
"وادي إيزار".. لماذا تجتذب ميونيخ الشركات الناشئة؟
في مدينة ميونيخ البافارية تلتقي المواهب الدولية مع نظام بيئي يساعد على تأسيس الشركات الناشئة Startups. هنا تتوفر إمكانية الوصول إلى رأس المال والخبرة وبناء شبكة العلاقات لتحويل الأفكار إلى شركات ناشئة ناجحة.
الأمر أشبه ما يكون بالبحث عن الطريق الصحيح في متاهة يخوضها مئات المؤسسين الشباب كل عام في أوروبا: البحث عن الفرص والابتكارات والمال والنجاح، ولكن وقبل أي شء آخر البحث عن البلد والمدينة التي توفر لهم الأرض المثالية لتحقيق أحلامهم.
ويعثر الكثيرون على مبتغاهم في "وادي إيزار"، وهو مركز الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا في ميونيخ في تسميته غير الرسمية.
في أحدث تصنيف Global Tech Ecosystem Index الذي تجريه شركة Dealroom احتلت ميونيخ المرتبة 17 عالمياً بين المدن الكبرى للشركات الناشئة للعام 2025. حتى أنه عندما يتعلق الأمر بالنظم الإيكولوجية المبتكرة عالية الأداء وذات الإنتاجية العالية للفرد الواحد، تحتل ميونيخ المرتبة الخامسة بعد منطقة خليج سان فرانسيسكو، وبوسطن، ونيويورك، وكامبريدج.
أسس كل من نيكوس تسياميتروس وجورجيوس بيبليديس من اليونان شركة Ariadne الناشئة بمساعدة من ميونيخأسس كل من نيكوس تسياميتروس وجورجيوس بيبليديس من اليونان شركة Ariadne الناشئة بمساعدة من ميونيخ
من اليونان إلى ميونيخ
أسس الشابان من اليونان نيكوس تسياميتروس وجورجيوس بيبليديس شركتهما في ميونيخ. يقول نيكوس لـ DW: "لم تكن هناك في الواقع أي أسباب شخصية للانتقال إلى ميونيخ. لم أكن أعرف أحداً هنا، ولم أزر المدينة من قبل. لكن سمعة جامعة ميونيخ التقنية TUM كانت ممتازة".
جاء نيكوس من أثينا للحصول على درجة الماجستير، وجاء جورجيوس إلى جامعة ميونيخ التقنية مع توقف في النمسا للحصول على درجة الدكتوراه. ويقول جورجيوس: "هنا بدأنا العمل معا على برمجيات الملاحة في وسائل النقل العام".
وقد شارك الاثنان في هاكاثون، وهي فعالية يجتمع فيها المبرمجون لبضعة أيام أو أسابيع ويعملون معاً على تطوير البرمجيات. "ومن بين جميع المشاركين فزنا!". ويقول نيكوس: "منذ تلك اللحظة بدأنا نعتقد أننا قد نكون قادرين على تأسيس شركة ناشئة باستخدام خوارزمية الملاحة وتحديد المواقع". وأطلقوا على شركتهم الناشئة اسم "أريادن". ففي الأساطير الإغريقية أعطت البطل ثيسيوس خيط أريادن لإرشاده عبر متاهة المينوتور.
ولكن وجود خوارزمية لشركة ناشئة هو شيء، وتأسيس مثل هذه الشركة الناشئة ووضع خطة عمل والعثور على رأس المال شيء آخر. لدى النظام الإيكولوجي في ميونيخ نقطة اتصال مركزية لهذه الأسئلة بالتحديد.
ويوضح جورجيوس: "لقد علمنا مركز UnternehmerTUM كيفية تأسيس شركة ناشئة وإدارتها". ونتيجة لذلك تمكنت الشركة من تحقيق إيرادات خلال الأشهر القليلة الأولى. وقد تم تحويل برنامج ملاحة إلى أداة تعتمد على الذكاء الاصطناعي لإحصاء عدد الأشخاص وتحليل حركتهم وتخديم مطارات ميونيخ وغلاسكو ولوس أنجلوس ومدن ليفركوزن وبيليفيلد وريغنسبورغ والعديد من مراكز التسوق والمتاجر بما في ذلك متجر ايكيا.
وتقدم باربرا مينر المشورة والدعم للشركات الناشئة مثل أريادن. "نحن نساعد الشركات الناشئة في مراحلها الأولى على الدخول إلى السوق من خلال ربطها بالمستثمرين والمرشدين والعملاء المحتملين".
