملايين دولار لتمكين القيادة والسيطرة دون الاعتماد على التحالف. شراء 100 صاروخ Hellfire بـ12 مليون دولار لدعم الضربات الدقيقة. معدات اتصالات بقيمة 10 ملايين دولار. أصول ISR لألوية "منطقة الاهتمام المشترك" بقيمة 21.919 مليون دولار. كما يموَّل جهاز مكافحة الإرهاب (CTS) بـ65.6 مليون دولار ضمن التدريب والتجهيز، بينها منظومة مسيّرات ISR بقيمة 12.6 مليون دولار وتحديثات اتصالات بقيمة 20 مليون دولار. وتُرصد 17.24 مليون دولار للّوجستيات و20.25 مليوناً للاستدامة. البيشمركة: معدات أكثر ورواتب إلى بغداد يتصاعد دعم تجهيزات وزارة شؤون البيشمركة (MoPA) إلى 61.0 مليون دولار في 2026، مقارنة بنحو 4.9 مليون في 2024 و57.8 مليون في 2025. ويغطي أربع حزم رئيسية: ذخيرة: 17 ألف قذيفة هاون/صاروخ (أكثر من 5.3 مليون دولار). أسلحة: 10 آلاف قطعة سلاح خفيف، وقواذف هاون/صواريخ، ومناظير وملحقات (11.08 مليون دولار). مركبات: 250 مركبة خدمات، 52 مدرعة، شاحنات مياه ومركبات إنقاذ (27.5 مليون دولار). معدات فردية ولوجستية: 11,295 درعاً واقياً، 49,589 زياً عسكرياً، 13,000 عدة حماية، و12 مولداً (17.1 مليون دولار). وتشير الوثيقة إلى إعادة هيكلة حتى 2026: ستّ فرقٍ كقيادات عملياتية، وألوية حرسٍ إقليمي ومراكز تدريب وكلية أركان وقيادات دعم لوجستي وفني. هذه التحولات تأتي اتساقاً مع مذكرة التفاهم الموقّعة في 21 أيلول/سبتمبر 2022 بين البنتاغون ووزارة شؤون البيشمركة، التي ربطت استمرار الدعم بجدول إصلاحات لتوحيد القوات تحت سلطة الوزارة وتجفيف ازدواجيتها الحزبية. على الضفة السورية، تهدف مخصّصات 130 مليون دولار للحفاظ على ضغط الشركاء المحليين ضد خلايا "داعش" وتثبيت أمن و"إنسانية" احتجاز مقاتليه، مع تراجع طفيف عن 2025 (147.9 مليون دولار). أما لبنان فتظهر للمرة الأولى 15 مليون دولار لتقوية قدرات الجيش اللبناني- خاصة الوحدات الخاصة- ومنع استغلال الحدود السورية-اللبنانية. يتزامن التعديل المالي مع خطة انتقال اتفق عليها العراق والولايات المتحدة في أيلول/سبتمبر 2024 لإنهاء المهمة العسكرية للتحالف في العراق بحلول نهاية أيلول/سبتمبر 2025، والتحوّل إلى شراكاتٍ ثنائية أمنية، مع بقاء المهمة في سوريا. تؤكد معلومات خاصة لوكالة شفق نيوز أن التحالف بدأ بالفعل إخلاء مواقع عراقية وفق الجدول. ويُقدَّر حالياً بنحو 2,500 عسكري أميركي في العراق و900 في سوريا. تشير الوثائق الخاصة في البنتاغون طلب موازنة 2026 متوسط القوى الأميركية في نطاق القيادة الوسطى (CENTCOM): نحو 43,460 عام 2024، ارتفع إلى 49,998 عام 2025، ثم يتراجع إلى 45,729 في 2026. هذه الأرقام تعكس إعادة توزيع وحجم حضورٍ يُفترض أن ينخفض تدريجياً مع انتقال الأدوار إلى الشركاء المحليين. وفي خلفية القرار تقدير لدى البنتاغون بحسب المسؤول الذي تحدث لشفق نيوز بأن "العمل المُنجز" في تطوير البنية والقدرات، إضافة إلى انتقال CJTF-OIR من دورٍ قتالي مباشر إلى لكن بالمقابل فإن تقارير المفتشين العامّين في واشنطن تحذّر، من أن "داعش" ما زال قادراً على إعادة تنظيم خلاياه في جيوبٍ ريفية وعلى أطراف المدن، وأن تراجع الموارد أو الفُرص اللوجستية قد يوسّع هامش الحركة أمامه.

