logo
الأسبوع الحرج في الحرب على غزة

الأسبوع الحرج في الحرب على غزة

فلسطين اليوممنذ 4 أيام
فلسطين اليوم
الكاتب: منير شفيق
منذ أوائل شهر تموز/ يوليو 2025، راح الرئيس الأمريكي يلوّح بضرورة عقد اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة. وقد دعا نتنياهو إلى أن يكون إلى جانبه، ليحسم التوصل إلى اتفاق.
يقدَّر بأن العوامل المختلفة المتدخلة في هذه الحرب، طوال عشرين شهرا، قد بلغت لحظة الفرض على نتنياهو، للقبول بتوقيع اتفاق وقف إطلاق النار المؤقت، لستين يوما.
ولكن نتنياهو راح يحاول رسم صورة المنتصر، إلى جانب ترامب، في التمهيد لزيارته. فجعل يعدّد الإنجازات التي حققها في الحرب على إيران، كما في غزة ولبنان، وصولا إلى التباهي بأنه غيّر خريطة دول "الشرق الأوسط".
على أن محصلة الحروب والمعارك، التي خاضها نتنياهو منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، تؤكد بأن الصورة التي يرسمها، لوضعه الراهن وإنجازاته، لا تسمح له بالتباهي وادّعاء الانتصارات. بل إن زيارته الحالية لواشنطن، تظهر كم وصل من التبعية لترامب، حين رجاه بالتدخل لإنقاذه من قضايا الفساد التي تنتظره لدى المحكمة العليا. وقد وصل ذلك التوسّل إلى مستوى تدخل ترامب للطلب من المحكمة إسقاط القضايا. وهي خطوة تشكل فضيحة، لتدخل سافر في الشأن الداخلي من جانب ترامب، في قضايا دولة الكيان، كما هي خطوة تدلّ على الوضع المذلّ الذي يعيشه نتنياهو.
كانت عزلة نتنياهو على شفا إسقاطه، لولا الثالث عشر من حزيران/ يونيو 2025، حين سمح له ترامب بشنّ الحرب على إيران، حيث حوّله إلى قائد وراءه وحدة واسعة داخل الكيان، لتأييد الحرب، بعد انقسام حادّ، وحيث حشد تأييد الدول الغربية له في هذه الحرب، بعد إجماع على عزلة أوروبية، رسميا ورأيا عاما، بسبب استمرار حربه على قطاع غزة، وارتكاب جرائم الإبادة.
على أن هذه الفترة في خروج نتنياهو من مأزقه، سرعان ما انقضت بسبب الضربات الإيرانية الصاروخية فرط الصوتية، التي أثخنت في الكيان طوال اثني عشر يوما، الأمر الذي دفع ترامب للإسراع لإنقاذ نتنياهو، بمشاركة أمريكا في الحرب ضدّ إيران، من خلال قصف المواقع النووية الثلاثة، نطنز وأصفهان وفوردو. ثم سارع ترامب بعد يومين، وبعد بدء الردّ الإيراني على أمريكا، صحيح أن نتنياهو يتوسّل حتى الذل، في هذه اللحظات، طلبا من ترامب لإنقاذه، وصحيح أن ترامب غير موثوق في ثباته على رأي، إلّا أن اللحظة التي تواجه المفاوضات في الدوحة، وتواجه كلا من ترامب ونتنياهو في البيت الأبيض، ستكون في غير ما يريد نتنياهوبإعلان وقف الحرب، بموافقة كل من الكيان الصهيوني وإيران، وبما يتضمن وقف الحرب بين أمريكا وإيران، كذلك.
وبهذا كانت النتيجة إعلانا بفشل أهداف الحرب التي شنّها نتنياهو، كما الحرب التي شنّها ترامب، وكان في مقدّمتها إسقاط نظام الثورة الإسلامية 1979. وقد خرجت إيران منها أثْبَتَ قدما، وأقوى ساعدا، وذلك بالرغم من الخسائر الفادحة.
لا يختلف اثنان بأن استراتيجية نتنياهو منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023 إلى اليوم، هي إبقاء الحرب في غزة مستمرة، أو شنّ العدوان على لبنان، كما الحرب على إيران.
ولهذا فإن وقف الحرب على إيران، كما تمّ في الاتفاق الذي أعلنه ترامب في 24 حزيران/ يونيو 2025، ثم الانتقال في هذا الأسبوع لبحث وقف إطلاق النار في قطاع غزة، شكّل محصلة في غير مصلحة استراتيجية نتنياهو، بل وضع نتنياهو مرّة أخرى على شفا السقوط، وهو ما جعل ترامب يستدعيه، في محاولة لإيجاد مخرج تخفيفي لما ينتظره، من قرار وقف إطلاق النار في غزة، وبكل ما يعنيه من انتصار للمقاومة والشعب في غزة.
صحيح أن نتنياهو يتوسّل حتى الذل، في هذه اللحظات، طلبا من ترامب لإنقاذه، وصحيح أن ترامب غير موثوق في ثباته على رأي، إلّا أن اللحظة التي تواجه المفاوضات في الدوحة، وتواجه كلا من ترامب ونتنياهو في البيت الأبيض، ستكون في غير ما يريد نتنياهو.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

