logo
تقرير: المستشار الألماني يحث نتنياهو على ضبط النفس في الحرب ضد إيران

تقرير: المستشار الألماني يحث نتنياهو على ضبط النفس في الحرب ضد إيران

الميادينمنذ 5 ساعات

قالت صحيفة "وول ستريت جورنال"، نقلاً عن مسؤول ألماني، اليوم الخميس، إنّ المستشار الألماني، فريدريش ميرتس، حثّ رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، "بشكل خاص، على ضبط النفس في الحملة الإسرائيلية ضد إيران".
وأضاف المسؤول الألماني، أنّ ميرتس جدّد، في اتصال هاتفي مع نتنياهو، دعمه للحرب الإسرائيلية على إيران، لكنه شدّد على "ضرورة التوصّل إلى حلّ دبلوماسي"، بحسب الصحيفة نفسها.
وأوضح المسؤول أنّ برلين دعمت "إسرائيل" صراحةً، لكنها "قلقة من انخراط دول أخرى في الصراع". اليوم 22:05
اليوم 21:59
في غضون ذلك، استدعت وزارة الخارجية الإيرانية، الخميس، السفير الألمماني في طهران، للمرة الثانية خلال أيام، حسبما أفاد مراسل الميادين.
وأوضح المراسل أنّ استدعاء الخارجية الإيرانية لسفير برلين جاء في إثر تصريحات المستشار الألماني الداعمة للعدوان الإسرائيلي على إيران، مضيفاً أنّ الوزارة وصفت تصريحات المستشار بـ "غير المسؤولة".
وكانت الخارجية الإيرانية، قد استدعت، أمس أيضاً، سفير برلين لديها على خلفيّة تصريحات المستشار الألماني فريدريش ميرتس الداعمة للحرب على إيران، والتي قال فيها إن "إسرائيل تؤدّي مهمة قذرة نيابة عنا جميعاً".
وبحسب "رويترز" فإنّ طهران استدعت السفير الألماني للاحتجاج على تصريحات ميرتس التي وصفتها بـ "المسيئة".

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

نظام أبارتهايد نووي عنصري: "إسرائيل" وإيران والاحتكار النووي
نظام أبارتهايد نووي عنصري: "إسرائيل" وإيران والاحتكار النووي

