
الصين تتكلم.. كيف ستواجه الحروب المقبلة؟
لم تكن وثيقة تقنية بحتة، بل بيانا سياسيا بلغة جديدة أرادت بكين من خلاله مخاطبة الداخل والخارج معا. جاء هذا التحول بعد أن نجحت إصلاحات الرئيس الصيني، دينغ شياو بينغ، في انتشال البلاد من عزلتها الطويلة، لتتحول من قوة إقليمية حذرة إلى لاعب عالمي يختبر لأول مرة لغة الثقة في مخاطبة الآخرين.
سيفتح هذا الإصدار الباب لسلسة من الإصدارات التي أتت لاحقا، سميت "الكتب البيضاء". فمع النمو الاقتصادي المتسارع للصين، راحت دوائر غربية تطرح أسئلة قلقة حول طبيعة هذا الصعود ومكونه العسكري، ليولد مفهوم "التهديد الصيني" في الفكر الإستراتيجي الغربي.
ومن ثمّ؛ أرادت بكين أن تكسر هذه الصورة عبر وثائق رسمية تعلن فيها نيتها، وتُظهر أنها قوة مسؤولة تحافظ على الوضع القائم. كما سعت من خلالها إلى تعزيز الشفافية -ولو جزئيا- وإلى دمج نفسها في النظام الدولي عبر تقديم نظرة عامة عن سياساتها الدفاعية وتطور جيش التحرير الشعبي.
في المقابل، أرادت الصين التعبير للعالم بقدر من الوضوح عن مخاوفها الأمنية والتهديدات التي تعمل على مواجهتها أو إحباطها. وفي الداخل أيضا، أدت هذه الكتب وظيفة تعبوية وطنية، إذ استخدمتها الحكومة لتعميق الوعي الدفاعي لدى المواطنين وتعزيز التماسك الوطني، وتبرير الإنفاق الحكومي المرتفع على المسارات الأمنية.
وفي أجواء ما بعد الحرب الباردة، ومع تنامي الثقة الدولية بإصلاحات دينغ، وجد الغرب في الصين شريكًا اقتصاديًا واعدًا، ففُتحت أمامها الأبواب تدريجيًا نحو المؤسسات الاقتصادية العالمية.
وقد بلغت هذه المسيرة ذروتها بانضمام بكين رسميًا إلى منظمة التجارة العالمية عام 2001، وهو حدث مثّل شهادة قبول دولي بالصين كلاعب ملتزم بقواعد السوق العالمية، وفرصة تاريخية لتعزيز اندماجها في النظام الاقتصادي الدولي.
هذا الانفتاح عزز من تدفقات الاستثمار الأجنبي والتبادل التجاري، لكنه في الوقت نفسه ضاعف من توقعات المجتمع الدولي بشأن شفافية سياساتها، بما في ذلك سياساتها الدفاعية والأمنية، وهو ما جعل الكتب البيضاء أداة مهمة لتبديد المخاوف وبناء صورة القوة الصاعدة المنفتحة على الحوار.
ومع مرور السنوات، تحولت هذه الكتب إلى مرجع لفهم تطور الفكر الأمني الصيني. وفي حين ركزت النسخ الأولى على الدفاع الوطني وإستراتيجية الجيش، جاءت الإصدارات اللاحقة لتعكس صعود الصين وثقتها المتزايدة في عرض مصالحها.
أما الإصدار الأخير في مايو/ أيار 2025 فقد شكّل نقطة تحول جذرية، إذ لم يعد الأمن مقصورا على الحدود أو الجيش، بل أصبح مفهوما شاملا يمتد إلى الاقتصاد والتكنولوجيا والمجتمع والاستقرار الأيديولوجي تحت قيادة الحزب المطلقة.
فما الذي تكشفه هذه الوثائق عن الطريقة التي ترى بها بكين العالم، وعن طبيعة التهديدات والفرص التي تحدد سياستها الدفاعية؟ وكيف يمكن قراءة كتاب 2025 في ضوء فهم تطور التفكير الأمني الصيني منذ بدء إصدار هذه الوثائق؟
من الدفاع التقليدي إلى المقاربة الشاملة
منذ إصدارها الأول عام 1998، حرصت الصين في كتُبها البيضاء على التأكيد بأن سياستها العسكرية تستند إلى منطق دفاعي مع التعهد بعدم استخدام الأسلحة النووية أولا. عبر هذه السردية، سعت بكين إلى ترسيخ صورة قوة صاعدة ذات نية سلمية وغير ساعية للهيمنة. فهي تذكّر دائما بأنها لم تبدأ حربا قط طيلة تاريخها، وتعهدت بتقليص حجم جيش التحرير الشعبي طواعية، في رسالة تهدف إلى تهدئة المخاوف الإقليمية والدولية من صعودها العسكري.
