logo
الإسناد الجماهيري وسنن التدافع: نصرة المقاومة في مواجهة مشروع إسرائيل الكبرى

الإسناد الجماهيري وسنن التدافع: نصرة المقاومة في مواجهة مشروع إسرائيل الكبرى

فلسطين أون لاينمنذ 8 ساعات
لم يعد الصراع في فلسطين مجرّد نزاع على أرضٍ محتلة، بل تحوّل إلى امتحانٍ للأمة كلّها أمام مشروع استعماري متجدّد يحمل اسم "إسرائيل الكبرى"، مشروع يقوم على أساطير توراتية مؤدلجة ويُسندها تحالف دولي صامت ومتواطئ، في هذه اللحظة التاريخية حيث العروش تراهن على الهدنة والتطبيع، تبقى الجماهير وحدها حاملة لواء النصرة، باعتبارها الامتداد الشعبي لواجب شرعي مذكور في نصوص القرآن والسنة، تحت قاعدة {وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ} [الأنفال: 72]
إنّ الاسناد الجماهيري للمقاومة ليس فعلاً عاطفياً عابراً، بل هو جزء من سنن التدافع التي تجري بها مقادير التاريخ، حيث تتكفّل الشعوب إذا خذلتها أنظمتها بالقيام بمقام النصرة، لتبقى فلسطين ميزان الصدق في الأمة، وغزة شاهداً حيّاً على أنّ الأمة لم تمت وإن تعطّلت أدوار النخب السياسية الرسمية.
فقه النصرة وواجب الأمة
النصرة في المفهوم الشرعي ليست خياراً ثانويّاً، بل هي واجب متأصّل في بنية الأمة؛ إذ ربطها القرآن بالهوية الإيمانية، فجعلها جزءً من العقد الذي يجمع المسلمين: {وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ} [الأنفال: 72]، هذه الآية تؤسس لقاعدة فقه النصرة الجماهيرية، فهي تُسقط عن الأمة عذر الحياد، وتُحيل التقاعس إلى صورة من صور التواطؤ، ومن هنا نفهم أنّ نصرة غزة اليوم ليست مجرد تضامن عاطفي، بل هي فرض كفاية إذا قصّرت به الأنظمة، فتنتقل المسؤولية إلى الجماهير التي تمثل الشرعية الشعبية في مواجهة الشرعية المصطنعة التي يروّج لها الاحتلال وحلفاؤه.
كما أن النصوص النبوية أكّدت أنّ النصرة ليست مشروطة بحدود جغرافية، بل هي واجب يمتدّ بامتداد الأمة، كما في الحديث: "المسلِمُ أخو المسلِمِ، لا يَخونُه ولا يَكذِبُهُ ولا يَخذُلُه، كُلُّ المسلِمِ على المسلِمِ حَرامٌ؛ عِرضُهُ ومالُهُ ودَمُهُ، التَّقوى هاهنا، بحسْبِ امرئٍ من الشرِّ أن يَحقِرَ أخاهُ المسلِمَ" [رواه مسلم، رقم: 2564]، هذا الخذلان الذي حذّر منه الحديث، نراه ماثلاً اليوم في كتلة الصمت الرسمية التي تخلّت عن واجبها، بينما تعود الأمة إلى أصلها الأصيل، إلى سنة التدافع، حيث ينهض الناس إذا قصّر الحكام.
ومن هذا المنطلق، فإن الإسناد الجماهيري للمقاومة لا يُقاس فقط بالمسيرات أو البيانات الرمزية، بل هو فعل مركّب يشمل:
 تثبيت الرواية الفلسطينية في مواجهة أدلجة المرويات التوراتية.
 كسر الحصار النفسي الذي يحاول الاحتلال فرضه عبر حملات التهويل.
 تحويل النصرة من تعاطف وجداني إلى موقف عملي يردع مشروع "إسرائيل الكبرى".
إن واجب النصرة لا يسقط بالصمت، ولا يختزل في الوعود الرسمية؛ لأن سنة الله في المدافعة جارية، وإن تأخر الحكام فإن ممانعة الأمة الكامنة تنهض بما يضمن بقاء فلسطين في مركز الصراع الكوني.
الجماهير كحائط صد أمام مشروع "إسرائيل الكبرى"
إن أخطر ما في مشروع "إسرائيل الكبرى" ليس فقط خرائطه التوسعية ولا نصوصه المؤدلجة، بل محاولة الاحتلال إعادة هندسة الوعي الجمعي للأمة عبر إيهامها بالعجز والتجزئة، وهنا تتجلى خطورة التواطؤ الرسمي العربي الذي يغطي جرائم الاحتلال بلغة السلام الإجباري، مقابل الاسناد الجماهيري الشعبي الذي يفضح هذه الخيانة ويعيد الصراع إلى أصله: صراع وجود لا صراع حدود.
الجماهير إذ تنهض اليوم من المغرب إلى إندونيسيا، ومن شوارع العواصم إلى ساحات الجامعات، فإنها تشكّل حائط الصد الأخير في وجه مشروع التوسع الصهيوني، هذه الجماهير لا تتحرك تحت سقف الأنظمة، بل تنبثق من فقه التدافع الذي قرره القرآن: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ} [البقرة: 251]، إنها سنة إلهية تُبطل وهم "إسرائيل الكبرى"، وتؤكد أن الصراع ليس مرهوناً بموازين الجيوش الرسمية، بل بقوة الأمة الكامنة في وعيها الجمعي، وبتحوّلها إلى طاقة مقاومة مدنية تردع الاحتلال وتُربك حساباته.
