
اجتماع حاسم للكابينت الإسرائيلي: المضي بالمفاوضات أو احتلال قطاع غزة
في وقت لا يزال فيه وفد المفاوضات الإسرائيلي في الدوحة، تواصل إسرائيل تهديداتها بتوسيع الإبادة في إطار ما أسمته عملية "
عربات جدعون
" التي باتت تقريباً في مرحلتها الثانية، مستندةً إلى قصف واسع النطاق هدفه تهجير الفلسطينيين جنوباً، بموازاته، تستعد حكومة الاحتلال لاتخاذ قرار حاسم بشأن المفاوضات في وقت لاحق من اليوم الأحد.
وفي السياق، أفادت صحيفة "يديعوت أحرونوت" بأن المجلس الوزاري للشؤون الأمنية - السياسية (الكابينت) سيعقد اليوم مداولات أمنية سيحسم إثرها موقفه في ظل "ضغوط دولية" للتوصل إلى اتفاق بين إسرائيل وحركة حماس؛ إذ نقلت الصحيفة عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إن "تل أبيب تواجه ضغوطاً دولية متزايدة لتليين مواقفها"، مشيرين إلى أنها "منفتحة على إدخال تعديلات طفيفة على مقترح المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف، لكنها في المقابل ترفض إدخال أي تعديلات جوهرية". وأكدّت المصادر أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو "يتمسك بالإفراج عن جميع المحتجزين الإسرائيليين من دون أن يكون ذلك منوطاً بوقف الحرب".
بموازاة ما سبق، أفادت صحيفة "صنداي تايمز" البريطانية، أمس السبت، بأنه "في حال لم يتم التوصل إلى اتفاق في الأيام القريبة، فإن جيش الاحتلال عازم على تقسيم قطاع غزة إلى ثلاث قطاعات". وأتى التقرير متسقاً مع قصف جنوني تشنه الطائرات والمدافع الإسرائيلية جواً وبراً على أنحاء متفرقة من القطاع، ما أسفر عن سقوط مئات الشهداء والجرحى، في ظل جحيم التجويع الذي تستخدمة إسرائيل سلاحَ حرب، يتفاقم الوضع إثره سوءاً، بالغاً مستويات غير معهودة في ظل موجات نزوح جماعيّة من موت إلى موت.
رصد
التحديثات الحية
"عربات جدعون"... خطة إسرائيل الجديدة لتوسيع حرب الإبادة واحتلال غزة
كما تزامن تقرير الصحيفة البريطانية عشيّة "يوم دراماتيكي" بحسب وصف "يديعوت أحرونوت"؛ حيث على إسرائيل حسم موقفها، فيما ادعت تقارير عربية نقلاً عن "مسؤول فلسطيني" لم تحدده قوله إن "حماس وافقت على إطلاق سراح نصف المحتجزين الأحياء والقتلى، مقابل وقف إطلاق نار مدته شهرين". لكن مسؤولين إسرائيليين نفوا ما تقدم في حديث مع الصحيفة العبرية.
وبالعودة إلى تقرير "صنداي تايمز"، أوردت الأخيرة خريطة سيُقسم بحسبها جيش الاحتلال سكان قطاع غزة على أربعة مناطق تفصل بينها ثلاث قطاعات تسيطر عليها إسرائيل. الخريطة التي استندت إليها الصحيفة سرّبها دبلوماسيون لم تحدد هويتهم، ولكنها قالت إنهم تلقوا إحاطة حولها بالتفصيل، وهي تستعرض القطاعات العسكرية المُحتلة في شمال ووسط وجنوب القطاع، على أن تضم المناطق الواقعة بينها السكان الفلسطينيين.
وبناءً لما تستعرضه الخريطة، سيسيطر الجيش على ثلاث مناطق؛ أوّلها:المنطقة الشمالية الممتدة من أقصى شمال القطاع وصولاً إلى مدينة غزة. وثانيها: من الجنوب حتى محور "نتساريم"، وثالثها من محور "موراج" في منطقة رفح. ولفتت الصحيفة إلى أن هذه الخريطة تأتي ضمن خطة أُطلق عليها اسم "مرحلة 3: احتلال كامل لغزة" وبحسبها، فإن المواطنين الفلسطينيين لن يتنقلوا بين المناطق المقسمة إلا بموافقة أمنية، على ألا تنقل المساعدات الإنسانية هي الأخرى إلا بعد فحص أمني يوضع في نهايته على كل طرد صورة أو "بار كود" يشير إلى أنه يُسمح بإدخالها إلى القطاع.
