
من أين يأتي اليقين بزوال إسرائيل؟
كتب حلمي الأسمر - يبدو كيان العدو الصهيوني اليوم في أوج "عظمته" وجبروته وعلّوه، يضرب في كلّ مكان، ويظهر كمن يهيمن على سماء المنطقة العربية، بل تمتدّ "يده الطويلة" إلى أبعد وأبعد، وتصريحات مسؤوليه مليئة بالخيلاء والفخر، وحتى "الفجور"، خصوصاً بعد حرب الـ12 يوماً مع إيران، وشهوة تحقيق الحلم التوراتي بامتداد الكيان من النيل إلى الفرات لم تعد حبيسة كُتبهم وكُنسهم، بل امتدّت إلى المخيال الشعبي، وصار عادياً أن يتحدّث حتى العوام في الكيان عن قرب تحقيق هذا الحلم، بل إنه أصبح "برنامج عمل" لدى بعض أحزابهم الأكثر يمينية وتطرّفاً.
وفي هذه اللحظة التي يمكن أن نسمّيها تجوّزاً لحظة "الشعور الوطني المنتفخ" لدى العقل الجمعي الصهيوني، ثمّة من يتحدّث، في "الجانب الآخر" من المشهد، عن قرب زوال "إسرائيل"، بعدما وصلت لحظة العلو الأكبر التي ليس بعدها من علوٍّ إلى الانهيار.
اللافت هنا أنك لا تسمع هذا الكلام من عوام العرب والمسلمين فقط، بل يمتدّ هذا الاعتقاد إلى باحثين ودارسين ومتخصّصين في علم الدراسات المستقبلية، فضلاً عن علماء دين ومفسّرين متخصّصين في استبطان (وتفسير) آيات القرآن الكريم، التي تتحدّث عن "وعد الآخرة"، وبداية زوال الكيان.
كما يلفت النظر هنا اليقين الذي يجري بلسان منكوبي غزّة، ممّن تهدّمت بيوتهم، وفقدوا مقوّمات الحياة، بل إن الحياة نفسها لم تعد متاحةً لغالبيتهم الساحقة، في ظلّ حرب التجويع والقتل والتعطيش والتشريد والمطاردة والنزوح. ومع هذا تجد من يتحدّث عن قرب العودة إلى قريته الممحوة في يافا، أو بيته الذي لم يعد موجوداً في صفد.
هذه "الميتافيزيقيا" الفلسطينية بحاجة إلى دراسة في أبعادها الدينية والاجتماعية والسياسية، بالقدر الذي تحتاج للدراسة تلك الحالة الصهيونية التلمودية في الجانب الآخر. يقول أحد أبطال رواية "الزمن الأصفر"، للكاتب العبري ديفيد غروسمان، إن الأرض المقدّسة (فلسطين) تشبه قارباً في البحر، فيه شخصان، وكي ينجو أحدهما لا بدّ من أن يغرق الآخر.
تختصر هذه الصورة المشهد الكلّي للاعتقادين آنفي الذكر، فلا مكان على هذه الأرض لاثنين، إمّا نحن أو هم، فهي لا تتسّع إلا لشعب واحد، وقلّة قليلة من كلا الطرفَين (لم تعد تكاد تُرى)، لم تزل تعتقد بإمكانية التعايش بين "الشعبَين". وفي ما يبدو، خاصّة بعد زلزال "7 أكتوبر" (2023)، انقرضت هذه الفئة أو كادت، وهيمنت في الطرفَين عقيدة زوال الطرف الآخر.
في منطق التاريخ، كيان العدو لا مستقبل له، فهو نقطة في بحر "معادٍ" هادر، حتى لو امتدّ بقاء الكيان قرناً آخر، ولكن الحديث هنا عن "اليوم التالي" بتعبير الساسة، يعني هناك اعتقاد لدى الطرفَين بقرب زوال الطرف الآخر "غداً"، وهذا الغد ليس بعيداً أو مختفياً في ضباب الغيب البعيد، بل هو قاب قوسين أو أدنى من التحقّق، فأين الحقيقة في هذا المشهد السوريالي الأقرب إلى المستحيل وفق المنظور الواقعي؟ تبدو "دولة" الاحتلال كمن دخل في الحائط، ففرط القوة التي تتمتّع بها تبدو غير ذات فاعلية أمام فرط الضعف الذي يتحلّى به "عدوها" يبدو أن كلّا من الطرفين ينتظر "معجزةً" تحسم الأمر، وتنهي المشهد لصالح أحدهما.