ملاحظات حول قرار وزيرة العدل الامريكية بخصوص مادورو؟!محمد النوباني
ملاحظات حول قرار وزيرة العدل الامريكية بخصوص مادورو؟!محمد النوباني

ساحة التحرير

timeمنذ 15 ساعات

  • ساحة التحرير

ملاحظات حول قرار وزيرة العدل الامريكية بخصوص مادورو؟!محمد النوباني

ملاحظات حول قرار وزيرة العدل الامريكية بخصوص مادورو؟! محمد النوباني من يعرف التاريخ الامريكي جيداً لا تنطلي عليه مطلقاً أكاذيب واراجيف واضاليل من طراز ان إدارة ترامب تحارب تجارة المخدرات في العالم وتبذل كل ما في وسعها لحماية الشعب الامربكي من هذه الآفة القاتلة . فكما كل الإدارات التي تعاقبت على حكم أمريكا فإن إدارة ترامب المجرمة تدرك الخطر الذي تشكله آفة المخدرات على الناس في كل أنحاء العالم بما في ذلك عى بلدها ولكنها لا تجد حرجا اخلاقياً في التعامل مع مجوعات الجربمة المنظمة في كل أنحاء العالم وفي مقدمتها كارتيلات المخدرات في أمريكا اللاتينية إذا كان ذلك التعامل يخدم مصالحها في محاربة الحركات الثورية والأنظمة التقدمية المعادية للإمبريالية وشيطنتها. وفي هذا الإطار فقد وجدنا أن حكام البيت الأبيض اتهموا حزب الله اللبناني بالإتجار بالمخدرات وتشجيع زراعته في سهل البقاع اللبناني رغم أن الحزب يعتبر ترويج المخدرات محرم شرعاً. وفي ذات السياق فقد وجدنا ان وزيرة العدل الامريكية قررت أمس الاربعاء تخصيص مبلغ ٥٠ مليون دولار لمن يدلي/تدلي، بمعلومات تؤدي إلى إلقاء القبض على الرئيس الفتزويلي المنتخب نيكولاس مادورو وتسليمه للولايات المتحدة الامربكية بذريعة ان مادورو هو تاجر مخدرات دولي ومسؤول عن إعراق السوق الامريكية باصناف مختلفة من المخدرات وبالتالي فإن بقائه طليقاً وفي منصبه رئيساً لجمهورية فنزويلا البوليفارية يشكل خطراً على الأمن القومي الأمريكي. وغني عن القول في هذا المجال أن مادورو يشكل خطراً على الأمن القومي الأمريكي ولكن ليس لأنه تاجر مخدرات بل لانه شخصية ثورية محترمة منعت وتمنع إدارة الشر الترامبية من ألسيطرة على ثروة فنزويلا الوفيرة من نفط وغاز وذهب فنزويلا وتحويلها إلى جمهورية موز جديدة. . ‎2025-‎08-‎09

الصراع بين ترامب ورئيس البنك الفيدرالي!اضحوي جفال محمد
الصراع بين ترامب ورئيس البنك الفيدرالي!اضحوي جفال محمد

