
سياسة مانشستر يونايتد في سوق الانتقالات «من سيئ إلى أسوأ»
بالطبع، تحدث مثل هذه الأمور في بعض الأحيان، فقد احتل بوروسيا دورتموند بقيادة المدير الفني الألماني يورغن كلوب المركز الـ7 في «البوندسليغا» موسم 2014 - 2015. وفي الموسم نفسه، فاز تشيلسي، بقيادة جوزيه مورينيو، بالدوري الإنجليزي الممتاز، لكن في العام التالي مباشرة أُقيل مورينيو من منصبه خلال الموسم، واحتل «البلوز» المركز الـ10 في جدول الترتيب. لكن بالنسبة إلى مانشستر يونايتد - وفقاً لرايان أوهانلون على موقع «إي إس بي إن» - فإن هذا الأمر لا يحدث لموسم واحد فقط بسبب سوء الحظ أو تراجع الأداء ثم العودة من جديد، فخلال المواسم الأربعة الماضية بالدوري الإنجليزي الممتاز، احتل مانشستر يونايتد المراكز: الـ6، والـ3، والـ8، والـ15. وكان فارق الأهداف في هذه المواسم الأربعة: صفر، +15، -1، و-10. إذن، فمن الواضح أن مانشستر يونايتد فريق سيئ حقاً، بل ويزداد سوءاً بمرور الوقت، رغم أن لديه كثيراً من الأموال.
ومن الواضح أن الفريق ليس قادراً على الفوز بأي شيء، لكنه في الوقت نفسه قادر على التفوق على أي منافس تقريباً فيما يتعلق بالتعاقد مع أفضل اللاعبين الشباب في العالم. وبالمقارنة مع أندية أخرى لديها القدرات المالية نفسها، فإن مانشستر يونايتد يمكنه تقديم رواتب مجزية للاعبين ومنحهم فرصة اللعب لأوقات طويلة. ودون ضغوط الفوز المحتمل بالدوري الإنجليزي الممتاز أو المنافسة في دوري أبطال أوروبا، يمكن لمانشستر يونايتد التركيز على بناء فريق قوي آخر يعيد النادي لأمجاده السابقة. ربما يمكن للنادي فعل ذلك الآن، لكنه لا يفعل ذلك على الإطلاق. وفي ظل قيادة الملياردير الجديد، جيم راتكليف، مقاليد الأمور، ووجود المدير الفني البرتغالي روبن أموريم، فإنه يبدو من الواضح أن الصيف الحالي لن يشهد تغييراً حقيقياً، حيث لا يزال مانشستر يونايتد يعاني حالة من الفوضى العارمة.
هل يريد مانشستر يونايتد الفوز
بالدوري الإنجليزي أم لا؟
عند التدقيق في التشكيلة الأساسية للفرق في كل مباراة من المباريات النهائية لدوري أبطال أوروبا خلال السنوات الخمس الماضية، نجد أن هؤلاء اللاعبين انضموا إلى أنديتهم بمتوسط أعمار يبلغ 23.8 عام، وأن أكثر من نصف اللاعبين انتقلوا لهذه الأندية قبل بلوغهم الـ24، وأكثر من 80 في المائة انضموا قبل بلوغهم الـ27. وفي قائمة شبكة «إي إس بي إن» لأفضل 100 لاعب في العالم لهذا العام، انتقل اللاعبون إلى أنديتهم الحالية بمتوسط أعمار يبلغ 22.7 عام، بينما انضم أكثر من 40 في المائة قبل بلوغهم الـ21.
