
واشنطن تُسمّي قائماً بأعمال سفارتها في بغداد.. هل ثمة رسائل سياسية؟
تسلّم السفير الأميركي في
اليمن
ستيفن فاجن رسمياً مسؤولية القائم بأعمال السفارة الأميركية في بغداد، وذلك في أول إجراء من نوعه بعد عدّة أشهر من شغور المنصب وتأخر تسمية
الولايات المتحدة
سفيرا جديدا بدلا عن السفيرة السابقة إلينا رومانوكسي، التي غادرت منصبها منذ نهاية العام الماضي. والعام الماضي، رشح الرئيس الأميركي السابق
جو بايدن
الدبلوماسية تريسي جاكوبسون لمنصب سفيرة الولايات المتحدة في
العراق
.
لكن تعيين جاكوبسون، الذي كان مقررا في يناير/كانون الثاني الماضي، لم يتحقق مع وصول إدارة الرئيس الأميركي
دونالد ترامب
وظل المنصب شاغراً، في أطول مدة لا تسمي فيها واشنطن سفيرا لها ببغداد منذ الغزو الأميركي للعراق عام 2003. ووفقا لبيان مقتضب صدر عن السفارة الأميركية في بغداد، فقد تسلّم السفير ستيفن فاجن مهامه قائماً بالأعمال بالإنابة في سفارة الولايات المتحدة في بغداد في 29 مايو/أيار المنصرم. وأوضح البيان أن السفير فاجن يشغل منصب سفير الولايات المتحدة في اليمن منذ عام 2022، وسيظل معتمداً سفيراً هناك خلال فترة وجوده في بغداد.
أخبار
التحديثات الحية
"كتائب حزب الله" العراقية تهدد بعودة استهداف المصالح الأميركية
وشغل فاجن سابقا عدة مهام في وزارة الخارجية الأميركية، أبرزها مدير مكتب الشؤون الإيرانية بوزارة الخارجية ما بين عامي 2015 و2018، ثم منصب نائب رئيس البعثة في السفارة الأميركية في بغداد بين عامي 2020 و2021، والمسؤول في القنصلية الأميركية العامة في أربيل بين 2018 و2020، كما عمل في باكستان وتبليسي والقاهرة. وعقد فاجن خلال اليومين الماضيين اجتماعين مع رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، ومستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي، في بغداد، وفقا لبيانات رسمية صدرت عن المسؤولين العراقيين في هذا الإطار.
وقال الباحث بالشأن السياسي العراقي أحمد النعيمي إن ترشيح إدارة بايدن السابقة السفيرة تريسي جاكوبسون لمنصب سفيرة الولايات المتحدة في العراق انتفى مع وصول إدارة ترامب، وهو أحد أسباب بقاء النصب شاغرا ويُدار بالإنابة منذ عدة أشهر. وأضاف النعيمي أن عدم حسم المنصب قد يُفهم منه تراجع اهتمام واشنطن بالملف العراقي ككل، أو الرغبة في إبقاء المنصب لحين اتضاح جملة من الملفات بالمنطقة بعد التحولات الكبيرة التي شهدتها"، واصفا منصب السفير الأميركي في العراق بأنه "درج على أن يكون ضمن مواصفات تعكس توجهات الإدارات الأميركية".
