logo
رصاص لبنان "الطائش" لا توقفه "تشريعات جادة"

رصاص لبنان "الطائش" لا توقفه "تشريعات جادة"

Independent عربيةمنذ 16 ساعات

نايا ومهدي وحسين وتاتيانا وسعاد ومحمد وغيرهم من عشرات الضحايا غدر بهم الرصاص الذي يطلق في لبنان ابتهاجاً أو حزناً أو اعتزازاً بخطاب سياسي، واللائحة تطول عاماً بعد عام ومناسبة تلو الأخرى، في ظاهرة متوارثة عبر الأجيال يواصل فيها الرصاص الطائش تهديد حياة المواطنين بغياب الإجراءات الحاسمة والجدية التي يمكن أن تضع حداً له.
وتسبب الرصاص الطائش في إزهاق أرواح عدد كبير من الأبرياء على مر الأعوام، في متوسط سنوي مقلق يقارب الثمانية وأكثر من 15 جريحاً، بحسب أرقام منظمة "الدولية للمعلومات"، فإذا بالأفراح تتحول إلى مآتم ومراسم التشييع تحصد ضحايا إضافيين من أطفال وأمهات وآباء وشباب، حين يقرر بعضهم التعبير عن فرحه أو حزنه بإطلاق النار.
وكأن المناسبات على اختلافها تتحول في لبنان إلى مصدر خطر ومآسٍ، كان آخرها صدور نتائج الانتخابات البلدية والاختيارية وإطلاق النار ابتهاجاً بالأسماء الفائزة، وكانت النتيجة سقوط ضحايا في عكار شمال لبنان ما بين طفل قتيل، وآخر موجود في العناية الفائقة في المستشفى بسبب خطورة حالته، ومن المصابين برصاص مطلقي النار ابتهاجاً الإعلامية ندى أندراوس عزيز أثناء تغطيتها الإعلامية للانتخابات، فكادت تفقد حياتها أيضاً، إذ أصيبت بالرصاص في قدمها على رغم وجودها داخل السيارة.
مأساة تتكرر والرادع مفقود
تلك التجربة الصعبة التي مرت بها الإعلامية ندى أندراوس كادت تتحول إلى مأساة حقيقية بفقدان أم لا يزال أطفالها الصغار في أشد الحاجة إليها، لو تبدل مسار الرصاصة الطائشة ميليمترات قليلة. وشاءت العناية الإلهية أن تحط الرصاصة في ساقها لتبقى إلى جانب عائلتها، وتستمر بمسيرتها المهنية.
في رسالتها عبر "اندبندنت عربية" شددت أندراوس على أن القانون يجب أن يكون أكثر حزماً في المحاسبة ليكون العقاب موجعاً ويشكل رادعاً حقيقياً، قائلة "اتصل بي أحد النواب مؤكداً طرح تعديل للقانون في مجلس النواب من أجلي عبر زيادة الغرامة وعقوبة السجن، لكن هدفي ليس تعديل القانون من أجلي بل من أجل كل مواطن يمكن أن يعيش التجربة نفسها ويفقد حياته بسبب الرصاص الطائش، ولائحة الضحايا تطول خلال الأعوام الأخيرة".

