logo
المكسيك تطالب أميركا بعدم معاملة المهاجرين مثل "المجرمين"

المكسيك تطالب أميركا بعدم معاملة المهاجرين مثل "المجرمين"

Independent عربيةمنذ 7 ساعات

دعت رئيسة المكسيك كلاوديا شينباوم الولايات المتحدة اليوم الأحد إلى عدم معاملة المهاجرين مثل "المجرمين"، مشيرة إلى توقيف 35 من مواطنيها في عمليات الدهم التي تثير احتجاجات في لوس أنجليس.
وقالت شينباوم إن "المكسيكيين الذين يعيشون في الولايات المتحدة هم رجال ونساء نزيهون ذهبوا للبحث عن حياة أفضل وتأمين حاجات عائلاتهم، هم ليسوا مجرمين".
وأمر الرئيس الأميركي دونالد ترمب بإرسال عناصر الحرس الوطني إلى لوس أنجليس، في انتشار نادر مرتقب اليوم الأحد ضد رغبة حاكم الولاية، بعدما اندلعت احتجاجات اتسمت بالعنف أحياناً على خلفية عمليات دهم لتنفيذ قوانين الهجرة.
وأعلن الرئيس الأميركي السيطرة الفيدرالية على جيش ولاية كالفورنيا لإدخال الجنود إلى ثاني كبرى مدن البلاد، في قرار وصفه حاكم الولاية غافين نيوسوم بأنه "تحريضي" بينما أشارت وسائل إعلام أميركية إلى أنه غير مسبوق منذ عقود.
يأتي ذلك بعد يومين من مواجهات أطلق خلالها عناصر فيدراليون القنابل الصوتية وقنابل الغاز المسيل للدموع باتجاه حشد خرج للتعبير عن غضبه من توقيف عشرات المهاجرين، في المدينة التي تضم جالية لاتينية كبيرة.
وقالت الناطقة باسم البيت الأبيض كارولاين ليفيت إن "الرئيس ترمب وقع مذكرة رئاسية لنشر ألفي عنصر من الحرس الوطني للتعامل مع حال الفوضى التي سمح لها بالتفاقم"، محملة المسؤولية لقادة كاليفورنيا الديمقراطيين "العديمي الفائدة"، بحسب قولها.
وأكدت أن "إدارة ترمب لديها سياسة صفر تسامح إزاء السلوك الإجرامي والعنف، خصوصاً عندما يستهدف هذا العنف ضباط إنفاذ القانون الذين يحاولون القيام بوظائفهم".
وهنأ ترمب الحرس الوطني بـ"أداء المهمة بصورة جيدة" قبيل منتصف ليل أمس السبت، وذلك في منشور على منصة "تروث سوشيال".
لكن رئيسة بلدية لوس أنجليس كارن باس قالت على منصة "إكس" الاجتماعية إن الجنود لم ينتشروا بعد، بينما لم يرهم مراسلو وكالة الصحافة الفرنسية على الأرض حتى اللحظة.
تجمع المحتجون في شوارع لوس أنجليس لرفض قانون الهجرة (رويترز)
وانتقد ترمب كلا من باس ونيوسوم، قائلاً في منشوره إنهما "غير قادرين على أداء المهمة"، مذكراً بالحرائق الدموية التي شهدتها المدينة خلال يناير (كانون الثاني) الماضي.
وتجري الاستعانة عادة بالحرس الوطني (وهم عناصر احتياط في الجيش) لدى وقوع كوارث طبيعية على غرار حرائق لوس أنجليس، وأحياناً في حالات الاضطرابات المدنية، لكن يجري الأمر دائماً تقريباً بموافقة السياسيين المحليين.
ورفض حاكم كالفورنيا قرار الرئيس معتبراً أنه "تحريضي بصورة متعمدة ولن يؤدي إلا إلى تصعيد التوترات". وأضاف على "إكس" أن السلطات الفيدرالية "تسعى إلى عرض. لا تعطوهم ذلك. لا تستخدموا العنف إطلاقاً. احتجوا بصورة سلمية".
من جهته، هدد وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث بتصعيد التوتر أكثر، محذراً من أن قوات عسكرية عادية قريبة قد تتدخل.
وأفاد على وسائل التواصل الاجتماعي "إذا تواصل العنف، فسيُستعان بمشاة البحرية ممن هم داخل الخدمة في معسكر بندلتن. إنهم في حال تأهب".
وأضاف هيغسيث عبر منصة إكس "تقوم وزارة الدفاع بتعبئة الحرس الوطني على الفور لدعم إنفاذ القانون الاتحادي في لوس أنجليس... وإذا استمر العنف فسيتم أيضاً تعبئة مشاة البحرية الذين في الخدمة في قاعدة كامب بندلتون ... وهم على أهبة الاستعداد".
وأعلنت المتحدثة باسم البيت الأبيض أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب أمر، أمس السبت، بنشر 2000 عنصر من الحرس الوطني في لوس أنجليس مع تواصل المواجهات لليلة الثانية بين رجال أمن فيدراليين ومتظاهرين احتجاجاً على مداهمات وكالة الهجرة والجمارك ضد المهاجرين.
وحذر ترمب، في وقت سابق أمس السبت، من أن الحكومة الفيدرالية قد تتدخل للتعامل مع الاحتجاجات المتصاعدة ضد المداهمات التي تنفذها سلطات الهجرة بحق المهاجرين غير النظاميين في لوس أنجليس.
وكتب ترمب على منصته "تروث سوشيال"، "إذا لم يتمكن حاكم كاليفورنيا غافين نيوسوم ورئيسة بلدية لوس أنجليس كارين باس من أداء واجبيهما، وهو أمر يعلم الجميع عجزهما عنه، فإن الحكومة الفيدرالية سوف تتدخل لحل مشكلة أعمال الشغب والنهب بالطريقة التي يجب أن تُحل بها".
وواجه عملاء اتحاديون في لوس أنجليس، أمس السبت، متظاهرين يحتجون على مداهمات على الهجرة، في أعقاب احتجاجات، أول من أمس الجمعة، ندد بها نائب كبير موظفي البيت الأبيض ستيفن ميلر ووصفها بأنها "تمرد" ضد الولايات المتحدة.