إيريني بساليدا رائدة أعمال وأحد مؤسس شركة تركيب السقالات Liftbot Kewazoإيريني بساليدا رائدة أعمال وأحد مؤسس شركة تركيب السقالات Liftbot Kewazo
شركة ناشئة تحدث ثورة في تركيب السقالات
من بين أكثر من 100 شركة تكنولوجية ناشئة يتم إنشاؤها في ميونيخ كل عام يبرز اسم شركة Liftbot Kewazo الناشئة التي أنشأتها رائدة الأعمال اليونانية إيريني بساليدا. وقد ولدت هذه الفكرة أيضا في هاكاثون UnternehmerTUM.
وتقول إيريني، واصفة الفكرة الأولية لفريقها: "ظهر لنا أن جميع الصناعات مؤتمتة بالكامل باستثناء صناعة البناء". طور الفريق مفهوماً لأتمتة بناء السقالات من أجل تبسيط العمل في صناعة البناء والتشييد.
وأطلقوا على شركتهم الناشئة اسم Kewazo استناداً إلى الكلمة اليونانية التي تعني الإنتاج "كاتاسكيفازو". واليوم يتم استخدام Liftbot بشكل يومي في المواقع الصناعية الكبيرة ومواقع البناء من شركة "باسف" للكيماويات BASF في لودفيغسهافن الالمانية إلى مصافي النفط في الولايات المتحدة الأمريكية.
وتعترف إيريني قائلة: "من الصعب أن نتخيل كيف كنا سنتمكن من تحقيق ذلك بدون UnternehmerTUM. فقد تمكن الفريق من الوصول إلى الأجهزة والبرمجيات والمحامين والاستشاريين في حاضنة الأعمال في مركز الشركات الناشئة. وحصلنا على المساعدة في الحصول على تمويل عام دون بيع أسهم في الشركة".
روبوت الرفع Kewazo قيد الاستخدام في كنيسة في دبلن بايرلنداروبوت الرفع Kewazo قيد الاستخدام في كنيسة في دبلن بايرلندا
ريادة المهاجرين في تأسيس الشركات الناشئة
يتكون فريق Kewazo من ستة مؤسسين من أربع دول وبالتالي فهو يتناسب تماماً مع النظام البيئي للشركات الناشئة الألمانية. وحسب أحدث تقرير لرصد مؤسسي الشركات الناشئة المهاجرين الذي نشرته مؤسسة فريدريش ناومان ورابطة الشركات الناشئة، فإن نسبة كبيرة من المؤسسين في ألمانيا من أصول مهاجرة.
"14% من مؤسسي الشركات الناشئة ولدوا في الخارج. وتصل هذه النسبة إلى 23 في المائة بين الشركات الناشئة التي تقدر قيمتها بالمليارات"، كما يقول فانوش ووك، كبير الباحثين في رابطة الشركات الناشئة والباحث الرئيسي في الدراسة. وحسب الدراسة يتميز المؤسسون المهاجرون بشكل خاص بعقليتهم الريادية القوية واستعدادهم للمخاطرة ومرونتهم، وهي صفات ضرورية عند تأسيس شركة.
عقبات كبيرة أمام رواد الأعمال من ذوي الأصول المهاجرة
ومع ذلك وحسب الدراسة فإن المؤسسين المهاجرين في ألمانيا يواجهون عقبات كبيرة يجب التغلب عليها. ويقول فانوش ووك: "يأتي الدخول للسوق وبناء شبكة العلاقات على رأس القائمة. كما يواجه المؤسسون من أصول مهاجرة مشاكل أكبر في التعامل مع البيروقراطية، كما أن الحصول على التمويل من الجهات المانحة العامة والخاصة أكثر صعوبة".
وقد واجه جورجيوس بيبليديس من شركة أريادن هذه المشكلة الأخيرة بشكل شخصي. فقد عرضت شركة ألمانية لرأس المال الاستثماري استثماراً مشروطاً بتعين رئيس تنفيذي ألماني للشركة. ويتذكر مؤسس "أريادن" أنهم أرادوا شخصاً يتحدث اللغة الألمانية كلغة أم "كرئيس تنفيذي صوري".
"يمكنني أن أفهم أن الناس يفضلون شخصاً يتحدث الألمانية بطلاقة عند التعامل مع العملاء، ولهذا السبب فإن جميع موظفي المبيعات لدينا يتحدثون اللغة الألمانية بطلاقة، ولكن أن يأخذ أي شخص محلي كرئيس تنفيذي؟ كان ذلك أمراً مبالغاً فيه بالنسبة لي".
