"رجل الصفقات" في ورطة.. هل فقد ترامب زمام تسوية الحرب الروسية الأوكرانية؟
في لحظة بدت كاشفة لما يدور خلف الكواليس، وصف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نظيريه الروسي والأوكراني بـ"العنيدين" في محاولة للدفع نحو تسوية توقف حربًا تجاوزت عامها الثالث.
جاءت تصريحات ترامب خلال رده على سؤال من الصحفيين في البيت الأبيض، حيث عبر عن خيبة أمله إزاء استمرار القصف الروسي على الأراضي الأوكرانية، في وقتٍ قال إنه يسعى فيه لترتيب وقف لإطلاق النار.
ويبدو أن واشنطن لا تزال تواجه صعوبات في دفع الطرفين إلى طاولة الحوار. وفي خضم هذه التطورات، تزايدت الأصوات داخل الكونغرس الأمريكي، لا سيما من الجمهوريين، التي تطالب ترامب باتخاذ خطوات أكثر صرامة ضد موسكو، من بينها فرض عقوبات جديدة لإجبارها على التراجع عن موقفها المتصلب.
وفتح هذا التصريح الأمريكي الباب أمام تساؤلات واسعة حول مدى قدرة ترامب على الجمع بين الطرفين، وما إذا كان هذا التوصيف يعكس عجزًا ضمنيًا عن تحريك مسار التفاوض المعطل.
وأكد خبراء سياسيون أن تعامل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع الملف الأوكراني يكشف عن افتقاده لفهم معمق لطبيعة الأزمة، حيث يتعامل معها كصفقة تجارية يمكن تسويتها بسهولة، متجاهلًا التعقيدات الجيوسياسية التي تحكم الصراع بين موسكو وكييف.
وقال إبراهيم كابان، مدير شبكة الجيواستراتيجي للدراسات، إن الأزمة الأوكرانية ليست مسألة سهلة على الإطلاق، مؤكدًا أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لا يمتلك فهمًا عميقًا لتفاصيل الملف، ويتعامل معه كما لو كان صفقة اقتصادية قابلة للإبرام، في حين أن الواقع أكثر تعقيدًا.
وأوضح كابان أن الوضع في أوكرانيا يتطلب قراءة جيوبوليتيكية دقيقة، مشيرًا إلى أن روسيا تسعى إلى ضم أجزاء من أوكرانيا، بينما تسعى كييف إلى استعادة المناطق التي احتلتها موسكو.
وأضاف مدير شبكة الجيواستراتيجي للدراسات أن أوروبا لن تسمح بسيطرة روسيا على أوكرانيا؛ لأن ذلك سيشجع موسكو على التمدد نحو دول أخرى، ما يشكل تهديدًا مباشرًا لأمن القارة الأوروبية.
وأشار كابان إلى أن روسيا تعاني اقتصاديًا بعد قطع علاقاتها مع أوروبا، رغم أنها لا تعلن حجم هذه المعاناة، مؤكدًا أن من أبرز استراتيجياتها في مواجهة هذه الأزمة تصديرها إلى الخارج عبر إشعال حروب جديدة، وفق تعبيره.
وأضاف أن موسكو، بما تمتلكه من عتاد عسكري وأداوت ضغط تحاول استغلال الوضع للضغط على أوروبا، مشددًا على أن النظرة التبسيطية التي يتبناها ترامب، والتي ترى أوكرانيا كسوق للصفقات غير واقعية.
ولفت إلى أن التوفيق بين مطالب روسيا وأوكرانيا يتطلب تنازلات متبادلة، إذ تحتاج روسيا إلى التخلي عن أهدافها التوسعية، خاصة أن أوكرانيا عليها مراجعة طموحاتها بشأن الانضمام إلى حلف الناتو، وأن هذا المسار يحتاج إلى نوايا صادقة وإرادة حقيقية من الطرفين.
وأكد أن أكثر من 3 سنوات من الحرب أظهرت أن الحل ليس بسيطًا، بل يتطلب إرادة سياسية وابتكار أساليب جديدة للحوار.
واعتبر أن المستقبل مفتوح على احتمالين؛ إما التوصل إلى تسوية ترضي الجانبين، وإما استمرار الحرب كحالة من الاستنزاف الاقتصادي لكل من روسيا وأوروبا.