من هنا يتضح أن معركة غزة لم تعد معركة جغرافيا محصورة، بل هي معركة الوعي المقاوم الذي يمتد إلى الضفة، ثم إلى كل شبر من الأرض العربية التي تطل عليها خرائط نتنياهو المتخيلة، ومتى تحولت الجماهير إلى فاعل تاريخي حيّ، فإن مشروع التوسع يتحوّل من "وعد توراتي مزعوم" إلى وهم استراتيجي يصطدم بالوعي الإسلامي والعربي الحي.
الجماهير إذن ليست جمهوراً صامتاً كما يُراد لها، بل هي بنية ردع شعبية قادرة على كشف زيف الخطاب العبري والغربي، وإعادة مركزية فلسطين إلى الضمير العالمي، وهذا ما يجعل الاحتلال يراهن على إرهاق الشعوب أكثر من رهانه على إقناع الحكومات، لأنه يعلم أن سقوط الجماهير في الصمت يعني فتح الطريق أمامه لتفكيك المنطقة وابتلاعها قطعةً قطعة.
بين خيانة الصمت الرسمي وإرادة الأمة الحيّة
حين يعلن نتنياهو أن "إسرائيل الكبرى" تمتد لتشمل فلسطين والأردن ولبنان وسوريا ومصر، فإنّه لا يتحدث من فراغ، بل من فراغٍ صَنَعَهُ صمت الأنظمة الرسمية التي غيّبت فريضة النصرة، وارتضت أن تتحول إلى دول وظيفية تخدم منظومة الهيمنة بدلاً من أن تقود مشروع التحرير.
إن الصمت الرسمي العربي ليس موقفاً محايداً، بل هو شراكة ضمنية في مشروع التوسع الصهيوني؛ فالحياد هنا يعني تسليم الجغرافيا والتاريخ لإرادة المحتل، وعلى النقيض من ذلك، تنبثق إرادة الأمة الحيّة من مساجدها ومنابرها وميادينها، لتؤكد أن النصرة ليست خياراً سياسياً، بل واجباً شرعياً يثبته قول الله تعالى: { وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ{ [النساء: 75].
إن الجماهير التي تملأ الساحات اليوم ليست حشوداً عاطفية عابرة، بل هي إعلان مقاومة شعبية ضد كل محاولة لتصفية القضية أو تدجينها، هذه الإرادة الشعبية هي الامتداد الطبيعي للمقاومة في غزة، وهي بمثابة الخط الدفاعي الثاني الذي يمنع تحويل غزة إلى درس ردع للأمة، ويجعل منها قدوة إلهامية تعيد تعريف العلاقة بين الحاكم والمحكوم في زمن التخاذل.
إن الفجوة بين الموقف الرسمي وموقف الأمة ليست طارئة؛ بل هي تجلٍ لصراع أعمق: صراع بين فقه الولاء للحق وفقه الولاء للعرش، وبينما تعلن الحكومات عجزها ورضوخها، تؤكد الأمة الحيّة أن صمت العروش لن يُوقف حركة الشعوب، وأن المقاومة مشروع أمة، لا حركة معزولة ولا تنظيماً محاصراً، وعليه فإن المعضلة الحقيقية أمام "إسرائيل الكبرى" ليست في الجغرافيا فحسب، بل في نهضة وعي الأمة التي ترفض أن تكون شريكاً في الجريمة، وتصر على أن يكون لها دور في صناعة التاريخ، مهما طال ليل الاحتلال ومهما عظم التواطؤ.
غزة بوابة التدافع وساحة الامتحان
غزة لم تعد مجرد جغرافيا محاصَرة أو قضية محلية تخص أهلها، بل غدت مِفتاح التدافع الكوني بين مشروع استكباري يسعى لابتلاع المنطقة تحت شعار "إسرائيل الكبرى"، وبين أمة تُمتحن في وعيها وإرادتها وشرعية وجودها، فما يجري في غزة يتكرر في الضفة الغربية، وما يُخطط لفلسطين اليوم سيتجه غداً نحو الأردن ومصر وسوريا ولبنان، وفق خرائط التوسع التي بشّر بها نتنياهو بوقاحة لم تلقَ من الجماهير ما تستحقه من ردٍّ واعٍ وغضب جامع.
لقد تحوّل تصريح "إسرائيل الكبرى" إلى اختبار أخلاقي وفقهي للجماهير العربية والإسلامية: هل يبقون أسرى الفرجة والصمت، أم ينهضون بالحد الأدنى من الإسناد السياسي والاقتصادي والشعبي؟ إن فقه النصرة في الإسلام لا يكتفي بالتعاطف القلبي، بل يوجب الحركة الفاعلة، قال تعالى: }وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ{ [الأنفال: 39]، فغزة ليست قضية حدود ضيقة، بل ساحة امتحان لمدى حضور الأمة في معركة الحق والباطل، ومحرار يفضح زيف الولاءات وصحة الانتماء.
غير أن الجماهير -إلا من رحم الله- وقفت موقف المتفرج البارد، وكأن التصريح لم يطرق أبوابها، ولم يستفز وعيها، ولم يحرك نخوتها، وهذا خذلان خطير لأن شرعية المقاومة لا تُستمد فقط من السلاح والرجال في الميدان، بل من الإسناد الجماهيري الذي يمنحها العمق الشرعي والوجودي، يقول تعالى: }إِلَّا تَنفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ{ [التوبة: 39]، وهذه آية فاصلة تقرع أسماع المتخاذلين، لتقول لهم: إن تركتم النصرة خذلتكم السنن، واستُبدلتم بغيركم.
