
انخفاض الأسهم يهدد الإنفاق الاستهلاكي والنمو الاقتصادي الأميركي
تصحيح سوق الأسهم في الأسابيع الأخيرة لا يعد مجرد عرض محتمل للاقتصاد المتراجع، بل قد يتسبب في تراجع اقتصادي فعلي، فبعد الترحيب بفوز الرئيس الأميركي دونالد ترمب في الانتخابات في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، تراجعت الأسواق مع قلق المستثمرين من أن الحرب التجارية العدوانية والسريعة التغيرات التي تنتهجها الإدارة الأميركية قد تعرقل الهبوط الهادئ للاقتصاد.
ويوم الخميس الماضي، أغلق مؤشر "أس أند بي 500" منخفضاً بأكثر من 10 في المئة من ذروته في فبراير (شباط) الماضي، مما يحقق القاعدة المعروفة للتصحيح، ومع ذلك استعاد بعضاً من هذه الخسائر الجمعة الماضي.
تحول المزاج العام في الولايات المتحدة إلى التشاؤم، لكن الانخفاض الحالي في السوق قد يكون مجرد بداية لسلسلة من ردود الفعل التي تتسبب في مزيد من الأضرار الجانبية. ويقدر الاقتصادي من جامعة هارفرد، غابرييل تشودورو-رايخ، أنه مع ثبات كافة العوامل الأخرى، قد يؤدي انخفاض الأسهم بنسبة 20 في المئة عام 2025 إلى تقليص النمو بمقدار نقطة مئوية واحدة هذا العام. وحتى الجمعة الماضي، كان مؤشر "أس أند بي 500" انخفض بنسبة 4.1 في المئة حتى الآن عام 2025.
ويمكن أن يؤدي انخفاض أسعار الأسهم إلى سحب الوقود من محركين رئيسين للازدهار الاقتصادي في الولايات المتحدة في الآونة الأخيرة وهما الإنفاق القوي من الأسر والاستثمار الرأسمالي من الشركات.
وقال أليكس تشارتريس من شركة "روفر البريطانية" لإدارة الصناديق، لصحيفة "وول ستريت جورنال"، "في اقتصاد مفرط التمويل مثل الاقتصاد الأميركي، يمكن أن تقود أسعار الأصول الاقتصاد، وليس العكس فقط... إن انخفاض أسواق الأصول يخلق خطر تدهور الظروف في الاقتصاد الحقيقي".
وحقق مؤشر "أس أند بي 500" مكاسب بنسبة 53 في المئة في عامي 2023 و2024، مما يعكس ويعزز اقتصاداً قوياً، إلى جانب ارتفاع أسعار المنازل، منحت مكاسب الأسهم أغنى الأميركيين مزيداً من الأموال للإنفاق. وتشير بيانات وكالة "موديز" إلى أن أعلى 10 في المئة من الدخل في الولايات المتحدة يمثلون الآن نحو نصف إجمال الإنفاق، مقارنة بـ36 في المئة قبل ثلاثة عقود.
بحلول عام 2022، كان متوسط الأسر في أعلى 10 في المئة من الدخل يمتلك نحو 2.1 مليون دولار من الأسهم، ما يعادل نحو 32 في المئة من صافي ثرواتهم، وفقاً لاستطلاع حديث من "الاحتياطي الفيدرالي". وفي عام 2010، كانت الأسهم تشكل نحو 26 في المئة من متوسط صافي الثروة لهذه الفئة، وعلى مدار الأعوام الأربعة الماضية، زادت هذه الفئة من الإنفاق بنسبة 58 في المئة.
ولم يكن الأغنياء فقط هم من يضخون الأموال في الأسهم، إذ أفادت شركتا "فانغارد" و"فيدليتي" بمشاركة قياسية ومساهمات غير مسبوقة في خطط العاملين. وفي نهاية العام الماضي، كانت 43 في المئة من الأصول المالية للأسر الأميركية في الأسهم، وهي النسبة الأعلى على الإطلاق، وفقاً لبيانات "الاحتياطي الفيدرالي". ورغم أن عديداً من الأسر ذات الدخل المنخفض لا تمتلك أسهماً، فإن النسبة التي تمتلكها منها تواصل الارتفاع.