الميادين

timeمنذ 2 ساعات

  • الميادين

نظام أبارتهايد نووي عنصري: "إسرائيل" وإيران والاحتكار النووي

العدوان الإسرائيلي الصارخ، المدعوم والمنسق مع إدارة ترامب، على الجمهورية الإسلامية الإيرانية، والذي استهدف منشآت برنامجها النووي واغتيال قادتها العسكريين وعلماء الطاقة النووية لديها، أعاد بقوة إلى ساحة التداول العالمي النقاش حول نظام حظر الانتشار النووي ودور الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فرضه وإنفاذه، ودور هذا النظام في استكمال هيمنة الغرب الإمبريالية على العالم واستدامة استضعاف الجنوب العالمي وابتزازه نوويًا باحتكار علوم وتقنيات الطاقة النووية كأحد أهم آليات المشروع الإمبريالي الغربي. أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية يوم الخميس أن إيران لا تمتثل لالتزاماتها النووية. صوّت مجلس محافظي الوكالة على اعتبار طهران تنتهك التزاماتها بالحد من تخصيب اليورانيوم وبتسهيل زيارات مفتشي الوكالة لمواقعها النووية. بعد ساعات من هذا التصويت، شنت "إسرائيل"، الدولة الوحيدة المسلحة نوويًا في غرب آسيا وكل أفريقيا وترفض التوقيع على معاهدة "حظر الانتشار النووي" NPT، عدوانها على المنشآت النووية لإيران، الدولة الموقعة على المعاهدة وبروتوكولات التفتيش الإضافي. وهنا يتضح دور الوكالة الدولية في تبرير عدوانية "إسرائيل" وشرعنة احتكارها للتسلح النووي وتهديد أقطار وشعوب العالم الإسلامي. ووصف رئيس الوكالة الهجمات الإسرائيلية التي طالت أحياء مدنية وضحايا من الأطفال بأنها "مقلقة للغاية" – وهي وقاحة بارعة في تهوين خطورة الموقف، رغم الدمار الهائل وعواقبه الفادحة على الأمن الإقليمي والدولي. يُشكّل هذا التصويت عادة مبررًا لمجلس الأمن لفرض أو "إعادة فرض"، عقوبات اقتصادية صارمة على إيران، بعد رفعها وفق خطة العمل الشاملة المشتركة – وهي اتفاق 2015 النووي مع إدارة أوباما والدول دائمة العضوية بمجلس الأمن والاتحاد الأوروبي وألمانيا. انسحب ترامب أحاديًا من الاتفاق عام 2018 وفرض عقوبات قصوى، ما برر لإيران التخلي عن التزاماتها الإضافية بحسب الاتفاق واستئناف التخصيب. ردّ الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، على تصويت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بتحدٍ، قائلا: "لا أعرف كيف أتعاون مع العالم الخارجي لمنعهم من ارتكاب الشرور، ولإتاحة العيش للشعب باستقلالية في هذا البلد". وأضاف: "سنواصل طريقنا الخاص؛ سيكون لدينا تخصيب". وقد تم بالفعل بناء موقع ثالث لتخصيب اليورانيوم، أعلنت عنه إيران كإجراء مضاد لتصويت الوكالة. يرى الكاتب الإيرلندي ديلان إيفانز، أن بزشكيان له كل الحق في الغضب. لا يمكن اعتبار الوكالة الدولية للطاقة الذرية هيئة محايدة. بل العكس تمامًا؛ فهي تخضع لتأثير كبير من القوى الغربية، خاصة الولايات المتحدة، التي تُوفّر جزءًا كبيرًا من تمويلها وتمارس نفوذًا دبلوماسيًا كبيرًا على قراراتها. إنها معادية بشدة لإيران، وتُردد غالبًا الروايات الأمنية الغربية، وخاصةً روايات أميركا و"إسرائيل"، اللتين تنظران إلى برنامج إيران النووي بريبة من دون مبرر. هذا هو القرار الرئيسي الخامس للوكالة الدولية خلال خمس سنوات، ويستهدف إيران تحديدًا. في حزيران/يونيو 2020، وبّخ مجلس محافظي الوكالة إيران رسميًا بشأن المواقع غير المعلنة ومسائل