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
واشتبك أفراد أمن، أمس السبت، مع المحتجين في مواجهات متوترة بمنطقة باراماونت جنوب شرقي لوس أنجليس، حيث شوهد أحد المحتجين يلوح بالعلم المكسيكي وغطى بعضهم أفواههم بأقنعة تنفس.
وأظهر بث مباشر العشرات من أفراد الأمن بالزي الأخضر وهم يرتدون أقنعة واقية من الغازات وهم مصطفون على طريق تتناثر فيه عربات تسوق مقلوبة، بينما تنفجر عبوات صغيرة في سحب الغاز.
وانطلقت الجولة الأولى من الاحتجاجات، مساء أول من أمس الجمعة، بعد أن قام عملاء وكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك بتنفيذ عمليات في المدينة واعتقلوا 44 شخصاً على الأقل بتهمة ارتكاب انتهاكات مزعومة لقوانين الهجرة.
وقالت وزارة الأمن الداخلي في بيان، إن "1000 شخص من مثيري الشغب حاصروا مبنى اتحادي لإنفاذ القانون واعتدوا على أفراد إنفاذ القانون التابعين لوكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك، وقاموا بثقب إطارات السيارات وتشويه المباني والممتلكات الممولة من دافعي الضرائب".
ولم تتمكن "رويترز" من التحقق من روايات وزارة الأمن الداخلي.
وكتب ميلر، وهو من المتشددين في مجال الهجرة، عى موقع "إكس"، إن احتجاجات الجمعة، كانت "تمرداً ضد قوانين وسيادة الولايات المتحدة".
وتضع الاحتجاجات مدينة لوس أنجليس التي يديرها الديمقراطيون، حيث تشير بيانات التعداد السكاني إلى أن جزءاً كبيراً من السكان مولودون في الخارج ومن أصول لاتينية، في مواجهة البيت الأبيض الجمهوري الذي يقوده ترمب، والذي جعل من اتخاذ إجراءات صارمة ضد الهجرة سمة مميزة لولايته الثانية.
وتعهد ترمب ترحيل أعداد قياسية من الأشخاص الموجودين في البلاد بشكل غير قانوني وإغلاق الحدود الأميركية المكسيكية، إذ حدد البيت الأبيض هدفاً لوكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك باعتقال ما لا يقل عن 3 آلاف مهاجر يومياً.
لكن الحملة الشاملة على الهجرة شملت أيضاً الأشخاص المقيمين بشكل قانوني في البلاد، بما في ذلك بعض الأشخاص الذين يحملون إقامة دائمة، وأدت إلى طعون قانونية.
وفي بيان صدر أمس السبت، حول الاحتجاجات في باراماونت، قال مكتب مأمور مقاطعة لوس أنجليس "يبدو أن أفراد إنفاذ القانون الاتحاديين كانوا في المنطقة، وأن أفراداً من الجمهور كانوا يتجمعون للاحتجاج".
ولم ترد وكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك ووزارة الأمن الداخلي وإدارة شرطة لوس أنجليس على طلبات للحصول على معلومات بشأن الاحتجاجات أو المداهمات المحتملة للمهاجرين أمس السبت.
وأظهرت لقطات تلفزيونية، في وقت سابق أول من أمس الجمعة، قوافل من المركبات والشاحنات الصغيرة ذات الطراز العسكري غير المرقمة والمحملة بمسؤولين اتحاديين بالزي الرسمي تتدفق بشوارع لوس أنجليس في إطار عملية لإنفاذ قوانين الهجرة.
وذكرت خدمة أخبار مدينة لوس أنجليس (سي أن أس) أن موظفي وكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك الأميركية استهدفوا عدة مواقع، بما في ذلك أحد متاجر هوم ديبوت بمنطقة ويتليك في المدينة، ومتجر ملابس بمنطقة الأزياء ومستودع ملابس جنوب لوس أنجليس.
وذكرت "سي أن أس" وغيرها من وسائل الإعلام المحلية أنه تم اعتقال عشرات الأشخاص خلال المداهمات، وهي الأحدث في سلسلة من عمليات المداهمة التي جرت في عدد من المدن في إطار حملة الرئيس ترمب واسعة النطاق ضد الهجرة غير الشرعية.
ولم تشارك شرطة لوس أنجليس في عملية إنفاذ قوانين الهجرة، لكن تم نشرها لإخماد الاضطرابات المدنية بعد أن رشت الحشود المحتجة على مداهمات الترحيل شعارات مناهضة لوكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك على جدران مبنى محكمة اتحادية، واحتشدت خارج سجن قريب يُعتقد أن بعض المعتقلين محتجزون فيه.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

