
تصعيد غير مسبوق ومجاعة وشيكة: غزة تحت نار "عربات جدعون"
مرّ نحو 80 يوماً على شن إسرائيل غارات استباقية ضد غزة في مارس (آذار) الماضي، أدت عملياً إلى وضع حد لوقف إطلاق نار هش مع "حماس" واستئناف الصراع.
وبعد شهرين أطلقت حكومة بنيامين نتنياهو عملية "عربات جدعون"، وهي تصعيد في العمل العسكري في غزة بهدف السيطرة على القطاع بأكمله، وشملت إصدار أوامر إخلاء جماعية واتخاذ إجراءات لفرض قيود على تدفق المساعدات، وسط تقارير واسعة النطاق عن نقص حاد في الغذاء.
ووفقاً لأحدث الأرقام الصادرة عن وزارة الصحة التابعة لـ "حماس"، فقد بلغ عدد الضحايا الفلسطينيين في غزة 54607 قتيلاً فيما أصيب 125341 آخرين، وذلك منذ هجمات "حماس" في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 التي لقي فيها 1200 شخص مصرعهم.
ومنذ انهيار وقف إطلاق النار في منتصف مارس الماضي صعدت إسرائيل بصورة كبيرة من هجماتها على غزة فسجلت نحو 1500 غارة، ويعد شهر مايو (أيار) الماضي أكثر الأشهر دموية منذ السابع من أكتوبر 2023، وفقاً لمنظمة بيانات أحداث ومواقع الصراعات المسلحة (ACLED) غير الربحية المتخصصة في النزاعات.
في الوقت نفسه تواجه غزة مجاعة وشيكة وأزمة مساعدات مستمرة، فمنذ أوائل مارس الماضي منعت المساعدات من دخول القطاع لأكثر من شهرين، ولم يسمح بدخول أي طعام إلى غزة، مما أجبر المخابز ومنظمات خيرية مثل "مطبخ الغذاء العالمي" على إيقاف عملياتها هناك.
وفي الـ 19 من مايو الماضي أعلنت إسرائيل أن الإعانات ستدخل غزة أخيراً، ولكن فقط من خلال "مؤسسة غزة الإنسانية" (GHF) التي أنشئت حديثاً والمدعومة من قبل الولايات المتحدة.
ودخلت شاحنات الإسعافات الأولية إلى غزة في الـ 25 من مايو الماضي، غير أنها لم تدخل إلا لأسبوع واحد قبل أن تجمد "مؤسسة غزة الإنسانية" عملياتها الثلاثاء الماضي في أعقاب مقتل 58 فلسطينياً قرب مراكز التوزيع في جنوب غزة.
وتوقف توزيع المساعدات مجدداً الجمعة الماضي بعدما أعلنت المؤسسة والولايات المتحدة أن الاكتظاظ جعل استمرار العمليات غير آمن، وفي اليوم التالي جرى تعليق التوزيع مرة أخرى بعد أن أعلنت المؤسسة أنها تواجه تهديدات من "حماس".
وأوضحت محللة الصراعات سلمى عيسى لـ "اندبندنت" أنه "إضافة إلى التصعيد في العمليات العسكرية في كل أنحاء غزة، تدهور الوضع الإنساني بصورة أكبر مع افتتاح 'مؤسسة غزة الإنسانية' المدعومة من الولايات المتحدة"، مضيفة أن "منظمة بيانات أحداث ومواقع الصراعات المسلحة سجلت ما لا يقل عن ثلاث حوادث مميتة مرتبطة بمراكز توزيع إعانات 'مؤسسة غزة الإنسانية' خلال الأسبوع الأخير من مايو الماضي وحده، مما يؤكد ارتفاع مستوى انعدام الأمن المحيط بتسليم المساعدات".
وأكدت "مؤسسة غزة الإنسانية" أنها تعمل جنباً إلى جنب مع منظمات أخرى في محاولة لمنع وقوع مزيد من الحوادث، وفي مقابلة مع قناةABC News ، قال الرئيس التنفيذي الجديد القس جوني مور "أختلف جذرياً مع فرضية أن عمليتنا تعرض الناس للخطر بما لا يتناسب مع هدفها الإنساني، وأنا لا أفعل هذا من أجل أن يموت أحد".
4335 حالة وفاة في غزة منذ انتهاء وقف إطلاق النار، بحسب وزارة الصحة التابعة لـ "حماس"
ما حجم المساعدات التي تدخل غزة؟
منعت إسرائيل دخول جميع المساعدات إلى غزة لما يقارب ثلاثة أشهر، بين الثاني من مارس والـ 20 من مايو الماضيين، وخلال تلك الفترة واجه سكان غزة البالغ عددهم 2.1 مليون نسمة نقصاً في الغذاء، وتعرض 500 ألف شخص إلى خطر المجاعة، طبقاً لتقرير صادر عن خبراء في الأمن الغذائي بالتعاون مع الأمم المتحدة، كما ارتفعت أسعار المواد الرئيسية بصورة مهولة، إذ تراوح سعر كيس الدقيق (25 كيلوغراماً) ما بين 235 و520 دولاراً، وفقاً للأمم المتحدة، وفي أواخر مايو الماضي صرح الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بأن نحو 160 ألف منصة من الإمدادات الإغاثية (9 آلاف شاحنة) كانت جاهزة كي تدخل غزة.