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضافت، "أنا مواطنة كغيري، وما نريده هو وضع رادع فعلي لهذا التفلت والاستهتار بحياة المواطنين. يجب ألا يقتصر العقاب على التوقيف، بل على مصادرة الأسلحة وعلى غرامة موجعة، والسجن الملزم بحيث لا يكون من الممكن لمطلق النار الخروج منه، ولو بكفالة. يكفي أن مطلق النار يعرض حياة عائلات للخطر، وبسببه تخسر أمهات أطفالهن، ويخسر أطفال أمهاتهم. كما أدعو إلى التشهير بهؤلاء الأشخاص الذين يقدمون على عمل مماثل مع ضرورة تسليط الضوء عليهم ليكون ذلك درساً لهم. فهم مجرمون وجريمتهم لا تقل فظاعة عن تلك التي يقوم بها من يرتكب جريمة عن سابق إصرار وتصميم".
في كل مناسبة ضحايا
وفي كل مناسبة يسقط مزيد من الضحايا بسبب الرصاص الطائش، وتصبح أسماؤهم متداولة بكثرة على وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، وتتحرك الأجهزة الأمنية، ونسمع عن عشرات المعتقلين، لكن سرعان ما تصبح أسماء الضحايا في طي النسيان، ولا تزال ثقافة السلاح تسيطر في مختلف المناطق اللبنانية لتعكس أزمة حقيقية في البلاد، حيث يبدو الرصاص وسيلة يتفاخر بها بعضهم ويشكل مظهراً من مظاهر القوة الكاذبة بدلاً من أن يكون أداة تستخدم عند الضرورة القصوى، وفي حالات محدودة، لذلك تتكرر المآسي من دون رادع ومعها المشاهد الصادمة.
تقول المحامية فداء عبدالفتاح إن "المحكمة العسكرية تصدر قرارات بملاحقة مطلقي النار، وهناك توقيفات لمئات من مطلقي النار، وكان من المفترض أن يشكل ذلك رادعاً، إنما في الواقع تكون تلك التوقيفات موقتة من دون معالجة جدية بعيدة المدى لهذه القضية، وخلال عام 2017 كان هناك اتجاه جدي لتحويل إطلاق النار إلى جناية، كرد فعل على مقتل فتاة بالرصاص العشوائي، ففي قانون العقوبات يعد إطلاق النار في الهواء جنحة، وعقوبتها السجن لمدة شهر مع حجز السلاح، وغرامة تصل إلى 1500 دولار أميركي، ما لم تحصل إصابة أو ضرر".
وتضيف أنه "من السهل شراء السلاح في أي مكان في لبنان من دون ضوابط، وهو موجود في حوزة معظم الناس داخل المنازل بلا تراخيص. وخلال الانتخابات البلدية والاختيارية في عكار، الكل يعرف المنازل التي أطلق منها الرصاص، لكن يغيب الدور الرقابي ويغلب التخاذل، وأجزم أنه على رغم مئات التوقيفات لمطلقي النار خلال الأعوام الأخيرة، لم يحصل مرة أن اعتقل مطلق نار تسبب بوفاة، أو إصابة، أو ضرر. يضاف إلى ذلك أن التوقيفات تحصل أيضاً بطريقة عشوائية من دون إثباتات أن هؤلاء الأشخاص أطلقوا النار فعلاً".
تراخيص السلاح بالجملة
يبقى السلاح المتفلت أساس المشكلة هنا، ففي لبنان يباع السلاح عشوائياً لأي كان، وتعطى التراخيص بالواسطة بدلاً من أن يكون ترخيص السلاح محصوراً بفئات معينة. وعلى سبيل المثال، يعد تجار الذهب من الفئات التي يحق لها اقتناء السلاح والحصول على تراخيص بعد تقديم الأوراق الشخصية إلى وزارة الدفاع مع سجل عدلي يؤكد أن الشخص المعني لا حكم سابق عليه، وينطبق ذلك على الحالات التي يكون فيها العمل ليلياً، وحتى في المنازل، ففي حال اقتناء قطعة سلاح للدفاع عن النفس، من المفترض أن يكون السلاح مرخصاً، وإلا سيكون غير قانوني، وفق عبدالفتاح.
وتشدد المحامية على أن "حيازة السلاح تستدعي الحصول على ترخيص، ولا يمكن أن يكون السلاح بيد أي كان، ويبيعه في أية زاوية كأي غرض آخر، كما يحصل في لبنان حيث يمكن لمن يعرف مسؤولاً أن يحصل على رخصة سلاح، ولو لم يكُن يحق له ذلك. فتجارة السلاح موجودة في كل مكان، وهي متنقلة وبيد كثر".
وتضيف أنه "لبناء البلد لا بد من إجراءات متعددة الاتجاهات والجوانب، بدءاً من التوعية لإلغاء ثقافة السلاح التي تربط بين الرجولة واستخدام السلاح. وهنا يأتي دور الإعلام والبلديات لتوعية الشباب، مع أهمية التشديد على ضرورة أن يتقدم بشكوى كل من يكون شاهداً على أعمال شغب مماثلة يمكن أن تهدد حياة كثر".
من جهتها توضح المحققة الجنائية الوحيدة المعتمدة من قبل وزارة العدل في لبنان جنان الخطيب أنه "من المفترض تتبع البصمة الباليستية للكشف عن مطلق النار، فهي الطريقة الوحيدة المجدية التي يستند إليها العلم الجنائي. بغير ذلك، خصوصاً في حال أصاب الرصاص أحد الأشخاص أو تسبب بضرر ما، لن يكون من الممكن معرفة مصدر الرصاص".
وتذكر الخطيب أنه في إحدى المرات توفيت فتاة بسبب الرصاص الطائش الذي أطلق أثناء تشييع فتاة أقدمت على الانتحار لتصبح المأساة مضاعفة. "ما دام أن سياسة الإفلات من العقاب موجودة وبغياب المحاسبة، ستبقى هذه الظاهرة موجودة، ولن يكون من الممكن وضع حد لها. فلم يحصل مرة أن جرت محاسبة شخص بعد توقيف مطلق نار تسبب بوفاة. فكيف يردع من يطلقون النار عندها؟".
وتأسف الخطيب لأنه "حتى اليوم لا يستخدم التحقيق الباليستي في لبنان للكشف عن مطلقي النار، فيسهّل تحديد موقع مطلق النار والمسافة التي تفصله عن الضحية واتجاه الرصاصة. ويؤخذ عندها في الاعتبار الهواء والمطر وغيرهما من العوامل التي يمكن أن تؤثر في مسار الرصاصة. فلكل مسدس بصمة باليستية يمكن الاعتماد عليها في التحقيقات للوصول إلى القاتل بصورة علمية وسريعة، في ما يعرف بـ'العلم الجنائي الباليستي'".