لكن هذا الطابع الدفاعي لم يبق ثابتا بصورة مطلقة، بل شهد تحولا تدريجيا يعكس توسع المصالح الصينية ونطاق قدراتها. ففي عام 2015، مثّل التحول من مفهوم "دفاع المياه القريبة" إلى "حماية البحار المفتوحة" علامة فارقة في إستراتيجيتها البحرية.
حيثُ لم تعد البحرية الصينية معنية فقط بحماية السواحل، بل أصبحت مكلفة بتأمين الممرات البحرية الإستراتيجية والمصالح الخارجية الممتدة عبر المحيطات. تجلى هذا في بناء أسطول مياه زرقاء، وتكثيف الانتشار في المحيط الهندي، وتنفيذ تدريبات في البحار البعيدة. هذا التوسع الجغرافي يتحدى استمرار بكين في تقديم نفسها بوصفها قوة "دفاعية" بينما تتحرك لحماية مصالحها في نطاق عالمي متزايد.
إلى جانب هذا البعد الجغرافي، شهدت العقيدة العسكرية الصينية تحولا نوعيا في طبيعة الحرب ذاتها. فمنذ عام 2004، انتقلت بؤرة الارتكاز من "كسب الحروب المحلية تحت ظروف التكنولوجيا الحديثة" إلى "كسب الحروب المحلية تحت ظروف المعلوماتية". هذا التحول عمّقته ورقة عام 2019، التي أولت اهتماما بالغا للتقنيات المتقدمة مثل الذكاء الاصطناعي ومعلومات الكم والبيانات الضخمة وإنترنت الأشياء والحوسبة السحابية في الميدان العسكري.
كما حددت الوثائق مجالات جديدة للمنافسة الإستراتيجية مثل الفضاء الخارجي والفضاء السيبراني، باعتبارها ميادين حاسمة في حروب المستقبل. يعكس هذا الإدراك الصيني أن التفوق العسكري لن يُبنى فقط على قوة التكنولوجيا التقليدية، بل على القدرة على دمج الأنظمة المعلوماتية في كل مستويات القتال والدعم، مما يضع الصين على مسار واضح نحو تحقيق "حلم الجيش القوي" بحلول منتصف القرن الـ21.
من تايوان إلى الفضاء السيبراني: إعادة رسم خرائط الأمن
مهما تتعدد وتتعقد المعطيات التي تحكم صياغة العقيدة الأمنية للصين؛ ثمة خط أحمر في قلب هذه المنظومة لا يغادر مكانه رغم تعاقب الأعوام وتباين الأولويات، لا يقبل المساومة ولا التبديل، هو تايوان.
فمنذ مطلع الألفية، كررت الكتب البيضاء أن قوى الانفصال التايوانية تمثل التهديد الأخطر للعلاقات السلمية عبر المضيق. وفي وثيقة عام 2010، طُرح توحيد المضيق بوصفه "مهمة نهائية"، مع فتح باب المشاورات المتكافئة وبحث آلية أمنية لبناء الثقة.
لكن الخطاب ازداد حدة في ورقة عام 2019، حيث وُصفت قوى استقلال تايوان بأنها "أخطر تهديد فوري للسلام"، مع تعهد صريح بأن بكين ستتخذ كل الإجراءات الضرورية لمنع الانفصال والتصدي لأي تدخل خارجي.
هذا الاهتمام الآخذ في التصاعد بمسألة تايوان، يرجع بالأساس لاعتبار نزاع السيادة على الجزيرة ليس مجرد نزاع حدودي اعتيادي فحسب، بل المعركة الأكثر رمزية لمحاولة الصين الانعتاق من الطوق الأميركي المفروض على حدودها البحرية عبر سلسلة من القواعد والتحالفات.
