logo
المسكّنات وحدها لا تكفي

المسكّنات وحدها لا تكفي

العرب اليوممنذ 4 أيام
اشتعلت الحروب في أكثر من بلد «شرق أوسطي»، وكانت إسرائيل طرفاً ثابتاً فيها، فقد واجهت «حزب الله» في لبنان وصفَّت معظم قادته، وفكَّكت جانباً كبيراً من قدراته العسكرية من دون أن تقضي عليه بشكل كامل، وما زال الحزب محور النقاش داخل لبنان وخارجه، وما زال المبعوث الأميركي توم برّاك مستمراً في جولاته المكوكية من أجل الوصول إلى اتفاق يتم فيه تسليم سلاح «حزب الله»، وانسحاب إسرائيل من النقاط الخمس التي تحتلها داخل لبنان والبدء في عملية الإعمار.
من الوارد أنَّ يحسم الاتفاق مع «حزب الله» مسألة تسليم معظم سلاحه للدولة اللبنانية، لكنَّه لن يحسم قضية «آيديولوجيا الحزب» ولا طموحاته في العودة للصيغة القديمة التي سبقت الحرب، ولا في مناكفة بيئته الحاضنة مؤسسات «العهد الجديدة»، بخاصة أنَّها اعتادت أن تؤسس كيانات موازية للدولة اللبنانية ومدعومة من الخارج، وسيصبح الاتفاق على تسليم سلاح «حزب الله» بداية طريق طويل وشاق لبناء منظومة سياسية لبنانية قادرة على دمج الجانب الأكبر من أنصار الحزب والمتعاطفين معه في المؤسسات الجديدة.
صحيح أنَّ المبعوث الأميركي أعلن أن قضية «حزب الله» قضية داخلية لبنانية، إلا أنه ربط «كل شيء» بتسليم السلاح، فلا دعم اقتصادياً ولا إعادة إعمار ولا تسليم للأسرى ولا انسحاب إسرائيلياً كاملاً من الجنوب قبل تسليم السلاح، وهو أمر ما زال يرفضه الحزب.
أما «المسكّن الأكبر» فكان في اتفاق وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل بعد 12 يوماً من الحرب الدموية التي دمَّرت فيها أميركا وإسرائيل جانباً من منشآت إيران النووية وأضعفت قدراتها على تخصيب اليورانيوم، من دون أن تقضي بالكامل على مشروعها النووي، كما نجحت أميركا في الوقت نفسه في تقليص تهديد الفصائل العراقية التابعة لإيران لقواعدها في المنطقة من دون أن يعني ذلك اختفاء هذه التنظيمات، بل مثَّل إصرار «الحشد الشعبي» على دخول الجيش العراقي تحدياً للموقف الأميركي الرافض لهذه الخطوة ومعه كثير من المكونات العراقية.
معضلة «مسكّن» الحرب الإيرانية - الإسرائيلية أنه لم يحل حتى الآن مشكلة البرنامج النووي الإيراني رغم المفاوضات الاستكشافية التي تجريها طهران مع الجانب الأوروبي، وأعلنت عدم تعاونها مع رئيس وكالة الطاقة الذرية، وتمسكت بتخصيب اليورانيوم للأغراض السلمية، وهي كلها مواقف تشير إلى أن «مسكّن» إيقاف الحرب ما زال بعيداً عن أن يصبح علاجاً نهائياً يؤدي إلى اتفاق تسوية شاملة يدمج إيران ولو بصورة نقدية في المنظومة العالمية.
أمَّا حرب غزة، فرغم أنَّ المعطيات الإقليمية المحيطة تقول إنَّه يجب بدورها أن «تسكن» على الأقل لمدة 60 يوماً، وهو موعد الهدنة المقترحة، فإنَّ عدم رغبة إسرائيل في التوقيع على اتفاق وقف إطلاق نار يفرض عليها استحقاقات جديدة لا تريد أن تدفعها، بجانب عدم فهم «حماس» لطبيعة توازنات القوى عربياً وإقليمياً ودولياً، جعل الهدنة تتعثر أكثر من مرة.
إن قبول «حماس» بعدم حكم قطاع غزة في اليوم التالي لنهاية الحرب لا يحل إشكاليات أخرى تتعلق بسلاحها، وهل ستسلم ما تبقى من سلاحها للإدارة الجديدة في القطاع وستخفي ما يمكن إخفاؤه من أسلحة خفيفة؟ وما هو مستقبل من تبقى من عناصرها ودورهم في القطاع؟ إن تحويل هدنة «تسكين الأوضاع» إلى تسوية شاملة لن يكون إلا باستعادة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في بناء دولته المستقلة وإنهاء الاحتلال.
سواء عاد وفد التفاوض الإسرائيلي والأميركي لاستكمال المفاوضات في الدوحة أم لا، فإنَّ الهدنة المقترحة تحتاج لكي تصل إلى اتفاق شامل لوقف إطلاق النار والبدء في مسار تسوية سلمية إلى أدوات ضغط جديدة تبدأ في ترتيب البيت الداخلي الفلسطيني وإصلاح السلطة والمنظمة وعدم الاكتفاء بحديث الرئيس الفرنسي عن اعتراف بالدولة الفلسطينية في سبتمبر (أيلول) المقبل والذي وصفه الرئيس الأميركي دونالد ترمب بأنه ليس له قيمة، إنما بضرورة إقناع الإدارة الأميركية بالتدخل الفعال لإتمام «صفقة» تسوية سلمية قائمة على حل الدولتين يطالب بها العالم وترفضها إسرائيل.
لا يجب رفض تسكين الأوضاع من حيث المبدأ، ولا يجب النظر باستعلاء إلى أي اتفاق ولو مؤقتاً يحقن الدماء في أي منطقة في العالم وعدّه مجرد «مسكن» لا يحل المشكلة، إنما يجب الوعي أن هذه الاتفاقات أو المسكّنات التي شهدتها المنطقة، سواء مع إيران أو لبنان وربما غزة تفتح الباب للوصول إلى حلول دائمة وجذرية لن تحلها المسكنات إنما يمكن أن تكون خطوة على طريق العلاج الشامل الذي قد يكون جراحياً.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