وبما أن المعجزات لم تعد تحصل في دنيا الواقع، فلا بدّ أن حزمة من العوامل والمفاعيل العملية على الأرض ستحسم الأمر، وفي وسع أيّ عاقل اليوم أن يرى أن "دولة" الاحتلال هي كمن دخل في الحائط، ففرط القوة التي تتمتّع بها تبدو غير ذات فاعلية أمام فرط الضعف الذي يتحلّى به "عدوها"، وهو هنا ما نسمّيها نحن "المقاومة"، وهي في المعيار الفيزيائي لا تساوي شيئاً أمام قوة الكيان، فهو يتمتّع بدعم نحو أكثر من نصف قوى العالم، فثمّة جسور جوّية تعمل لمدّه بكلّ ما يحتاج من سلاح وذخائر وقطع غيار وخبراء لآلته العسكرية، وثمّة "غطاء" يحميه من المساءلة القانونية الدولية، وثمّة "فيتو" جاهز لمنع أي تفعيل للبند السابع من ميثاق الأمم المتحدة، بل ثمّة نظام عربي رسمي تجاوز مرحلة التواطؤ والخذلان إلى مرحلة الدعم المباشر، ويرافق هذا دعم عربي وغربي اقتصادي منع عملته "الوطنية" (الشيكل) من الانهيار، بفضل إجراءات حمائية ذات أذرع متعدّدة.
ومع هذا الدعم اللامحدود كلّه، يفشل الكيان في حسم معركته مع 300 كيلومتر ونيّف من الأرض، تضمّ مقاومة حوصرت نحو 17 عاماً جواً وبحراً وبرّاً، فيما "يحسم" أمره مع جيوش ودول في ستّة أيام أو ساعات، و13 يوماً مع دولة شبه نووية.
وقعت "المعجزة" التي ننتظر حدوثها بالفعل، وهي صمود غزّة أمام هذه الجحافل المقاتلة من الصهاينة اليهود والعرب والغربيين، حينما يجلس رئيس أكبر دولة قرب الهاتف ينتظر ردّ أولئك المحاصرين في أنفاق غزّة على مقترحات "هدنة" صاغها مبعوثه، فهذا المشهد هو ما يمكن أن يكون مفتاح فهمنا ما يجري، وربّما يجيب عن سؤال من الذي سيكون موجوداً في "اليوم التالي"، وبالتالي، عن سرّ اليقين الفلسطيني والعربي والإسلامي بحتمية زوال إسرائيل.
أمّا كيف ومتى على وجه التحديد، فتلك حكاية أخرى، لكن ما هو مؤكّد أن غداً أقرب كثيراً ممّا نتصوّر.
