
يوم لا يُنسى
فى تواريخ الشعوب أيامٌ لا تُنسى، وأوقات يتوقف عندها الزمن احترامًا لصوت الجماهير وإرادتهم الحرة، إنها الساعات التى تضمنت أحداثًا فارقة حصل فيها تحول كبير.
وفى تاريخ بلدنا العزيز مصر أحداث كبار فى أيام كبار، منها ما كان فى 30 يونيو سنة 2013م، إنه واحد من تلك الأيام التى لا تنسى. يمكنك أن تسميَه: (يوم الحَسم)، ويمكنك أن تسميه باسم آخر له مدلول عميق، إنه (يوم النجاة من قبضة الفوضى).
الفوضى العابثة بهوية المصريين، الفوضى المفرّقة بين أبناء مصر، الفوضى المقوضة للدولة المصرية، الفوضى القاضية على الكيان الموحّد للدولة المصرية.
جاءت 30 يونيو ردًّا على محاولة تغيير وجه مصر، ليس فقط تغييرًا سياسيًّا، بل ثقافيًّا أيضًا، إنه تغيير على نحو يهدد الدولة المصرية، يهدد أمنها، يعرض مؤسساتها للخطر، جاءت ثورة 30 يونيو تعبيرًا عن الرفض الحاسم لمحاولات اختطاف مصر، وعن العزم على الحفاظ على مدنيتها وتاريخها وأمنها واستقرارها.
وكانت لهذه الثورة ثمار شعر بها المصريون، من أهم ثمار هذه الثورة أنها أعادت بناء العلاقة بين المواطن والدولة على أساس من الشراكة والكرامة، فقد انتصر الشعب لإرادته، وتدخلت القوات المسلحة استجابة لندائه؛ ليبدأ بعدها مسار وطنى شامل لإعادة بناء الدولة على أسس جديدة من الشفافية والمساءلة والعدالة.
ومن أهم هذه الثمار أيضًا الأمن والاستقرار، فقد رأى المصريون كيف كانت مصر ملاذًا يلجأ إليه الآخرون طلبًا للأمن والاستقرار! كيف كانت مستقرًا للأمن تُرفرف فوقَه كلمة نبوية كريمة قالها نبى الله الكريم سيدنا يوسف عليه السلام: «وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ» (يوسف: 99)! لقد استطاعت مصر من خلال 30 يونيو أن تستعيد أمنها واستقرارها من قبضة الانفلات والاضطراب، لقد قضت الدولة على الإرهاب، وأعادت بسط سيطرتها وهيبتها، وأثبتت للعالم أنها قادرة على حماية أمنها القومى واستقلال قرارها.
ومن الجهة الاقتصادية أطلقت الدولة مشروعات قومية كبرى لم تشهد مصر مثلها منذ عقود: من حفر قناة السويس الجديدة، إلى بناء مدن جديدة مثل العاصمة الإدارية، إلى تطوير البنية التحتية والمواصلات والطاقة. وتحولت مصر من بلد يعانى شحّ الكهرباء إلى دولة مصدّرة للطاقة، ومن اقتصاد راكد إلى اقتصاد جاذب للاستثمار.
كما أطلقت الدولة برامج حماية اجتماعية تهدف إلى تخفيف آثار الإصلاح الاقتصادى عن الفئات الأكثر احتياجًا، مثل برنامج «تكافل وكرامة»، والتوسع فى مبادرات الصحة العامة مثل «100 مليون صحة» و«حياة كريمة»، التى تستهدف تطوير الريف المصرى ورفع حياة المواطنين. ولا يخفى أن هذه المبادرات تحقيق لمقاصد الشرع الهادفة إلى الحفاظ على الأديان بالقضاء على التطرف الدينى واللادينى، والحفاظ على النفوس فلا تهدر الدماء، ولا يُعتدَى عليها، وتحفظ الصحة من الأمراض التى تودى بها، والحفاظ على العقول من التغييب الحسيِّ والمعنويِّ، والحفاظ على الأموال العامة والخاصّة، والحفاظ على الأعراض والكرامات والأجيال القادمة.
ومن الجهة السياسيةاستعادت مصر مكانتها الإقليمية والدولية، فبات صوتها مسموعًا فى ملفات كبرى مثل القضية الفلسطينية وغيرها.