تحطم طائرة تقل 20 شخصا في ولاية تينيسي الأميركية
تحطم طائرة تقل 20 شخصا في ولاية تينيسي الأميركية

Independent عربية

timeمنذ 3 ساعات

  • Independent عربية

تحطم طائرة تقل 20 شخصا في ولاية تينيسي الأميركية

أدى تحطم طائرة مخصصة للقفز بالمظلات في ولاية تينيسي الأميركية إلى وقوع إصابات بين ركابها العشرين إضافة إلى الطاقم من دون تسجيل وفيات، وفق ما أفادت السلطات الأحد. وتحطمت الطائرة ذات المحركين ظهر الأحد في تولاهوما، جنوب ناشفيل، وفقاً لمسؤولين محليين وفيدراليين. وقال المتحدث باسم المدينة لايل راسل في بيان "لم تقع وفيات". أضاف أن 20 شخصاً كانوا على متن الطائرة من طراز دي هافيلاند دي أتش-6 توين أوتر عندما تحطمت في مطار تولاهوما قرابة الساعة 12:30 ظهراً (17:30 توقيت غرينتش). اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وتابع أن "ثلاثة أشخاص نقلوا بواسطة مروحية وآخر إصابته أكثر خطورة براً إلى مستشفيات محلية لتلقي العلاج"، مشيراً إلى أن "إصابات طفيفة أخرى عولجت من قبل المستجيبين الأوائل في مكان الحادث". ولفت راسل إلى أنه "لم تلحق أضرار بمرافق أرضية أو مرافق المطار ولم ترد أنباء عن وقوع إصابات على الأرض". وقالت إدارة الطيران الفيدرالية إنها تحقق في الحادث، بينما قالت إدارة الطرق السريعة في تينيسي على منصة إكس إن عناصرها يساعدون الشرطة "في موقع تحطم الطائرة على طريق أولد شيلبيفيل" في مقاطعة كوفي في وسط الولاية. وأظهرت صور تم تداولها على شبكات التواصل الاجتماعي طائرة صغيرة بيضاء مقدمتها مدفونة في العشب وقد انفصل أحد جانحيها وذيلها.