بيد أن أولويات الأمن القومي الصيني لم تقف عند حدود مضيق وجزيرة تايوان، بل توسعت لتشمل حماية الحقوق البحرية والمصالح الخارجية المتنامية. حيث شددت ورقة عام 2013 على دور الجيش في حماية المصالح البحرية، بما في ذلك إنفاذ القانون البحري واستغلال الموارد البحرية.
وعمّقت وثيقة 2015 هذا النهج بالدعوة إلى التخلي عن "العقلية البرية" وبناء قوة بحرية حديثة قادرة على حماية السيادة وحقوق الملاحة وخطوط الاتصال البحرية (SLOCs) والمصالح الاقتصادية بالخارج.
هذا التوجه تُرجم عمليا بإنشاء "قاعدة دعم جيش التحرير الشعبي الصيني" في جيبوتي، وهي قاعدة عسكرية تابعة للبحرية الصينية، عززت قدرات الصين على إبراز القوة في القرن الأفريقي وسواحل المحيط الهندي، وهي أول قواعد البحرية الصينية وراء البحار.
الأمن أولا: كيف أعاد كتاب 2025 تعريف الأولويات؟
شكّل الكتاب الأبيض الصيني لعام 2025 نقطة تحول مفصلية في الفكر الأمني الصيني، إذ يُعد أول وثيقة رسمية تركز بالكامل على تقديم مفهوم "الأمن القومي في العصر الجديد"، بصورة تعكس ترسيخ مقاربة "الأمن القومي الشامل" التي طرحها شي جين بينغ عام 2014، والتي تستند إلى فلسفة شمولية تربط بين الأمن الداخلي والخارجي، القوة التقليدية وغير التقليدية، أمن الدولة وأمن الشعب، وأخيرا بين السياسة والاقتصاد والتنمية والأمن. إنها مقاربة توسع مفهوم الأمن ليغطي كل مفاصل الدولة والمجتمع، ويبتلع كل مناشط الحياة.
وفي قلب تلك المقاربة يقف "الأمن السياسي" بوصفه مهمة أساسية وشريان حياة للأمن القومي، فالحفاظ على سيطرة الحزب الشيوعي والنظام الاشتراكي لم يعد في هذه الحالة مجرد سجال سياسي، بل غدا "ركيزة أمنية عليا"، يُنظر إلى أي تهديد لها باعتباره خطرا وجوديا على تماسك الدولة.
من هنا، توسعت أدوات الرقابة والسيطرة لتشمل قطاعات كانت تُعد سابقا خارج نطاق الأمن القومي، مثل التكنولوجيا والتمويل ومنصات التواصل وسلامة الغذاء والدواء. هذه النقلة تمثل تحول الصين نحو نموذج أمني مركزه الحزب، وتطمس فيه الحدود بين الحوكمة اليومية والدفاع عن الدولة.
وبصورة واضحة؛ يؤكد الكتاب على العلاقة العضوية بين التنمية والأمن، مع إعادة ترتيب الأولويات، فلم تعد التنمية تُنتج الأمن، بل بات الأمن شرطا مسبقا للتنمية، وأصبح الاستقرار الاقتصادي والاكتفاء الذاتي التكنولوجي من متطلبات الأمن القومي، وليس مجرد أدوات لخدمة النمو.
وتعزز هذا التصور بصورة مطردة تحت وطأة الضغوط التي فرضها الرئيس الأميركي، دونالد ترامب ، منذ عودته إلى السلطة، عبر فرض رسوم جمركية وسياسات عزل تهدد مكانة الصين في سلاسل الإمداد العالمية.
في هذا السياق الدولي المتوتر، طُرحت بكين "مبادرة الأمن العالمي" (GSI) لتكون إطارا بديلا للأمن الدولي، يناهض ما تعتبره "عقلية الحرب الباردة" التي تقودها الولايات المتحدة. تدعو المبادرة إلى أمن مشترك وشامل وتعاوني ومستدام، يقوم على احترام السيادة وتسوية النزاعات سلميا. بهذا، تسعى الصين إلى إعادة صياغة قواعد اللعبة الأمنية الدولية وفق رؤيتها، دون التزام صارم بتبنّي النموذج الغربي السائد.
بهذا المنظور؛ لا يقدم كتاب 2025 تصورا متطورا للأمن الصيني فحسب، بل يعكس نضجا إستراتيجيا في كيفية فهم الصين لعالم يشهد انزياحات كبرى. وبذلك يتحول الأمن القومي من مظلة لحماية الدولة إلى عدسة لفهم السياسة الصينية في الداخل والخارج، ويصبح تتبع هذه الوثائق الرسمية سبيلا لفهم طريقة تفكير بكين في عالم ما بعد القطبية الأميركية.