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

رصاص لبنان "الطائش" لا توقفه "تشريعات جادة"
رصاص لبنان "الطائش" لا توقفه "تشريعات جادة"

Independent عربية

timeمنذ 16 ساعات

  • Independent عربية

رصاص لبنان "الطائش" لا توقفه "تشريعات جادة"

نايا ومهدي وحسين وتاتيانا وسعاد ومحمد وغيرهم من عشرات الضحايا غدر بهم الرصاص الذي يطلق في لبنان ابتهاجاً أو حزناً أو اعتزازاً بخطاب سياسي، واللائحة تطول عاماً بعد عام ومناسبة تلو الأخرى، في ظاهرة متوارثة عبر الأجيال يواصل فيها الرصاص الطائش تهديد حياة المواطنين بغياب الإجراءات الحاسمة والجدية التي يمكن أن تضع حداً له. وتسبب الرصاص الطائش في إزهاق أرواح عدد كبير من الأبرياء على مر الأعوام، في متوسط سنوي مقلق يقارب الثمانية وأكثر من 15 جريحاً، بحسب أرقام منظمة "الدولية للمعلومات"، فإذا بالأفراح تتحول إلى مآتم ومراسم التشييع تحصد ضحايا إضافيين من أطفال وأمهات وآباء وشباب، حين يقرر بعضهم التعبير عن فرحه أو حزنه بإطلاق النار. وكأن المناسبات على اختلافها تتحول في لبنان إلى مصدر خطر ومآسٍ، كان آخرها صدور نتائج الانتخابات البلدية والاختيارية وإطلاق النار ابتهاجاً بالأسماء الفائزة، وكانت النتيجة سقوط ضحايا في عكار شمال لبنان ما بين طفل قتيل، وآخر موجود في العناية الفائقة في المستشفى بسبب خطورة حالته، ومن المصابين برصاص مطلقي النار ابتهاجاً الإعلامية ندى أندراوس عزيز أثناء تغطيتها الإعلامية للانتخابات، فكادت تفقد حياتها أيضاً، إذ أصيبت بالرصاص في قدمها على رغم وجودها داخل السيارة. مأساة تتكرر والرادع مفقود تلك التجربة الصعبة التي مرت بها الإعلامية ندى أندراوس كادت تتحول إلى مأساة حقيقية بفقدان أم لا يزال أطفالها الصغار في أشد الحاجة إليها، لو تبدل مسار الرصاصة الطائشة ميليمترات قليلة. وشاءت العناية الإلهية أن تحط الرصاصة في ساقها لتبقى إلى جانب عائلتها، وتستمر بمسيرتها المهنية. في رسالتها عبر "اندبندنت عربية" شددت أندراوس على أن القانون يجب أن يكون أكثر حزماً في المحاسبة ليكون العقاب موجعاً ويشكل رادعاً حقيقياً، قائلة "اتصل بي أحد النواب مؤكداً طرح تعديل للقانون في مجلس النواب من أجلي عبر زيادة الغرامة وعقوبة السجن، لكن هدفي ليس تعديل القانون من أجلي بل من أجل كل مواطن يمكن أن يعيش التجربة نفسها ويفقد حياته بسبب الرصاص الطائش، ولائحة الضحايا تطول خلال الأعوام الأخيرة". اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وأضافت، "أنا مواطنة كغيري، وما نريده هو وضع رادع فعلي لهذا التفلت والاستهتار بحياة المواطنين. يجب ألا يقتصر العقاب على التوقيف، بل على مصادرة الأسلحة وعلى غرامة موجعة، والسجن الملزم بحيث لا يكون من الممكن لمطلق النار الخروج منه، ولو بكفالة. يكفي أن مطلق النار يعرض حياة عائلات للخطر، وبسببه تخسر أمهات أطفالهن، ويخسر أطفال أمهاتهم. كما أدعو إلى التشهير بهؤلاء الأشخاص الذين يقدمون على عمل مماثل مع ضرورة تسليط الضوء عليهم ليكون ذلك درساً لهم. فهم مجرمون وجريمتهم لا تقل فظاعة عن تلك التي يقوم بها من يرتكب جريمة عن سابق إصرار وتصميم". في كل مناسبة ضحايا وفي كل مناسبة يسقط مزيد من الضحايا بسبب الرصاص الطائش، وتصبح أسماؤهم متداولة بكثرة على وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، وتتحرك الأجهزة الأمنية، ونسمع عن عشرات المعتقلين، لكن سرعان ما تصبح أسماء الضحايا في طي النسيان، ولا تزال ثقافة السلاح تسيطر في مختلف المناطق اللبنانية لتعكس أزمة حقيقية في البلاد، حيث يبدو الرصاص وسيلة يتفاخر بها بعضهم ويشكل مظهراً من مظاهر القوة الكاذبة بدلاً من أن يكون أداة تستخدم عند الضرورة القصوى، وفي حالات محدودة، لذلك تتكرر المآسي من دون رادع ومعها