
الهند تعيد حساباتِها في العلاقات الدولية
وبذلك، أصبحت الهند والبرازيل تواجهان أعلى الرسوم الجمركية ضمن سياسة التعريفات المتبادلة التي تنتهجها الولايات المتحدة. وبينما طالب ترامب الهندَ بوقف شراء النفط الروسي، أكدت نيودلهي أنها بحاجة إلى الطاقة مخفضة الأسعار لدعم اقتصادها المتنامي، مشيرةً إلى أن هذا ساعد في استقرار أسعار النفط العالمية. لكن كل هذه القضايا جلبت، ولأول مرة منذ سنوات عديدة، بعض التوتر في العلاقات بين الهند والولايات المتحدة. ومع ذلك، فهذا يعني أيضاً أن العلاقات الهندية الصينية قد تتحسن. في الشهر الماضي، قام وزير الخارجية الهندي «سوبراهمانيام جايشانكار» بأول زيارة له إلى الصين منذ خمس سنوات، في مؤشر على سعي الهند لتعزيز علاقاتها مع بكين وسط حالة عدم اليقين العالمي المتزايد نتيجة سياسات ترامب التجارية والخارجية.
جاءت الزيارة للمشاركة في اجتماع وزراء خارجية منظمة شنغهاي للتعاون، حيث التقى نظيره الصيني «وانج يي»، وكذلك الرئيس الصيني «شي جين بينج» ونائب الرئيس «هان تشنج». وخلال محادثاته، دعا جايشانكار الصينَ إلى تجنب «إجراءات التجارة التقييدية والعراقيل»، في إشارة غير مباشرة إلى القيود الصينية على تصدير المعادن النادرة، كما أكد أهميةَ تحسين العلاقات وحل النزاع الحدودي طويل الأمد بين البلدين.
وجاءت زيارته في ظل تنامي الخلافات التجارية والجيوسياسية العالمية. وبعد لقائه بنائب الرئيس هان، صرّح الدكتور جايشانكار بأن «الوضع الدولي معقد للغاية» وأن «التبادل المفتوح للآراء ووجهات النظر بين الهند والصين أمر بالغ الأهمية». وفي الوقت ذاته، هدد الرئيس ترامب بفرض رسوم جمركية إضافية على مجموعة «بريكس» وكل دولة تشتري النفط من روسيا، الأمر الذي يؤثر على الهند مباشرةً. ويرى ترامب أن جهود «بريكس» للابتعاد عن الاعتماد على الدولار الأميركي تمثل تهديداً لمصالح بلاده. وقد قلب ترامب موازين التجارة العالمية بتطبيق تعريفات جمركية يقول إنها تهدف لتصحيح الاختلالات في التوازن التجاري. وليست الهند وحدها مَن عجزت عن التوصل إلى اتفاق.
فالصين أيضاً، والتي تفاوضت على خفض الرسوم الجمركية من 100% إلى 30% كجزء من اتفاقية متبادلة مع الولايات المتحدة لوقف الحرب التجارية المتصاعدة، لم تتمكن هي الأخرى من إبرام اتفاق تجاري. ووسط هذه التوترات التجارية، تراجعت العلاقات بين الهند والولايات المتحدة إلى مستوى غير مسبوق، وتعثرت مفاوضات إبرام اتفاق تجاري بعد رفض الهند فتحَ قطاعي الزراعة والألبان اللذين يمثلان شريان حياة لأكثر من 60% من سكان البلاد. وعارضت اتحاداتُ المزارعين إدخالَ المنتجات الأميركية، معتبرة أن المزارعين الهنود لا يستطيعون منافسةَ نظرائهم الأميركيين الذين يحصلون على دعم حكومي. ونتيجة لذلك، تتجه الهند نحو تعزيز علاقاتها مع الصين. وفي خطوة مهمة، أعلنت الهند الشهرَ الماضي أنها ستستأنف إصدار تأشيرات السياحة للمواطنين الصينيين بعد توقف دام خمس سنوات، وهو ما يُعد تقدماً كبيراً في العلاقات الثنائية.
وكانت جائحة «كوفيد-19» والنزاع الحدودي قد تسببا في تعليق الرحلات الجوية والخدمات القنصلية بين البلدين. وفي عام 2022، أعادت الصينُ السماحَ بتقديم طلبات التأشيرات للطلاب الهنود ثم لرجال الأعمال، وصولاً إلى السياح. وتشير التقديرات إلى أن نحو 85 ألف هندي زاروا الصين بين يناير ويونيو من هذا العام.