وقال كارزان حميد، المحلل السياسي والخبير في الشؤون الأوروبية، إن الحرب الروسية - الأوكرانية تعرضت خلال السنوات الماضية لانتقادات حادة، بلغت حد شخصنة النزاع في شخص الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي اتُّهم بمحاولة فرض هيمنته على أوكرانيا.
وأشار حميد إلى أن الكثير لم يدرك طبيعة المجتمعين الروسي والأوكراني، وأن شخصية الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لا تختلف كثيرًا عن نظيره الروسي، فكلاهما ينتمي إلى بيئة واحدة وحقبة تاريخية متشابهة، رغم اختلاف الأنظمة السياسية التي يديرانها اليوم.
وأوضح حميد أن من أبرز مشكلات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أنه يطرح أفكاره ونظرياته بعيدًا عن الواقع، ويطلق تصريحات "سريالية" لا تتسق مع مجريات الأحداث.
وأضاف أن ترامب يتصرف كأنه قادر على فرض هيمنته على الجميع، سواء عبر التفاوض أم باستخدام القوة، مشيرًا إلى أن هذه الأساليب باتت من الماضي، ولم تعد أي قوة عظمى قادرة على فرض إرادتها على الآخرين بهذه الطريقة.
وبين الخبير في الشؤون الأوروبية، أن الفارق الجوهري بين بوتين وزيلينسكي يكمن في أن الأول يعبّر عن المصالح الاستراتيجية لبلاده، ويملك الكلمة العليا استنادًا إلى تجاربه السابقة، في حين يفتقر الثاني إلى الخبرة، ويعتمد في سياساته على الدعم الخارجي والتحشيد الدولي ضد موسكو.
وأشار حميد إلى أن بوتين وزيلينسكي لا يمكن وصفهما بالعناد السياسي، بل يجب فهم القوى التي تقف خلف كل منهما، معتبرًا أن تلك القوى هي التي تحدد مسار الحوار وسلوك الأطراف المتحاربة.
واستشهد بما جرى في أغسطس 2024، عندما دخلت القوات الأوكرانية أراضي روسية في كورسك، لافتًا إلى أن خطاب زيلينسكي حينها تحول من طلب الدعم إلى فرض الشروط على بوتين.
وشدد حميد على أن المجتمع الروسي بطبيعته عنيد وغير قابل لإعادة التشكيل وفق المقاييس الغربية، معتبرًا أن وجود بوتين في الكرملين ساعده على الحفاظ على قدر من الاستقرار الداخلي رغم تعقيدات المرحلة.
وأضاف أنه حتى في حال رحيل بوتين، فلن يتغير الكثير في نهج موسكو تجاه الملفات الدولية، وفي المقابل فإن اختفاء الدعم الغربي غير المشروط لأوكرانيا قد يدفع زيلينسكي لتغيير نبرته ومواقفه.
وأشار إلى أن ترامب يُعد بدوره شخصية عنيدة لا تنصت للآخرين، والدليل، بحسب وصفه، الكم الكبير من القرارات الأحادية والعقوبات التي اتخذها منذ دخوله البيت الأبيض.
وقال إن الواقع السياسي الراهن قد يقود في نهاية المطاف إلى الإطاحة بأحد الزعيمين - زيلينسكي أو بوتين - لصالح صفقة سلام جديدة، قد لا تكون منصفة بالكامل لأي من الطرفين، لكنها قد تضمن تهدئة لسنوات مقبلة.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


ليبانون ديبايت
منذ 41 دقائق
- ليبانون ديبايت
تغييرات داخل البيت الأبيض تُقلق الحكومة الإسرائيلية
كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية عن قلقٍ إسرائيلي من تغييرات في الإدارة الأميركية، حيث تغيّرت خلال الأيام الأخيرة مواقف عدد من المسؤولين الذين يُعتبرون من الداعمين البارزين لـ"إسرائيل"، وذلك بشكل غير متوقّع في البيت الأبيض ومجلس الأمن القومي. وبحسب الصحيفة، فإن هذه التغييرات جاءت نتيجة خلافات في الرأي بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بشأن هجوم محتمل على إيران، وأيضًا بشأن استمرار الحرب في قطاع غزة. ومن بين المسؤولين الذين جرى إعفاؤهم، ميراف سيرين، وهي مواطنة أميركية - إسرائيلية عُيّنت مؤخرًا رئيسةً لمكتب إيران و"إسرائيل" في مجلس الأمن القومي، وإريك تريجر، رئيس مكتب الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وكان الاثنان قد عُيّنا من قِبل مستشار الأمن القومي السابق مايك والز، المعروف بمواقفه الداعمة لـ"إسرائيل"، والذي أُقيل أيضًا مؤخرًا من قِبل الرئيس ترامب. وجرى تعيين وزير الخارجية ماركو روبيو بديلاً عن سيرين وتريجر. إلى ذلك، من المتوقع أن تترك مورغان أورتاغوس، نائبة المبعوث ستيف ويتكوف والمسؤولة عن ملف لبنان في الإدارة الأميركية، منصبها قريبًا، بحسب ما نقلته الصحيفة، مؤكدةً أن القرار ليس بمبادرة منها. وتُعرف أورتاغوس، التي اعتنقت الديانة اليهودية وترتدي قلادة نجمة داود، بأنها من أبرز المؤيدين لـ"إسرائيل" في الإدارة الأميركية، ولعبت دورًا مهمًا في التفاوض على وقف إطلاق النار بين "إسرائيل" ولبنان، وأيضًا في الضغط على الحكومة اللبنانية لاتخاذ موقف صارم من حزب الله والمطالبة بنزع سلاح بعض مخيمات اللاجئين الفلسطينيين. وأثار هذا التوجه قلقًا في "إسرائيل"، بحسب الصحيفة، إذ تُعتبر أورتاغوس مقربة جدًا من تل أبيب. صحيفة "الأخبار" اللبنانية تناولت بدورها انتهاء دور أورتاغوس كمبعوثة أميركية إلى لبنان، ونقلت عن مصادر لبنانية على اطلاع بعمل السفارة الأميركية في بيروت أن أورتاغوس كانت قد طلبت منذ مدة الترقية إلى منصب أعلى في المنطقة، وأملت في تولّي ملف سوريا بدلًا من توماس باراك، لكنها لا تزال تنتظر ردًا رسميًا. وأشارت الصحيفة اللبنانية إلى أن أورتاغوس "أنهت مهمتها في ملء الفراغ" خلال المرحلة الانتقالية، ومن المتوقع أن يُسلَّم الملف إلى مسؤولين كبار يتم تعيينهم قريبًا. وبحسب التقرير، فإن من بين الأسماء المطروحة لخلافة أورتاغوس في بيروت، جويل رايبورن، أو أن يُنقل الملف إلى توماس باراك ضمن مهمته في سوريا. كما طُرح اسم رجل الأعمال اللبناني المولد مسعد بولس، والد مايكل بولس زوج تيفاني ترامب، كخيار محتمل. وفي سياق متصل، أكدت مصادر أميركية لقناة MTV اللبنانية إقالة أورتاغوس من منصبها. وأوضحت هذه المصادر أن الأسباب تتعلّق بمسائل مهنية داخلية في وزارة الخارجية، ولا صلة لها بالملف اللبناني، مشيرةً إلى أن علاقات أورتاغوس مع زملائها هي السبب الأساس في القرار. وأضافت أن زيارتها إلى بيروت أُلغيت، كما من المتوقع تعيين جويل رايبورن مساعدًا لوزير الخارجية لشؤون الشرق الأوسط، ليتولى بدوره ملف لبنان. ووفق المصادر نفسها، فإن أورتاغوس لن تُكلّف بأي مهام خارجية لاحقًا، سواء في الشرق الأوسط أو غيره، بل ستُحصر مهامها ضمن الوزارة في واشنطن، دون أي تواصل مع المبعوث ويتكوف. وتنقل "يديعوت أحرونوت" عن مصادر إسرائيلية مطلعة على العلاقات مع واشنطن أن نقل المسؤولين الثلاثة لا يعني بالضرورة أنهم أُقيلوا بسبب مواقفهم المؤيدة لـ"إسرائيل"، بل يأتي ضمن أجندة الرئيس ترامب المعروفة بـ"أميركا أولاً"، والتي تهدف إلى تقليص نفوذ أي جهة خارجية في صنع القرار. وتوضح المصادر أن الرئيس ترامب يسعى إلى تركيز إدارة السياسة الخارجية بيده، ولهذا لم يُعيَّن بديل لمايك والز، بل أُسندت المهمة مباشرة إلى ماركو روبيو. وتساءلت الصحيفة: لماذا قام ماركو روبيو، المعروف بدعمه لـ"إسرائيل"، بهذه الخطوة؟ وأجابت أن روبيو لم يُغيّر موقفه الداعم لتل أبيب، لكنه براغماتي، ويبدو أنه يتّبع رؤية أكثر تحفظًا في هذا الشأن، خلافًا لنهج مايك والز. وأضافت الصحيفة أن من يقود هذا التحوّل في التوجه داخل الإدارة هما دونالد ترامب جونيور ونائب الرئيس جيه دي فانس. وتوقعت المصادر نفسها احتمال إقالة مزيد من المسؤولين "الموالين لإسرائيل" في المستقبل، مؤكدة أن وتيرة الأحداث في إدارة ترامب تجعل كل السيناريوهات ممكنة. وتطرّقت الصحيفة أيضًا إلى علاقة نتنياهو بالرئيس ترامب، مشيرةً إلى أن التباين الأخير بين الجانبين قد يكون أعمق مما هو مُعلن. ونقلت عن مسؤولين حكوميين إسرائيليين أن نتنياهو لم يُخفِ خيبة أمله من مستشاره رون ديرمر، الذي لم يُحسن تقدير التغيّر الأميركي. ونقلت الصحيفة عن هؤلاء قولهم: "كان ديرمر يعتقد أن التنسيق مع واشنطن سيبقى على حاله، لكنه أخطأ في قراءة الموقف، وهناك اليوم خلل واضح في العلاقة بين نتنياهو وترامب". في المقابل، نفى مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي هذه الأنباء واصفًا إيّاها بـ"الأخبار الكاذبة"، إلا أن مصادر مطلعة أكدت وجود توتر بين الطرفين. وأشارت الصحيفة إلى أن نتنياهو قلق من تصاعد تأثير تيار "الصحوة البيضاء" داخل الإدارة الأميركية، بقيادة شخصيات مثل المذيع تاكر كارلسون، والذين يتهمهم مسؤولون إسرائيليون بـ"زرع الشكوك حول نوايا إسرائيل، وإقناع ترامب بأنها تحاول جرّ واشنطن إلى حرب جديدة".


MTV
منذ 43 دقائق
- MTV
03 Jun 2025 06:49 AM هل يتبدّل الموقف الأميركي مع إعفاء أورتاغوس؟
إعادة إعمار المناطق التي دمّرتها إسرائيل وربط الملف بسحب سلاح «حزب الله» وحصريته بيد الدولة، يُقلق الثنائي الشيعي الذي يتخوف من وجود قرار دولي بتأجيل البحث في الإعمار وترحيل المسألة إلى ما بعد الانتخابات النيابية في ربيع 2026. ويخشى الثنائي أن يكون الهدف تحريض السواد الأعظم من المتضررين الشيعة وتأليبهم على الحزب، الذي استطاع بتحالفه مع «أمل» في الانتخابات البلدية تجديد شعبيته، فيما يترقب موقف واشنطن النهائي حيال ما يتردد لبنانياً على نطاق واسع، بأن البيت الأبيض يميل إلى تعيين خلف لنائبة المبعوث الخاص للرئيس الأميركي للشرق الأوسط مورغان أورتاغوس المكلفة بملف الجنوب، مبدياً ارتياحه إذا تقرر إعفاؤها من مهامها كونها، من وجهة نظره، تخلت عن وساطتها لتطبيق اتفاق النار بانحيازها لإسرائيل التي تعيق التنفيذ. إعفاء أورتاغوس أخذ الحديث عن إعفاء أورتاغوس يتردد داخل الأروقة الرئاسية، كما تقول مصادر شبه رسمية لـ«الشرق الأوسط»، مع أن لبنان لم يُبلَّغ رسمياً بعد بقرار استبدالها، والموقف نفسه ينسحب على السفارة الأميركية في بيروت. وعلى الرغم من أن زيارتها المقررة للبنان في نهاية عطلة عيد الأضحى، لا تزال قائمة بلا أي تعديل، لكن لم يُعرف بعد إن كانت زيارة وداعية أم تأتي للرد على كل ما يشاع بأن الملف اللبناني سُحب منها. واستبعدت المصادر أن يشارك فيها، كما يتردد، السفير الأميركي لدى تركيا، اللبناني الأصل توماس برّاك المكلّف، في الوقت نفسه، بمتابعة الملف السوري، وبالتالي يستبعد أن يخلفها كونه يصعب عليه القيام بكل هذه المهام