
عرّافو السلطة: منابر الغيب في خدمة الأنظمة
من بين هذه الوسائل، يظهر دور المنجمين وعلماء الأبراج كواجهة ناعمة تُستخدم لنشر توقعات وأحداث مُعلّبة تخدم أجندات معينة، تحت غطاء "التنبّؤات الغيبية".
المنجمون والتنبؤات: أكثر من مجرد قراءة للأبراج
لا يقتصر دور المنجمين على قراءة الأبراج، بل يمتد ليشمل تمرير رسائل سياسية وأمنية مخفية. فالكثير من توقعاتهم لا تأتي عشوائية، بل تعتمد على معلومات سياسية واقتصادية، لكن تقدَّم بشكل غامض يتيح ترويض الشارع على قبول الأحداث بدلًا من مواجهتها.
هناك الكثير من التوقعات التي لم تتحقق، مثل انقطاع الإنترنت العالمي، أو تنبؤات تتعلق بكوارث طبيعية أو اجتماعية تُستخدم لتفسير مناخ الأحداث، دون الإشارة إلى الأسباب السياسية الحقيقية مثل الاغتيالات أو سقوط الأنظمة.
الفارق بين التنجيم الشعبي والتسريب السياسي
رغم الزخم الإعلامي الذي يرافق توقعات بعض المنجمين كل عام، فإن كثيرًا من هذه "النبوءات" لا تتحقق أبدًا، بل تُنسى مع مرور الوقت.
مثل التوقع في أحد الأعوام بشأن "انقطاع الإنترنت عن العالم بشكل كامل لمدة أيام". لم يحدث شيء من هذا القبيل، لكن ما حدث فعلًا هو أن الناس بدأت تتحدث عن احتمال انقطاع الإنترنت كما لو كان خطرًا حقيقيًّا.
في المقابل، نجد أن التوقعات المتعلقة بالكوارث الطبيعية (فيضانات، أعاصير، زلازل) غالبًا ما تكون مستندة إلى مناخ الدول وجغرافيتها، لا إلى علوم خفية.
لكن اللافت أن التنبؤات الأخطر هي تلك التي تتعلق بالاغتيالات، وانهيار الحكومات، أو سقوط أنظمة سياسية! هنا لا يعود التنجيم تنبُّؤًا عابرًا، بل أداة محتملة لتمرير معلومة أمنية مغلّفة بالخيال.
والنتيجة أن الخلط بين هذه الأنواع من التوقعات يمنح المنجمين سلطة رمزية زائفة، ويجعل الناس تقبل التسريب السياسي بوصفه قدرًا غيبيًّا لا مهرب منه.
من الغيب إلى الترويض: كيف يُعاد تشكيل سلوك الناس؟
حين تقدَّم المعلومات السياسية على شكل "توقعات غيبية"، يتحول وعي الجمهور من اليقظة إلى الانتظار، ومن التحليل إلى الاستسلام.
إعلان
الآثار النفسية والسلوكية لهذه التوقعات:
القلق المسبق: تنتشر مشاعر الخوف من "المجهول".
الخضوع للأمر الواقع: تقنع الناس أن ما يحصل قدر محتوم.
التعلق بالأمل الكاذب: تُؤجِّل الاحتجاج بحجة "انتظار الانفراج".
الارتباك والانقسام: تُشتّت الرأي العام وتُضعف الفعل الجماعي.
تتجاوز نبوءات بعض المنجمين التسلية لتصبح أدوات مخابراتية ناعمة، تُستخدم لتهدئة المجتمعات وتمرير الأحداث الكبرى بقبول شعبي
تكتيك "الخطأ المقصود": حين يُسقط المنجم نفسه ليبدو بريئًا
من بين الحِيَل الإعلامية المستخدمة ما يمكن تسميته بـ"الخطأ المقصود" أو التوقع المضلِّل عن عمد.
الفكرة ببساطة: إذا صدق المنجم كثيرًا، يبدأ الناس بالشك في علاقته بالسلطة. أما إذا أخطأ عمدًا، فيُضفي على نفسه طابعًا بشريًّا، ويبدو كأنه مجرد مجتهد. ولكن، لماذا تفعل بعض القوى الخفية ذلك؟
لإبعاد الشبهات.
لإدامة دور المنجم في المشهد.