+3000 في المئة نسبة الزيادة في سعر الدقيق خلال الحصار (الأمم المتحدة)
ولا يزال الغموض يكتنف التقارير المتعلقة بكمية المساعدات التي دخلت غزة حتى بعد انتهاء الحصار، وطبقاً لما ذكرته "هيئة الإذاعة البريطانية" BBC فإن متوسط عدد شاحنات المساعدات التي دخلت غزة يومياً قبل الحصار كان 116 شاحنة، وقد أشرفت "مؤسسة غزة الإنسانية "على كل عمليات توزيع المساعدات منذ نهاية الحصار، مما يعني أن الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية الأخرى غير قادرة على تتبع كمية المساعدات الموزعة.
وأفادت "مؤسسة غزة الإنسانية" بأنها سلمت قرابة 5.8 مليون وجبة خلال أسبوع، اعتباراً من اليوم الذي بدأ فيه توزيع المساعدات في الـ 27 من مايو الماضي، إلا أن غياب الشفافية والرقابة الصارمة على توزيع المساعدات يجعل هذه الأرقام غير قابلة للتحقق من قبل أي طرف مستقل.
2 إلى 3 وجبات أسبوعياً للشخص الواحد في غزة، وفقاً لأرقام "مؤسسة غزة الإنسانية"
وحتى إن كانت الأرقام صحيحة فإنها تعني توزيع أقل من ثلاث وجبات للشخص الواحد خلال سبعة أيام، على كامل سكان غزة البالغ عددهم 2.1 مليون نسمة، وتتكون الحصص الغذائية التي توزعها "مؤسسة غزة الإنسانية" من الرز والدقيق والفاصوليا المعلبة والمعكرونة وغيرها، ويتطلب معظمها معدات طهي وإمكان الحصول على مياه نظيفة ووقود.
وذكر مسؤولون في الأمم المتحدة أيضاً بأن الكميات المحدودة من المساعدات التي سمح لهم بتوزيعها تقتصر على الدقيق، من دون أية وجبات جاهزة للأكل، وبعد استئناف توزيع المساعدات لفترة وجيزة الخميس الماضي إثر توقف دام يومين، أفادت "مؤسسة غزة الإنسانية "بأنها وزعت 25000 صندوق غذائي، أي ما يعادل 1.5 مليون وجبة، ولكن كانت هناك فترات توقف أخرى بدءاً من الجمعة الماضي وحتى نهاية الأسبوع.
وذكرت "مؤسسة غزة الإنسانية" السبت الماضي أنها كانت غير قادرة على توزيع أية مساعدات إنسانية بسبب "تهديدات مباشرة" من "حماس" ضد عملياتها، وقالت في بيان لها إن "هذه التهديدات جعلت من المستحيل المضي قدماً اليوم من دون تعريض أرواح الأبرياء للخطر"، مضيفة "لن تثنينا هذه التهديدات ونحن ملتزمون بمواصلة تقديم المساعدات بصورة آمنة ومستقلة، ونعمل حالياً على تعديل عملياتنا لمواجهة هذه التهديدات واستئناف التوزيع في أسرع وقت ممكن"، وفي المقابل قال مسؤول في حركة "حماس" لوكالة "رويترز" إنه لا علم له بأية تهديدات من هذا النوع.
وتتهم إسرائيل حركة "حماس" بسرقة المساعدات، وهو ما تبرر به فرض قيود صارمة على دخولها، وفي المقابل تنفي الأمم المتحدة وجود استيلاء منهجي على المساعدات يحول دون وصولها إلى المدنيين.
تصعيد ميداني واسع منذ انتهاء الهدنة
شهد مايو الماضي تحولاً لافتاً في الإستراتيجية الإسرائيلية، فمن خلال عملية "عربات جدعون" التي انطلقت في الشهر نفسه، تسعى إسرائيل إلى الاستيلاء على كامل قطاع غزة والتأسيس لوجود مستدام فيه، وتشمل العملية تهجيراً واسع النطاق للسكان نحو مناطق خاضعة لرقابة مشددة في الجنوب، ومنذ انتهاء وقف إطلاق النار في الـ 18 من مارس الماضي، قتل 4335 فلسطينياً في قطاع غزة، بحسب وزارة الصحة التي تديرها "حماس".
وخلال الفترة ذاتها شنت إسرائيل أكثر من 2100 هجوم عن بعد (بما في ذلك القصف الجوي واستخدام الطائرات المسيرة والمدفعية والصواريخ والألغام)، بحسب قاعدة بيانات منظمة بيانات أحداث ومواقع الصراعات المسلحة.، وكانت 77 في المئة من هذه الهجمات من خلال الطائرات أو الطائرات المسيرة.
6 من كل 10 هجمات في غزة استهدفت مدنيين
وبذلك يصل العدد الإجمالي للهجمات عن بعد إلى 15500 منذ السابع من أكتوبر 2023، بينها أكثر من 9700 ضربة جوية، وتشير البيانات إلى أن أكثر من 60 في المئة من هذه الهجمات استهدفت مدنيين، طبقاً لسجلات منظمة بيانات أحداث ومواقع الصراعات المسلحة.