مجتمعة. وقالت مصادر نيابية إن أورتاغوس كانت موضع انتقاد بسبب إملائها الشروط الإسرائيلية على لبنان وحصر لقاءاتها غير الرسمية برئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، إلى جانب الرؤساء الثلاثة، على الرغم من أن السفيرة الأميركية لدى لبنان ليزا جونسون أوحت للذين التقتهم، على هامش عشاء أقامه النائب فؤاد مخزومي على شرف أورتاغوس، بأن ضيق الوقت حال دون توسيع مروحة الاتصالات. وقالت المصادر بأن السفيرة الأميركية وعدت، في حينها، بأن أورتاغوس - وعلى مسمع منها - ستلتقي في زيارتها المقبلة عدداً من القيادات غير الرسمية، وخصت بالذكر الرئيس السابق للحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، لكن الأجواء بينهما سرعان ما توترت على خلفية انتقادها له واضطراره الرد عليها، قبل أن تتحرك الوساطات. لذلك فإن عدم التزام إسرائيل باتفاق وقف النار يبقى عالقاً، بخلاف تنفيذه من الجانب اللبناني وتجاوب «حزب الله» بتسهيل مهمة انتشار الجيش اللبناني بمؤازرة قوات الطوارئ الدولية المؤقتة «يونيفيل» في المناطق التي انسحبت منها، وتعاونه معه في منطقة انتشاره في جنوب الليطاني، باعتراف هيئة الرقابة الدولية المشرفة على وقف النار. وهذا ما يضع من يخلف أورتاغوس، إذا تقرر استبدالها، أمام مسؤولية استكمال تطبيق الاتفاق الذي رعته الولايات المتحدة وفرنسا، برغم أن مصادر الثنائي الشيعي لا تخفي ارتياحها لاستبدالها بتحميلها مسؤولية تخلفها عن دور الوسيط، وعدم ملاحقتها إسرائيل من خلال لجنة الرقابة الدولية لإلزامها باتفاق وقف النار، وانسحابها من الجنوب تمهيداً لتطبيق القرار 1701. ومع أن الثنائي، بحسب مصادره، يراهن على إمكانية تبدُّل الموقف الأميركي بالضغط على إسرائيل لوقف اعتداءاتها، فإنه في المقابل يتخوف من قيامها بتوسيع استهدافها لمناطق جديدة تحت عنوان ملاحقتها لمقاتلي «حزب الله» وتدميرها لمنشآته وبنيته العسكرية الواقعة خارج جنوب الليطاني امتداداً إلى البقاع، ما يؤدي إلى ارتفاع منسوب المخاوف لديه حيال لجوئها إلى تعكير موسم الصيف بتهديد الاستقرار في الجنوب، ما يعيق تحريك العجلة الاقتصادية في الموسم السياحي الواعد. وتتساءل المصادر: لماذا لا تضغط واشنطن على تل أبيب لإلزامها بوقف خروقها أسوة بالضغط الذي تمارسه عليها؛ لمنعها من القيام بأي عمل عسكري يستهدف إيران لتوفير الحماية الأميركية لاستمرار المفاوضات مع إيران، في ظل رهان الإدارة الأميركية على أنها ستبلغ في نهاية المطاف الأهداف المرجوة منها؟ وإلى حين التأكد رسمياً من أن ملف الجنوب سيُسحب من أورتاغوس ويُعبّد الطريق، وسط توقعات لبنانية، أمام ضرورة تبدُّل الموقف الأميركي وعدم إطلاق يد إسرائيل في الجنوب، فإن «حزب الله» يربط استعداده للبحث في مصير سلاحه من ضمن استراتيجية دفاع وطني للبنان، بإلزام إسرائيل بالانسحاب من الجنوب ووقف اعتداءاتها وإطلاق الأسرى اللبنانيين لديها ووضع خطة تتعلق بإعادة إعمار المناطق المدمرة. وتصدّرت خطة إعادة الإعمار تواصل رئيس المجلس النيابي نبيه بري برئيسي الجمهورية العماد جوزيف عون والحكومة نواف سلام، بالتلازم مع استحضارها في لقاء عون بوفد «حزب الله». لكن ربط ملف الإعمار بسحب سلاح «حزب الله» وحصريته بيد الدولة لن يمنع الانصراف لإعادة تأهيل البنى التحتية؛ لأنه من دونها لا