logo
حنكةٌ وحكمة

حنكةٌ وحكمة

عكاظمنذ 4 ساعات

في عالم يضجُّ بالمفاجآت والأحداث الطارئة والخارجة عن السيطرة أحياناً ويزداد فيه المشهد السياسي تعقيداً، تقف المملكة العربية السعودية بثبات لافت، تسير بثقة متزنة على خريطة السياسة الدولية، مستندة إلى إرث عريق من الحكمة السياسية التي وُرثت وتطورت، حتى شكّلت لنفسها مدرسة سياسية دبلوماسية مستقلة تتميز بهدوء القرار وحنكته وحكمته، وبعد النظر، والاتزان في إدارة الأزمات.
الحكمة السياسية السعودية ليست وليدة لحظة؛ بل هي امتداد لنهج بدأه المؤسس الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- حين جمع بين الصلابة في المبدأ والمرونة في الموقف، ثم تعاقب الملوك من بعده وهم يحفظون هذه السمة كأحد أسرار قوة المملكة ونجاحها على مرّ العقود.
ونشهد مع كل يوم يمر ويحمل معه التطورات والأحداث هذه الحكمة السعودية بوضوح في مواقف المملكة تجاه ملفات الإقليم والعالم، حيث تجمع القيادة السعودية بين الحزم حين يستدعي الأمر، والدبلوماسية العالية حين يتطلب الموقف التهدئة، فلا انفعال يقود القرار، ولا تردد يشوّش عليه.
من قضية فلسطين، إلى الملف الإيراني، إلى علاقاتها المتوازنة مع الدول الأخرى، تنتهج السعودية سياسة «المسافة الآمنة والإنسانية»، وهذا الفن الدبلوماسي أراه هرم السياسة، إن لم يكن السياسة نفسها، وبها تحفظ بلادنا مصالحها دون أن تفقد ثقلها أو حيادها الاستراتيجي، وهو ما جعلها اليوم وسيطاً موثوقاً، وركناً أساسياً في معادلة الأمن والطاقة والسلام.
السعودية، هي الرقم الصعب في القيادة الدبلوماسية السياسية، هي الرقم العادل والمنصف لكل القضايا الدولية وهي محطة الفهم والثقل والقوة السياسية، وهي الحل لكل أزمة ولن يخسر مَن يطلبها حلاً أو حليفاً؛ لأن على طاولة تفاوضها يكمن الإصلاح والحوار والاحترام وتحقيق المنفعة.
ختاماً.. ليست الحكمة السياسية السعودية شعاراً يُرفع؛ بل هي ممارسة واعية، وصناعة قرار عميقة، جعلت من المملكة صوتاً عاقلاً، وشريكاً موثوقاً، وقائداً يحسب له العالم ألف حساب في كل لحظة حاسمة.
حفظ الله لنا قيادتنا الرشيدة.
أخبار ذات صلة

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الخارجية الأميركية توافق على تمويل لـ"مؤسسة غزة الإنسانية" بـ30 مليون دولار
الخارجية الأميركية توافق على تمويل لـ"مؤسسة غزة الإنسانية" بـ30 مليون دولار

العربية

timeمنذ 36 دقائق

  • العربية

الخارجية الأميركية توافق على تمويل لـ"مؤسسة غزة الإنسانية" بـ30 مليون دولار

أعلنت وزارة الخارجية الأميركية، الخميس، أنها وافقت على تمويل بقيمة 30 مليون دولار لـ"مؤسسة غزة الإنسانية"، داعية الدول الأخرى إلى دعم المؤسسة التي تقدم المساعدات في قطاع غزة الذي مزقته الحرب. وقال تومي بيغوت، نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية، للصحافيين: «هذا الدعم هو تأكيد إضافي لسعي الرئيس الأميركي دونالد ترمب ووزير الخارجية ماركو روبيو لتحقيق السلام في المنطقة». وذكرت وكالة «رويترز»، في وقت سابق من الأسبوع الحالي، أن الولايات المتحدة ستقدم 30 مليون دولار للمؤسسة الإغاثية المثيرة للخلاف. وتدعم واشنطن منذ فترة طويلة "مؤسسة غزة الإنسانية" دبلوماسياً، لكن هذا أول إسهام مالي معروف من الحكومة الأميركية التي تستفيد من شركات عسكرية ولوجيستية أميركية خاصة لنقل المساعدات إلى القطاع الفلسطيني لتوزيعها في «المواقع الآمنة». وتعمل "مؤسسة غزة الإنسانية" في قطاع غزة مع شركة لوجيستية هادفة للربح تدعى «سيف ريتش سوليوشنز» يرأسها ضابط سابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) وشركة خدمات أمنية تابعة لها تدعى «يو.جي سوليوشنز»، توظف جنوداً أميركيين سابقين.

