
البرازيل في عين عاصفة ترمب
الرسالة الأميركية إلى برازيليا لم تجد ترحيباً، وليس متوقعاً لها أن تجده. كونها تدخلاً من قبل واشنطن في شأن داخلي برازيلي. جاء ردُّ الرئيس البرازيلي في مقابلة أجرتها معه قناة تلفزيونية أميركية، هاجم خلالها الرئيس ترمب على تدخله في شأن داخلي برازيلي، وقال إنَّ الرئيس ترمب لم ينتخب ليكون إمبراطورَ العالم.
رداً على ذلك التصريح، قالت الناطقة باسم البيت الأبيض إنَّ الرئيس الأميركي رئيس قوي، ويترأس العالم الحر. أعقب ذلك قيام الرئيس ترمب بنشر رسالة على منصته الإلكترونية بعث بها إلى الرئيس السابق بولسونارو، يؤكد فيها دعمه له. السرعة التي تطوَّرَ بها الحدث لافتة للأنظار.
معضلة الرئيس البرازيلي في الأزمة المفاجئة تتمثل في الانعكاسات السلبية المحتملة للقرار الأميركي على اقتصاد بلاده في حالة تنفيذه من قبل واشنطن، في وقت أحوج ما يكون فيه الاقتصاد إلى المساعدة.
أميركا، وفق التقارير، تعدُّ ثاني أكبر شريك تجاري للبرازيل. قيمة التبادل التجاري بين البلدين تقدّر بنحو 90 مليار دولار أميركي. الميزان التجاري بينهما تميل كفته لصالح أميركا بقيمة بلغت العام الماضي 7.4 مليار دولار أميركي. أكثر القطاعات المتضررة من فرض الرسوم هو قطاع مربّي وتجار الماشية. البرازيل أكبر مصدري الماشية إلى أميركا. من جهة أخرى، تأتي البرازيل على رأس قائمة الدول المستقطبة للاستثمار الخارجي الأميركي.
اشتراط الرئيس ترمب إطلاق سراح الرئيس السابق بولسونارو، ووقف محاكمته بتهمة التخطيط والإعداد مع أنصاره لانقلاب بعد خسارته الانتخابات، لم يترك للرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا أي ثغرة للمناورة. بمعنى إمَّا عليه القبول أو الرفض. القبول يعني أن يمسح الرئيس لُولا دا سيلفا تاريخه السياسي بممحاة. والرَّفض يتَّسق تماماً مع ذلك التاريخ ومع الواقع. الرفض كذلك يفضي بالرئيس البرازيلي إلى تحمّل التبعات اقتصادياً. هذا من جهة.
من جهة أخرى، ربَّ ضارة نافعة. النفع في هذه الحالة ليس اقتصادياً، بل إنَّه سياسي وشخصي. فالرئيس البرازيلي قبل حدوث الأزمة كان يعاني من انخفاض شعبيته بين الناخبين. إلا أنَّ موقفه الرافض بشدّة لطلب الرئيس الأميركي أدّى فجأة إلى تصاعد شعبيته في استبانات الرأي العام. الأمر الذي بثّ الأمل في احتمال نجاحه في الانتخابات الرئاسية في العام المقبل.
قراره رفض الإذعان والخضوع لمطلب الرئيس ترمب جعل الناخبين البرازيليين يهرعون لدعمه، ويلتفون حوله بشكل فجائي لافت، رفضاً لتدخلات واشنطن. الأمر الذي يذكر بما حدث في كندا في الانتخابات الأخيرة، وكذلك في أستراليا. ويرى المعلقون أنَّ الرئيس لُولا دا سيلفا، خلال الحملة الانتخابية الرئاسية المقبلة سوف يجعل من قرار الرئيس ترمب شماعة يعلق عليها إخفاقه اقتصادياً. التقارير الإعلامية الأميركية تقول إنَّ الرئيس البرازيلي دعا الرئيس ترمب إلى مناضد التفاوض، ولم يقم حتى الآن بإصدار قرار برفع الرسوم الجمركية ضد الواردات الأميركية. لكنَّه قد يضطر إلى الالتجاء إلى المعاملة بالمثل في حالة تنفيذ أميركا للقرار في الأول من أغسطس (آب) المقبل.