المشاهد الصادمة. تقول المحامية فداء عبدالفتاح إن "المحكمة العسكرية تصدر قرارات بملاحقة مطلقي النار، وهناك توقيفات لمئات من مطلقي النار، وكان من المفترض أن يشكل ذلك رادعاً، إنما في الواقع تكون تلك التوقيفات موقتة من دون معالجة جدية بعيدة المدى لهذه القضية، وخلال عام 2017 كان هناك اتجاه جدي لتحويل إطلاق النار إلى جناية، كرد فعل على مقتل فتاة بالرصاص العشوائي، ففي قانون العقوبات يعد إطلاق النار في الهواء جنحة، وعقوبتها السجن لمدة شهر مع حجز السلاح، وغرامة تصل إلى 1500 دولار أميركي، ما لم تحصل إصابة أو ضرر". وتضيف أنه "من السهل شراء السلاح في أي مكان في لبنان من دون ضوابط، وهو موجود في حوزة معظم الناس داخل المنازل بلا تراخيص. وخلال الانتخابات البلدية والاختيارية في عكار، الكل يعرف المنازل التي أطلق منها الرصاص، لكن يغيب الدور الرقابي ويغلب التخاذل، وأجزم أنه على رغم مئات التوقيفات لمطلقي النار خلال الأعوام الأخيرة، لم يحصل مرة أن اعتقل مطلق نار تسبب بوفاة، أو إصابة، أو ضرر. يضاف إلى ذلك أن التوقيفات تحصل أيضاً بطريقة عشوائية من دون إثباتات أن هؤلاء الأشخاص أطلقوا النار فعلاً". تراخيص السلاح بالجملة يبقى السلاح المتفلت أساس المشكلة هنا، ففي لبنان يباع السلاح عشوائياً لأي كان، وتعطى التراخيص بالواسطة بدلاً من أن يكون ترخيص السلاح محصوراً بفئات معينة. وعلى سبيل المثال، يعد تجار الذهب من الفئات التي يحق لها اقتناء السلاح والحصول على تراخيص بعد تقديم الأوراق الشخصية إلى وزارة الدفاع مع سجل عدلي يؤكد أن الشخص المعني لا حكم سابق عليه، وينطبق ذلك على الحالات التي يكون فيها العمل ليلياً، وحتى في المنازل، ففي حال اقتناء قطعة سلاح للدفاع عن النفس، من المفترض أن يكون السلاح مرخصاً، وإلا سيكون غير قانوني، وفق عبدالفتاح. وتشدد المحامية على أن "حيازة السلاح تستدعي الحصول على ترخيص، ولا يمكن أن يكون السلاح بيد أي كان، ويبيعه في أية زاوية كأي غرض آخر، كما يحصل في لبنان حيث يمكن لمن يعرف مسؤولاً أن يحصل على رخصة سلاح، ولو لم يكُن يحق له ذلك. فتجارة السلاح موجودة في كل مكان، وهي متنقلة وبيد كثر". وتضيف أنه "لبناء البلد لا بد من إجراءات متعددة الاتجاهات والجوانب، بدءاً من التوعية لإلغاء ثقافة السلاح التي تربط بين الرجولة واستخدام السلاح. وهنا يأتي دور الإعلام والبلديات لتوعية الشباب، مع أهمية التشديد على ضرورة أن يتقدم بشكوى كل من يكون شاهداً على أعمال شغب مماثلة يمكن أن تهدد حياة كثر". من جهتها توضح المحققة الجنائية الوحيدة المعتمدة من قبل وزارة العدل في لبنان جنان الخطيب أنه "من المفترض تتبع البصمة الباليستية للكشف عن مطلق النار، فهي الطريقة الوحيدة المجدية التي يستند إليها العلم الجنائي. بغير ذلك، خصوصاً في حال أصاب الرصاص أحد الأشخاص أو تسبب بضرر ما، لن يكون من الممكن معرفة مصدر الرصاص". وتذكر الخطيب أنه في إحدى المرات توفيت فتاة بسبب الرصاص الطائش الذي أطلق أثناء تشييع فتاة أقدمت على الانتحار لتصبح المأساة مضاعفة. "ما دام أن سياسة الإفلات من العقاب موجودة وبغياب المحاسبة، ستبقى هذه الظاهرة موجودة، ولن يكون من الممكن وضع حد لها. فلم يحصل مرة أن جرت محاسبة شخص بعد توقيف مطلق نار تسبب بوفاة. فكيف يردع من يطلقون النار عندها؟". وتأسف الخطيب لأنه "حتى اليوم لا يستخدم التحقيق الباليستي في لبنان للكشف عن مطلقي النار، فيسهّل تحديد موقع مطلق النار والمسافة التي تفصله عن الضحية واتجاه الرصاصة. ويؤخذ عندها في الاعتبار الهواء والمطر وغيرهما من العوامل التي يمكن أن تؤثر في مسار الرصاصة. فلكل مسدس بصمة باليستية يمكن الاعتماد عليها في التحقيقات للوصول إلى القاتل بصورة علمية وسريعة، في ما يعرف بـ'العلم الجنائي الباليستي'".

