
أخبار العالم : العمليات العسكرية الإسرائيلية في لبنان: محطات لا تُنسى في تاريخ الصراع بين البلدين، فماذا نعرف عنها؟
الثلاثاء 18 فبراير 2025 12:00 مساءً
نافذة على العالم - صدر الصورة، Getty Images
التعليق على الصورة،
جنود إسرائيليون أثناء إطلق وحدة مدفعية متنقلة النار على جنوب لبنان في أغسطس/آب 2006
Article information
تنتهي المهلة المحددة لانسحاب إسرائيل من جنوب لبنان في 18 فبراير/شباط، بمقتضى اتفاق وقف إطلاق النار الذي أُبرم بوساطة دولية، وأنهى ما يزيد على 16 شهراً من المعارك بين الطرفين.
وبحسب بنود الاتفاق، من المتوقع أن تسحب إسرائيل جميع قواتها من الأراضي اللبنانية، على أن يلتزم حزب الله اللبناني بسحب كافة مقاتليه وأسلحته من المناطق الواقعة جنوب نهر الليطاني.
وتزامناً مع تلك الخطوة، ينص الاتفاق على نشر آلاف القوات اللبنانية في المنطقة.
وأسفرت العمليات العسكرية خلال الفترة الماضي، عن مقتل نحو أربعة آلاف شخص في لبنان، من بينهم عدد كبير من المدنيين، فضلا ًعن اضطرار ما يزيد على 1.2 مليون شخص للنزوح، بحسب ما أفادت به السلطات اللبنانية.
كما تحدثت السلطات الإسرائيلية عن مقتل نحو 80 جندياً، فضلاً عن سقوط 47 مدنياً، ونزوح 60 ألف شخص داخل إسرائيل.
وشكّل الصراع الأخير تصعيداً بالغ الأهمية في سلسلة العداء المستمر منذ عقود بين إسرائيل وحزب الله، وإن كانت ليست المرة الأولى التي تغزو فيها إسرائيل لبنان، إذ سبق ونفّذت في خمس مناسبات على الأقل، عمليات عسكرية ضخمة داخل حدود جارتها الشمالية.
عام 1978: عملية الليطاني (التي تُعرف في لبنان بالاجتياح الإسرائيلي الأول)
صدر الصورة، Getty Images
التعليق على الصورة،
قوات إسرائيلية في دورية في قرية زبقين بجنوب لبنان عام 1978
شنت إسرائيل، في 14 مارس/آذار، عمليات عسكرية بغية دفع مقاتلي منظمة التحرير الفلسطينية المتمركزين في لبنان في ذلك الوقت بعيداً عن الحدود، وذلك في أعقاب هجوم بحري شنه مقاتلو المنظمة، أسفر عن مقتل نحو 30 مدنياً في شمال إسرائيل.
ويذكر أن منظمة التحرير الفلسطينية اتخذت من لبنان مقرا لها في أعقاب طردها من الأردن عام 1970.
وزحفت القوات الإسرائيلية حينها شمالاً حتى ضفاف نهر الليطاني، بيد أنها عجزت عن الاشتباك المباشر مع مقاتلي منظمة التحرير الفلسطينية، التي انسحبت بخطوات محسوبة قبل أن يدركها التقدم الإسرائيلي.
وأعلنت منظمة التحرير الفلسطينية وقف إطلاق النار بعد أسبوعين، ثم انسحبت القوات الإسرائيلية في وقت لاحق من العام، إلا أنها دعمت ميليشيا مسيحية تابعة لها للسيطرة على المناطق الحدودية، وهي "جيش لبنان الجنوبي".
وتشير التقديرات إلى أنه بانتهاء عملية الليطاني في شهر يونيو/حزيران، سقط ما يزيد على 1100 قتيل في صفوف اللبنانيين والفلسطينيين.
وبموجب قرار أصدره مجلس الأمن الدولي، نُشرت قوات حفظ السلام التابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان "يونيفيل" على امتداد الحدود الفعلية بين الدولتين، والمعروفة باسم الخط الأزرق.
وقُتل ما يزيد على 300 جندي من جنسيات مختلفة خلال تأدية مهامهم منذ عام 1978، مما يجعل هذه المهمة الأكثر خطورة ضمن عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة.
عام 1982: عملية سلامة الجليل (الاجتياح الإسرائيلي الثاني للأراضي اللبنانية)
صدر الصورة، AFP
التعليق على الصورة،
شنت إسرائيل هجوما على لبنان في عام 1982 لطرد الآلاف من مقاتلي منظمة التحرير الفلسطينية
لم تضع عملية الليطاني حداً للاشتباكات بين مقاتلي منظمة التحرير الفلسطينية والإسرائيليين على الحدود، ففي أعقاب إصابة السفير الإسرائيلي برصاص فصيل فلسطيني في لندن في 3 يونيو/حزيران عام 1982، أطلقت إسرائيل، بقيادة وزير الدفاع آنذاك أرييل شارون، عملية عسكرية واسعة النطاق، شارك فيها آلاف الجنود ومئات الآليات العسكرية.