«النرجسي والمراوغ» في محادثات واشنطن!
«النرجسي والمراوغ» في محادثات واشنطن!

جريدة الايام

timeمنذ 7 ساعات

  • جريدة الايام

«النرجسي والمراوغ» في محادثات واشنطن!

«سنهزم هؤلاء الوحوش وسنعيد رهائننا إلى الوطن». كان ذلك تصريحاً محملاً برسائل بالغة الخطورة لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، عقب عودته من واشنطن. إنه إعلان صريح بنجاح مهمته في البيت الأبيض، التي تعني بالضبط الإفلات من ضغوط الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بتحقيق وقف إطلاق نار في غزة مع «الوحوش الفلسطينيين»! قبل أن يغادر العاصمة الأميركية ذكر المعنى نفسه: «إذا لم نحقق أهدافنا بالتفاوض فسوف نحققها بالقوة»، لكنه بدا عند عودته أكثر عدوانية واستعداداً للمضي في حرب الإبادة على غزة بغير سقف زمني. بفوائض قوة يستشعرها طلب مجدداً: «تفكيك المنظمات الفلسطينية، ونزع سلاحها، وإطلاق سراح جميع الرهائن الإسرائيليين في غزة». هذا طلب إذعان لا تفاوض قيل إنه في مراحله الأخيرة. «لا يمكن التوصل إلى اتفاق شامل». كان ذلك توصيفاً آخر، أكثر صراحة ووضوحاً، لطبيعة الصفقة التي يمكن أن يمررها لوقف إطلاق نار مؤقت في غزة قبل أن يعود إلى الحرب بعد ستين يوماً. «إسرائيل تريد إنهاء الحرب».. كما يطلب ترامب، لكن وفق شروطها. حسب التصريحات الصادرة عن الجانبَين الأميركي والإسرائيلي، فإنه تجمعهما «رؤية إستراتيجية واحدة». هذا يفسر إلى حد كبير ما تستشعره إسرائيل من فوائض قوة تدعوها إلى الحرب على أكثر من جبهة بعضلات غيرها. السؤال الرئيس هنا: من يقود الآخر، ترامب النرجسي أم نتنياهو المراوغ؟ قبل محادثات واشنطن صرح ترامب: «سوف أكون حازماً جداً مع نتنياهو، لكنه لم يصل إلى أي اختراق تطلع إلى إعلانه من واشنطن حتى يكون ممكناً أن يبدو في صورة من يستحق جائزة «نوبل للسلام». في نفس المحادثات خاطب نتنياهو نرجسيته المفرطة بتسليمه وثيقة أرسلها إلى لجنة «نوبل للسلام» ترشحه للفوز بها، وهو يدرك أن مجرد ذكر اسمه بإرثه وجرائمه، التي استدعت استصدار مذكرة توقيف بحقه من المحكمة الجنائية الدولية إهانة بالغة للجائزة. بعد المحادثات أكد نتنياهو: «من المستحيل تماماً التوصل إلى وقف إطلاق نار دائم». إنه رفض صريح لأي صفقة تنهي الحرب مرة واحدة، خشية تفكك ائتلافه الحكومي تحت ضغط وزيرَي الأمن القومي إيتمار بن غفير والمالية بتسلئيل سموتريتش المتطرفَين. لم يسجل المراوغ المحترف أي اختلاف مع ترامب، لكنه وضع خطوطاً حمراء باسم الأمن الإسرائيلي تجعل من فكرة الصفقة الشاملة مستحيلة تماماً. هاجس نتنياهو مصالحه السياسية قبل الأمن الإسرائيلي خشية أن يجد نفسه خلف القضبان محكوماً