ساحة التحرير

timeمنذ 15 ساعات

  • ساحة التحرير

الصراع بين ترامب ورئيس البنك الفيدرالي!اضحوي جفال محمد

الصراع بين ترامب ورئيس البنك الفيدرالي! اضحوي جفال محمد * الناس يفهمون الحرب التجارية التي يتبناها ترامب بأسلحة الرسوم والتعريفات الجمركية أفضل من فهمهم للهجمات التي يشنها على رئيس البنك الفيدرالي جيروم باول. واذا كان عدم الفهم سبباً في اجتناب موضوع يبدو معقداً لدى كثيرين فإنه بالنسبة لي سبب لخوض الموضوع بقصد إيضاحه. إذ لا مفر من فهم الاقتصاد لفهم السياسة. وهذي واحدة من انجازات الماركسية التي بقيت على قيد الحياة بعد موتها، مثل جنين استُخرج حيّاً رغم وفاة الام خلال عملية التوليد. الماركسية ماتت سياسياً موتاً مدوياً دفع كثيرين للاعتقاد بأنها كانت فكرة خاطئة بالمطلق، وهذا غير صحيح، فلها الكثير من العطاء العلمي في حقلَي الاجتماع والاقتصاد، لعل ابرزها مقولة ان الاقتصاد (نمط الانتاج) هو البناء التحتي لحركة المجتمع وفوقه تنشأ الأشياء الأخرى من فكر وفنون وعادات وقانون وتعليم وغير ذلك مما اطلقوا عليه (البناء الفوقي) الذي يتغير بتغيّر الاقتصاد. لذا فإن جوهر الصراع المحتدم الان في العالم اقتصادي. ولأن شرحه تفصيلياً يحتاج مجلدات فإننا نتابعه باختصار عبر مقالات نسعى لجعلها غير مملة تتناول مركز تطوراته التي تتمحور في هذه المرحلة حول الحرب التجارية التي يشنها ترامب على العالم. والداعي المركزي لهذه الحرب هو كابوس الاقتصاد الأمريكي غير القابل للحل.. فترامب عازم على ايجاد الحل (الخارق) بطريقة فيها من العناد اكثر مما فيها من العلم. مشكلة الاقتصاد الأمريكي المستعصية ان الدولة مدانة بمبلغ 37 تريليون دولار، تتجه فوائده إلى عتبة التريليون دولار هذا العام. بمعنى ان الحكومة غير قادرة على تسديد الفوائد إلا بمزيد من الاقتراض. هذا الثقب الأسود الذي استسلم له الرؤساء الأمريكيون المتعاقبون منذ اواسط القرن الماضي يقول ترامب انه لن يستسلم وسيضع حداً له ويغيّر المعادلة!! فهل هو جاد أم يهذي؟. خطة ترامب تعتمد على سبيلين مترابطين لاستحصال الاموال التي يعالج بها المشكلة المزمنة والمتفاقمة: داخلية تقوم على إحداث تغييرات (اصلاحية) في هيكلية الاقتصاد الأمريكي، وخارجية تتمثل بالاستحواذ على أموال الآخرين بوسائل فيها قدر مستفز من الهيمنة والابتزاز. كلا السبيلين يحتاج وقتاً للإثمار لا تتسع له مدة الثلاث سنوات المتبقية من رئاسته غير القابلة للتمديد رغم انه يتطلع لتمديدها بطرق غير تقليدية يأمل أن يكون النجاح الاقتصادي مدخلاً اليها. والذي يعنينا في هذا المقال هو نقطة التلاقي بين السبيلين، الداخلي والخارجي في خطة ترامب، والتي يمثل صراعه مع رئيس الفيدرالي جيروم باول أبرز تجلياتها. والقضية أن ترامب يريد من باول خفض سعر الفائدة وباول يرفض! فماذا وراء موقف كل منهما؟. قبل كل شيء هناك بديهية يعرفها الجميع وهي أن خفض سعر الفائدة معناه خفض الاموال التي تدفعها الحكومة الأمريكية للدائنين كفوائد. فالمترتب على الحكومة الأمريكية لهذا العام قرابة التريليون دولاراً حسب سعر الفائدة الحالي (‎%‎4،30) فلو قام البنك الفيدرالي بخفض الفائدة إلى النصف مثلاً تنخفض المدفوعات المترتبة على الحكومة من تريليون إلى نصف تريليون، فارق هائل. ولقد طالب ترامب اكثر من مرة بتصفير الفائدة تماماً، ولو تحقق له ذلك لأوقف نزيف الفوائد وتفرّغ للأصول. يرفض باول ذلك لأن خفض سعر الفائدة يدفع اصحاب الأموال إلى سحب اموالهم من البنوك وتوجيهها إلى السوق بحثاً عن أرباح، فيرتفع التضخم بدرجات مخيفة. فلا أحد يستثمر أمواله في البنوك لقاء فوائد ضئيلة إلا أن يكون مكرهاً، وهو ما يقوم به ترامب بإكراه (رأسماليين) أجانب على الاستثمار داخل الولايات المتحدة بالضغط لا بالإغراء. لقد سمعنا في تفاصيل الاتفاق الأخير بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي عن فقرة بتوجيه 600 مليار دولار لاستثمارها في السوق الأمريكية. ومثل ذلك مع اليابان وبريطانيا ناهيك عن تريليونات الخليج. الدول لا تملك ان تجبر شركاتها على الاستثمار في السوق الأمريكية، فهذا شأن تحدده الجاذبية الاقتصادية، لذلك تضطر الحكومات وليس الشركات، وفاءً بتعهدها في الاتفاق، إلى دفع اموال من صناديقها السيادية للاستثمار في مجالات لعل أسهلها شراء أذونات من الخزانة الأمريكية، وهذا شكل من أشكال الإقراض للولايات المتحدة، يرضى بسعر فائدة متدنٍ . هذا ما يقدمه ترامب لجيروم باول مقابل طلبه الملح بخفض الفائدة. لكن باول متمسك حتى الان بموقفه، ولا سلطة للبيت الأبيض عليه. إلا أن عوامل اخرى لا علاقة لها برغبة ترامب، بل هي صادمة لترامب، قد تدفع الفيدرالي إلى النظر في امكانية خفض الفائدة.. وهي تقرير مكتب إحصاءات العمل، الذي صدر أمس وأشار إلى تباطؤ ملموس في معدلات التوظيف، وهو مؤشر على تباطؤ النمو الاقتصادي. فغضب ترامب وقرر إقالة مفوضة المكتب الدكتورة إريكا ماكينتارفر متهماً إياها بتزوير الأرقام. وتلك كارثة من طراز كارثة الالحاح على رئيس الفيدرالي وتهديده بالإقالة، لأنها تنزع الثقة الشعبية والخارجية بالمؤسسات الاقتصادية والمالية الأمريكية واستقلاليتها التي تستمد قوتها وثباتها من الثقة. ( اضحوي _ 2207 ) ‎2025-‎08-‎09 The post الصراع بين ترامب ورئيس البنك الفيدرالي!اضحوي جفال محمد first appeared on ساحة التحرير.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store