هندسة الهيمنة: جيش بمقاييس الطموح الصيني
"يجب أن نبني جيشا يطيع أوامر الحزب، ويستطيع خوض الحروب والانتصار فيها، ويتحلى بالانضباط الرفيع"
بهذه العبارة الحاسمة التي أطلقها شي جين بينغ في أول خطاب له بصفته رئيسا للجنة العسكرية المركزية عام 2012، رسمت القيادة الصينية مسارا طويل الأمد لإعادة بناء جيش التحرير الشعبي ليصبح قوة عالمية حديثة. بدءا من تحديث العقيدة والمبادئ، إلى عملية هندسة هيكلية وتنظيمية عميقة، استهدفت تحويل الجيش من كتلة ضخمة تقليدية إلى آلة قتالية مرنة وفعّالة، قادرة على العمل في بيئة قتال معقدة، متعددة المجالات، وعالية التقنية.
وقد فصّلت الورقة البيضاء لعام 2019 هذه الإصلاحات، التي تُعد الأوسع منذ عقود، وركّزت على إعادة هيكلة القيادة وتعزيز الكفاءة القتالية. شملت الإصلاحات إعادة تنظيم الأجهزة الوظيفية للجنة العسكرية المركزية، وإنشاء هيئات جديدة أبرزها "قوات الدعم الإستراتيجي (PLASSF)"، وتحويل "قوة المدفعية الثانية" إلى "قوة الصواريخ لجيش التحرير الشعبي (PLARF)"، إضافة إلى "تأسيس قوة الدعم اللوجستي المشترك (PLAJLSF)". كان الهدف من كل ذلك محددا، هو "تعزيز القيادة المركزية وتحسين نظم القيادة والسيطرة العملياتية المشتركة"، بما يواكب طبيعة الحروب الحديثة.
وعلى مستوى البنية البشرية والتنظيمية، جرى تقليص عدد القوات، حيث خُفضت القوة العاملة بنحو 300 ألف جندي لتستقر عند مليوني جندي، مع إعادة تشكيل الجيوش الجماعية، وتطبيق نموذج "الفيلق – اللواء – الكتيبة" بدلا من النموذج التقليدي واسع النطاق. كما جرى تعزيز أنواع جديدة من القوات القتالية، بما يجعل الجيش أكثر مرونة وفاعلية في بيئة قتال عالية الكثافة المعلوماتية.
وفي سياق أوسع، حددت الصين أهدافا بعيدة الأمد لتحديث جيشها، تُعرف بعنوان "حلم الجيش القوي" التي طرحها شي جين بينغ، وتتضمن: تحقيق الميكنة العسكرية بحلول عام 2020، والوصول إلى التحديث الكامل بحلول عام 2035، وبناء جيش عالمي المستوى بحلول عام 2049 بحلول الذكرى المئوية لتأسيس جمهورية الصين الشعبية.
ولتحقيق هذه الرؤية، تستثمر بكين بكثافة في البحث والتطوير، مع تركيز خاص على الصواريخ النووية متوسطة وبعيدة المدى، والقدرات غير المتماثلة، والاستجابة السريعة، والحرب المعلوماتية، والدفاع السيبراني.
أما من حيث الإنفاق الدفاعي، فتؤكد الكتب البيضاء أن نفقات الصين معقولة ومتناسبة مع نموها الاقتصادي، مشيرة إلى أنها لم تتجاوز 2% من الناتج المحلي الإجمالي خلال العقود الثلاثة الماضية. وتوضح وثيقة 2019 أن الزيادة في الإنفاق تُوجه لتحسين رفاهية الجنود، وتطوير المعدات، وتعميق الإصلاح، وتعزيز التدريب القتالي.
لكن رغم هذه التأكيدات، يظل مجال الإنفاق العسكري نقطة خلاف دائمة مع الغرب، حيث يشير معارضو السياسة الصينية في الساحة الدولية إلى غياب الشفافية في تفاصيل الميزانيات العسكرية وعمليات الاستحواذ على الأسلحة.