وعلى الرغم من أن المنطقة الجديدة في "نتساريم" تبدو وفقاً للخريطة أضيق قليلاً من المحور الحالي الذي يبلغ عرضه حوالي أربعة كيلومترات؛ أشارت مصادر الصحيفة البريطانية إلى أن "الجرافات الإسرائيلية ستسطح الممر بأكمله خلال الأسابيع المقبلة، على أن تُنشأ بنية تحتية عسكرية ستفصل المناطق المدنية شمال رفح وجنوب نتساريم".
وتظهر الخريطة أن المنطقة العسكرية الواقعة شمالاً، وتحديداً شمالي بيت لاهيا وبيت حانون، ستوسّع أكثر لإفساح المجال أمام الطرق ومناطق تجمعات الجيش. وقد كُتب أن إخلاء المناطق الجديدة "سيستغرق ثلاثة أسابيع على الأقل ــ على أن يمثل ذلك المرحلة الأولى في استراتيجية طويلة الأمد للاستيلاء على غزة والسيطرة عليها، مع ترسيخ وجود القوات الإسرائيلية داخل الأراضي الفلسطينية".
وعدا المناطق العسكرية المخططة، تستعرض الخريطة 12 منطقة موزعة بين المناطق السكانية، ستكون هذه الأماكن المحددة التي ستوّزع فيها المساعدات الإنسانية، وهو ما يشير إلى العزم على تنفيذ الخطة الأميركية التي بموجبها حصل "صندوق إغاثة غزة"، الذي أنشئ الأسبوع الماضي، على موافقة إسرائيل لبدء عمله في القطاع مع نهاية الشهر الجاري.
وبالعودة إلى اجتماع الكابينت المقرر اليوم للإقرار بمصير المفاوضات، نقل موقع "والاه" عن مصدر أميركي قوله إن "مفاوضات الدوحة شهدت بعض التقدم"، مستدركاً بأن "التوصل إلى اتفاق نهائي قد يتطلب عدة أيام". وشدد الموقع على أن الوفد الإسرائيلي الموجود في الدوحة لا يملك صلاحيات كافية لاتخاذ قرارات نهائية، وهو ما يعيق البت في القضايا العالقة. وبموازاة ذلك، ذكر موقع "أكسيوس" الأميركي أن الوفد المفاوض أوصى نتنياهو بـ"بالمضي قدماً في المحادثات"، باعتبار أن هناك "فرصة حقيقة لاتفاق".
إلى ذلك، احتج آلاف الإسرائيليين في تل أبيب ومناطق إسرائيلية أخرى، مساء أمس السبت، مطالبين بوقف الحرب والتوصل إلى صفقة تبادل أسرى بين حكومتهم وحماس. وفي خضم التظاهرات، اتهمت عائلات الأسرى الإسرائيليين نتنياهو بإطالة أمد الحرب لدوافع البقاء السياسي، محذّرة في مؤتمر صحافي من أن "استمرار القتال يعرّض حياة المختطفين للخطر". وبموازاة ذلك، اندلعت شجارات في رحوفوت، جنوبي تل أبيب، بين أنصار حكومة نتنياهو والمحتجين الإسرائيليين؛ حيث وثّقت مقاطع مصوّرة اعتداءات وضرباً وشتائم، ما دفع المعارضة الإسرائيلية إلى تحميل الحكومة مسؤولية التحريض والعنف بين الإسرائيليين.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
منذ 6 ساعات
- العربي الجديد
"أكسيوس": فانس يلغي زيارته إلى إسرائيل بعد توسيع عملياتها في غزة