بدوره، قال الباحث والأكاديمي العراقي مجاشع التميمي إنه "رغم إعلان السفارة الأميركية في بغداد تعيين السفير ستيفن فاجن بصفة قائم بالأعمال، إلا أن عدم تسميته رسمياً سفيراً يعكس رسالة سياسية مدروسة"، مبيناً في تعليق له أوردته وسائل إعلام محلية عراقية أن "غياب السفير الرسمي يشير إلى رغبة أميركية في إبقاء العلاقة في مستوى محدود، ربما للتعبير عن تحفظات تجاه بعض سياسات الحكومة العراقية، أو لترك هامش مناورة في ملفات شائكة كالوجود العسكري والنفوذ الإقليمي، كما أن التوقيت الحرج الذي تمر به المنطقة قد يجعل من التأخير أداة ضغط دبلوماسية". وختم التميمي حديثه بالقول إن "التسمية ليست مسألة بروتوكول فقط، بل تحمل أبعاداً أمنية وسياسية تُستخدم لتمرير رسائل غير مباشرة إلى بغداد".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
منذ 3 ساعات
- العربي الجديد
وزير الدفاع العراقي: لن نسمح باستهداف القوات الأميركية
قال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي إنه لن يُسمح بأي تهديد للقوات الأميركية العاملة في العراق ضمن إطار التحالف الدولي ، معتبراً وجودها حالياً أمراً "مطلوباً"، وذلك في أول رد من الحكومة العراقية على تهديدات جماعة " كتائب حزب الله " باستئناف مهاجمة المصالح الأميركية في البلاد. تصريحات العباسي جاءت بعد يومين من تهديد جماعة "كتائب حزب الله" العراقية، أحد أبرز الفصائل المسلحة الحليفة لطهران، باستئناف استهداف المصالح العسكرية الأميركية في حال عدم انسحابها وفق ما أعلنت الحكومة العراقية عبر جولات التفاوض السابقة مع واشنطن. وقال العباسي في حديث صحافي اليوم الجمعة: "نرى ضرورة بقاء القوات الأميركية في الجانب السوري، لأن بقايا تنظيم داعش لا تزال موجودة هناك. وبقاء قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة مطلوب من قبلنا كون مخيم الهول لا يزال يشكل خطراً على العراق". وبين أن "التنسيق مع التحالف الدولي مستمر، ولم نتلق أي إشعار بشأن تغيير مواعيد انسحاب قواته من العراق، ومن المتوقع إخلاء بعض المواقع في نهاية سبتمبر والانتقال إلى كردستان، كما أننا لم نستلم أي إشارة من إدارة (الرئيس الأميركي دونالد) ترامب بشأن تغيير القرارات، ولم يُطلب منا السماح بزيادة عدد القوات الأميركية في العراق". وأضاف وزير الدفاع العراقي أن "الحكومة لن تسمح باستهداف قوات التحالف الدولي، وأي عمل بهذا الاتجاه مرفوض بشكل قاطع". أخبار التحديثات الحية واشنطن تعلن اعتقال "قيادي في داعش" خلال عمليات في العراق وسورية وكانت بغداد وواشنطن قد توصلتا، نهاية سبتمبر/ أيلول الماضي، إلى موعد رسمي لا يتجاوز نهاية سبتمبر/ أيلول 2025 لإنهاء مهمة التحالف الدولي ضد تنظيم "داعش" في البلاد، بعد جولات حوار استمرت أشهراً بين الجانبَين إثر تصاعد مطالب الفصائل المسلحة والقوى العراقية الحليفة لإيران بإنهاء وجود التحالف. وتوقفت عمليات الفصائل العراقية ضد الأهداف والمصالح الأميركية في العراق منذ قرابة عام كامل ضمن هدنة غير معلنة رسمياً، جاءت بعد عمليات اغتيال نفذتها واشنطن ضد قيادات ميدانية بارزة لدى تلك الفصائل. من جهته، قال الباحث في الشأن العسكري والاستراتيجي سيف رعد، لـ"العربي الجديد"، إن "تصريحات وزير الدفاع العراقي لم تأت من فراغ، بل هي رسائل إلى الفصائل التي تريد استهداف الأمريكان مجددا بعد الاستقرار النسبي على المستوى الأمني والسياسي، فالحكومة تدرك خطورة تحركات تلك الفصائل، وما الردود التي يمكن أن تكون من قبل إدارة ترامب رداً على الفصائل". وتوقع رعد أن تبقى تهديدات الفصائل "إعلامية فقط"، ولا يمكن تنفيذها على أرض الواقع خاصة بعد المتغيرات الأخيرة في المنطقة ومجيء ترامب للبيت الأبيض، فـ"الكل يعرف أن أي استهداف للمصالح الأميركية سيلاقي رداً أميركياً عسكرياً عنيفاً، وربما لا يقف فقط على استهداف مقار الأسلحة ومخازنها، بل سيتجاوز ذلك إلى اغتيال قادة بارزين في تلك الفصائل، كما حدث مع قيادات حزب الله اللبناني". أخبار التحديثات الحية "كتائب حزب الله" العراقية تهدد بعودة استهداف المصالح الأميركية وأشار الباحث في الشأن العسكري والاستراتيجي إلى وجود "جماعات مسلحة، وحتى سياسية، تريد تعكير الأجواء السياسية في العراق عبر تصريحات وتهديدات كهذه مع قرب انتخابات مجلس النواب العراقي، فهي تعرف أن أي توتر أمني وأي قلق قد يؤثران على العملية الانتخابية ويدفعان نحو تأجيلها، وهذا الأمر ربما تريده بعض تلك الأطراف خشية من خسارة نفوذها الحالي خلال المرحلة المقبلة". ويوجد نحو 2500 عسكري أميركي في العراق ضمن التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن منذ سبتمبر/أيلول 2014، ويتوزع الجنود على ثلاثة مواقع رئيسية، هي قاعدة عين الأسد في الأنبار، وقاعدة حرير في أربيل، ومعسكر فيكتوريا الملاصق لمطار بغداد الدولي، وليست جميع هذه القوات أميركية، إذ توجد أيضاً قوات فرنسية وأسترالية وبريطانية تعمل ضمن قوات التحالف، وأخرى ضمن بعثة حلف شمال الأطلسي (ناتو) في العراق.


