
وفاة أسطورة سباقات الماراثون عن 114 عاماً في حادث دهس بالهند
بحسب بيان الشرطة الهندية فإن سيارة مجهولة صدمت سينغ بينما كان يعبر الطريق في قريته التي وُلد فيها في إقليم البنجاب، وتوفى في المستشفى بعد نقله إليها.
يعد سينغ، رمزاً عالمياً في سباقات الماراثون وسجل أرقاماً قياسية لمشاركته في السباقات في فئات عمرية متعددة، حتى عندما تجاوز عمره 100 عام.
وبدأ سينغ مسيرته الرياضية بالركض عندما بلغ 89 عاماً، وشارك في تسعة سباقات ماراثون كاملة بين عامي 2000 و2013، حتى تقاعد.
وأعلن ناديه للركض وجمعيته الخيرية، "سيخ إن ذا سيتي"، عن إقامة عدة فعاليات مقبلة في إلفورد، شرق لندن، حيث عاش فوغا سينغ منذ عام 1992، للاحتفاء بمسيرته وحياته وإنجازاته.
وكان سينغ قد عاد إلى قريته المولود بها بيس بيند، بالقرب من جالاندهار، في إقليم البنجاب الهندي، حيث صدمته سيارة يوم الاثنين.
وقال هارفيندر سينغ، أحد كبار ضباط شرطة المنطقة: "البحث جارٍ على المتهم، وسيتم القبض عليه قريباً".
فور الإعلان عن وفاته كان هناك حالة حزن ونعاه الكثيرون. وصفه رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، بأنه "رياضي استثنائي يتمتع بعزيمة لا تُصدق".
كما أصدر هارمندر سينغ، مدرب فوغا سينغ في نادي "سيخ إن ذا سيتي" البريطاني، بيانا ينعيه فيه على صفحة نادي الجري.
وقال في البيان: "ببالغ الحزن والأسى، نؤكد وفاة رمز الإنسانية ومصدر الإيجابية في الهند، فوغا سينغ".
وأضاف أن النادي والجمعية الخيرية، ستخصص كل أنشطتها من الآن وحتى الأحد الموافق 29 مارس/آذار 2026، للاحتفال بحياته الحافلة بالنجاحات والإنجازات.
أكد على مضاعفة الجهود لجمع التبرعات لبناء نادي فوغا سينغ على الطريق في إلفورد حيث كان يتدرب.
BBC
التقت بي سي بالرياضي الراحل في يونيو/حزيران الماضي، في قريته بالهند بياس بيند، وكان يبدو رشيقاً ونشيطاً، ويمشي عدة أميال يومياً.
وقال لبي بي سي: "ما زلت أتجول في القرية لأحافظ على قوة السيقان. على الإنسان أن يعتني بجسده".
حمل سينغ شعلة أولمبياد لندن عام 2012، تقديرا للعديد من الإنجازات التي حققها خلال مسيرته في رياضة الجري، وأشارت تقاير إلى أنه كان أكبر إنسان أكمل سباق ماراثون كامل في تورنتو بكندا عام 2011.
ورغم هذه الانجازات لم تعترف موسوعة غينيس للأرقام القياسية بإعلانه عن أنه أكبر عداء ماراثون سناً في العالم، لأنه لم يستطع تقديم شهادة ميلاد تثبت أنه من مواليد عام 1911.
أفادت بي بي سي وقتها أن جواز سفر سينغ البريطاني أظهر تاريخ ميلاده في 1 أبريل/نيسان 1911، وأنه كان يحمل رسالة تهنئة من الملكة بعيد ميلاده المئة.
وأكد مدربه هارماندر سينغ، أن الهند لم يكن بها نظام لإصدار شهادات ميلاد وقت ميلاد سينغ.
ومع هذا قال مسؤولو موسوعة غينيس إنهم كانوا يتمنون "منحه الرقم القياسي"، لكنهم لن يقبلوا إلا "وثائق الميلاد الرسمية الصادرة في عام ميلاده."
كان طفولة سينغ لا تشير إلى تفوقه الرياضي، حيث تعرض للسخرية من أهل قريته في البنجاب لضعف ساقيه وعدم قدرته على المشي بشكل سليم حتى سن الخامسة.
قال سينغ لبي بي سي باللغة البنجابية في يونيو/زحزيران: "لكن هذا الصبي نفسه، الذي سخر منه الناس لضعفه، صنع التاريخ."
عمل سينغ مزارعا، وقبل أن يبلغ الأربعين كان قد شهد اضطرابات الحربين العالميتين وعايش صدمة تقسيم الهند.
وأضاف لبي بي سي: "في شبابي، لم أكن أعرف حتى بوجود كلمة ماراثون. لم أذهب إلى المدرسة أبداً، ولم أمارس أي نوع من الرياضة. كنت مزارعاً وأمضيت معظم حياتي في الحقول".
بدأ مسيرته مع رياضة الركض للتغلب على أحزانه، فبعد وفاة زوجته جيان كور، في أوائل التسعينيات، انتقل إلى لندن ليعيش مع ابنه الأكبر سوخجيندر، وعندما زار الهند بعدها شهد وفاة ابنه الأصغر كولديب في حادث أثر عليه سلبا.
استبد به الحزن وقتها وكان يقضي ساعات جالساً قرب مكان إحراق جثمان ابنه. نصح القرويون القلقون عليه عائلته بإعادته إلى بريطانيا.
بدأت الأمور تتغير أثناء إحدى زياراته إلى كردوارة، مقر عبادة السيخ في إلفورد بلندن، هناك التقى سينغ بمجموعة من الرجال المسنين السيخ الذين كانوا يركضون، كما تعرف بهارمندر سينغ، الذي أصبح مدربه فيما بعد.
وعن هذا اللقاء، كشف فوغا سينغ لبي بي سي في يونيو/حزيران: "لو لم أقابل هارمندر سينغ، لما دخلت مجال الجري في الماراثون".
BBC
شارك سينغ لأول مرة في ماراثون لندن عام 2000، قبل شهر من بلوغه التاسعة والثمانين. شارك من خلال نظام "السندات الذهبية"، وهو نظام تشتري فيه الجمعيات الخيرية عدداً محدداً من المقاعد مسبقاً مقابل رسوم.
اختار سينغ الركض لصالح "بليس"، وهي جمعية خيرية تدعم الأطفال الخدج، وكان شعارها: "الأكبر يركض من أجل الأصغر! ليعمروا مثله".