عليه بالفساد والاحتيال، وتقبل الرشى إذا ما تفككت حكومته. حرص نتنياهو، وهو في واشنطن، على الاتصال الدائم بسموتريتش، الأكثر حرصاً من بن غفير على البقاء في الحكومة، لطمأنته أنه لن يعقد أي صفقة شاملة. لم يكن مستغرباً أن ينتحل وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، لنتنياهو الأعذار: «حماس رفضت نزع سلاحها، وإسرائيل أبدت مرونة». الشق الأول من الكلام صحيح والشق الثاني لا دليل عليه. ماذا يقصد بالضبط بـ»مرونة إسرائيل»؟ لا شيء مطلقاً.. إنه الولاء لها قبل الإدارة، التي يخدمها. بنى نتنياهو مناوراته مع ترامب على التمركز عند طلب أن يكون الاتفاق جزئياً ومؤقتاً لمدة ستين يوماً يستعيد خلالها عشرة أسرى إسرائيليين. بترجمة سياسية فالمعنى بالضبط خسارة المقاومة الفلسطينية نصف أوراقها التفاوضية دون أن يفضي ذلك إلى إنهاء الحرب. بترجمة سياسية أخرى: تخفيف ضغط حلفائه اليمينيين المتطرفين عليه دون أن يتخلى عن استهداف العودة إلى الحرب مجدداً بذريعة فشل المفاوضات مع «حماس» في التوصل إلى وقف نار مستدام. هذا سيناريو شبه مؤكد، إلا إذا مارس ترامب ضغوطاً حقيقية على نتنياهو. المشكلة هنا أنه لا يقدر على هذا الخيار وتبعاته بالنظر إلى طبيعة إدارته. لتجاوز تلك العقدة اقترح أن يحصل نتنياهو على عفو من المحاكمة، التي تتهدده في مستقبله السياسي. كان ذلك داعياً إلى انتقادات واسعة لترامب داخل إسرائيل نفسها. المفارقة الكبرى أن الشعور الإسرائيلي الطاغي بالقوة يتناقض مع تصريحات رئيس الأركان، إيال زامير، عن ضرورة وقف إطلاق النار في غزة بأي ثمن تعبيراً عن الجو العام داخل الجيش، فلا بنوك أهداف جديدة، والخسائر في صفوفه فادحة. رغم ذلك كله يصف نتنياهو إسرائيل بأنها أصبحت قوة عظمى، رغم تراجع مكانتها في العالم كله؛ جراء حرب الإبادة التي تشنها على غزة. ثبت بيقين، حرباً بعد أخرى، أنه ليس بوسعها ربح المواجهات العسكرية وحدها. لولا تدخل الولايات المتحدة عسكرياً واستخباراتياً بعد السابع من أكتوبر (2023) لحاقت بها هزيمة إستراتيجية مروّعة. لم يتم التحقيق في حوادث السابع من أكتوبر، استقال على خلفيتها قادة عسكريون وأمنيون، غير أن المسئول السياسي الأول يرفض الامتثال لأي تحقيق خشية إجباره على التنحي عن منصبه. ولولا تدخل الولايات المتحدة مرة أخرى في حربها مع إيران لما كان ممكناً أن تصمد طويلاً تحت وطأة الخسائر الفادحة، التي طالتها الصواريخ الباليستية. بنص كلام ترامب: «لقد أنقذنا إسرائيل، والآن سوف ننقذ نتنياهو». مأزق الرئيس النرجسي أنه قد يبدو ضعيفاً ومنقاداً لمناور محترف. الضعف أكثر ما يزعج ترامب أن ينسب إليه، لكنه واقع الآن في أفخاخ نتنياهو.

