logo
د.محمود الحبيس يكتب : وجدت نفسي ادخل على مضمون خطاب الملك امس ..

د.محمود الحبيس يكتب : وجدت نفسي ادخل على مضمون خطاب الملك امس ..

بقلم :
د.محمود عبدالله الحبيس
الملك اذ يقول :
جاء خطاب جلالة الملك امام البرلمان الاوروبي بتاريخ 2025/7/17 لوضع الحقائق كما يجب .
انطلق الخطاب من حالة أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية وإنها تركت خلفها الماضي لتدشن المستقبل لها بإعادة اعمارها لتلبية القيم والحاجات الإنسانية بعيدا عن أجواء الحروب انما رسم الصورة الرمزية للمجتع الذي تقدم وتطور وليس الانكفاء بأحداث الماضي وتلبيس العدالة والقيم وابرار انسانية الاوروبي.
لعل شخصية الملك ذات القدرة بالتاثير بالآخرين والتركيز على المنطق والواثق من نفسه والواعي لما يقوله ..فجعل رؤية الحرب على غزة بابشع الصور المنافية للانسانية الانسان في الوقت الذي اتجه العالم اليوم الى انحدار أخلاقي بنسخة مخزية للقيم الإنسانية بما يحاك ضد اهلنا في غزة التي خذلها العالم ..وهنا الوقوف على وصف الملك بأن الهجمات والغارات الإسرائيلية على المستشفيات ومرافق الرعاية الصحية وهدم المنازا وتخريب الارض وتدمير البيئة الزراعية والتجارية وامعانا بالظلم والوحشية وما تقوم به اسرائيل من استخدام المجاعة كسلان ضد الأطفال وهذا يعطي نمطا لفشل المجتمع الدولي في سد الفجوة بين القول والفعل ..فماذا تفيد أقوال العالم التي تستمر بالاستنكار دون دور للشرعية الدولية الغائبة عن الحضور في فض النزاعات.
جلالة الملك شاهد على الهجمات الإسرائيلية على ايران وهي تمثل تهديدا وتصعيدا خطيرا في منطقة الشرق الأوسط وما ينجم عنها من اضطرابات قادمة بفعل فقلت بوصلة الأخلاق بالتمييز بين الحق والباطل .وهو ما تسعى اليه اسرائيل عبر حروبها التي تقوم بها .
لا شك أن رسائل الملك في هذا الخطاب التاريخي انه يقدم رؤية الحاضر في صورة المستقبل المظلم.
لكن من حق الملك علينا أن نخاطب البعض الذين يشككون في الدور الاردني بقيادة جلالة الملك..فكيف لجلالة الملك يتحدث بنمط قيادي كقائد طبيعي يمتلك الرؤية للمستقبل ..كيف للبعض أن يشكك بمواقف واضحة ..مؤسف انخراط البعض مثلا تسهيل الاردن لمجاله الجوي لمرور الطائرات الإسرائيلية..فكيف لهذا المنطق أن يستقيم مع ما يتحدث به جلالة الملك..
دعم الاردن فعليا الى الأشقاء في فلسطين وغزة لا يمكن تحويله عبر فاتورة حساب المواقف ..
الواقع ان مواقف الاردن تتماشى مع مصلحته الوطنية .ومن الإنصاف القول ان قيادتنا كانت دوما تستشرف الأمور وتكون النتائج عكسية وبالتالي هناك من يوجه الاتهامات الى القيادة الاردنية وكان الاردن وقيادته هم سبب النكبات والازمات التي حلت بالعرب .
خطاب الملك امام البرلمان الاوروبي يحمل عقلانية القرارات الصادقة ..وهذا هو الملك ..فهل نحمل المصحف لنقسم الإيمان اننا برئيون براءة يوسف من دم يعقوب..
الاردن لم يغتال الهزائم العربية بل لحقه نصيبه منها.
الاردن ينظر للمستقبل بتحدياته القادمة وما تسفر عنه الحرب الإسرائيلية الايرانية..ومن حقه ان يتخوف..لكن مع الملك شعب واع مدرك للحقيقة ولا يهمه القلة القليلة .
هذا هو الملك القائد العقلاني الواعي الذاتي المتحلي بمحاسن الأخلاق.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

د.محمود الحبيس يكتب : وجدت نفسي ادخل على مضمون خطاب الملك امس ..
د.محمود الحبيس يكتب : وجدت نفسي ادخل على مضمون خطاب الملك امس ..

