
المعارضة تفكك أرقام قانون التصفية: غياب الالتقائية وتبديد فرص الاستثمار
في هذا السياق، انتقد فريق التقدم والاشتراكية بشدة ما اعتبره ضعف نجاعة الأداء الحكومي، وفشلا في توجيه الاستثمار العمومي نحو تقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية، رغم الأرقام المعلنة عن مستويات الإنفاق.
وأكدت النائبة البرلمانية نادية التهامي، في مداخلة باسم الفريق، أن الحكومة تلجأ في خطابها إلى تبرير اختلالاتها بالإكراهات الظرفية مثل الحروب والجفاف، متجاهلة، حسب تعبيرها، العوامل الإيجابية التي كان بالإمكان توظيفها لتحسين الأوضاع، من بينها ارتفاع عائدات السياحة وتحويلات مغاربة العالم وتراجع أسعار الطاقة في الأسواق الدولية.
وأوضحت التهامي أن الأرقام لا تكفي للحكم على الأداء الحكومي، ما لم تنعكس مباشرة على حياة المواطنين، مؤكدة أن النواب يعيشون احتكاكا يوميا مع المواطنين الذين يطرحون أسئلة ملحة حول الأثر الحقيقي للسياسات الحكومية على واقعهم المعيشي.
وانتقدت بشدة ما وصفته بفشل الحكومة في ترجمة الإنفاق الاستثماري الضخم إلى أثر ملموس، مشيرة إلى أن تخصيص 300 مليار درهم للاستثمار العمومي سنة 2023 لم ينجح في الحد من الفوارق ولا في معالجة التفاوتات الصارخة، لاسيما في العالم القروي والمناطق الجبلية.
كما أشارت إلى أن نسبة البطالة بلغت مستويات مقلقة، حيث تجاوزت 13%، فيما تقترب من 40% في صفوف الشباب، وهو ما يعكس، بحسبها، غياب رؤية متكاملة لدى الحكومة لامتصاص البطالة. وسجلت استمرار موجة إفلاس المقاولات الصغيرة والمتوسطة، التي بلغ عددها أزيد من 40 ألف مقاولة خلال ثلاث سنوات، منها 14 ألفا سنة 2023 وحدها، ما يشير إلى أزمة عميقة في النسيج الاقتصادي الوطني.
واعتبرت النائبة أن تنفيذ ميزانية الاستثمار يعاني من ضعف في الالتقائية، وسوء التنسيق بين القطاعات الوزارية والجماعات الترابية والمؤسسات العمومية، مؤكدة أن معدل تنفيذ نفقات الاستثمار لا يتجاوز 72.5% إذا استُثنيت التكاليف المشتركة، وهو ما يمثل، في رأيها، دليلا على وجود اختلالات تدبيرية وتقنية تؤثر على فعالية السياسات العمومية.
كما دعت إلى مراجعة النفقات الجبائية التي لا تحقق أهدافها، مشيرة إلى أن الحكومة مطالبة بإصلاحات جذرية لمحاربة الفساد الذي يستنزف قرابة 50 مليار درهم سنويا، مؤكدة على ضرورة ربط المسؤولية بالمحاسبة، وإعادة توجيه الموارد نحو أولويات تنموية فعلية. واعتبرت أن ضعف الأداء الحكومي لا يتعلق فقط بقطاع بعينه، بل يمثل صورة عامة لحكومة لم تفِ بوعودها، وفق تعبيرها.
من جهته، تناول النائب حميد الدراق، باسم الفريق الاشتراكي - المعارضة الاتحادية، مشروع قانون التصفية من زاوية تقنية ومؤسساتية، مطالبا بإرساء آجال ملزمة لدراسة والتصويت على هذا النوع من القوانين، باعتبارها أداة حيوية لتقييم مدى احترام الحكومة للتفويض البرلماني الممنوح لها خلال تنفيذ الميزانية.
وشدد على أن قانون التصفية الحالي يؤكد ما سبق أن نبه إليه فريقه النيابي بخصوص تضارب أرقام الحكومة وعدم واقعية فرضياتها، خاصة ما يتعلق بنسبة النمو التي لم تتجاوز 1.5% سنة 2022، و3.49% سنة 2023، بعيدا عن نسبة 4% التي وعدت بها في بداية ولايتها.
وسجل النائب ذاته أن معدل التضخم بلغ 6.1% سنة 2023، رغم تعافي الأسواق العالمية وانخفاض أسعار السلع الطاقية والغذائية، ما يدل على فشل الحكومة في التحكم في حلقات التوريد والتوزيع الوطنية، وغياب آليات صارمة لمحاربة الاحتكار والمضاربة.