نحو نظام دولي من غير دول عظمى
نحو نظام دولي من غير دول عظمى

Independent عربية

timeمنذ 2 أيام

  • Independent عربية

نحو نظام دولي من غير دول عظمى

تروج، منذ نهاية الحرب الباردة، أواخر القرن الـ20، دعوة إلى إرساء العلاقات الدولية على نظام متعدد الأقطاب، ويحسب أصحاب هذه الدعوة أن العلاقات الدولية لا تستقيم إلا على قاعدة التوازن بين عدد قليل من القوى العظمى الغالبة أو السائدة في مناطق نفوذها. وتناول هذه المسألة نيكولا تانزير، أستاذ فرنسي في العلوم السياسية. وتعرض "اندبندنت عربية" في ما يلي أبرز ما ورد في المقالة المنشورة في صحيفة "لوموند" الفرنسية: تخالف هذه الفكرة، التوازن بين عدد قليل من القوى العظمى الغالبة في مناطق نفوذها، حق الشعوب في تقرير مصيرها، وهو الحق الذي ينص عليه ميثاق الأمم المتحدة في 1945، وينص عليه ميثاق باريس في 1990 الذي وقعت عليه، في 1990، 34 دولة، بينها دول الاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة الأميركية، وكندا، والاتحاد السوفياتي، ودول أوروبا الوسطى وأوروبا الشرقية. ويقر هذا الميثاق بحق كل شعب في الاستقلال، وفي اختيار تحالفاته. والدعوة إلى عالم متعدد الأقطاب تقود، عملياً، إلى إبطال معارضة الصين حين تدعي لنفسها السيادة على هونغ كونغ والتيبت، أو تايوان. وتبطل الطعن في زعم روسيا أن أوكرانيا جزء طبيعي من منطقة نفوذها، وهذه أمور تكرر سماعها في 2014، حين ضمت روسيا، عنوة، القرم. وقيل يومها: الأوكرانيون سلافيون، والسلافيون هم مادة العالم الروسي. وهذا القول لا معنى ولا سند ولا مشروعية تاريخية له. والموضوع هو الحق (أو القانون) الدولي. فإذا أهمل أو أغفل، تهاوى البنيان الحقوقي الذي شيد منذ الحرب العالمية الثانية كله، وترك المجتمع الدولي وعلاقاته من غير دليل ولا معيار. والحق أن العلاقات الدولية تشهد، منذ بعض الوقت، استراتيجية جديدة تقوم على تحالف الدول الصغيرة والمتوسطة، وعلى دفاعها عن استقلالها. فالقوى العظمى الثلاث، أي الولايات المتحدة الأميركية والصين وروسيا، تبدو عليها علامات الضعف على نحو يزداد ظهوراً. وتعاني روسيا، مثلاً، هجرة أدمغة قريبة من النزف منذ 20 عاماً تقريباً. واقتصادها أشبه بهيكل عظمي يفتقر إلى دورة دموية تبث فيه الحيوية وتجدده. والولادات قليلة. والخسائر في الأرواح ثقيلة. وعليه، فالسقوط آت لا محالة. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) أما الولايات المتحدة فمضطرة، منذ أعوام، إلى الانسحاب من انتظامها في شؤون العالم وشجونه. وأضعف انسحابها هذا صدقيتها العالمية على نحو فادح. وتسرع الفوضى المترتبة على قرارات الإدارة الحالية، داخل الولايات وخارجها، ظهور علامات الضعف. وتبدو الصين، في ميزان المقارنة، قطباً متيناً. إلا أن بلداناً كثيرة، تمارس الصين فيها وعليها نفوذها، بدأت تدرك أخطار التبعية للصين. ومن وجه آخر، لم تعد أزمة الاقتصاد الصيني عرضاً عابراً، وإن كانت لا تقارن بأزمة الاقتصادات الأوروبية. وفي الأثناء، يتفاقم تدخل الحزب الشيوعي في الاقتصاد، ويكبح الابتكار، محرك النمو الصيني الأول. وقد لا يؤدي ضعف القوى العظمى إلى تقوية الأمم الصغيرة والمتوسطة. وهذا ما يراه، ويذهب إليه الباحث السياسي الأميركي إيان بريمر، صاحب مفهوم "مجموعة الصفر"- على غرار "مجموعة العشرين" أو "... السبع". والصفر للدلالة على افتقار الصعيد العالمي إلى قوى بنيانية أو محورية، بعدما خلفت العلاقات الدولية وراءها الاثنينية القطبية، واستقرت على نظام من غير قطب، تسوده الفوضى العارمة. وهذا