هذا التباين بين الخطاب الرسمي والشكوك الدولية يعزز من الاعتقاد بأن الكتب البيضاء الصينية أدوات إستراتيجية للرسائل أكثر من كونها تقارير مُخصصة للإفصاح الكامل، وتهدف بالدرجة الأولى إلى تشكيل تصورات الخارج عن نية الصين وتوجهاتها العسكرية.
وفي ظل عالم يزداد اضطرابا، وتتفكك فيه القواعد القديمة التي حكمت النظام الدولي لعقود، تواصل بكين بلا هوادة تعزيز ما تسميه "أساس الأمن القومي الشامل"، وهو المفهوم الذي لا يقتصر على تحصين الحدود أو تحديث القدرات العسكرية، بل يمتد ليشمل كل مفصل من مفاصل الدولة، من الاقتصاد إلى التكنولوجيا، ومن الأمن الغذائي إلى الأمن الأيديولوجي. في هذا التصور، لا تُترك أي جبهة دون تحصين، ولا يُترك الجيش دون دور يتجاوز الحماية إلى إعادة هندسة البيئة الإستراتيجية المحيطة بالصين.
فالمسألة لم تعد مجرد تحديث لقوة عسكرية تقليدية، بل بناء تدريجيا لذراع إستراتيجية قادرة على الحسم عند المنعطفات الكبرى، حين تتصاعد التوترات وتُختبر التوازنات. لقد بدأت الصين فعليا في تأمين حاضرها، لكنها تُعد جيشها وتُعيد صقله من أجل لحظة قادمة لم تحن بعد، لكنها حتمية في منطق القوة الصاعدة، لحظة قد تُعاد فيها كتابة خرائط النفوذ، ويُعاد فيها تعريف من يمتلك الحق في صياغة قواعد النظام العالمي القادم، ومن يفرض شروط السلام أو الحرب.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
بيتكوين تتخطى 124 ألف دولار مدعومة بصعود الأسهم الأميركية
سجلت عملة بيتكوين المشفرة مستوى قياسيا جديدا صباح اليوم الخميس في التعاملات الآسيوية المبكرة تجاوز لأول مرة عتبة 124 ألف دولار، مدفوعة بارتفاع أسعار الأسهم الأميركية والإقبال من شركات استثمارية وتشريع أميركي مؤات. وحطمت العملة المشفرة الرائدة رقمها القياسي السابق الذي سجلته في 14 يوليو/ تمّوز وبلغ وقتها 123 ألفا و205 دولارات. وبلغت بيتكوين في قمتها الجديدة 124 ألفا و457 دولارا، قبل أن تتراجع إلى 121 ألفا و571 في أحدث تعاملات وقت كتابة التقرير، وفق بيانات موقع كوين ماركت كاب. العملات المشفرة وعلى إثر هذا زادت القيمة السوقية للعملات المشفرة مجتمعة إلى 4.19 تريليونات دولار، قبل أن تتراجع إلى 4.13 تريليونات دولار في التعاملات الأحدث بعد تراجع بيتكوين قليلا. وعلى صعيد العملات المشفرة الأخرى: ارتفعت عملة إيثيريوم 2.4% في آخر 24 ساعة إلى 4734 دولارا. تراجعت عملة "إكس آر بي" 1.67% إلى 3.23 دولارات. زادت عملة سولانا 2.32% إلى 203.77 دولارات. تراجعت عملة دوجيكوين 2.74% إلى 0.2417 دولار. الأسهم الأميركية عند مستوى قياسي وأنهت الأسهم الأميركية أمس الأربعاء تعاملاتها على ارتفاع حاد في بورصة نيويورك ، وبلغ مؤشر ستاندرد آند بورز 500 مستوى قياسيا جديدا، وكذلك فعل مؤشر ناسداك الذي تغلب عليه أسهم شركات التكنولوجيا، مدفوعة بآمال باقتراب مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) من دورة تيسير نقدي. وتشير بيانات سوق البورصة الأميركية عند إغلاق تعاملات أمس الأربعاء إلى: ستاندرد آند بورز 500 ارتفع 21.01 نقطة أو 0.33% إلى 6466.77 نقطة. صعد ناسداك المجمع 32.08 نقطة أو 0.15%إلى 21713.99 نقطة. زاد مؤشر داو جونز الصناعي 469.10 نقطة أو 1.065 إلى 44927.71 نقطة.