وفي خطاب ألقاه أواخر مايو الماضي، نفى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن تكون بلاده تستهدف المدنيين عمداً، في حين يؤكد الجيش الإسرائيلي مراراً أنه لا يستهدف سوى "حماس"،
وقال نتنياهو إن " الادعاء الكاذب الأول الذي يوجه ضدنا هو أننا نقتل المدنيين عن عمد، لقد أرسلنا ملايين الرسائل النصية وملايين المكالمات والنداءات والمنشورات الورقية نطالب فيها المدنيين بالمغادرة لأننا سندخل"، مضيفاً "لهذا السبب فإن نسبة المدنيين إلى المقاتلين الذين قتلوا، في أكثر المناطق الحضرية كثافة في الحروب الحديثة، هي الأدنى في حرب غزة".
وتابع "نحن نلاحق 'حماس' ولا نلاحق السكان المدنيين، سواء بالسماح لهم بمغادرة ساحات القتال، ولكن أيضاً بإمدادهم بالمتطلبات الأساس من طعام وماء ودواء، ولقد زودناهم بـ 1.8 مليون طن من الطعام والمساعدات".
وشنت "حماس" والجماعات المسلحة الفلسطينية سبع هجمات صاروخية على إسرائيل منذ انتهاء وقف إطلاق النار، وفقاً لسجلات منظمة بيانات أحداث ومواقع الصراعات المسلحة نفسها، ويشار إلى أن هذه البيانات تجمع من مصادر إعلامية وتقارير رسمية، ولم يجر التحقق منها بصورة مستقلة، وبالتالي ينبغي التعامل معها كأرقام تقريبية مع احتمال وجود هجمات لم توثق.
سجل شهر مايو الماضي 690 غارة جوية بطائرات حربية ومسيرة شنها الجيش الإسرائيلي على غزة، متجاوزاً حتى عدد الضربات في الشهر الأول الذي تلى هجمات أكتوبر 2023 عندما جرى تسجيل 673 غارة، وفقاً لمنظمة بيانات أحداث ومواقع الصراعات المسلحة، وقالت السيدة عيسى، وهي مديرة أبحاث الشرق الأوسط في "منظمة بيانات أحداث ومواقع الصراعات المسلحة" لـ "اندبندنت"، "لقد جلبت فترة ما بعد وقف إطلاق النار تصعيداً كبيراً في الأعمال العدائية تميز بغارات جوية مكثفة وعمليات برية موسعة، إضافة إلى تحول ملاحظ في الإستراتيجية العسكرية الإسرائيلية في غزة"، مضيفة أن "هذا التصعيد اتسم بزيادة في وتيرة الضربات الجوية والمسيرة بمستوى من الشدة لم تسجله 'منظمة بيانات أحداث ومواقع الصراعات المسلحة' منذ الأيام الأولى للحرب عام 2023".
وتابعت، "أدى الإعلان عن عملية 'عربات جدعون' في مايو الماضي إلى خلق نمط عنف مستمر ومكثف إضافي في غزة، فيما شنت إسرائيل حملة عسكرية شاملة واستأنفت العمليات البرية علاوة على حملة القصف الجوي".
690 غارة جوية ومسيرة نفذها الجيش الإسرائيلي في غزة خلال مايو 2025 وحده
وقد تركزت هذه الضربات على مختلف مناطق القطاع، مع كثافة ملاحظة في خان يونس، حيث نُسب نحو 37 في المئة من مجمل الغارات الشهر الماضي إلى استهداف ما وصفه الجيش الإسرائيلي بمراكز إرهابية تابعة لـ "حماس" داخل المدينة، وتشير تقارير إسرائيلية إلى أن القيادي البارز في "حماس"، محمد السنوار قتل هناك الأسبوع الماضي.
وفيما يقول الجيش الإسرائيلي إنه يسعى إلى ممارسة "ضغط هائل" على "حماس" وتوسيع "سيطرته العملياتية"، ذكر نتنياهو في بيان له صدر الشهر الماضي "نحن نخوض قتالاً واسع النطاق، مكثفاً وكبيراً، وهناك تقدم، وسنسيطر على كل مناطق القطاع، هذا ما سنفعله".
دمار واسع النطاق في غزة
وتواصل القوات الإسرائيلية تنفيذ تفجيرات موجهة وجرف للبنى التحتية داخل غزة، خارج إطار الضربات الجوية، وتشمل هذه العمليات تدمير أنفاق ومراكز قيادة تابعة لـ "حماس"، إضافة إلى مئات التفجيرات المستهدفة لمبان سكنية ومستشفيات ومقار حكومية ومحال تجارية وغيرها.
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتتوافق هذه الممارسات مع تصريحات أدلى بها مسؤولون إسرائيليون، بينهم وزير المالية بتسلئيل سموتريتش الذي توعد بأن "غزة ستدمر بالكامل"، في حين وصف الرئيس الأميركي دونالد ترمب غزة بأنها "موقع هدم" في وقت سابق من هذا العام، لتشجيع الفلسطينيين على المغادرة.
وقد ازداد هذا الدمار بصورة ملاحظة منذ نهاية وقف إطلاق النار، بحسب "منظمة بيانات أحداث ومواقع الصراعات المسلحة"، إذ جرى تسجيل 191 حال تدمير للممتلكات قام بها جيش الدفاع الإسرائيلي في غزة منذ مارس الماضي وحده، ومعظم هذه الممتلكات هي منازل سكنية، ولا سيما في مدينة غزة وخان يونس ورفح.