لتعزيز ثقته لدى الجمهور بوصفه "يخطئ ويصيب".
الإعلام ورأس السنة: منصة الترويج للمشاريع السياسية المعلّبة
تحول الإعلام، خاصة في رأس السنة، إلى منصة لشرعنة المنجمين، حيث تمرَّر توقعات تهيئ الناس لمشاريع جاهزة بطريقة غيبية لا تثير القلق.
في فيديو مسرّب، ظهر شيك بقيمة 150 ألف دولار من بنك فرنسي سُلّم لإحدى المنجمات، وخلال برنامج تلفزيوني تم استجوابها عن سبب التحويل ومن قام به، ما أثار غضبها بشدة. هذا يعكس العلاقات الخفية المالية والسياسية لهؤلاء، ويعزز فرضية ارتباطهم بجهات أمنية.
ختامًا: تتجاوز نبوءات بعض المنجمين التسلية لتصبح أدوات مخابراتية ناعمة، تُستخدم لتهدئة المجتمعات وتمرير الأحداث الكبرى بقبول شعبي. لذلك، من المهم فضح العلاقة بين المنجمين والسلطة، وتعزيز الوعي النقدي، وتحفيز الإعلام المستقل لمساءلة هذه الشخصيات ووقف شرعنتها.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
بعد هدنة الحرب مع إسرائيل.. طهران تعلن عن تغييرات أمنية وإستراتيجية
طهران- بعد 6 أسابيع من الهدنة التي أنهت الحرب الإسرائيلية على إيران ، أعلنت السلطات الإيرانية عن تغييرات هيكلية غير مسبوقة في المنظومة الأمنية، شملت تأسيس "مجلس دفاع" بمهام إستراتيجية، وعودة السياسي المخضرم علي لاريجاني إلى موقعه كأمين للمجلس الأعلى للأمن القومي، فيما اعتبره مراقبون خطوة استباقية تحضيرا لجولة جديدة من التصعيد. وإثر خطاب المرشد الأعلى علي خامنئي -الذي ألقاه الأسبوع الماضي واقفا دون أن يتكئ على عصاه التي لازمته لعقود- وإصداره الأوامر السبعة من أجل "إيران قوية" وحديثه في سياق إعادة هيكلة الأمن الوطني، كشفت وكالة فارس -المقربة من الحرس الثوري الإيراني – أن التغييرات الهيكلية في المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني قد أُقرت بالفعل، وأن مجلس الدفاع سيتولى مهام إستراتيجية في مجال السياسات الدفاعية للدولة. وأضافت الوكالة، الجمعة الماضية، نقلا عن مصادر مطلعة أنه إثر مزاولة لاريجاني مهامه الجديدة خلال الأيام القليلة المقبلة سيتولى الأمين الحالي للمجلس علي أكبر أحمديان مسؤولية مهام إستراتيجية وخاصة تتطلب إدارة وتنسيقا على أعلى المستويات. هندسة القوة ويرى الناشط السياسي عبد الرضا داوري أن التغييرات التي طالت قيادة المؤسسات الأمنية العليا تأتي في إطار مراجعة شاملة تجريها السلطات الإيرانية لإستراتيجياتها الكبرى، وذلك في أعقاب العدوان الإسرائيلي الذي استمر 12 يوما، معتبرا أن آثار هذا العدوان تمهد لتحول جذري في الخطاب الذي يحكم دوائر صنع القرار في طهران. وفي حديثه للجزيرة نت، يوضح داوري أن تيارا سياسيا قد هيمن على مفاصل مؤسسات اتخاذ القرار بإيران خلال العقدين الماضيين وأن تطورات الحرب الأخيرة أثبتت فشل حوكمته وخطابه وتقديراته على المستويين الإقليمي والدولي، معتبرا أن التحول الهيكلي في منظومة الأمن القومي الإيراني يأتي لهندسة القوة على صعيد الأشخاص -وليس المؤسسات- وفق مصالح الأمن القومي. وأوضح أن مرتكزات القوة الوطنية في إيران تقتصر على رباعي المؤسسة الدينية ب مدينة قم والقوى الثورية وشبكة القوى التكنوقراطية والأوساط الشعبية، معتبرا التغييرات في مجلس الأمن القومي الإيراني تصب في صالح كفة المؤسسة الدينية