ذكر موقع أكسيوس الأميركي، اليوم الاثنين، أن نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس تراجع عن زيارة كانت مقررة إلى إسرائيل يوم غد الثلاثاء، بسبب توسيع العملية العسكرية الإسرائيلية في غزة ، وفق ما أكده مسؤول أميركي كبير. وقال المسؤول إن فانس اتخذ القرار لأنه لا يريد أن توحي زيارته بأن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تؤيد القرار الإسرائيلي بشنّ عملية ضخمة في القطاع، في الوقت الذي تدفع فيه الولايات المتحدة باتجاه اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى. ولفت الموقع إلى أن فانس تحدث عن "أسباب لوجستية" وراء إلغاء الزيارة، لكن "أكسيوس" رأى أن قراره يُلقي الضوء على موقف الولايات المتحدة من السياسة الإسرائيلية الحالية في غزة. وأبلغت الإدارة الأميركية ، إسرائيل، السبت، بأن فانس يفكر في التوقف في إسرائيل بعد مشاركته في تنصيب البابا الجديد في روما، وفق ما أكده مسؤولون إسرائيليون. ولفت الموقع إلى أنه عُقدت مناقشات إضافية يوم الأحد بين مسؤولين أميركيين وإسرائيليين للتحضير لزيارة فانس، وسرعان ما ظهرت تقارير في الصحافة الإسرائيلية تُفيد باحتمال وصوله يوم الثلاثاء. وتابع أنه بعد ساعات قليلة، نفى مسؤول في البيت الأبيض التقارير في بيان للصحافيين المسافرين مع فانس. وقال: "بينما انخرط جهاز الخدمة السرية في وضع خطط محتملة لزيارة عدة دول محتملة، لم يُتخذ أي قرار بشأن زيارات إضافية، كما حالت القيود اللوجستية دون تمديد رحلته إلى ما بعد روما. وسيعود إلى واشنطن يوم الاثنين". ورفض مكتب فانس التعليق على الأمر أبعد من البيان. تقارير عربية التحديثات الحية إسرائيل تنتقم من غزة بعد تفاهمات ترامب مع حماس وقال مسؤول أميركي، مطلع على ما حدث بالفعل خلال تلك الساعات، لـ"أكسيوس"، إن الأمور اللوجستية لم تكن هي المشكلة. وأوضح أنه بينما كان فانس يدرس الأمر، أُثيرت مخاوف من أن تُعتبر زيارة إسرائيل في هذا الوقت، من قبل تل أبيب ودول في المنطقة، تصديقاً لتوسيع العمليات في غزة، وعندها قرر فانس عدم الذهاب. وفي الأيام الأخيرة، صعّدت إسرائيل من عدوانها على قطاع غزة ما أسفر عن استشهاد مئات الفلسطينيين، بذريعة "زيادة الضغط" على حركة حماس لحملها على قبول شروط إسرائيل لوقف مؤقت لإطلاق النار. وأعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، مساء الجمعة، بدء تنفيذ ضربات واسعة وتحريك قوات للسيطرة على مواقع استراتيجية داخل قطاع غزة، ضمن المرحلة الافتتاحية لعملية عسكرية جديدة أطلق عليها اسم " عربات جدعون ". وتهدف العملية، بحسب بيان لجيش الاحتلال، إلى "تحقيق جميع أهداف الحرب"، وفي مقدمتها "إطلاق سراح الرهائن وهزيمة حركة حماس". وقال المتحدث باسم جيش الاحتلال إن "القوات شنّت خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية هجمات مكثفة، وحشدت قواتها على الأرض للسيطرة على مناطق خاضعة لسيطرتها داخل القطاع"، في إشارة إلى مناطق سبق أن اقتحمتها قوات الاحتلال خلال الأشهر الماضية من العدوان.