التعاون. في حزيران/يونيو 2022، طالب قرارٌ بمنع إيران من تقديم تفسيراتٍ بشأن جزيئات اليورانيوم في ثلاثة مواقع غير مُعلنة. وفي تشرين الثاني/ نوفمبر2022، أعاد قرارٌ لاحق تأكيد الضغط بشأن مسائل عالقة تتعلق بالضمانات. وفي 2024، حزيران/يونيو طالب مجلس المحافظين مجددًا بتوضيحٍ بشأن آثار يورانيوم. تُظهر هذه القرارات هوسًا مُستمرًا بأنشطة إيران السابقة (أعمال تسلح مزعوم قبل 2003) أكثر من امتثالها الحالي. يقارن إيفانز هذا بمعاملة الوكالة لـ"إسرائيل" خلال العقدين الماضيين، لم تُصدر الوكالة أي قرار بشأن البرنامج النووي الإسرائيلي. وبعكس إيران، "إسرائيل" ليست دولة مُوقّعة على معاهدة حظر الانتشار النووي، ولا تزال منشآتها النووية، مثل مفاعل ديمونا، خارج نطاق ضمانات الوكالة وإشرافها تمامًا. في عام 2018، زوّدت "إسرائيل" الوكالة الدولية للطاقة الذرية بمواد "أرشيف نووي إيراني" مزعوم، ما دفع إلى تجديد عمليات التفتيش وطرح أسئلة حول الأنشطة غير المُعلنة. وعندما تعتمد الوكالة على أدلة تقدمها "إسرائيل" – وهي ليست طرفًا في معاهدة حظر الانتشار النووي، ولا تملك أسلحة نووية – لاستهداف إيران، فإنها تُضحي بوضوح بادعاء الحياد. أشارت برقيات نشرها موقع ويكيليكس عام 2010 إلى أن يوكيا أمانو، الذي شغل منصب المدير العام للوكالة من عام 2009 إلى عام 2019، كان على وفاق وثيق مع الموقف الأميركي تجاه إيران. ووصفت إحدى برقيات الخارجية الأميركية أمانو بـ"مؤيد قوي للولايات المتحدة" في قضايا رئيسية. وثمة مزاعم موثوقة بأن معلومات إيرانية حساسة جمعتها الوكالة قد تم تبادلها – بشكل مباشر أو غير مباشر – مع أجهزة استخبارات غربية كوكالة الاستخبارات المركزية والموساد الإسرائيلي. وسرعان ما تجد تقارير الوكالة التفصيلية، المُفترض أنها سرية، طريقها إلى وسائل إعلام غربية وإسرائيلية، ما يُشير بقوة إلى وجود تنسيق. اليوم 00:01 19 حزيران 10:59 بحسب إيفانز، يكفي إلقاء نظرة على خريطة الدول التي صوتت في آخر قرار للوكالة لرصد هذا التوجه. وقد قُدّم القرار من قِبل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا، وتمت الموافقة عليه، بأغلبية 19 صوتًا من أصل 35 دولة في مجلس محافظي الوكالة. صوتت ثلاث دول ضد القرار (روسيا والصين وبوركينا فاسو)، وامتنعت 11 دولة عن التصويت، ولم تصوت دولتان. تميل الدول الغربية إلى تهميش الوكالة عندما لا تُردد صدى الدعاية الغربية. في الفترة التي سبقت غزو العراق عام 2003، روجت الولايات المتحدة وبريطانيا بشراسة معلومات مضللة حول أسلحة الدمار الشامل، رغم نتائج واضحة لدى الوكالة تُفيد بعدم امتلاك العراق لبرنامج تسلح نووي نشط. تجاهلت الحكومتان سلطة الوكالة وقوّضتها، باستخدام نفوذهما السياسي والدبلوماسي والإعلامي لتهميش التقييمات الفنية للوكالة. استمر الغزو بغض النظر عن تقارير الوكالة. بموجب معاهدة حظر الانتشار النووي، إيران مُلزمة قانونًا بعدم تطوير أسلحة نووية والسماح للوكالة بعمليات تفتيش لمنشآتها النووية. كما وقّعت إيران اتفاقية الضمانات الشاملة مع الوكالة. وبموجب خطة العمل الشاملة المشتركة (2015)، قبلت إيران عمليات تفتيش البروتوكول الإضافي، ما سمح بمراقبة أشمل. والنتيجة التراكمية لجميع هذه الاتفاقيات أن برنامج إيران النووي أصبح من أكثر البرامج خضوعًا للمراقبة المكثفة عالميًا، حيث تُجرى مئات