وقد بدأت العلاقات في التحسن عقب لقاء رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي والرئيس الصيني شي جين بينج في أكتوبر من العام الماضي، حيث اتفق الجانبان على فك الاشتباك الحدودي بعد المواجهة التي وقعت في يونيو 2020. وفي يناير من هذا العام، زار وزير الخارجية الهندي بكين في إطار آلية الحوار بين وزارتي الخارجية في البلدين.
كما التقى وزير الدفاع الهندي «راجناث سينج» ومستشار الأمن القومي «أجيت دوفال» نظيريهما الصينيين على هامش اجتماعات منظمة شنغهاي للتعاون الشهر الماضي. وفي يونيو، استأنف البلدان رحلاتِ الطيران المباشرة بعد توقف دام خمس سنوات. وبالمثل، تسعى الهند أيضاً للحفاظ على علاقاتها مع روسيا، وهي علاقات تاريخية تعود إلى حقبة الحرب الباردة، حينما وفرت موسكو لنيودلهي المعدات العسكرية في وقت كان الغرب يرفض ذلك.
وحتى اليوم، يُقدَّر أن 68% من العتاد العسكري الهندي من أصل روسي. ومع ذلك، فإن الواردات العسكرية من روسيا في تراجع مع توسع الهند في الشراء من دول أخرى مثل إسرائيل والولايات المتحدة. ولا شك في أن العالم يشهد حالياً مرحلةً من التغييرات وإعادة تشكيل التحالفات الدولية.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق الأوسط
منذ 23 دقائق
- الشرق الأوسط
استقرار الأسهم الأوروبية قبيل اجتماعات حاسمة حول أوكرانيا
استقرت الأسهم الأوروبية، في بداية تداولات يوم الاثنين، مع ترقب المستثمرين تطورات الأوضاع في أوكرانيا، واجتماع القادة الأوروبيين مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، عقب القمة الروسية الأميركية، التي اختتمت، يوم الجمعة، دون التوصل إلى اتفاق فوري. واستقر مؤشر «ستوكس 600» الأوروبي، حتى الساعة 07:04 بتوقيت غرينتش، بعد أن سجل مكاسب، للأسبوع الثاني على التوالي، يوم الجمعة، وفق «رويترز». ومن المقرر أن يلتقي الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الرئيس ترمب وعدداً من القادة الأوروبيين؛ في محاولة للتوصل إلى اتفاق سلام لا يصبّ في مصلحة موسكو. كان ترمب قد التقى نظيره الروسي فلاديمير بوتين، يوم الجمعة، واتفقا على ضرورة العمل نحو اتفاق سلام، دون انتظار وقف إطلاق النار. وارتفع سهم «نوفو نورديسك» بنسبة 4.1 في المائة، بعد أن حصل دواء «ويغوفي»، المخصص لإنقاص الوزن، على موافقة مُعجّلة من إدارة الغذاء والدواء الأميركية لعلاج حالة خطيرة في الكبد. وقفزت أسهم «فيستاس» بنسبة 9.7 في المائة، وصُنّفت من بين أكبر الرابحين على مؤشر «ستوكس 600»، بعد صدور إرشادات الملاذ الآمن من مصلحة الضرائب الأميركية. في المقابل، انخفض سهم «كومرتس بنك» بنسبة 3.7 في المائة، بعد أن خفّض «دويتشه بنك» توصيته للسهم من «شراء» إلى «احتفاظ».