إن واجب الجماهير اليوم لا يقتصر على رفع الشعارات، بل يتجسد في خطوات عملية ملموسة:
 المقاطعة الاقتصادية: وهي جهاد مدني مشروع لإضعاف اقتصاد العدو وحلفائه.
 الحراك الميداني: من المظاهرات والاعتصامات والمسيرات التي تُعيد الصوت الشعبي إلى الشارع وتكسر جدار الصمت.
 الدعم المالي والإغاثي: الذي يمد صمود غزة بالوقود ويجعلها أقدر على الاستمرار في المواجهة.
 المعركة الإعلامية: عبر فضح رواية العدو، وتثبيت السردية الفلسطينية في العقول والقلوب.
فمن يخذل غزة يخذل الأمة كلها، ومن ينصرها يشارك في صناعة التاريخ ويكتب لنفسه شرف الانتماء إلى جبهة الحق في مواجهة جبهة الباطل، إن المسألة ليست سياسية ولا قومية فحسب، بل فرض عين شرعي على كل قادر أن يسهم، ولو بكلمة أو درهم أو موقف.
سنن التدافع ووعد المستقبل
إن مشروع "إسرائيل الكبرى" يبدو في ظاهره طوفاناً جارفاً، لكنه في جوهره وهم توسعي مأزوم محكوم بسنن التدافع التي لا تتبدل ولا تتحول، فالتاريخ لا يُقرأ من موازين القوة العسكرية وحدها، وإنما من خلال القوانين القرآنية التي تحكم حركة الأمم.
لقد أكّد القرآن الكريم أن التدافع بين الحق والباطل قدر لازم: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا ۗ وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} [الحج: 40]، هذه الآية تؤكد أن معادلة النصر ليست حكراً على ترسانات السلاح ولا على التحالفات الدولية، بل على شرعية النصرة وصدق الانحياز للحق، وكلما تجذّرت مقاومة الشعوب وتوسّع الإسناد الجماهيري، كلما تهاوت شرعية الكيانات المصطنعة، بما فيها الكيان الصهيوني الذي يعيش على دعم القوة الخارجية والفراغ الداخلي للأمة.
إن المقاومة الفلسطينية اليوم، بما تحمله من روح إيمانية ووعي تاريخي، ليست مجرد بندقية تدافع، بل هي مفتاح الوعد القرآني بزوال الطغيان، مصداقاً لقوله تعالى: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا، إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} [الشرح: 5-6]، وعليه فإن "إسرائيل الكبرى" مهما تمددت على الخرائط أو تغوّلت في الواقع، فإنها مشروع محكوم بالفشل الذاتي، لأنه يصطدم بجدار سنن التدافع، ويواجه مقاومة شعبية لا تعرف الاستسلام، وهنا يكمن وعد المستقبل: أن هذه الأمة، مهما ترنّحت، فإنها لا تُهزم، ما دامت غزة وأخواتها تصوغ معادلة الصمود، وتكتب فصول التدافع بدماء الشهداء.
إن تصريح نتنياهو عن مشروع "إسرائيل الكبرى" كشف بجلاء أن المعركة لم تعد على حدود غزة وحدها، بل على هوية المنطقة بأسرها، وهنا يتأكد معنى النصرة في بعدها الشرعي، فهي ليست عملاً تطوعياً أو خياراً سياسياً، بل حكم تكليفي يفرضه الله على الأمة، فالنصرة هي صيانة للدين، وحماية للحق، وإقامة لشعيرة التدافع التي بها تُحفظ الأرض من الفساد.
وإن مفهوم النصرة هنا لا يُقرأ في إطار الدعم المادي أو العسكري فحسب، بل يتسع ليشمل الإسناد المعنوي والسياسي والجماهيري، بوصفه شرطاً في تحقيق الكفاية الشرعية ورفع الحرج عن الأمة، ومن ثمّ فإن تخلّي الشعوب عن دورها لا يعني الحياد، بل وقوعها في دائرة الإثم الجماعي، لأن ترك النصرة في لحظة تكالب الأمم يُعد صورة من صور التولي عن الحق، وقد حذّر القرآن منها في قوله: }وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ{ [محمد: 38].
أما التدافع، فهو السنّة الضامنة لبقاء الحق في وجه الباطل، فغزة -وهي أضعف بقعة في المقياس المادي- قد تحولت إلى الميدان الذي يحفظ معادلة التدافع، ويمنع استبداد المشروع الصهيوني وهيمنته الكاملة على المنطقة، وهكذا يتضح أن الإسناد الجماهيري للمقاومة ليس تفصيلاً عابراً في معركة الوعي، بل هو ركيزة أصولية لحفظ هوية الأمة، وسنّة ماضية لصناعة التاريخ، وبشارة صادقة بأن التدافع ماضٍ إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
المصدر / فلسطين أون لاين
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الإسناد الجماهيري وسنن التدافع: نصرة المقاومة في مواجهة مشروع إسرائيل الكبرى
الإسناد الجماهيري وسنن التدافع: نصرة المقاومة في مواجهة مشروع إسرائيل الكبرى