تأثير الثروة
وهذا هو السبب في أن بعض الاقتصاديين يخشون أن يؤدي انهيار كبير في الأسواق إلى دفع الأميركيين لتقليص إنفاقهم على كل شيء، من العطلات إلى الملابس الجديدة، وهو تأثير يعرف بتأثير الثروة، فإذا كانت الأسهم استقرت فقط في العام الماضي بدلاً من أن ترتفع، فإن الإنفاق الاستهلاكي كان سينمو بنسبة اثنين في المئة فقط في العام الماضي بدلاً من ثلاثة في المئة التي أسهمت فيها بصورة جزئية تأثيرات ثروة سوق الأسهم، وفقاً لتقديرات اقتصاديي بنك "دويتشه".
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتشير بعض الإشارات إلى أن الإنفاق بدأ يتراجع بالفعل، إذ أفادت شركات مثل "دلتا إير لاينز"، و"فوت لوكر"، و"براون-فورمان" والشركة المصنعة لويسكي "جاك دانييل" أن المستهلكين يظهرون مزيداً من الحذر. وفي يناير (كانون الثاني) الماضي، انخفضت مبيعات التجزئة بنسبة 0.9 في المئة، وهو أكبر انخفاض شهري منذ عام 2023، لكن بعض الاقتصاديين ألقوا اللوم على الطقس البارد بصورة غير معتادة، ومن المتوقع الإعلان عن بيانات فبراير الماضي في وقت لاحق اليوم.
والجمعة، أفادت جامعة ميشيغان أن ثقة المستهلكين انخفضت إلى أدنى مستوى لها منذ أواخر عام 2022، جزئياً بسبب انخفاض التوقعات في شأن الشؤون المالية الشخصية وسوق الأسهم.
تفاقم المعاناة الاقتصادية
وقال كبير اقتصادي بنك "دويتشه" في الولايات المتحدة، ماثيو لوتزتي، علاوة على أن عديداً من الأشخاص لديهم هدف تقريبي بالمال للتقاعد، لذا، إذا جعلت الأسهم المتراجعة من الصعب الوصول إلى هذا الهدف، فقد يقلص المستهلكون من إنفاقهم لتعويض الفرق.
وحذر لوتزتي من أن هذه التوقعات صعبة بسبب الديناميكية الكبيرة للاقتصاد، ومع ذلك إذا لم يتغير شيء آخر، فقد يؤدي انخفاض بنسبة 20 في المئة في الأسهم إلى تقليص الإنفاق الاستهلاكي بمقدار 1.2 نقطة مئوية عام 2025، وفقاً لما قاله. ونظراً إلى أن الاستهلاك يشكل نحو 70 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، فإن ذلك قد يؤدي إلى تقليص النمو بمقدار 0.8 نقطة مئوية. وطبق الاقتصادي هارڤارد "شودرواي-رايش" نهجاً مختلفاً عن لوتزتي، لكن كانت نتيجته مشابهة.
قد تتفاقم المعاناة الاقتصادية بسبب كيفية استجابة الشركات، فمن المعروف أن الرؤساء التنفيذيين يركزون بصورة كبيرة على سعر أسهمهم عند اتخاذ قرارات التوظيف والاستثمار، وبعدما فقد مؤشر ناسداك ثلث قيمته عام 2022، سارعت شركات التكنولوجيا لتقليص أعداد الموظفين وفرض قيود على الإنفاق.
الارتفاع المستمر للأسهم يعزز الإنفاق
ومع انخفاض مؤشر ناسداك بأكثر من 10 في المئة عن ذروته، يعرب الاقتصادي المستقل فيل سوتل عن قلقه من أن الرؤساء التنفيذيين الذين يشعرون بالقلق قد يتراجعون عن خططهم للاستثمار بمبلغ يقدر بنحو تريليون دولار في الذكاء الاصطناعي في الأعوام المقبلة.
وقال سوتل، "كانت أسعار الأسهم تخبر المديرين التنفيذيين أنه مقابل كل 100 مليار دولار تستثمرها في الذكاء الاصطناعي، تضيف عدة أضعاف إلى تقييمك". وأضاف أن هذا قد يتوقف الآن، مما يعوق المشاريع الجديدة مثل مراكز البيانات ومحطات الطاقة.