الرئيس والمهاجر
الرئيس والمهاجر

الشرق الأوسط

timeمنذ 3 ساعات

  • الشرق الأوسط

الرئيس والمهاجر

أميركا «بلاد الفرص»، وفي إمكان أي مهاجر أن يصبح أغنى أميركي بأرقام فوق الخيالية، أو «فرط خيالية»، حسب الترجمات الساخرة هذه الأيام، كما هو حال إيلون ماسك، الذي ولد في جنوب أفريقيا، وهاجر إلى الولايات المتحدة عام 1987، وفيها أصبح أغنى كائن على وجه الأرض، بثروة تبلغ نحو 500 مليار دولار. بموجب الدستور الأميركي، يستطيع ماسك أن يخوض المعركة لأي منصب سياسي إلا واحداً: الرئاسة. هذا المنصب يقتضي أن تكون مولوداً في أميركا. ما الحل إذن؟ تشتري أميركا. طابت الوجاهة للمستر ماسك. وطاب له أن يعامل على أنه موازٍ للرئيس، لكن لم يهن عليه الخلاف معه، ولم يقبل الإهانة، فماذا يفعل؟ يؤسس حزباً جديداً لنفسه أبعد من الحزبين التاريخيين. هل يشتري المال كل شيء؟ حاول أن تحسبها: 500 مليار دولار. نصف تريليون. ربما يفكر صاحبنا غداً في تعديل الدستور، وهو مليء بالتعديلات على أي حال. لم تعمّر الشراكة طويلاً بين أغنى رجل في العالم وأغنى رئيس أميركي. كلاهما مكابر وجاد. وكلاهما يعتبر أنه الرمز الأول للنجاح في العالم الرأسمالي، والواقع أنهما كذلك، لكن أحدهما «فقد عقله»، كما قال ترمب عن ماسك. فصل الشراكة بين الرجلين سوف يكون مكلفاً مادياً لهما، وربما أيضاً لأسواق المال. هناك تداخلات كثيرة بين شركات يملكها الفريقان، كما هناك تبرعات كثيرة من ماسك إلى ماكينة ترمب الانتخابية بلغت حتى الآن 290 مليون دولار. غيّر النزاع بين الرجلين طبيعة وحجم ومقاييس الخلافات السياسية في أميركا. وهذا أول مهاجر يبلغ نفوذه المالي هذا الحجم، أما أكبر نفوذ سياسي فلا يزال للمهاجر الألماني هنري كيسنجر، الذي جاء إلى أميركا وهو في العاشرة من العمر. وكان يقال تلك السنوات: إنه لو كان من مواليد الولايات المتحدة لما نافسه على الرئاسة كثيرون.