ليس أمراً محتوماً. والأرجح، عندي، أن العلاقات الدولية مقبلة على نظام يسوده عدد غير محدد من القوى الصغيرة والمتوسطة التي تنسق في ما بينها نفوذها. وتتعهد جمعها وتكتيلها. وهذه السيرورة هي قيد الحدوث والبلورة. فثمة بلدان تنسب إلى المربع الصيني، شأن اليابان وكوريا الجنوبية، وأستراليا، أو طبعاً تايوان، تحاول التحرر من التبعية. وفي أنحاء أخرى كثيرة من العالم، تتولى بلدان، في أفريقيا وأميركا اللاتينية، رعاية استقلالها وقوتها، والانعتاق من هيمنة جيرانها الأقوياء. ومنذ اجتياح أوكرانيا، في 2022، ظهرت جلية حصافة الدرس الذي استخلصته بعض البلدان الصغيرة والمتوسطة الأوروبية، مثل بولندا ودول حوض البلطيق وبحر الشمال. ففي ضوء تجربتها التاريخية، أدركت هذه البلدان مقاصد السياسة الروسية ومراميها قبلنا، نحن الأوروبيين. وفي معظم الأحيان، سبقت أوروبا هذه البلدان إلى قيادة الموقف السياسي. وأثبتت جدارتها وقوتها على قدر يفوق حجمها. لذا، تتقدم السيرورة التي أصفها، في الدائرة الأوروبية، مثيلاتها في الدوائر الأخرى. ودور الاتحاد الأوروبي هو رعاية هذه الديناميات والإسهام في هيكلتها وتقوية عودها. ويسع أوروبا التي لم تكن يوماً إمبراطورية تمارس نفوذاً على منطقة نفوذ مزعومة، أن تكون طليعة هذه الكتلة غير المحددة من البلدان الصغيرة والمتوسطة. والإمبراطوريات الاستعمارية، القديمة أفلت غير مأسوف عليها. ولا تملك أوروبا الركيزة الأيديولوجية التي تتيح لها إنشاء إمبراطورية. والركن الذي تنهض عليه هو الحق (والقانون)، والسعي في فض الخلافات من طريق التحكيم القضائي. مما يسوغ أحياناً تهمتها بالسذاجة، والغفلة عن مقتضيات العمل السياسي. وقد تكون قضيتها الأولى، اليوم، هي خروجها من هذه السذاجة. وهي قاصرة عن الدفاع عن الحق من غير تملكها موارد القوة والسلطان، وتمكنها من الدفاع عن أمنها، ومن التدخل في أنحاء العالم دفاعاً عن سيادة دول مهددة. وهذا ما أظن أننا اليوم في طور إدراكه، على رغم بطء خطونا في هذا المضمار. والمضي على هذا المسير هو التحدي الكبير الذي يجابه أوروبا المعاصرة. وحرب أوكرانيا هي اختبارنا الحاسم. فإذا انتصرت أوكرانيا بعوننا، برهنا أننا بددنا أوهامنا وخرجنا منها، وأشهدنا العالم على ذلك. وأما إذا لم نبرهن على حزمنا، ولم نعوض تخلي الولايات المتحدة الأميركية المحتمل عن أوكرانيا، وانتصرت روسيا، خرجت القوى من نمط إمبريالي قوية من الاختبار. ومحا منطق التسلط على دوائر النفوذ، منطق القانون الذي ساد محاكمات نورمبرغ ومقاضاة حرب العدوان، ولربحت جريمة القتل الجماعي السباق أو المباراة (بين الحق والقوة). وخسارة أوكرانيا، في هذا السياق، هي بمثابة كارثة إنسانية، أولاً، ورمزية، ثانياً. وأوكرانيا، على النحو الذي استوت عليه في الأعوام الأخيرة، مثال أمة المستقبل. ونحن قد نخسر هذا المثال، مثال أمة قادرة على رعاية مساكنة بين أقليات شديدة الاختلاف: التتار والمسلمون، والكاثوليك، واليهود، والأرثوذكس... وبين لغات وتواريخ مختلفة. ووجه هذه الأمة إلى المستقبل. وهي لا تقوم على الانتماء العرقي بل على إرادة تحرر مشتركة. وأنا لا أريد تصوير النموذج الأوكراني في صورة مثالية، فثمة في أوكرانيا نزعات عدوانية ينبغي تخطيها. وينبغي أن يبلغ نقد التاريخ الوطني غايته. ويخشى أن يغلب طلب الثأر على العقول والقلوب غداة المصيبة التي أصابت المجتمع كله. خلاصة القول أن أوروبا أمام مفترق طرق الإذعان لسلطان روسيا الإمبراطورية أم حمل راية حقوق القوى المتوسطة والصغيرة والاحتكام إلى القانون.