فقد كانت 30 يونيو لحظة وعى جماعى بدأت معها جهود الحفظ والدفاع، وبدأت بعدها جهود البناء والتشييد.
--------------
رئيس لجنة الشئون الدينية بمجلس الشيوخ

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


24 القاهرة
منذ 39 دقائق
- 24 القاهرة
ماذا لو لم تقم ثورة 30 يونيو وظلت الجماعة تحكم مصر في ظلّ التغيرات الإقليمية الحالية؟
تخيلوا لو مرّ هذا اليوم، يوم 30 يونيو ، كما يمرّ أي يوم عادي، دون أن يتحرك فيه أحد… تخيلوا لو خيّم الصمت، ورضخ الشعب، واستمرت جماعة الإخوان في حكم مصر، لكانت مؤسسات الدولة قد تآكلت من الداخل، وسقطت مفاتيح القرار في يد التنظيم، لا في يد الوطن، ولكانت أجهزة الأمن قد تفككت، وسقطت سيناء بالكامل في أيدي الجماعات المتطرفة، وأصبح المواطن المصري في وطنه مطاردًا، وتحوّل الاقتصاد إلى هيكلٍ منهار، والتعليم إلى أداة تلقين، والهوية المصرية إلى غلافٍ ديني متشدد لا يعرف التنوع ولا يعترف بالاختلاف، ولربما أصبحنا، لا قدّر الله، ساحة لحربٍ أهلية يتقاتل فيها الإخوة على فتات وطنٍ ممزق، لكنّ ذلك السيناريو لم يحدث، لأنّ المصريين، في لحظة وعيٍ نادرة، قرّروا المواجهة. بورسعيد × 24 ساعة | مشروعات تنموية وتهنئة بـ30 يونيو.. واستعدادات لافتتاح الممشى السياحي 24 ساعة أشغال شاقة لـ أبو علي في بورسعيد.. جهاز فني أجنبي واستقرار مالي و5 صفقات قوية في الطريق| صور أنا واحد من آلاف الشباب الذين أدركوا أن "الصمت وقتها جريمة، وأن السكوت معناه ضياع وطن"، كنت شابًا بسيطًا، لا أملك سلطةً ولا مالًا، أعمل في مجال الصحافة، وأجتهد لتأمين قوتي اليومي، لكنني كنت على يقين بأنّ الوطن في حاجة إلى كل صوت، وكل خطوة، وكل يد تمتدّ من أجل التغيير. حملة تمرد وفي أحد الأيام، ظهرت على مواقع التواصل صفحة بسيطة باسم "تمرد"، لم تكن الحملة معروفة آنذاك، لكن فكرتها كانت واضحة: جمع توقيعات لسحب الثقة من الرئيس المنتمي لجماعة الإخوان، تواصلت مع الرقم المعلن، وبدأت أتحرّك مع مجموعة من الشباب داخل محافظة بورسعيد. عملنا بإمكانيات محدودة، لكن بحماسٍ كبير. لم يكن لدينا تمويل، فقط سياراتنا الخاصة، ونسخ ورقية مطبوعة، وعزيمة شباب آمنوا بأن التغيير ممكن، نظمنا فعاليات، وجمعنا آلاف التوقيعات، وانتقلنا من بيت إلى بيت، ومن شارع إلى شارع. لكن الثمن كان باهظًا، بدأت التهديدات، ووصل الأمر إلى نشر صورنا على صفحات الجماعة الإرهابية تحت عنوان: "مطلوبون أحياء أو أموات". اضطررنا إلى إخفاء سياراتنا، وبعضنا غيّر محل إقامته، والبعض الآخر نام في بيوت أصدقاء، هربًا من بطش التنظيم، ثم جاء يوم 27 يونيو، خرجت مسيرات ضخمة في بورسعيد، انتهت بميدان المسلة – ميدان الشهداء. شهيد ثورة 30 يونيو وسط الزحام، كان زميلنا صلاح، صحفي يعمل في إحدى الصحف المحلية، يجلس بجهاز الحاسوب المحمول، ويوثق الأحداث، فجأة، أصابه شمروخ في رأسه، فقطعها بالكامل، وترك جسده ينزف أمام أعيننا، كان صلاح أول شهيد في بورسعيد قبيل انطلاق ثورة 30 يونيو. في اللحظة ذاتها، أُصيب كذلك أبو حمص، أحد كبار مشجعي النادي المصري، والدكتور شريف صالح، أحد القيادات