وبدأ الهجوم في السادس من يونيو/حزيران، واستطاعت القوات الإسرائيلية خلال بضعة أيام، الوصول إلى مشارف العاصمة اللبنانية، وشرعت في قصف منطقة غرب بيروت، ذات غالبية مسلمة.
وعقب حصار استمر ما يزيد على شهرين، تمّ إجلاء آلاف المقاتلين الفلسطينيين بحراً.
كما اشتبك الجيش الإسرائيلي مع قوات سورية في شرق البلاد، وأسقط عشرات الطائرات في واحدة من أضخم المعارك الجوية.
صدر الصورة، Getty Images
وقدّرت السلطات اللبنانية أن تلك المعارك أسفرت عن مقتل نحو 19 ألفا من المدنيين والعسكريين اللبنانيين والفلسطينيين والسوريين، رغم أن هذا الرقم قوبل بشكوك، بينما أفاد الجيش الإسرائيلي بمقتل 376 جندياً خلال الفترة بين يونيو/حزيران وسبتمبر/أيلول 1982.
ولم تتوقف عمليات القتال عند هذا الحد، فعلى إثر اغتيال الرئيس اللبناني المسيحي المنتخب في ذلك الوقت جراء تفجير سيارة مفخخة في 14 سبتمبر/أيلول، سمح الجيش الإسرائيلي للميليشيات المسيحية بدخول مخيمي صبرا وشاتيلا للاجئين الفلسطينيين، ما أسفر عن وقوع مجزرة راح ضحيتها عدد كبير من المدنيين، قدّر ما بين 700 و3500 قتيل.
وفي العام التالي، سحبت إسرائيل قواتها من وسط لبنان، بيد أنها تمركزت في "منطقة أمنية" بعمق 19 كيلومترا داخل الأراضي اللبنانية في عام 1985، ولم تغادر لبنان كلياً إلا بعد 18 عاماً.
وخلال تلك الفترة، برز حزب الله كقوة بدعم من إيران، التي أمدّته بالأسلحة والتمويل اللازم، بغية محاربة هذه "القوات الأجنبية" على الأراضي اللبنانية.
عام 1993: عملية تصفية الحساب (حرب السبعة أيام)
صدر الصورة، Getty Images
التعليق على الصورة،
نشأ حزب الله من ميليشيات شيعية تشكّلت لمقاومة إسرائيل بعد غزوها عام 1982
استهدفت الطائرات الإسرائيلية عشرات الأهداف التابعة لحزب الله بقصف مكثف استمر لمدة أسبوع بدءاً من 25 يوليو/تموز، وقالت إسرائيل إن القصف جاء رداً على هجمات صاروخية استهدفت مواقعها في لبنان وشمال إسرائيل، وأكدت أن العملية كانت تهدف إلى "منع حزب الله من تحويل جنوب لبنان إلى معقل للإرهاب".
وادعى حزب الله وقتها أنه أطلق صواريخه رداً على غارات جوية إسرائيلية بطائرات مروحية نُفذت في وقت سابق.
وأطلق الجيش الإسرائيلي آلاف القذائف أثناء الغارات، وقال إنه قتل 50 مقاتلاً من العدو ووصفهم بـ"الإرهابيين".
كما أسفرت الغارات عن تدمير آلاف المباني، وقدّرت الأمم المتحدة عدد الضحايا المدنيين بـ 130 قتيلاً، فضلا عن نزوح 300 ألف شخص.
وأفاد الجيش الإسرائيلي بمقتل جندي إسرائيلي ومدنيين اثنين خلال العملية.
عام 1996: عملية عناقيد الغضب (التي عُرفت في لبنان باسم حرب نيسان)
صدر الصورة، Getty Images
التعليق على الصورة،
أجبرت المعارك التي اندلعت عام 1996 عدداً كبيرة من السكان على الفرار من منطقة الصراع على جانبي الحدود
اندلع الصراع مجدداً في شهر أبريل/نيسان في أعقاب هجوم صاروخي على إسرائيل، التي ردت من جانبها على هذا الهجوم بقصف مكثّف استخدمت فيه آلاف القذائف، مما أسفر عن مقتل ما يزيد على 200 شخص، معظمهم من المدنيين، بحسب بيانات الأمم المتحدة.