إيران تشترط تعويضات وتؤكد استمرارها في تخصيب اليورانيوم رغم العقوبات
إيران تشترط تعويضات وتؤكد استمرارها في تخصيب اليورانيوم رغم العقوبات

العرب اليوم

timeمنذ يوم واحد

  • العرب اليوم

إيران تشترط تعويضات وتؤكد استمرارها في تخصيب اليورانيوم رغم العقوبات

بعد ساعات من فرض أميركا عقوبات جديدة عليها، جددت إيران اليوم الخميس إصرارها على التمسك بتخصيب اليورانيوم، مؤكدة قدرتها على ذلك، وهذا بحسب تصريح أدلى به وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي. وأوضح عراقجي بحسب الصحيفة أنه يتعين على الولايات المتحدة أن توافق على تعويض إيران عن الخسائر التي تكبدتها خلال حرب الشهر الماضي، في إطار تشديد طهران موقفها وفرضها لشروط جديدة من أجل استئناف المحادثات النووية مع إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب. وأعلنت الحكومة الأميركية، الأربعاء، فرض سلسلة جديدة من العقوبات على إيران ، تستهدف أكثر من 50 فرداً وكياناً، إضافةً إلى أكثر من 50 سفينة يشتبه بأنها عائدة إلى أسطول تجاري يملكه نجل مسؤول كبير في طهران. وأكد مكتب مراقبة الأصول الأجنبية في وزارة الخزانة الأميركية في بيان أن هذه العقوبات "هي الأكبر المتصلة بإيران منذ 2018"، وتستهدف أسطولاً من ناقلات نفط وسفن حاويات يعود إلى محمد حسين شمخاني، نجل علي شمخاني المستشار المقرب من المرشد الإيراني، علي خامنئي. وشملت العقوبات 115 فرداً وكياناً وسفينة على صلة بإيران، في مؤشر على أن إدارة الرئيس دونالد ترامب تُكثف جهودها في حملة "الضغط الأقصى" بعد قصفها المواقع النووية الرئيسية الإيرانية في يونيو (حزيران) الماضي. ووصفت وزارة الخزانة الأميركية هذه الخطوة بأنها أهم إجراء يخص العقوبات المتعلقة بإيران منذ 2018، خلال ولاية ترامب الأولى. يذكر أن الولايات المتحدة كانت قد استهدفت علي شمخاني، والد محمد حسين، بعقوبات عام 2020. كما أن الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات على نجل شمخاني في وقت سابق من يوليو (تموز)، وعزى التكتل ذلك إلى دوره في تجارة النفط الروسية. ويأتي أحدث إعلان للعقوبات في وقت لا تزال فيه احتمالات استئناف الدبلوماسية بين واشنطن وطهران ضعيفة بعد القصف الأميركي للمواقع النووية الإيرانية الشهر الماضي. وحذر ترامب يوم الاثنين من أنه سيأمر بشن هجمات أميركية جديدة إذا حاولت طهران إعادة تشغيل المواقع النووية التي سبق أن قصفتها الولايات المتحدة. وقال للصحافيين إن إيران ترسل "إشارات سيئة"، وإن "أية محاولة لإعادة نشاط برنامجها النووي ستُسحق على الفور". وعقدت الولايات المتحدة خمس جولات من المحادثات مع إيران قبل غاراتها الجوية في يونيو (حزيران)، والتي قال ترامب إنها "قضت" على برنامج تقول واشنطن وإسرائيل إنه يهدف إلى تطوير قنبلة نووية. من جهتها، تنفي إيران سعيها لامتلاك سلاح نووي.

