
كمين جباليا المؤلم يُسقط نخبة الاحتلال ويفضح هشاشة السيطرة الإسرائيلية
تقرير - شهاب
في تطور ميداني نوعي، نفذت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، كمينًا معقدًا شرق مخيم جباليا شمالي قطاع غزة، أدى إلى مقتل ثلاثة جنود من وحدة النخبة في جيش الاحتلال وإصابة اثنين آخرين، في ضربة وُصفت داخل الأوساط الإسرائيلية بـ"القاسية والمؤلمة".
لم يكن الكمين عشوائيًا، بل مدروسًا بعناية؛ حيث كشفت التحقيقات أن الطريق الذي سلكته القوة كان حقل ألغام مزروعًا بنحو 20 عبوة ناسفة، في مؤشر على رصد دقيق لتحركات العدو، وقدرة متقدمة على الإعداد والتفخيخ خلال وقت قصير.
هذا الكمين، الذي استغرق إعداده ساعات فقط، قد يكون أحد أبرز فصول حرب الاستنزاف التي تخوضها المقاومة الفلسطينية، والتي تثبت يومًا بعد يوم أن العدو لا يملك السيطرة على الأرض، ولا الأمان على خطوط إمداده، ولا الاطمئنان على وحداته الخاصة، مهما بلغ حجم التوغل أو التدمير، بحسب مراقبين.
ووفق مراقبين، فإن مخيم جباليا، يثبت مرة أخرى، رغم دمار شوارعه وضراوة القصف، أنه أرض عصية على الاجتياح، وأن المقاومة فيه ليست بقايا خلايا مشتتة، بل منظومة عسكرية قادرة على الإعداد، الرصد، الاشتباك، والرد.
"تفاصيل الكمين"
ونشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، تفاصيل كمين وصفته بـ"القاتل"، أودى بحياة ثلاثة جنود من وحدة نخبة في جيش الاحتلال الإسرائيلي خلال عملية توغل في مخيم جباليا شمالي قطاع غزة، مساء أمس.
وبحسب الصحيفة، فقد وقع الهجوم عندما انفجرت عبوة ناسفة أسفل ناقلة جند من طراز "النمر"، ما أدى إلى اشتعال النيران فيها، واستدعت القوة المتوغلة مركبة إطفاء للتعامل مع الحريق، إلا أن جيبًا عسكريًا من طراز "هامر" كان يرافق سيارة الإطفاء تعرّض هو الآخر لتفجير عبوة ناسفة ثانية.
وأوضحت الصحيفة أن الجيب كان يقل خمسة جنود، قُتل ثلاثة منهم على الفور وأصيب اثنان آخران بجروح متفاوتة، وكشفت التحقيقات الأولية أن الطريق الذي سلكته القوة العسكرية كان بمثابة "حقل ألغام"، زُرعت فيه نحو 20 عبوة ناسفة.
وأكدت على أن عملية إخلاء القتلى والجرحى استغرقت وقتًا طويلًا نتيجة صعوبة الوضع الميداني، فيما يحقق جيش الاحتلال في احتمالية أن مقاتلي كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، قد رصدوا مسار القوة صباحًا وقاموا بتفخيخه خلال ساعات النهار، استعدادًا لتفجير الجيب العسكري عند مرور القوة نحو الساعة السابعة مساءً.
ويأتي هذا الكمين في وقت تتكبد فيه قوات الاحتلال خسائر متزايدة خلال عملياتها البرية المتواصلة في مناطق متفرقة من قطاع غزة، خاصة في الشمال، حيث تشير تقارير إسرائيلية متكررة إلى تصاعد وتيرة الهجمات ضد قوات النخبة بجيش الاحتلال.
رسائل ودلالات ميدانية
الباحث في الشأن الإسرائيلي طلعت الخطيب، قال إن العملية التي وقعت شرق مخيم جباليا شمال قطاع غزة، والتي وُصفت بأنها واحدة من أبرز الكمائن في الأيام الأخيرة، تشير إلى تطور ميداني لافت في سياق المواجهة المستمرة مع قوات الاحتلال، وتحمل عدة دلالات استراتيجية، من أبرزها:
- استمرار فعالية المقاومة: أظهرت العملية قدرة المقاتلين الفلسطينيين على تنفيذ هجمات دقيقة من مسافة قريبة، في ظروف ميدانية معقدة، ما يعكس استمرار الفعالية العسكرية رغم الضغط الإسرائيلي المتواصل.