وحصل نيكوس تسياميتروس وجورجيوس بيبليديس في النهاية على دعم أولي للانطلاق من شركة يونانية. ومع ذلك حتى هذه التجربة لم تقلل من حماسهما للعاصمة البافارية.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


أخبارنا
منذ 3 أيام
- أخبارنا
"وادي إيزار".. لماذا تجتذب ميونيخ الشركات الناشئة؟
في مدينة ميونيخ البافارية تلتقي المواهب الدولية مع نظام بيئي يساعد على تأسيس الشركات الناشئة Startups. هنا تتوفر إمكانية الوصول إلى رأس المال والخبرة وبناء شبكة العلاقات لتحويل الأفكار إلى شركات ناشئة ناجحة. الأمر أشبه ما يكون بالبحث عن الطريق الصحيح في متاهة يخوضها مئات المؤسسين الشباب كل عام في أوروبا: البحث عن الفرص والابتكارات والمال والنجاح، ولكن وقبل أي شء آخر البحث عن البلد والمدينة التي توفر لهم الأرض المثالية لتحقيق أحلامهم. ويعثر الكثيرون على مبتغاهم في "وادي إيزار"، وهو مركز الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا في ميونيخ في تسميته غير الرسمية. في أحدث تصنيف Global Tech Ecosystem Index الذي تجريه شركة Dealroom احتلت ميونيخ المرتبة 17 عالمياً بين المدن الكبرى للشركات الناشئة للعام 2025. حتى أنه عندما يتعلق الأمر بالنظم الإيكولوجية المبتكرة عالية الأداء وذات الإنتاجية العالية للفرد الواحد، تحتل ميونيخ المرتبة الخامسة بعد منطقة خليج سان فرانسيسكو، وبوسطن، ونيويورك، وكامبريدج. أسس كل من نيكوس تسياميتروس وجورجيوس بيبليديس من اليونان شركة Ariadne الناشئة بمساعدة من ميونيخأسس كل من نيكوس تسياميتروس وجورجيوس بيبليديس من اليونان شركة Ariadne الناشئة بمساعدة من ميونيخ من اليونان إلى ميونيخ أسس الشابان من اليونان نيكوس تسياميتروس وجورجيوس بيبليديس شركتهما في ميونيخ. يقول نيكوس لـ DW: "لم تكن هناك في الواقع أي أسباب شخصية للانتقال إلى ميونيخ. لم أكن أعرف أحداً هنا، ولم أزر المدينة من قبل. لكن سمعة جامعة ميونيخ التقنية TUM كانت ممتازة". جاء نيكوس من أثينا للحصول على درجة الماجستير، وجاء جورجيوس إلى جامعة ميونيخ التقنية مع توقف في النمسا للحصول على درجة الدكتوراه. ويقول جورجيوس: "هنا بدأنا العمل معا على برمجيات الملاحة في وسائل النقل العام". وقد شارك الاثنان في هاكاثون، وهي فعالية يجتمع فيها المبرمجون لبضعة أيام أو أسابيع ويعملون معاً على تطوير البرمجيات. "ومن بين جميع المشاركين فزنا!". ويقول نيكوس: "منذ تلك اللحظة بدأنا نعتقد أننا قد نكون قادرين على تأسيس شركة ناشئة باستخدام خوارزمية الملاحة وتحديد المواقع". وأطلقوا على شركتهم الناشئة اسم "أريادن". ففي الأساطير الإغريقية أعطت البطل ثيسيوس خيط أريادن لإرشاده عبر متاهة المينوتور. ولكن وجود خوارزمية لشركة ناشئة هو شيء، وتأسيس مثل هذه الشركة الناشئة ووضع خطة عمل والعثور على رأس المال شيء آخر. لدى النظام الإيكولوجي في ميونيخ نقطة اتصال مركزية لهذه الأسئلة بالتحديد. ويوضح جورجيوس: "لقد علمنا مركز UnternehmerTUM كيفية تأسيس شركة ناشئة وإدارتها". ونتيجة لذلك تمكنت الشركة من تحقيق إيرادات خلال الأشهر القليلة الأولى. وقد تم تحويل برنامج ملاحة إلى أداة تعتمد على الذكاء الاصطناعي لإحصاء عدد الأشخاص وتحليل حركتهم وتخديم مطارات ميونيخ وغلاسكو ولوس أنجلوس ومدن ليفركوزن وبيليفيلد وريغنسبورغ والعديد من مراكز التسوق والمتاجر بما في ذلك متجر ايكيا. وتقدم باربرا مينر المشورة والدعم للشركات الناشئة مثل أريادن. "نحن نساعد الشركات الناشئة في مراحلها الأولى على الدخول إلى السوق من خلال ربطها