انتزاع زمام المبادرة السياسية كمهمة أولى
انتزاع زمام المبادرة السياسية كمهمة أولى

جريدة الايام

timeمنذ 7 ساعات

  • جريدة الايام

انتزاع زمام المبادرة السياسية كمهمة أولى

انتظر كثيرون اتفاقاً لوقف إطلاق النار في غزة يعلنه الرئيس ترامب بعد اجتماعه بنتنياهو في البيت الأبيض، على خلفية وعد ترامب الشخصي بإعادة جميع الرهائن الإسرائيليين وإنهاء الحرب، عبر اتفاق وشيك. وقد ساد اعتقاد بأن ترامب سيفرض الاتفاق على نتنياهو أثناء اجتماعهما في واشنطن، وذلك على غرار نجاحه في وقف الحرب الإيرانية الإسرائيلية بعد 12 يوماً من اندلاعها. في هذا السياق قدم طاقم ترامب حوافز كثيرة لتسهيل عملية التوصل الى اتفاق، كتصميم اتفاق انتقالي يشجع نتنياهو على الدخول في مسار تفاوضي يقود الى إنهاء الحرب بمضمون الشروط الإسرائيلية. لكن نتنياهو عطل المسار التفاوضي بوضع شروط استفزازية حالت دون التوصل إلى اتفاق، سواء من خلال تعهده باستئناف الحرب بعد 60 يوماً وتشبثه باقتطاع 40% من أراضي قطاع غزة كمناطق عازلة بحسب الخرائط التي قدمها المفاوض الإسرائيلي، فضلاً عن تمسكه باحتكار الشركة الأميركية للإغاثة، حيث قتل خلال انتظار المساعدات ما ينوف على 800 مواطن، ورغم ذلك تصر حكومة نتنياهو على استبعاد المنظمات الدولية المختصة بالشؤون الإنسانية والخدمية، وتستمر سلطات الاحتلال بالتحضير لتجميع أكثرية سكان القطاع في معسكر اعتقال ضخم على أطراف رفح، توطئة لتهجيرهم. ثبت بالملموس أن نتنياهو ومعسكره الكاهاني عازمون على مواصلة الحرب، وهم يدفعون الى تأجيل أي اتفاق جزئي، وصولاً الى يوم 28 تموز، حيث يدخل الكنيست في عطلة لمدة 3 أشهر. وفي هذه الحالة تستمر الحرب وفقاً لخطة التطهير العرقي الفاشية. وسواء حدثت هدنة الستين يوماً او لم تحدث، يستمر مخطط التطهير العرقي، سيما وأن نتنياهو يتمتع بسلطة مطلقة على الاستراتيجية العسكرية بحسب تقرير» نيويورك تايمز». ويلاحظ أن سياسات نتنياهو تتكشف أكثر في وعوده للوزير المتطرف سموتريتش، وعده 7 مرات وأوفى بوعوده، في الوعد رقم 7 وعد بنقل السكان جنوباً ووضع أكثرية المواطنين في معسكر اعتقال ضخم اسماه «مدينة إنسانية» مترافقاً مع تدمير أماكنهم في – مدن وبلدات ومخيمات- تدميراً كاملاً ليحول دون عودتهم إليها، وفرض حصار شامل على من تبقى خارج معسكرات التجميع الحدودية. السؤال الذي يطرح نفسه لماذا رضخ ترامب لشروط وألاعيب نتنياهو حتى في تفاصيلها؟ أولاً لأن ترامب أبرم اتفاقاته بقيمة 4 ترليونات دولار، ولم يربطها مسبقاً باشتراط التطبيع الرسمي بين دول عربية وإسلامية وإسرائيل، ولا بإنهاء الحرب او بحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وأن أقصى ما يمكن حدوثه هو تأجيل إبرام الاتفاقات مع إسرائيل، بمعنى لا يوجد تراجع يؤدي الى خسائر وخلط للأوراق. ثانياً: لأنه لا يوجد خلاف بين إدارة ترامب وطاقمه الممسك بملف الحرب، وبين سياسة نتنياهو ومعسكره الكاهاني الذي يقدم حلاً فاشياً للقضية الفلسطينية. ثالثاً: لا يوجد ضغوط او احتجاجات عربية وفلسطينية خصوصاً، ولا يوجد ضغوط دولية على الموقف الأميركي الاستفزازي. فقد تراوحت المواقف العربية الرسمية بين التوسط ونقل الشروط الإسرائيلية الأميركية وبين الصمت المريب. لهذه الأسباب يندمج الموقف الأميركي بموقف أقصى اليمين الإسرائيلي الذي تمثله حكومة نتنياهو في موقف واحد. البقاء ضمن معادلة قوة حماس المحدودة والتي لا تملك من عناصر القوة غير الرهائن والأسرى