الرياضية، وغيرهما، وسقطا غارقين في دمائهما، كان المشهد مروعًا، لكنه كان كافيًا لتحويل الغضب الشعبي إلى ثورة حقيقية. انطلقت الشرارة من بورسعيد، ومنها اشتعلت الميادين في كل أنحاء الجمهورية، وخرج أكثر من 30 مليون مصري إلى الشوارع، يطالبون برحيل الجماعة، ويرفعون راية الوطن من جديد. وفي أحلك اللحظات، قرّر رجل أن ينحاز إلى الشعب: الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي وضع حياته على كفّ الوطن، وانحاز إلى إرادة الجماهير، متحديًا التهديدات، واتخذ القرار الأصعب: إنقاذ مصر، ومنذ ذلك اليوم، كتبت مصر فصلًا جديدًا من تاريخها. اليوم، وبعد مرور سنوات قليلة، "نستطيع أن نقول بثقة: البلد تغيّرت"، في بورسعيد، التي كنت شاهدًا فيها على تلك اللحظة، رأينا أنفاق قناة السويس، وميناء شرق التفريعة، والمصانع، وشبكات الطرق، والمناطق الآمنة النظيفة، والخدمات الحكومية الرقمية، ومستوى الأمن الذي لم نشهده من قبل. ثورة 30 يونيو لم تكن لحظة غضب… بل كانت فعل وعي وصحوة وطن، وفي هذه الذكرى، لا بد أن نتذكّر الشهيد صلاح، وندعو له بالرحمة، ونتأمل في المصير المظلم الذي كنا سنصل إليه لو لم نتحرك. "تحيا مصر… وتحيا دماء أبنائها التي صنعت لنا الحاضر الذي نحياه اليوم"

مصرس
منذ ساعة واحدة
- مصرس
أحمد عمر هاشم: الهجرة النبوية أرست مبادئ العيش المشترك والعدالة والسلام
أكد الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، أن الهجرة النبوية ليست مجرد حدث تاريخي، بل هي محطة خالدة خلود القرآن الكريم الذي وثقها، وقيمها التي أسست لأمة لا تزال تنبض بالحياة. توجّه الدكتور أحمد عمر هاشم، خلال احتفالية الطرق الصوفية ب الهجرة النبوية التي تنقلها قناة الناس، بالتهنئة إلى قادة الأمة الإسلامية والعربية، وعلى رأسهم فخامة رئيس الجمهورية، مشيرًا إلى أن هذه الذكرى العظيمة تأتي هذا العام في ظل واقع دولي مضطرب، تتوالى فيه الحروب والصراعات، وتُهدر فيه ثروات الشعوب على أسلحة الدمار بدلًا من أن تُوجَّه للجياع والمحتاجين.اقرأ أيضا|الفتوى: التهنئة برأس السنة الهجرية جائزة شرعًا وليست بدعة محرمةوقال: "إن الهجرة النبوية تعلمنا أن الحق لا يُهاجر، بل يُؤسس، وأن الإسلام لم يقم على السيف، بل على المبادئ. فقد خرج النبي من أحب البلاد إليه، مكة، وهو يقول: «ولولا أن أهلك أخرجوني ما خرجت»، ثم ينزل عليه الوحي بقوله تعالى: {إِنَّ 0لَّذِى فَرَضَ عَلَيْكَ 0لْقُرْءَانَ لَرَادُّكَ إِلَىٰ مَعَادٍ}، لتُصبح الهجرة وعدًا بالنصر، لا فرارًا من الضعف".وأوضح الدكتور هاشم أن الدولة التي أسسها رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة قامت على ثلاثة مبادئ عظيمة: توثيق الصلة بالله ببناء المسجد أولًا، والمؤاخاة بين المهاجرين والأنصار، والتي أثمرت روح الإيثار، والتعدد والتسامح الديني، حيث عقد النبي صلى الله عليه وسلم أول وثيقة مواطنة عرفتها البشرية، جمعت المسلمين واليهود والنصارى في كيان مدني موحد.وأضاف: "الهجرة أرست مبادئ العيش المشترك، والعدالة، والسلام، حتى مع المختلفين في الدين، فأعطى النبي أروع نموذج للوفاق الوطني والإنساني، مما نحتاج إليه اليوم أكثر من أي وقت مضى".