سرايا الإخبارية

timeمنذ 7 ساعات

  • سرايا الإخبارية

د.محمود الحبيس يكتب : وجدت نفسي ادخل على مضمون خطاب الملك امس ..

بقلم : د.محمود عبدالله الحبيس الملك اذ يقول : جاء خطاب جلالة الملك امام البرلمان الاوروبي بتاريخ 2025/7/17 لوضع الحقائق كما يجب . انطلق الخطاب من حالة أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية وإنها تركت خلفها الماضي لتدشن المستقبل لها بإعادة اعمارها لتلبية القيم والحاجات الإنسانية بعيدا عن أجواء الحروب انما رسم الصورة الرمزية للمجتع الذي تقدم وتطور وليس الانكفاء بأحداث الماضي وتلبيس العدالة والقيم وابرار انسانية الاوروبي. لعل شخصية الملك ذات القدرة بالتاثير بالآخرين والتركيز على المنطق والواثق من نفسه والواعي لما يقوله ..فجعل رؤية الحرب على غزة بابشع الصور المنافية للانسانية الانسان في الوقت الذي اتجه العالم اليوم الى انحدار أخلاقي بنسخة مخزية للقيم الإنسانية بما يحاك ضد اهلنا في غزة التي خذلها العالم ..وهنا الوقوف على وصف الملك بأن الهجمات والغارات الإسرائيلية على المستشفيات ومرافق الرعاية الصحية وهدم المنازا وتخريب الارض وتدمير البيئة الزراعية والتجارية وامعانا بالظلم والوحشية وما تقوم به اسرائيل من استخدام المجاعة كسلان ضد الأطفال وهذا يعطي نمطا لفشل المجتمع الدولي في سد الفجوة بين القول والفعل ..فماذا تفيد أقوال العالم التي تستمر بالاستنكار دون دور للشرعية الدولية الغائبة عن الحضور في فض النزاعات. جلالة الملك شاهد على الهجمات الإسرائيلية على ايران وهي تمثل تهديدا وتصعيدا خطيرا في منطقة الشرق الأوسط وما ينجم عنها من اضطرابات قادمة بفعل فقلت بوصلة الأخلاق بالتمييز بين الحق والباطل .وهو ما تسعى اليه اسرائيل عبر حروبها التي تقوم بها . لا شك أن رسائل الملك في هذا الخطاب التاريخي انه يقدم رؤية الحاضر في صورة المستقبل المظلم. لكن من حق الملك علينا أن نخاطب البعض الذين يشككون في الدور الاردني بقيادة جلالة الملك..فكيف لجلالة الملك يتحدث بنمط قيادي كقائد طبيعي يمتلك الرؤية للمستقبل ..كيف للبعض أن يشكك بمواقف واضحة ..مؤسف انخراط البعض مثلا تسهيل الاردن لمجاله الجوي لمرور الطائرات الإسرائيلية..فكيف لهذا المنطق أن يستقيم مع ما يتحدث به جلالة الملك.. دعم الاردن فعليا الى الأشقاء في فلسطين وغزة لا يمكن تحويله عبر فاتورة حساب المواقف .. الواقع ان مواقف الاردن تتماشى مع مصلحته الوطنية .ومن الإنصاف القول ان قيادتنا كانت دوما تستشرف الأمور وتكون النتائج عكسية وبالتالي هناك من يوجه الاتهامات الى القيادة الاردنية وكان الاردن وقيادته هم سبب النكبات والازمات التي حلت بالعرب . خطاب الملك امام البرلمان الاوروبي يحمل عقلانية القرارات الصادقة ..وهذا هو الملك ..فهل نحمل المصحف لنقسم الإيمان اننا برئيون براءة يوسف من دم يعقوب.. الاردن لم يغتال الهزائم العربية بل لحقه نصيبه منها. الاردن ينظر للمستقبل بتحدياته القادمة وما تسفر عنه الحرب الإسرائيلية الايرانية..ومن حقه ان يتخوف..لكن مع الملك شعب واع مدرك للحقيقة ولا يهمه القلة القليلة . هذا هو الملك القائد العقلاني الواعي الذاتي المتحلي بمحاسن الأخلاق.