تابعو الأردن 24 على

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

الدستور
منذ 6 ساعات
- الدستور
عجلون : حوارية في قسم الشؤون النسائية حول العنف الأسري واقع وحلول
عجلون - علي القضاة ضمن مبادرة وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية ( اسرتي مسؤوليتي ) نظم قسم الشؤون النسائية في عجلون حوارية بعنوان " العنف الأسري واقع وحلول " في قاعة القسم تحدثت فيها مستشارة وزير الأوقاف الدكتورة ريما الشهوان بحضور زهاء 50 سيدة من واعظات ومشرفات تلاوة وطالبات دور القرآن الكريم. وقالت شهوان العنف الأسري مشكلة عالمية ذات آثار مدمرة على الأفراد والمجتمعات مشيرة العنف الأسري ليس مشكلة مقتصرة على منطقة أو ثقافة معينة، بل هو ظاهرة عالمية تؤثر على الأفراد من جميع الأعمار والخلفيات الاجتماعية والاقتصادية لافتة لاشكل العنف الأسري ومنها العنف الجسدي، والعنف اللفظي، والعنف النفسي، والعنف الجنسي، والحرمان الاقتصادي. واضافت يترك العنف الأسري آثارًا سلبية على الصحة الجسدية والنفسية للضحايا، وعلى علاقاتهم الاجتماعية، وعلى مستوى أدائهم في العمل أو الدراسة، وعلى استقرار الأسرة والمجتمع ككل. واستعرضت الشهوان الحلول والمقترحة ومنها التوعية والتثقيف حيث ان زيادة الوعي حول العنف الأسري وأسبابه وعواقبه، وتغيير المفاهيم الخاطئة حوله الى جانب تدريب الأفراد على مهارات حل النزاعات والتعامل مع الضغوط النفسية. وتوفير الدعم للضحايا توفير المساعدة القانونية والنفسية والاجتماعية للناجين من العنف الأسري، وإنشاء مراكز إيواء آمنة للنساء والأطفال الذين يتعرضون للعنف وتغيير القوانين الصارمة بحيث تجرم العنف الأسري وتوفر الحماية للضحايا، وتطبيق هذه القوانين بفعالية. إشراك المجتمع: واكدت شهوان أهمية تعزيز دور المؤسسات الاجتماعية والدينية والإعلامية في التوعية بمخاطر العنف الأسري، وتشجيع التعاون بين هذه المؤسسات والجهات المعنية والعمل على مستوى الأسرة وتعزيز التواصل الصحي بين أفراد الأسرة، وتدريب الآباء على مهارات الأبوة الإيجابية، وتشجيع الحوار المفتوح داخل مشيرة الى ان المحاضرات تساهم في زيادة الوعي حول العنف الأسري وأسبابه وعواقبه. وأكد شه ان ان أهم خطوة للحد من ظاهرة العنف الأسري هي العمل على إعداد أمهات وآباء اعدادا ايجابيا من خلال تهيئتهم لخوض الحياة الزوجية بنجاح وتوجيههم بالتعامل الصحيح مع أبنائهم وذلك بتعزيز التوعية المجتمعية بمختلف الوسائل. ولفتت الى أهمية بناء جسور التواصل والتفاهم بين الأهالي وأطفالهم والابتعاد عن صيغ الأمر والنهي في تربية الأطفال والاستعاضة عن ذلك بخلق أجواء من الوئام والتفاهم لتوعية الأطفال بالسلوكيات الخاطئة . من جانبها قالت رئيسة القسم بثينه المومني في مستهل اللقاء أن للأسرة دور مهم في التصدي لظاهرة العنف من خلال تعزيز مبدأ العدالة والمساواة بين الأبناء، مشيرة الى انعكاسات العنف عليهم وتأثر شخصياتهم وميولهم، وكذلك تؤثر على تحصيلهم الدراسي ونموهم السلوكي والقيمي مؤكدة أهمية التوعية والإرشاد المبكر لتلافي أي عنف قد يتعرض له أي إنسان مستقبلاً، مشددة على دور المدارس والجمعيات الأهلية والإجتماعية في التحضير لبناء الأسرة الصالحة. وفي نهاية الحوارية دار حوار بين الدكتورة شهوان والحضور .