إن الحجم الدقيق للأضرار غير معروف، غير أن "وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين" (أونروا) تقدر أن 92 في المئة من جميع المنازل السكنية في قطاع غزة قد دمرت، وفي الوقت نفسه يشير تحليل صور الأقمار الاصطناعية من "برنامج الأمم المتحدة للتطبيقات التشغيلية للأقمار الاصطناعية" UNOSAT)) إلى أن أكثر من 70 ألف مبنى هُدم بالكامل في القطاع، مع إلحاق أضرار جسيمة بـ 18 ألف مبنى آخر، فيما لحقت أضرار متوسطة بـ 52 ألف مبنى، كما تضرر 81 في المئة من الأراضي الزراعية في غزة جراء الصراع، بحسب أحدث تقرير صادر عن "برنامج الأمم المتحدة للتطبيقات التشغيلية للأقمار الاصطناعية" في أبريل (نيسان) الماضي، مما أعاق بصورة كبيرة إمدادات الغذاء المحلية وسط نقص واسع النطاق.
وإذ يستمر تفاقم الأزمة فإن إسرائيل تواجه ضغوطاً دولية متواصلة، وقد ضمت المملكة المتحدة الأربعاء الماضي صوتها إلى 13 دولة أخرى في دعم قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الذي دعا إلى وقف فوري لإطلاق النار ورفع القيود المفروضة على دخول المساعدات من قبل إسرائيل، بيد أن الولايات المتحدة استخدمت حق النقض ضد هذه الخطوة، على أساس أن القرار لم يكن مرتبطاً بالإفراج عن الرهائن الباقين الذين جرى احتجازهم في السابع من أكتوبر 2023، ولم يوجه الإدانة لـ "حماس"، كما لم يصر على نزع سلاح الجماعة المسلحة وانسحابها من غزة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

سعورس
منذ ساعة واحدة
- سعورس
إسرائيل تتوعّد بضرب كل هدف لنظام «آية الله» في إيران
وفيما واصل الجيش الإسرائيلي ضرباته التي تستهدف خصوصا مواقع نووية وقدرات عسكرية إيرانية ، قال رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو في كلمة مصورة "سنضرب كل موقع، كل هدف تابع لنظام آية الله"، مضيفا "وجهنا ضربة فعلية لبرنامجهم النووي". وتابع "لقد عبّدنا طريقا الى طهران. قريبا جدا سترون الطائرات الإسرائيلية، سلاح جوّنا، طيّارونا، في سماء طهران". وفي مقطع آخر، أكد نتانياهو أن الضربات في إيران تحظى ب"دعم صريح" من الرئيس الأميركي دونالد ترامب. وقال "عدونا هو عدوكم.. نحن نتعامل مع أمر سيهددنا جميعا عاجلا أم آجلا. انتصارنا سيكون انتصاركم". وأطلقت إسرائيل فجر الجمعة هجوما واسع النطاق على إيران استهدف أكثر من مئتي موقع عسكري ونووي وأسفر عن مقتل قادة عسكريين وعلماء نوويين. ردا على ذلك، أطلقت إيران التي تنفي تطوير أسلحة نووية، عشرات الصواريخ على إسرائيل قائلة إنها استهدفت منشآت عسكرية. وأعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض معظمها، لكن تم تسجيل أضرار كبيرة في منطقة تل أبيب. وأعلن الجيش السبت أنّ حملته سمحت له بتحقيق "حرية الحركة في الأجواء" من غرب إيران وصولا إلى طهران. وقال الناطق باسمه إيفي ديفرين "أقمنا منطقة نحظى بها بحرية الحركة في الأجواء من غرب إيران وصولا إلى طهران... لم تعد طهران بمأمن" مضيفا أن سلاح الجو "شن ضربات واسعة شاركت فيها أكثر من 70 طائرة مقاتلة على أهداف في طهران". * "20 قائدا إيرانيا" - وأسفرت الهجمات الصاروخية الإيرانية على إسرائيل الجمعة، عن مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة العشرات بجروح في تل أبيب، فيما أفاد الجيش الإسرائيلي عن إصابة سبعة من جنوده بجروح طفيفة إثر سقوط صاروخ في وسط البلاد، حيث تقع وزارة الدفاع ومقر قيادة الجيش. ورغم الدعوات الدولية لخفض التصعيد، أعلنت إسرائيل السبت استهداف أنظمة دفاع جوي في منطقة طهران و"عشرات" منصات إطلاق صواريخ أرض - أرض في مختلف أنحاء الجمهورية الإسلامية. وأشارت وسائل إعلام إيرانية إلى استهداف مدينة تبريز ومناطق في محافظات لرستان وهمدان وكرمنشاه في غرب وشمال غرب إيران. ووفق الجيش الإسرائيلي، فقد أسفرت ضرباته الجوية عن مقتل أكثر من 20 قائدا عسكرية إيرانيا ، من بينهم رئيس هيئة الأركان المشتركة محمد باقري. وإضافة إلى باقري، قُتل في الضربات الجمعة، حسين سلامي قائد الحرس الثوري، وقائد القوة الجوفضائية للحرس أمير علي حاجي زاده. كما أعلن التلفزيون الإيراني السبت مقتل ضابطين في هيئة الأركان هما غلام رضا محرابي ومهدي رباني. كذلك، أفادت وكالة أنباء تسنيم عن مقتل ثلاثة عناصر من الحرس الثوري الإسلامي في ضربة على شمال غرب البلاد، وقائد شرطة مدينة أسدآباد في غرب إيران فضلا عن ضابط فيها في هجوم شنته مسيّرة إسرائيلية. وأكد التلفزيون الرسمي السبت مقتل ثلاثة