د. احمد الخصاونة : جلالة الملك في البرلمان الأوروبي: صوت الحق في زمن الصمت
د. احمد الخصاونة : جلالة الملك في البرلمان الأوروبي: صوت الحق في زمن الصمت

أخبارنا

timeمنذ 8 ساعات

  • أخبارنا

د. احمد الخصاونة : جلالة الملك في البرلمان الأوروبي: صوت الحق في زمن الصمت

أخبارنا : في زمنٍ يُخيّم عليه الضباب الأخلاقي، وتتراجع فيه المبادئ أمام سطوة المصالح الباردة، ويغدو الإنسان فيه مجرّد رقمٍ في نشرات الأخبار، وأداةً في معادلات السياسة القاسية، أطلّ جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين، حفظه الله ورعاه، من على منبر البرلمان الأوروبي في مدينة ستراسبورغ، أطلّ لا كقائد دولة فحسب، بل كضميرٍ حيّ، يُجسّد نُبل الموقف، وعمق الرؤية، وعبق التاريخ الأردني العريق في الدفاع عن الحق والعدالة. لقد جاءت كلمة جلالته بمثابة وقفة ضمير في عالمٍ أنهكته الازدواجية، واستنزفته الحسابات الضيقة، فكان صوته صريحًا في زمن المُواربة، حازمًا في لحظة تردد، عادلًا في وقت ساد فيه الظلم، ومُلهمًا وسط ضجيجٍ عالمي تاهت فيه البوصلة الأخلاقية. إنّها ليست المرة الأولى التي يُعبّر فيها جلالة الملك عن هموم الشعوب، وآمال المظلومين، ولكنها كانت لحظة فارقة، اختار فيها أن يُخاطب ضمير العالم من قلب أوروبا، ليدقّ جرس الإنذار، ويُذكّر الجميع بأنّ القيم ليست رفاهية، وأنّ العدالة ليست خيارًا انتقائيًا، بل واجبٌ إنساني لا يقبل التأجيل. لقد جاء خطاب جلالته في لحظة فارقة من تاريخ البشرية، وفي وقتٍ عصيب تعاني فيه منظومة القانون الدولي من ارتباك خطير، وتتصدّع فيه المعايير الأخلاقية التي قامت عليها الحضارة الحديثة، ليُعيد التذكير بأن الصمت على المظالم هو شراكة في ارتكابها، وأن الحياد أمام الجرائم الكبرى هو انحياز ضد الضحايا، لا سيما إذا كان هؤلاء الضحايا شعبًا بأكمله يُسحق تحت نير الاحتلال والعدوان، كما هو حال الشعب الفلسطيني. في خطابه التاريخي، لم يكن جلالة الملك يتحدث بلغة الإنشاء السياسي، بل بلغة الضمير الحيّ والرسالة الصادقة، مخاطبًا الأوروبيين من عمق تجربتهم الإنسانية، مُستحضِرًا اللحظات المظلمة التي أعقبت الحرب العالمية الثانية، حين اختارت أوروبا أن تنقذ نفسها من براثن الخراب عبر بناء سلام مستند إلى القانون، والتعاون، والكرامة الإنسانية. ومن هذا الاستدعاء التاريخي العميق، انطلقت رسالة جلالته لتقول إن ما يحدث اليوم في غزة ليس مجرد صراع، بل هو نكبة إنسانية ووصمة في جبين العالم، وإن التقاعس عن وقف هذا النزيف هو تفريط بالقيم التي قامت عليها الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي الإنساني. لقد أكد جلالته، بثباتٍ ووضوح، أن استمرار العدوان على قطاع غزة، وتجاهل الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وفي مقدمتها إقامة دولته المستقلة ذات السيادة على حدود الرابع من حزيران لعام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، لن يؤدي إلا إلى مزيد من التطرّف، وزيادة زعزعة الاستقرار في المنطقة والعالم. كما شدد على أن السلام لا يُبنى بالقوة وحدها، بل يقوم على العدل، وتُرسّخ جذوره بالتفاهم