ما الأولويات التي تشغل ذهن ترمب خلال زيارته السعودية؟
ما الأولويات التي تشغل ذهن ترمب خلال زيارته السعودية؟

Independent عربية

time١٢-٠٥-٢٠٢٥

  • Independent عربية

ما الأولويات التي تشغل ذهن ترمب خلال زيارته السعودية؟

غالباً ما يزور المستثمرون الأميركيون الرياض في أكتوبر (تشرين الأول) لحضور المؤتمرات الاستثمارية في الطقس البارد، لكن هذه المرة يتوافدون إليها في الصيف بالتزامن مع زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الذي اختار السعودية وجهته الخارجية الرسمية الأولى، حاملاً أجندة سياسية واقتصادية طموحة. بعض رجال الأعمال مثل مايك ويور، الرئيس التنفيذي لشركة متخصصة في الأنظمة الدفاعية ذاتية التحكم، سبقوا الرئيس ترمب في السفر إلى الرياض، تأهباً للمنتدى السعودي - الأميركي للاستثمار الذي ينطلق غداً الثلاثاء 13 مايو (أيار)، وبحثاً عن شراكات استراتيجية مع السعودية، لم تكن متاحة قبل أربع سنوات في عهد الرئيس جو بايدن بسبب التوتر الذي ساد العلاقات الثنائية. ويقر ويور في حديث لـ"اندبندنت عربية" بأن عودة ترمب أتاحت فرصاً أكبر للتعاون مع السعودية مقارنة بالوضع في عهد بايدن، قائلاً "لم نعد ننظر إلى الصفقات كتعاملات فردية نحتاج إلى موافقة من الخارجية الأميركية عليها، بل بدأنا نركز على عقد شراكات استراتيجية طويلة الأمد". تصمم شركة "أي سي إس"، التي يقودها السيد ويور، أنظمة عسكرية ذاتية التحكم تعالج تحدياً أمنياً متنامياً في السعودية ودول العالم، يتمثل في الطائرات المسيرة منخفضة الكلفة التي تفرض تكاليف باهظة لإسقاطها. ويرى ويور أن تقنيات شركته تتقاطع مع أولويات السعودية في تطوير الذكاء الاصطناعي وسد الثغرات الدفاعية، مشيراً إلى "فرص للإنتاج المشترك، من خلال تمكين الكوادر السعودية من تصنيع الأنظمة التي تطورها الشركة". أولويات غير تقليدية على رغم أن الأمن والدفاع جانبين مهمين للزيارة، إلا أن هناك أولويات غير تقليدية لدى إدارة ترمب والسعودية، تركّز على تعزيز الاستثمار بمختلف المجالات، وعلى وجه الخصوص الطاقة والصناعة والتقنية والقطاع المالي. وسيرافق الرئيس ترمب عمالقة المال والتقنية الطامحين إلى استغلال الزخم السياسي، مثل لاري فينك من "بلاك روك"، وجين فريزر من "سيتي غروب"، وستيف شوارزمان من "بلاكستون"، وروث بورات من "ألفابت". روبرت فاردي وهو رائد أعمال وعضو في مجلس المحافظين بمعهد الشرق الأوسط لم يفوت فرصة السفر إلى الرياض لحضور المنتدى الاستثماري، وقال في حديث لـ"اندبندنت عربية" إن زيارة الرئيس ترمب "تتجاوز البعد البروتوكولي وتمثل فرصة لتعميق التعاون الثنائي وتوقيع اتفاقات تاريخية"، لافتاً إلى أن "اختيار الرئيس ترمب للرياض كأول وجهة خارجية له يحمل رسالة قوية مفادها بأن السعودية شريك محوري للولايات المتحدة في صياغة رؤية جديدة لشرق أوسط أكثر أمناً وازدهاراً". الملك سلمان مع الرئيس ترمب خلال زيارته الأولى للرياض 2017 (أ ف ب) الضوء الأخضر للاستثمار شهد حجم التبادل التجاري بين البلدين انخفاضاً ملاحظاً في عهد بايدن، فبعدما قفز إلى 160 مليار دولار في 2018، انخفضت إلى 86 مليار دولار في 2020، ثم استقر الرقم عند 129 مليار دولار في عام 2023، مما يجعل الولايات المتحدة خامس أكبر شريك تجاري للسعودية. لكن ترمب أكد رغبته بتقوية العلاقات الاقتصادية بين البلدين، وهو ما قابلته الرياض بإعلان استعدادها لتوسيع استثماراتها في الولايات المتحدة بمبلغ 600 مليار خلال السنوات الأربعة المقبلة، مع إمكان زيادتها إذا أتيحت فرص إضافية، بعد مكالمة بين الرئيس الأميركي وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في يناير (كانون الثاني) الماضي. ومن المتوقع أن تشجع هذه الزيارة الشركات الأميركية على تعزيز علاقاتها التجارية مع السعودية، بعدما تعرضت لضغوط من إدارة بايدن في وقت سابق على الشركات لعدم الاستثمار أو المشاركة في مؤتمرات استثمارية في السعودية. كما تأمل واشنطن أن تعود نسبة حيازة السعودية من سندات الخزانة الأميركية إلى مستويات مرتفعة بعدما انخفضت خلال عهد بايدن من 183.8 مليار دولار في أغسطس (آب) 2018 إلى 112 مليار دولار في أغسطس 2023. وتأمل السعودية ودول خليجية في أن تخفف الولايات المتحدة القيود على صادرات أشباه الموصلات المستخدمة في تقنيات الذكاء الاصطناعي، التي فرضتها إدارة بايدن، وتنظر إدارة ترمب في إمكان رفعها، إذ ألمح ترمب نفسه إلى انفراجة محتملة. وتدخل القيود المفروضة للحفاظ على الصدارة الأميركية في المنافسة مع الصين حيز التنفيذ في الـ15 من مايو خلال زيارة الرئيس. وعبر كبار التنفيذيين الأميركيين في قطاع التكنولوجيا عن دعمهم لتخفيف القيود على صادرات الرقائق في شهاداتهم قبل أيام أمام مجلس الشيوخ، وفي مقدمهم سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة "أوبين أي آي"، وبراد سميث، نائب رئيس "مايكروسوفت"، مشددين على أهمية التعاون مع الدول الشريكة لأميركا. وقال سميث إن "العامل الأول الذي سيحدد ما إذا كانت الولايات المتحدة أو الصين ستفوز في هذا السباق