كما قُتل ما يزيد على 100 شخص بعد أن استهدف الجيش الإسرائيلي موقعا تابعا للأمم المتحدة في قانا، كان مدنيون قد لجأوا إليه بحثاً عن ملاذ آمن.
استمرت الحملة العسكرية الإسرائيلية هذه في لبنان لفترة أطول، لكنها كانت مشابهة للعمليات السابقة.
وقالت القوات الإسرائيلية إنها اتبعت تكتيكا تمثّل في استهداف القرى الشيعية في جنوب لبنان "بغية دفع المدنيين للنزوح شمالاً باتجاه بيروت، للضغط على الحكومتين السورية واللبنانية لاتخاذ تدابير تهدف إلى التصدي بحزم لأنشطة حزب الله".
وأطلق حزب الله مئات الصواريخ باتجاه إسرائيل، مما أسفر عن إصابة نحو 55 مدنياً، بحسب تقارير الأمم المتحدة.
كما نزح مئات الآلاف من اللبنانيين وعشرات الآلاف من المدنيين الإسرائيليين جراء النزاع.
وأبرم الطرفان، في 27 أبريل/نيسان، اتفاقا لوقف إطلاق النار، في خطوة أنهت هذه الجولة من المعارك.
عام 2006: حرب لبنان الثانية
شن الجيش الإسرائيلي هجوماً برياً وبحرياً وجوياً، استمر لما يزيد على شهر، استهدف من خلاله جنوب لبنان وبيروت، وذلك في أعقاب احتجاز حزب الله لجنديين إسرائيليين في 12 يوليو/تموز.
واتسعت رقعة الهجمات لتشمل مواقع تابعة لحزب الله، ولم تسلم البنية التحتية المدنية من تلك الهجمات، التي طالت مطار بيروت الدولي.
ولم يصل التوغل البري الإسرائيلي إلى عمق الأراضي اللبنانية كما حدث في المرات السابقة، إلا أن حزب الله اعتبر الحرب نصراً بالنسبة له.
ودخلت هدنة توسطت فيها الأمم المتحدة حيز التنفيذ في 14 أغسطس/آب، وكان من المفترض، وفقاً لبنود القرار الأممي، أن تتمركز قوات لحفظ السلام تابعة للأمم المتحدة والجيش اللبناني فقط جنوب نهر الليطاني، إلا أن هذا لم يحدث إطلاقاً.
وأسفر هذا الصراع، الذي استمر 34 يوماً، عن مقتل ما يزيد على 1125 لبنانياً، معظمهم من المدنيين، فضلاً عن مقتل 119 جندياً و45 مدنياً إسرائيلياً.
عام 2023 - حتى الآن
صدر الصورة، Getty Images
شن حزب الله هجوما صاروخيا على مواقع إسرائيلية في منطقة حدودية متنازع عليها دعماً للفلسطينيين في غزة، وذلك في أعقاب هجوم شنته حماس على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول.
كما شرع حزب الله، في التاسع من أكتوبر/تشرين الأول، في شنّ هجمات على شمال إسرائيل.
واستمرت الهجمات المتبادلة حتى السابع عشر من سبتمبر/أيلول 2024، حين شهد الصراع تصعيداً إثر تفجير إسرائيل لأجهزة النداء "بيجر" التي يستخدمها عناصر حزب الله، ثم تلاه في 18 من سبتمبر/أيلول تفجير أجهزة الاتصال اللاسلكي، مما أسفر عن مقتل 39 شخصاً وإصابة الآلاف في شتى أرجاء البلاد.
وبعد أسبوع بدأت عملية عسكرية أُطلق عليها "السهام الشمالية"، إذ شنت إسرائيل غارات جوية مكثّفة استهدفت حزب الله، تبعها هجوم بري في شهر أكتوبر/تشرين الأول، وأعلنت وقتها أن هدفها هو تأمين العودة الآمنة لنحو 60 ألفاً من سكان شمال إسرائيل، الذين اضطروا إلى النزوح بسبب الهجمات الصاروخية.
وأعلن سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة، في 22 سبتمبر/أيلول، أن حزب الله أطلق، منذ هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول، ما يزيد على 8 آلاف صاروخ باتجاه شمال إسرائيل ومرتفعات الجولان التي تحتلها إسرائيل.