الرئيس السابق جايير بولسونارو يواجه القضاء بتهمٍ عديدة، أخطرها سعيه للاحتفاظ بالسلطة بعد خسارته انتخابياً بنسبة صغيرة من الأصوات في العام 2023. في يوم الجمعة الماضي، قامت الشرطة البرازيلية بالإغارة على بيته، وأمرته بوضع جهاز إلكتروني في ساقه لمراقبة تحركاته، وحظرته من التواصل مع وسائل التواصل الاجتماعي، ومُنع من مغادرة بيته ليلاً، وصودر هاتفه. وفي ذات الوقت بدأت الأجهزة القضائية التسريع في إجراءات المحاكمة، والتي من المحتمل أن تبدأ بعد فترة قصيرة من بدء تفعيل قرار الرسوم الجمركية ضد البرازيل في الأول من أغسطس المقبل. وفي رده على الأزمة الحالية، يرى بولسونارو أنَّ وقف تنفيذ واشنطن للقرار يستدعي من الرئيس لولا دا سيلفا وقف المحاكمة.
التحرك الأميركي الأخير ضد البرازيل يصنّف وفق معايير السياسة الدولية المتعارف عليها تدخلاً مباشراً في الشأن الداخلي البرازيلي. وفي ذات الوقت يوضح أنَّ سياسة رفع الرسوم الجمركية التي يتبنَّاها الرئيس الأميركي ترمب تحمل أجندة أخرى غير مصرح بها، تتخطَّى ما يتناوله في تصريحاته لوسائل الإعلام ولأنصاره من أنها تهدف إلى تصحيح وضعية الميزان التجاري الأميركي، إلى كونها وسيلة وأداة للسياسة الخارجية لفرض الهيمنة الأميركية.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صحيفة سبق
منذ 18 دقائق
- صحيفة سبق
ويتكوف: ترامب "شرطي العالم".. و10 دول على أعتاب التطبيع مع إسرائيل
كشف ستيف ويتكوف المبعوث الرئاسي الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط، عن ملامح تحركات سياسية واسعة في المنطقة والعالم، مؤكداً أن إدارة الرئيس دونالد ترامب تعمل على توسيع اتفاقيات السلام وتثبيت الاستقرار الدولي. وقال ويتكوف في مقابلة مع قناة فوكس نيوز إن المفاوضات مع حركة حماس التي كانت متعثرة 'بدأت تعود إلى مسارها'، مشيرًا إلى أن اتفاقيات إبراهيم للسلام ستتوسع، مضيفًا: 'لن يكون مفاجئًا إذا انضمت نحو 10 دول بنهاية العام' إلى مسار التطبيع مع إسرائيل. وفي الملف النووي الإيراني، أكد ويتكوف أن المفاوضات مع طهران ستعود لمسارها، بينما أشار بخصوص سوريا إلى أن التوترات الأخيرة في طريقها للتسوية. كما لفت إلى أن المفاوضات حول الأزمة الأوكرانية – الروسية ستعود بدورها إلى مسارها بهدف التوصل إلى تسوية. وأوضح المبعوث الأميركي أن الرئيس ترامب يلعب دورًا محوريًا على الساحة الدولية، قائلاً: 'ترامب هو شرطي العالم حاليًا وهذا مهم لأنه يجلب النظام والاستقرار'، معربًا عن أمله في تحقيق سلام دائم في غزة والشرق الأوسط قبل نهاية ولاية ترامب الرئاسية. وختم ويتكوف بالإشارة إلى أن نجاح مهمته سيكون مرهونًا بتحقيق اتفاق سلام بين روسيا وأوكرانيا، وتوسيع اتفاقيات إبراهيم، وتحقيق سلام دائم في الشرق الأوسط، معتبرًا أن هذه الإنجازات ستشكل علامة فارقة للإدارة الأميركية الحالية.