عمليات التفتيش سنويًا في منشآتها. في المقابل، لم تُوقّع "إسرائيل" قط على معاهدة حظر الانتشار النووي. ولديها برنامج تسلح نووي متطور وسري (يُقرّ بوجوده جميع الخبراء الدوليين تقريبًا) من دون أي عمليات تفتيش دولية لمنشآتها الرئيسية، ولا سيما مفاعل ديمونا. وتُحافظ "إسرائيل" على سياسة "الغموض النووي" (فلا تُؤكد ولا تُنكر تسلحها نوويًا). ونتيجةً لذلك، تعمل ترسانة "إسرائيل" النووية بالكامل خارج نظام ضمانات الوكالة. خضعت إيران لقرارات متعددة من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وعقوبات، وعزلة دبلوماسية بسبب برنامجها النووي، حتى من دون ظهور دليل قاطع على برنامج تسلح نووي. وطُلب منها الامتثال لأنظمة تحقق شاملة تتجاوز كثيرًا متطلبات معاهدة حظر الانتشار النووي ذاتها. في المقابل، لا تواجه "إسرائيل" ضغوطًا دولية أو قرارات أممية تطالبها بالانضمام إلى معاهدة حظر الانتشار النووي أو فتح منشآتها أمام التفتيش. تعرقل الولايات المتحدة أو تعارض أي تحركات للوكالة أو الأمم المتحدة لتوجيه اللوم رسميًا لـ"إسرائيل" أو الضغط عليها بشأن وضعها النووي. ورغم بلاغات موثوقة من مُبلغين عن انتهاكات (مثل إفصاحات مردخاي فعنونو عن برنامج "إسرائيل" للتسلح النووي في ثمانينات القرن الماضي)، لم تُجرِ الوكالة أي تحقيق رسمي مع "إسرائيل". ويلفت إيفانز إلى مفارقة نووية ساخرة: بما أن "إسرائيل" لم توقع على معاهدة حظر الانتشار النووي، فإنها تقنيًا لا تنتهك أي التزامات بموجب المعاهدة. ومع ذلك، فهي تمتلك أسلحة نووية، ما "يُقوّض" جوهر نظام حظر الانتشار النووي. لا تُجري الوكالة الدولية للطاقة الذرية تحقيقات رسمية مع الدول غير الموقعة على معاهدة حظر الانتشار النووي أو تُعاقبها، ما يُشكّل ثغرة قانونية صارخة. تُصوَّر إيران مرارًا وتكرارًا أنها تهديد مُحتمل للأمن الإقليمي، وخاصةً من قِبَل الولايات المتحدة و"إسرائيل" وبعض دول الخليج. وتتعرض البلاد لضغوط مُستمرة لقبول بروتوكولات تحقق أشد، وتُقيّد سيادتها، وكل ذلك باسم منع الانتشار. في حين يعتبر حلفاء "إسرائيل"، خاصةً الولايات المتحدة، أنها ضرورة استراتيجية للاستقرار الإقليمي، ما يمنحها إعفاءً فعليًا من التدقيق. ويتم تجاهل ترسانتها النووية غير المُعلنة في مناقشات السياسة الغربية، رغم خطر الانتشار النووي الذي تُمثله (ما يُحفّز الخصوم الإقليميين لتحقيق التكافؤ). يسمي إيفانز نظام حظر الانتشار النووي هذا "أبارتهايد نووي". فلماذا تُعاقب دولة مُوقّعة تلتزم بعمليات التفتيش بصرامة أكبر من دولة غير مُوقّعة تُصنّع أسلحة نووية سرًا؟ هذه الازدواجية الصارخة في المعايير تُقوّض شرعية نظام منع الانتشار بأكمله. إن معاملة الوكالة الدولية للطاقة الذرية لإيران ليست تطبيقًا محايدًا للقانون الدولي؛ بل هي تحويل المؤسسات الدولية إلى أسلحة تخدم مصالح الغرب الاستراتيجية ومشروعه الإمبريالي. الرسالة للعالم واضحة: إذا كنت صديقًا للولايات المتحدة، يمكنك صنع أسلحة نووية سرًا من دون عقاب؛ وإذا كنت خصمًا، فسيُعامل حتى الاستخدام السلمي للتكنولوجيا النووية كجريمة. هذا ليس حظر انتشار، بل إكراه مُقنّع بزيّ القانون. وحتى تخضع ترسانة "إسرائيل" للتدقيق نفسه الذي يخضع له برنامج إيران السلمي، ستبقى الوكالة الدولية للطاقة الذرية منفذًا لنظام أبارتهايد نووي عنصري لا حارسًا للأمن العالمي.