وكشف سينغ أنه قبل المشاركة في الماراثون أخبره المسؤولون أنه من غير المسموح له ارتداء عمامة السيخ، ويمكنه فقط ارتداء "الباتكا" (غطاء رأس يرتديه العديد من الفتيان والرجال السيخ).
لكنه رفض، وقال: "رفضت الركض بدون عمامتي. في النهاية، سمح لي المنظمون بالركض بها، وهذا بالنسبة لي أعظم إنجازاتي".
أنهى السباق في ست ساعات و٥٤ دقيقة، ليبدأ مسيرة رائعة.
بمشاركته الثالثة على التوالي في ماراثون لندن، كان قد سجل زمنا أفضل بتسع دقائق عن أفضل رقم حققه سابقا.
في عام ٢٠٠٣، في ماراثون تورنتو ووترفرونت، تحسن توقيته بشكل مذهل بأقل حوالي ساعة وخمس دقائق، ليُنهي السباق في خمس ساعات وأربعين دقيقة.
وأكد في حواره مع بي بي سي: "لا أتذكر توقيتاتي، مدربي، هارماندر سينغ، هو من يحتفظ بسجل جميع توقيتاتي. لكن كل ما حققته كان بفضل تدريبه، وقد التزمت بجدوله بإخلاص."
وأضاف: "في لندن، كان يُجبرني على الركض وأنا أصعد لأعلى، وهذا ساعدني لمواصلة التحسن، بعد كل جلسة تدريب تقريباً كنت أذهب إلى كوردوارا، حيث يعتنون بنظامي الغذائي. كانوا يشجعونني على الركض لمسافات طويلة".
بدأت شهرة سينغ العالمية عندما تعاقدت معه شركة أديداس الشهيرة لحملتها الإعلانية "المستحيل لا شيء" عام ٢٠٠٤، والتي ضمت أيضاً أساطير مثل الملاكم الأمريكي محمد علي.
في عام ٢٠٠٥، تلقى دعوة من رئيس وزراء باكستان للمشاركة في ماراثون لاهور الافتتاحي. وبعد عام في ٢٠٠٦، تلقى دعوة خاصة من ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية، لزيارة قصر باكنغهام.
من بين العديد من التذكارات والشهادات المعروضة في منزل سينغ في البنجاب، صورة له مع الملكة.
واصل سينغ مسيرته الرياضية والمشاركة في السباقات حتى تجاوز عمره 100 عام، وحصل على لقب "الإعصار ذو العمامة". وتبرع بمعظم أرباحه من الإعلانات مباشرة إلى المؤسسات الخيرية.
عن هذا يقول: "كنت مازلت نفس الشخص قبل دخولي عالم الجري، لكن الجري منح حياتي رسالة وحقق لي شهرة عالمية".
وفي عام 2013، أنهى مسيرته في سباقات الماراثون الطويلة في هونغ كونغ، حيث أكمل مسافة ١٠ كيلومترات في ساعة و32 دقيقة و28 ثانية.
وأكد أن الفضل في تمتعه بالصحة والعمر الطويل يعود إلى أسلوب حياته البسيط ونظامه الغذائي المنضبط.
وأضاف في حواره لبي بي سي: "سر طول عمري يكمن في تناول كميات أقل من الطعام، والجري أكثر، والحفاظ على السعادة. هذه هي رسالتي للجميع".
في سنواته الأخيرة، كانت حياته مقسمة ما بين الهند وبريطانيا.
عندما التقت به بي بي سي في يونيو/حزيران، كان يأمل في زيارة لندن مرة أخرى قريبًا للقاء عائلته ومدربه.
شاركت النائبة البريطانية بريت كور جيل صورة لها مع سينغ على منصة إكس، وكتبت: "رجل ملهم بحق. انضباطه، وبساطة حياته، وتواضعه العميق تركوا أثرا لا يمحى في نفسي".
وقال النائب جاس أثوال، إن سينغ "ألهم الملايين حول العالم". وكتب على إكس: "ستبقى روحه وإرثه من الصمود خالدين إلى الأبد".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


شفق نيوز
١٥-٠٧-٢٠٢٥
- شفق نيوز
وفاة أسطورة سباقات الماراثون عن 114 عاماً في حادث دهس بالهند
توفى الرياضي الهندي البريطاني فوغا سينغ، الذي يُعتقد أنه أكبر عداء ماراثون في العالم، عن عمر ناهز 114 عاماً بعد أن صدمته سيارة في الهند. بحسب بيان الشرطة الهندية فإن سيارة مجهولة صدمت سينغ بينما كان يعبر الطريق في قريته التي وُلد فيها في إقليم البنجاب، وتوفى في المستشفى بعد نقله إليها. يعد سينغ، رمزاً عالمياً في سباقات الماراثون وسجل أرقاماً قياسية لمشاركته في السباقات في فئات عمرية متعددة، حتى عندما تجاوز عمره 100 عام. وبدأ سينغ مسيرته الرياضية بالركض عندما بلغ 89 عاماً، وشارك في تسعة سباقات ماراثون كاملة بين عامي 2000 و2013، حتى تقاعد. وأعلن ناديه للركض وجمعيته الخيرية، "سيخ إن ذا سيتي"، عن إقامة عدة فعاليات مقبلة في إلفورد، شرق لندن، حيث عاش فوغا سينغ منذ عام 1992، للاحتفاء بمسيرته وحياته وإنجازاته. وكان سينغ قد عاد إلى قريته المولود بها بيس بيند، بالقرب من جالاندهار، في إقليم البنجاب الهندي، حيث صدمته سيارة يوم الاثنين. وقال هارفيندر سينغ، أحد كبار ضباط شرطة المنطقة: "البحث جارٍ على المتهم، وسيتم القبض عليه قريباً". فور الإعلان عن وفاته كان هناك حالة حزن ونعاه الكثيرون. وصفه رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، بأنه "رياضي استثنائي يتمتع بعزيمة لا تُصدق". كما أصدر هارمندر سينغ، مدرب فوغا سينغ في نادي "سيخ إن ذا سيتي" البريطاني، بيانا ينعيه فيه على صفحة نادي الجري. وقال في البيان: "ببالغ الحزن والأسى، نؤكد وفاة رمز الإنسانية ومصدر الإيجابية في الهند، فوغا سينغ". وأضاف أن النادي والجمعية الخيرية، ستخصص كل أنشطتها من الآن وحتى الأحد الموافق 29 مارس/آذار 2026، للاحتفال بحياته الحافلة بالنجاحات والإنجازات. أكد على مضاعفة الجهود لجمع التبرعات لبناء نادي فوغا سينغ على الطريق في إلفورد حيث كان يتدرب. BBC التقت بي سي بالرياضي الراحل في يونيو/حزيران الماضي، في قريته بالهند بياس بيند، وكان يبدو رشيقاً ونشيطاً، ويمشي عدة أميال يومياً. وقال لبي بي سي: "ما زلت أتجول في القرية لأحافظ على قوة السيقان. على الإنسان أن يعتني بجسده". حمل سينغ شعلة أولمبياد لندن عام 2012، تقديرا للعديد من الإنجازات التي حققها خلال مسيرته في رياضة الجري، وأشارت تقاير إلى أنه كان أكبر إنسان أكمل سباق ماراثون