الإسرائيليين، والقدرة على إلحاق خسائر بشرية في جيش الاحتلال -بلغت الخسائر 890 جندياً وضابطاً منذ 7 أكتوبر، بينهم 448 جندياً خلال فترة الاجتياح البري الممتدة منذ 20 شهراً – وفي المستوى السياسي أصبحت مكانة إسرائيل في الحضيض بفعل استهدافها للمدنيين الأبرياء وارتكابها حرب إبادة يومية، وقد تتحول يوماً بعد يوم الى دولة منبوذة ومعرّضة للعقوبات. لكن وجود رأي عام عالمي أكثري مناهض للممارسات والسياسات الإسرائيلية لم يقلل من حجم الكارثة التي يتعرض لها المجتمع الفلسطيني في قطاع غزة، لم يؤد إلى توفير الغذاء والدواء ومستوى من الحماية للتجمعات البشرية المكتظة. مقابل القوة المتغطرسة الإسرائيلية المدعومة من إدارة ترامب بلا حدود، وفي شتى المجالات، تمارس إسرائيل حرب إبادة متصاعدة وتحوّل قطاع غزة الى مكان غير صالح للحياة البشرية، والتي تمضي في تدمير البنية التحتية وتفكيك المجتمع، ودفعه نحو تهجير قسري داخل قطاع غزة كمقدمة لتهجير قسري خارجه. إذا ما استمرت الحرب وانحصرت المواجهة بين القوتين المذكورتين، فإن النتائج لن تكون سراً أو عصية على المعرفة والاستكشاف، وهي استكمال الإبادة والتهجير وخسائر بشرية ومادية متزايدة. لا يتفق الواقع على الأرض مع تقييم محمد الهندي نائب الأمين العام لحركة الجهاد حين قال إن عامل الوقت يلعب لصالح المقاومة التي تملك القدرة على الصمود طويلاً، وإن قوات الاحتلال عاجزة عن التقدم ميدانياً. فلا يمكن فصل صمود المقاومة عن صمود المجتمع الذي يفتقد لكل المقومات التي تصل أحياناً الى الصفر، والأسوأ ان دولة الاحتلال تتحكم في تلك المقومات وقد دأبت على تحطيمها. الخسائر التي تلحق بالمحتلين لا تقارَن بالخسائر التي تلحق بالمواطنين، ولا يقتصر الخطر على الخسائر الهائلة، بل يمتد الى تهديد الوجود الفلسطيني في القطاع وفرض الحل الفاشي من طرف واحد، وتصفية حقوق الشعب الفلسطيني الوطنية والمدنية على حد سواء. لا يوجد مصلحة للشعب الفلسطيني في إبقاء هذه المعادلة تفعل فعلها دون اعتراض أو تدخل او محاولة الخروج من هذا المسار الكارثي. حكومة نتنياهو بالأقوال والممارسة تسعى الى حسم الصراع على طريقتها، واذا تُركت وحدها او بمشاركة أميركية فقط وبدون مبادرات، فإن روح الانتقام تطغى على ما عداها وستقود الأمور الى العدم. السؤال، لماذا لا نبحث عن حلول ومبادرات بدعم الدول العربية التي أبرمت الاتفاقات مع إسرائيل، وبدعم دول المؤتمر الدولي العربي المزمع عقده لدفع حل إقامة الدولة الفلسطينية، وبالاستناد لدعم الأمين العام للأمم المتحدة، ولتأييد قوى سلام إسرائيلية بدأت تعيد بناء مواقفها وأطرها. إن انتزاع زمام المبادرة السياسية يرتبط أساساً بحكمة وواقعية فلسطينية مسؤولة تشارك فيها الحركة السياسية بسائر أطيافها من خلال الشرعية الفلسطينية -المنظمة والسلطة -، وإذا أردنا ترجمة الواقعية في بنود سنقبل بقطاع غزة والضفة بدون سلاح المقاومة، والانتقال الى الشكل السلمي للنضال كشكل رئيسي، المقرون بطلب الحماية الدولية – قوات الأمم المتحدة ومن ضمنها قوات عربية – تشرف على وقف الحرب وحماية المواطنين وتأمين الاحتياجات الأساسية لملايين الفلسطينيين. إذا ما تم الاتفاق على هذا البند، فإن البنود الأخرى ستكون محط تفاهم كصيغة الوضع الانتقالي، تحت مظلة المنظمة والسلطة باعتبارهما الشرعية الفلسطينية. ونزع كل الذرائع التي استُخدمت وما تزال تُستخدم لمواصلة حرب الإبادة، وفي مقدمة ذلك الأسرى الإسرائيليون الذين ينبغي مبادلتهم بأسرع وقت.