العربي الجديد
منذ 6 ساعات
- العربي الجديد
نتنياهو يمثل أمام المحكمة في قضايا فساد ويطلب تقليص حضوره لأسباب أمنية
مثُل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اليوم الاثنين، للمرة الـ32 أمام المحكمة المركزية بتل أبيب، للرد على تهم فساد موجهة إليه. وقالت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية، إن نتنياهو مثل مجدداً أمام المحكمة للرد على تهم الفساد الموجهة إليه. وأضافت أن نتنياهو طلب من المحكمة اختصار مثوله أمام المحكمة اليوم وغداً لأسباب وصفها بالأمنية دون أن يحددها. وكان نتنياهو مثُل الأربعاء الماضي أمام المحكمة المركزية بتل أبيب، للرد على تهم فساد موجهة له. وفي يناير/كانون الثاني الماضي، بدأت جلسات استجواب رئيس الوزراء الإسرائيلي، والذي يواجه اتهامات بالفساد والرشوة وإساءة الأمانة فيما يعرف بملفات "1000" و"2000" و"4000"، وقدم المستشار القضائي السابق للحكومة أفيخاي مندلبليت، لائحة الاتهام المتعلقة بها نهاية نوفمبر/تشرين الثاني 2019. رصد التحديثات الحية نتنياهو يُقسم للمحكمة العليا: رئيس الشاباك كاذب وفاشل ويتعلق "الملف 1000" بحصول رئيس الوزراء الإسرائيلي وأفراد من عائلته على هدايا ثمينة من رجال أعمال أثرياء، مقابل تقديم تسهيلات ومساعدات لهذه الشخصيات في مجالات مختلفة، فيما يُتهم في "الملف 2000" بالتفاوض مع أرنون موزيس، ناشر صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية الخاصة، للحصول على تغطية إعلامية إيجابية. أما "الملف 4000" فيتعلق بتقديم تسهيلات للمالك السابق لموقع "واللا" الإخباري الإسرائيلي شاؤول إلوفيتش، الذي كان أيضاً مسؤولاً في شركة "بيزك" للاتصالات، مقابل تغطية إعلامية إيجابية. وبدأت محاكمة نتنياهو في هذه القضايا عام 2020، وما زالت مستمرة، وهو يُنكرها مدعياً أنها "حملة سياسية تهدف إلى إطاحته". (الأناضول، العربي الجديد)


العربي الجديد
منذ 19 ساعات
- العربي الجديد
الذكاء الاصطناعي القاتل: 4 أسئلة عن غزة
للمرة الأولى، وبشكل واضح ومباشر، أقرت شركة مايكروسوفت الأميركية بأنها قدّمت خدمات متقدمة في الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية لجيش الاحتلال الإسرائيلي خلال حرب الإبادة المستمرة في قطاع غزة ، كما ساعدت في جهود تعقّب وإيجاد الأسرى الإسرائيليين الموجودين في القطاع. لكن الشركة حرصت في بيانها، المنشور من دون توقيع على مدونتها الرسمية، على تأكيد أنها لم تجد أي دليل حتى الآن على استخدام منصتها السحابية أزور أو نماذجها في الذكاء الاصطناعي لـ"استهداف أو إيذاء سكان غزة". لكن هذا "النفي الحذر" للتورط في قتل الفلسطينيين بقي غامضاً وموضع تشكيك. فالاعتراف الرسمي من "مايكروسوفت" يأتي بعد أشهر من نشر تحقيق لوكالة أسوشييتد برس، كشف أن الجيش الإسرائيلي لجأ بشكل مكثف إلى أدوات ذكاء اصطناعي تجارية بعد عملية طوفان الأقصى. وفق التحقيق، استخدم الجيش منصة أزور التابعة لـ"مايكروسوفت" لتحليل كميات ضخمة من المعلومات الاستخبارية، تُجمع عبر تقنيات مراقبة جماعية، ثم تُترجم وتُفرز ويُعاد ربطها بأنظمة الاستهداف العسكرية. "مايكروسوفت" أوضحت أنها قدّمت خدمات الترجمة، الدعم التقني، وتخزين البيانات، بل منحت إسرائيل "وصولاً خاصاً" يتجاوز العقود التجارية الموقّعة، في إطار ما وصفته بـ"الدعم الطارئ المحدود" لإنقاذ "أكثر من 250 أسيراً إسرائيلياً". لكن بعيداً عن محاولة "مايكروسوفت" التملّص من دورها في قتل الفلسطينيين، نجيب هنا عن أربعة أسئلة أساسية حول استخدام جيش الاحتلال الإسرائيلي برمجيات الذكاء الاصطناعي في غزة، منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023 حتى اليوم، محوّلة القطاع إلى مختبر لتجارب الأسلحة والتقنيات الجديدة. 