كما شنت إسرائيل غارة جوية في 27 سبتمبر/أيلول أسفرت عن مقتل حسن نصر الله، زعيم حزب الله.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


المصري اليوم
منذ ساعة واحدة
- المصري اليوم
القبة الذهبية Vs القبة الحديدية: مقارنة بين درعي حماية أمريكا وإسرائيل من الصواريخ
أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن تفاصيل مشروع دفاعي جديد يحمل اسم «القبة الذهبية»، وهو نظام متطور يهدف إلى توفير حماية شاملة من التهديدات الصاروخية، بما في ذلك الصواريخ الباليستية والفرط الصوتية وصواريخ كروز المتقدمة. وأوضح ترامب خلال مؤتمر صحفي في البيت الأبيض أن الجنرال مايكل غوتلاين، أحد كبار قادة قوات الفضاء الأميركية، سيتولى قيادة المشروع، مؤكدًا أن المنظومة ستمثل نقلة نوعية في قدرات الردع الدفاعي الأميركي. وأشار إلى أن «القبة الذهبية» ستكون قادرة على اعتراض الصواريخ حتى إن أُطلقت من الفضاء أو من أقصى بقاع الأرض، مضيفًا: «سيكون لدينا أفضل نظام على الإطلاق، وكل شيء فيه سيكون مصنوعًا في أميركا». وكشف ترامب أن كندا أعربت عن رغبتها في الانضمام إلى المشروع، قائلاً: «يريدون الحماية أيضًا، وكما هو معتاد، نحن نساعد كندا». «المصرى لايت» يستعرض الفرق بين القبة الذهبية والقبة الحديدية وفقاً لتصريحات ترامب التى نقلتها صحيفة «ذا جارديان»، وصحيفة «bbc». – نظام دفاع صاروخي يُشبه القبة الحديدية الإسرائيلية. – تقدر التكلفة الإجمالية لمشروع القبة الذهبية بـ175 مليار دولار. – يعتمد على تكنولوجيا فضائية لاعتراض التهديدات، وأكد ترامب أن التكنولوجيا الأميركية تتفوق على نظيرتها الإسرائيلية رغم الدعم الذي قدمته واشنطن لتطوير منظومة الدفاع الصاروخي لدى تل أبيب. – يمثل قفزة استراتيجية كبرى في مجال الدفاع الصاروخي الأميركي والعالمي. – نظام القبة الذهبية يعتبر الأول من نوعه الذي يتضمن نشر أسلحة أميركية في الفضاء. – ستصبح القبة الذهبية قيد الخدمة في غضون 3 سنوات كما أوضح ترامب. – تهدف إلى مواجهة التهديدات الجوية «من الجيل التالي» للولايات المتحدة، بما في ذلك الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز. – تعود جذور هذا النظام الدفاعي إلى الحرب التي خاضتها إسرائيل مع حزب الله اللبناني في 2006، عندما أُطلقت آلاف الصواريخ على إسرائيل، ما تسبب في أضرار جسيمة وعمليات إجلاء جماعية وخلف عشرات القتلى. – كشفت شركة رافائيل الإسرائيلية الحكومية المحدودة لأنظمة الدفاع المتطورة النقاب عن قيامها بتطوير نظام «القبة الحديدية» فى عام 2010. – بدأ تشغيل نظام «القبة الحديدية» في صيف عام 2011. – تعمل الحديدية عن طريق تتبع المقذوفات قصيرة المدى القادمة بواسطة رادار، ثم تحليل البيانات حول منطقة السقوط المحتملة، قبل تقييم ما إذا كان سيتم توفير إحداثيات لوحدة إطلاق الصواريخ لاعتراضها. – تحتوى كل بطارية برادار على كشف وتتبع، ونظام تحكم بالإطلاق و3 قاذفات كل واحدة تحمل عشرين صاروخا. – قدمت الولايات المتحدة دعما كبيرا لتطوير وإنتاج النظام، وتأتي بعض مكوناته بالفعل من الشركات الأمريكية. – تعتبر القبة الحديدية من بين أنظمة الدفاع الأكثر تقدما في العالم، وتستخدم الرادار لتحديد التهديدات القادمة وتدميرها قبل أن تتسبب في أي أضرار. – صُمم النظام بشكل يتناسب مع جميع الأحوال الجوية، خصيصا للتصدي لكل الأسلحة البدائية قصيرة المدى. – يتطلب اعتراض الذخائر طويلة المدى رادارات أخرى، ويبلغ مدى القبة الحديدية 4.5 كيلومترات كحد أدنى. – يكلف انتاج كل صاروخ اعتراضي من «القبة الحديدية» 40 إلى 50 ألف دولار وفق مركز الدراسة الاستراتيجية والدولية ومقره في واشنطن.