لماذا لا تفرج إيران عن كلّ أوراقها دفعة واحدة؟
لماذا لا تفرج إيران عن كلّ أوراقها دفعة واحدة؟

الميادين

timeمنذ 2 ساعات

  • الميادين

لماذا لا تفرج إيران عن كلّ أوراقها دفعة واحدة؟

الحرب مفاجآت. لا يفرج أطرافها عمّا في جعبتهم دفعة واحدة. حقّقت "إسرائيل" أكبر مفاجآتها في العدوان المباغت على إيران يوم 13 حزيران/يونيو الماضي. أحدث ذلك أضراراً جسيمة ومهّد لسيطرة إسرائيلية على الأجواء الإيرانية. استخدمت "إسرائيل" ورقتها الذهبية، لكنّ مفاعيل ما أعدّته وزرعته منذ سنوات، وما حقّقته من ضربتها الابتدائية، ما زالت مستمرة. حالياً تتمتّع الولايات المتحدة والكيان الصهيوني بتفوّق جوي واستخباراتي تجاه إيران، يشمل المراقبة الفضائية بحيث تتتبّع الأقمار الصناعية كلّ تحرّك في الأجواء الإيرانية ومحيطها. كما تنفّذ الطائرات المسيّرة والحربية مهام استخباراتية وهجومية مستمرة تشمل ضرب الدفاعات الجوية الإيرانية، وتدمير الرادارات وملاحقة منصات إطلاق الصواريخ البالستية والفرط صوتية لتعطيلها. هذه الهيمنة الجوية تحدّ من حرية المناورة في الجانب الإيراني، وتقلّص من كثافة العمليات المضادة الصاروخية والجوية. لكن إذا تمكّنت طهران من إدخال منظومات دفاع جوي جديدة حيّز العمل بطريقة ما، أو نجحت في استهداف منظومات الدفاع الجوي الإسرائيلي، الأمر الذي أشار إليه حرس الثورة في بياناته الأخيرة، فإنّ من شأن ذلك أن يغيّر شكل المعركة. تصلح الخلاصة آنفة الذكر في حال لم تنخرط واشنطن بشكل مباشر في الحرب ضدّ إيران. يتّبع الرئيس الأميركي دونالد ترامب غموضاً مقصوداً ويبدّل مواقفه باستمرار في إطار حرب نفسية تنطوي على سقوف عالية وعلى خطاب من غطرسة القوة قلّ نظيره. لكنّ ترامب ليس إلهاً. سجلّه حافل بمواقف عالية السقف تراجع عنها لاحقاً. عندما يتيقّن أو يشتبه في أنّ انخراطه في الحرب سيكون ذا كلفة عالية كما توعّده المرشد الإيراني علي خامنئي، فإنه سيفكّر في الأمر ثلاث مرات بدل مرتين. حتى الآن واشنطن لم تخسر شيئاً من هذه المواجهة، ولا يضير ترامب كثيراً أن يحمّل الكلفة إلى نتنياهو في نهاية هذه الحرب، بينما في حال انخرط صاحب شعار "أميركا أولاً" فإنه سيضطرّ إلى تحمّل عواقب مغامرة ستكون لها تبعات على وضعه الداخلي قبل أي شيء آخر، إلا إذا كان هناك المزيد من المفاجآت في جعبة أميركا. في الساعات الأخيرة نقلت "أكسيوس" عن مسؤولين أميركيين أنّ ترامب يريد التأكّد من أنّ ضرب منشأة فوردو ضروري حقاً ولن يجرّ الولايات المتحدة الى حرب طويلة الأمد. كما أوردت "سي بي أس" الأميركية عن مصدر أمني ومسؤول في البنتاغون أنّ ترامب أرجأ قرار الضربة في حال تخلّت إيران عن برنامجها النووي، ما يشير، في حال صحّت هذه المعلومات، إلى أنّ الأخير بدأ يتنازل عن سقوفه العالية وعن خطابات "الاستسلام" و"الإذعان". الولايات المتحدة، بصفتها المدير الخفي للمعركة، أعدّت سيناريوهات تمتد من التدخّل المحدود إلى المواجهة الشاملة، وتقود قراراتها ببرودة أعصاب وفقاً لتطوّرات الميدان وفعّالية الضربات الإيرانية وكفاءة الأداء الإسرائيلي. تدور الحرب في الخفاء بقدر ما تدور في العلن. يشمل هذا الأمر، إضافة إلى المفاجآت غير المفعّلة، معارك لا تعكسها الشاشات، كما يشمل كلّ ما أُعدّ من خطط