وأشار إلى أن أسعار المواد الغذائية ارتفعت بنسبة 12.5% سنة 2023، وهو ما أثر بشكل مباشر على القدرة الشرائية للمواطنين، التي تراجعت بشكل غير مسبوق، حسب تعبيره.
وانتقد بشدة حديث الحكومة عن كون قانون المالية لسنة 2023 شكل قاعدة قوية لإنعاش الاستثمار، معتبرا أن سنة 2023 لم تخرج عن سياق تصاعد البطالة، وتراجع ثقة المستثمرين، وغياب أثر حقيقي للبرامج التحفيزية التي تم تسويقها، سواء في ما يتعلق بالتشغيل أو خلق الثروة.
كما أكد أن هذا الوضع يفرض إعادة تقييم شامل للسياسات العمومية وتوجهات الحكومة في القطاعات الاقتصادية الحيوية.
وأوضح أن الموارد المالية المسجلة سنة 2023 استفادت من عوائد استثنائية، بما في ذلك الخوصصة والتمويلات المبتكرة، دون أن يقابلها تحكم فعلي في النفقات، حيث ارتفعت مخصصات التسيير وخدمة الدين، ليبلغ حجم المديونية الإجمالية أكثر من 1016 مليار درهم.
مضيفا أن كلفة خدمة الدين وصلت إلى 122.4 مليار درهم، بزيادة بلغت 34.7 مليار درهم مقارنة بسنة 2022، وهو ما اعتبره مؤشرا مقلقا على هشاشة التوازنات المالية وقدرة الميزانية على مواصلة الإنفاق الاجتماعي في المستقبل.
وانتقد استمرار ضعف أداء بعض القطاعات الوزارية في تنفيذ ميزانيات الاستثمار، رغم الأرقام المعلنة، مشيرا إلى أن المجلس الأعلى للحسابات سجل بدوره أن نسبة تنفيذ نفقات الاستثمار لم تتجاوز 72.5% بعد استثناء التحويلات من فصل التكاليف المشتركة، في تناقض تام مع الخطاب الحكومي الذي يوحي بفعالية مطلقة.
كما أشار إلى أن الحسابات الخصوصية وحسابات مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة تعرف ارتفاعا في المداخيل والنفقات دون شفافية كافية، ما يطرح علامات استفهام حول التدبير الرشيد لموارد الدولة خارج الميزانية العامة.
وفي ختام مداخلته، شدد النائب البرلماني على أن التقارير المرفقة بقانون التصفية تكشف عن استمرار فجوة كبيرة بين الأهداف المعلنة للحكومة وبين الواقع الميداني، مطالبا بمراجعة شاملة لمنظومة الأداء الحكومي على أساس الالتقائية والفعالية والشفافية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


البوابة الوطنية
منذ ساعة واحدة
- البوابة الوطنية
المصادقة، خلال 8 دورات، على 237 مشروعا استثماريا بما يناهز 369 مليار درهم
أفاد الوزير المنتدب المكلف بالاستثمار والالتقائية وتقييم السياسات العمومية، كريم زيدان، يوم الاثنين 14 يوليوز خلال جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس النواب، بأن اللجنة الوطنية للاستثمار صادقت، خلال 8 دورات، على حوالي 237 مشروعا استثماريا بقيمة إجمالية تجاوزت 369 مليار درهم. وأوضح السيد زيدان، في معرض جوابه عن سؤال حول "مدى انعكاس الاستثمارات على خلق مناصب الشغل"، تقدم به الفريق الحركي، أن هذه المشاريع ستكمن من خلق أكثر من 166 ألف منصب شغل قار في كل جهات المملكة. وأكد أن الوزارة تتولى النهوض بالاستثمار الخاص المنتج من خلال تفعيل مقتضيات ميثاق الاستثمار الجديد كآلية قوية لتحقيق تنمية اقتصادية شاملة، وتعزيز انخراط المغرب في قطاعات واعدة. وقال إن "النهوض بدينامية التشغيل في صلب عمل الحكومة، من خلال حلول هيكلية مستدامة للتحديات المطروحة"، مشددا على أن "الرفع من الاستثمار العمومي له دور محدد في خلق ظروف ملائمة لتطوير استثمارات لها قدرة على خلق فرص شغل". وفي معرض جوابه عن سؤال آخر حول "تحسين مناخ الأعمال لجذب الاستثمارات الصناعية"، تقدم به فريق التقدم والاشتراكية، سجل الوزير أنه تم إطلاق 98 في المائة من المبادرات التي جاءت بها خارطة الطريق الاستراتيجية لتحسين مناخ الأعمال (2023-2026)، وإنجاز ما يقارب 60 في المائة