وتيار التكنوقراط، وذلك لأن لاريجاني يعتبر متحدثا غير رسمي باسم المؤسسة الدينية ولديه علاقات جيدة مع تكنوقراط إيران. وتابع المتحدث نفسه، أن تشكيل مجلس الدفاع قد ورد في المادة 176 من الدستور الإيراني المعدل عام 1989 عقب الحرب العراقية الإيرانية (1980-1988) لكنه تم تأجيل إنشاء المجلس لعدم وجود الضرورة. وأضاف، أنه مع عودة لاريجاني إلى أمانة المجلس -وهو المعروف بأنه "مُهندس السياسة الأمنية الخارجية" للجهورية الإسلامية- بأمر من الرئيس مسعود بزشكيان وتزكية المرشد الأعلى، سيترأس الأمين الحالي للمجلس علي أكبر أحمديان مجلس الدفاع الجديد ممثلا عن مكتب المرشد، وبذلك سيكون سعيد جليلي المرشح الخاسر في الرئاسيات السابقة والممثل الحالي للمرشد خارج نطاق هيكلية القوة في المجلس. عودة العقلانية من ناحيته، يؤيد منصور حقيقت بور، المستشار السياسي لمكتب علي لاريجاني -بشكل ضمني- التقارير بشأن عودة لاريجاني إلى أمانة المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، معتبرا التحولات في منظومة بلاده الأمنية تمثل إستراتيجية جديدة في خطط طهران السياسية والأمنية. وفي حديثه للجزيرة نت، يشير حقيقت بور إلى سجل لاريجاني السياسي والثقافي خلال العقود الأربعة الماضية بدءا من رئاسة هيئة الإذاعة والتلفزيون، ثم تقلده منصب وزير الثقافة وأمانه المجلس الأعلى للأمن القومي ورئاسة البرلمان وكذلك مشاركته في المفاوضات النووية وعمله مستشارا للمرشد الأعلى، معربا عن أمله بضخ العقلانية في سلوكيات البلاد الأمنية والسياسية مع عودته إلى المشهد السياسي. أما على الصعيد الدولي، حيث تواجه المصالح الوطنية الإيرانية تحديات جدية، فيعتقد حقيقت بور أن التغييرات الأخيرة ستسهم في تعزيز قدرات البلاد، خصوصا فيما يتعلق بالسياسة الخارجية والبرنامج النووي، ويرى أن إعادة ترتيب المشهد الأمني والدبلوماسي تمثل تصحيحا للتعيينات السابقة في المناصب العليا بالدولة. من ناحيته، يعتبر الباحث السياسي علي رضا تقوي نيا، قرار سلطات بلاده بتشكيل مجلس وطني للدفاع مؤشرا على وجود تقديرات ترجح عودة شبح الحرب بل إن البلاد لا تزال تخوض حربا بشكل من الأشكال، مؤكدا أن تولي لاريجاني منصبه الجديد سيردم الهوة التي ظهرت خلال عدوان يونيو/تموز حيث سجل سلفه أداء رائعا على الصعيد العسكري دون معالجة الحرب الناعمة. وفي حديثه للجزيرة نت، يؤكد تقوي أن مجلس الأمن القومي تناط به عشرات المهام المختلفة وأن قيادته للحرب قد تقوض تركيزه على الملفات الأخرى مما يحفز القيادات الإيرانية على تشكيل مجلس للدفاع يأخذ مهمة إدارة أية حرب محتملة على عاتقه. وبرأيه، فإن التطورات الأخيرة، خاصة ما شهدته المنطقة خلال العام الماضي، شكلت مبررا كافيا لتشكيل مجلس الدفاع حتى قبل الهجوم الإسرائيلي على إيران، ويضيف أن تفعيل الدول الغربية لآلية الزناد بات شبه مؤكد، الأمر الذي ستقابله طهران بخطوات مؤلمة، من شأنها أن تصعد التوتر وتفتح الباب أمام جولة جديدة من المواجهة. في المقابل، تنتقد شريحة من الإيرانيين التحول الجاري في معادلة صنع القرار الإيراني وتدوير الشخصيات في مؤسسة إستراتيجية مكلفة دستوريا بربط السياسة الخارجية بالأمن القومي والعسكري وحصر التغيير في هيكلية الأمن القومي في استحداث دوائر