الدستور
منذ 2 أيام
- الدستور
نماذج وقضايا في التعليم العالي... تسليط الضوء على التعليم في عصر التحولات الكبرى.. لخليف الطراونة و هبة أبو عيادة
عمّان - الدستور - عمر أبو الهيجاء يركز كتاب "نماذج وقضايا في التعليم العالي" أ. د. خليف الطراونة ود. هبة أبو عيادة على أهمية التعليم العالي كأحد الركائز الأساسية لتقدّم المجتمعات وبناء الإنسان القادر على الإسهام في تنمية وطنه ومواجهة تحديات العصر، بخاصة مع تطوّر العولمة والتحولات التكنولوجية والاقتصادية، التي أدت إلى أن تواجه منظومة التعليم العالي ضغوطًا متزايدة تدفعها إلى إعادة النظر في أدوارها، ونماذجها، وآلياتها. تضمن الكتاب الصادر عن "الآن ناشرون وموزعون" في الأردن (2025)، تسعة فصول، حمل الفصل الأول عنوان "الإبداع والابتكار ودوره في تعزيز دور الجامعات نحو الريادية"، وأكد فيه الباحثان على أن الفكر القيادي الذي يؤمن بالإبداع والابتكار، والعمل الجماعي التشاركي، يخطو خطى واسعة وواثقة نحو تحقيق الأهداف، ويرسم صورة متناسقة للمنظمة، وينشر القيم الإيجابية التي تخلق مناخاً تنظيماً منفتحاً. وجاء الفصل الثاني بعنوان "الجودة في التعليم العالي، ليؤكد على أن الجودة بمفهومها المطلق يدل على التميز في الأداء بكافة الجوانب، وأن مؤسسات التعليم العالي من أكثر المؤسسات حاجة لتطبيق الجودة لما له من أثر في بناء مستقبل الشباب، حيث تقوم هذه المؤسسات بهيكلة خريجيها وفق ما يحتاجه الوطن والعالم من مخرجات عملية وعلمية، فالأجدر بكل قطاعات الدولة أن تحشد جهودها وإمكاناتها المادية والمعنوية للارتقاء بجودة هذه المؤسسات، وجعل السوق العالمي يستقطب خريجيها لما لديهم من قيم وعلوم استقوها من جامعاتهم، التي بدورها احتضنتهم ولبت متطلباتهم وواءمت بينها وبين متطلبات السوق المحلي والعالمي ككل. وتضمن الفصل الثالث "الأخلاقيات المهنية في التعليم العالي" أهمية المنظومة الأخلاقية في سير العملية التعليمية، مؤكداً أن الأخلاق ركيزة أساسية لتأسيس العلاقات الإيجابية بين الأفراد ضمن دستور أخلاقي قانوني يحدد مبادئ مهمة للسلوك المرتبطة بمعايير السلوك الجيد أو غير الجيد، أو السلوك الصحيح والسلوك الخطأ في تصرفات الأفراد والجماعة، لذا فقد عني الإسلام بهذا الجانب المهم، فالأخلاق الإسلامية التي تتحكم في العمل تقوم على أساس قوى وقاعدة صلبة وهما القرآن الكريم الذي تكفل الله سبحانه وتعالى بحفظه، والسنة المطهرة. وناقش الفصل الرابع موضوع "الجامعة المنتجة"، حيث أوضح الطراونة وعيادة أهمية تحقيق التقدّم في المجتمعات المختلفة والذي يتوقف على قدرة هذه المجتمعات على إعداد وتنمية مواردها البشرية، ولا يتم ذلك إلا عن طريق إيجاد نظام تعليمي متميز وقادر على تحقيق التنمية في جميع المجالات. موضحان أن تنمية الموارد البشرية تتحقق من خلال التعليم الذي يشكل المحك الرئيسي لإعداد هذه القوى، وتعد الجامعات من أهم المؤسسات التي تؤثر في إعداد النشء القادر على النهوض بأمته ووطنه، كما ويقع على كاهل القائمين على إدارة هذه الجامعات مسؤولية كبيرة تتمثل في حُسن استثمار جميع الموارد المادية والبشرية المتاحة من أجل تحقيق أهدافها. أما الفصل الخامس "التعليم الإلكتروني"، فألقى الضوء على أهمية الانتباه إلى أن عصراً جديداً في تاريخ التعليم الجامعي قد بدأ، وإن العامل الحاسم في الحياة المجتمعية سيتمحور حول المعرفة، حيث إن نواة التنظيم الاجتماعي والمؤسسة الاجتماعية الرئيسة لمجتمع الغد ستتمحور حول الجامعة بوصفها مركزاً لإنتاج التراكم المعرفي، وأشار الباحثان إلى أن التقدم التكنولوجي انعكس على التعليم وبشكل خاص على تكنولوجيا التعليم حيث أدى إلى وفرة معلومات في جميع التخصصات، كما أدى إلى ظهور مهارات وأساليب وتقنيات وتطبيقات حديثة أصبحت جزء