هل انتهت حرب فارس والروم؟
هل انتهت حرب فارس والروم؟

الشرق الأوسط

timeمنذ ساعة واحدة

  • الشرق الأوسط

هل انتهت حرب فارس والروم؟

منذ ما قبل بعثة النبي (صلى الله عليه وسلَّم) في نحو عام 610، وحتى عام 628 كانت الحروب لا تزال مشتعلةً بين إيران وبيزنطيا على مناطق النفوذ ما بين شرق الفرات (لإيران) وغربه (لبيزنطيا)، أو الروم كما كان العرب يسمونهم. وقد بلغ من فظاعة هذه الحرب، أو الحروب، وشهرتها أن القرآن الكريم ذكرها في مطلع سورة «الروم» حين بشّر بنصر الروم، بعد أن كان الفرس قد أرغموهم على الانسحاب من بلاد الشام، ووصلوا إلى القدس عام 614 وأخذوا صليب الصلبوت من «كنيسة القيامة». الطبري المؤرخ، بعد قرنين ونصف، يذكر عن رواته من أواخر القرن السابع الميلادي أنّ الفرس الغزاة كانوا قد قطعوا أشجار بساتين الزيتون الشاسعة بالشام في ما يشبه سياسة الأرض المحروقة. كانت الإمبراطوريتان تتّبعان سياساتٍ مزدوجة، فتارةً تشن الجيوش الضخمة الحرب مباشرةً بعضها ضد بعض، وطوراً تستعينان بـ«حلفائهما» من العربِ (المقسومين بين الروم وفارس) والأرمنِ والبلغارِ (المحالفين لبيزنطيا). عام 628 استطاع البيزنطيون الوصول إلى المدائن عاصمة الساسانيين، واستعادوا الصليب ورجعوا به إلى القدس واحتفلوا بالنصر، في حين احتفل الفرس بإخراج الروم من عاصمتهم التي احتلّوها لفترة. وسادت هدنة بسبب ضعف الطرفين وإرهاقهما في الحرب الطويلة (602 - 628)، وما تجددت الحرب رغم العداء الشديد؛ لأنّ العرب الجدد تدخلوا بدءاً من عام 623، فأجلوا الروم عن الشام، وأزالوا خلال 20 عاماً الإمبراطورية الفارسية! التاريخ لا يعيد نفسه، لكنه، وفق كارل ماركس، إذا حصلت تشابهات فإن المأساة (التراجيديا) تختلط فيه بالكوميديا. يخيَّل لبعض المتابعين من أنحاء العالم أنّ رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، هو سيد الساحة. لكنّ الحقيقةَ أنّ رومَ العصر، الذين تمثلهم وتسودهم الولايات المتحدة، هم سادةُ الحرب الحقيقيون، ويريد الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، أن يصبحوا أيضاً سادة السلم! ومنذ الثورة الإسلامية في إيران عام 1979 تمردت الجمهورية الإسلامية على التبعية للولايات المتحدة، وقالت إنها لا غربية ولا شرقية (!). وناوشتها أميركا طيلة أكثر من 