لا تتجاوز صلاحياتها دور التنسيق بدلا من القيادة الإستراتيجية. مهام غامضة في غضون ذلك، يشير الباحث السياسي أستاذ الجغرافيا السياسية، عطا تقوي أصل، إلى أن انتظار نتائج مختلفة جراء تكرار سياسات مماثلة ليس سوى ضرب من الجنون، موضحا أن التغييرات المزمعة تحيط بها نسبة كبيرة من الغموض بشأن مهام مجلس الدفاع وفروقه عن المؤسسات الرديفة مثل مقر خاتم الأنبياء المركزي وتناقض صلاحياته الدستورية مع القيادات العسكرية الأخرى. وفي حديثه للجزيرة نت، لفت تقوي أصل إلى حالة الغموض التي تحيط بمهام مجلس الدفاع، مشيرا إلى أن بنيته التنظيمية وعضوية عدد من أفراده في مؤسسات إستراتيجية أخرى قد تؤدي إلى تداخل صلاحياته مع الجهات الأمنية والعسكرية الرسمية. ورأى أن الشعب الإيراني كان يتطلع إلى تحول إستراتيجي جراء مشاركة جيل الشباب في قيادة المؤسسات الإستراتيجية، معتبرا إعادة تعيين لاريجاني على رأس مجلس الأمن القومي استمرارية للسياسات المحافظة التي سبق أن مارسها في المناصب التي تولاها خلال مسيرته السياسية والعسكرية لكونه عضوا سابقا في الحرس الثوري. وبرأيه فإن إنشاء مجلس دفاع وتعيين شخصيات أمنية فيه يظهر سيطرة النهج الأمني على إدارة الأزمات في بلاده، بينما تحتاج المشاكل الجذرية إلى حلول سياسية وأمنية واقتصادية بديعة، مؤكدا أن استمرارية هيمنة النزعة الأمنية المحافظة على إدارة الدولة لا تحل المشكلات الهيكلية، بل قد تزيدها تعقيدا عبر مؤسسات متوازية. وتشير عودة علي لاريجاني إلى صدارة المشهد الأمني في إيران إلى ما هو أبعد من مجرد تغيير في المناصب، إذ تُعد خطوة تعكس توجها لإعادة تشكيل الدبلوماسية الإيرانية المتعددة المسارات في مرحلة حساسة تتسم بتحولات جيوسياسية كبرى، ويرى مراقبون إيرانيون أن نجاح هذه الخطوة سيعتمد على مدى قدرة لاريجاني على التوفيق بين ضرورات الانفتاح الدولي وتفادي معارضة التيارات المتشددة داخل النظام الإيراني.


الجزيرة
منذ 3 ساعات
- الجزيرة
خبير إسرائيلي: قد نواجه عزلة دولية بعد تسونامي الاعترافات بفلسطين
حذر الضابط الإسرائيلي السابق ورئيس منتدى الدراسات الفلسطينية في مركز موشيه ديان بجامعة تل أبيب، الدكتور ميخائيل ميلشتاين، من أن إسرائيل تقف على أعتاب " تسونامي" سياسي دولي غير مسبوق قد يبلغ ذروته الشهر المقبل، بسبب استمرار إصرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحكومته على حرب الإبادة والتجويع في قطاع غزة بدون رسم إستراتيجية واضحة تجاه القضية الفلسطينية. وقال ميلشتاين في مقال بصحيفة يديعوت أحرونوت إن "الموجة القادمة، والأشد قوة على الإطلاق من الهجوم الدولي على إسرائيل، متوقعة في سبتمبر/أيلول القادم عند انعقاد الدورة السنوية للجمعية العامة في نيويورك، وقد تقود إلى عزلة خانقة وإجراءات عقابية تمس جميع الإسرائيليين". من "رشح ماء" إلى فيضان وفيما أكد أن هذا التهديد "ليس مفاجئا" بل تم التحذير منه مرارا في الأشهر الأخيرة، لكنه قوبل بتجاهل رسمي، فقد أشار ميلشتاين إلى أن المؤشرات على هذا التصعيد بدأت قبل أشهر حين أعلنت فرنسا والسعودية عن مبادرة للحصول على اعتراف دولي واسع بالدولة الفلسطينية خلال انعقاد الجمعية العامة. وقال إن هذه التحذيرات قوبلت بتفسيرات تقلل من أهميتها، مثل أن الخطوة