1. ما هي أنظمة الذكاء الاصطناعي التي تستخدمها إسرائيل في غزة؟ تستخدم إسرائيل نظامين أساسيين: الأول "لافندر"، وهو قاعدة بيانات ضخمة تعتمد على الذكاء الاصطناعي وتدّعي إسرائيل أنها تستخدمه لتحديد الأفراد المرتبطين بحركتَي حماس أو الجهاد الإسلامي، وقد حدّدت ما يقارب 37 ألف هدف بشري خلال أشهر قليلة، بحسب ادعائها. الثاني "غوسبل"، وهو أداة أخرى تركّز على تحديد الأهداف المادية مثل المباني والبنى التحتية، وتوفّر "قائمة أهداف يومية" تصل إلى مئة هدف تُعرض على المحللين للموافقة. كلا النظامين يعتمدان على تحليل كميات هائلة من البيانات، من اتصالات رقمية إلى أنماط سلوكية عبر الإنترنت، لتحديد الأهداف خلال وقت قياسي. كذلك يستخدم جيش الاحتلال مروحة واسعة أخرى من البرمجيات لأهداف مختلفة، بينها Where's Daddy الذي ساعد الاحتلال على استهداف آلاف الغزيين في بيوتهم ليلاً. كما استعان الجيش الإسرائيلي ببرمجية Fire Factory التي تقترح الهدف: أتمتة تخطيط وتوقيت الضربات الجوية، اقتراح كمية الذخيرة المطلوبة، نوع الطائرات التي تنفّذ الضربة، الوقت الأنسب لتنفيذها. وغالباً ما تقترح البرمجية استخدام القوة الأقصى خلال الضربة، ما أدى إلى سقوط آلاف الشهداء. وكما في باقي المدن الفلسطينية، يستخدم الاحتلال أيضاً برمجيات الذكاء الاصطناعي للمراقبة الجماعية، معتمداً على خدمات من شركات مثل مايكروسوفت، وبرنامجها "أزور". ويعمل هذا الأخير على تحليل المواد الصوتية والمرئية، الترجمة والتفريغ، تنظيم البيانات الضخمة لتغذية أنظمة الاستهداف بالذكاء الاصطناعي. 2. كيف يقرّر الذكاء الاصطناعي من هو "العدو"؟ وما مدى دقة هذه الأنظمة؟ تعتمد الأنظمة على خوارزميات معقدة تحلل البيانات الشخصية والاتصالات والنشاطات الرقمية. في حالة "لافندر"، تدّعي إسرائيل أن النظام يُميّز الأشخاص بناءً على "الروابط المرجّحة" مع الفصائل المسلحة، حتى وإن لم يكن هناك دليل قاطع. تُقدّر دقة النظام بنحو 90% بحسب الاحتلال، مما يعني أن هناك احتمال خطأ بنسبة 10%. وقد أقرّ جنود إسرائيليون بأن هامش الخطأ هذا يمكن أن "يكلّف مدنيين حياتهم، خاصة في حال كان الاستهداف يتم من دون مراجعة دقيقة لكل حالة". لكن بعد عام ونصف العام من الإبادة المستمرة، وسقوط أكثر من 52 ألف شهيد أغلبهم من المدنيين، وتدمير القطاع بشكل شبه كامل، يتبيّن أن الاحتلال يستخدم كل هذه البرمجيات بطريقة عشوائية، غير مبال بقتل المدنيين. كشف تحقيق لوكالة أسوشييتد برس (فبراير/ شباط 2025) تفاصيل حول كيفية قيام أنظمة الذكاء الاصطناعي باختيار الأهداف العسكرية، والأخطاء المحتملة التي قد تقع، سواء بسبب بيانات مغلوطة أو خوارزميات معيبة. وقد استند التحقيق إلى وثائق داخلية وبيانات ومقابلات حصرية مع مسؤولين إسرائيليين حاليين وسابقين، وموظفين في الشركات المعنية. وقالت كبيرة علماء الذكاء الاصطناعي في AI Now Institute والمهندسة السابقة في OpenAI، هايدي خلعاف: "هذه أول مرة نحصل فيها على تأكيد مباشر أن نماذج ذكاء اصطناعي تجارية تُستخدم مباشرة في الحرب... التبعات هائلة على مستقبل دور التكنولوجيا في تمكين هذا النوع من