فلسطين أون لاين

timeمنذ 8 ساعات

  • فلسطين أون لاين

الإسناد الجماهيري وسنن التدافع: نصرة المقاومة في مواجهة مشروع إسرائيل الكبرى

لم يعد الصراع في فلسطين مجرّد نزاع على أرضٍ محتلة، بل تحوّل إلى امتحانٍ للأمة كلّها أمام مشروع استعماري متجدّد يحمل اسم "إسرائيل الكبرى"، مشروع يقوم على أساطير توراتية مؤدلجة ويُسندها تحالف دولي صامت ومتواطئ، في هذه اللحظة التاريخية حيث العروش تراهن على الهدنة والتطبيع، تبقى الجماهير وحدها حاملة لواء النصرة، باعتبارها الامتداد الشعبي لواجب شرعي مذكور في نصوص القرآن والسنة، تحت قاعدة {وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ} [الأنفال: 72] إنّ الاسناد الجماهيري للمقاومة ليس فعلاً عاطفياً عابراً، بل هو جزء من سنن التدافع التي تجري بها مقادير التاريخ، حيث تتكفّل الشعوب إذا خذلتها أنظمتها بالقيام بمقام النصرة، لتبقى فلسطين ميزان الصدق في الأمة، وغزة شاهداً حيّاً على أنّ الأمة لم تمت وإن تعطّلت أدوار النخب السياسية الرسمية. فقه النصرة وواجب الأمة النصرة في المفهوم الشرعي ليست خياراً ثانويّاً، بل هي واجب متأصّل في بنية الأمة؛ إذ ربطها القرآن بالهوية الإيمانية، فجعلها جزءً من العقد الذي يجمع المسلمين: {وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ} [الأنفال: 72]، هذه الآية تؤسس لقاعدة فقه النصرة الجماهيرية، فهي تُسقط عن الأمة عذر الحياد، وتُحيل التقاعس إلى صورة من صور التواطؤ، ومن هنا نفهم أنّ نصرة غزة اليوم ليست مجرد تضامن عاطفي، بل هي فرض كفاية إذا قصّرت به الأنظمة، فتنتقل المسؤولية إلى الجماهير التي تمثل الشرعية الشعبية في مواجهة الشرعية المصطنعة التي يروّج لها الاحتلال وحلفاؤه. كما أن النصوص النبوية أكّدت أنّ النصرة ليست مشروطة بحدود جغرافية، بل هي واجب يمتدّ بامتداد الأمة، كما في الحديث: "المسلِمُ أخو المسلِمِ، لا يَخونُه ولا يَكذِبُهُ ولا يَخذُلُه، كُلُّ المسلِمِ على المسلِمِ حَرامٌ؛ عِرضُهُ ومالُهُ ودَمُهُ، التَّقوى هاهنا، بحسْبِ امرئٍ من الشرِّ أن يَحقِرَ أخاهُ المسلِمَ" [رواه مسلم، رقم: 2564]، هذا الخذلان الذي حذّر منه الحديث، نراه ماثلاً اليوم في كتلة الصمت الرسمية التي تخلّت عن واجبها، بينما تعود الأمة إلى أصلها الأصيل، إلى سنة التدافع، حيث ينهض الناس إذا قصّر الحكام. ومن هذا المنطلق، فإن الإسناد الجماهيري للمقاومة لا يُقاس فقط بالمسيرات أو البيانات الرمزية، بل هو فعل مركّب يشمل:  تثبيت الرواية الفلسطينية في مواجهة أدلجة المرويات التوراتية.  كسر الحصار النفسي الذي يحاول الاحتلال فرضه عبر حملات التهويل.  تحويل النصرة من تعاطف وجداني إلى موقف عملي يردع مشروع "إسرائيل الكبرى". إن واجب النصرة لا يسقط بالصمت، ولا يختزل في الوعود الرسمية؛ لأن سنة الله في المدافعة جارية، وإن تأخر الحكام فإن ممانعة الأمة الكامنة تنهض بما يضمن بقاء فلسطين في مركز الصراع الكوني. الجماهير كحائط صد أمام مشروع "إسرائيل الكبرى" إن أخطر ما في مشروع "إسرائيل الكبرى" ليس فقط خرائطه التوسعية ولا نصوصه المؤدلجة، بل محاولة الاحتلال إعادة هندسة الوعي الجمعي للأمة عبر إيهامها بالعجز والتجزئة، وهنا تتجلى خطورة التواطؤ الرسمي العربي الذي يغطي جرائم الاحتلال بلغة السلام الإجباري، مقابل الاسناد الجماهيري الشعبي الذي يفضح هذه الخيانة ويعيد الصراع إلى أصله: صراع وجود لا صراع حدود. الجماهير إذ تنهض اليوم من المغرب إلى إندونيسيا، ومن شوارع العواصم إلى ساحات الجامعات، فإنها تشكّل حائط الصد الأخير في وجه مشروع التوسع الصهيوني، هذه الجماهير لا تتحرك تحت سقف الأنظمة، بل تنبثق من فقه التدافع الذي قرره القرآن: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ} [البقرة: 251]، إنها سنة إلهية تُبطل وهم "إسرائيل الكبرى"، وتؤكد أن الصراع ليس مرهوناً بموازين الجيوش الرسمية، بل بقوة الأمة الكامنة في وعيها الجمعي، وبتحوّلها إلى طاقة مقاومة مدنية تردع الاحتلال وتُربك حساباته. من