وبدائل وإجراءات وأصدقاء محتملين. صحيح أنّ إيران تعرّضت إلى عملية خداع استراتيجي بمشاركة فعّالة من دونالد ترامب باغتها فجر يوم الجمعة الماضي، لكن ليس صحيحاً أنها لم تعدّ العدّة منذ وقت طويل لمثل هذا اليوم وللمواجهة الدائرة حالياً. في خضمّ ذلك تتوقّف مسارات الحرب أمام مفترق حاسم يتمثّل بإمكانية دخول واشنطن بشكل مباشر على خط المواجهة، وهو احتمال أبقاه ترامب على طاولة الخيارات، أقلّه في العلن. في حال الانكفاء عن ذلك أو في حال الانخراط، سيقود كلّ من الاحتمالين إلى نتائج تغيّر وجه الشرق الأوسط، لكن ليس بالضرورة كما يريده نتنياهو رغم أنه احتمال قائم، لكن ربما في صورة معاكسة تماماً تعيد الأمور إلى مربّع يوم 7 أكتوبر 2023. إذا صمدت إيران تنتصر، وإذا لم تسيّل "تل أبيب" كلّ إنجازتها الأمنية والعسكرية إلى نتائج سياسية ملموسة تخسر، خصوصاً إذا استمرّ هطول الصواريخ الإيرانية عليها. ما زال في أيدي "إسرائيل" أوراق قوة، أبرزها كان وما زال مظلّة الحماية الأميركية. تمتلك "إسرائيل" أيضاً رؤوساً نووية وتتفوّق على معظم جيوش المنطقة بإمكاناتها التقنية والعسكرية. لكنها في المقابل تعاني من نقاط ضعف غير بسيطة من السذاجة تجاهلها. - تدمير البنية النووية الإيرانية واستئصال البرنامج النووي، بما في ذلك ما يصفه العدو بـ "البرنامج السرّي". - تقويض القدرات الصاروخية الإيرانية عبر استهداف المخازن والمصانع وأجزائها، لتعطيل البرامج الباليستية والتكتيكية. - استهداف أركان وأصول النظام الإيراني البشرية والاقتصادية والعسكرية والأمنية، تمهيداً لتغيير طبيعة الحكم وإسقاط النظام، وفق ما تلمّح إليه تصريحات نتنياهو وقادة العدو. 19 حزيران 10:59 19 حزيران 10:53 لم تدفع إيران بكلّ أوراقها الرابحة إلى المعركة بعد. لهذا الأمر أسبابه التي تتعدّد بدءاً من إمكان حصول أضرار في الجانب العملياتي الذي يتحكّم بالأصول الاستراتيجية، كما تتحسّب طهران لإمكانية دخول واشنطن الحرب بشكل مباشر. لكنّ الأهمّ يتعلّق بطريقة إدارة الحرب وخدمة أهدافها الاستراتيجية، إذ من الواضح أنّ طرفي الصراع يخوضان المعركة من منظورين مختلفين: منظور إسرائيلي هدفه الأقصى إسقاط النظام ومواجهة صفرية بات من الصعب التراجع عنها، ومنظور إيراني يبدو حتى الآن أنه يسعى إلى جرّ "تل أبيب" بشكل تدريجي إلى حرب استنزاف ورفع أكلاف عدوانها بما يؤدّي إلى إفشال أهدافها، ليس فقط أمام الإقليم والشعب الإيراني، إنما أيضاً أمام الرأي العامّ الإسرائيلي. من هذا المنطلق، تعمد طهران إلى إطلاق رشقات مقنّنة ومحسوبة، فيما تحاول "إسرائيل" الزجّ بكلّ قدراتها ودفع ترامب إلى دخول المعركة لحسمها في وقت مبكر. من دون شكّ فإنّ أيّ قرار أميركي بدخول الحرب سيترك تداعياته وتبعاته الخطرة، ليس على المنطقة فحسب، إنما أيضاً على العالم بأسره. إذا كان هناك من عِبر خلّفها المرور الكثيف والثقيل للتاريخ في ذاكرتنا خلال أكثر من عقد، فإنّ من بينها عدم التسرّع أو الاستسلام لموجات الحرب النفسية المتولّدة من زخم الضربة الأولى. الاحتمالات ما زالت حتى الساعة مفتوحة، وأمامنا نموذجان من الحروب الحديثة على مقربة من جغرافيا المنطقة يمكن الاسترشاد فيهما: الحرب الروسية الأوكرانية، وهي نموذج الحرب الطويلة التي يتضافر