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
السلطات الأميركية تثبّت أجهزة تتبُّع في شحنات شرائح الذكاء الاصطناعي
وضعت السلطات الأميركية أجهزة مخصصة لتتبُّع الموقع في شحنات الشرائح المتطورة اللازمة لتشغيل الذكاء الاصطناعي لمعرفة إن كانت الشحنة تصل إلى الصين أم لا، وذلك وفق تقرير وكالة رويترز. ويعتمد التقرير على مصادر مطلعة بالآلية الجديدة المستخدمة لتتبع شرائح الذكاء الاصطناعي واكتشاف الوجهة النهائية لها، إذ تستخدم هذه الآلية مع الشحنات التي تخضع للتحقيق ويشتبه فيها فقط. وتساعد أجهزة التتبع هذه في جمع الأدلة ضد الشركات والأفراد الذين يخرقون قوانين تصدير الشرائح، وهي من الأدوات العتيقة التي تستخدم بكثرة من قبل السلطات الأميركية لتتبع المنتجات الخاضعة لقيود التصدير بما فيها أشباه الموصلات في السنوات الأخيرة وفق المصادر. وتثبت الأجهزة في التغليف الخارجي لخوادم الذكاء الاصطناعي من شركات مثل "ديل" و"سوبرمايكرو" (SuperMicro) خاصة تلك التي تعتمد على شرائح " إنفيديا" و"إيه إم دي" المتطورة، وذلك وفق مصادر مطلعة على سلاسل توريد خوادم الذكاء الاصطناعي. ويشير التقرير إلى أن السلطات الأميركية تتبعت شحنة عام 2024 عبر استخدام أجهزة التتبع هذه، إذ تم إخفاء أكثر من جهاز في الشحنة بأماكن واضحة وبعضها تم إخفاؤه داخل الخادم ذاته، إذ تأتي هذه المتتبعات بأشكال وأحجام مختلفة بناء على استخدامها. ومن جانبها، أكدت "ديل" أنها ليست على علم بأي مبادرة حكومية لوضع أجهزة تتبع في شحناتها، وكذلك "إنفيديا" التي وضحت أنها لا تضع أجهزة تتبع في منتجاتها على الإطلاق. يذكر أن البيت الأبيض ومجلس النواب الأميركي طلبا من شركات الشرائح الأميركية وضع تقنيات تتبع وتحقق من الموقع في الشرائح المبيعة، وذلك للتأكد من عدم وصولها لدول تخضع لقيود التصدير الأميركي. وتسبب هذا الطلب في موجة غضب عارمة من الحكومة والشركات الصينية على حد سواء، إذ أجرت السلطات الصينية تحقيقات مستمرة مع "إنفيديا" للتأكد من عدم وجود مثل هذه التقنيات أو أي آليات لتتبع ومراقبة استخدام الشرائح المبيعة من قبل الشركة. وتتزامن هذه الجهود مع عودة شحنات "إنفيديا" إلى الشركات الصينية، واستعداد الشركة لطرح شرائح متطورة من الجيل الأحدث خصيصا للشركات الصينية بعد موافقة البيت الأبيض على ذلك.


الجزيرة
منذ 2 ساعات
- الجزيرة
كيف تغلبت الصين إستراتيجيا على اعتمادها على النفط؟
لعقود طويلة، كان يُنظر إلى شهية الصين التي لا تشبع للنفط الخام على أنها مكمن ضعفها الأبرز، أو "كعب أخيل" الخاص بها. فبصفتها أكبر مستورد للنفط في العالم، كان اقتصادها عرضة بشدة للاضطرابات في سلاسل الإمداد العالمية، وهي نقطة ضعف منحت واشنطن ورقة ضغط إستراتيجية هامة. وظلت "معضلة ملقا" -أي احتمالية فرض حصار بحري على المضيق الضيق الذي تمر عبره غالبية واردات الصين النفطية- بمثابة شبح يخيم على تخطيط بكين الإستراتيجي. أما اليوم، فقد أدت إستراتيجية طويلة الأمد، متعددة المحاور، وناجحة بشكل ملحوظ، إلى تغيير هذه الديناميكية جذريا.. لم تقضِ الصين على حاجتها للنفط بالكامل، لكنها نجحت بشكل منهجي في تنويع مصادرها، والحد من نمو استهلاكها، والهيمنة على تقنيات الطاقة المستقبلية، مما أدى إلى إضعاف أداة ضغط أميركية