«أميركا أولاً» تتنمّر على العالم
«أميركا أولاً» تتنمّر على العالم

جريدة الايام

timeمنذ 7 ساعات

  • جريدة الايام

«أميركا أولاً» تتنمّر على العالم

قد يبدو الرئيس الأميركي دونالد ترامب، رئيساً يعمل بشكل فردي، وأنه يقود الدولة شخصياً، أي دون ما يوصف بمؤسسات الدولة العميقة، أي الكونغرس، وكالة المخابرات المركزية، القضاء، حكام الولايات، وحتى الحكومة بوزرائها الذين عينهم بنفسه، وإذا ما حاولنا استعراض الطاقم المحيط به، بالكاد نتذكر أسماء نائب الرئيس، وزير الخارجية، ووزير الدفاع، ولكان أهم اسم متداول في شرقنا الأوسطي هو ستيف ويتكوف، نظراً لتوسطه في ملفَي الحرب على غزة والتفاوض مع إيران، ويعود ذلك للهالة التي يحيط ترامب بها نفسه، خاصة من خلال إعلاناته وتصريحاته المتتابعة، إن كان عبر اللقاءات الصحافية، أو عبر «السوشيال ميديا»، حيث يحرص على مواصلة تصريحاته المثيرة للجدل في كل الاتجاهات، بما يجعله أكثر الرؤساء الأميركيين على هذه الصورة، منذ عهد رونالد ريغان، قبل عقود مضت. ومقابل ما ظهر على سلفه الديمقراطي جو بايدن، يحاول ترامب الظهور كرئيس قوي، لكن تسرعه، وإلى حد ما «اضطرابه» في بعض الأحيان، حين يعرب عن الشيء ونقيضه، في نفس الوقت، أو بعض وقت قصير، يكشف عن نقطة ضعفه هو الآخر، والحقيقة، أنه رغم أن البعض يعتبر ترامب رجلاً مزاجياً، أو حتى غير متزن، إلا أن كونه رئيس أكبر وأقوى دولة عسكرياً واقتصادياً حتى الآن، لا يعني أنه قد وصل للبيت الأبيض صدفة ولا اعتباطاً، خاصة أنه قد سبق له إشغال منصب الرئيس قبل ولاية بايدن الرئاسية الوحيدة، أي أن «الدولة العميقة» تعرفه جيداً، كما كانت تعرف سلفه بايدن، الذي بدوره وقف على خشبة المسرح السياسي عقوداً طويلة، وشغل منصب نائب الرئيس باراك أوباما خلال ولايتين متتابعتين، بذلك نقول بثقة، إن صورة الولايات المتحدة، وحتى طبيعتها تظهر في صورة رؤسائها، وبالتحديد تظهر منذ نحو عشر سنوات في صورة شخصيتي دونالد ترامب وجو بايدن. وهذه الصورة تشكلت وتتضح معالمها هذه الأيام شيئاً فشيئاً، على وقع «تضعضع» مكانة الولايات المتحدة التي صارت إليها كزعيم وحيد للنظام العالمي، منذ انتهاء الحرب الباردة، مطلع تسعينيات القرن الماضي، مع انهيار جدار برلين وتفكك الاتحاد السوفياتي، أي بعد عقود من النمو الاقتصادي الصيني الذي جعل من الصين الدولة العظمى أيام الحرب الباردة، بقوتها العسكرية وبتعدادها السكاني ومساحتها الجغرافية، منافساً اقتصادياً حقيقياً للولايات المتحدة، استناداً إلى ما تنتجه من سلع، رغم أن الولايات المتحدة، تستند في قوتها الاقتصادية لكونها «المتحكم المستبد» بالنظام العالمي، ويتجلّى ذلك في عدة أمور منها: اعتماد عملتها، الدولار الأميركي كعملة تداول دولي، تقوم الخزانة الأميركية بتحصيل العمولات مقابل التحويلات المصرفية بين دول وشعوب وحتى الأفراد في العالم، بما يدخل لتلك الخزانة