فيها عامل الاقتصاد بشكل بارز مع سائر العوامل السياسية والاجتماعية والنفسية والتسليحية، إضافة إلى القدرة على الصمود، وتأمين خط إنتاج مستمر من الأسلحة والذخائر. هذا النموذج يصعب أن تتحمّله "تل أبيب" بسبب ضعف تكوينها البنوي، وبسبب عاملي التاريخ والجغرافيا اللذين يميلان إلى كفّة إيران. الحرب الأذربيجانية الأرمنية، وهي نموذج الحرب الخاطفة والحاسمة التي تفضّلها "إسرائيل" بسبب عدم طاقتها على احتمال حرب لمدة طويلة. قد يُشار إلى أنّ ذلك يتعارض مع واقع الحرب الطويلة التي يخوضها الكيان في وجه محور المقاومة في المنطقة منذ 7 أكتوبر، لكن يختلف الأمر تماماً بين ما يحصل في غزة وما حصل مع حزب الله، وبين ما يحصل الآن مع طهران. في الحالة الأولى تمارس "إسرائيل" مذبحة يومية، والحالة الثانية أرادتها "إسرائيل" حرباً مباغتة حاولت فيها تحييد القدرات الاستراتيجية لحزب الله ونجحت إلى حدّ كبير لتصطدم بصمود بري أعاق خططها واضطرّها إلى إيقاف الحرب بعد شهرين عندما وجدت أنّ المقاومة في لبنان عادت من جديد لتشكّل تهديداً على جبهتها الداخلية. أما في الحالة الإيرانية فالوضع مختلف تماماً، إذ رغم السيطرة الجوية والإطباق الاستخباري الأميركي والإسرائيلي (وربما الأطلسي) ما زالت تتعرّض الجبهة الداخلية الإسرائيلية لهجمات دقيقة ومحدّدة ومؤثّرة يصعب أن تتحمّلها "إسرائيل" لوقت طويل، من دون أن تنضمّ الولايات المتحدة إلى الحرب.. أو توقفها. في هذا السياق يبرز مغزى ما رمى إليه المرشد الإيراني علي خامنئي عندما قال إنّ دخول الولايات المتحدة إلى جانب الكيان الإسرائيلي في العدوان على إيران هو مؤشّر ضعف هذا الكيان، لافتاً في ثاني خطاباته في خضمّ الحرب على إيران إلى أنّ الأميركيين يعلمون أنّ تدخّلهم في العدوان الإسرائيلي سيلحق بهم ضرراً كبيراً، أكبر من الضرر الذي يمكن أن يلحق بإيران. تتمثّل استراتيجية إيران الردعية في التصعيد المدروس بدل الاندفاع العشوائي، وتعتمد على حرب استنزاف طويلة الأمد، تقوم على إدخال أسلحة جديدة وتصعيد تدريجي لاستنزاف العدو نفسيّاً وجغرافيّاً وزمنيّاً. كما تشمل استراتيجية الردع الإيراني حساباً دقيقاً للطرف الأميركي. الاثنين الماضي، زعم سلاح الجو الإسرائيلي أنه دمّر نحو ثلث منصات إطلاق الصواريخ الباليستية الإيرانية. إذا سلّمنا بذلك جدلاً، فهذا يعني أنّ العدد الأكبر من المنصات ما زال في الخدمة، وقادر على تشكيل تهديد حقيقي على الكيان، كما تؤكّد الوقائع اليومية ذلك. من دون الأخذ بعين الاعتبار قدرة طهران على تعويض خسائرها وترميم قدراتها العسكرية، فإنّ الإمكانات وأوراق القوة التي ما زالت بحوزتها تدفع إلى التشكيك وعدم الركون إلى مزاعم تفيد بأنّ الحرب حُسمت، وهي مزاعم تُستشف من تصريحات نتنياهو وترامب. أوراق القوة الإيرانية لا تنحصر في هذا المضمار بالتاريخ والجغرافيا والقدرة على الصمود، كما بالقدرة على إغلاق مضيق هرمز والتأثير في الاقتصاد العالمي، واستهداف المصالح والأصول الأميركية في المنطقة. مجموعة من الدول الوازنة تبرز على هذا الصعيد وتتحسّس خطراً من احتمال انكسار إيران أو انهيار نظامها، الأمر الذي من شأنه أن يخلّ بتوازنات المنطقة وبالأمن القومي لهذه الدول، كما بمصالحها الاستراتيجية والاقتصادية