الخلاصة هي أن اللاعبين من الطراز العالمي ينضمون إلى أنديتهم قبل بلوغهم قمة عطائهم الكروي، أي بين الـ24 والـ28 من العمر. في الواقع، من النادر أن تجد لاعباً متاحاً في سوق الانتقالات في سن الـ25 أو الـ26 أو الـ27 وينتقل إلى ناد آخر وينجح في أداء دور حاسم في الفوز بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز أو دوري أبطال أوروبا، حيث غالباً ما يظهر النجوم في سن مبكرة، لذا يجري التعاقد معهم مبكراً من قبل الفرق التي تدفع أجوراً تنافسية ولا تسمح لأفضل لاعبيها بالرحيل. وربما لم يكن من قبيل المصادفة أن أفضل الفرق لا تتعاقد مع كثير من اللاعبين في هذه الفئة العمرية أيضاً. فمن المعروف أن اللاعبين الذين وصلوا بالفعل إلى قمة عطائهم الكروي تكون تكلفة التعاقد معهم أعلى بكثير؛ لأنهم أصبحوا بالفعل أسماءً بارزة في عالم كرة القدم. لكن عندما تتعاقد مع لاعب في قمة عطائه الكروي، فهذا يعني أنك تتعاقد معه بعد أن لعب موسماً واحداً على الأقل وهو في قمة عطائه مع نادٍ آخر غير ناديك. وعندما لا يتوهج اللاعبون في الفئة العمرية من 25 إلى 27 عاماً، فإنهم لا يثيرون اهتماماً كبيراً من الفرق الأخرى؛ لأنهم عادةً ما يحصلون على أجور كبيرة ويكونون أكبر سناً.
وعند النظر إلى التحركات التي يقوم بها آرسنال، نجد أنه بعد سنوات من التعاقد مع اللاعبين الشباب فقط، تغيرت سياسة النادي وبدأ يتعاقد مع لاعبين من أصحاب الخبرة الكبيرة في فترة الانتقالات الحالية. وحتى بالنسبة إلى فريق احتل المركز الثاني بالدوري الإنجليزي الممتاز 3 مرات متتالية ووصل إلى الدور نصف النهائي لدوري أبطال أوروبا، فإن هذه التحركات تبدو محفوفة بالمخاطر. فإذا كانت الحال كذلك بالنسبة إلى آرسنال، فماذا عن مانشستر يونايتد الذي استقبل 11 هدفاً أكثر مما سجله خلال العامين الماضيين؟ تعاقد مانشستر يونايتد مع لاعبين اثنين هذا الصيف، وسيبلغ كل منهما 26 عاماً مع بداية الموسم المقبل. لا يهم حقاً الرأي في برايان مبيومو وماتيوس كونيا بصفتهما لاعبين، فربما يكونان بالفعل من أفضل لاعبي الدوري الإنجليزي الممتاز، وربما سيحصل كل منهما على دفعة معنوية كبيرة من اللعب مع لاعبين أفضل من اللاعبين الذين كانوا في الفريقين اللذين رحلا عنهما، على الأقل من الناحية النظرية، وحتى لو كان هذا صحيحاً، فمن المرجح أن يكون أفضلُ موسمين لهما مع مانشستر يونايتد هما الموسمين المقبلين. فهل هذه هي الفترة التي يجب أن يستثمر فيها الفريق الذي احتل المركز الـ15 في الموسم الماضي نحو 150 مليون يورو؟
يأمل مانشستر يونايتد أن يواصل ماتيوس كونيا (وسط) تألقه مثلما كان يفعل مع وولفرهامبتون (أ.ب)
ما خطة مانشستر يونايتد على المدى الطويل؟هناك رأيٌ مفاده بأنّه لا يُمكن بناء فريق كامل من اللاعبين الشباب. وهناك رأيٌ آخر مفاده بأنّ مانشستر يونايتد كان سيئاً للغاية العام الماضي؛ لدرجة أنّه يحتاج إلى التعاقد مع لاعبين أقوياء يساعدون النادي على تجنب خطر الهبوط. وعلاوة على ذلك، فإن التعاقد مع لاعبين لديهم خبرات كبيرة في الدوري الإنجليزي الممتاز، بما يساعد على حدوث تحسن طفيف في النتائج، سيعود بالنفع على ثقافة النادي التي وصفها لوك شو مؤخراً بأنها «سامة». كان من الممكن تصديق هذا لو أننا نرى خطة متماسكة ومدروسة جيداً في مانشستر يونايتد، لكن الأمر ليس كذلك على الإطلاق. فبناءً على أدائه السابق على أرض الملعب، يُعد أليخاندرو غارناتشو أبرز موهبة شابة واعدة في مانشستر يونايتد. فقد سجل الجناح الأرجنتيني 24 هدفاً وصنع 6 أهداف أخرى في الدوري الإنجليزي الممتاز قبل بلوغه الـ21 من عمره، ويبلغ متوسط أهدافه المتوقعة (دون احتساب ركلات جزاء) وتمريراته الحاسمة نحو 0.5 هدف لكل 90 دقيقة في مسيرته مع النادي، وهو معدل قريب من مستوى جيمس ماديسون وغابرييل مارتينيلي وفيل فودين في الموسم الماضي. ومن المرجح أن اللاعبين الذين يحققون ذلك في مثل هذه السن المبكرة يحققون مسيرة كروية ناجحة للغاية.