عشرات التريليونات سنوياً، ومن تلك الأمور أيضاً حجم الاستثمارات والادخارات الدولية في البنوك والمصارف الأميركية، وأميركا كثيراً ما قامت بتجميد أرصدة بمليارات الدولارات للدول والأفراد لأسباب سياسية غير قانونية. وكما سبق لنا أن أشرنا في أكثر من مقال سابق، إلى أن ولاية بايدن الوحيدة وولايتي ترامب، شهدت المحاولة الأميركية لاحتواء أو قطع الطريق على ما تشكله كل من الصين وروسيا من تحدٍ لمكانة أميركا العالمية، أو من خروج عن طوع نظامها العالمي «المستبد»، وكان الفارق البين بين سياستَي بايدن وترامب، هو أن الأول أولى معالجة التحدي الروسي الأولوية، فيما الثاني يولي التحدي الصيني الأولوية، ولهذا أو بسبب هذا أعتبر أن بايدن قد لجأ للخيار العسكري في محاولة إعادة العالم لحظيرة النظام الأميركي قبل خروجه عنها رسمياً، فيما يلجأ ترامب للخيار الاقتصادي للوصول إلى نفس النتيجة. وبالطبع ترامب في ولايته الثانية أكثر نضجاً وخبرة وتجربة، ليس هو فقط، بل «الدولة العميقة» أيضاً التي ارتضته أو قبلته أو حتى اختارته رئيساً بشعاره «أميركا أولاً» وهو شعار صريح، يعني الحفاظ على النظام العالمي الأميركي، ومنع سقوطه وإقامة نظام عالمي آخر، تظهر إرهاصاته في القوة المتصاعدة لكل من الصين وروسيا، على الصعيدين السياسي العسكري، والسياسي الاقتصادي، وبعد أن كانت ولاية ترامب الأولى أقل وضوحاً في سيرها على هذا الطريق، حيث أمضاها مكتفياً بما حصل عليه حينها من استثمارات خليجية ومن «اتفاقيات أبراهام» ومن الخروج من الاتفاق النووي مع إيران، أي في المجال الاقتصادي وفي المجال السياسي، بما منحه لإسرائيل من هدايا خاصة بالقدس والجولان والتطبيع. فيما أمضى بايدن ولايته، في إشغال روسيا بحربها مع أوكرانيا، بقصد استنزافها عسكرياً، وكان يتوقع سقوط نظامها سريعاً، وإعادتها لبيت الطاعة الأميركي، لكنه وجد نفسه مستنزفاً اقتصادياً في أوكرانيا، من خلال أكثر من 250 ملياراً قدمها كمعدات عسكرية، وهذا ما قوبل بالمعارضة الجمهورية، حيث تكمن أهمية ذلك في كون الحزبين الجمهوري والديمقراطي ركيزتي الدولة العميقة، كذلك اضطر بايدن لتقديم الكثير من الأموال لإسرائيل، والكثير من الرصيد السياسي الأميركي على الصعيد العالمي، بسبب اضطراره للاصطفاف لجانب مجرمي الحرب الإسرائيليين. المهم أن ترامب في ولايته الثانية، يحاول الجمع بين الخيارين، فهو يخلص من جهة لإرثه كرجل اقتصاد، لكنه يقول بسلام القوة، أي أنه لم يعد يستبعد تماماً اللجوء للخيار العسكري، حيث يمكنه ذلك، وقد فعل فعلاً، ليس من خلال مواصلة تزويد إسرائيل بالسلاح والذخائر لتواصل حربها على غزة، ولكن وحتى مع عقده لاتفاق وقف الحرب العسكرية بينه وبين اليمن، وفي ظل إجرائه التفاوض مع إيران، لم يمنح إسرائيل الضوء الأخضر، الذي لم يمنحه لها بايدن من قبل، في مهاجمة المواقع النووية والنفطية الإيرانية وحسب، بل شاركها في