- ثغرات في المناطق التي يُفترض أنها مؤمّنة: تنفيذ الكمين داخل منطقة يُفترض أن قوات الاحتلال تسيطر عليها ميدانيًا، يطرح تساؤلات حول مدى إحكام السيطرة، ويكشف عن اختراقات أمنية استخبارية وتكتيكية.
- تأثير على الروح المعنوية للجنود: استهداف جنود من لواء "غولاني"، وهو من ألوية النخبة في الجيش الإسرائيلي، يُعد ضربة مؤثرة قد تنعكس سلبًا على معنويات القوات وتزيد الضغط على القيادة العسكرية.
- رسالة سياسية وإعلامية: تأتي العملية في توقيت بالغ الحساسية، ما قد يُفهم كرسالة مفادها أن المقاومة لا تزال تملك القدرة على المبادرة الميدانية، بما يعزز موقفها في أي مسارات سياسية أو مفاوضات مستقبلية.
"علامة فارقة في المواجهة"
فيما أكد المختص في الشأن الأمني والعسكري رامي أبو زبيدة أن العملية الأخيرة التي نفذتها المقاومة الفلسطينية في جباليا، وأدت إلى مقتل ثلاثة جنود من وحدة جفعاتي الإسرائيلية، تشكل علامة فارقة في مسار المواجهة، إذ تعكس تطورًا نوعيًا في قدرات التخطيط العملياتي والاستخباري للمقاومة، فضلاً عن كشفها لثغرات عميقة في المنظومة الإسرائيلية.
وأوضح أبو زبيدة في تصريح خاص بوكالة "شهاب" للأنباء، أن الكمين الذي استهدف الجنود الصهاينة لم يكن ضربة عشوائية، بل عملية هندسية مركبة اعتمدت على زرع نحو 20 عبوة ناسفة على محور تحرك القوات، وهو ما يدل على قدرة المقاومة على التحكم في الأرض والتضاريس وتنفيذ كمائن متقدمة ومتعددة النقاط.
وأضاف أن العملية أظهرت تفوقًا استخباريًا تكتيكيًا، حيث بدا أن المقاومة كانت على علم مسبق بمسار التحرك العسكري الإسرائيلي، سواء عبر اختراق أمني أو رصد أرضي محكم. وأشار إلى أن هذا يعكس تطورًا لافتًا في قدرة المقاومة على استثمار الثغرات اللوجستية والفنية لدى العدو.
وأشار أبو زبيدة إلى أن العملية تكشف أيضًا ضعف الجاهزية الإسرائيلية رغم تفوقها التكنولوجي، إذ إن استهداف مركبة "هامر" مكشوفة أثناء مرافقتها ناقلة "نمر" محترقة يبرز هشاشة الخطط الاحتياطية عند الطوارئ، ما يزيد من المخاطر على القوات الإسرائيلية حتى في المناطق التي تعتبرها آمنة.
وحول دلالة النتائج الكبيرة مقارنة بكثافة النيران وطول أمد الحرب، أوضح أبو زبيدة أن استخدام عبوة واحدة (من أصل 20) لإيقاع 3 قتلى وجريحين من جنود النخبة يثبت فعالية المقاومة في تحقيق "أقصى أثر بأقل تكلفة"، وهو ما يهز معادلات الردع الإسرائيلي.
وأكد أبو زبيدة أن العملية تُفشل استراتيجية "التآكل البطيء" التي يعتمدها الجيش الإسرائيلي، إذ تواصل المقاومة تنفيذ عمليات هجومية دفاعية رغم طول أمد الحرب واستخدام إسرائيل لكل أدواتها العسكرية.
وأشار إلى أن استمرار الإرادة القتالية وفعالية التنظيم لدى المقاومة يعكسان جهوزية عالية للصمود والهجوم، ما يؤكد صلابة بنيتها العسكرية.