علماء نوويين إضافيين، ما يرفع العدد الإجمالي للعلماء الذي قتلوا في الضربات منذ الجمعة إلى تسعة. وقدمت إسرائيل حصيلة مماثلة. وأعلن الجيش الإسرائيلي "تدمير" مصنع لتحويل اليورانيوم في أصفهان (وسط) وقاعدة عسكرية في تبريز (شمال غرب). غير أنّ منظمة الطاقة الذرية الإيرانية قالت إن الأضرار في أصفهان وموقع فوردو جنوب طهران كانت محدودة. وأعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية نقلا عن معلومات إيرانية أن القسم فوق الأرض من منشأة فوردو "دُمر" غير أنه لم يسجل أي ارتفاع في مستوى الإشعاع فيها. وأسفرت الهجمات الإسرائيلية التي استهدفت الجمعة مبانٍ سكنية أيضا، عن سقوط 78 قتيلا وأكثر من 320 جريحا بينهم "غالبية كبرى من المدنيين"، بحسب سفير الجمهورية الإسلامية لدى الأمم المتحدة أمير إيرواني. * "لا معنى" للمحادثات - ويقول خبراء إن التصعيد العسكري بين إيران وإسرائيل، اللتين تفصل بينهما أكثر من 1500 كيلومتر، يثير مخاوف من نزاع طويل الأمد في المنطقة. وحذر وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس من أنّه "إذا واصل (المرشد الأعلى آية الله علي) خامنئي إطلاق صواريخ على الجبهة الداخلية الإسرائيلية، فإنّ طهران ستحترق". وفي إيران ، توعد الرئيس مسعود بزشكيان إسرائيل ب"رد أقوى" في حال واصلت ضرباتها. ووفق بيان صادر الرئاسة، فقد قال بزشكيان خلال اتصال مع رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف، إن "استمرار العدوان الصهيوني سيلقى ردا أشد وأقوى من القوات المسلحة الإيرانية". واتهم بزشكيان واشنطن ب"عدم النزاهة" على خلفية دعم إسرائيل، في ظل "تنسيق النظام الصهيوني مع الولايات المتحدة في عدوانه على الأراضي الإيرانية في خضم المفاوضات". وأكدت سلطنة عمان السبت إلغاء جولة المباحثات بين طهران وواشنطن التي كانت مقررة الأحد لمحاولة التوصل إلى اتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني. وأتى ذلك بعدما اعتبرت وزارة الخارجية الإيرانية أنّ "لا معنى" لهذه المحادثات في ظل الضربات الإسرائيلية. وقال المتحدث باسمها إسماعيل بقائي "من الواضح أنه في مثل هذه الظروف وإلى أن يتوقف عدوان النظام الصهيوني على الأمة الإيرانية ، ستكون المشاركة في حوار مع طرف هو أكبر داعم وشريك للمعتدي بلا معنى". وأكد مسؤول أميركي رفض الكشف عن هويته أن بلاده لا تزال تريد إجراء محادثات. وقال "ما زلنا نأمل في إجراء المباحثات" مع إيران. وفي أعقاب أولى الهجمات الإسرائيلية على الجمهورية الإسلامية الجمعة، حضّ ترامب إيران على "إبرام اتفاق" بشأن ملفها النووي محذّرا بأن الضربات التالية ستكون "أكثر عنفا"، ووصف الضربات الأولى بأنها "ممتازة". * حرب مدمّرة" - اتهم وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إسرائيل السبت بدفع الشرق الأوسط نحو "دوامة عنف خطرة". وقال عراقجي خلال اتصال مع نظيره الصيني وانغ يي "هذا العدوان يدفع المنطقة إلى دوامة عنف خطرة. ردت إيران وستواصل الرد بشكل حازم على هذه الممارسات الوحشية للكيان الصهيوني"، بحسب الخارجية في طهران. بدوره، أكد وانغ يي دعم بلاده لطهران في "الدفاع عن حقوقها المشروعة"، بحسب الخارجية الصينية التي أفادت أنه أجرى كذلك اتصالا آخر مع نظيره الإسرائيلي جدعون ساعر. الى ذلك، بحث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الوضع في الشرق الأوسط والتصعيد بين إسرائيل وإيران في اتصال هاتفي مع نظيره الأميركي دونالد ترامب، بحسب ما أفاد الاعلام الرسمي الروسي السبت. في هذه الأثناء، أفاد مسؤولان عراقيان بأنّ بغداد أجرت اتصالات مع طهران وواشنطن للنأي بنفسها عن النزاع، في ظل المخاوف من اتساع رقعته. من جانبه، أكد العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني أنّ الهجوم الإسرائيلي يشكل تعديا على سيادة إيران و"سيكون له تبعات سلبية على زيادة التوتر وعدم الاستقرار" في المنطقة. وحذر الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، من خطر اندلاع "حرب مدمّرة" بين إسرائيل وإيران. ودعا وزير الخارجية البريطاني ديفيد إلى خفض التصعيد "بشكل عاجل"، مشيرا على منصة إكس إلى أنه تحدث هاتفيا مع نظيره الإيراني وحضّه على "ضبط النفس". وكان آخر هجوم أعلنته إسرائيل على إيران في تشرين الأول/أكتوبر 2024، عندما نفذت ضربات على أهداف عسكرية ردا على إطلاق نحو 200 صاروخ إيراني الإيرانية ردا على هجوم اتهمت إسرائيل بتنفيذه واستهدف قنصليتها في دمشق.