40 عاماً؛ من خلال عراق صدّام حسين، وأكثر من خلال حليفتها إسرائيل؛ في حين عمدت إيران إلى مناوشة أميركا من خلال الميليشيات المسلحة التي أنشأتها بالعراق وسوريا ولبنان... واليمن. ثم ملّت أميركا أيام ترمب من سياسات الاحتواء والاستيعاب والمناوشة، وانتهزت فرصة هجوم الحليفة على الجمهورية الإسلامية بحجة «النووي»، فضربت إيران ضربةً صاعقةً في ليلةٍ واحدة، ثم طالبت الطرفين على قدم المساواة بوقف النار. وبالطبع استجاب الطرفان بعد ترددٍ أكبر من جانب إسرائيل، فعمد ترمب إلى إعلان انتهاء الحرب وليس وقف النار فقط، بل وتجاوز ذلك إلى تبشير إيران بمستقبلٍ زاهر، والشرق الأوسط كله بزمنٍ جديدٍ تكون إسرائيل فيه آمنة ولا حروب ولا مَنْ يحزنون! إنّ من لا يصدّق ذلك فليتنبه إلى مظاهر الحرب «الحضارية» الجديدة: ترمب يعلن أنه أخبر إيران بالهجوم قبل وقوعه، وإيران تعلن أنها أخبرت أميركا بردّها. والطرفان يشكران ترمب على وساطته من أجل إحلال السلم، والجميع يشكرون دولة قطر للتقبل والوساطة (!). ولكيلا يكون هناك شكٌّ في وقف النار أو في النصر أو الهزيمة يحتفل الإيرانيون والإسرائيليون على حدٍ سواء بالانتصار! خانت الجميعَ «اللحظةُ الحضاريةُ» في حرب غزة. أما في حروب الثلاثة فبدت الحضارة بأجلى مظاهرها: كلٌّ منهم يُعلم الآخر بهجماته، ويطلب من المدنيين مغادرة ساحات الاشتباك. وإذا قيل: لكنّ القتل والتخريب ظلّا عظيمَي الوقوع، فالإجابة: صحيحٌ أنهما حصلا؛ لكنْ بعد استئذان! هل انتهت الحرب، أو الحروب، كما ذكر ترمب؟ إيران شديدة التعب والإرهاق في بناها العسكرية والنووية والأمنية والعلمية، وقد جُرّدت أيضاً من أذرُعها التي بنتها بصبرٍ على مدى عقود. ولذلك؛ فإذا ضمن ترمب لها الحماية من غدرات الزمان، فإنها ستستكين، إنما بالطبع بعد مفاوضات صعبة والتوقيع على أوراق كثيرة تشمل «النووي» و«الباليستي» و«الأذرع الميليشياوية». أما إسرائيل المرهقة جداً من «حروب الانتصار»، فيغلب على الظن أن تستكين أيضاً إذا أمنت من جهة لبنان. لكن ستبقى لديها مشكلات إذا رأت أن ترمب سيمضي بعيداً في احتضان إيران الجريحة. تضاءلت فارس، لكنها لم تسقط. أما الروم فلم يخسروا شيئاً، وهم شديدو الاعتزاز، وقد يكسبون إيران كما كسبوا سوريا! أمّا شرق أوسط السلام والازدهار فلا يزال بعيد المنال.