كامل في تورنتو بكندا عام 2011. ورغم هذه الانجازات لم تعترف موسوعة غينيس للأرقام القياسية بإعلانه عن أنه أكبر عداء ماراثون سناً في العالم، لأنه لم يستطع تقديم شهادة ميلاد تثبت أنه من مواليد عام 1911. أفادت بي بي سي وقتها أن جواز سفر سينغ البريطاني أظهر تاريخ ميلاده في 1 أبريل/نيسان 1911، وأنه كان يحمل رسالة تهنئة من الملكة بعيد ميلاده المئة. وأكد مدربه هارماندر سينغ، أن الهند لم يكن بها نظام لإصدار شهادات ميلاد وقت ميلاد سينغ. ومع هذا قال مسؤولو موسوعة غينيس إنهم كانوا يتمنون "منحه الرقم القياسي"، لكنهم لن يقبلوا إلا "وثائق الميلاد الرسمية الصادرة في عام ميلاده." كان طفولة سينغ لا تشير إلى تفوقه الرياضي، حيث تعرض للسخرية من أهل قريته في البنجاب لضعف ساقيه وعدم قدرته على المشي بشكل سليم حتى سن الخامسة. قال سينغ لبي بي سي باللغة البنجابية في يونيو/زحزيران: "لكن هذا الصبي نفسه، الذي سخر منه الناس لضعفه، صنع التاريخ." عمل سينغ مزارعا، وقبل أن يبلغ الأربعين كان قد شهد اضطرابات الحربين العالميتين وعايش صدمة تقسيم الهند. وأضاف لبي بي سي: "في شبابي، لم أكن أعرف حتى بوجود كلمة ماراثون. لم أذهب إلى المدرسة أبداً، ولم أمارس أي نوع من الرياضة. كنت مزارعاً وأمضيت معظم حياتي في الحقول". بدأ مسيرته مع رياضة الركض للتغلب على أحزانه، فبعد وفاة زوجته جيان كور، في أوائل التسعينيات، انتقل إلى لندن ليعيش مع ابنه الأكبر سوخجيندر، وعندما زار الهند بعدها شهد وفاة ابنه الأصغر كولديب في حادث أثر عليه سلبا. استبد به الحزن وقتها وكان يقضي ساعات جالساً قرب مكان إحراق جثمان ابنه. نصح القرويون القلقون عليه عائلته بإعادته إلى بريطانيا. بدأت الأمور تتغير أثناء إحدى زياراته إلى كردوارة، مقر عبادة السيخ في إلفورد بلندن، هناك التقى سينغ بمجموعة من الرجال المسنين السيخ الذين كانوا يركضون، كما تعرف بهارمندر سينغ، الذي أصبح مدربه فيما بعد. وعن هذا اللقاء، كشف فوغا سينغ لبي بي سي في يونيو/حزيران: "لو لم أقابل هارمندر سينغ، لما دخلت مجال الجري في الماراثون". BBC شارك سينغ لأول مرة في ماراثون لندن عام 2000، قبل شهر من بلوغه التاسعة والثمانين. شارك من خلال نظام "السندات الذهبية"، وهو نظام تشتري فيه الجمعيات الخيرية عدداً محدداً من المقاعد مسبقاً مقابل رسوم. اختار سينغ الركض لصالح "بليس"، وهي جمعية خيرية تدعم الأطفال الخدج، وكان شعارها: "الأكبر يركض من أجل الأصغر! ليعمروا مثله". وكشف سينغ أنه قبل المشاركة في الماراثون أخبره المسؤولون أنه من غير المسموح له ارتداء عمامة السيخ، ويمكنه فقط ارتداء "الباتكا" (غطاء رأس يرتديه العديد من الفتيان والرجال السيخ). لكنه رفض، وقال: "رفضت الركض بدون عمامتي. في النهاية، سمح لي المنظمون بالركض بها، وهذا بالنسبة لي أعظم إنجازاتي". أنهى السباق في ست ساعات و٥٤ دقيقة، ليبدأ مسيرة رائعة. بمشاركته الثالثة على التوالي في ماراثون لندن، كان قد سجل زمنا أفضل بتسع دقائق عن أفضل رقم حققه سابقا. في عام ٢٠٠٣، في ماراثون تورنتو ووترفرونت، تحسن توقيته بشكل مذهل بأقل حوالي ساعة وخمس دقائق، ليُنهي السباق في خمس ساعات وأربعين دقيقة. وأكد في حواره مع بي بي سي: "لا أتذكر توقيتاتي، مدربي، هارماندر سينغ، هو من يحتفظ بسجل جميع توقيتاتي. لكن كل ما حققته كان بفضل تدريبه، وقد التزمت بجدوله بإخلاص." وأضاف: "في لندن، كان يُجبرني على الركض وأنا أصعد لأعلى، وهذا ساعدني لمواصلة التحسن، بعد كل جلسة تدريب تقريباً كنت أذهب إلى كوردوارا، حيث يعتنون بنظامي الغذائي. كانوا يشجعونني على الركض لمسافات طويلة". بدأت شهرة سينغ العالمية عندما تعاقدت معه شركة أديداس الشهيرة لحملتها الإعلانية "المستحيل لا شيء" عام ٢٠٠٤، والتي ضمت أيضاً أساطير مثل الملاكم الأمريكي محمد علي. في عام ٢٠٠٥، تلقى دعوة من رئيس وزراء باكستان للمشاركة في ماراثون لاهور الافتتاحي. وبعد عام في ٢٠٠٦، تلقى دعوة خاصة من ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية، لزيارة قصر باكنغهام. من بين العديد من التذكارات والشهادات المعروضة في منزل سينغ في البنجاب، صورة له مع الملكة. واصل سينغ مسيرته الرياضية والمشاركة في السباقات حتى تجاوز عمره 100 عام، وحصل على لقب "الإعصار ذو العمامة". وتبرع بمعظم أرباحه من الإعلانات مباشرة إلى المؤسسات الخيرية. عن هذا يقول: "كنت مازلت نفس الشخص قبل دخولي عالم الجري، لكن الجري منح حياتي رسالة وحقق لي شهرة عالمية". وفي عام 2013، أنهى مسيرته في سباقات الماراثون الطويلة في هونغ كونغ، حيث أكمل مسافة ١٠ كيلومترات في ساعة و32 دقيقة و28 ثانية. وأكد أن الفضل في تمتعه بالصحة والعمر الطويل يعود إلى أسلوب حياته البسيط ونظامه الغذائي المنضبط. وأضاف في حواره لبي بي سي: "سر طول عمري يكمن في تناول كميات أقل من الطعام، والجري أكثر، والحفاظ على السعادة. هذه هي رسالتي للجميع". في سنواته الأخيرة، كانت حياته مقسمة ما بين الهند وبريطانيا. عندما التقت به بي بي سي في يونيو/حزيران، كان يأمل في زيارة لندن مرة أخرى قريبًا للقاء عائلته ومدربه. شاركت النائبة البريطانية بريت كور جيل صورة لها مع سينغ على منصة إكس، وكتبت: "رجل ملهم بحق. انضباطه، وبساطة حياته، وتواضعه العميق تركوا أثرا لا يمحى في نفسي". وقال النائب جاس أثوال، إن سينغ "ألهم الملايين حول العالم". وكتب على إكس: "ستبقى روحه وإرثه من الصمود خالدين إلى الأبد".