رئيسية. وترتكز هذه النقلة الإستراتيجية على ثلاث ركائز أساسية: تنويع مسارات ومصادر الاستيراد، وحملة ضخمة تقودها الدولة للاستثمار في الطاقة المتجددة، وترسيخ هيمنة عالمية في سوق السيارات الكهربائية. الركيزة الأولى: إزالة المخاطر عن سلاسل الإمداد عبر التنويع كانت الاستجابة الأولى والمباشرة لمعضلة ملقا هي التنويع الجريء لموردي الطاقة ومسارات عبورها… عملت بكين إستراتيجيا على نسج علاقات طاقة، تقلل من اعتمادها على النفط الخام المنقول بحرا من الشرق الأوسط. وبرزت روسيا كشريك محوري في هذه الإستراتيجية. فقبل وقت طويل من اندلاع الحرب في أوكرانيا عام 2022، بدأت الصين الاستثمار في خطوط الأنابيب البرية، مثل خط أنابيب "شرق سيبيريا- المحيط الهادئ" (ESPO). وعقب العقوبات الغربية على موسكو، أمّنت الصين النفط الروسي بأسعار مخفضة، لتصبح روسيا الآن أكبر مورد منفرد لها. هذه المسارات البرية محصنة ضد أي حصار بحري، مما يخفف بشكل مباشر من التهديد لأمن طاقتها. في الوقت نفسه، وسعت الصين شبكة خطوط أنابيبها من آسيا الوسطى، وبشكل أساسي للغاز الطبيعي ولكن مع بنية تحتية نفطية أيضا، من خلال "مبادرة الحزام والطريق". ويعد خط أنابيب "الصين- ميانمار" مشروعا حيويا آخر، حيث يوفر مسارا مباشرا للنفط من المحيط الهندي إلى مقاطعة يونان الصينية، متجاوزا مضيق ملقا بالكامل. علاوة على ذلك، زادت بكين وارداتها من دول أميركا الجنوبية مثل البرازيل، ومنتجين أفارقة مثل أنغولا، موزعة بذلك محفظة وارداتها على مناطق جيوسياسية وممرات شحن مختلفة. هذه الشبكة من المصادر والمسارات البديلة تعني أن تعطيل إمدادات الطاقة للصين لم يعد بنفس بساطة السيطرة على ممر بحري واحد. تعمل الصين على تقليص طلبها طويل الأجل هيكليا على النفط والغاز المستوردين لتوليد الكهرباء. فكل كيلوواط/ساعة يتم توليده من مصدر محلي هو كيلوواط/ساعة أقل عرضة للتدخل الأجنبي الركيزة الثانية: القوة العظمى في مجال الطاقة المتجددة ربما يكون العنصر الأكثر تحولا في إستراتيجية الصين هو استثماراتها الهائلة في الطاقة المتجددة؛ ورغم أن هذا التوجه كان مدفوعا في البداية بمشكلات التلوث الحادة محليا، فإن فوائده الجيوسياسية، والمتعلقة بأمن الطاقة، أصبحت ذات أهمية قصوى. فالصين لا تكتفي بتركيب مصادر الطاقة المتجددة فحسب، بل تصنّعها للعالم بأسره. إن حجم هذا التحول مذهل.. في عام 2023 وحده، ركبت الصين قدرة طاقة شمسية أكبر من إجمالي القدرة القائمة في الولايات المتحدة بأكملها، وهي تستحوذ الآن على أكثر من ثلث إجمالي قدرة طاقة الرياح والطاقة الشمسية المركبة في العالم. وقد أدت براعتها التصنيعية إلى خفض التكلفة العالمية للألواح الشمسية وتوربينات الرياح، مما جعل الطاقة المتجددة قادرة على المنافسة اقتصاديا مع الوقود الأحفوري. ومن خلال توليد حصة متزايدة بسرعة من الكهرباء من موارد محلية لا تنضب، مثل الشمس والرياح، مدعومة بالطاقة الكهرومائية الكبيرة وبرنامج طاقة نووية متوسع، تعمل الصين على تقليص طلبها طويل الأجل هيكليا على النفط والغاز المستوردين لتوليد الكهرباء. فكل كيلوواط/ساعة يتم توليده من مصدر محلي هو كيلوواط/ساعة أقل عرضة للتدخل الأجنبي. الركيزة الثالثة: الهيمنة على مستقبل قطاع النقل تستهدف الركيزة الثالثة قطاع النقل، الذي