الاقتصادية
منذ 23 دقائق
- الاقتصادية
أسعار الغاز الأوروبي تواصل الهبوط قبيل اجتماع زيلينسكي-ترمب
انخفضت أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا إلى مستوى جديد هو الأدنى في 2025 قبيل اجتماع الرئيس الأمريكي دونالد ترمب مع نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي يواجه ضغوطاً للتوصل إلى اتفاق سلام مع روسيا يتضمن التنازل عن أراضٍ. واصلت العقود الآجلة القياسية خسائرها بعد الهبوط الحاد الذي سجلته الأسبوع الماضي مع ترقب اجتماع ترمب مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين. ومن شأن أي اتفاق لإنهاء الحرب، بغض النظر عن حجم التنازلات المحتملة من جانب أوكرانيا، قد يساهم في تخفيف أزمة الإمدادات العالمية إذا ما عادت المزيد من إمدادات الطاقة الروسية إلى السوق. يستضيف ترمب زيلينسكي وعدداً من القادة الأوروبيين، بينهم رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته، لوضع شروط اتفاق سلام محتمل ناقشه مع بوتين. ويُتوقع أن تركز واشنطن على التنازلات عن الأراضي التي تطالب بها موسكو. وأشار ترمب بعد محادثاته مع بوتين في ألاسكا يوم الجمعة إلى أنه سيحث زيلينسكي على إبرام اتفاق سريع، مضيفاً أنه منفتح على مشاركة أميركية في تقديم ضمانات لأمن أوكرانيا. تنويع مصادر الغاز في أوروبا عملت أوروبا خلال السنوات الثلاث الماضية على تنويع مصادر إمدادات الغاز بعد أن قلصت روسيا التدفقات عبر خطوط الأنابيب، إذ باتت القارة تعتمد بشكل أكبر على الشحنات البحرية القادمة من دول بعيدة مثل الولايات المتحدة وقطر. مع ذلك، يراهن المتعاملون على أن أي تخفيف محتمل للعقوبات المفروضة على موسكو قد يسمح بعودة جزء من طاقتها إلى الأسواق العالمية ويخفف حدة المنافسة على الشحنات. قالت تاتيانا ميتروفا، الباحثة في "مركز سياسة الطاقة العالمية" بجامعة كولومبيا: "إعلان الولايات المتحدة عن تقديم ضمانات أمنية لأوكرانيا، والتقارير حول احتمال قبول روسيا بذلك، يحمل دلالات دبلوماسية مهمة. لكن الوضع ما زال غامضاً للغاية، وفي هذه المرحلة لا توجد مؤشرات على أن قمة ألاسكا ستغيّر بشكل ملموس صورة إمدادات الغاز في أوروبا". في الأثناء، أعلنت النرويج، أحد أبرز موردي الغاز لأوروبا، عن توقف غير متوقع في محطة "هامرفست" لتسييل الغاز الطبيعي المسال خلال عطلة نهاية الأسبوع، وهو تطور قد يؤثر على الأسعار إذا طال أمده. انخفضت عقود الغاز المستقبلية في هولندا لشهر أقرب استحقاق، وهي المعيار لأسعار الغاز في أوروبا، بنسبة 1.9% إلى 30.43 يورو لكل ميغاواط/ ساعة عند الساعة 8:26 صباحاً في أمستردام.


الشرق الأوسط
منذ 23 دقائق
- الشرق الأوسط
رئيس «فوكسكون»: التعاون مع «سوفت بنك» في أوهايو جزء من مشروع «ستارغيت»
صرَّح يونغ ليو، رئيس مجلس إدارة شركة «فوكسكون» لصناعة الرقائق، يوم الاثنين، بأنَّ تعاون الشركة التايوانية مع «سوفت بنك» في ولاية أوهايو الأميركية جزءٌ من مشروع «ستارغيت». وأوضح يونغ، للصحافيين، أن «سوفت بنك» ستُوفّر المكان والمُعدات. وأضاف أن «سوفت بنك» و«فوكسكون» بدأتا العمل التحضيري للمشروع منذ أكثر من نصف عام. وقال: «ندرك أن الأولويات الرئيسية لهذا المشروع هي الطاقة والمكان والتوقيت؛ ولا يمكن تأجيله طويلاً. ومع مراعاة جميع هذه العوامل، نعتقد أن أوهايو موقع مناسب جداً، و(سوفت بنك) تُشاركنا هذا الرأي». و«ستارغيت» هو مشروع مُشترك بين «سوفت بنك»، وشركة «أوبن إيه آي»، مُطوّرة «شات جي بي تي»، وشركة «أوراكل». وأعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن المشروع، في يناير (كانون