والاحترام المتبادل والاعتراف بالحقوق. واللافت أن الخطاب لم يكن محل إعجاب فحسب، بل كان صدمة إيجابية داخل البرلمان الأوروبي، حيث قُوطع بالتصفيق الحار سبع مرات، في مشهدٍ نادر الحدوث في مثل هذه المحافل، دالّ على عمق التأثير، وصدق الموقف، وبلاغة الرسالة. وقد بدا واضحًا أن جلالة الملك لا يُخاطب جمهورًا سياسيًا فحسب، بل يُناشد الضمير الإنساني العالمي، ويوقظ إحساس المسؤولية التاريخية تجاه معاناة شعب محاصر، وأمة تتجرّع الظلم منذ أكثر من سبعة عقود. إن موقف جلالة الملك من القضية الفلسطينية لم يكن يومًا موقفًا عابرًا أو ظرفيًا، بل هو موقف مبدئي راسخ تجذّر في الوجدان الهاشمي منذ الثورة العربية الكبرى، وترسّخ في ضمير الدولة الأردنية منذ تأسيسها، وامتدّ عبر عقود من النضال السياسي والدبلوماسي. وهو موقفٌ ليس فقط باسم الأردن، بل باسم العدالة، وباسم الإنسان، وباسم كل الأحرار الذين ما زالوا يؤمنون أن للحق مكانًا، وللمظلوم نصيرًا، وللصوت الحر قوة. ونحن، في الأردن، شعبًا ومؤسسات، نقف خلف جلالة الملك وقفة الثابتين، نعتز برؤيته، ونفخر بشجاعته، وندعم جهوده المتواصلة في الدفاع عن القيم والمبادئ. وندعو، من هذا المقام، إلى تفعيل أدوات الدبلوماسية البرلمانية والشعبية على الصعيدين العربي والدولي، لترسيخ الرسالة الأردنية النبيلة، والعمل على تشكيل رأي عام عالمي ضاغط لإنهاء الاحتلال، ووقف آلة الدمار، وإحياء مسار السلام القائم على الحق لا على التفاوض المفرغ من مضمونه. ختامًا، لم يكن خطاب جلالة الملك في البرلمان الأوروبي مجرد كلمة سياسية تُقال في مناسبة دولية عابرة، بل كان بمثابة وثيقة تاريخية ناطقة بالحق، تُضاف إلى سجلّ الأردن المشرف والمضيء في نصرة القضايا العادلة والدفاع عن المبادئ الإنسانية السامية. لقد ارتقى الخطاب فوق حدود الدبلوماسية التقليدية، ليحمل رسالة أمة بأسرها، نابضة بالكرامة، مشبعة بالألم، ومشرعة بالأمل. تحدّث جلالته بلغة العقلاء، وبلسان الشعوب المقهورة، مُجسّدًا الضمير العربي الحيّ الذي لا يرضى بالظلم، ولا يصمت أمام الجور، ولا يتخلى عن مسؤوليته الأخلاقية والإنسانية في أحلك الظروف. لقد قرع جلالته جدران الصمت الدولي بقوة الحكمة والعدل، مُذكّرًا العالم بأنّ الصمت عن المعاناة ليس حيادًا، بل تواطؤ مع الألم، وأنّ العدالة لا تقبل التأجيل، ولا تُجزأ تحت أي ذريعة. وفي هذا الموقف التاريخي المشرّف، يُجدد الأردن بقيادته الهاشمية المُلهمة حضوره المتميز على الساحة الدولية كصوتٍ عاقلٍ وشجاعٍ في زمنٍ تندر فيه الأصوات النزيهة. وإننا، إذ نُثمّن عاليًا هذا الدور القيادي والمسؤول الذي يضطلع به جلالة الملك عبد الله الثاني، نُدرك تمامًا أنّ هذا الصوت لا يُمثل الأردن فحسب، بل يُمثل كل من ينشد الحق، ويؤمن بالحرية، ويصبو إلى كرامة الإنسان. نسأل الله العلي القدير أن يحفظ الأردن، وطنًا عزيزًا آمنًا، وأن يحمي قيادته الهاشمية المُباركة، التي ما توانت يومًا عن القيام بواجبها تجاه شعبها وأمّتها. ونسأله تعالى أن يبقى صوت الحق الأردني عاليًا، يُضيء عتمة العالم، ويهدي الحائرين إلى دروب الكرامة، والعدالة، والإنسانية، والسلام.