لا يتجزأ من المجتمعات الحديثة، الأمر الذي جعل التربويين يسعون إلى تطوير أساليب التعليم والتعلم للوصول بالفرد المتعلم إلى اكتساب المعلومات بنفسه، والتغلب على مشكلات التعليم التقليدي وبعض المشكلات التربوية المعاصرة مثل الانفجار السكاني، والتقدم المتصارع في مجالات المعرفة. وناقش الفصل السادس أهمية "الحريات الأكاديمية"، ودعا فيه الطراونة وعيادة صانعي القرار إلى أهمية توسيع هامش الحرية الأكاديمية في مجال البحث العلمي لأعضاء هيئة التدريس، وتهيئة الظروف لتشجيعهم، مؤكدان أنه يجب على الجامعات، تنظيم ندوات حول تعزيز وممارسة الحرية الأكاديمية لأعضاء هيئة التدريس، والسماح لهم بالترويج للحرية في مناهج الدورات التي يدرسونها والحق في اختيار الدورات، وتشجيعهم على الانضمام إلى الجمعيات العلمية في مجالات تخصصهم. وألقى الكتاب في الفصل السابع الضوء على "استقلالية الجامعات"، مؤكداً أن فكرة استقلالية الجامعات والتعليم العالي والبحث العلمي تاريخياً ارتبطت بمسألة الاستقلال الذاتي التي تعني الإدارة الذاتية الداخلية عن طريق هيئات وأنظمة يضعها أساتذتها، وأن استقلالية الجامعات مسألة ترتبط قبل كل شيء بمهام الجامعات ووظائفها، وأداء هذه المهام والوظائف على أفضل وجه. وتضمن الفصل الثامن نقاشاً حول "واقع التمويل الجامعي"، وأشار فيه الباحثان إلى اهتمام العديد من الأبحاث بمفهوم التمويل الجامعي بجميع أشكاله، لما له من أثر واضح في تحقيق الجامعات لأهدافها التي من أهمها إعداد الفرد المؤهل لخدمة نفسه ووطنه، على اعتبار ذلك استثماراً ناجحاً في رأس المال البشري، وقد تم ذكر مصادر تمويلية متعددة لمؤسسات التعليم الجامعي في البلاد العربية والتي تبين أنها تعتمد بشكل أساسي على التمويل الحكومي في معظم الدول، وتطرق الطراونة وعيادة إلى العوامل المؤثرة في التعليم الجامعي، كذلك ناقشا العديد من التحديات في عملية التمويل، من أهمها التطورات التكنولوجية السريعة والمتتالية، وتزايد أعداد الطلاب الملتحقين بالجامعات، وارتفاع تكلفة الطالب الجامعي، بالإضافة إلى عدم استثمار الإمكانات المادية والبشرية الموجودة بصورة فاعلة، مما تطلَب الاهتمام لمواجهة هذه التحديات، والعمل بفاعلية لإيجاد مصادر تمويلية غير تقليدية بديلة تعتمد على عوامل مرتبطة بالمجتمع منها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية. أما الفصل التاسع والأخير فخصص للحديث عن "حاضنات الأعمال الجامعية"، وأوضحا فيه الباحثان أن حاضنات الأعمال تعد من التجارب المتميزة والناجحة التي يمكن الاستفادة منها في تحقيق التنمية للمجتمع بكل أبعادها الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، ومن ثم يمكن استخدامها وتوظيفها في التنمية المستدامة وخاصة في حال إنشائها داخل الجامعات حيث التبعية العلمية والإشراف العلمي مع استغلال كافة الإمكانات المادية والتكنولوجية والبشرية المتاحة في الجامعات، مما يسهم في إنجاز ما تصبو له الجامعات من تنمية وتحقيق واحد من أهم أهدافها وهو خدمة المجتمع. يذكر أن الدكتور خليف الطراونة أكاديمي أردني بارز، شغل عدة مناصب قيادية في قطاع التعليم العالي، حصل على درجة الدكتوراة في الإدارة التربوية، بالإضافة إلى درجات علمية في الإدارة العامة، تولى رئاسة الجامعة الأردنية بين عامي (2012) و (2016)، كما شغل منصب رئيس جامعة البلقاء التطبيقية سابقاَ، وشغل رئيس هيئة اعتماد مؤسسات التعليم وضمان جودتها ،وله إسهامات كبيرة في تطوير التعليم العالي، خاصة في مجالات الجودة والابتكار والريادة الأكاديمية. الدكتورة "هبة أبو عيادة" حاصلة على درجة البكالوريوس من الجامعة الأردنية ولها إسهامات بحثية، شغلت مناصب قيادية، وشاركت في تأليف عدة كتب في مجالات القيادة التربوية وتطوير التعليم.