فإذا نظرنا إلى العام الماضي فقط، فسنجد أن أداء أماد ديالو، البالغ من العمر 23 عاماً، كان النقطة المضيئة الوحيدة في موسم مانشستر يونايتد المظلم؛ فقد سجل النجم الإيفواري الشاب 8 أهداف وقدم 6 تمريرات حاسمة قبل أن يتعرض للإصابة في الكاحل خلال فبراير (شباط) الماضي. وبالتالي، فمن الواضح أن كلا اللاعبين - غارناتشو وديالو - يمتلك القدرة على اللعب في دوري أبطال أوروبا، وهما سيوفران على النادي ملايين الدولارات في شكل رسوم انتقال. لكنهما يلعبان في المركزين نفسيهما للاعبَين مبيومو وكونيا. لذا؛ فإن الخيار المتاح أمام مانشستر يونايتد الآن هو إما عدم إشراك اثنين من أغلى اللاعبين في فريقك، وإما تقليل وقت اللعب لاثنين من أفضل اللاعبين الشباب في فريقك... وإما، في حالة غارناتشو، استبعاد أحد أبرز اللاعبين الشباب الواعدين تماماً من الفريق!
أماد ديالو (يسار) أحد اللاعبين القلائل الذين قدموا أداء جيداً مع يونايتد الموسم الماضي (أ.ف.ب)
لقد استُبعد غارناتشو، إلى جانب جادون سانشو وأنتوني وتيريل مالاسيا، من معسكر الفريق في الولايات المتحدة استعداداً للموسم الجديد. كان من المفترض أن يؤدي ذلك إلى تسهيل رحيلهم عن النادي، لكن الحقيقة أن استبعاد هؤلاء اللاعبين وإظهار أنهم غير مرغوب فيهم تماماً يعني أن مانشستر يونايتد أصبح في موقف ضعيف للغاية في أي مفاوضات تتعلق بالتعاقد مع أي من هؤلاء اللاعبين. فلماذا يكون أي نادٍ على استعداد للتفاوض على رسوم انتقال عالية من أجل التعاقد مع لاعبين يعلم جيداً أنك لا تريدهم؟
تشير بعض التقارير أيضاً إلى أن مانشستر يونايتد مرتبك بشأن آلية سير المفاوضات. لقد كان مانشستر يونايتد مستاءً من استمرار برينتفورد في طلب مزيد من المال مقابل الموافقة على رحيل مبيومو، لكنه في نهاية المطاف دفع المبلغ الذي أراده برينتفورد! في الواقع، لا يتعين على أي ناد أن يدفع أكثر من اللازم في التعاقد مع لاعب معين؛ لأن هناك كثيراً من البدائل الأخرى في سوق الانتقالات، أليس كذلك؟
ووفقاً للتقارير الحالية، يدرس مانشستر يونايتد الآن خيارين لتدعيم مركز قلب الهجوم: بنيامين سيسكو لاعب آر بي لايبزيغ، وأولي واتكينز لاعب آستون فيلا. يبلغ سيسكو من العمر 22 عاماً ولا يمتلك خبرات كبيرة، لكنه يتمتع بلياقة بدنية عالية، بينما يبلغ واتكينز من العمر 29 عاماً وقدم مستويات قوية في الدوري الإنجليزي الممتاز. فما الهدف الذي يسعى إليه النادي من التعاقد مع أي منهما؟ بغض النظر عن أنهما لاعبان مختلفان تماماً، فإن التعاقد مع واتكينز سيؤدي إلى تحسين أداء الفريق خلال الموسم أو الموسمين المقبلين، بينما سيؤدي التعاقد مع سيسكو لتحسين الأداء خلال الفترة حتى عام 2030.