ودعا الدكتور أحمد عمر هاشم الأمة الإسلامية والعربية إلى نبذ الصراعات وتوحيد الصفوف، قائلًا: "أناديكم من منبر الهجرة، أن اطرحوا الباطل، وألقوا السلاح، وعودوا إلى العقل والحكمة، فإن الهجرة كانت فصلاً بين عهد الضعف وعهد القوة، ولهذا أُرِّخ بها، لا بالمولد ولا بالبعثة، كما اختار الصحابة الكرام."ودعا: "نسأل الله الأمن والأمان لمصرنا الغالية، ولسائر بلاد المسلمين، فالأمان هو باب السعادة، ومفتاح الاستقرار، والسبيل لتحقيق ما أسست له الهجرة: أمةً واحدة، قوية، عادلة، ورسالة نورٍ ورحمةٍ للعالمين".اقرأ أيضا|الورداني: الهجرة النبوية دعوة مستمرة إلى النور والارتقاء وليست مجرد ذكرى

مصرس
منذ ساعة واحدة
- مصرس
الورداني: الهجرة النبوية دعوة مستمرة إلى النور والارتقاء وليست مجرد ذكرى
أكد الدكتور عمرو الورداني، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن الهجرة النبوية ليست مجرد حدث تاريخي نحتفي به كل عام، بل هي نقطة تحوّل روحية يمكن أن تتجدد داخل الإنسان في كل مرحلة من حياته، مشددًا على أن المطلوب من كل مسلم أن يحول الهجرة إلى منهج حياة دائم لا يعرف التوقف عند حدود الزمان أو المكان. وأضاف أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، خلال احتفالية قناة الناس، بالعام الهجري الجديد، اليوم الخميس، أن كل نهاية في حياة المسلم يجب أن تكون بداية، وأن الهجرة الحقيقية تبدأ بخطوة أولى يسميها "الانتهاء"، وهي التوبة والانفصال عن كل ما يجعل الإنسان بعيدًا عن جوهر الحياة، من معاصٍ أو قلق أو استسلام للألم، ثم تليها "الابتغاء" لوجه الله تعالى، وهي نية خالصة يعيش بها المسلم حياته، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم حين خرج من مكة وعيون أعدائه مفتوحة، لكنهم لم يروه، لأنه خرج في حالٍ نوراني لا تدركه الأبصار.اقرأ أيضا|الفتوى: التهنئة برأس السنة الهجرية جائزة شرعًا وليست بدعة محرمةوأشار الورداني إلى أن المسلم لا بد أن يصل إلى مرحلة "الاكتفاء" بالله عز وجل، مستشهدًا بقول الله تعالى: "أليس الله بكافٍ عبده؟"، وأن هذه الثقة بالله تمنح المؤمن حالة من السكينة والثبات، ويأتي بعد ذلك "الاقتداء"، وهو السير على خطى رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل قول وعمل، فهو النموذج الذي لا يتكرر، والقدوة التي تفتح أبوابًا من الفهم والرضا، ويختم هذا المسار ب"الارتواء"، حيث يعيش المسلم حالة من الشبع الروحي بالإيمان، والذكر، والعلم، والسكينة في حضرة الله، وهنا تتحول الهجرة إلى نور دائم في القلب والعقل.وشدد الدكتور عمرو الورداني على أن الهجرة ليست فقط انتقالًا ماديًا، بل معنويًا حقيقيًا، فهي هجرة من الجهل إلى العلم، ومن المعصية إلى الطاعة، ومن القلق إلى الأمان، ومن الضيق إلى السعة، مؤكدًا أن كل من يتمسك بهذا المعنى يكون قد دخل دائرة النور، وهاجر إلى الله بحق، فالهجرة بداية لا تنتهي، ووجهتنا دائمًا حضرة الرب المعبود.اقرأ أيضا|البحوث الإسلامية يطلق حملة دعويَّة بعنوان «الهجرة النبويَّة.. رسالة تتجدَّد»