نافذة على العالم
منذ 2 ساعات
- نافذة على العالم
أخبار العالم : "يجب وضع حدّ لهذا الصمت المُطبق حيال ما يحدث في غزة"- الإندبندنت
الأربعاء 21 مايو 2025 05:00 مساءً نافذة على العالم - صدر الصورة، Getty Images قبل ساعة واحدة أدى تفاقُم الأوضاع الإنسانية في غزة إلى إعلان عدد من العواصم الغربية أخيراً عن رفضها لاستمرار تلك الأوضاع، وقد ترددت أصداء هذا الموقف الغربي في عدد من أعمدة الرأي العالمية، ونستعرض في جولة الصحف لهذا اليوم بعضاً من تلك الآراء. نستهل جولتنا من الإندبندنت البريطانية، والتي نشرت افتتاحية بعنوان: "أخيراً الغرب يتحدث بصوت عالٍ عن غزة- لكن لا يجب أن يتوقف الأمر عند ذلك". وقالت الصحيفة إنه "يجب وضع حدّ لهذا الصمت المُطبق حيال ما يحدث في غزة، وإن الوقت قد حان للحديث بصوت عالٍ"؛ على أن يكون هذا الحديث مصحوباً بنشاط دبلوماسي قوي، مع التركيز على إقناع واشنطن بخطورة وأهوال ما يقع في القطاع الفلسطيني. ورأت الإندبندنت أن الأوضاع في غزة تُعطي دافعاً أخلاقياً وإنسانياً لإدارة ترامب لكي تتخذ موقفاً، كما تعطي أيضاً دافعاً سياسياً ودبلوماسياً قد يجده الرئيس الأمريكي والدائرة المحيطة به أكثر إقناعاً- وهو أن "تصرفات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لا تصُبّ في مصلحة أمريكا"، بحسب الصحيفة. وأوضحت الإندبندنت أن الحرب في غزة الآن يبدو أنها تستهدف تسوية القطاع بالأرض وإجبار أهله على النزوح منه، على نحو يستحيل معه تحقُّق طموح ترامب فيما يتعلق بتوسيع نطاق اتفاقيات أبراهام والاعتراف الرسمي بإسرائيل من قبل أصدقاء ترامب في دول الخليج، على حدّ تعبير الصحيفة. وقالت الإندبندنت إنه على الرغم من الصفقات المثمرة- العامة والخاصة- التي أبرمها ترامب في الخليج، فإن "المنطقة لن تنعم أبداً بالاستقرار ما لم تنتهِ الحرب في غزة". كما أن الاستثمارات الأمريكية في كل من السعودية والإمارات وقطر لن تكون آمنة، فضلاً عن أن الاتفاق النووي مع إيران سيكون مستحيلا، وفقاً للصحيفة. ونبّهت الإندبندنت إلى أن الرئيس ترامب أظهر قدرة على اتخاذ موقف مستقل إزاء الحوثيين في اليمن، وعلى صعيد العلاقات مع القيادة السورية الجديدة بل وحتى على الصعيد الإيراني- وكلها مواقف لا تروق لرئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو؛ "أما على صعيد غزة، فإن الرئيس الأمريكي لم يُحرّك ساكناً بعد"، على حدّ تعبير الصحيفة. وحذّرت الإندبندنت من أن المأساة في غزة قد تُسفر قريباً عن موجة من هجرة آلافٍ عديدة من الفلسطينيين إلى الغرب بحثاً عن حياة جديدة- فيما يُعتبر دافعاً آخر ومُبرّراً قوياً لإنهاء الحرب في غزة فوراً. ولفتت الصحيفة البريطانية إلى تدابير أخرى يمكن أن يتّخذها المجتمع الدولي في هذا الصدد- ومنها "الحدّ من تزويد إسرائيل بالأسلحة الفتاكة"، وهناك أيضاً، "مسألة الاعتراف بالدولة الفلسطينية" والتي يمكن أن تُطرَح أكثر للنقاش المفتوح، في إطار حلّ الدولتين، وفقاً للإندبندنت التي أشارت كذلك إلى خيار الضغوط الاقتصادية على حكومة نتنياهو. ورأت الصحيفة أنه سيكون مفيداً في هذا الصدد، أن يكسِب الساسة البريطانيون ونظراؤهم حول العالم، الجدال مع نتنياهو بشأن الحرب في غزة- بالإشارة إلى أنه "لم ينجح في إطلاق سراح الرهائن بسرعة؛ ولم يكسر حركة حماس ولا هو أنهى تماماً تهديد الهجمات الإرهابية؛ وأنه (نتنياهو) ربما نجح في التخلّص من عدد من قيادات حماس، لكن ذلك لم يأتِ نتيجة للقصف العشوائي وإنما نتيجة لسياسة الاغتيالات". "وليقُل الساسة البريطانيون لنتنياهو إن حربه في غزة لم تتسبب فقط في كارثة إنسانية مستمرة، وإنما فشلت في تحقيق أهدافها المُعلَنة؛ كما تركت هذه الحرب الشعب الإسرائيلي أقلّ أماناً مما كان عليه قبلها- وهذا في حدّ ذاته ينبغي أن يكون أكبر تُهمة توجّه إلى نتنياهو"، وفقاً للصحيفة البريطانية. "أقلّ ما يمكن فِعلُه في سبيل