مبيومو المنتقل من برينتفورد إلى مانشستر يونايتد حديثاً (د.ب.أ)
في مارس (آذار) الماضي، صرّح راتكليف نفسه بأن النادي يستهدف عام 2028 بوصفه فرصة واقعية للفوز بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز. سيكون ذلك بعد موسمين من الموسم المقبل. ومع ذلك، أقرّ راتكليف بأن «هذا ربما يكون في وقت قريب بعض الشيء، لكنه ليس مستحيلاً». لكن بحلول ذلك الوقت، سيكون مبيومو في الـ29 من عمره، وكونيا في الـ30 من عمره، وواتكينز في الـ33! وبالتالي، فبينما يقول مانشستر يونايتد إنه يريد الفوز بالبطولات والألقاب في المستقبل، فإن كل ما يفعله يُخبرنا بأنه لا يمكنه الانتظار وأنه يريد تحقيق الفوز الآن!
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق الأوسط
منذ 22 دقائق
- الشرق الأوسط
سلوت عن ضم إيزاك: لا تعليق!
رفض مدرب فريق ليفربول الإنجليزي، آرني سلوت، التعليق على التكهّنات بشأن انتقال السويدي ألكسندر إيزاك، مهاجم نيوكاسل يونايتد، للفريق الأحمر مقابل مبلغ كبير، معرباً عن رضاه عن تشكيلة فريقه الحالية. وأنفق بطل الدوري الإنجليزي الممتاز مبالغ طائلة في سوق الانتقالات، هذا الصيف، حيث أبرم صفقة قياسية مع لاعب الوسط الألماني، فلوريان فيرتز، ليتصدر قائمة التعاقدات الجديدة التي تضم أيضاً المهاجم هوغو إيكيتيكي، والظهير الأيسر ميلوس كيركيز، والظهير الأيمن جيريمي فريمبونغ. ويواصل ليفربول السعي لضم إيزاك، حيث رفض نيوكاسل عرضاً أولياً بقيمة 110 ملايين جنيه استرليني، في ظل تطلعه لضم بديل للأوروغواياني داروين نونيز، الذي يقترب من الانتقال لنادي الهلال السعودي مقابل 46 مليون جنيه إسترليني. ولدى سؤاله عن إيزاك، قال سلوت في المؤتمر الصحافي، الذي عقده الجمعة: «كما تعلمون، من وجهة نظري، وأعتقد أن كل مدرب يعمل بهذه الطريقة، لا ينبغي أن نتحدث مطلقاً عن لاعبين ليسوا من الفريق. يمكنني التحدث عن هوغو، الذي تعاقدنا معه، والذي قدم أداء رائعاً حتى الآن». وأضاف سلوت، في تصريحاته، التي نقلتها «وكالة الأنباء البريطانية (بي إيه ميديا)»: «نحن سعداء جداً بالفريق، ولدينا كل الأسباب لنشعر بالابتهاج، لأننا فزنا بالدوري الموسم