شفق نيوز
١١-٠٧-٢٠٢٥
- شفق نيوز
ويمبلدون: بطولة كرة المضرب العريقة المقترنة بحلوى "الفراولة بالكريمة" الشهية
لا يُسمح فيها سوى بالأبيض الناصع من الأزياء، الذي يُضيء وسط خضرة عشب فريد بين ملاعب "الكرة الصفراء"، بحضور جمهور يحرص على تذوق طبق "الفراولة بالكريمة" الشهير في ملاعب ويمبلدون، وهو الطبق الذي يحتوي على مزيج من حدة اللون الأحمر مع صفاء اللون الأبيض. إنها بطولة العراقة والتقاليد والإرث البريطاني، التي يُنظر إليها على أنها ذروة المجد في رياضة كرة المضرب التي يُهذب فيها عنفوان اللاعبين وانفعالهم وسلوكهم في إطار من التقاليد الصارمة التي تشمل الجمهور أيضاً. تُعرف البطولة، التي انطلقت عام 1877 على ملعب يتبع نادي عموم إنجلترا للكروكيه وكرة المضرب، بأنها أعرق منافسات "الكرة الصفراء" وأكثرها جاذبية للاعبين والجماهير. وهي أهم بطولات كرة المضرب الأربعة الكبرى (الغراند سلام)، إلى جانب بطولات أستراليا وفرنسا والولايات المتحدة المفتوحة. يرى فيها البريطانيون منافسة تعكس التقاليد البريطانية والعادات التي يصرون على التمسك بمعظمها. كما يحرص المنظمون على إبقاء هذه البطولة جذابة لأبناء الطبقة الوسطى الذين يشجعون بتهذيب وانضباط، في ملعب عشبي أخضر محاط بأزهار خلابة تعبر عن الريف البريطاني. ويسعون إلى إبراز إرث هذه المنافسة العريقة الممتد على مدى قرن ونصف من الإرسالات المتبادلة والكؤوس المرفوعة، والصراخ والدموع والأمطار المعتادة في هذا الوقت من العام. تقول كلير ستانلي، وهي مذيعة في بودكاست (Murray Musings) المختص بكرة المضرب، لبي بي سي إن بطولة ويمبلدون غارقة في التقاليد، وهي البطولة الوحيدة التي تُلعب على العشب، وهو سطح فريد من نوعه لا يُلعب عليه إلا لفترة قصيرة جداً على مدار العام. وتضيف: "أنا محظوظة بما يكفي لزيارة بطولات ويمبلدون والولايات المتحدة وأستراليا وملاعب رولان غاروس … ملاعب ويمبلدون هي المفضلة لدي، فهي تحظى بالرعاية الجيدة". الزي الأبيض.. القاعدة الصارمة يُمكن القول أن التقليد الأكثر شهرة في البطولة هو إلزام جميع المشاركين بارتداء الزي الأبيض بالكامل. يعد لون الزي من قواعد البطولة المطبقة منذ البطولة الأولى، ويُسمح بارتداء اللون الأبيض العاجي أو الكريمي. ويرجع السبب إلى أن لاعبي كرة المضرب في القرن التاسع عشر كان يرتدون اللون الأبيض لتجنب بقع العرق على الملابس الملونة، والتي كانت تعد "غير لائقة". قال روبرت ليك، مؤلف كتاب "التاريخ الاجتماعي لكرة المضرب في بريطانيا"، في وقت سابق لبي بي سي، إن الزي الأبيض يبدو نظيفاً وأنيقاً ومرتباً، ويمثل الجمال، ويعكس أيضاً راحة الطبقة المتوسطة العليا تاريخياً". يقول مدير تحرير صحيفة "تنس غازيت" جون فيرال، لبي بي سي، إن اللون الأبيض باردٌ في الصيف حين تقام البطولة. ومنذ عام 2023، يُسمح للاعبات في بطولة ويمبلدون بارتداء سراويل داخلية داكنة اللون لتخفيف "مصدر محتمل للقلق" للاعبات أثناء فترة الطمث. ومع ذلك، يجب على اللاعبة التي تقرر ارتداء السراويل الداخلية، التأكد من أن طولها لا يزيد عن طول تنورتها. ويُسمح بزخارف بألوان مختلفة، على خطوط العنق، والقبعات، وربطات الرأس، وأساور المعصم، والجوارب، والسراويل القصيرة، والتنانير، والملابس الداخلية، بشرط ألا يزيد عرضها عن سنتيمتر واحد. وفي حالات عدة طُلب من لاعبين تغيير ملابسهم. رفض النجم أندريه أغاسي اللعب في ويمبلدون من عام 1988 إلى عام 1990 لأسباب منها أن قواعد اللباس منعته من ارتداء الملابس البراقة التي كان يشعر براحة أكبر عند ارتدائها، وفق دائرة المعارف البريطانية. يقول تشارلز رانسي لبي بي سي، وهو رئيس سابق للشؤون الرياضية في المناطق الإنجليزية في هيئة الإذاعة البريطانية: عندما شارك أغاسي لأول مرة ثارت تكهنات كثيرة عمّا سيرتديه، وبعد دخوله الملعب الرئيسي، فكّ سحّاب بدلته الرياضية، فكان يرتدي ملابس بيضاء بالكامل وسط هتافات استحسان من جماهير الملعب الرئيسي". ويُطبق نظام لباس أكثر مرونة في ملاعب التدريب. ويجب أن تكون الأحذية بيضاء بالكامل بما يشمل النعال والأربطة، وكذلك المعدات والأدوات الطبية ما أمكن، ويمكن تلوينها عند الضرورة القصوى. في 2013، وُجهت ملاحظة للسويسري روجر فيدرر لارتدائه حذاءً أبيض بنعل برتقالي، وُأجبر على استبداله في مباراته التالية. AFP وقالت أسطورة كرة المضرب مارتينا نافراتيلوفا إن مسؤولي البطولة "ذهبوا بعيداً جداً" عندما أخبروها في إحدى المباريات أن تنورتها ذات الخطوط الزرقاء لم تكن على مستوى القواعد. وفي عام 2017، طُلب من