تعكس ضائقة سياسية للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ، أو أنها لن تحمل أثرا عمليا، أو أن الدعم الأميركي المطلق سيظل يحمي إسرائيل. وأضاف "ما كان يُنظر إليه كرشح ماء غير مضر، تحول الأسبوع الماضي إلى فيضان، مع إعلان بريطانيا وكندا عزمهما الاعتراف بالدولة الفلسطينية في سبتمبر/أيلول، وصدور إشارات مشابهة من دول أخرى بينها ألمانيا، وقرار هولندا منع دخول الوزيرين بتسلئيل سموتريتش و إيتمار بن غفير إلى أراضيها". وأردف أن أوروبا بدأت تبعث برسائل حول احتمال تقليص التعاون مع إسرائيل في مجالات التجارة والعلوم، مما يعد مؤشرا خطيرا على تدهور العلاقات. رد متغطرس وينتقد ميلشتاين طريقة تعامل الحكومة مع هذه التطورات، معتبرا أن الرد الإسرائيلي "يعكس سوء فهم عميقا لطبيعة التحدي، وفي أحيان كثيرة عجزا حقيقيا". ولفت إلى أن كثيرين في إسرائيل يفسرون الأزمة على أنها مجرد مشكلة في " الهاسبرا" (الدعاية أو الإعلام الخارجي)، أو في فشل الدبلوماسية العامة، خاصة حول الأزمة الإنسانية في غزة. بل إنه يرى أن آخرين في القيادة السياسية يذهبون إلى ما هو أبعد من ذلك، مثل اتهام الدول الغربية بتعزيز حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وتحميل هذه الدول المسؤولية عما أسماه تشدد حماس في مواقفها في المفاوضات حول الصفقة، بل وحتى الاستهزاء بالدول التي اعترفت بالدولة الفلسطينية ودعوتها إلى إقامة دولة فلسطينية على أراضيها. كما يسخر الضابط السابق من ردة فعل وزير الأمن الداخلي بن غفير الذي زعم عودة ألمانيا إلى دعم النازية. لكن ميلشتاين يحذر من أن هذا الرهان محفوف بالمخاطر، إذ تتزايد الانتقادات لإسرائيل حتى داخل الحزب الجمهوري الأميركي، كما أن حلفاءها العرب قد يضغطون على الرئيس الأميركي دونالد ترامب لتغيير موقفه من الحرب. تحذير من العزلة ويعتبر الضابط السابق أن استمرار غياب إستراتيجية سياسية تجاه الفلسطينيين يدفع إسرائيل نحو عزلة متزايدة ويضر بمكانتها وصورتها الدولية، فضلا عن الأضرار التي سببتها حرب الاستنزاف في غزة من خسائر بشرية وانقسام داخلي وابتعاد عن هدف تحرير الأسرى. كما يحذر من أن الصورة التي تتشكل عن إسرائيل في العالم باتت مقلقة، إذ لم تعد "مجزرة 7 أكتوبر/تشرين الأول" تُعتبر مبررا لكل خطواتها، بل بدأ يُنظر إليها كدولة "متهورة" تعتمد على ركيزتين، الأولى، استخدام القوة في كل ساحة وفي أي ظرف من دون إطار إستراتيجي أو عمل سياسي مواز، والثانية، رؤية أيديولوجية متأججة تسعى إلى تغيير جذري للواقع. ويختم ميلشتاين بدعوة عاجلة إلى "يقظة حكومية" قبل أن تجد إسرائيل نفسها في وضع دول مثل روسيا في عهد الرئيس فلاديمير بوتين أو صربيا في عهد الرئيس الصربي سلوبودان ميلوسوفيتش أو جنوب أفريقيا في حقبة الفصل العنصري. وأكد أن "الموجة القادمة، والأشد قوة من التسونامي السياسي، ستتمثل في اعتراف دولي واسع بالدولة الفلسطينية، والأخطر هو اتساع الحديث عن فرض عقوبات غير مسبوقة سياسية واقتصادية وأمنية على إسرائيل، ما سيؤثر بشكل دراماتيكي على حياة جميع الإسرائيليين". ويؤكد على أن هذا التهديد "نابع في معظمه من السياسة الحالية تجاه القضية الفلسطينية، وأن تجاهله قد يقود إلى هاوية سياسية ودبلوماسية غير مسبوقة".