هنا يتضح أن معركة غزة لم تعد معركة جغرافيا محصورة، بل هي معركة الوعي المقاوم الذي يمتد إلى الضفة، ثم إلى كل شبر من الأرض العربية التي تطل عليها خرائط نتنياهو المتخيلة، ومتى تحولت الجماهير إلى فاعل تاريخي حيّ، فإن مشروع التوسع يتحوّل من "وعد توراتي مزعوم" إلى وهم استراتيجي يصطدم بالوعي الإسلامي والعربي الحي. الجماهير إذن ليست جمهوراً صامتاً كما يُراد لها، بل هي بنية ردع شعبية قادرة على كشف زيف الخطاب العبري والغربي، وإعادة مركزية فلسطين إلى الضمير العالمي، وهذا ما يجعل الاحتلال يراهن على إرهاق الشعوب أكثر من رهانه على إقناع الحكومات، لأنه يعلم أن سقوط الجماهير في الصمت يعني فتح الطريق أمامه لتفكيك المنطقة وابتلاعها قطعةً قطعة. بين خيانة الصمت الرسمي وإرادة الأمة الحيّة حين يعلن نتنياهو أن "إسرائيل الكبرى" تمتد لتشمل فلسطين والأردن ولبنان وسوريا ومصر، فإنّه لا يتحدث من فراغ، بل من فراغٍ صَنَعَهُ صمت الأنظمة الرسمية التي غيّبت فريضة النصرة، وارتضت أن تتحول إلى دول وظيفية تخدم منظومة الهيمنة بدلاً من أن تقود مشروع التحرير. إن الصمت الرسمي العربي ليس موقفاً محايداً، بل هو شراكة ضمنية في مشروع التوسع الصهيوني؛ فالحياد هنا يعني تسليم الجغرافيا والتاريخ لإرادة المحتل، وعلى النقيض من ذلك، تنبثق إرادة الأمة الحيّة من مساجدها ومنابرها وميادينها، لتؤكد أن النصرة ليست خياراً سياسياً، بل واجباً شرعياً يثبته قول الله تعالى: { وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ{ [النساء: 75]. إن الجماهير التي تملأ الساحات اليوم ليست حشوداً عاطفية عابرة، بل هي إعلان مقاومة شعبية ضد كل محاولة لتصفية القضية أو تدجينها، هذه الإرادة الشعبية هي الامتداد الطبيعي للمقاومة في غزة، وهي بمثابة الخط الدفاعي الثاني الذي يمنع تحويل غزة إلى درس ردع للأمة، ويجعل منها قدوة إلهامية تعيد تعريف العلاقة بين الحاكم والمحكوم في زمن التخاذل. إن الفجوة بين الموقف الرسمي وموقف الأمة ليست طارئة؛ بل هي تجلٍ لصراع أعمق: صراع بين فقه الولاء للحق وفقه الولاء للعرش، وبينما تعلن الحكومات عجزها ورضوخها، تؤكد الأمة الحيّة أن صمت العروش لن يُوقف حركة الشعوب، وأن المقاومة مشروع أمة، لا حركة معزولة ولا تنظيماً محاصراً، وعليه فإن المعضلة الحقيقية أمام "إسرائيل الكبرى" ليست في الجغرافيا فحسب، بل في نهضة وعي الأمة التي ترفض أن تكون شريكاً في الجريمة، وتصر على أن يكون لها دور في صناعة التاريخ، مهما طال ليل الاحتلال ومهما عظم التواطؤ. غزة بوابة التدافع وساحة الامتحان غزة لم تعد مجرد جغرافيا محاصَرة أو قضية محلية تخص أهلها، بل غدت مِفتاح التدافع الكوني بين مشروع استكباري يسعى لابتلاع المنطقة تحت شعار "إسرائيل الكبرى"، وبين أمة تُمتحن في وعيها وإرادتها وشرعية وجودها، فما يجري في غزة يتكرر في الضفة الغربية، وما يُخطط لفلسطين اليوم سيتجه غداً نحو الأردن ومصر وسوريا ولبنان، وفق خرائط التوسع التي بشّر بها نتنياهو بوقاحة لم تلقَ من الجماهير ما تستحقه من ردٍّ واعٍ وغضب جامع. لقد تحوّل تصريح "إسرائيل الكبرى" إلى اختبار أخلاقي وفقهي للجماهير العربية والإسلامية: هل يبقون أسرى الفرجة والصمت، أم ينهضون بالحد الأدنى من الإسناد السياسي والاقتصادي والشعبي؟ إن فقه النصرة في الإسلام لا يكتفي بالتعاطف القلبي، بل يوجب الحركة الفاعلة، قال تعالى: }وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ{ [الأنفال: 39]، فغزة ليست قضية حدود ضيقة، بل ساحة امتحان لمدى حضور الأمة في معركة الحق والباطل، ومحرار يفضح زيف الولاءات وصحة الانتماء. غير أن الجماهير -إلا من رحم الله- وقفت موقف المتفرج البارد، وكأن التصريح لم يطرق أبوابها، ولم يستفز وعيها، ولم يحرك نخوتها، وهذا خذلان خطير لأن شرعية المقاومة لا تُستمد فقط من السلاح والرجال في الميدان، بل من الإسناد الجماهيري الذي يمنحها العمق الشرعي والوجودي، يقول تعالى: }إِلَّا تَنفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ{ [التوبة: 39]، وهذه آية فاصلة تقرع أسماع المتخاذلين، لتقول لهم: إن تركتم النصرة خذلتكم السنن، واستُبدلتم بغيركم. إن واجب الجماهير اليوم لا يقتصر على رفع الشعارات، بل يتجسد في خطوات عملية ملموسة:  المقاطعة الاقتصادية: وهي جهاد مدني مشروع لإضعاف اقتصاد العدو وحلفائه.  