بالمستثمرين والمرشدين والعملاء المحتملين". إيريني بساليدا رائدة أعمال وأحد مؤسس شركة تركيب السقالات Liftbot Kewazoإيريني بساليدا رائدة أعمال وأحد مؤسس شركة تركيب السقالات Liftbot Kewazo شركة ناشئة تحدث ثورة في تركيب السقالات من بين أكثر من 100 شركة تكنولوجية ناشئة يتم إنشاؤها في ميونيخ كل عام يبرز اسم شركة Liftbot Kewazo الناشئة التي أنشأتها رائدة الأعمال اليونانية إيريني بساليدا. وقد ولدت هذه الفكرة أيضا في هاكاثون UnternehmerTUM. وتقول إيريني، واصفة الفكرة الأولية لفريقها: "ظهر لنا أن جميع الصناعات مؤتمتة بالكامل باستثناء صناعة البناء". طور الفريق مفهوماً لأتمتة بناء السقالات من أجل تبسيط العمل في صناعة البناء والتشييد. وأطلقوا على شركتهم الناشئة اسم Kewazo استناداً إلى الكلمة اليونانية التي تعني الإنتاج "كاتاسكيفازو". واليوم يتم استخدام Liftbot بشكل يومي في المواقع الصناعية الكبيرة ومواقع البناء من شركة "باسف" للكيماويات BASF في لودفيغسهافن الالمانية إلى مصافي النفط في الولايات المتحدة الأمريكية. وتعترف إيريني قائلة: "من الصعب أن نتخيل كيف كنا سنتمكن من تحقيق ذلك بدون UnternehmerTUM. فقد تمكن الفريق من الوصول إلى الأجهزة والبرمجيات والمحامين والاستشاريين في حاضنة الأعمال في مركز الشركات الناشئة. وحصلنا على المساعدة في الحصول على تمويل عام دون بيع أسهم في الشركة". روبوت الرفع Kewazo قيد الاستخدام في كنيسة في دبلن بايرلنداروبوت الرفع Kewazo قيد الاستخدام في كنيسة في دبلن بايرلندا ريادة المهاجرين في تأسيس الشركات الناشئة يتكون فريق Kewazo من ستة مؤسسين من أربع دول وبالتالي فهو يتناسب تماماً مع النظام البيئي للشركات الناشئة الألمانية. وحسب أحدث تقرير لرصد مؤسسي الشركات الناشئة المهاجرين الذي نشرته مؤسسة فريدريش ناومان ورابطة الشركات الناشئة، فإن نسبة كبيرة من المؤسسين في ألمانيا من أصول مهاجرة. "14% من مؤسسي الشركات الناشئة ولدوا في الخارج. وتصل هذه النسبة إلى 23 في المائة بين الشركات الناشئة التي تقدر قيمتها بالمليارات"، كما يقول فانوش ووك، كبير الباحثين في رابطة الشركات الناشئة والباحث الرئيسي في الدراسة. وحسب الدراسة يتميز المؤسسون المهاجرون بشكل خاص بعقليتهم الريادية القوية واستعدادهم للمخاطرة ومرونتهم، وهي صفات ضرورية عند تأسيس شركة. عقبات كبيرة أمام رواد الأعمال من ذوي الأصول المهاجرة ومع ذلك وحسب الدراسة فإن المؤسسين المهاجرين في ألمانيا يواجهون عقبات كبيرة يجب التغلب عليها. ويقول فانوش ووك: "يأتي الدخول للسوق وبناء شبكة العلاقات على رأس القائمة. كما يواجه المؤسسون من أصول مهاجرة مشاكل أكبر في التعامل مع البيروقراطية، كما أن الحصول على التمويل من الجهات المانحة العامة والخاصة أكثر صعوبة". وقد واجه جورجيوس بيبليديس من شركة أريادن هذه المشكلة الأخيرة بشكل شخصي. فقد عرضت شركة ألمانية لرأس المال الاستثماري استثماراً مشروطاً بتعين رئيس تنفيذي ألماني للشركة. ويتذكر مؤسس "أريادن" أنهم أرادوا شخصاً يتحدث اللغة الألمانية كلغة أم "كرئيس تنفيذي صوري". "يمكنني أن أفهم أن الناس يفضلون شخصاً يتحدث الألمانية بطلاقة عند التعامل مع العملاء، ولهذا السبب فإن جميع موظفي المبيعات لدينا يتحدثون اللغة الألمانية بطلاقة، ولكن أن يأخذ أي شخص محلي كرئيس تنفيذي؟ كان ذلك أمراً مبالغاً فيه بالنسبة لي". وحصل نيكوس تسياميتروس وجورجيوس بيبليديس في النهاية على دعم أولي للانطلاق من شركة يونانية. ومع ذلك حتى هذه التجربة لم تقلل من حماسهما للعاصمة البافارية.