الجزيرة
منذ 4 ساعات
- الجزيرة
تحولات الصراع الإيراني الإسرائيلي وأسئلة الشرعية وبناء الدولة في عدد جديد من "لباب"
صدر عن مركز الجزيرة للدراسات عدد أغسطس/آب 2025 من مجلة "لباب للدراسات الإستراتيجية"، حافلا بجملة من القضايا الجيوسياسية والفكرية المتشابكة، أبرزها تداعيات المواجهة العسكرية الأخيرة بين إيران وإسرائيل، وتنامي أدوار الاستخبارات، وأسئلة الشرعية السياسية وإعادة بناء الدولة في العالم العربي. ويجمع العدد بين التحليل الميداني والتحقيق المفاهيمي، ساعيا إلى قراءة التحولات الإقليمية من زوايا أمنية واقتصادية وثقافية، واستشراف مآلاتها في ظل المتغيرات الدولية المتسارعة. يسلّط العدد الضوء على تصاعد الدور الاستخباراتي في النزاعات الحديثة، من خلال محور بحثي يتناول طبيعة الأجهزة الاستخباراتية واختلالاتها المؤسسية والنفسية، إلى جانب رصد تجربة المدرسة البريطانية في ترسيخ الشفافية والمساءلة داخل العمل الأمني. وتتناول إحدى الدراسات ما سمّته "باثولوجيا الاستخبارات"، في تشريحها للعلل البنيوية المؤثرة في كفاءة القرار الأمني. وفي امتداد لهذا التناول، يطرح العدد قضية فكرية حول مسألة الشرعية السياسية بوصفها ركيزة للاستقرار، من خلال دراسة محورية تربط بين الشرعية والثقافة السياسية، وتبرز أثر غياب التوافق بين الدولة والمجتمع في تفاقم الأزمات. كما تقدم المجلة قراءة في أشكال التعبير غير المؤسسية للشرعية، من خلال حالة "الألتراس" في المغرب، باعتبارها ظاهرة جماهيرية تعيد صياغة الولاء والانتماء خارج القنوات الرسمية. وعلى الصعيد الاقتصادي، تتناول إحدى الدراسات دور القطاع الخاص في ترسيخ النزاهة كأحد أسس الشرعية الحديثة، مقترحة شراكة إستراتيجية ثلاثية تجمع بين الدولة والقطاع الخاص والمجتمع المدني، بهدف تقليص الفساد وتعزيز الثقة العامة. أما في البعد الجيوسياسي، فتتناول المجلة السياسة الخارجية الصينية في آسيا، من خلال دراسة تركّز على "الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني"، بوصفه نموذجا للقوة الذكية التي تمزج بين أدوات التنمية والتأثير الإستراتيجي، مع مساءلة حدود هذه القوة في بيئات إقليمية تتوجّس من التمدد الجيوسياسي. وفي زاوية "قراءة في كتاب"، تقدم المجلة مراجعة تحليلية لكتاب نكبة غزة 2023- 2024، الذي يتناول -بعيون يابانية- العدوان الإسرائيلي الأخير على القطاع، من منظور ما بعد كولونيالي، ويعيد الاعتبار للسردية الفلسطينية بوصفها شكلا من أشكال المقاومة الرمزية في مواجهة الهيمنة. ويختتم العدد بدراسة تحليلية ترصد المواجهة العسكرية الأخيرة بين إيران وإسرائيل، التي امتدت لـ12 يوما، مسلطة الضوء على تحولات الردع وتوازنات القوى، واستخدام أدوات غير تقليدية، من السيبرانية إلى الاستخبارات الدقيقة، بما يعكس تحولا في منطق الحرب في الشرق الأوسط. وبهذا التنوع المعرفي والمنهجي، يربط العدد بين مساءلة السلطة وتشريح الخلل في مؤسساتها الأمنية، وتحليل التحولات الجيوسياسية، وإعادة التفكير في مفاهيم الاستقرار والشرعية. وفي خاتمته، يطرح العدد أسئلة جوهرية على طاولة الفكر السياسي: يمكنكم الاطلاع على العدد وتحميله من خلال الضغط على .