تحقيق السلام" صدر الصورة، AFP وننتقل إلى صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية والتي نشرت افتتاحية بعنوان "المساعدات الإنسانية تعود إلى غزة- وحماس". وقالت الصحيفة إن "إسرائيل أعادت تدفُّق المساعدات إلى غزة يوم الاثنين رغم إدراكها الكامل بأن الكثير من هذه المساعدات ستسرقه حركة حماس، وبأن بعض الإمدادات ستُباع مُجدداً للناس، بما يموّل المجهود الحربي لحماس ويساعدها في البقاء في حُكم القطاع". ونوّهت وول ستريت جورنال إلى أن إسرائيل كانت قد سهّلت دخول 25 ألف شاحنة مُحمّلة بالمساعدات الإنسانية أثناء الهدنة التي انتهت في 18 مارس/آذار، وأنها كانت واثقة أن غزة لديها إمدادات تكفيها لمدة تتراوح بين خمسة إلى سبعة أشهر، لكن بعد أن "سرقت حماس المساعدات"، ظهر نقص الإمدادات بشكل واضح بعد ثلاثة أشهر فقط، وفقاً للصحيفة الأمريكية. "فماذا كان للعالم أن يفعل- هل يضغط على حماس لإعادة ما سرقته؟ أم يضغط على إسرائيل للسماح بإدخال المزيد لحماس لكي تسرقه؟ الإجابة دائما تأتي باختيار الشق الثاني من السؤال، رغم ما يعنيه ذلك من إطالة زمن الحرب"، بحسب الصحيفة. ورأت وول ستريت جورنال أنه "ينبغي أن يكون من مصلحة الجميع ألّا تصل المساعدات إلى أيادي حماس"، قائلة إن "التوقف عن تزويد الإرهابيين بالإمدادات هو أقل ما يمكن للمنظمات الحقوقية أن تفعله في سبيل تحقيق هدف السلام"، وفقاً للصحيفة الأمريكية. غولان "نطق بحقيقة غير مريحة للأُذن الإسرائيلية" صدر الصورة، Reuters التعليق على الصورة، عضو الكنيست الإسرائيلي وزعيم حزب الديمقراطيين المعارض يائير غولان. ونختتم جولتنا من صحيفة هآرتس الإسرائيلية، وافتتاحية بعنوان "الحقيقة المزعجة هي أن يائير غولان مُحقّ بشأن ما أصبحت عليه إسرائيل". وقالت هآرتس إن عضو الكنيست الإسرائيلي وزعيم حزب الديمقراطيين المعارض يائير غولان "نطق بحقيقة غير مريحة للأُذن الإسرائيلية". ورأت الصحيفة أن "هذا هو التفسير الأكثر دقّة للهجوم الذي يتعرض له غولان من كل الطيف السياسي الإسرائيلي تقريباً- من أقصى اليمين إلى الوسط المعتدل، بعد أنْ أدلى بتصريحاته يوم الثلاثاء". ونقلت هآرتس بعضاً مما قاله غولان من أن "إسرائيل على الطريق لكي تصبح دولة منبوذة، على نحو ما كانت عليه جنوب أفريقيا ذات يوم، إذا هي لم تعُد وتتصرف كدولة عاقلة.. وإن الدول العاقلة لا تشنّ حرباً ضد مدنيين، ولا تقتل أطفالاً رُضّع كهواية ولا تضع لنفسها أهدافاً من قبيل طرد الشعوب". وأكدت هآرتس أن الحقيقة التي انطوت عليها هذه التصريحات هي بالضبط السبب وراء الهجوم الشامل الذي تعرض له صاحبها- غولان. ولفتت الصحيفة إلى أن نتنياهو، الذي يعرف الجميع علاقته بهذه الحقيقة التي نطق بها غولان، اتّهم الأخير بالـ "تحريض ضد الجنود الإسرائيليين وضد دولة إسرائيل". كما حذّر وزير الخارجية جدعون ساعر من أن تصريحات غولان من شأنها أن "تغذّي نيران معادات السامية". أيضاً، وزير الدفاع يسرائيل كاتس وصف تصريحات غولان بأنها "افتراء دموي وضيع"، مطالباً بإقصاء صاحب هذه التصريحات من الحياة العامة. ووزير الاتصالات شلومو كرعي هو الآخر اتهم النائب يائير غولان بأنه "إرهابي"، وفق الصحيفة. ولفتت هآرتس إلى وصول هيستريا الهجوم على غولان إلى خطوط المعارضة؛ فاتهم أفيغدور ليبرمان زعيم حزب إسرائيل بيتنا غولان بالإضرار بالأمن القومي الإسرائيلي. وقال زعيم حزب الوحدة الوطنية بِيني غانتس إن تصريحات غولان "تضع حرية الجنود الإسرائيليين في خطر". كما سارع زعيم حزب هناك مستقبل، يائير لابيد إلى الإعلان عن أن "القول إن الجنود الإسرائيليين يقتلون الأطفال الرُضّع كهواية هو خطأ وهديّة لأعداء إسرائيل". ونبّهت هآرتس إلى أن "الةقل التي تناضل من أجل إنهاء الحرب تخضع للاضطهاد ولتكميم الأفواه"، مشيرة إلى أن تسعة ناشطين أُلقي القبض عليهم هذا الأسبوع لأنهم تظاهروا احتجاجاً على استمرار الحرب.