الماضي. صحيح أن بعض اللاعبين رحلوا عنا، لكننا تعاقدنا أيضاً مع عناصر جديدة، واللاعبون الشباب يقدمون أداء جيداً». وتابع: «في الوقت الحالي، قد يرحل داروين، لكن الأمور لم يتم حسمها بعد؛ لذا ينبغي علينا الانتظار بضعة أيام حتى يتم الانتهاء من الأمر، ولكنّ هناك احتمالاً كبير لرحيله». ولم يشمل إنفاق ليفربول الضخمة، التي بلغت قرابة 300 مليون جنيه إسترليني، ضم أحد اللاعبين الذين يشغلون مركز قلب الدفاع، على الرغم من بيع غاريل كوانساه إلى باير ليفركوزن الألماني. وخلال فترة ما قبل الموسم، تناوب لاعبا خط الوسط رايان غرافينبيرخ وواتارو إندو، بالإضافة إلى الظهيرين أندرو روبرتسون وكوستاس تسيميكاس، اللعب في ذلك المركز، ونفى سلوت الافتقار إلى العمق خلف فيرجيل، مؤكداً أن فان ديك وإبراهيما كوناتي وجو غوميز مصدر قلق كبير. وشدد المدرب الهولندي: «للأسف، يعاني جوميز من إصابة طفيفة في الوقت الحالي، لكنه سيعود إلى الفريق قريباً جداً». وأشار: «لدينا العديد من الخيارات المتاحة للاعبين. ولكن، كما هو الحال دائماً، يبقى الأمر مملاً؛ سواء تعاقدنا مع لاعبين أم لا، فأنا سعيد للغاية باللاعبين الذين نمتلكهم». وبينما تم التعاقد مع لاعبين جدد، خطف الجناح الشاب ريو نغوموا (16 عاماً)، الأضواء خلال الاستعداد للموسم الجديد، حيث سجل ثلاثة أهداف وصنع هدفين هذا الصيف، متألقاً بعروضه اللافتة، كان آخرها ضد أتلتيك بلباو الإسباني، يوم الاثنين الماضي. ويدرك سلوت أنه يجب عليه التعامل مع تطور نغوموا بحذر، لكنه يبدو مستعداً للانضمام إلى الفريق الأول. وقال مدرب ليفربول، الذي يستعد فريقه لملاقاة كريستال بالاس، الأحد، على ملعب «ويمبلي» العريق في العاصمة البريطانية لندن ببطولة الدرع الخيرية: «هذا الأمر صعب أحياناً، ولا أحد يعلم كيف سيتعامل المرء مع الموقف». وأوضح في ختام حديثه: «قبل عام، سجَّل تري نيوني هدفاً ضد إشبيلية الإسباني عندما كان في السابعة عشرة من عمره... كان صغيراً جداً. لديهم فرصة رائعة للعمل والبقاء مع لاعبين مثل فيرجيل فان دايك ومحمد صلاح، وكل أولئك اللاعبين الرائعين كل يوم، ورؤية ما يفعلونه ليكونوا مستعدين للعب كل ثلاثة أيام».