الأمريكية فينوس ويليامز تغيير ملابسها في منتصف المباراة، خلال فترة استراحة بسبب المطر، بسبب ارتداء حمالات صدر ذات لون وردي. وفي بطولة 2002 أُجبرت اللاعبة آنا كورنيكوفا على استبدال سروالها القصير (الشورت) لأنه أسود، لتستعير سروالاً رجالياً أبيض اللون من مدربها المقصورة الملكية في الجهة الجنوبية من الملعب المركزي، توجد المقصورة الملكية التي تحتوي 74 مقعداً باللون الأخضر الداكن. ومنذ افتتاح الملعب المركزي في 1922، تستضيف المقصورة المشاهير والرياضيين والملوك طيلة أيام البطولة. ويُعفى المدعوون من الوقوف في طوابير أو دفع رسوم الدخول. يُدعى ضيوف المقصورة لتناول الغداء قبل بدء اللعب، بالإضافة إلى الشاي والمشروبات بعد انتهائه. ويُشترط في ضيوف المقصورة ارتداء سترة وربطة عنق وحذاء. في 2015، مُنع بطل سباقات الفورمولا واحد البريطاني لويس هاميلتون من دخول المقصورة لمشاهدة مباراة الصربي نوفاك ديوكوفيتش والسويسري روجيه فيدرر في نهائي فردي الرجال. وبرر المنظمون المنع بعدم ارتداء هاميلتون بدلة رسمية كما تنص القواعد الصارمة للبطولة، إذ كان يرتدي قميصاً متعدد الألوان وسروالاً فاتح اللون. الفراولة بالكريمة لا تقتصر متعة حضور مباراة في بطولة ويمبلدون على منافسات "الكرة الصفراء"، فهناك طبق شعبي وشهي بانتظار الحضور، "الفراولة بالكريمة". تُقدم هذه الوجبة الخفيفة منذ البطولة الأولى في 1877. تعد الفراولة من الأطعمة الشهية الموسمية، ولم تكن متوافرة في سنوات سابقة إلا لبضعة أسابيع في شهري يونيو/حزيران ويوليو/تموز المصادف لموعد البطولة. ويُقدم شاي ما بعد الظهيرة الفاخر في البطولة، بالإضافة للشطائر والكعك. العشب يميز ويمبلدون لا تخطئ العين العشب في ملاعب ويمبلدون، وهو الفارق المهم الذي يميز البطولة عن بطولات "الغراند سلام" الأخرى. تُقام بطولتي أستراليا والولايات المتحدة على ملاعب ذات أرضية صلبة، أما بطولة فرنسا فتُعرف بأرضيتها الترابية. وقد يكون اللعب على العشب تحدياً للاعبين لأنه أسرع سطح في هذه الرياضة. وكانت ملاعب العشب من أكثر الأسطح شيوعاً في ملاعب كرة المضرب، لكنها أصبحت نادرة جداً بسبب التكلفة العالية اللازمة لصيانتها. تُجزّ ملاعب ويمبلدون العشبية يومياً، وتُجدد الخطوط البيضاء يومياً، وتستغرق هذه العملية ساعتين، بدءاً من الساعة 7:30. "بونشو" وقبعات سواء كانت الأمطار تهطل بغزارة أو أشعة الشمس ساطعة، فوجود المظلات ملحوظ. ويكثر استخدام المظلات الخضراء والأرجوانية، كما يُلاحظ ارتداء بعض الجماهير بونشو ويمبلدون الرسمي - نوع من الملابس الخارجية الفضفاضة يُستخدم للحماية من المطر. ولا يفرض المنظمون قواعد صارمة على ملابس الجمهور، لكن الملابس الأنيقة تبقى مفضلة. ويُمنع ارتداء الجينز الممزق والأحذية الرياضية المتسخة وأي شيء يحمل دلالات سياسية ممنوعة. ويُفضل تجنب ارتداء القبعات ذات الحواف العريضة، لأنها قد تعيق رؤية الجالسين في الخلف. ويبدو ارتداء "قبعات بنما" شائعاً بين الجمهور منذ بداية القرن العشرين. ومُنع الجمهور من استخدام عصا التصوير الذاتي "السيلفي"في بطولة عام 2015. ملعب "خالٍ من الإعلانات المبهرة" يخلو الملعب المركزي الشهير للبطولة تقريباً من الإعلانات. "ببساطة، تتخلى بطولة ويمبلدون عن فرصة كسب ملايين الجنيهات كل عام لضمان أن تبدو الملاعب أنيقة ونظيفة"، وفق فيرال. يتحدث فيرال عن "رقيّ حقيقي" تسعى ويمبلدون دائماً إلى الحفاظ عليه عبر عدم وجود تلك الإعلانات. أما رانسي فيتحدث عن رغبة المنظمين في ملعب "خالٍ من الإعلانات المبهرة". ويضيف: "البساطة تعني الفخامة، فيمكنك بسهولة رصد إعلانات باهظة الثمن للرعاة: رولكس (لوحة السرعة والساعات)، وآي بي إم ورينج روفر (لوحة النتائج)، وإمارات (المصورون في الملعب الرئيسي)، وباركليز (كرسي الحكم). إنهم ليسوا أغبياء في النواحي المالية". "عين الصقر" تراقب الكرات وبالرغم من تمسك المنظمين بتقاليد البطولة وعاداتها، إلا أن التقنيات الحديثة دخلت الملعب العشبي. فمنذ عام 2007، تُعتمد تقنية "هوك آي" (عين الصقر) لمعاونة الحكام في البطولة، ويمكن للاعبين الاعتراض على القرارات المرتبطة بملامسة الكرات للأرض. BBC ولأول مرة في تاريخ البطولة الممتد لـ 148 عاما، سيغيب الرجال والنساء المتمركزون في الجزء الخلفي من الملاعب والذين يصرخون "آوت" أي خرجت الكرة، في كل مرة تكون فيها الكرة خارج الخطوط، لأن المنظمين ألغوا وجود حكام الخط التقليديين لصالح نظام إلكتروني بدءاً من 2025. وشكل حكام الخط الذين يرتدون ملابس أنيقة جزءاً من البطولة