الحراك الميداني: من المظاهرات والاعتصامات والمسيرات التي تُعيد الصوت الشعبي إلى الشارع وتكسر جدار الصمت.  الدعم المالي والإغاثي: الذي يمد صمود غزة بالوقود ويجعلها أقدر على الاستمرار في المواجهة.  المعركة الإعلامية: عبر فضح رواية العدو، وتثبيت السردية الفلسطينية في العقول والقلوب. فمن يخذل غزة يخذل الأمة كلها، ومن ينصرها يشارك في صناعة التاريخ ويكتب لنفسه شرف الانتماء إلى جبهة الحق في مواجهة جبهة الباطل، إن المسألة ليست سياسية ولا قومية فحسب، بل فرض عين شرعي على كل قادر أن يسهم، ولو بكلمة أو درهم أو موقف. سنن التدافع ووعد المستقبل إن مشروع "إسرائيل الكبرى" يبدو في ظاهره طوفاناً جارفاً، لكنه في جوهره وهم توسعي مأزوم محكوم بسنن التدافع التي لا تتبدل ولا تتحول، فالتاريخ لا يُقرأ من موازين القوة العسكرية وحدها، وإنما من خلال القوانين القرآنية التي تحكم حركة الأمم. لقد أكّد القرآن الكريم أن التدافع بين الحق والباطل قدر لازم: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا ۗ وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} [الحج: 40]، هذه الآية تؤكد أن معادلة النصر ليست حكراً على ترسانات السلاح ولا على التحالفات الدولية، بل على شرعية النصرة وصدق الانحياز للحق، وكلما تجذّرت مقاومة الشعوب وتوسّع الإسناد الجماهيري، كلما تهاوت شرعية الكيانات المصطنعة، بما فيها الكيان الصهيوني الذي يعيش على دعم القوة الخارجية والفراغ الداخلي للأمة. إن المقاومة الفلسطينية اليوم، بما تحمله من روح إيمانية ووعي تاريخي، ليست مجرد بندقية تدافع، بل هي مفتاح الوعد القرآني بزوال الطغيان، مصداقاً لقوله تعالى: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا، إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} [الشرح: 5-6]، وعليه فإن "إسرائيل الكبرى" مهما تمددت على الخرائط أو تغوّلت في الواقع، فإنها مشروع محكوم بالفشل الذاتي، لأنه يصطدم بجدار سنن التدافع، ويواجه مقاومة شعبية لا تعرف الاستسلام، وهنا يكمن وعد المستقبل: أن هذه الأمة، مهما ترنّحت، فإنها لا تُهزم، ما دامت غزة وأخواتها تصوغ معادلة الصمود، وتكتب فصول التدافع بدماء الشهداء. إن تصريح نتنياهو عن مشروع "إسرائيل الكبرى" كشف بجلاء أن المعركة لم تعد على حدود غزة وحدها، بل على هوية المنطقة بأسرها، وهنا يتأكد معنى النصرة في بعدها الشرعي، فهي ليست عملاً تطوعياً أو خياراً سياسياً، بل حكم تكليفي يفرضه الله على الأمة، فالنصرة هي صيانة للدين، وحماية للحق، وإقامة لشعيرة التدافع التي بها تُحفظ الأرض من الفساد. وإن مفهوم النصرة هنا لا يُقرأ في إطار الدعم المادي أو العسكري فحسب، بل يتسع ليشمل الإسناد المعنوي والسياسي والجماهيري، بوصفه شرطاً في تحقيق الكفاية الشرعية ورفع الحرج عن الأمة، ومن ثمّ فإن تخلّي الشعوب عن دورها لا يعني الحياد، بل وقوعها في دائرة الإثم الجماعي، لأن ترك النصرة في لحظة تكالب الأمم يُعد صورة من صور التولي عن الحق، وقد حذّر القرآن منها في قوله: }وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ{ [محمد: 38]. أما التدافع، فهو السنّة الضامنة لبقاء الحق في وجه الباطل، فغزة -وهي أضعف بقعة في المقياس المادي- قد تحولت إلى الميدان الذي يحفظ معادلة التدافع، ويمنع استبداد المشروع الصهيوني وهيمنته الكاملة على المنطقة، وهكذا يتضح أن الإسناد الجماهيري للمقاومة ليس تفصيلاً عابراً في معركة الوعي، بل هو ركيزة أصولية لحفظ هوية الأمة، وسنّة ماضية لصناعة التاريخ، وبشارة صادقة بأن التدافع ماضٍ إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. المصدر / فلسطين أون لاين