أخبارنا
٢٠-٠٤-٢٠٢٥
- أخبارنا
هل تصبح كندا منجم العالم للمواد الخام الحرجة؟
أوقفت الصين تصدير بعض المواد الخام الحرجة، التي تعد أساسية للتكنولوجيات المستقبلية والصناعة العسكرية. وهذا يؤثر على الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي. فهل تستطيع كندا سد هذه الفجوة؟ لقد أعلنت الصين عن ذلك في 4 نيسان/أبريل، واليوم أصبحت جادة في وضعه موضع التنفيذ؛ فقد أوقفت الصين، بحسب تقرير لصحيفة نيويورك تايمز، تصدير ستة معادن نادرة يتم تكريرها بشكل تام في الصين. وكذلك لم تعد تصدّر الصين المغناطيسات الأرضية النادرة الخاصة، والتي تعتبر ذات قدرة عالية جدًا ويتم إنتاج 90 بالمائة منها في الصين. وهذه المواد الخام والمغناطيسات الخاصة تستخدم بشكل خاص في الصناعات التقنية العالية، كالسيارات والروبوتات، والصناعات العسكرية، مثل المسيرات والصواريخ. تعمل الصين على إنشاء نظام تنظيمي يجب على الشركات طلب الحصول من خلاله على ترخيص للحصول على مواد خام معينة. وهذا الإجراء الكبير لن يؤثر على الولايات المتحدة الأمريكية وحدها، بل على أوروبا أيضًا. مع أنَّ الاعتماد على الصين في مجال المواد الخام النادرة معروف منذ سنوات وقد أدى إلى تسابق عالمي على مصادر آمنة للمواد الخام. المواد الخام الحرجة القادمة من الولايات المتحدة الأمريكية وكذلك يجب على أوروبا أن تواجه حقيقة أنَّ الولايات المتحدة الأمريكية لم تعد في عهد إدارة دونالد ترامب شريكاً يمكن الاعتماد عليه طوال الوقت. ولاتحاد الأوروبي يستورد منها أيضًا بعض المواد الخام الحرجة. ومثلًا يأتي حتى الآن نحو ثلثي البريليوم المستخدم في الاتحاد الأوروبي من الولايات المتحدة الأمريكية. علمًا أنَّ البريليوم يعتبر في الاتحاد الأوروبي مادة خام استراتيجية. وبالإضافة إلى ذلك فقد استورد الاتحاد الأوروبي في عام 2024 نحو 70 بالمائة من منتجاته من الكوبالت، ونحو 60 بالمائة من سبائك النحاس ومسحوق الفضة، وتقريبًا نصف مركزات الموليبدينوم من الولايات المتحدة الأمريكية. وجميعها تعتبر من المواد الخام الحرجة، بحسب وكالة المواد الخام الألمانية (DERA). وحول ذلك قالت إنغا كاري، الباحثة في مؤسسة العلوم والسياسة في برلين (SWP)، في حوار مع DW، إنَّ الهيليوم والغاليوم والتيتانيوم وبنسبة أقل المعادن النادرة تستورد من الولايات المتحدة الأمريكية. وهذه المواد الخام مصنّفة من قبل الاتحاد الأوروبي كمواد خام استراتيجية. "نحن نستورد بالإضافة إلى ذلك كمية كبيرة نسبيًا من فحم الكوك من الولايات المتحدة الأمريكية. وهذا يعني أنَّ الولايات المتحدة الأمريكية مُورِّد مهم لبعض المواد الخام"، كما تقول إنغا كاري. "أكبر احتياطي معروف من المعادن النادرة" موجود في كندا ومع القيود الأخيرة التي فرضتها الصين، تزداد باستمرار ضرورة البحث عن بدائل. ولذلك فقد بدأت تتجه الكثير من الأنظار إلى كندا، وهي دولة ذات تقليد طويل في مجال التعدين. كما أنَّ نحو نصف شركات التعدين المدرجة في العالم مقرها هنا في كندا. حيث تُستخرج من نحو 200 منجم مختلف المعادن والفلزات، التي يعتبر الكثير منها مواد خام حرجة. ومن الممكن رفع الطاقة الإنتاجية. وعلى الرغم من أنَّ الصين هي أكبر منتج في مجال المعادن النادرة، ولكن أكبر الاحتياطيات المعروفة من المعادن النادرة موجودة في كندا، بحسب الحكومة الكندية. وفي هذا الصدد تقول إنغا كاري إنَّ بعض المواد الخام الحرجة