الحروب غير الأخلاقية وغير القانونية". منظمات حقوقية، مثل هيومن رايتس ووتش، حذرت من أن استخدام الذكاء الاصطناعي بهذه الطريقة قد ينتهك قواعد القانون الدولي الإنساني، خصوصاً مبدأي التمييز والتناسب، إذ إن قرارات القتل تُتخذ بناءً على تحليل آلي، وقد لا يتم التأكد من هوية الهدف ولا ما إذا كان في محيطه مدنيون. وبحسب التقارير، سمح النظام العسكري بتنفيذ ضربات على منازل بالكامل رغم احتمال وجود مدنيين، تحت مبرر أن "النتائج العسكرية المتوقعة تفوق الأضرار الجانبية". 3. من يقف وراء هذه الأنظمة؟ وهل هناك دور للشركات الدولية؟ تشارك شركات تكنولوجيا إسرائيلية مثل Rafael وElbit في تطوير هذه الأدوات، إلى جانب التعاون مع شركات أميركية كبرى. ذكرت تقارير أن تقنيات "مايكروسوفت" وأدوات نمذجة من "أوبن إيه آي" استُخدمت في تحليل البيانات وتشغيل نماذج الذكاء الاصطناعي. هذا التعاون يعكس التقاطع الخطير بين شركات التكنولوجيا الكبرى والمؤسسة العسكرية، ويثير مخاوف حول تصدير هذه الأنظمة وتجريبها في سياقات مدنية لاحقاً. وبحسب تحقيق "أسوشييتد برس"، ارتفع استخدام الجيش الإسرائيلي تقنيات الذكاء الاصطناعي التابعة لـ"مايكروسوفت" وOpenAI في مارس/ آذار 2024 إلى ما يقارب 200 ضعف مقارنةً بما كان عليه في الأسبوع الذي سبق هجوم 7 أكتوبر. كما تضاعفت كمية البيانات المُخزنة على خوادم "مايكروسوفت" بين تلك الفترة ويوليو/ تموز 2024 لتصل إلى أكثر من 13.6 بيتابايت، أي ما يعادل 350 مرة حجم البيانات المطلوبة لتخزين كل كتب مكتبة الكونغرس الأميركية. إعلام وحريات التحديثات الحية الإعلام والسلاح: صواريخ شركات التصنيع العسكري تنفجر وتكتب الأخبار 4. ما حجم تورّط مايكروسوفت؟ في خلفية هذه الحرب الذكية، تقف شركات التكنولوجيا الأميركية الكبرى -وفي طليعتها مايكروسوفت وOpenAI وغوغل وأمازون- مزودين رئيسيين للبنية التحتية الرقمية، بدءاً من الحوسبة السحابية، مروراً بالذكاء الاصطناعي، وصولاً إلى إدارة البيانات الضخمة. وفق التحقيق، "مايكروسوفت" وOpenAI من بين أبرز الداعمين لحملة إسرائيل الرقمية في الحرب، عبر تقنيات الترجمة، ومعالجة البيانات، وتحديد الأنماط داخل المستندات الاستخبارية. يستخدم الجيش الإسرائيلي برمجية أزور (مايكروسوفت)، على وجه الخصوص، لتحليل المكالمات الهاتفية، والرسائل الصوتية، والنصوص المترجمة والمفرّغة، بهدف ربط البيانات بأنظمة الاستهداف. يمكن للخدمة أيضاً تحديد الحوارات بين أفراد، وربطها بمواقع على الأرض. وكشفت وثائق داخلية عن عقد يمتد ثلاث سنوات بين "مايكروسوفت" ووزارة الدفاع الإسرائيلية، وُقِّع في عام 2021، بقيمة 133 مليون دولار، مما يجعل الجيش الإسرائيلي ثاني أكبر عميل عسكري عالمياً لـ"مايكروسوفت" بعد الولايات المتحدة. التصنيف الداخلي للشركة يضع الجيش الإسرائيلي ضمن فئة S500، وهي قائمة العملاء ذوي الأولوية القصوى عالمياً. ضمن فريق "مايكروسوفت" في إسرائيل تسعة موظفين على الأقل مكرّسون حصرياً لحساب جيش الاحتلال، من بينهم مسؤول تنفيذي خدم 14 عاماً في وحدة 8200 الإسرائيلية. كما يضم الفريق قائداً سابقاً لتكنولوجيا المعلومات في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية. أما البيانات العسكرية فتُخزن في مزارع خوادم ضخمة خارج تل أبيب، تحيط بها أسوار عالية وأسلاك شائكة، وتُدار من داخل مقر "مايكروسوفت" في هرتسليا، إلى جانب مكتب آخر في الجنوب يحمل علم إسرائيل على واجهته.