ما السر في طول أمد معركة "طوفان الأقصى"؟
ما السر في طول أمد معركة "طوفان الأقصى"؟

جو 24

timeمنذ يوم واحد

  • جو 24

ما السر في طول أمد معركة "طوفان الأقصى"؟

جو 24 : في ظل اقتراب معركة "طوفان الأقصى" من إتمام عامها الثاني، وتعثّر مساعي وقف إطلاق النار، تطرح تساؤلات متكررة حول سرّ استمرار المعركة بهذا الزخم رغم الكلفة الباهظة إنسانيًا وسياسيًا. و اعتبر مدير "مركز الاتحاد للدراسات الاستراتيجية" (مقره بغداد) محمود الهاشمي، أنّ "المعركة ليست كسابقاتها، بل تمثل معركة وجود حقيقية للكيان الصهيوني، ما يجعل إنهاءها دون مكاسب حاسمة أمرًا مستحيلًا". معركة وجود… وخيارات خاسرة ويرى الهاشمي أن الاحتلال الإسرائيلي تفهّم منذ الأيام الأولى أن "طوفان الأقصى" لا تشبه حروبه السابقة مع فصائل المقاومة أو الجيوش النظامية، بل تهدد وجوده المعنوي والميداني. وأوضح أن "إطالة أمد المعركة لا يعود فقط لتعنّت حكومة اليمين بقيادة نتنياهو، بل لأن البدائل المطروحة—سواء حكومة معتدلة أو يسارية—لا تمتلك حلولًا مختلفة، فالتفاوض مع المقاومة مرفوض داخليًا، وحل الدولتين عاد إلى مربع غير قابل للتطبيق، سواء من قبل المستوطنين أو الشعب الفلسطيني". تحوّل استراتيجي في المعركة وعدّد سلسلة من المؤشرات على تغير طبيعة المواجهة، مشيرًا إلى أن "الجيش الصهيوني بات يهاجم المدنيين ضمن معادلة ردع خاسرة، أدت إلى عزلة دولية وخسارة حلفاء تقليديين". وتحدث عن "زيادة التذمر في صفوف جيش الاحتلال، مقابل اندفاع أجيال جديدة من الشباب الفلسطيني إلى الميدان، خاصة ممن فقدوا أهلهم بسبب القصف والجوع والمرض"، مشيرًا إلى أن "الاحتلال بدأ بالفعل بسحب قواته تدريجيًا من غزة خشية الخسائر والأسر". التأثيرات الإقليمية والدولية واعتبر أن "الشارع العربي بدأ يتفاعل بوضوح مع أمد المعركة، مستشهدًا بالغليان في مصر والأردن، وبيان الأزهر الذي سُحب سريعًا لكنه شكّل إنذارًا حقيقيًا"، كما أكد أن "طول المعركة ألحق ضررًا بسمعة الولايات المتحدة، وعمّق التصدعات بينها وبين حلفائها الغربيين". عمق المقاومة… وصعوبة الحسم العسكري وقال الهاشمي إن هوية "إسرائيل" العسكرية تجعلها غير قادرة على تقبّل الخسارة، لأنها تشكّل نفيًا لوجودها، ولكن في المقابل فإن المقاومة باتت أكثر رسوخًا، ليس فقط بسبب قدراتها الذاتية، بل بفضل تحولها إلى مشروع سياسي وعسكري واجتماعي متكامل. وأشار إلى أن "توقف الدعم من بعض محاور المقاومة لم يغيّر موقف غزة القتالي، التي ما تزال تفاوض وتقاتل بثبات". وكشف أن "الاحتلال فشل في التوفيق بين إدارة المعركة في غزة وبين استعداداته المتعثرة لمواجهة إيران، التي تتقدّم على مختلف الجبهات، بالتزامن مع تعقّد ملف سوريا، وتصاعد الضغط الدولي بسبب المجاعة والإبادة في غزة". المدن تحت الأرض… وصعوبة الحسم ولفت الهاشمي إلى أن "المقاومة بنت مدنًا تحت الأرض تتجاوز مساحتها 500 كم²، مزوّدة بالبنية التحتية، ما عرقل قدرة الجيش الصهيوني على التقدّم، وتركه محصورًا بين المدنيين والأنقاض". وأضاف أن مجازر الاحتلال حوّلت المعركة إلى قضية رأي عام عالمي، وأظهرت "إسرائيل" كـ"دولة مجرمة"، حتى في أعين حلفاء مثل ترامب الذي وصف مشاهد الأطفال في غزة بـ"المجاعة الحقيقية التي لا يمكن تزويرها". المقاومة… من الفصائل إلى المشروع وفي ختام تحليله، أشار إلى أنّ "المقاومة الفلسطينية تحوّلت من مجرد فصائل متناثرة إلى مشروع سياسي عسكري متكامل، بعد تجربة حزب الله والفصائل المدعومة إقليميًا، هذا التحول جعل من الصعب على العدو الصهيوني التعامل معها كما في السابق، حيث أصبحت رقماً وازناً في معادلات دولها ومجتمعاتها". "قدس برس" تابعو الأردن 24 على