نافذة على العالم
منذ 2 ساعات
- نافذة على العالم
أخبار العالم : بعد مرور عام، لا تزال التساؤلات قائمة حول حادث تحطم طائرة الرئيس الإيراني
الأربعاء 21 مايو 2025 05:00 مساءً نافذة على العالم - صدر الصورة، ALIREZA/AFP via Getty Images التعليق على الصورة، مراسم تشييع إبراهيم رئيسي Article information صعد إبراهيم رئيسي سريعاً في هيكل السلطة في إيران، لكن رئاسته انتهت فجأةً، بحادث تحطم مروحية، لم يُسهم تفسيره الرسمي - المتعلق بالطقس - في تهدئة أمة غارقة في الشكوك. في 19 مايو/أيار 2024، توفي الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في حادث تحطم مروحية في محافظة أذربيجان الشرقية، بالقرب من الحدود مع أذربيجان. كما قُتل في الحادث أيضا وزير الخارجية آنذاك، حسين أمير عبد اللهيان، وعدد من كبار المسؤولين. بعد عام، لا يزال التفسير الرسمي - أن سوء الأحوال الجوية تسبب في اصطدام الطائرة بجبل - موضع تساؤل واسع النطاق داخل إيران، حيث يسود انعدام ثقة الجمهور في روايات الحكومة. التقارير الرسمية والتناقضات صدر الصورة، Getty Images التعليق على الصورة، فريق الإنقاذ بجوار حطام المروحية التي كانت تقل إبراهيم رئيسي أصدر الجيش الإيراني ثلاثة تقارير تستبعد التخريب أو الاغتيال. وأشار أحدثها إلى تراكم الضباب المتصاعد كسبب. مع ذلك، صرّح رئيس الأركان السابق في عهد رئيسي بأن الطقس كان صافيا، ويشير منتقدون إلى احتمال وجود أعطال فنية بالطائرة. بينما حاولت الدولة إغلاق القضية، تزايدت التكهنات العامة. ولم تؤدِّ الصور المحدودة والضبابية لحطام الطائرة إلا إلى تأجيج الشكوك. شكوك داخلية ورحلة مثيرة للجدل صدر الصورة، Getty Images جاء الحادث بعد تغيير في خطط سفر رئيسي. ووفقاً لـ مجتبى موسوي، الذي ترأس شقيقه فريق أمن رئيسي وتوفي في الحادث، فإن الرحلة إلى حدود أذربيجان لم تكن الوجهة الأصلية - وقد عارضتها وحدة الأمن بشدة. وقال إنه تم تقديم خطاب رسمي يعترض على الزيارة. رفض الجيش هذه التعليقات ووصفها بأنها محاولة "لزرع الشك"، لكن هذه الرواية اكتسبت زخماً، لا سيما في ظل التوترات الإقليمية واجتماع رئيسي مع الرئيس الأذربيجاني، إلهام علييف، قبل وقت قصير من الحادث. شائعات التصفية السياسية صدر الصورة، Getty Images التعليق على الصورة، عُثر على حطام مروحية الرئيس الإيراني على سفح جبل ألمح سياسيون متشددون علناً إلى أن رئيسي ربما يكون قد قُتل عمداً. ادعى عضو البرلمان، حامد رسايي، أنه "أقُصي" لإزالة عقبة داخلية أمام التطورات الإقليمية. وذهب نائب آخر، وهو كامران غضنفري، إلى أبعد من ذلك، مدعياً وجود عملية مشتركة بين الولايات المتحدة وإسرائيل وأذربيجان أسفرت عن مقتله - دون تقديم أدلة. تتزامن هذه الادعاءات مع أحداث إقليمية، بما في ذلك مقتل قادة من حركة حماس الفلسطينية وحزب الله اللبناني على يد إسرائيل. وقد نفى المسؤولون الإسرائيليون أي تورط في الحادث. في مقطع فيديو انتشر على نطاق واسع تظهر امرأة، عُرِّفت بأنها والدة رئيسي، في حالة من الضيق الشديد، وهي تقول: "أياً كان من قتلك، أرجو من الله أن يُقتل". لم يتسن التحقق من صحة الفيديو بشكل مستقل، ولكنه انتشر