عكاظ
منذ ساعة واحدة
- عكاظ
ترمب: الرسوم على «الأوروبي» لن تقل عن 15%
أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب أن الرسوم الجمركية على صادرات الاتحاد الأوروبي إلى الولايات المتحدة لن تقل عن 15%، وذلك مع بدء محادثات حاسمة في أسكتلندا مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين. ورداً على سؤال من الصحافيين حول هذا الاحتمال قبيل لقائه مع فون دير لاين، قال ترمب: «كلا». وفيما أعرب عن أمله في حل بعض القضايا، أكد أن المنتجات الدوائية لن تكون جزءاً من الاتفاق. يذكر أن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب قد حدد في أوائل أبريل الماضي مهلة 90 يوماً للمحادثات التجارية بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة التي كان من المقرر أن تنتهي في التاسع من يوليو الجاري. وفي 24 من مايو الماضي، تراجع الرئيس الأمريكي دونالد ترمب عن تهديده بتسريع فرض رسوم جمركية بنسبة 50% على الواردات من الاتحاد الأوروبي، ووافق على تمديد الموعد النهائي للمحادثات التجارية حتى التاسع من يوليو بعد أن قالت رئيسة المفوضية الأوروبية إن الاتحاد الأوروبي بحاجة إلى مزيد من الوقت للتوصل إلى اتفاق جيد. وذكر متحدثون باسم المفوضية الأوروبية أن رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لاين توجهت إلى أسكتلندا للاجتماع مع الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بعد ظهر أمس، فيما قال مسؤولون في التكتل إن الجانبين يقتربان من إبرام اتفاق تجاري. وأشار ترمب للصحافيين لدى وصوله إلى أسكتلندا إلى أنه يتطلع إلى لقاء فون دير لاين، ووصفها بأنها زعيمة تحظى باحترام كبير، وذلك في إطار زيارة تستغرق بضعة أيام لممارسة رياضة الغولف وعقد اجتماعات ثنائية. وذكر ترمب وجود فرصة 50% لتوصل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، المؤلف من 27 دولة، إلى اتفاق تجاري إطاري. أخبار ذات صلة


أرقام
منذ ساعة واحدة
- أرقام
وزير التجارة الأميركي: على أوروبا فتح أسواقها مقابل خفض الرسوم
صرّح وزير التجارة الأميركي هوارد لوتنيك يوم الأحد بأن على الاتحاد الأوروبي أن يفتح أسواقه بشكلٍ أوسع أمام الصادرات الأميركية إذا أراد تفادي فرض رسوم جمركية أميركية جديدة بنسبة 30% من المقرر أن تدخل حيز التنفيذ في الأول من أغسطس آب. وقال لوتنيك في مقابلة مع قناة «فوكس نيوز صنداي»، «السؤال هو.. هل سيقدّمون عرضاً جيداً بما يكفي للرئيس ترامب ليجعله يتراجع عن قرار فرض رسوم 30%؟»، مضيفاً أن الرئيس ترامب يسعى للحصول على فرص دخول أوسع للشركات الأميركية في الأسواق الأوروبية. وأضاف لوتنيك أن بروكسل «ترغب بشدة في التوصل إلى اتفاق»، لكن القرار النهائي سيبقى بيد ترامب، الذي أشار في تصريحات سابقة إلى أن فرص التوصل لاتفاق مع الاتحاد الأوروبي هي «50-50 أو أقل». وحذّر الاتحاد الأوروبي يوم الخميس الماضي أنه مستعد لفرض رسوم مضادة على سلع أميركية بقيمة 93 مليار يورو، أي ما يعادل نحو 109 مليارات دولار، في حال فشلت المفاوضات. تمثل المفاوضات الجارية محاولة أخيرة لتفادي تصعيد تجاري واسع النطاق قد يضر بالنمو العالمي، خصوصاً في ظل التباطؤ الاقتصادي في أوروبا والانكماش الذي يلوح في أفق الولايات المتحدة. باختصار، فرص الوصول إلى حل لا تزال قائمة، لكن تعتمد على مدى استعداد بروكسل لتقديم تنازلات حقيقية، ومدى رغبة ترامب في تبني «نصر تفاوضي» قد يستغله انتخابياً.