المباشرة. لا يقتصر الأمر، على دول جوار إيران مثل تركيا التي تعتبر نفسها الهدف التالي بعد طهران، أو باكستان النووية التي تخوض نزاعاً مستمراً مع الهند، بل على مجتمع الدول الكبرى وعلى رأسها الصين وروسيا اللتان تنخرطان مع إيران بمعاهدات للشراكة الاستراتيجية، ولا يستبعد أن تعمدا إلى تقديم مساعدات معيّنة إليها بعيداً من الأضواء. في هذا الإطار، يبدو تصريح وزارة الخارجية الروسية الأربعاء الماضي غريباً من الوهلة الأولى، إذ يحذّر أميركا من تقديم مساعدات عسكرية مباشرة لـ "إسرائيل"، أو حتى مجرّد التفكير في الأمر، فهل تقف وراء الصياغة الدبلوماسية هذه رسالة مشفّرة؟ أم تكتفي روسيا بدعم سياسي فقط لإيران في ظلّ انكفاء عن دعم فعلي لحلفائها كما حدث في سوريا؟ وكالة "بلومبرغ" نقلت الثلاثاء الماضي عن مصدر وصفته بأنه مطلع على مواقف الكرملين، بأنّ موسكو لا تعتزم تقديم أيّ دعم دفاعي لطهران. لكنّ مصدراً أمنياً مطلعاً أفاد قناة الميادين بأنّ واشنطن و"تل أبيب" تواصلان عملياتهما النفسية من خلال بثّ أخبار كاذبة حول التعاون بين إيران وبين روسيا، وأنهما غاضبتان للغاية من التعاون الاستخباراتي والعسكري الواسع والقائم بين موسكو وطهران. سوف يكون النصر من نصيب من يسيطر على إيقاع المواجهة بينما يخسر من يصرخ أولاً في معركة عضّ الأصابع. تشي التطوّرات الميدانية حتى الآن أننا في خضمّ حرب غير قصيرة تتضاءل فيها فرص الحسم السريع ويبدو أنّ المعركة مرشّحة للاستنزاف الزمني، إلا إذا قرّر ترامب وقف الحرب والتفاوض بناء على النتائج التي تمّ تحقيقها حتى الآن. في خضمّ ذلك تحاول إيران رغم الأضرار التي تكبّدتها إعادة توازن الردع بما يشمل توظيف كامل أدواتها الصاروخية والإلكترونية لتثبيت معادلات القوة، في مقابل محاولة إسرائيلية لتثبيت تفوّق الردع. سيناريوهات التصعيد تعتمد على حرب الظلّ التي تشمل تبادل صواريخ وطائرات مسيّرة وهجمات إلكترونية. التدخّل الأميركي المباشر تتعزّز فرصه إذا سنحت فرصة لإسقاط النظام، وسوف تقابله محاولة استهداف مصالح حيوية أميركية في المنطقة، وأزمة طاقة عالمية متوقّعة نتيجة إغلاق مضيق هرمز، ما يرفع كلفة النفط ويعيد ترتيب أولويات القوى الكبرى. الوضع داخل إيران ليس سهلاً حيث تواجه الأخيرة عدة مستويات وجبهات خفية في الحرب، يظهر منها فقط رأس جبل الجليد. بهذا المعنى فإنّ محاولات الاغتيال وإطلاق المسيّرات والأعمال الأمنية ما زالت مستمرة. تواجه إيران بشكل أساسي ثلاثيّاً؛ أميركا وبريطانيا و"إسرائيل"، من دون أن ننسى تصريح المستشار الألماني، بحيث أسست هذه الأطراف منظومات أمنية متعدّدة وخلايا تجسّسية في الداخل الإيراني، كما على امتداد جغرافية جبهة المقاومة، الأمر الذي يستدعي تعزيز الجهد الأمني والاستخباراتي. لكن رغم أنّ الاغتيالات تصيب منظومة القيادة والسيطرة الإيرانية بالضرر، فإنّ قدرة حرس الثورة على التعافي سريعاً مشروط باتخاذ الاحتياطات اللازمة. تعتمد الحرب الحالية إلى حدّ كبير على عاملي الإرادة والزمن، تراهن إيران فيها على صمود شعبها، وقوة إمكاناتها، وتماسك نظامها، وحكمة قيادتها، بينما تتحرّك "إسرائيل" وأميركا بدهاء وحذر خشية الانزلاق في استنزاف طويل.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store