حسين هزاع المجالي : قراءة تحليلية لخطاب جلالة الملك عبد الله الثاني أمام البرلمان الأوروبي في مدينة ستراسبورغ الفرنسية
حسين هزاع المجالي : قراءة تحليلية لخطاب جلالة الملك عبد الله الثاني أمام البرلمان الأوروبي في مدينة ستراسبورغ الفرنسية

أخبارنا

timeمنذ 8 ساعات

  • أخبارنا

حسين هزاع المجالي : قراءة تحليلية لخطاب جلالة الملك عبد الله الثاني أمام البرلمان الأوروبي في مدينة ستراسبورغ الفرنسية

أخبارنا : الخطاب لم يكن مجرد نداء... بل يمكن اعتباره "خارطة طريق أخلاقية–أمنية" للمرحلة المقبلة. جاء خطاب جلالة الملك عبد الله الثاني أمام البرلمان الأوروبي في لحظة شديدة الحساسية من عمر النظام الدولي، في وقت مر به المجتمع الدولي بالعديد من الاضطرابات السياسية والتكنولوجية والاقتصادية؛ من جائحة فيروس كورونا، وتهديدات أمنية جديدة، وتسارع تكنولوجي غير مسبوق، إلى المعلومات المضللة التي تفشت بشكل مفرط، الى وقت يتسارع فيه تفكك منظومة القيم التي نشأت عقب الحرب العالمية الثانية، ويشتد فيه زخم النزاعات الإقليمية من أوكرانيا إلى غزة، مروراً بإيران، في ظل تحولات حادة في موازين القوى وتراجع خطير في الأداء الأخلاقي للمجتمع الدولي. وقد عكس الخطاب إدراكاً عميقاً من جلالته لطبيعة هذا المنعطف، فخاطب أوروبا من بوابة ضميرها التاريخي، مذكّراً إياها بأن قيامها من رماد الحرب قد ارتكز ليس فقط على إعادة بناء المدن، بل على إحياء منظومة قيم إنسانية كونية، شكلت أساس أمنها واستقرارها لعقود. الخطاب لم يكن عاطفياً أو إنشائياً، بل صيغ بدقة وصرامة استراتيجيتين، حيث رسم جلالة الملك مشهداً دقيقاً ومقلقاً لتحولات العالم، مستخدماً تعبيرات حاسمة مثل "فقدان البوصلة الأخلاقية" و"انهيار الحدود الأخلاقية"، وهي إشارات ذات دلالة عميقة في التحليل السياسي والأمني، لأن غياب المرجعية الأخلاقية في العلاقات الدولية يؤدي مباشرة إلى تآكل شرعية القانون، وصعود الفوضى والصراع المفتوح. كما أعاد جلالته ربط القيم الإنسانية بمفهوم الأمن العالمي، وهو طرح نادر في المشهد الدولي الراهن، الذي تنحو فيه القوى الكبرى نحو البراغماتية البحتة، متناسية أن أساس أمنها التاريخي لم يكن القوة العسكرية فقط، بل أيضاً منظومة القيم التي ضمنت احترام الإنسان وكرامته. وفي تحذير بالغ الدلالة، شدد جلالة الملك عبد الله الثاني على أن استمرار ازدواجية المعايير في التعامل مع الصراعات، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، لا يهدد فقط بانهيار المنظومة الأخلاقية العالمية، بل ينذر بانهيار شامل للنظامين السياسي والأمني على مستوى العالم. وعندما قال إن الجرافات التي تهدم منازل الفلسطينيين "تهدم أيضاً الحدود الأخلاقية"، كان يوجه رسالة صريحة مفادها أن غياب العدالة ليس شأناً محلياً محصوراً في غزة أو الضفة الغربية، بل هو خطر عالمي مرتد، يزعزع ما تبقى من توازنات دولية ويهدد أمن الجميع دون استثناء. الخطاب حمل رسائل متعددة الاتجاهات، صريحة في ظاهرها، وعميقة في باطنها، تشكّل في مجملها