الاقتصادية
منذ 22 دقائق
- الاقتصادية
ليونيل لورانت: حياد سويسرا لم ينقذها من صفعة رسوم ترمب
الدولة التي يقطنها 9 ملايين نسمة أدركت متأخرة أنها لا تستطيع الاعتماد على الولايات المتحدة إلى الأبد بعد الاتحاد الأوروبي، جاء دور سويسرا لتتذمّر مما تصفه بالإذلال والتنازل أمام إدارة ترمب، فالسياسيون والشركات في حالة صدمة بعد فرض رسوم جمركية جديدة بنسبة 39%، ما يتجاوز بكثير نسبة 15% المفروضة على الاتحاد الأوروبي، وهي خطوة قد تكلّف الاقتصاد السويسري نحو 1% من الناتج المحلي الإجمالي . أما شركات الأدوية مثل "نوفارتيس"، فترى في الاستثناء المؤقت الذي مُنح لها مجرد مهلة قصيرة، في ظل تهديدٍ بفرض رسوم إضافية بنسبة 25% إذا لم يُبرم اتفاق. وسائل الإعلام المحلية لم تتردد في تشبيه ما يحدث بهزيمة مارينيانو عام 1515 أمام الفرنسيين . سويسرا تتلقى صفعة من الرسوم الجمركية الأمريكية على السلع والأدوية من الواضح أن ما يحدث لا يُشبه أزمات الأسواق الناشئة بأي حال، فسويسرا تُعد من أغنى دول العالم، وساعات "رولكس" أقل تأثراً بتقلبات الأسعار من سيارات "فولكس واجن". أما سوق الأسهم السويسرية، فتعافت سريعاً من خسائرها الأولية، مطمئنةً إلى أن نسبة 39% تبدو كأنها تمهيد صاخب لتنازلات مرتقبة واتفاق في الأفق . الرهان على الدبلوماسية في الأثناء، تسارع سويسرا لتقديم مزيد من "الهدايا" لإرضاء الإدارة الأمريكية الغاضبة، وسط توقّعات بأن تعهدات إضافية على الطراز الأوروبي باتت وشيكة، مثل شراء مزيد من الطاقة الأمريكية . رغم ذلك، تعصف شكوك جيوسياسية عميقة ببلد لا يتجاوز عدد سكانه 9 ملايين نسمة، عانى في السنوات الأخيرة أزمات متتالية، أبرزها انهيار "كريدي سويس" في عام 2023. وتنبع الصدمة الحالية من الثقة الزائدة التي أظهرها القادة السويسريون بقدرتهم على استمالة ترمب بالكلام المعسول، متجنبين أي رد انتقامي، ومُطلقين إشارات إيجابية من شراء مقاتلات أمريكية إلى تشجيع الاستثمارات السويسرية في الجانب الآخر من الأطلسي (شركة "روش" أعلنت نيتها استثمار 50 مليار دولار) . حتى الرئيسة كارين كيلر سوتر نسبت لنفسها بعض الفضل في تراجع ترمب عن الرسوم الجمركية في أبريل. لكن قدرتها المفترضة على تحويل الأزمات إلى إنجازات، إن وُجدت أصلاً، قد تلاشت. وهناك من يستغل هذه اللحظة للدعوة إلى تقارب سياسي أكبر مع أوروبا . أفق مسدود أمام المفاوضات الواقع المُحرج هو أن ما يجري قد لا يكون تفاوضاً على الإطلاق، بل اختبار قوة، في وقت تتجه فيه السياسة الاقتصادية الأمريكية بالكامل نحو الحمائية التجارية، وهو اختبار لا تملك برن أي فرصة للفوز فيه . إدارة ترمب تتهم سويسرا بالتلاعب في سعر صرف الفرنك، وهو ما ينفيه المصرف الوطني السويسري، كما تتهمها بتحقيق فائض تجاري في السلع بقيمة 38 مليار دولار على حساب الأمريكيين، رغم أن جزءاً كبيراً من هذا الفائض يعود إلى عمليات تكرير سبائك الذهب . ويبدو أن سويسرا حاولت استخدام حجمها الصغير، وحيادها التقليدي، واعتمادها الاقتصادي على الولايات المتحدة كورقة إيجابية في المحادثات التجارية، لكن التعامل بلين مع من يفرض الضغوط قد يُفضي إلى نتائج مكلفة . غياب التنسيق الأوروبي ما يزيد الأمور تعقيداً هو إشكالية التنسيق الجماعي، والتي يبدو أنها تُصيب القارة الأوروبية كاملة، وربما العالم. ففي الشهر الماضي، نشر