الموجودة في كندا، مثل فحم الكوك والنيكل، يتم استخراجها بكميات تجارية ويتم تصدير بعضها أيضًا. "وتعتزم كندازيادة إنتاج المواد الحرجة الأخرى - ولكن أولًا وقبل كل شيء تريد كندا تلبية احتياجاتها الخاصة"، كما تقول الخبيرة إنغا كاري. ولذلك ليس بوسع الاتحاد الأوروبي على الأرجح المراهنة على كندا كمصدر لتزويده بتلك المواد على المدى القصير. ويضاف إلى ذلك أنَّ مشاريع المواد الخام تحتاج فترات تحضير طويلة جدًا قبل بدء الإنتاج، كما يقول ماتياس فاختر من اتحاد الصناعات الألمانية (BDI). ويستغرق الأمر في المتوسط 15 عاماً منذ التخطيط إلى الموافقة وحتى بدء الإنتاج، بحسب ماتياس فاختر: "ولكنني أفترض أنَّ الأمور يمكن أن تسير بشكل أسرع في كندا، وذلك لأنَّ الكثير من المواد الخام يتم استخراجها بالفعل اليوم. بالإضافة إلى أنَّ بعض المقاطعات والأقاليم الكندية قد أعلنت عن تسريع مشاريع التعدين بعد النزاع التجاري مع ترامب". من المعروف أنَّ مشاريع استخراج المواد الخام تكون في الغالب مكلفة ومحفوفة بالمخاطر. ومع ذلك فإنَّ سلوك الرئيس الأمريكي ترامب غير المتوقع يثير في الأسواق العالمية حالة من الريبة والشك، الأمر الذس يخيف الشركات، التي ينخفض استعدادها للاستثمار بوضوح في هذه الأوقات غير المستقرة. نفوذ صيني في كندا وخلال العقدين الماضيين، تم تمويل العديد من مشاريع الموارد الخام في كندا من قبل شركات صينية. كما أنَّ الشركات الصينية الخاضعة لسيطرة الدولة تعتبر من المساهمين الرئيسيين في شركتين من أكبر شركات التعدين في كندا. وبحسب مؤسسة العلوم والسياسة في برلين (SWP) فقد اشترت مؤخرًا شركة شينغه (Shenghe) الصينية أسهمًا في منجم المعادن النادرة الوحيد في كندا. وكذلك تقوم شركة سينومين (Sinomine) الصينية بتشغيل أحد منجمي الليثيوم الكنديين في مقاطغة مانيتوبا بوسط كندا. ويتم تصدير هذه المادة الخام المستخرجة من هناك إلى الصين من أجل معالجتها. وعلاوة على ذلك فإنَّ شركة سينومين تشغّل منذ عام 2019 منجم السيزيوم الوحيد الخاص بأمريكا وأوروبا، وتقوم أيضًا بمعالجة المواد، مما يمنحها سيطرة تامة على سلسلة التوريد وسعر المواد الخام، بحسب مؤسسة العلوم والسياسة في برلين. ويقول ماتياس فاختر إنَّ "معالجة المواد على وجه الخصوص كثيرًا ما تجري في الصين - وببساطة لأنَّها غالبًا ما تستهلك قدرًا كبيرًا من الطاقة وأحيانًا تكون ملوثة للبيئة أيضًا". وفي الصين تتولى الدولة استخراج المعادن ومعالجتها وعرضها بسعر يجعل من الصعب للغاية على مشاريع التعدين خارج الصين أن تحقق نجاحًا تجاريًا في القطاع الخاص، كما يقول ماتياس فاختر. ونتيجة لذلك فقد اضطرت الكثير من الشركات الغربية إلى الانسحاب من قطاع المواد الخام. الحكومة الكندية تدعم التعدين المحلي بيد أنَّ كندا تريد الاستقلال أكثر عن البلدان الأخرى. ولذلك يتوجب منذ عام 2022 مراجعة الاستثمارات الأجنبية في مشاريع المواد الخام الحرجة بما يتوافق مع مصالح الأمن القومي. وزد على ذلك أنَّ الحكومة الكندية أجبرت ثلاث شركات تعدين صينية على بيع حصصها في شركتين كنديتين للتنقيب عن الليثيوم. وفي المقابل كندا تستثمر في التعدين وتمنح شركاتها مزايا ضريبية من أجل دعم استخراج المواد الخام المحلية. ومع ذلك فإنَّ الجزء الأكبر من التكاليف يجب تمويله من خلال الاستثمار الخاص، كما تقول إنغا كاري. ترابط وثيق بين الولايات المتحدة الأمريكية وكندا "لقد