توجيه الضربة العسكرية التي كانت تحتاجها لقصف موقع «فوردو» النووي المحصن، والذي تعجز القوة العسكرية الإسرائيلية عن إلحاق الضرر به عبر قصفه. ومن الواضح تماماً، أن كلا الرجلين اتخذ نفس الموقف، أي أن هناك إجماعاً أميركياً، لكل مؤسسات الدولة العميقة، حيث إن الأمر يتجاوز الاجتهادات والتقديرات السياسية، على عدم القدرة على مواجهة لا الصين ولا روسيا عسكرياً، بسبب الرادع النووي بالطبع، الذي تمتلكه الدولتان مجتمعتين أو منفردتين، بل إن القدرة النووية الروسية تفوق ما لدى أميركا نفسها من قوة نووية، لذلك فإن ترامب في ولايته التي ما زالت بأولها، وإن كان سيظل مشغولاً بمعالجة هذه المسألة، أي أمر النظام العالمي الأميركي الذي صار مهدداً جدياً بالسقوط، فإنه سيجرب كل الوسائل والطرق، ولن يتورع عن فعل أي سيئ ممكن من أجل تحقيق هذه الغاية، والشيء الممكن بالطبع دون تكسير أدوات اللعبة السياسية الدولية، أو دون حرق العالم، هي فرض «الأتوات» على دول العالم، فأميركا بدلاً من الدخول في تنافس اقتصادي شريف مع الصين، يتمثل في الدخول لحقل الإنتاج الاقتصادي، تدخل من الباب السهل، وهو الحصول على الاستثمارات والعمولات وما إلى ذلك، وفي هذا السياق جاءت التعرفة الجمركية التي فرضها ترامب على معظم دول العالم، بفعل مرتجل أولاً، ثم سرعان ما قام بمراجعته، وتعديله لكن دون إلغائه أو التراجع عنه كطريق للمواجهة الاقتصادية مع الصين. ثم وبعد أن حاول أن يخرج تماماً من طريق بايدن العسكري، أي من وحل الحرب مع روسيا في أوكرانيا، من خلال «عصا دونكيشوت» التي لوح بها أو ظنها كافية لتحقيق ذلك الهدف، بإعلانه عن تفاوض مع روسيا لوقف الحرب، ما لم يحدث، تراجع قليلاً بتصدير الأوروبيين ليقوموا بمهمة مواجهة روسيا بالوقوف وراء أوكرانيا، وأنه من خلال «الناتو» الذي تقوده أميركا، ولكن بعد أن دعت الاتحاد الأوروبي إلى أن يزيد من مساهمته المالية بتمويل الحلف العسكري المشترك بينهما، بما يزيد على 5% من مساهمتها المالية السابقة، أي أن ترامب اضطر للتوقف عن حديث وقف الحرب مع روسيا على حساب الحقوق الأوكرانية، مقابل ما فرضه على الاتحاد الأوروبي من «أتاوة» مالية لحلف الناتو. الشيء نفسه يقوم ترامب بإعداده في الشرق، حيث لا ينسى أحد أن تركيزه على الصين أولاً، فبعد أن اضطر لتعديل طريقه الذي كان منفرداً بمواجهة الصين، مقابل مواجهة بايدن لروسيا، وتمثل ذلك بشن هجوم لا يجمع الصين وروسيا معاً وحسب، ولكن كل «بريكس» أي إحدى عشرة دولة رسمياً، تتضمن إضافة للصين وروسيا كلاً من الهند والبرازيل وجنوب إفريقيا، وكلاً من ومصر وإيران وإندونيسيا وإثيوبيا، لكن أحدث خبر بهذا الشأن هو ما ذكرته صحيفة «الفايننشال تايمز» من أن «البنتاغون» سأل اليابان وأستراليا عما ستقومان به في حال دخلت أميركا في حرب مع الصين بسبب تايوان ؟!.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store