ولفت إلى أن العملية تُحدث تحولًا في التوازن المعنوي، إذ تفقد القوات الإسرائيلية قدرتها على المبادرة الميدانية، بينما تنجح المقاومة في توسيع فجوة الرعب النفسي والمعنوي لدى الجنود والمجتمع الإسرائيلي، خصوصًا بعد مقتل جنود النخبة في عمليات متكررة.
ووصف أبو زبيدة العملية بأنها نموذج ميداني لاستراتيجية "العضّ من الخاصرة"، حيث استغلت المقاومة خللًا لوجستيًا (احتراق ناقلة) لتوجيه ضربة مركزة، ما يؤكد أن المقاومة لا تحتاج إلى كثافة نيران، بل إلى ذكاء في التوظيف العملياتي، وهو ما يمثل تهديدًا استراتيجيًا طويل الأمد للجيش الإسرائيلي الذي يواجه حربًا لا يمكنه كسبها بالنيران وحدها.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


مصراوي
منذ 42 دقائق
- مصراوي
وزير الخارجية الألماني يستقبل نظيره الإسرائيلي في برلين
برلين- (د ب أ) يستقبل وزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول نظيره الإسرائيلي جدعون سار في برلين اليوم الخميس على خلفية الأزمة الإنسانية في قطاع غزة. ويزور الوزيران صباح اليوم النصب التذكاري للهولوكوست ويضعان إكليلًا من الزهور على النصب التذكاري لضحايا يهود أوروبا. ويُخلّد نصب "شتيلنفيلد" ومركز معلومات تحت الأرض بالقرب من بوابة براندنبورج التاريخية ذكرى ما يقرب من ستة ملايين يهودي قُتلوا في ظل الحكم النازي. ومن المقرر أن يجري الوزيران لاحقا محادثات سياسية. وكان فاديفول قد التقى سار في 11 مايو الماضي خلال زيارته الرسمية الأولى لإسرائيل، ومن المرجح أن تتناول المناقشات أيضا الانتشار العسكري الإسرائيلي العنيف والوضع الكارثي للسكان المدنيين في قطاع غزة. ووعد فايدفول إسرائيل بمزيد من المساعدات العسكرية في البرلمان الألماني (بوندستاج) أمس الأربعاء. وقال فاديفول إن هذه المساعدات ضرورية في ضوء الإرهاب الذي تمارسه حركة حماس، بالإضافة إلى هجمات الحوثي الموالية لإيران من اليمن وحزب الله من لبنان. وفي السابق، أثار فاديفول استياء حتى داخل صفوف حزبه المسيحي الديمقراطي بتصريحات في صحيفة "زود دويتشه تسايتونج"، والتي رهن فيها توريد أسلحة لإسرائيل بمراجعة العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة بموجب القانون الدولي.

مصرس
منذ ساعة واحدة
- مصرس
استشهاد 10 فلسطينيين في غارات إسرائيلية على قطاع غزة
أكدت مصادر طبية في قطاع غزة، اليوم الخميس، استشهاد 10 أشخاص على الأقل في غارات إسرائيلية، وفقا لسكاي نيوز. وأعلنت وسائل إعلام فلسطينية، اليوم الخميس، أن قوات الاحتلال قصفت بمدفعيتها المناطق الشمالية لمخيم النصيرات وسط قطاع غزة.يذكر أن حركة حماس أدانت بأشد العبارات استخدام الولايات المتحدة حق النقض "الفيتو" ضد مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي يطالب بوقف إطلاق النار في غزة.وقالت إن الفيتو الأمريكي يجسد انحياز الإدارة الأمريكية الأعمى لحكومة الاحتلال الفاشية، ويدعم جرائمها ضد الإنسانية التي ترتكبها في قطاع غزة.وشددت الحركة على أنها تستهجن بشدة أن تتصدى الإدارة الأمريكية لإرادة العالم بأسره، إذ أيدت 14 دولة من أصل 15 في مجلس الأمن القرار، بينما انفردت الولايات المتحدة بمعارضته، في موقف متعجرف يعكس استهتارها بالقانون الدولي، ورفضها التام لأي مسعى دولي لوقف نزيف الدم الفلسطيني.