العربي الجديد
منذ يوم واحد
- العربي الجديد
الاحتلال ينذر بإخلاء مبانٍ في الضاحية الجنوبية لبيروت قبل قصفها
أصدر جيش الاحتلال الإسرائيلي، مساء اليوم الخميس، إنذاراً عاجلاً للمتواجدين في بعض الأحياء في الضاحية الجنوبية لبيروت بإخلائها. وقال متحدث باسم جيش الاحتلال في تغريدة على منصة إكس تضمنت فيديو يعرض الخرائط والمباني المراد إخلائها: "إنذار عاجل للمتواجدين في الضاحية الجنوبية في بيروت وخاصة في الأحياء التالية: الحدث، حارة حريك، برج البراجنة في المباني المحددة بالأحمر وفق ما يُعرض في الخرائط المرفقة والمباني المجاورة لها"، زاعماً أن سكان هذه المناطق يتواجدون بالقرب من مباني أو منشآت أو مسارح أو أسلحة تابعة لحزب الله. إلى ذلك، أكد رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام، اليوم الخميس، أن الجيش فكّك أكثر من 500 موقع ومخزن سلاح في المنطقة الممتدة جنوب نهر الليطاني، منذ انتهاء العدوان الإسرائيلي الواسع على لبنان أواخر نوفمبر/تشرين الثاني الفائت. وكانت هذه المنطقة تعتبر معقلا لحزب الله الذي خاض مواجهة دامية مع جيش الاحتلال الإسرائيلي استمرّت عاما كاملا وانتهت باتفاق لوقف إطلاق النار نصّ على تفكيك البنى التحتية للتنظيم وسلاحه. وقال سلام "الجيش اللبناني يواصل توسيع انتشاره وحتى الآن، فكّك جنوب الليطاني أكثر من 500 موقع عسكري ومخزن". إلا انه أضاف "إنما دعوني أكون واضحا: لا يمكن أن نحقّق الأمن والاستقرار طالما استمرت الانتهاكات الإسرائيلية اليومية واستمر احتلال أجزاء من أرضنا وعدم الإفراج عن أسرانا". ونصّ الاتفاق أيضا على انسحاب الاحتلال الإسرائيلي من كل المناطق التي دخل إليها خلال المواجهة التي اندلعت على خلفية الحرب على قطاع غزة. إلا أن الاحتلال أبقى على خمسة مواقع على مرتفعات تعتبر استراتيجية. ويطالب لبنان بأن تنسحب منها. ويواصل الاحتلال منذ انتهاء الحرب تنفيذ غارات جوية على مناطق لبنانية عدّة، زاعما أنها تستهدف بنى تحتية وقيادات في حزب الله. أخبار التحديثات الحية قائد الجيش اللبناني: العدو يعرقل انتشارنا الكامل في الجنوب وقال سلام "سنواصل الضغوط لإجبار إسرائيل على الانسحاب الكامل من كل شبر من أراضينا تطبيقا للقرار 1701، وسنعمل على توفير كل ظروف إعادة أهلنا إلى أرضهم بكرامة وإعمار ما دمّره الإسرائيلي". وفي 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 شن الاحتلال الإسرائيلي عدوانا على لبنان تحول إلى حرب واسعة في 23 سبتمبر/ أيلول 2024، ما أسفر عن أكثر من 4 آلاف شهيد ونحو 17 ألف جريح، إضافة إلى نزوح قرابة مليون و400 ألف شخص. ومنذ بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، ارتكب الاحتلال آلاف الخروقات التي خلفت ما لا يقل عن 208 شهيد و501 جريح. وكان آخر هذه الخروقات اليوم الخميس، حيث أصيب شخص بغارة شنتها مسيرة إسرائيلية على سيارة في إحدى القرى بمحافظة صور جنوب لبنان، فيما استحدثت قوة مشاة إسرائيلية خندقا ورفعت حواجز ترابية. وأعلنت وزارة الصحة اللبنانية في بيان "إصابة مواطن بجروح في غارة شنها العدو الإسرائيلي واستهدفت سيارة في بلدة برج قلاويه قضاء بنت جبيل". وفي سياق متصل، أفادت الوكالة أن "قوة مشاة معادية (إسرائيلية) مؤلفة من 20 جنديا، تجاوزت بعد منتصف الليل، الخط الأزرق شرق بلدة ميس الجبل في منطقة كروم المراح في قضاء مرجعيون". (فرانس برس، الأناضول، العربي الجديد)


القدس العربي
منذ 2 أيام
- القدس العربي
بين قوى إقليمية ودولية أين تتجه البوصلة السورية؟
رفع العلم الأمريكي من قبل المبعوث الأمريكي لسوريا توماس باراك في مبنى إقامة السفير له دلالة كبيرة وسريعة لتطبيع العلاقات الأمريكية مع الإدارة السورية الجديدة بعد 14 سنة من القطيعة مع نظام الأسد المخلوع، فهي نقطة تحول كبرى بعد لقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالرئيس أحمد الشرع برعاية سعودية، ومباركة تركية، وتحفظ مكتوم من قبل إسرائيل وإيران. لكن هذا التحول المفاجئ في موقف الإدارة الأمريكية لم يأت بطيبة الرئيس ترامب، أو بإرضاء رغبة الأمير محمد بن سلمان الذي أغدق عليه بكرم، ولا بجهد تركي وتمهيد الطريق أمام الرئيس أحمد الشرع الذي كان بالأمس مطلوبا من الإدارة الأمريكية، وبجائزة 10 ملايين دولار لمن يلقي القبض عليه، بل هي نتيجة لمجموعة عوامل اجتمعت في ظروف مواتية زمانا ومكانا. فسقوط نظام الإجرام الأسدي كان ضرورة ملحة لأسباب متعددة. فمن ناحية كان من الضروري التخلص من الهيمنة الإيرانية وميليشياتها الطائفية في سوريا وعلى رأسها «حزب الله» التي تهدد دولة الاحتلال من ناحية، وإضعاف موقف إيران في معالجة ملفها النووي في حال أي عملية تفاوضية لاحقة من ناحية أخرى، خاصة وأن إسرائيل كانت وعلى مدى عدة سنوات تقوم بقصف مواقعها في سوريا، في محاولة لقطع خط الإمدادات لحزب الله عبر سوريا، وقد تضررت مطارات وموانئ سوريا التي كانت تستقبل الشحنات الإيرانية الموجهة لحزب الله، وقد كشفت الأحداث بعد عملية طوفان الأقصى أن حزب الله كان مخترقا وبنك معلوماته السرية كانت مكشوفة لإسرائيل عبر وسائل مختلفة وخاصة بتطبيقات الذكاء الاصطناعي وتجنيد أكثر من عنصر من عناصره الذي كان يزود الموساد بكثير من المعلومات وقد تم إلقاء القبض على أحدهم واعترف بذلك. وبإسقاط نظام الأسد تسقط الحلقة الوسطى في محور طهران ـ بغداد ـ دمشق ـ بيروت، وهذه الضربة القاسية لطهران أرغمتها مع كل ميليشياتها على الرحيل من سوريا وأن تترك وراءها خسائر كبيرة تقدر بأكثر من 50 مليار دولار لن تسترد منها دولارا واحدا لأنها تعرف أن دمشق ستطالبها بفدية دماء السوريين الذين كانوا ضحية لهجمات هذه الميليشيات، وعلى رأسها حزب الله الذي سيطر على مناطق عديدة في وادي بردى والقلمون والقصير، ولم تفتح إيران إلى اليوم أي قنوات تواصل مع الإدارة الجديدة حتى أن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي قال: «لسنا في عجلة من أمرنا للتواصل مع دمشق». العامل الثاني الذي لا يقل أهمية بالنسبة لواشنطن وهو الملف