جو 24
منذ 3 أيام
- جو 24
من أين يأتي اليقين بزوال إسرائيل؟
جو 24 : كتب حلمي الأسمر - يبدو كيان العدو الصهيوني اليوم في أوج "عظمته" وجبروته وعلّوه، يضرب في كلّ مكان، ويظهر كمن يهيمن على سماء المنطقة العربية، بل تمتدّ "يده الطويلة" إلى أبعد وأبعد، وتصريحات مسؤوليه مليئة بالخيلاء والفخر، وحتى "الفجور"، خصوصاً بعد حرب الـ12 يوماً مع إيران، وشهوة تحقيق الحلم التوراتي بامتداد الكيان من النيل إلى الفرات لم تعد حبيسة كُتبهم وكُنسهم، بل امتدّت إلى المخيال الشعبي، وصار عادياً أن يتحدّث حتى العوام في الكيان عن قرب تحقيق هذا الحلم، بل إنه أصبح "برنامج عمل" لدى بعض أحزابهم الأكثر يمينية وتطرّفاً. وفي هذه اللحظة التي يمكن أن نسمّيها تجوّزاً لحظة "الشعور الوطني المنتفخ" لدى العقل الجمعي الصهيوني، ثمّة من يتحدّث، في "الجانب الآخر" من المشهد، عن قرب زوال "إسرائيل"، بعدما وصلت لحظة العلو الأكبر التي ليس بعدها من علوٍّ إلى الانهيار. اللافت هنا أنك لا تسمع هذا الكلام من عوام العرب والمسلمين فقط، بل يمتدّ هذا الاعتقاد إلى باحثين ودارسين ومتخصّصين في علم الدراسات المستقبلية، فضلاً عن علماء دين ومفسّرين متخصّصين في استبطان (وتفسير) آيات القرآن الكريم، التي تتحدّث عن "وعد الآخرة"، وبداية زوال الكيان. كما يلفت النظر هنا اليقين الذي يجري بلسان منكوبي غزّة، ممّن تهدّمت بيوتهم، وفقدوا مقوّمات الحياة، بل إن الحياة نفسها لم تعد متاحةً لغالبيتهم الساحقة، في ظلّ حرب التجويع والقتل والتعطيش والتشريد والمطاردة والنزوح. ومع هذا تجد من يتحدّث عن قرب العودة إلى قريته الممحوة في يافا، أو بيته الذي لم يعد موجوداً في صفد. هذه "الميتافيزيقيا" الفلسطينية بحاجة إلى دراسة في أبعادها الدينية والاجتماعية والسياسية، بالقدر الذي تحتاج للدراسة تلك الحالة الصهيونية التلمودية في الجانب الآخر. يقول أحد أبطال رواية "الزمن الأصفر"، للكاتب العبري ديفيد غروسمان، إن الأرض المقدّسة (فلسطين) تشبه قارباً في البحر، فيه شخصان، وكي ينجو أحدهما لا بدّ من أن يغرق الآخر. تختصر هذه الصورة المشهد الكلّي للاعتقادين آنفي الذكر، فلا مكان على هذه الأرض لاثنين، إمّا نحن أو هم، فهي لا تتسّع إلا لشعب واحد، وقلّة قليلة من كلا الطرفَين (لم تعد تكاد تُرى)، لم تزل تعتقد بإمكانية التعايش بين "الشعبَين". وفي ما يبدو، خاصّة بعد زلزال "7 أكتوبر" (2023)، انقرضت هذه الفئة أو كادت، وهيمنت في الطرفَين عقيدة زوال الطرف الآخر. في منطق التاريخ، كيان العدو لا