العريقة. روفوس الصقر يرصد الحمام هذه المرة هناك عينا صقر حقيقيتان، والمهمة رصد الحمام فوق الملاعب. يألف مرتادو منافسات البطولة وجود روفوس وهو يحلق فوق الملاعب. فالصقر يتجول حول ملاعب ويمبلدون منذ 2008، للتأكد من خلو المساحات العشبية من الحمام، وإخافتهم لمنعهم من أكل العشب. يستيقظ الصقر في الخامسة صباحاً، وهو أول الواصلين للملعب المركزي. وعندما ينتهي من عمله، يتناول الطعام. ووجبته المفضلة طبق كبير من الدجاج، لكنه لا يحب الدجاج المقلي. وداعاً لعطلة الأحد الأوسط استمراراً لتقاليد البطولة المميزة، لم تكن تقام المباريات في يوم الأحد الأوسط من البطولة. وابتداءً من 2022، تراجع المنظمون عن هذا التوقف، بفضل "التطورات في تكنولوجيا العشب وصيانته"، وبالتالي "لم تعد الملاعب بحاجة إلى يوم راحة في منتصف البطولة". من يهتم؟ وفي ظل التمسك إلى حد كبير بتقاليد البطولة، يرى رانسي وجود حاجة لبعض التعديلات في ويمبلدون. يقترح رانسي، الذي غطى منافسات البطولة لسنوات لصالح بي بي سي، منع اللاعبين من التذمر والصراخ والصياح أثناء اللعب، والحد من صراخ وأصوات المتفرجين.


شفق نيوز
٠٦-٠٧-٢٠٢٥
- شفق نيوز
ما الذي يجعل كأس العالم للرياضات الإلكترونية في السعودية حدثاً مهماً يتجاوز الرياضة والترفيه؟
تشهد الرياضات الإلكترونية في جميع أنحاء العالم نمواً كبيراً، مدفوعاً بزيادة عدد المشاهدين وفرص الرعاية والشعبية المتزايدة للألعاب التنافسية بين الفئات السكانية المتنوعة، في الوقت الذي تحولت فيه هذه الألعاب إلى هوس حقيقي لعشرات الملايين من الشباب في مختلف أنحاء العالم. وتستضيف المملكة العربية السعودية خلال يوليو/تموز الجاري ولمدة سبعة أسابيع، النسخة الثانية من كأس العالم للرياضات الإلكترونية، وهو أكبر حدث تنافسي في تاريخ الألعاب، إذ يجمع نخبة بطولات الألعاب الإلكترونية تحت مظلة واحدة، ويُقام سنوياً في العاصمة السعودية الرياض. وفي نسخة 2025، يرتقي الحدث إلى مستوى غير مسبوق، من خلال التنافس في 24 من أهم الألعاب وأكثرها جماهيرية، بمشاركة 2000 لاعب من 100 دولة، يتنافسون على أكبر مجموع جوائز مالية على الإطلاق في تاريخ الرياضات الإلكترونية، ويبلغ أكثر من 70 مليون دولار وفق ما أعلنته اللجنة المنظمة. واستقطب الحدث العام الماضي، 500 مليون مشاهدة عبر الإنترنت، وشهد حضوراً جماهيرياً تجاوز 2.6 مليون شخص حسبما أعلن المنظمون. الرياضات الإلكترونية وتعزيز الاقتصادات الإقليمية ويفتح كأس العالم للرياضات الإلكترونية آفاقاً جديدة أمام الشركات المحلية والإقليمية للاستفادة من هذه الفرصة الاقتصادية الضخمة، كما أنه يوفر منصة مثالية للمبدعين لعرض مواهبهم وإبداعاتهم أمام جمهور عالمي واسع. وتشكل البطولة منصة حيوية لدعم المبدعين والمطورين المحليين، إذ تُقدم لهم فرصاً غير مسبوقة للنمو والابتكار. فمن خلال التعاون مع شركات الألعاب العالمية واستضافة البطولات الكبرى، يتمكن المطورون المحليون من اكتساب خبرات جديدة وتطوير مهاراتهم التقنية، كما يمكنهم الاستفادة من الدعم المالي والاستثماري لتعزيز مشاريعهم وتحقيق نمو مستدام. هل تكون الرياضات الإلكترونية بمثابة "نفط السعودية الجديد"؟ ويُعد قطاع الألعاب والرياضات الإلكترونية واحداً من 13 قطاعاً يتم إعطاؤها الأولوية ضمن رؤية السعودية 2030 التي تهدف إلى تنويع اقتصاد المملكة التي تعد الدولة الأكثر تصديرا للنفط على مستوى العالم وتعتمد عليه بشكل رئيسي في اقتصادها. ومن بين الأهداف، أن تصبح المملكة مركزاً عالمياً للألعاب والرياضات الإلكترونية، إذ تتقدم الرياض بخطوات ثابتة نحو هذا الهدف بفضل سلسلة من المشاريع الاستباقية، والاستثمارات الذكية عبر المنظومة، واستضافة بطولة كأس العالم للرياضات الإلكترونية التي تعتبر أحد هذه المشاريع. وتُعد المملكة أول دولة في العالم تطلق استراتيجية وطنية للألعاب الإلكترونية، بهدف خلق 39,000 وظيفة جديدة وزيادة مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي بمقدار 50 مليار ريال سعودي بحلول عام 2030. ويُمثّل كل من كأس العالم للرياضات الإلكترونية ومؤتمر الرياضة العالمية الجديدة، بداية حقبة جديدة للألعاب والرياضات الإلكترونية، ليس فقط على مستوى المملكة العربية السعودية، بل على الصعيد العالمي، إذ فتح الحدثان التاريخيان آفاقاً واسعة لنمو قطاعي الرياضة والترفيه، ووضعا المملكة في صدارة الدول الرائدة في هذا المجال. ويقول الخبير الاقتصادي صبري ناجح لبي بي سي، إن "أي مسابقة يصل فيها حجم الجوائز إلى ملايين الدولارات، ستجذب دون