على نطاق واسع على وسائل التواصل الاجتماعي. غموض حول موقع التحطم كانت التقارير الإعلامية الإيرانية الأولية متناقضة. قال البعض إن رئيسي واصل رحلته براً، ووصف آخرون الحادث بأنه "هبوط اضطراري". وسرعان ما تحول السرد إلى حادث تحطم مميت، وبدأت حملة وطنية للدعاء. كان رئيسي على متن إحدى ثلاث طائرات هليكوبتر تحلّق في دوائر. أدلى المسؤولون بتصريحات متضاربة حول ترتيبات الموكب. استغرق تحديد موقع الحطام أكثر من 16 ساعة، على الرغم من مزاعم بأن أحد الركاب رد على اتصال عبر هاتف محمول بعد الحادث. أعلنت تركيا أن إحدى طائراتها المسيرة حددت الموقع، لكن بي بي سي الخدمة الفارسية وجدت أن الإحداثيات التي تمت مشاركتها غير دقيقة. بدلاً من ذلك، كانت مجموعة من سائقي الدراجات النارية عبر الطرق الوعرة أول من وصل إلى الموقع، وهي حقيقة لم تعترف بها وسائل الإعلام الرسمية الإيرانية. جثث محترقة، وأمتعة غير محترقة صدر الصورة، Getty Images التعليق على الصورة، مراسم إحياء ذكرى إبراهيم رئيسي ورفاقه مع صورهم أمام الشموع أظهرت الصور المنشورة جثثاً متفحمة، إلا أن بعض المتعلقات والأمتعة بدت سليمة نسبياً. زعم أحد المشاركين في التأبين، وهو مؤيد للحكومة، أن جثمان رئيسي كان محترقاً بشدة لدرجة أنه تم إجراء "التيمم" للكفن، بدلاً من الغسل التقليدي. وبحسب ما ورد، لم يُسمح لزوجة الرئيس ووالدته برؤية الجثمان. صرح بعض المسؤولين لاحقاً بأنه لم يتم العثور على أجزاء من جثمان رئيسي، ما زاد من شكوك الرأي العام. إرث من انعدام الثقة لا يمكن فصل الشكوك المحيطة بوفاة رئيسي عن تاريخ إيران الطويل من السرية. من إسقاط طائرة أوكرانية عام 2020، إلى وفاة الشابة مهسا أميني أثناء احتجازها لدى الشرطة، إلى عقود سابقة من الاغتيالات السياسية، شهد الإيرانيون مراراً وتكراراً روايات رسمية لم تحل ألغاز تلك الأحداث. حتى لو كان حادث التحطم عرضياً بحتاً، فإن سجل الدولة أدى إلى عدم تصديق رواية الأجهزة الأمنية من قِبل مواطنيها. صدر الصورة، Getty Images التعليق على الصورة، قبل ساعات من وفاته، افتتح رئيسي سد "قيز قلعة سي" مع نظيره الأذربيجاني، إبراهيم علييف، على الحدود بين البلدين صعود رئيسي وأفوله السياسي كان رئيسي، رجل الدين ورئيس السلطة القضائية السابق، يُنظر إليه في السابق على أنه "خليفة محتمل" للمرشد الأعلى آية الله علي خامنئي. بدعم من النخبة المحافظة في إيران، انتُخب عام 2021، مع وعوده بالإصلاح الاقتصادي والاستقرار السياسي. لكن رئاسته واجهت صعوبات. ارتفع التضخم بشكل حاد، وتعثرت دبلوماسيته الدولية، وأدت الاحتجاجات التي أعقبت وفاة الشابة مهسا أميني إلى إضعاف إدارته بشكل أكبر. ووصف محللون من مختلف الأطياف السياسية حكومته بأنها غير فعالة. بحلول عام 2024، كان مستقبل رئيسي السياسي غامضاً. لقد أنهى موته فجأةً مشروعاً سعى إلى بناء جيل جديد من القيادة "الشبابية والثورية". نهاية مفتوحة صدر الصورة، Getty Images التعليق على الصورة، إبراهيم رئيسي في احتفال يوم الجيش قبل أسابيع قليلة من تحطم المروحية على الرغم من جهود الدولة لتصوير رئيسي على أنه "شهيد"، إلا أن ظروف وفاته زادت من سخرية الرأي العام.