وقالت حماس، إن هذا الموقف الأمريكي يشكل ضوءًا أخضر لمجرم الحرب نتنياهو المطلوب لمحكمة الجنايات الدولية، لمواصلة حرب الإبادة الوحشية ضد المدنيين الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ في قطاع غزة، بما يؤكد شراكتها الكاملة في هذه الجريمة المستمرة.وأوضحت أن ما قدمته ممثلة الولايات المتحدة في مجلس الأمن خلال جلسة التصويت، لم يكن إلا استمرارًا لنهج التضليل وقلب الحقائق الذي تنتهجه واشنطن، وتنكرا لحقوق شعبنا الفلسطيني المشروعة في مقاومة الاحتلال وتقرير المصير.وأشارت إلى أن فشل مجلس الأمن الدولي في إيقاف حرب الإبادة المستمرة منذ عشرين شهرا، وعجزه عن كسر الحصار وإدخال المواد الغذائية إلى المدنيين المجوعين في القطاع، يثير تساؤلات جوهرية حول دور مؤسسات المجتمع الدولي، وجدوى القوانين والمواثيق الدولية التي يواصل الاحتلال انتهاكها يومًا بعد يوم دون أي مساءلة أو تحرك فعلي.ودعت حماس المجتمع الدولي إلى التحرك العاجل لتدارك هذا الانهيار الأخلاقي والسياسي، والضغط من أجل وقف فوري لحرب الإبادة، ومحاسبة قادة الاحتلال على جرائمهم بحق شعبنا الفلسطيني.


مصراوي
منذ 2 ساعات
- مصراوي
استشهاد 10 فلسطينيين في غارات إسرائيلية على قطاع غزة
وكالات أكدت مصادر طبية في قطاع غزة، اليوم الخميس، استشهاد 10 أشخاص على الأقل في غارات إسرائيلية، وفقا لسكاي نيوز. وأعلنت وسائل إعلام فلسطينية، اليوم الخميس، أن قوات الاحتلال قصفت بمدفعيتها المناطق الشمالية لمخيم النصيرات وسط قطاع غزة. يذكر أن حركة حماس أدانت بأشد العبارات استخدام الولايات المتحدة حق النقض "الفيتو" ضد مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي يطالب بوقف إطلاق النار في غزة. وقالت إن الفيتو الأمريكي يجسد انحياز الإدارة الأمريكية الأعمى لحكومة الاحتلال الفاشية، ويدعم جرائمها ضد الإنسانية التي ترتكبها في قطاع غزة. وشددت الحركة على أنها تستهجن بشدة أن تتصدى الإدارة الأمريكية لإرادة العالم بأسره، إذ أيدت 14 دولة من أصل 15 في مجلس الأمن القرار، بينما انفردت الولايات المتحدة بمعارضته، في موقف متعجرف يعكس استهتارها بالقانون الدولي، ورفضها التام لأي مسعى دولي لوقف نزيف الدم الفلسطيني. وقالت حماس، إن هذا الموقف الأمريكي يشكل ضوءًا أخضر لمجرم الحرب نتنياهو المطلوب لمحكمة الجنايات الدولية، لمواصلة حرب الإبادة الوحشية ضد المدنيين الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ في قطاع غزة، بما يؤكد شراكتها الكاملة في هذه الجريمة المستمرة. وأوضحت أن ما قدمته ممثلة الولايات المتحدة في مجلس الأمن خلال جلسة التصويت، لم يكن إلا استمرارًا لنهج التضليل وقلب الحقائق الذي تنتهجه واشنطن، وتنكرا لحقوق شعبنا الفلسطيني المشروعة في مقاومة الاحتلال وتقرير المصير. وأشارت إلى أن فشل مجلس الأمن الدولي في إيقاف حرب الإبادة المستمرة منذ عشرين شهرا، وعجزه عن كسر الحصار وإدخال المواد الغذائية إلى المدنيين المجوعين في القطاع، يثير تساؤلات جوهرية حول دور مؤسسات المجتمع الدولي، وجدوى القوانين والمواثيق الدولية التي يواصل الاحتلال انتهاكها يومًا بعد يوم دون أي مساءلة أو تحرك فعلي. ودعت حماس المجتمع الدولي إلى التحرك العاجل لتدارك هذا الانهيار الأخلاقي والسياسي، والضغط من أجل وقف فوري لحرب الإبادة، ومحاسبة قادة الاحتلال على جرائمهم بحق شعبنا الفلسطيني.