ملاقاة التحول والفرص المهدورة
ملاقاة التحول والفرص المهدورة

الشرق الأوسط

timeمنذ 3 ساعات

  • الشرق الأوسط

ملاقاة التحول والفرص المهدورة

في خضم التحولات المتسارعة بالمنطقة، يبقى سقوط نظام بشار الأسد وتسلّم أحمد الشرع رئاسة سوريا حدثاً استثنائياً تأسيسياً على مستوى سوريا والشرق الأوسط، ولعلَّه أحدُ أهم تداعيات «طوفان الأقصى» وما تلاه، وأخطرُ تحوّل استراتيجي تشهده المنطقة منذ نكسة عام 1967. فالأمر لم يقتصر على مجرد تغيير في رأس النظام السوري، بل امتد للبنية الإقليمية التي تشكّلت خلال العقود الماضية حول محور إيراني - سوري - لبناني، امتد تأثيره إلى العراق وفلسطين، وبدأت مرحلة جديدة أقفل فيها بابُ المشرق العربي أمام التمدد الإيراني، وعادت الولايات المتحدة للمنطقة من الباب العريض، مدعومة بإجماع عربي نادر حول ضرورة تفكيك منظومات النفوذ غير العربي التي ترسَّخت في العقدين الأخيرين. استدعت هذه اللحظة اهتماماً عربياً ودولياً غيرَ مسبوق قادته بداية السعودية وتوّجه لقاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع الشرع، وبدأ سباق القوى الدولية إلى دمشق للمشاركة في إعادة تشكيل موقع سوريا ودورها في الإقليم. هذا الاهتمام الكثيف أثار في لبنان مشاعرَ الاستغراب والاستهجان، وطرح أسئلة مشروعة تقارن بين حجم وفاعلية الاهتمام والاحتضان العربي والدولي لسوريا مقارنة بلبنان، رغم تشكّل سلطة سياسية جديدة فيه خارج جناح الوصايتين السورية والإيرانية. فكيف ينسحب الضوء عن بلدٍ لطالما عُد «شاغلَ العرب»، و«مختبرَ التسويات الدولية»؟ وهل يعني ذلك أنَّ العالم قد حسم أمره بشأن بيروت؟ لبنان، الذي لطالما حظي باهتمام عربي ودولي كثيف منذ بداية الأزمة سنة 1969 مع الفلسطينيين، يضيع الفرصة تلو الأخرى وهو في طريق خسارة ما تبقى من ثقة المجتمع الدولي به، لا بسبب ضعف موارده أو هشاشة نظامه السياسي فحسب، بل بسبب غياب الرؤية الوطنية الموحدة والإرادة والإصلاح. فبينما كانت غالبية الدول العربية والقوى الدولية تنتظر منه مواقف واضحة في قضايا سيادية مصيرية بعد المتغيرات والانقلابات بالمنطقة وبالداخل اللبناني، مثل حصر السلاح بيد الدولة، ومحاربة الفساد، وترسيخ استقلالية القضاء، اختار لبنان مسارات ملتبسة، كأنه لم يدرك معنى المتغير السوري، والخروج الإيراني من المشرق، وتهاوي قوة «حزب الله»، وما إلى ذلك. محصلة ذلك ثلاثة أشهر على السلطة الجديدة، نتائجها المراوحة والمراهنة على الوقت والاستمرار في لعبة التوازنات الهشة والمساومات الصغيرة. بقي التردد سيد الموقف جراء الخوف من فزاعة الحرب الأهلية من جهة، وصعوبة تفكيك توغل «حزب الله» بأروقة الإدارة والأمن وبقية الأجهزة، إلى التلكؤ في فك الارتباط بين الطائفة الشيعية و«حزب الله» رغم دقته وصعوبته. يبدو لبنان كأنه يُدفع به إلى خارج المشهد. فبينما حظيت سوريا بفرصة تاريخية بغطاء دولي وعربي واسع، لم يلق لبنان سوى وفرة مبادرات من دون دعم سياسي وازن، رغم تشكيل سلطة جديدة تحمل في تركيبتها إشارات رمزية على رغبة التغيير. ليس الأمر تجاهلاً متعمّداً، بقدر ما هو تعبير عن يأس متراكم من قدرة لبنان على التقاط اللحظة والتجاوب مع الرسائل الجليّة، ومفادها القرار السياسي الرسمي الواضح والمعلن بانتهاء عمل المقاومة المسلحة بكل أشكالها، وعدّ سلاح «حزب الله» سلاحاً غير شرعي، ووضع خطة زمنية معلنة بالتعاون مع القوات الدولية لسحبه، والسعي إلى هدنة دائمة مع إسرائيل على غرار هدنة 1949. هذا الأمر ينزع كل الذرائع من يد إسرائيل التي لن تكون عاملاً مساعداً، بل معرقلة في كل من لبنان وسوريا. الحكومة الإسرائيلية الحالية اليمينية المتشددة، تعيش في حالة من البارانويا، وتتعامل مع أي تحوّل عربي كأنه تهديد مباشر. فهي تطالب بكل شيء دون تقديم أي تنازل سياسي، وتُفضّل الحسم العسكري على الانخراط في تسويات سياسية. فالنجاحات التي حققتها في حربها زادت تصلبها، وعزّزت وهم القدرة على فرض الوقائع بالقوة وحدها، ولو على حساب الاستقرار الإقليمي، وتوتير العلاقة مع إدارة ترمب الساعية إلى توسيع دائرة «اتفاقات أبراهام». في نهاية المطاف، لا يكمن الفارق بين سوريا ولبنان في حجم الأزمة، بل في القدرة على الاستجابة لها. فسوريا شهدت بسقوط نظامها تحوّلاً بنيوياً واستراتيجياً استدعى تدافعاً دولياً وعربياً لملء الفراغ وإعادة رسم المعادلات. اللحظة السورية اليوم تشبه لحظة «ما بعد الحرب الباردة»: لحظة انكشاف، وإعادة تشكيل، والانفتاح على احتمالات جديدة. أما لبنان، فبقي في منطقة رمادية، لا ينهار بالكامل ولا ينهض فعلياً، يُدير الأزمات ولا يحلّها. وبينما تحوّلت دمشق إلى ساحة اختبار لنظام إقليمي جديد ولاعب متفاعل، فإن بيروت تخبو في نظر العالم. دقّ جرس التحول، والفرص لا تنتظر من يتقن فن إضاعتها. الرهان على الزمن والمواربة لم يعودا يقنعان أحداً في عالم تحكمه الوقائع لا النيات.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store