معهد "كيل" الألماني مقترحاً لمواجهة السياسات الاقتصادية الخاطئة لرسوم ترمب من خلال تحالف من الدول التي تمثل 50% من صادرات السلع إلى الولايات المتحدة، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي وكندا وكوريا الجنوبية . وقد رُسم هذا الرد الانتقامي المقترح ليكون مركزاً وقوياً بما يكفي لإجبار الولايات المتحدة على التراجع. ومع ذلك، يبدو أننا نبتعد أكثر فأكثر عن مثل هذا السيناريو، وسويسرا تشكل المثال الأحدث لدولة لم يكن بإمكانها إحداث فرق إلا ضمن كتلة أكبر تشمل الاتحاد الأوروبي . ومع أن الجميع يدرك أن الفعل الجماعي أكثر فاعلية من تفاوض كل دولة على حدة، إلا أن الإغراء الدائم هو التفاوض بشكل منفصل على أمل الحصول على صفقة أفضل من الجار . حرب خاسرة للجميع مهما كان القادم، من الواضح أن الأمور لن تعود إلى طبيعتها. يرى مستشار قطاع الأدوية لورنس لينش أن الجانب الإيجابي الضئيل في حرب الرسوم الخاسرة للجميع قد يكون في دفع أوروبا نحو سوق دوائية أكثر تكاملاً، وتنويع الاعتماد بعيداً عن السوق الأمريكية لتعويض الحواجز الجديدة . أما السياسيون الذين يتهيأون لجولات قادمة من الضغط والمساومة، فعليهم أن يدركوا أن الفوضى لم تبدأ فعلياً بعد، فالنجاة من أزمة اليوم لا تعني بالضرورة النجاة من أزمة الغد . كاتب رأي في "بلومبرغ" ويتحدث عن شؤون الاتحاد الأوروبي خاصة فرنسا خاص بـ "بلومبرغ"


عكاظ
منذ 37 دقائق
- عكاظ
الرئيس اللبناني: الإصلاح بدأ.. والطريق صعب
أقر الرئيس اللبناني جوزيف عون، أن طريق الإصلاح في لبنان صعب، إلا أنه قد بدأ، مؤكدا ضرورة «ربط لبنان بمحيطه الإقليمي». وأكد عون في كلمة له خلال «مؤتمر الاقتصاد الاغترابي الرابع»، اليوم (الجمعة): «بات من الضروري أن نعيد ربط لبنان بدور إقليمي منتج، وأن يكون حاضراً في المشاريع الإقليمية». ولفت إلى أن هذا المؤتمر يمثل فرصة حقيقية لإعادة بناء شراكات جديدة، ليس فقط بيننا، لكن أيضاً مع إخوتنا العرب وأصدقائنا في كل العالم. وتحدث الرئيس اللبناني عن تحولات كبرى تعيد رسم خريطة الاقتصاد في المنطقة، لافتا إلى استثمارات عملاقة في مجالات جديدة، مثل الطاقة والاقتصاد الأخضر، والذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدمة. وقال عون إن لبنان يمتلك رأس مال بشرياً مبدعاً ومؤهلاً، مضيفاً أن شبابه، إن تم إعطاؤه الفرصة، يمكن أن يكون جزءًا أساسياً من هذا التحول، لذا نريد العمل على دبلوماسية اقتصادية جدية، تفتح للبنانيين أبواب العمل والاستثمار ليس فقط في الخارج، بل أيضاً داخل لبنان. وأضاف الرئيس اللبناني أن لبنان اليوم، ليس بحاجة إلى دعم مالي بل إلى شراكة حقيقية، لافتا إلى أنه لا يمكن لأحد أن ينكر أن الطريق صعب، لكن الإصلاح بدأ. نحن نعمل بإصرار على مجموعة من الإصلاحات والقوانين، بعضها بات قانوناً وبدأ تطبيقه، وبعضها على طريق الإقرار. كما أن هناك ملفات لا تزال قيد الإعداد والنقاش. وتحدث عن القانون الخاص بالمناطق الاقتصادية الحرة للصناعات التكنولوجية، وقانون إعادة هيكلة القطاع المصرفي ومعالجة الفجوة المالية ورفع السرية المصرفية، وقانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وقانون استقلالية القضاء، وغيرها من الإصلاحات البنيوية، التي تهدف لإيجاد بيئة شفافة ومستقرة وآمنة تحمي المستثمر وتعيد الثقة بلبنان. أخبار ذات صلة