يمكن الشروع بإعمار البلدات المدمرة. وزير المال في واشنطن وعلمت «الشرق الأوسط» أن زيارة وزير المال ياسين جابر، برفقة زميله وزير الاقتصاد عامر البساط إلى واشنطن، تمحورت حول تأهيل البنى التحتية بالإفادة من القرض الميسّر من البنك الدولي للبنان وقيمته 250 مليون دولار، وحظيت بتأييده لأن القرض مخصص لهذا الغرض. واستعداداً لتكليف مجلس الإنماء والإعمار، بعد أن أُعيد تشكيل إدارته، بإعداد خطة لتأهيل البنى التحتية، فإن سلام يستعد لاستضافة طاولة مستديرة تُعقد الثلاثاء المقبل في السراي الحكومي، بمشاركة جابر وحضور أكبر حشد من السفراء العرب والأجانب وممثلين للمؤسسات المالية الدولية والهيئات المانحة، تخصص لجمع الهبات للشروع في تأهيلها على أن تصل إلى حدود 750 مليون دولار، تضاف إلى القرض الدولي ليبلغ المجموع مليار دولار لتغطية التكلفة المالية المترتبة على تأهيلها. ويُفترض أن يُستكمل لقاء بيروت بآخر يُعقد مع البنك الدولي في واشنطن بين جابر وإدارة البنك، بمشاركة مجلس الإنماء والإعمار، لإطلاق الضوء الأخضر الدولي للمباشرة بتأهيل البنى التحتية، مع استعداد البنك لزيادة القرض في حال أن الهبات المالية في هذا الخصوص لم تصل إلى المبلغ المقرر، على أن توضع في صندوق خاص يُخصص حصراً لتأهيل البنى التحتية. وبذلك يكون لبنان قد استعد للانتقال من مرحلة التأهيل إلى إعادة الإعمار، ريثما تسمح الظروف المؤدية لحصر السلاح بيد الدولة على قاعدة تطوير التواصل بين عون و«حزب الله»، وصولاً لتزخيم الحوار لبلوغه خواتيمه بتسليم الحزب سلاحه، وأن لا موانع تحول دون البدء بالكشف على الأضرار لإشعار المتضررين عموماً، والجنوبيين خصوصاً، بأن الدولة تولي اهتماماً بإعمار بلداتهم وتتعامل معه، كما يقول بري، على أنه من أولى الأولويات ومن غير الجائز ربطه بالسلاح.


الميادين
منذ 44 دقائق
- الميادين
الولايات المتحدة تتوقّع التوصل إلى اتفاق تجاري مع الهند قريباً
أعرب وزير التجارة الأميركي، هوارد لوتنيك، عن تفاؤله بشأن توصّل بلاده إلى اتفاق تجاري مع الهند "في المستقبل القريب"، لتجنّب الرسوم الجمركية التي يهدّد الرئيس دونالد ترامب بفرضها على نيودلهي. وكان ترامب فرض رسوماً جمركية بنسبة 26% على الصادرات الهندية إلى الولايات المتحدة، لكنّه علّق تنفيذها في التاسع من نيسان/أبريل لمدة 90 يوماً. وتشكّل الولايات المتحدة سوقاً حيوية لقطاعي الخدمات وتكنولوجيا المعلومات للهند، التي تشتري في المقابل كميات كبيرة من العتاد العسكري الأميركي. 2 حزيران 2 حزيران وقبل أشهر، أكدت وكالة "بلومبرغ" الأميركية، نقلاً عن أشخاص مطلعين، أنّ مسؤولين في إدارة رئيس الحكومة الهندية، ناريندرا مودي، رسموا سيناريوهات مختلفة لمواجهة أيّ خطوات قد تتخذها إدارة ترامب لتضييق الفائض التجاري بين البلدين. وأوضح الأشخاص المطلعين أنّ الخطط قيد المناقشة تُعدّ جزءاً من استراتيجية الهند الأوسع لتجنّب أيّ مواجهة مع ترامب، والاستفادة أيضاً من أيّ حرب تجارية محتملة بين الولايات المتحدة والصين. ولفتت مصادر الوكالة إلى أنّ المسؤولين الهنود يدرسون إبرام صفقة تجارية محدودة مع الولايات المتحدة في إطار أحد السيناريوهات المطروحة. وأشارت "بلومبرغ" إلى أنّ نيودلهي كانت قد حاولت تنفيذ هذا السيناريو خلال إدارة ترامب الأولى، ولكن من دون جدوى.