«بروفة الخطر»
«بروفة الخطر»

الشرق الأوسط

timeمنذ ساعة واحدة

  • الشرق الأوسط

«بروفة الخطر»

بدأت الحرب وانتهت. تركت جروحاً غائرة. تكشفت أوراقها السرية. ما في الأعماق ظهر على السطح. الخرائط أعادت رسم القلق من جديد. 12 يوماً تشبه الفيلم الأميركي «12 رجلاً غاضباً» من بطولة النجم الكبير هنري فوندا. دائرة الغضب تتسع. التقديرات الاستراتيجية حائرة ما بين نظرية بريجنسكي عن تكوين أوراسيا الأميركية، وبين نظرية هنري كيسنجر الساعية إلى دبلوماسية السيطرة «خطوة خطوة». أما دول الشرق الأوسط فهي حائرة بين المصالح الوطنية وبين النفوذ الخارجي، والاندفاع إليها بحروب قد لا تكون مستعدة لها، ولا راغبة فيها. في اليوم التالي لإيقاف الحرب الإسرائيلية على إيران، ثمة دروس مستفادة، لا بد أن نتوقف أمامها بالفحص والدرس، قبل أن يحترق العالم إذا ما اتخذت الفلسفة ذاتها في الصدام والحروب. أول هذه الدروس، يتمثل في الإدراك أن إسرائيل تنتهج سبيل الحرب للحرب، ونحن نفهم أن الحرب هي مجرد أداة من أدوات السياسة، لكن قيادة إسرائيل اليمينية بزعامة بنيامين نتنياهو، تعتقد أن هناك فرصة سانحة للاستيلاء على الشرق الأوسط برمته، وقد زعم أكثر من مرة أنه سيغير وجه الشرق الأوسط للأبد، وبالقوة العسكرية وحدها، من دون أن يدرك أن هناك قوى ممانعة لهذا الطموح غير المشروع. اكتشفنا أثناء حرب الأيام الاثني عشر، أنه غير قادر بقوته الشاملة على النصر في معركة واحدة، فعلى عادته يبدأ نتنياهو دائماً الحرب، ولا يعرف كيف ينهيها، ولولا التدخل الأميركي المعلن ما استطاع الصمود طوال هذه الأيام، فبعد ضربته الاستباقية الأولى احتفل بالنصر السريع، ولكنه اكتشف أن الحرب أسرع وأكثر ألماً مما كان يتخيل، فقد نام معظم الشعب الإسرائيلي في الملاجئ، وعلى إيقاع صفارات الإنذار، وكان يحث واشنطن على التدخل السريع. في اليوم العاشر للحرب قصفت واشنطن مفاعلات إيران النووية. قواعد الحرب الجديدة تتجاوز القواعد التقليدية والنمطية. نتنياهو اعتدى على دولة مستقلة. أميركا قصفت منشآت خاضعة لمؤسسات دولية، وتشرف عليها هيئة الطاقة النووية العالمية. في هذه الحرب اكتشفنا أن نتنياهو تجاوز خطوطاً حمراء، حيث قصف منشآت مدنية، مستعيناً بأدوات غامضة في عالم التجسس. هذه الحرب جاءت خارج منهج بريجنسكي وكيسنجر، لم يستطع نتنياهو أن يحقق أي هدف من أهداف الحرب، فلا النظام الإيراني سقط كما كان يدعو، ولا الشعب الإيراني انقسم على قيادته كما كان يتمنى، وفوجئ أن صورة إسرائيل نفسها تزعزعت بسبب الإبادة في غزة. ثمة مفارقة هائلة هنا، فالرقيب العسكري الإسرائيلي يمنع أي صور تظهر الخسائر الناجمة عن الصواريخ الإيرانية، وفي اليوم الأخير سمح بنشر صور الدمار، بهدف جلب التعاطف الدولي مع تل أبيب، ثم تخويف المجتمع الإسرائيلي ليقبل بإيقاف الحرب. أما الأخطر بالنسبة لنتنياهو، فإن إيران قد تتخلى عن عضويتها في الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وقد قال دميتري ميدفيديف، الرئيس الروسي السابق، ونائب رئيس مجلس الأمن القومي الروسي، إن إيران ستصبح نووية، وستحصل على قنبلة نووية من دولة أو أخرى، مما استدعى رداً من الرئيس الأميركي الذي قال: إذا كان الرئيس الروسي السابق قال ذلك فأبلغوني فوراً. الرسالة هنا أن الحرب وحدها باستخدام القوة الغاشمة لا يمكن أن تحقق أي أهداف، بل تكشف زيف مبدأ سلام القوة الذي يعتنقه نتنياهو. الدرس الثاني مقبل من طهران، حتماً ستقرأه بلاد فارس، فقد اهتمت بأذرعها في لبنان وسوريا واليمن والعراق، وتداخلت في فلسطين من أجل وجودها، وتوسيع نفوذها داخل الإقليم العربي، ولكنها اكتشفت أن هذه القضية معقدة، ولا تصلح للاستخدام السياسي الخاص، فهي مثل الرمال المتحركة تبتلع من يسير عليها. تذرعت إسرائيل بهذا التدخل، ومنعت الفلسطينيين من نيل الاستقلال، وإقامة دولتهم المستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية. إيران أخطأت في التقديرات. هذا التداخل كلفها خسارة «حزب الله» في لبنان، وحليفها النظام السوري السابق، على حساب الداخل الإيراني. هذا المشهد يعطينا درساً مهماً، مفاده أن تجربة الحرب هذه تؤكد ضرورة وأهمية حماية الجبهات الداخلية، بقدر حماية الحدود والجبهات الخارجية، وهذا يتطلب منا - نحن العرب - الوحدة في مجالات الدفاع، والأمن والاقتصاد والسياسة، والتحرك معاً لتأكيد ضرورة حل القضية الفلسطينية «أم القضايا المزمنة»، فقد كان الانخراط فيها من خارج الإقليم العربي ذريعة لإسرائيل وحلفائها لعرقلة الحل. الدروس قاسية في هذه الحرب، لكنها مفيدة لمن لديه حكمة وتقدير سياسي صحيحان، فما شهدناه خلال اثني عشر يوماً كان «بروفة الخطر».

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store