أرادت كندا أيضًا أن تستقل أكثر عن الولايات المتحدة الأمريكية حتى خلال فترة ولاية دونالد ترامب الأولى. ولكن لقد حدث العكس؛ إذ إنَّ الكثير من المواد الخام المستخرجة من كندا تتم معالجتها بعد ذلك في الولايات المتحدة الأمريكية أو تصديرها إلى هناك. وكندا تعد أكبر مورِّد مواد خام إلى الولايات المتحدة الأمريكية"، كما تقول إنغا كاري. ونظرًا إلى الخلافات الجمركية يمكن توقع أن يركّز المنتجون الكنديون الآن اهتمامهم أكثر على السوق الأوروبية، كما تقول إنغا كاري، وتضيف: "وخاصة بالنسبة للمواد الخام، التي كانوا يصدرونها إلى الولايات المتحدة الأمريكية ويبحثون لها الآن عن أسواق بديلة. ولكن الصين تمكنت من فرض احتكار شبه تام على الكثير من المواد الخام الحرجة، ولا يمكن للاتحاد الأوروبي ولكندا الاكتفاء ذاتيًا في هذه المجالات". أعده للعربية: رائد الباش


أخبارنا
١٨-٠٢-٢٠٢٥
- أخبارنا
الذكاء الاصطناعي: أين تكمن فرص ألمانيا؟
يريد الاتحاد الأوروبي مواكبة الذكاء الاصطناعي ولذا أعلن عن برنامج واسع النطاق بهذا الخصوص. وفي وقت سابق أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية في عهد دونالد ترامب عن مشاريع للذكاء الاصطناعي بمليارات الدولارات، وتصدرت الصين عناوين الصحف مؤخرا من خلال الأداء المتميز الذي أظهره برنامج "ديبسيك" اللغوي. ويقول الباحث بيورن أومر إن الذكاء الاصطناعي يخلق نماذج أعمال جديدة بشكل أسرع من أي وقت مضى. وقال أستاذ الذكاء الاصطناعي في جامعة لودفيغ ماكسيميليان في ميونيخ لـ DW: "إن تفويت هذا الأمر سيكلفنا الكثير، ولهذا السبب علينا أن نسرع في ذلك". ويعتبر أومر أحد رواد الذكاء الاصطناعي في ألمانيا. وتحت قيادته تم وضع الأساس لواحدة من أشهر الشركات الألمانية الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي وهي مختبرات بلاك فورست/ Black Forest. وتحظى الشركة التي طورت مولدًا للصور بدعم مستثمرين من الولايات المتحدة الأمريكية، كما أنها مدمجة في أداة إنشاء الصور على منصة التواصل الاجتماعي X. فرص ألمانيا "بعيدًا عن النماذج الأساسية" لكن مختبرات بلاك فوريست حالة منفردة، لأن الولايات المتحدة الأمريكية والصين تتصدران المشهد عندما يتعلق الأمر بالنماذج الأساسية. يغطي المصطلح جميع نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي. وتشمل هذه النماذج اللغوية التي يمكنها توليد النصوص والنماذج التي تنشئ مقاطع الفيديو والصور بشكل مصطنع. مصنع سيارات فولكسفاغن في مدينة إمدن الألمانية، 25 مايو2025 مصنع سيارات فولكسفاغن في مدينة إمدن الألمانية، 25 مايو 2025 وتهيمن الشركات الأمريكية هنا بتطبيقات مثل تشات جي تي بي/ ChatGTP وغوغل جيمني/ Google Gemini و بيرب ليكستي/ Perplexity وميدجورني/ Midjourney و دال إي/ DALL-E. كما قدمت شركة ديبسيك الصينية مؤخرًا نموذجًا أساسيًا لمعالجة النصوص بكفاءة، حسب تقارير إعلامية. هذا وقد حاولت الشركة الألمانية الف الفا/ Aleph Alpha من هايدلبرغ أيضاً طرح مثل هذا النموذج في السوق. ومع ذلك لم تكن النتائج مقنعة، ولهذا السبب تحولت الشركة الآن إلى تطوير تطبيقات ذكاء اصطناعي مخصصة للمؤسسات والشركات والهيئات. ويفترض الباحث بيورن أومر أنه يمكن كسب الكثير من المال في ألمانيا خارج النماذج الأساسية. وفي رأيه تكمن الفرص المتاحة للشركات الألمانية في تطبيقات الذكاء الاصطناعي، في مجالات الطب