خطاباً مُشفّراً موجهاً لكل طرف بلغته، يحمل ما بين السطور دلالات استراتيجية وأخلاقية بالغة الأهمية. فللأوروبيين، كانت الرسالة دعوة واضحة لاستعادة دورهم الأخلاقي والتاريخي، لا باعتبارهم قوة عظمى فحسب، بل كأمم نهضت من تحت رماد الحروب لتؤسس نظاماً إنسانياً قائماً على التعددية والعدالة. أما لإسرائيل، فقد وجّه جلالة الملك تحذيراً استراتيجياً محسوباً، مفاده أن استمرار الحرب واتساع رقعتها لتشمل إيران ينذر بانفجار إقليمي واسع النطاق، لا يمكن التنبؤ بمآلاته. وللمجتمع الدولي عامة، جاء الخطاب كمرآة تعكس حجم التناقض الصارخ بين المبادئ المُعلنة والممارسات الفعلية، خاصة في غزة، حيث باتت أفعال كانت تُعدّ قبل أعوام وحشية وغير مبررة — كقصف المستشفيات واستهداف المدنيين — واقعاً متكرراً لم يعد يثير حتى الاستغراب أو الاستنكار. من منظور أمني واستراتيجي، يمثل خطاب جلالة الملك إعادة ضبط دقيقة للبوصلة السياسية في المنطقة. فلقد سلط جلالته الضوء على الترابط العميق بين الأمن الإقليمي في الشرق الأوسط والأمن الأوروبي، ويؤكد أن استمرار الظلم في فلسطين ليس فقط مأساة إنسانية، بل تهديداً استراتيجياً لاستقرار النظام الدولي. فالمنطقة تقف على حافة غليان شعبي قد لا تتمكن الأنظمة التقليدية من احتوائه، ما لم يتم كبح جماح الظلم، واستعادة الأمل لدى شعوبها. وفي الوقت ذاته، أعاد جلالة الملك التأكيد على مكانة الأردن كدولة معتدلة وركن استقرار موثوق، يملك شرعية أخلاقية وتاريخية عميقة، وقدرة دبلوماسية على التوسط والبناء، لكن ضمنياً، فإن الرسالة كانت واضحة: لا تراهنوا فقط على الجغرافيا، بل على من بقي متمسكاً بالقيم. وقد طرح جلالته مسارين للعمل العالمي، أولهما دعم التنمية في المنطقة باعتبارها ضمانة للاستقرار، والثاني اتخاذ إجراءات منسقة لوقف الحروب، وفي مقدمتها الحرب في أوكرانيا، والصراع الفلسطيني – الإسرائيلي. وفي هذا السياق، لم يكن حديثه عن الدولة الفلسطينية حديثاً إنشائياً، بل طرحاً استراتيجياً يعتبر قيام الدولة الفلسطينية حقاً للشعب الفلسطيني، وأداة لتحقيق السلام العادل والأمن الشامل. ما يميز هذا الخطاب أنه لا يكتفي بتشخيص الواقع، بل يقدم قراءة ناضجة تستبطن توصيات جوهرية: أن على أوروبا أن تتجاوز التردد وأن تتوحد حول قيمها؛ وأن على العالم أن يقرر بوضوح ما إذا كان سيختار حكم القانون، أم قانون القوة والغلبة؛ وأن قضية فلسطين ليست ملفاً إنسانياً فقط، بل معركة على روح النظام الدولي نفسه. في المحصلة، لم يكن خطاب جلالة الملك عبد الله الثاني نداءً سياسياً تقليدياً، بل وثيقة حضارية واستراتيجية تضع المجتمع الدولي أمام مفترق حاسم: إما أن يستعيد إنسانيته، أو أن يواصل انحداره نحو العدمية. إنه خارطة طريق أخلاقية – أمنية لعالم مضطرب، لا يملك ترف التردد أكثر من ذلك. خطاب يحمل في طياته عمق القائد، وبعد نظر العسكري، وحكمة رجل الدولة، وهو في آنٍ معاً دعوة للتاريخ كي لا يعيد أسوأ فصوله. ــ المجالي

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store