الروسي ووجود قواعده ونفوذه في سوريا (قاعدة حميميم، والقاعدة البحرية في طرطوس) وخاصة أن موسكو دخلت في حرب مدمرة مع أوكرانيا والتي تعتبر بالنسبة للغرب ولأوروبا بشكل خاص مصدر تهديد مستمر وتعمل جاهدة في دعم أوكرانيا في وجه الغزو الروسي، ففي حال سقوط النظام الأسدي سيضع موسكو في موقف جديد مع الإدارة الجديدة، يمكن أن يهدد استمرارية تواجده العسكري في سوريا، وهذا ما دفع روسيا توجيه دعوة لوزير الخارجية السوري أسعد الشيباني لزيارة موسكو، وبعد محادثات حثيثة مع الإدارة الجديدة التي طالبت بتسليم بشار الأسد اللاجئ في روسيا، واستعادة الأموال المنهوبة، رفضت موسكو تسليم الأسد لكنها انفتحت على تزويد سوريا بالقمح والنفط واستعادة بعض الأموال، وتسعى للحفاظ على شعرة معاوية مع الإدارة الجديدة التي كانت تقصفها بالأمس في مناطق سيطرتها في إدلب، وقتلت الآلاف من السوريين أيضا. هذا التحول المفاجئ في موقف الإدارة الأمريكية لم يأت بطيبة الرئيس ترامب، أو بإرضاء رغبة الأمير محمد بن سلمان، بل هي نتيجة لمجموعة عوامل اجتمعت في ظروف مواتية زمانا ومكانا لم تقم الأنظمة السورية المتعاقبة منذ الاستقلال بأي اتصال مباشر مع تل أبيب لغاية العام 1965 حيث كان تعتبر أي سوري يتواصل مع العدو الصهيوني، أو يزور إسرائيل خائنا وتطبق عليه قوانين الخيانة العظمى، حيث أثيرت بعض الشكوك حول بعض المصادر التي تشير أن حافظ الأسد عندما كان قائدا للقوات الجوية قام بزيارة إلى بريطانيا بحجة إجراء فحوصات طبية وهناك تم لقاء بينه وبين وفد إسرائيلي، وكانت فضيحة الجاسوس ايلي كوهين قد هزت سوريا في نفس هذه الفترة، وجاء البلاغ رقم 66 في بداية حرب النكسة في 1967 والذي طلب فيه الأسد الذي أصبح وزيرا للدفاع بانسحاب الجيش السوري من الجولان بحجة أن الجيش الإسرائيلي قد وصل إلى مدينة القنيطرة وهو لم يصل بشهادة مئات الضباط (ومنهم والدي الذي كان في القنيطرة) وبهذا الانسحاب تمكنت إسرائيل من احتلال مرتفعات الجولان بالكامل التي كان يعتبر حصنا طبيعيا منيعا، فعادت الشكوك لتكون أكثر واقعية خاصة بعد اتفاق فصل القوات التي حازت فيه إسرائيل على معظم أراضي الجولان، وانتشر شعار بين السوريين وخاصة بعد الثورة يتهمون الأسد بالخيانة: «باع الجولان ابن الحرام»، وقد أظهر الأسد بعد تطبيع مصر علاقاتها مع إسرائيل بأنه حامي القضية الفلسطينية بتشكيل جبهة مناهضة للتطبيع وتجميد عضوية مصر في الجامعة العربية رغم أنه قام بحرب لا هوادة فيها ضد الفلسطينيين ومنظمة التحرير في لبنان انتهت بطرد المقاومة من لبنان في العام 1982، وحسب الرئيس المصري الراحل حسني مبارك فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي اسحق رابين عرض على الأسد الانسحاب من كامل الجولان مقابل التطبيع مع تل أبيب لكنه رفض العرض، ومع الوريث بشار الأسد لم يتغير الوضع كثيرا لكن كان هناك أحاديث كثيرة تشير إلى محادثات تحت الطاولة بين النظام وإسرائيل. هذا الوضع تفاقم مع قيام الثورة السورية بعد أن استنجد الأسد