والتواصل مع العملاء، إضافة إلى الصناعات المتخصصة في مجالات تتميز بها ألمانيا. "نحن في الطليعة على صعيد البحث" وتتبنى كاتارينا موريك وجهة نظر مماثلة. فقد شاركت الباحثة المتقاعدة في تأسيس معهد لامار للتعلم الآلي والذكاء الاصطناعي في دورتموند. وهي ترى أن النماذج اللغوية الكبيرة هي نوع من بوابة للذكاء الاصطناعي. وكما انتشرت الهواتف الذكية على نطاق واسع، فإن النماذج اللغوية تسهّل الآن على الكثير من الناس الوصول إلى الذكاء الاصطناعي. "نحن نستخدم النماذج اللغوية كواجهة ثم يأتي خلفها روبوت أو نظام حجز أو نظام توصيات على سبيل المثال". ويمكن أن تكمن فرص ألمانيا في تطوير هذه التطبيقات المحددة بوصفها قطاعاً موجهاً نحو التصدير. "فيما يتعلق بالبحوث، نحن في الصفوف الأمامية. لدينا أشخاص رائعون". إلا أن المشكلة تكمن في أن العديد منهم يذهبون إلى الولايات المتحدة الأمريكية بعد دراستهم. وتقول موريك في مقابلة مع DW: "لدينا المواهب، لكنها تغادر البلاد لأنه لا يُعرض عليها سوى عقود مؤقتة هنا". وقد عملت الباحثة أيضا على تأسيس شركة رابد ماينر/ RapidMiner وهي أداة ذكاء اصطناعي لتحليل البيانات تم إنشاؤها في جامعة دورتموند التقنية، ولكنها نمت بعد ذلك في الولايات المتحدة الأمريكية وتم بيعها هناك في نهاية المطاف. في ألمانيا لم يكن هناك استعداد للدفع مقابل خدمات الشركة، وهنا تضيف الباحثة "لقد لاحظت مراراً أن الشركات الألمانية تريدها مجاناً". الذكاء الاصطناعي مع إمكانات هائلة لعمليات التصنيع من أجل جعل ألمانيا دولة ذكاء اصطناعي، هناك حاجة إلى "تغيير ثقافي" بشكل عام. وهنا تقول موريك: "لا أعرف سبب قلة الاستعداد للتجربة هنا". وأحد المجالات التي تعتبر ألمانيا رائدة فيها بالفعل هو الأنظمة الذكية المدمجة والمستقلة. فعلى سبيل المثال تراقب أجهزة الاستشعار الصغيرة العمليات ويمكنها التدخل بنفسها وتغيير العمليات في الإنتاج. ويقول موريك: "إنها ليست عالية المستوى، لكنها مفيدة للغاية في الصناعة التحويلية". وينطوي الذكاء الاصطناعي على إمكانات مذهلة للصناعة. على سبيل المثال في تعاون مع شركة ويلو/ Wilo المصنعة للمضخات من دورتموند تم تحديد 82 تطبيقاً محتملاً للذكاء الاصطناعي في مصنعهم الذكي. وحسب موريك: "فإن إمكانيات الذكاء الاصطناعي هائلة، وإذا لم نستفد منها فسوف نصبح متحفاً صناعياً". معركة البيانات من الشركات الصناعية وتنظر الباحثة موريك بعين النقد إلى إعلان شركة أوبن/ آي OpenAI عن افتتاح فرع لها في ميونيخ. وتعلل ذلك بالقول: "أريد أن يعمل موظفونا الجيدون هنا. أريد أن تستفيد شركاتنا وصناعتنا من ذلك". ولهذا السبب من الضروري أيضًا مواصلة العمل على نماذج أساسية واسعة النطاق في أوروبا وجمع بياناتنا بأنفسنا. علاوة على ذلك، فإن الذكاء الاصطناعي أكثر جدارة بالثقة في أوروبا. وتستشهد بنموذج تويكان 7 بي/ Teuken-7B الخاص بمعهد فراونهوفر وتطبيق شركة ميسترال الفرنسية كأمثلة ناجحة يجب توسيع نطاقها. كما يعتقد بيورن أومر من جامعة ميونيخ أن المبادرات الوطنية والأوروبية مهمة أيضًا. فعلى الرغم من أن ألمانيا لا تحتاج إلى "الذكاء الاصطناعي المطلق الذي سيتغلب على كل شيء في المستقبل"، إلا أنه من الجيد الاستعداد للنماذج الأساسية. ويقول أومر: "نحن لا نعرف كيف ستتصرف شركات التكنولوجيا الكبرى. وإذا تم تقييد الوصول إلى التكنولوجيا فجأة، فستكون السيادة ضرورية بالتأكيد".