مستقبل له، فهو نقطة في بحر "معادٍ" هادر، حتى لو امتدّ بقاء الكيان قرناً آخر، ولكن الحديث هنا عن "اليوم التالي" بتعبير الساسة، يعني هناك اعتقاد لدى الطرفَين بقرب زوال الطرف الآخر "غداً"، وهذا الغد ليس بعيداً أو مختفياً في ضباب الغيب البعيد، بل هو قاب قوسين أو أدنى من التحقّق، فأين الحقيقة في هذا المشهد السوريالي الأقرب إلى المستحيل وفق المنظور الواقعي؟ تبدو "دولة" الاحتلال كمن دخل في الحائط، ففرط القوة التي تتمتّع بها تبدو غير ذات فاعلية أمام فرط الضعف الذي يتحلّى به "عدوها" يبدو أن كلّا من الطرفين ينتظر "معجزةً" تحسم الأمر، وتنهي المشهد لصالح أحدهما. وبما أن المعجزات لم تعد تحصل في دنيا الواقع، فلا بدّ أن حزمة من العوامل والمفاعيل العملية على الأرض ستحسم الأمر، وفي وسع أيّ عاقل اليوم أن يرى أن "دولة" الاحتلال هي كمن دخل في الحائط، ففرط القوة التي تتمتّع بها تبدو غير ذات فاعلية أمام فرط الضعف الذي يتحلّى به "عدوها"، وهو هنا ما نسمّيها نحن "المقاومة"، وهي في المعيار الفيزيائي لا تساوي شيئاً أمام قوة الكيان، فهو يتمتّع بدعم نحو أكثر من نصف قوى العالم، فثمّة جسور جوّية تعمل لمدّه بكلّ ما يحتاج من سلاح وذخائر وقطع غيار وخبراء لآلته العسكرية، وثمّة "غطاء" يحميه من المساءلة القانونية الدولية، وثمّة "فيتو" جاهز لمنع أي تفعيل للبند السابع من ميثاق الأمم المتحدة، بل ثمّة نظام عربي رسمي تجاوز مرحلة التواطؤ والخذلان إلى مرحلة الدعم المباشر، ويرافق هذا دعم عربي وغربي اقتصادي منع عملته "الوطنية" (الشيكل) من الانهيار، بفضل إجراءات حمائية ذات أذرع متعدّدة. ومع هذا الدعم اللامحدود كلّه، يفشل الكيان في حسم معركته مع 300 كيلومتر ونيّف من الأرض، تضمّ مقاومة حوصرت نحو 17 عاماً جواً وبحراً وبرّاً، فيما "يحسم" أمره مع جيوش ودول في ستّة أيام أو ساعات، و13 يوماً مع دولة شبه نووية. وقعت "المعجزة" التي ننتظر حدوثها بالفعل، وهي صمود غزّة أمام هذه الجحافل المقاتلة من الصهاينة اليهود والعرب والغربيين، حينما يجلس رئيس أكبر دولة قرب الهاتف ينتظر ردّ أولئك المحاصرين في أنفاق غزّة على مقترحات "هدنة" صاغها مبعوثه، فهذا المشهد هو ما يمكن أن يكون مفتاح فهمنا ما يجري، وربّما يجيب عن سؤال من الذي سيكون موجوداً في "اليوم التالي"، وبالتالي، عن سرّ اليقين الفلسطيني والعربي والإسلامي بحتمية زوال إسرائيل. أمّا كيف ومتى على وجه التحديد، فتلك حكاية أخرى، لكن ما هو مؤكّد أن غداً أقرب كثيراً ممّا نتصوّر. تابعو الأردن 24 على