منها عند نهاية يونيو الماضي، وذلك تحت إشراف اللجنة الوطنية لمناخ الأعمال بتنسيق مع الوزارة. من جهة أخرى، أشار الوزير إلى مجموعة من الإصلاحات التي تم إنجازها، والمتعلقة بتفعيل مشروع إحداث المقاولات بطريقة إلكترونية، وتفعيل الإطار القانوني المتعلق بالتحكيم والوساطة، وتحسين آجال الآداء، وتبسيط المساطر الإدارية ذات الصلة بالاستثمار، وتعزيز التنسيق الترابي في ما يتعلق بمناخ الأعمال. وسجل أن الوزارة معبئة لتحسين مسار المستثمر، من خلال إطلاق ورش مهم يهدف إلى تحسين وتبسيط حوالي 15 مسارا مرتبطا بالاستثمار من بدايته إلى نهايته. (ومع: 15 يوليوز 2025)


طنجة نيوز
منذ 2 ساعات
- طنجة نيوز
ميناء أصيلة يسجل تراجعاً في مفرغات الصيد الساحلي والتقليدي خلال النصف الأول من 2025
سجل ميناء أصيلة تراجعاً ملحوظاً في حجم مفرغات الصيد الساحلي والتقليدي خلال النصف الأول من السنة الجارية، حيث بلغ الحجم الإجمالي للمفرغات حوالي 38 طناً، مقابل 56 طناً خلال نفس الفترة من سنة 2024، أي بانخفاض بنسبة 32 في المائة. كما شمل هذا التراجع القيمة التجارية للمفرغات، التي انخفضت بدورها بنسبة 31 في المائة، منتقلة من 2,84 مليون درهم بين يناير ويونيو 2024، إلى حوالي 1,97 مليون درهم خلال نفس الفترة من العام الجاري. وتُشكل الأسماك السطحية الحصة الأكبر من مفرغات الصيد بالميناء، حيث تم تفريغ ما يزيد عن 34 طناً منها، بقيمة تجارية تُناهز 1,65 مليون درهم، مما يعكس استمرار الاعتماد الكبير على هذا الصنف من الأسماك في نشاط الصيد البحري بالميناء. ويرتقب أن تعرف مفرغات الصيد تحسناً خلال الأشهر المقبلة، مع تحسن الظروف المناخية وتكثيف رحلات الصيد، في انتظار صدور أرقام رسمية ترصد حصيلة الموسم بكامله.


طنجة نيوز
منذ 2 ساعات
- طنجة نيوز
ميناء العرائش .. تراجع بنسبة 10 في المائة في مفرغات الصيد البحري خلال النصف الأول من العام
ميناء العرائش .. تراجع بنسبة 10 في المائة في مفرغات الصيد البحري خلال النصف الأول من العام بلغت كمية مفرغات الصيد الساحلي والتقليدي بميناء العرائش، خلال النصف الأول من العام الجاري، 7628 طنا بتراجع بنسبة 10 % مقارنة مع الفترة نفسها من عام 2024. وأوضح تقرير دوري للمكتب الوطني للصيد البحري، حول إحصائيات الصيد الساحلي والتقليدي بموانئ المغرب، أن القيمة التجارية لهذه المفرغات، التي استقبلها ميناء العرائش بين فاتح يناير ومتم يونيو من العام الجاري سجلت بالمقابل زيادة بنسبة 5 في المائة، حيث بلغت 165,66 مليون درهم، مقابل أكثر من 157,56 مليون درهم العام الماضي. وحسب الأنواع، تراجعت كمية الأسماك السطحية التي تم تفريغها بهذا الميناء الأطلسي بنسبة 15 %، لتبلغ 6137 طنا، بقيمة تجارية تناهز 53,15 مليون درهم (- 17 %)، مقابل أزيد من 7229 طنا / 63,79 مليون درهم على أساس سنوي. بالمقابل، سجلت كمية الأسماك البيضاء المصطادة خلال الأشهر الستة الأولى من العام الجاري زيادة بنسبة 8 في المائة لتصل إلى 410 أطنان، بقيمة مالية تناهز 23,28 مليون درهم، بينما كانت تصل هذه القيمة العام الماضي 23,67 مليون درهم. كما سجلت الكمية المصطادة من الرخويات زيادة بنسبة 13 % لتصل إلى 562 طنا بمداخيل تزيد على 59,93 مليون درهم (+ 32 %). الشيء نفسه بالنسبة للقشريات التي سجلت زيادة مهمة بنسبة 38 % إلى 519 طنا، محققة دخلا يقارب 29,30 مليون درهم (+19 %). يذكر أن المكتب الوطني للصيد البحري أفاد بأن كمية منتجات الصيد الساحلي والتقليدي المسوقة على المستوى الوطني مع متم يونيو الماضي سجلت تراجعا بنسبة 17 في المائة لتناهز 391 ألفا و 353 طنا، فيما سجلت قيمتها التجارية استقرارا في حدود 4,81 مليار درهم.