لكن كيفية استجابة الأشخاص للثروة الزائدة أمر متغير، فعندما يحصل الأفراد على دفعة مالية غير متوقعة، مثل شيك تحفيزي أو جائزة يانصيب، ينفقون بسرعة حصة كبيرة منها، وفقاً لما ذكره "شودرواي-رايش"، بينما هم أكثر تحفظاً عند الإنفاق من أرباح الأسهم. واكتشف في دراسة أجراها عام 2021 مع اثنين من زملائه أن العائدات من أسواق الأسهم تؤثر في إنفاق الأسرة بمعدل ثلاثة سنتات لكل تغيير بقيمة دولار واحد في الثروة السوقية للأسهم.
وكانت الأسر الأميركية تمتلك أكثر من 56 تريليون دولار من الأسهم في نهاية العام الماضي، سواء بصورة مباشرة أو من خلال منتجات مثل الصناديق المشتركة، وفقاً لبيانات "الاحتياطي الفيدرالي"، لذا فإن تلك السنتات تتراكم بسرعة.
درس الاقتصاديان سيدني لودفيغسون ومارتن ليتو آثار الثروة في أوائل العقد الأول من القرن الحالي، وخلصا إلى أن الارتفاع المستمر للأسهم يعزز الإنفاق بمرور الوقت، لكن الناس عادة لا يبالغون في رد الفعل تجاه التقلبات قصيرة الأجل في السوق.
وقالت لودفيغسون في مقابلة، إن تحركات كبيرة في الأسهم قد تكون مستمرة في بعض الأحيان وتغير مسار إنفاق المستهلكين، في حين أن التحدي بالنسبة إلى الاقتصاديين هو أنه لا يمكن معرفة ما إذا كانت أي من الانتعاشات أو التراجعات ستكون دائمة إلا بعدما تصبح في الماضي.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق السعودية
منذ 35 دقائق
- الشرق السعودية
ترمب يمنح مفاوضات الرسوم الجمركية مع أوروبا "مُهلة" حتى 9 يوليو
أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الأحد، أنه وافق على منح الاتحاد الأوروبي مُهلة حتى 9 يوليو المقبل حتى يتم فرض التعريفات الجمركية، وذلك عقب مكالمة هاتفية وصفها بـ"اللطيفة جداً" مع رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، حسبما أوردت شبكة CNN الأميركية. وقال ترمب للصحافيين في مطار موريستاون في نيوجيرسي: "(فون دير لاين) قالت إنها تريد الدخول في مفاوضات جادة"، مضيفاً: "الموعد المحدد هو 9 يوليو المقبل، وقد طلبته هي، هل يمكننا تأجيل فرض التعريفات من 1 يونيو إلى 9 يوليو؟ لقد وافقت على ذلك". وتابع الرئيس الأميركي: "قالت إننا سنتواصل بسرعة لنرى إذا كنا قادرين على التوصل إلى اتفاق". وكان ترمب قد حدد الأول من يونيو موعداً لبدء تطبيق تعريفات جمركية بنسبة 50% على واردات الاتحاد الأوروبي، بعد أن فرض في أبريل الماضي تعريفات بنسبة 20% كرد متبادل. تحركات سريعة نحو المفاوضات وبعد حديثه مع الصحافيين، كتب ترمب عبر منصة "تروث سوشيال" أن "المفاوضات ستبدأ بسرعة". ومن جهتها، كتبت فون دير لاين منشوراً على منصة "إكس" قالت فيه إنها أجرت "مكالمة جيدة" مع الرئيس الأميركي. وأضافت أن "الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة يشكلان أهم وأقرب علاقة تجارية في العالم"، مؤكدة أن أوروبا "مستعدة للمضي قدماً في المفاوضات بسرعة وحسم، لكن التوصل إلى اتفاق جيد يتطلب وقتاً إضافياً حتى 9 يوليو". وتأتي هذه المكالمة بعد أن قال ترمب، الجمعة، إنه غير راض عن وتيرة المحادثات التجارية مع الاتحاد الأوروبي، وهدد بفرض رسوم جمركية 50% على جميع سلع الاتحاد من أول يونيو. وفي أوائل أبريل، حدد ترمب مهلة 90 يوماً للمحادثات التجارية بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، والتي من المقرر أن تنتهي في التاسع من يوليو. إحباط أميركي وجاءت التهديدات التجارية الجديدة، التي هزت الأسواق