ماذا يعني ظهور قوات النُّخبة القسَّاميَّة في عمليات شرقي غزَّة؟ خبير عسكري يُجيب
ماذا يعني ظهور قوات النُّخبة القسَّاميَّة في عمليات شرقي غزَّة؟ خبير عسكري يُجيب

فلسطين أون لاين

timeمنذ يوم واحد

  • فلسطين أون لاين

ماذا يعني ظهور قوات النُّخبة القسَّاميَّة في عمليات شرقي غزَّة؟ خبير عسكري يُجيب

أثار ظهور قائد ميداني بوحدة النخبة في كتائب القسَّام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، في أحد فيديوهات المقاومة تساؤلات كثيرة بشأن دلالات ظهوره في هذا التوقيت بالتزامن مع تلويح حكومة بنيامين نتنياهو لاحتلال مدينة غزة. وبثت كتائب القسام، أمس الاثنين، تسجيلا مصورا يظهر تصدي مقاتليها للقوات الإسرائيلية والآليات العسكرية في حي الزيتون جنوب شرقي مدينة غزة، وظهر خلاله قائد ميداني في وحدة النخبة موجها رسالة مزدوجة لعناصر المقاومة وحكومة الاحتلال. وأعرب الخبير العسكري حاتم كريم الفلاحي عن قناعته بأن ظهور مقاتلين قساميين -لم يظهروا في الفترة السابقة- بلباس يحمل اسم "وحدة النخبة" يثير الانتباه كثيرا، مما يعني أن حماس بدأت تستخدم هذه القوات في عملية المواجهة. وبناء على ذلك، فإن العمليات العسكرية في الفترة المقبلة ستكون صعبة وشرسة بالنسبة لجيش الاحتلال، إذ سيواجه قوات مدججة بكثير من التدريبات الخاصة ويمكنها تنفيذ واجبات خاصة باتجاهات متعددة. وأكد الفلاحي أن هذه الوحدات مدربة بشكل كبير جدا، وتمتلك مستوى قتاليا عاليا. وكان القيادي القسامي -الذي ظهر ملثما- قد توعد الاحتلال ردا على تهديداته المتصاعدة ضد سكان قطاع غزة، مؤكدًا وجود المقاومين من أمامه وخلفه، في حين أقر بصعوبة المعركة، لكنه قال إن الله "لا يعطي أصعب المعارك إلا لأقوى جنوده، فانطلقوا على بركة الله". كما أظهرت مشاهد القسام شرقي غزة عملية رصد ومراقبة دقيقة لتحركات القوات الإسرائيلية حتى تلك التي تتحصن داخل البنايات وتتمترس فيها، مما يؤكد نجاح فصائل المقاومة في التكيف مع الوضع الميداني بشكل كبير. ومع ذلك، فإن العمليات لا تزال تتركز في حي الزيتون، ولم يتم حتى الآن التوغل في عمق مدينة غزة، خلافا للتهديدات الإسرائيلية بإعادة احتلال المدينة وتطويقها، كما يقول الخبير العسكري. وكانت قوات "النخبة القسامية" بمثابة رأس الحربة في هجوم السابع من أكتوبر 2023 (طوفان الأقصى)، إذ اقتحمت قواعد وثكنات ومستوطنات غلاف غزة وخاضت اشتباكات طويلة ضارية مع جيش الاحتلال. المصدر / الجزيرة نت

الجرح السابع والعشرون:  أنس الشريف.. الصوت الذي أزعج إسرائيل
الجرح السابع والعشرون:  أنس الشريف.. الصوت الذي أزعج إسرائيل