بإيران وميليشياتها، وروسيا التي أهداها قاعدة حميميم مقابل ضرب الشعب السوري الثائر، لكن تواجد إيران وميليشياتها في سوريا لم يرق لإسرائيل الذي رأت فيه تهديدا لها فقامت بمئات الغارات الجوية على القواعد الإيرانية دون أي رد من الجانب السوري رغم الأضرار الجسيمة التي تعرضت لها منشآت سورية متعددة، وبدأ الشك يخامر القيادات الإيرانية بتعاون مخابراتي سوري إسرائيلي بتسريب المعلومات عن أماكن تواجد الإيرانيين واجتماعاتهم التي كانت تستهدف لحظة بلحظة، ورفض الأسد إجراء أي تحقيق طلبته إيران وخاصة بعد استهداف قنصليتها في دمشق. وطرح تساؤل كبير بعد سقوط النظام الأسدي وفي يوم الاحتفال بالنصر بقصف إسرائيل للمربع الأمني المجاور لساحة الأمويين، حيث كانت الاحتفالات، والذي يضم كل ملفات المخابرات المركزية السورية بما فيها ملفات العلاقات السورية الإسرائيلية. ثم توالى القصف لكل مراكز الجيش السوري وقواعد الطيران والموانئ، ورغم أن الرئيس السوري أحمد الشرع قد صرح أكثر من مرة بأنه لا يرغب في فتح جبهات قتال مع أحد، ولا يريد أن يقوم بعمليات انتقام من أي جهة كانت إلا أن إسرائيل حاولت بحجة حماية الدروز التدخل في سوريا وقامت باحتلال عدة مناطق في الجولان ضاربة عرض الحائط اتفاق فصل القوات 1974 وكانت تمني النفس بالتحريض على حرب أهلية تنتهي بتقسيم سوريا حسب تصريحات أكثر من مسؤول إسرائيلي. وقد كشفت مصادر مطلعة لوكالة رويترز مؤخرا، عن إجراء سوريا ودولة الاحتلال الإسرائيلي اتصالات مباشرة وجها لوجه ربما بوساطة إماراتية بعد زيارة الشرع لأبو ظبي ولقائه بالرئيس محمد بن زايد، وأشارت الوكالة إلى أن الاتصالات المباشرة تمثل تطورا كبيرا في العلاقات بين الجانبين وتمهد لاتفاق عدم الاعتداء حسب ما نصح به الموفد الأمريكي لسوريا، ورغم أن الإدارة الجديدة سلمت مقتنيات الجاسوس إيلي كوهين لإسرائيل كعربون حسن نية لم يثنها عن استمرارية اعتداءاتها وقصف المواقع العسكرية السورية بحجة وجود أسلحة تهدد أمنها القومي. قامت تركيا ومنذ بداية الثورة وبعد استقبالها ملايين اللاجئين السوريين، باستقطاب بعض الفصائل السورية المسلحة، ومنها هيئة تحرير الشام، وقد عملت حثيثا مع فصائل مسلحة لمواجهة قوات سوريا الديمقراطية، وفي الوقت نفسه العمل مع هيئة تحرير الشام لإسقاط النظام الأسدي رغم أنها كانت توحي بأنها تبحث عن تطبيع علاقاتها معه حسب رغبة موسكو وطهران، وقامت بالتخطيط والدعم معها لبدء عملية تحرير سوريا التي بدأت بمدينة حلب وانتهت بدمشق في بيوم النصر في 8 ديسمبر 2024. وصرح ترامب أنه ترك لتركيا حرية تطوير علاقاتها بالإدارة السورية الجديدة. وهكذا نرى أن بوصلة سوريا الجديدة تتجه شمالا نحو تركيا وغربا نحو أوروبا وأمريكا، وجنوبا نحو المملكة العربية السعودية، وكل الزيارات المتعاقبة للمسؤولين في هذه الدول الثلاث تؤكد ذلك، بعد أن كانت في عهد الأسد تتجه إلى موسكو وطهران بشكل أساسي، وبذلك تدخل سوريا في انقلاب جذري في علاقاتها الإقليمية والدولية. كاتب سوري