هو انتشار تقنياتها في بقية أنحاء العالم". اتفاقات متوقعة في التقنية والتعدين ورجح باول سوليفان الباحث الأميركي المختص في شؤون الشرق الأوسط في حديث لـ"اندبندنت عربية" توقيع ومناقشة صفقات تجارية واستثمارية كبيرة خلال هذه الزيارة، مشيراً إلى أن عدداً منها كان قيد التفاوض منذ فترة. وقال "الاتفاقات لن تكون محصورة في مجال الطاقة، فالسعودية اليوم ليست مجرد بلد نفطي. أتوقع أن نرى اتفاقات في مجالات التقنية، والتكنولوجيا المتقدمة والمشاريع المشتركة والترفيه والرياضة والتعدين والنقل والبنية التحتية"، مضيفاً "على رغم التباطؤ الذي يشهده نمو الناتج المحلي الإجمالي، إلا أنني واثق من قدرتها على التعافي". وترغب السعودية في توقيع اتفاق للتعاون النووي المدني، بعد نحو عقدين من تعطل المفاوضات، قبل أن تتجدد في عهد بايدن، إلا أنها لم تر النور آنذاك بسبب ربطها بإقامة علاقات مع إسرائيل. وأشارت "رويترز" الأسبوع الماضي إلى أن الولايات المتحدة تخلت عن هذا الشرط كمتطلب للتقدم في المحادثات مع السعودية، مما يزيد احتمال توقيع اتفاق نووي خلال الزيارة. ويقول الباحث الأميركي إن اتفاق 123 الذي يمنع التخصيب المحلي "لا يزال قيد التفاوض ولم يحسم بعد"، وهو من أبرز النقاط الخلافية إلى جانب مسألة إدارة الوقود النووي المستهلك، الذي يحتوي على مواد انشطارية، مشيراً أن تعقيدات السياسة، سواء داخلياً أم دولياً تجعل التوصل إلى هذا الاتفاق أمراً بالغ الصعوبة. وخلال زيارته الشهر الماضي، أعلن وزير الطاقة الأميركي كريس رايت، أن الولايات المتحدة السعودية، ستوقعان اتفاقاً في شأن التعاون طويل الأمد في مجال الطاقة والتكنولوجيا النووية المدنية، مؤكداً أن مزيداً من التفاصيل حول التعاون النووي بين واشنطن والرياض ستعلن في وقت لاحق من هذا العام. وقال الوزير الأميركي "سيكون هناك بالتأكيد اتفاق 123 النووي مع السعودية"، في حين ترفض الرياض توقيع هذا الاتفاق بسبب القيود التي تفرضها على التخصيب المحلي. الاقتصاد أولاً ثم السياسة التحديات حاضرة على صعيد موازنة العلاقات الاقتصادية الخليجية مع أحد أكبر شركائها التجاريين وهي الصين، التي دخل الرئيس ترمب في حرب تجارية معها بسبب سياسة الرسوم الجمركية. يرى سوليفان أن "المواجهة الاقتصادية بين الولايات المتحدة والصين في ما يخص المنطقة والسعودية لم تنته بعد"، وأضاف "قد نشهد بعض المفاجآت خلال هذه الزيارة، لكن علينا أن نتذكر أن هذه مجرد البداية، وليست النهاية، وقد يكون للتعريفات الجمركية تأثير سلبي في المنطقة، لكنها لن تكون بالحدة نفسها التي ستطاول الصين وجنوب شرقي آسيا". ونشر موقع "سيمافور" تحليلاً جاء فيه بأن "واشنطن أمام رهانات اقتصادية متزايدة، فترمب يخوض حرباً تجارية، ويطلب من الحلفاء الاستثمار في الاقتصاد الأميركي على رغم ما يشوبه من ضبابية. ومع ذلك أعلنت السعودية والإمارات وقطر خططاً لاستثمارات تتجاوز تريليوني دولار في السوق الأميركية، وأوضح التحليل بأن "الخليجيين لا يبحثون فقط عن أرقام ضخمة، بل يريدون عوائد محلية ملموسة". وستستضيف السعودية قمة خليجية - أميركية، من المتوقع أن تناقش القضايا الإقليمية العالقة، وفي مقدمها اليمن وأزمة البحر الأحمر وحرب غزة ومستقبل سوريا الجديدة التي لم تحسم إدارة ترمب موقفها منها. ويقول الباحث الأميركي "خبرتي الطويلة في هذا المجال علمتني أن الإشاعات كثيراً ما تتلاشى أمام الحقائق السياسية، لا تزال اليمن ورقة غير محسومة، لكن أعتقد أننا نتفق جميعاً على ضرورة حل الوضع الداخل، وتأمين الملاحة البحرية"، وأضاف "سوريا ورقة غامضة، وربما يتم التوصل إلى اتفاق من خلال دبلوماسية المسار الثاني مع القيادة الجديدة". وقالت مروة مزيد، وهي أستاذ مساعد فى الشؤون الدولية والعلاقات المدنية - العسكرية بجامعة مريلاند، إن زيارة ترمب للرياض ستقدم باعتبارها نجاحاً على الصعيد الاقتصادي، ولفتت إلى أن اللغة المستخدمة من فريق الرئيس مثل الحديث عن "شرق أوسط فخور ومزدهر وناجح" ورؤية لـ"علاقات تعاونية في مجالي التجارة والتبادل الثقافي" تعكس تركيزاً واضحاً على الشراكات الاقتصادية والاستثمار والتجارة، بدلاً من الالتزامات الأمنية أو العسكرية الصلبة. ويتفق مع هذه الرؤية السفير الأميركي الأسبق دينيس روس قائلاً إن "السفر إلى الشرق الأوسط مرتبط الآن بـ'الطموحات' الاقتصادية أكثر من الاستراتيجية، من الواضح أنه ترمب يحب هذا النوع من الرحلات التي تعلن فيها صفقات كبرى، لأن هذا هو ما يشغله، تركيزه وأولويته منصبة على الجوانب الاقتصادية والمالية". وأوضحت مزيد لـ"اندبندنت عربية" أن "السعودية أمام فرصة اسراتيجية للتأثير في وجهة نظر ترمب تجاه المنطقة، وقد تسعى إلى إيصال فكرة أن أكبر عائق أمام الاستقرار الإقليمي وتحقيق هذه الرؤية الطموحة هو استمرار نهج رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في إدارة حرب غزة، الذي ينظر إليه بصورة متزايدة حتى فى واشنطن كعقبة رئيسة أمام السلام والتعاون طويل الأمد في المنطقة".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store