الثاني) الماضي، مُؤكداً أن الشركات ستستثمر ما يصل إلى 500 مليار دولار. وفي وقت سابق من هذا الشهر، أعلنت شركة «فوكسكون» أنها أبرمت صفقة لبيع مصنع سيارات سابق في لوردستاون بولاية أوهايو الأميركية، مقابل 375 مليون دولار، والذي كانت اشترته في عام 2022 لتصنيع السيارات الكهربائية. وأفاد مصدر مطّلع على الأمر، لـ«رويترز»، بأن المصنع بِيع لشريكها «سوفت بنك». توقعات متفائلة ويوم الخميس الماضي، توقعت «فوكسكون» ارتفاعاً كبيراً في إيرادات الربع الثالث، حيث أعلنت أكبر شركة مصنّعة لرقائق هواتف «آيفون» في العالم، أنها حققت، ولأول مرة، أرباحاً من أعمال خوادم الذكاء الاصطناعي أكثر من أرباحها من الإلكترونيات الذكية في الربع الماضي. وأضافت الشركة أنه من المتوقع أن ترتفع إيرادات خوادم الذكاء الاصطناعي بأكثر من 170 في المائة على أساس سنوي في الربع المقبل، على الرغم من أنها حذّرت أيضاً من حالة عدم اليقين بشأن الرسوم الجمركية الأميركية. وشهدت شركة «إنفيديا»، أكبر مُصنّع للخوادم في العالم، وأكبر مُجمّع لأجهزة «آيفون» لدى «آبل»، طفرةً في قطاع مراكز البيانات، حيث تُنفق شركات الحوسبة السحابية، مثل «أمازون» و«مايكروسوفت» و«غوغل» التابعة لشركة «ألفابت»، مليارات الدولارات لتوسيع بنيتها التحتية للذكاء الاصطناعي وقدراتها البحثية. وأفادت الشركة بأن منتجات الحوسبة السحابية والشبكات، بما في ذلك الخوادم، شكلت 41 في المائة من إيراداتها، خلال الربع الثاني، بينما شكّلت منتجات المستهلك الذكي 35 في المائة. ومن المتوقع أن تشهد مساهمة أعمال الخوادم في إيراداتها نمواً أكبر، خلال الربع الحالي، حيث تتوقع «فوكسكون» انخفاضاً طفيفاً في إيرادات الإلكترونيات الاستهلاكية الذكية. ويتوقع بعض الخبراء تباطؤ مبيعات «آيفون»، بعد ارتفاعها خلال الربع المنتهي في يونيو (حزيران) الماضي، قبل فرض الرسوم الجمركية الأميركية المتوقعة. وقالت كاثي يانغ، الرئيسة التنفيذية الدورية لـ«فوكسكون»، في اتصال مع وسائل الإعلام والمحللين: «كان الذكاء الاصطناعي المحرك الرئيسي للنمو حتى الآن، هذا العام». لكنها حذّرت من أن «هناك حاجة إلى اهتمام وثيق نظراً لتأثير التغييرات في الرسوم الجمركية وأسعار الصرف». وأعلنت الشركة، يوم الخميس، أن إنفاقها الرأسمالي سيرتفع بأكثر من 20 في المائة، هذا العام، حيث تخطط لتعزيز طاقة إنتاج الخوادم في مواقعها التصنيعية بتكساس وويسكونسن. وقد يُضعف عدم اليقين التجاري العالمي، وخاصةً النزاع التجاري بين الولايات المتحدة والصين، من توقعاتها لهذا العام؛ نظراً لوجودها الصناعي الرئيسي في الصين، على الرغم من أن واشنطن وبكين مدّدتا، هذا الأسبوع، هدنة التعريفات الجمركية لمدة 90 يوماً أخرى. وتُجمّع معظم هواتف «آيفون» التي تصنعها «فوكسكون» لشركة «آبل» في الصين، لكن الجزء الأكبر من تلك المبيعة في الولايات المتحدة يُنتج الآن في الهند. كما تبني الشركة مصانع في المكسيك وتكساس لتصنيع خوادم الذكاء الاصطناعي لشركة إنفيديا. وإجمالاً، أعلنت الشركة صافي ربح، للفترة من أبريل (نيسان) إلى يونيو، بلغ 44.4 مليار دولار تايواني (1.48 مليار دولار أميركي)، وهو أعلى من التقديرات الإجماعية البالغة 38.8 مليار دولار تايواني التي جمعتها مجموعة بورصة لندن للأوراق المالية. وأعلنت «فوكسكون»، الشهر الماضي، إيرادات قياسية في الربع الثاني بفضل الطلب القوي على منتجات الذكاء الاصطناعي، لكنها حذرت من الرياح المعاكِسة الجيوسياسية وأسعار الصرف. وارتفعت أسهمها بنسبة 8.4 في المائة، حتى الآن، هذا العام، متجاوزةً بذلك مكاسب مؤشر تايوان الأوسع نطاقاً التي بلغت 5.2 في المائة.