يعد أكبر مستهلك للنفط.. لقد وضعت الصين نفسها إستراتيجيا كقائد عالمي بلا منازع في مجال السيارات الكهربائية. لم يكن هذا نتيجة صدفة في السوق، بل سياسة صناعية مدروسة تم تنفيذها على مدى أكثر من عقد من الزمان، وشملت دعما حكوميا كبيرا، ومِنحا بحثية، وتوسيعا للبنية التحتية. اليوم، تستحوذ الصين على ما يقرب من 60% من مبيعات السيارات الكهربائية العالمية. ولا تقتصر هيمنة الشركات الصينية، مثل "بي واي دي" (BYD) و"سي إيه تي إل" (CATL)، على تجميع المركبات فحسب، بل تمتد لتشمل سلسلة التوريد بأكملها، لا سيما في تصنيع البطاريات، المكون الأكثر أهمية في السيارات الكهربائية. ولهذه الهيمنة تداعيات عميقة على الطلب على النفط؛ فمع وجود أكثر من 20 مليون سيارة كهربائية على طرقاتها الآن، تزيح الصين بشكل دائم حجما كبيرا ومتزايدا من استهلاك البنزين. وتتوقع وكالة الطاقة الدولية (IEA) أن يصل الطلب الصيني على النفط إلى ذروته قبل عام 2030، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى التوجه السريع نحو استخدام المركبات الكهربائية. هذا التحول لا يقتصر على تقليل واردات النفط فحسب، بل يعكس نفوذ القوة الجيوسياسية؛ فبينما كانت الولايات المتحدة وحلفاؤها يمتلكون في السابق القوة للتأثير على إمدادات النفط للصين، تكتسب الصين الآن نفوذا على سلاسل التوريد الخاصة بالتحول الأخضر، من البطاريات إلى الألواح الشمسية. التداعيات الجيوسياسية: نقطة ضغط مثلومة الحدة إن التأثير التراكمي لهذه الركائز الثلاث هو إعادة تشكيل جوهرية للمشهد الجيوسياسي للطاقة؛ لقد تضاءلت قدرة الولايات المتحدة على الضغط على الصين من خلال تهديد خطوط مواصلاتها البحرية بشكل كبير. ورغم أن أي حصار سيظل مؤذيا، فإنه لم يعد يشكل ذلك التهديد الاقتصادي الوجودي الذي كان عليه قبل 15 عاما، بفضل خطوط الأنابيب البرية، وتراجع الاعتماد على النفط في توليد الطاقة والنقل. علاوة على ذلك، فإن أي عقوبات أميركية محتملة تستهدف قطاع الطاقة في الصين ستكون أقل فاعلية بكثير؛ فمع وجود روسيا كمورد ملتزم، ومحفظة متنوعة من الشركاء الآخرين، سيكون العثور على مصادر بديلة أقل صعوبة. والأهم من ذلك أن إنتاج الصين الداخلي للطاقة من المصادر المتجددة يوفر حاجزا قويا ضد الصدمات الخارجية. لا تزال التحديات قائمة، فالصين في المدى المنظور لا تزال أكبر مستورد للنفط في العالم، وستحتاج قطاعاتها الصناعية والبتروكيماوية إلى كميات هائلة من النفط الخام لسنوات قادمة. كما أن التباطؤ الاقتصادي في البلاد قد يختبر التزامها بالنفقات الرأسمالية الضخمة، اللازمة للتحول في مجال الطاقة. ومع ذلك، فإن المسار واضح: لقد نجحت الصين في تحديد نقطة ضعف إستراتيجية جوهرية، ونفذت إستراتيجية صبورة وشاملة وفعالة للتخفيف من وطأتها. فمن خلال تنويع بنية وارداتها، وقيادة ثورة الطاقة المتجددة العالمية، والسيطرة على سوق النقل الكهربائي، لم تكبح بكين "إدمانها للنفط" فحسب، بل أضعفت أيضا إحدى أقوى أدوات النفوذ الجيوسياسي الأميركية. لم يعد التنافس العالمي على النفوذ يدور حول السيطرة على تدفقات النفط فقط، بل أصبح يتعلق بشكل متزايد بالسيطرة على التقنيات التي ستمد العالم بالطاقة في المستقبل. وفي هذه الساحة، رسخت الصين مكانتها بقوة في قلب هذا النموذج الجديد.