فلسطين أون لاين

timeمنذ يوم واحد

  • فلسطين أون لاين

الجرح السابع والعشرون: أنس الشريف.. الصوت الذي أزعج إسرائيل

لكل نبي رسالة، ولكل ميدان رجال، ولكل زمان نجوم، وفي كل شعب شجعان يحملون أرواحهم على أكفهم لا يهمهم من عاداهم ولا يضرهم من خذلهم، لا يبالون بقلة الزاد أو كثرة الأعداء والحُساد. أُسدل الستار عن الزمنِ الذي لعب فيه" المغضوب عليهم" في عقول "الضالين"، لإخافتهم من المسلمين؛ لأن كاميرات ثلة مؤمنة بربها وبعدالة قضيتها كشفت حقد "المغضوب عليهم" على كل من يخالفهم ويقاومهم ويقول لهم "لا". في غزة حيث التنفيذ الفعلي لمبادئ الحقد الصهيوني الذي لا يميز بين حجر وبشر وشجر، وبين الأنام والأنعام، بين كبيرٍ وصغيرٍ ورجلٍ وامرأةٍ وطاعنٍ في السن، فكل من في غزة "أهداف تنتظر التنفيذ". وأمام حرارة مشهد الإجرام الصهيوني ضد أهل غزة، وبرودة التعاطي الإعلامي العربي والدولي، وتلبية لنداء الوطن والواجب، تقدم مجموعة من شباب غزة لنقل معاناة شعبهم، فتقدموا وقدموا كل ما يملكون، لم يكن التقدم الأمر سهلاً ومجاناً؛ لأنهم يدركون أن المعادل الموضوعي لكشف الجرائم ونقل معاناة الناس هو الاغتيال. لم يعتذر صحفيو غزة وما رضوا بأن يكونوا مع الخوالف، وما قالوا "سمعنا وعصينا"، أو" إن بيوتنا عورة "، بل قالوا بكل حب " سمعنا وأطعنا"، قدموا أرواحهم من أجل الحقيقة، فضحوا جرائم العدو على الملأ، حتى كفر بهم هذا الملأ، فما كان من "المغضوب عليهم" إلا أن تنادوا مصبحين على قتل من كشفهم، فكانوا على رأس قائمة الاستهداف، حيث إن عدد من قتلهم الاحتلال من العاملين في الحقل الإعلامي منذ بدء العدوان أكتوبر2023 زاد على 270 صحفيا. أحدث جرائم القتل الصهيونية كان اغتيال الصحفي أنس الشريف ورفاقه من طاقم قناة الجزيرة، الذين ما برحوا الميدان منذ بدء العدوان، فودعوا منازلهم وأهليهم، وتواعدوا على اللقاء، إما بعد الحرب، أو في جنة النعيم، جاعوا وعطشوا كما الناس، فاستمروا في كشف الإجرام، تنقلوا بين ركام الموت في غزة، ينقلون معاناة الناس، ويكشفون للعالم حقيقة الدولة التي تدعي ولا تزال أنها حمامة السلام. تعرض أنس ورفاقه لحملات تشويه ممنهجة من العدو، وتلقوا تهديدات بالاغتيال، فلم يزدهم ذلك إلا إيماناً وتسليماً بسلامة المنهج الذي يسيرون عليه. عاش أنس ورفاقه مُطارَدِين من قذائف الموت، ومُطارِدِين جرائم الاحتلال، وناشرين لمعاناة الناس من بين ركام بيوت غزة المدمرة، حتى كان موعد الرحيل إلى جنان الله ولسان حاله يقول: "سأرقب نصركم بجوار ربي فقد أكملت مهمتي". نشهد يا أنس أنك ورفاقك أديتم الرسالة بكل أمانة على أكمل وجه حتى أتاكم اليقين، وكنتم نعم رجال الميدان، وأشرف نجوم الزمان، وأشجع من حمل اللواء. يكفيك فخرا يا أنس أن كان لك من اسمك نصيب، فكم من الناس أنس بك ورثاك؛ لأنه لمس بحديثك صدق الانتماء لشعبك ووطنك وحرصك على نقل المعاناة، ويكفيك شرفاً أن اسمك ورفاقك سيسجلون في التاريخ، أن من قتل الأنبياء هم الذين قتلوكم، فهم ليس جديداً عليهم قتل الصحابة والأنبياء والشرفاء والأبرياء وأصحاب الرسائل الإنسانية والوطنية. لروحكم يا أنس الشريف، ومحمد قريقع، وإسماعيل الغول، ومحمد نوفل، وإبراهيم الظاهر، السلام، واعلموا أن قوافل الشهداء لا تمضى سدى، إن الذي يمضي هو الطغيان. رحلت أجسادكم لكن مبادئكم لم تمت، ولن تموت، فالرفاق على الطريق يواصلون المسيرة، وعلى العدو أن يعلم أن اغتيال الحناجر لا يطفئ جذوة الحق في الضمائر. المصدر / فلسطين أون لاين

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store