الأمناء
منذ 4 ساعات
- الأمناء
الحرب الإسرائيلية الإيرانية: ما هي أسوأ السيناريوهات المحتملة؟
في الوقت الحالي، يبدو أن القتال بين إسرائيل وإيران يقتصر على الدولتين. وقد تعالت دعواتٌ واسعة النطاق لضبط النفس في الأمم المتحدة وغيرها. ولكن ماذا لو لم تُجْدِ آذانًا صاغية؟ ماذا لو تصاعد القتال وتوسّع؟ فيما يلي بعض السيناريوهات المحتملة الأسوأ. •أمريكا تتورط وعلى الرغم من كل النفي الأميركي، فمن الواضح أن إيران تعتقد أن القوات الأميركية أيدت الهجمات الإسرائيلية ودعمتها ضمنياً على الأقل. قد تضرب إيران أهدافًا أمريكية في جميع أنحاء الشرق الأوسط، مثل معسكرات القوات الخاصة في العراق، والقواعد العسكرية في الخليج، والبعثات الدبلوماسية في المنطقة. قد تضاءلت قوات إيران بالوكالة - حماس وحزب الله - بشكل كبير، لكن الميليشيات الداعمة لها في العراق لا تزال مسلحة وسليمة. خشيت الولايات المتحدة من احتمال وقوع مثل هذه الهجمات، فسحبت بعض أفرادها. وفي رسائلها العلنية، حذّرت الولايات المتحدة إيران بشدة من عواقب أي هجوم على أهداف أمريكية. ماذا قد يحدث لو قُتل مواطن أميركي، على سبيل المثال، في تل أبيب أو في أي مكان آخر؟ قد يجد دونالد ترامب نفسه مُجبرًا على التصرّف. وطالما اتُهم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالسعي إلى جرّ الولايات المتحدة لمساعدته في هزيمة إيران. ويقول المحللون العسكريون إن الولايات المتحدة وحدها هي التي تمتلك القاذفات والقنابل الخارقة للتحصينات القادرة على اختراق أعمق المنشآت النووية الإيرانية، وخاصة منشأة فوردو. وعد ترامب ناخبيه المؤيدين لـ"لنجعل أمريكا عظيمة مجددًا" بأنه لن يبدأ أيًّا مما يُسمى "حروبًا أبدية" في الشرق الأوسط. لكن عددًا مماثلًا من الجمهوريين يدعمون حكومة إسرائيل ورأيها بأن الوقت قد حان للسعي إلى تغيير النظام في طهران. ولكن إذا أصبحت أميركا مقاتلاً نشطاً، فإن هذا من شأنه أن يمثل تصعيداً هائلاً يخلف عواقب وخيمة طويلة الأمد وربما مدمرة. •دول الخليج تتورط إذا فشلت إيران في إلحاق الضرر بالأهداف العسكرية وغيرها من الأهداف الإسرائيلية المحمية جيدا، فإنها تستطيع دائما توجيه صواريخها نحو أهداف أكثر ليونة في الخليج، وخاصة البلدان التي تعتقد إيران أنها ساعدت وشجعت أعدائها على مر السنين. هناك العديد من أهداف الطاقة والبنية التحتية في المنطقة. تذكروا أن إيران اتُهمت بضرب حقول النفط السعودية عام 2019، وأن وكلاءها الحوثيين ضربوا أهدافًا في الإمارات عام 2022. ومنذ ذلك الحين، حدثت بعض المصالحة بين إيران وبعض الدول في المنطقة. لكن هذه الدول تستضيف قواعد جوية أمريكية. كما ساهم بعضها - سرًا - في حماية إسرائيل من هجوم صاروخي إيراني العام الماضي. وإذا تعرض الخليج لهجوم، فقد يطلب هو الآخر من الطائرات الحربية الأميركية أن تأتي للدفاع عنه وعن إسرائيل. •إسرائيل تفشل في تدمير القدرة النووية الإيرانية ماذا لو فشل الهجوم الإسرائيلي؟ ماذا لو كانت منشآت إيران النووية عميقة جدًا ومحمية بشكل جيد جدًا؟ ماذا لو لم يُدمر مخزونها من اليورانيوم المخصب بنسبة 60%، والذي يبلغ 400 كيلوغرام، وهو الوقود النووي الذي لا يفصله سوى خطوة واحدة عن الوصول إلى درجة صنع أسلحة نووية كاملة، أي ما يكفي لصنع عشر قنابل تقريبًا؟ يُعتقد أنه قد يكون مُخبأً في أعماق مناجم سرية. ربما قتلت إسرائيل بعض العلماء النوويين، لكن لا يمكن لأي قنبلة أن تدمر المعرفة والخبرة الإيرانية. ماذا لو أقنع الهجوم الإسرائيلي القيادة الإيرانية بأن طريقتها الوحيدة لردع المزيد من الهجمات هي السباق إلى امتلاك القدرة النووية بأسرع ما يمكن؟ ماذا لو كان هؤلاء القادة العسكريون الجدد حول الطاولة أكثر عنادًا وأقل حذرًا من أسلافهم الراحلين؟ على أقل تقدير، قد يُجبر هذا إسرائيل على شنّ المزيد من الهجمات، مما قد يُدخل المنطقة في جولة متواصلة من الضربات والهجمات المضادة. لدى الإسرائيليين تعبيرٌ قاسٍ لهذه الاستراتيجية؛ يُسمّونها "جزّ العشب". •هناك صدمة اقتصادية عالمية سعر النفط يرتفع بالفعل. ماذا لو حاولت إيران إغلاق مضيق هرمز، مما يزيد من تقييد حركة النفط؟ ماذا لو ضاعف الحوثيون في اليمن، على الجانب الآخر من شبه الجزيرة العربية، جهودهم لمهاجمة سفن الشحن في البحر الأحمر؟ إنهم آخر حليف متبقٍ لإيران يُزعم أنه حليف بالوكالة، ولديهم سجل حافل من عدم القدرة على التنبؤ بتصرفاتهم وإقدامهم على المخاطرة. تعاني دول عديدة حول العالم بالفعل من أزمة غلاء معيشة. ومن شأن ارتفاع أسعار النفط أن يزيد التضخم في نظام اقتصادي عالمي يئن تحت وطأة حرب ترامب الجمركية. ولا ينبغي لنا أن ننسى أن الرجل الوحيد الذي يستفيد من ارتفاع أسعار النفط هو الرئيس الروسي فلاديمير بوتن، الذي سيرى فجأة مليارات الدولارات تتدفق إلى خزائن الكرملين لدفع ثمن حربه ضد أوكرانيا. •سقوط النظام الإيراني وترك فراغ ماذا لو نجحت إسرائيل في تحقيق هدفها على المدى الطويل المتمثل في فرض انهيار النظام الثوري الإسلامي في إيران؟ يزعم نتنياهو أن هدفه الرئيسي هو تدمير القدرة النووية الإيرانية. لكنه أوضح في بيانه أمس أن هدفه الأوسع يشمل تغيير النظام. وقال "للشعب الإيراني الفخور" إن هجومه "يمهد الطريق أمامكم لتحقيق حريتكم" من ما وصفه بـ "نظامهم الشرير والقمعي". قد يروق إسقاط حكومة إيران للبعض في المنطقة، وخاصةً بعض الإسرائيليين. لكن ما الفراغ الذي قد يتركه؟ وما العواقب غير المتوقعة؟ وكيف سيبدو الصراع الأهلي في إيران؟ ويستطيع الكثيرون أن يتذكروا ما حدث في العراق وليبيا عندما تمت إزالة الحكومة المركزية القوية. لذا، فإن الكثير يعتمد على كيفية تقدم هذا الصراع في الأيام المقبلة. كيف - وبأي قوة - سترد إيران؟ وما هي القيود - إن وُجدت - التي يمكن للولايات المتحدة ممارستها على إسرائيل؟


Independent عربية
منذ 8 ساعات
- Independent عربية
النوايا الغربية في تغيير نظام إيران
يبدو أن الملياردير الأميركي إيلون ماسك يؤيد تغيير النظام الإيراني، وفي سبيل هذا فعَّل خدمة الإنترنت الفضائي "ستارلينك" أمام الإيرانيين لعله يجد بينهم من يستجيب لدعوة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالثورة على قادته. الكاتب والمحلل الأميركي مارك ليفين غرد عبر حسابه على منصة "إكس" بدعوة ماسك إلى "دق المسمار الأخير في نعش النظام الإيراني"، عبر تفعيل "ستارلينك" لأبناء البلد الآسيوي، فرد صاحب المنصة بعبارة مختصرة جداً "إنها فعالة". نشرت جمعية التجارة الإلكترونية الإيرانية خلال فبراير (شباط) الماضي تقريراً يقول إن عدد مستخدمي الإنترنت الفضائي داخل إيران تجاوز 30 ألفاً، وهذا يشير إلى زيادة تفوق الثلث مقارنة بتقديرات "فوربس" خلال ديسمبر (كانون الأول) 2024. والإقبال على خدمات "ستارلينك" يزيد على رغم ارتفاع كلفة معداتها، فالعقوبات المفروضة ترفع قيمة الأجهزة من نحو 250 دولاراً عموماً إلى ما يقارب ألفي دولار أحياناً، نتيجة الحاجة إلى شراء التقنيات بصورة غير قانونية وعبر مراحل عدة. بعيداً من الجوانب التقنية، تشير استجابة ماسك السريعة إلى وجود تيار داخل الولايات المتحدة يميل نحو هذا الخيار كحل "مضمون" لإنهاء التهديدات الإيرانية في المنطقة، هكذا تبدو الحال وفق مقال الكاتب جيفري لويس ضمن "فورين بوليسي". يقول لويس إن فئة في أميركا وكذلك داخل إسرائيل، تعتقد أن المشكلة تكمن في النظام الإيراني وليس في البرنامج النووي لطهران، وأي "سلام زائف لا يعزز إلا قوة نظام لا يمكنه إصلاح نفسه"، ولا شك اليوم في أن نتنياهو ينتمي إلى هذه الفئة. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) ونقلت وكالة "رويترز" عن مايكل سينغ من معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى والمسؤول الكبير السابق في عهد الرئيس جورج دبليو بوش، "أن أحد الأسباب التي دفعت إسرائيل إلى القيام بالهجوم هو أملها برؤية تغيير في نظام طهران". برأي محرر الشؤون الإيرانية في هيئة الإذاعة البريطانية أمير عظيمي فإن رهان نتنياهو على انتفاضة شعبية تقلب النظام في طهران، مستفيدة من هجوم "الأسد الصاعد"، تعد مخاطرة غير مضمونة النتائج وربما تشعل حرباً داخل المنطقة. ويقول عظيمي إن "إن أصحاب النفوذ في إيران يسيطرون على الاقتصاد والقوات المسلحة، بالتالي هم لا يحتاجون إلى القيام بانقلاب لأنهم في السلطة أصلاً، بل على العكس يمكن أن يأخذوا إيران نحو مواجهة أكثر شراسة"، وفق تعبيره. سقوط النظام وغرق دولة مكونة من نحو 90 مليون نسمة في الفوضى هو بذاته احتمال مخيف من وجهة نظر عظيمي، أما انهيار النظام وإمساك قوة صديقة بالسلطة في طهران يعد الخيار الأفضل بالنسبة إلى إسرائيل، وفق المحرر المتخصص. تجربة الانسحاب من أفغانستان لمصلحة "طالبان" واستبدال "هيئة تحرير الشام" التي كانت تتبع للقاعدة في سوريا بنظام الأسد، يوحي بأن الفوضى والفراغ لم يعودا مقلقين كثيراً لأميركا وإسرائيل، والحلول تجترح عندما تستدعي الحاجة لها. وعلى رغم ذلك يبقى الحديث عن بديل لنظام طهران أمراً مشروعاً ما دامت إسرائيل تهدف لإسقاطه عبر "الأسد الصاعد"، والمعارضة الإيرانية في الداخل أو الخارج ليست على قلب رجل واحد، وأصحاب النفوذ في السلطة، كما يقول عظيمي. مدير مبادرة "سكوكروفت للأمن في الشرق الأوسط" جوناثان بانيكوف يعتقد أن بدائل الإيراني الحالي قد تكون أسوأ، ويحذر في مقالة على موقع "مجلس أتلانتيك" للدراسات من أن تجد إسرائيل نفسها في حرب طويلة الأمد في حال وصول أشخاص أكثر تشدداً من الذين يجلسون على كراسي الحكم داخل طهران اليوم. المفارقة أن موقع "ريل كلير ديفانس" المقرب من البنتاغون نشر خلال التاسع من مايو (أيار) الماضي تقريراً تحت عنوان "لماذا بات تغير النظام في إيران لا مفر منه"، مستعرضاً عوامل داخلية وخارجية يستند إليها من أجل القيام بهذه الخطوة الآن. فحوى التقرير يقول إن إيران تواجه ضغوطاً غير مسبوقة من داخل حدودها وخارجها، حيث "أضعف الانهيار الاقتصادي وخيبة الأمل السياسية والرفض الواسع للاستبداد الديني شرعية النظام بصورة كبيرة، أما خارجياً فيتضاءل نفوذها الإقليمي مع تعرض وكلائها لهزائم عسكرية وعزلة دبلوماسية، وعلى رغم أن التوقيت الدقيق غير مؤكد فإن تضافر الضغوط يزيد من احتمالية تغيير نظام طهران، وبالنسبة إلى صانعي السياسة الغربيين، ليس هذا هو وقت إدارة الأزمة على المدى القصير بل هو وقت التحضير لانتقال ديمقراطي". الزميل البارز في معهد "أميركان إنتربرايز" والمتخصص في شؤون الشرق الأوسط مايكل روبين كتب في موقع المعهد، بعد ساعات من بدء هجوم "الأسد الصاعد" الإسرائيلي، مقالة بعنوان "بعد تغيير النظام: يجب محاكمة القادة الإيرانيين". قال روبين في مقالته "إن إيران فقدت شرعيتها الشعبية منذ زمن بعيد، وبينما يفترض عدد من المحللين الخارجيين أن الإيرانيين سيترددون عند توجيه ضربة عسكرية إلى بلادهم، فإن تمكن إسرائيل من استهداف قادة النظام بدقة ودون التسبب في خسائر مدنية، قد يدفع الشعب إلى البقاء على الحياد أو حتى يتشجع على تغيير النظام". بصورة أو بأخرى يستشعر قادة طهران هذه النيات الإسرائيلية في الهجوم، مما دفع بخامنئي أمس إلى القول في خطابه "إن الشعب الإيراني يقف خلف الجيش في معركته، والتيارات السياسية كافة موحدة في التصدي لهجوم إسرائيل بكل قوة". ويبقى السؤال الأساس في هذا هو حول الموقف الأميركي من تغيير النظام الإيراني، فالرئيس دونالد ترمب يقول إنه ما زال متمسكاً بالتفاوض مع قادة طهران، لكن من يدري إن كان ذلك حقيقياً أم خدعة تورطهم تماماً، كما حصل بعد تطميناته لهم قبل يومين بأن هجوم إسرائيل لن يكون وشيكاً، ثم استيقظوا على زئير "الأسد الصاعد".