في الولايات المتحدة وخارجها، بعد أن اتهم ترمب، في منشور عبر منصته Truth Social في وقت سابق الجمعة، الاتحاد الأوروبي بأنه "صعب في التعامل معه للغاية". ونقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" عن مصادر مطلعة قولها، إن مستشاري ترمب أعربوا بشكل غير علني لمسؤولين أوروبيين عن استيائهم من تباين أولويات الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، ما أعاق التقدم في المحادثات التجارية. واشتكى الفريق الأميركي من ما اعتبره "نهجاً أوروبياً حذراً وتردداً" في تقديم عروض ملموسة تعالج القضايا التي تهم الولايات المتحدة، مثل الرسوم المفروضة على خدمات البث، والضرائب على القيمة المضافة، والتنظيمات المتعلقة بقطاع السيارات، والغرامات المفروضة على الشركات الأميركية في قضايا الاحتكار. وأضافت المصادر، أن واشنطن "لم تحصل حتى الآن على التزام من قادة الاتحاد الأوروبي بفرض رسوم جمركية على صناعات صينية"، وهو أمر تعتبره إدارة ترمب أولوية في إطار محاولاتها لتصعيد الضغط التجاري على الصين.


Independent عربية
منذ 2 ساعات
- Independent عربية
ترمب: أجرينا محادثات "جيدة للغاية" مع إيران
قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب أمس الأحد إن المفاوضين الأميركيين أجروا محادثات "جيدة للغاية" مع وفد إيراني في مطلع الأسبوع، في الوقت الذي يسعى فيه إلى إبرام اتفاق لمنع طهران من تطوير سلاح نووي. وقال ترمب للصحفيين في مطار موريستاون بولاية نيوجيرزي بينما كان يستعد للعودة إلى واشنطن بعد عطلة نهاية الأسبوع في نادي الغولف في بيدمنستر "أعتقد أنه يمكن أن يكون لدينا بعض الأخبار السارة على الساحة الإيرانية". وكان المفاوضون الإيرانيون والأميركيون استأنفوا محادثاتهم الجمعة في روما لحل نزاع مستمر منذ عقود حول طموحات طهران النووية، على رغم تحذير المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي من أن إبرام اتفاق جديد قد يستحيل في ظل تضارب الخطوط الحمراء التي يضعها كل من الطرفين. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) والرهان كبير لكلتا الدولتين، إذ يريد الرئيس الأميركي دونالد ترمب الحد من قدرة طهران على إنتاج سلاح نووي قد يشعل سباق تسلح نووي في المنطقة، بينما تريد إيران التخلص من العقوبات المدمرة المفروضة على اقتصادها المعتمد على النفط. وعقد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي ومبعوث ترمب إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف جولة خامسة من المحادثات عبر وسطاء عُمانيين في روما، على رغم إعلان كل من واشنطن وطهران موقفاً متشدداً في التصريحات في شأن تخصيب اليورانيوم الإيراني.


الوئام
منذ 3 ساعات
- الوئام
ترمب: رئيسة المفوضية الأوروبية طلبت تمديد مهلة التعريفات الجمركية
قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب إنه تلقى اتصالًا هاتفيًا من أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، طلبت خلاله تمديد المهلة النهائية المقررة في 1 يونيو بشأن التعرفة الجمركية البالغة 50% على خلفية قضايا تجارية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. وأكد ترمب، في بيان عبر حسابة بمنصة 'تروث سوشيال'، أنه وافق على منح التمديد حتى 9 يوليو 2025، واصفًا القرار بأنه 'شرف له'. وأوضح أن رئيسة المفوضية أبلغته بأن المحادثات ستبدأ سريعًا. وختم قائلًا: 'شكرًا لكم على اهتمامكم بهذا الأمر!'.