«إيه في أمل»؟!
«إيه في أمل»؟!

العرب اليوم

timeمنذ يوم واحد

  • العرب اليوم

«إيه في أمل»؟!

الثلاثاء المقبل، ينعقد مجلس الوزراء اللبناني لـ«البحث في تنفيذ البيان الوزاري في شقه المتعلق ببسط سيادة الدولة على جميع أراضيها بقواها الذاتية حصراً». أعلن ذلك رئيس الحكومة نواف سلام، الذي وصف الدعوة بأنها «في سياقها الطبيعي وليست استفزازاً لأحد»، مضيفاً أن البحث سيتناول: «الترتيبات الخاصة بوقف الأعمال العدائية، والتي تضمنت ورقة السفير توم برّاك أفكاراً بشأن تطبيقها». يشكل ما أعلنه سلام بداية لنقل لبنان من حالٍ إلى حال. حصر السلاح بيد القوى الشرعية، مطلب المواطنين قبل أي جهة خارجية. ويلقى دعم أكثرية وازنة تواقة لوضع حدٍّ لزمن السلاح اللاشرعي والبؤر الأمنية والمربعات العاصية على القانون، ولا يتحقق إلا باستعادة الدولة لمكانتها وهيبتها ببسط السيادة من دون شريك. هنا يكمن التحدي في القرار الذي سيتخذه مجلس الوزراء، فإن أقرّ مهلة زمنية لا تقبل التأويل لجهة جمع السلاح اللاشرعي، من كل لبنان، فستكون السلطة قد خطت لبدء البلد مغادرة حقبة زمن الهيمنة الإيرانية برفع الغطاء عن سلاح غطى إذلال الناس ونهبهم، وفتّتَ الدولة وطيّفها، واستدرج الاحتلال. وتكون هذه السلطة تحملت للمرة الأولى منذ «اتفاق الطائف» مسؤولية القرار بأن لبنان هو الأولوية وليس السلاح اللاشرعي، وبأن الأولوية قيام الدولة التي يلوذ بها الجميع للحماية واستعادة الحقوق وصون الحريات. وفي الأهمية عينها سيشكل ذلك رسالة للداخل والخارج تفرمل التراجع الكارثي في الثقة. وسيفتح مثل هذا القرار باب تحفيز المواطنين، الذين يئسوا، لمؤازرة هذا التحول ودعمه، فلسان حال الناس: نريد استعادة الدولة المخطوفة. أكد هذا المنحى الخطاب الرئاسي في عيد الجيش الذي وضع حصر السلاح بيد الدولة بسياق «وقف الموت على أرضنا، وأن نوقف الدمار والانتحار، خصوصاً حين تصبح الحروب عبثية ومجانية ومستدامة لمصالح الآخرين». وواضح أن بديل ذلك يدخل العهد في مرحلة تصريف أعمال مبكرة، تنذر بعزلة أكبر وخسارة فرصة عودة لبنان، وتهدد بأوخم العواقب في وقت لا يُخفي فيه العدو نواياه. لقد كان مضنياً المخاض الذي أفضى لهذا التوجه؛ إذ رفض «حزب الله» يد الرئاسة الممدودة، وسعى لجعل نهج الإنكار سياسة عامة، عندما ادعى «إنجازات» تحققت بفضل سلاحه، متجاهلاً التسبب باستباحة البلد وعودة الاحتلال. وبلغ التهويل حد تهديد المفتي قبلان بإسقاط «القيمة الميثاقية للحكومة»؛ أي الاستقالة! وهددت «الأخبار» بـ«7 مايو (أيار)» جديد (...) وزعم الشيخ نعيم قاسم، أمين عام «حزب الله»، بأن «تسليم السلاح يخدم المشروع الإسرائيلي»، ولوّح بالحضور الشعبي لـ«حزبه». وبلغ الهراء الذروة عند إسباغ «هوية شيعية» على السلاح، والادعاء بأنه عنوان «النهوض السياسي النوعي للشيعة في لبنان»، وضرورة «لمواجهة خطر وجودي (...)». ليس سهلاً القرار الذي جانبته حكومات ما بعد الطائف، فتشاركت في مسؤولية تصدع الدولة. ومهين جداً تقزيم موقع الشيعة في تركيبة لبنان، وربطهم بسلاح لا شرعي، خصوصاً بعد هزيمة حرب «الإسناد» التي طالت كل فئات البلد كما «الحزب». وهنا نفتح مزدوجين لكي نشير إلى أن هناك من يعيد تعويل «الحزب» على التهديد بالحضور الشعبي الذي يستند إلى أسر الـ70 ألف راتب من المتفرغين، وألوف أسر الضحايا ممن تسبب «الحزب» بقتلهم في حروب المشروع الموكل إليه. هؤلاء أصحاب مصلحة ببقاء السلاح، لكنهم جزء متواضع من حجم البيئة الشيعية. والأرجح لن يتبقى الكثير عند الشيخ نعيم قاسم إثر انهيار شبكة الكبتاغون وتبييض الأموال وانتهاء زمن «نظافة الكف» و«المال الطاهر»، أمام قدرة الجهات العسكرية والأمنية على استيعاب الوضع الجديد، والأهم حجم الالتفاف حول الدولة! لا شك أن تردد السلطة في الأشهر الماضية أفقدها «مومنتم» شعبي فتراجعت الثقة، كما برزت تباينات بين أركان الحكم وفي مجلس الوزراء... وآن أوان تحمل المسؤولية كاملة بعدما تظهّر استياء أشقاء لبنان وأصدقائه الذين لمسوا أداءً يستخف بالمسؤولية الملقاة على عاتق أصحاب القرار للاختيار بين الدولة واللادولة. بهذا السياق لم تحظ طروحات السفير برّاك بما تستحق، رغم أن منطلقها التحذير من التعامي عن أبعاد التغيير الجيوسياسي، والتماهي مع سياسات لا تعطي الأولوية لتحرير القرار وإنهاء النفوذ الإيراني المستند إلى السلاح، وهو الممر الإلزامي لفتح باب معركة تحرير الأرض وبدء التعافي والنهوض. بعيداً عن تهديدات إسرائيل الجدية بضربات مكثفة، وتهديد سموتريتش بعدم الانسحاب ومنع إعادة الإعمار، ورغم رعونة «حزب الله» ومخاطر الضغوط المالية والاقتصادية، والتهويل على مجلس الوزراء، فإن المناخ الكامن الذي عاد للتبلور في وداع الفنان الراحل زياد الرحباني، هو دعم حقيقي لسياسة بسط السيادة وجمع السلاح. كل الحضور الشبابي الشعبي والتشريني كان له عنوان واحد؛ وقف اختطاف الدولة ليعود لبنان مساحة حرية وتنافس وإبداع ودولة قانون. ومن دون مبالغة، إنه مناخ يُعول عليه لدعم أي محاولة جادة لإنهاء ضمور الجمهورية وقيمها. هنا، مفيد التأمل ببعض ما قاله الرحباني في واحدة من آخر مقابلاته متوجهاً إلى «حزب الله»: «ما بقى فيكن تغمضوا عيونكن عن أنه في غيركن بالجنوب، بس يجي الحل (حزب الله) رح يصير بدو رضا أهل الجنوب لأن ما عنده مشروع». ونردد مع زياد: «إيه في أمل؟!».

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store