شك الملايين من المتسابقين، لكنها أيضا تحقق الملايين، هذا ما يحدث في سوق الألعاب الإلكترونية حالياً، كونها تخطت مسألة الرفاهية والتسلية إلى مصدر دخل للكثيرين". ويضيف أنه "على الصعيد العالمي، هناك بطولة Fortnite World Cup بجوائز تخطت قيمتها 30 مليون دولار، وبطولة Dota 2 International بجوائز بلغت 40 مليون دولار، وبطولة كأس العالم للرياضات الإلكترونية 2025 في الرياض بمجموع جوائز 70 مليون دولار". وفي عام 2022 بلغ حجم سوق الألعاب الإلكترونية العالمية 235 مليار دولار (بحسب تقديرات مؤسسة «نيوزو» Newzoo المتخصصة في إحصاءات الألعاب الإلكترونية). وبحسب الموقع المتخصص في الإحصاءات «ستاتيستا»، استطاعت الولايات المتحدة الاحتفاظ بالنصيب الأكبر من سوق الألعاب الإلكترونية في العالم خلال عام 2022، بإيرادات وصلت إلى 55 مليار دولار من خلال 156 مليون مستخدم. في المقابل، بلغت إيرادات الصين التي تحمل لقب «عاصمة ألعاب الفيديو» 44 مليار دولار خلال العام 2022، رغم أن عدد اللاعبين فيها تجاوز 714 مليون شخص. ويوضح ناجح أنه "من هذه القاعدة تنطلق المنافسات بين الشركات والدول للحصول على حصة سوقية من هذه السوق الضخمة. ومن هنا جاءت منطقة الشرق الأوسط أو السعودية تحديداً في مقدمة الدول الناشئة للحصول على حصة سوقية من خلال المسابقات التي تنتجها وترعاها. ولك أن تتخيل أن أعداد مستخدمي الألعاب الإلكترونية قد وصل إلى أكثر من 3 مليارات لاعب حول العالم". ويوضح صبري ناجح أن متوسط العائد السنوي عن كل مستخدم في سوق ألعاب الفيديو، ارتفع من 58.9 دولار في عام 2019، إلى 80.18 دولار في عام 2022، مع توقعات بارتفاع العائد إلى قرابة 100 دولار هذا العام (وفق تقديرات نيوزوو). ويواصل ناجح: "هذه الأرقام تنقل المنافسة الاقتصادية إلى الواقع الافتراضي، خاصة وسط مساع بكين إلى إدراج الرياضات الإلكترونية لتكون ضمن الألعاب الأولمبية، ومن المتوقع أن تزداد الأرباح حينها إلى مستويات قد تتخطى قطاعات اقتصادية تقليدية". ويختم الخبير الاقتصادي بأن الألعاب الإلكترونية هي ابتكارات أولاً، من خلال تشجيع الشباب للدخول في قطاع التكنولوجيا الذي يرسم مستقبل الاقتصادات، ثم فرصة اقتصادية حقيقية، من خلال التسابق على حصة سوقية من قطاع الألعاب الإلكترونية، ولها أيضا أبعاد اجتماعية أخرى حيث يمكنك استخدام القطاع في تسويق بلادك، إذ تضمن وصول الهدف التسويقي إلى ما يقرب من 3 مليارات شخص حول العالم". هل تنجح السعودية في توظيف الألعاب الإلكترونية لتعزيز نفوذها الاقتصادي؟ ومن الناحية الاقتصادية، يُتوقع أن يكون للبطولة تأثير كبير على السياحة والاقتصاد المحلي في السعودية، وقد تؤدي إلى جذب استثمارات إضافية في قطاع الرياضات الإلكترونية، وزيادة حركة السياحة الدولية. كما سيكون لها تأثير اجتماعي إيجابي من خلال توسيع قاعدة المشاركين والمشاهدين في الرياضات الإلكترونية، وهو ما سيعزز من تفاعل الشباب السعودي مع هذه الرياضات. وكأس العالم للرياضات الإلكترونية في السعودية هو حدث ينتظره الملايين من عشاق الألعاب حول العالم، إذ تعكس استضافة المملكة لهذه البطولة رؤيتها في استثمار التكنولوجيا وتعزيز مكانتها كمركز عالمي للرياضات الإلكترونية. ومع جوائز ضخمة، وتقنيات متقدمة، ومشاركة واسعة من اللاعبين الدوليين، فإن هذه البطولة ستكون محطة هامة في تاريخ الرياضات الإلكترونية، وستسهم في دفع عجلة النمو لهذا القطاع الحيوي في المنطقة والعالم. هل نعيش لحظة ولادة ثقافة إلكترونية جديدة؟ وتعتبر كأس العالم للرياضات الإلكترونية (EWC) حدثاً رياضياً سنوياً بارزاً، واحتفالاً عالمياً بالمنافسات النخبوية وشغف الرياضات الإلكترونية. وتتميز البطولة بنظام فريد يُعرف بـ "التجميع النقطي" عبر الألعاب Cross Gaming. وأصبح حفل افتتاح كأس العالم للرياضات الإلكترونية أكثر إثارة مع انضمام المغني الأمريكي بوست مالون، أحد عشاق الألعاب منذ فترة طويلة، وسيمزج العرض الحي الذي سيقدّمه خلال حفل الافتتاح في 10 يوليو/تموز بين أنغامه الشهيرة والاحتفال بثقافة الألعاب على أكبر مسرح تنافسي في العالم. ويمتلك بوست مالون، الفنان العالمي الحاصل على 9 شهادات ألماسية، جذوراً عميقة في مجتمع الألعاب والرياضات الإلكترونية، حيث يشارك في ملكية فريق OpTic Gaming، ويبث ألعاب Call of Duty: Warzone و PUBG و Hunt: Showdown على منصة تويتش، كما تعاون مع مطوري الألعاب في فعاليات داخل اللعبة، من بينها تعاونه الأخير مع لعبة Apex Legends. ويقول ميك مكابي الرئيس التنفيذي للعمليات في مؤسسة كأس العالم للرياضات الإلكترونية لبي بي سي، إن "الرياضات الإلكترونية أصبحت قوة ثقافية عالمية، حيث تلتقي الموسيقى بالسرد القصصي والمنافسة لصناعة لحظات لا تُشاهد فقط، بل تُحس". وأضاف أنه "مع افتتاح البطولة بعرض لبوست مالون، نحن نخلق نغمتنا الخاصة، و هويتنا المميزة، بلغة عالمية توحّد الجماهير وتشكّل المستقبل الثقافي للرياضات الإلكترونية". ماذا وراء إطلاق السعودية لكأس العالم للألعاب الإلكترونية؟ رؤية اقتصادية أم إعادة تشكيل ثقافي؟ وكان ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، قد أبدى اهتماماً بالغاً بتطوير قطاع الألعاب والرياضات الإلكترونية، مؤكداً أهمية هذا القطاع في تحقيق أهداف رؤية المملكة 2030. وفي إطار تعزيز هذا القطاع، أعلن بن سلمان عن استراتيجية مجموعة سافي للألعاب الإلكترونية (Savvy Games Group)، التي تمثل عنصراً رئيسياً فيما وصفها بـ"الاستراتيجية الطموحة" لتحويل المملكة إلى مركز عالمي لقطاع الألعاب والرياضات الإلكترونية بحلول عام 2030، وتتبع المجموعة صندوق الاستثمارات العامة السعودي (PIF) الذي يترأسه ولي العهد. وتشمل الاستراتيجية ضخ استثمارات تبلغ قيمتها 142 مليار ريال سعودي في أربعة برامج تغطي مختلف أنواع الاستثمارات وعمليات الاستحواذ، ومنها تخصيص مبلغ 50 مليار ريال للاستحواذ على أفضل شركات نشر الألعاب وتطويرها، لتصبح شريكاً استراتيجياً فعالاً. وتهدف هذه الاستراتيجية إلى إنشاء 250 شركة ألعاب محلية، وتوفير 39,000 وظيفة، وزيادة مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي إلى 50 مليار ريال سعودي بحلول عام 2030. لماذا تراهن الرياض على مؤتمر الرياضة الجديدة لتغيير قواعد اللعبة؟ وبالتزامن مع كأس العالم للرياضات الإلكترونية 2025، يُقام مؤتمر "الرياضة العالمية الجديدة" كحدث رئيسي تنظمه مؤسسة كأس العالم للرياضات الإلكترونية. ويهدف المؤتمر إلى أن يكون منصة استراتيجية تجمع بين قادة الصناعة المبدعين، وصناع القرار لاستكشاف الفرص الاقتصادية الهائلة التي يقدمها قطاع الألعاب والرياضات الإلكترونية. ويمثل المؤتمر فرصة ذهبية للصناعات الإقليمية للاستفادة من النمو السريع لقطاع الرياضات الإلكترونية. ومن خلال جلسات النقاش وورش العمل، سيتم تسليط الضوء على كيفية تطوير البنية التحتية المحلية ودعم الشركات الصغيرة والمتوسطة لتلبية الطلب المتزايد على الخدمات المتعلقة بالرياضات الإلكترونية. ما هي أبرز المسابقات في كأس العالم للرياضات الإلكترونية ؟ ومن المقرر أن تشهد بطولة كأس العالم للرياضات الإلكترونية تنافساً قوياً في مجموعة من الألعاب الإلكترونية الشهيرة التي تحظى بقاعدة جماهيرية كبيرة في 24 لعبة من فئات متنوعة. ومن بينها: الألعاب التنافسية (FPS)، والموبا، والقتال الفردي، والرياضة الافتراضية، والاستراتيجية الرقمية بما فيها الشطرنج. هل يتحول الترفيه إلى اضطراب نفسي؟ متخصصون يحذرون من الوجه الخفي للألعاب الإلكترونية ظاهرة الهوس بالألعاب الإلكترونية بين فئة الشباب لا تحدث من فراغ، بل ترتبط بعدة عوامل نفسية وسلوكية حيث تعتمد معظم الألعاب الإلكترونية الحديثة على نظام المكافأة الفورية، وهو ما يحفّز إفراز هرمون الدوبامين في الدماغ، المسؤول عن الشعور بالمتعة. وتقول الاختصاصية النفسية الأردنية شذى عبدالجليل لبي بي سي، إن "أسباب هوس الشباب بالألعاب الإلكترونية متعددة، منها الشعور بالفراغ الداخلي والشعور بالوحدة وحب الاستكشاف والفضول وتأثير الأصدقاء. فكلما كان وقت الفراغ أكثر كلما زاد الهوس بالألعاب الإلكترونية". وتتابع الاختصاصية: "أيضاً من أهم أسباب الهوس بالألعاب الالكترونية، الرغبة في الهروب من والواقع وعدم الرضا عنه، فالألعاب الإلكترونية عالم خيالي به أحداث كثيرة ومثالية نوعا ما، وربما يكون الأمر نوعاً من التفريغ الانفعالي حيث يقوم الشخص بتفريغ انفعالاته ومشاعره المكتومة ومنها الغضب في الألعاب الإلكترونية". وتوضح عبد الجليل أن "الهوس بالألعاب الإلكترونية هو تعبير عن حاجة نفسية، فربما يلجأ الشباب إليها لعجزهم عن تحقيق احتياجاتهم في الواقع، بسبب رفض الأهل لبعض المشاعر والسلوكيات مثلاً، فيتم التعبير عنها وتفريغها في الألعاب الإلكترونية وربما يكون لها اثار نفسية غير جيدة على الشباب". وتختتم شذى حديثها: "من أجل التخفيف من الهوس بالألعاب الإلكترونية، لابد من إيجاد أنشطة أخرى بديلة يكون التعلق بها أخف، وشغل وقت الفراغ بصورة أكثر إيجابية، والتعبير عن المشاعر أكثر، فهذا يساعد على عدم التعلق بالألعاب الإلكترونية أو إدمانها".