عمرها 2.6 مليون سنة.. العثور على "كبسولة زمن" في الصحراء الإفريقية
نفذ فريق بحثي متخصص من جامعة فروتسواف ومركز الآثار بجامعة وارسو ومتحف الآثار في غدانسك أعمال تنقيب وحفريات ميدانية استمرت ست سنوات. أسفرت هذه الجهود عن اكتشاف أكثر من 1200 موقع أثري جديد، منها 448 موقعا ضمن مشروع المركز الوطني للعلوم. وقد نشرت نتائج هذه الأبحاث في المجلة العلمية المرموقة "Antiquity".
ومن بين الاكتشافات البارزة، عُثر على بحيرة قديمة تقع في قلب صحراء البيوضة. وكشف الفريق البحثي أن الموقع الذي كانت تحتله هذه البحيرة الجافة كان يُستخرج منه النطرون - ذلك المعدن النادر الذي استخدمه قدماء المصريين في عمليات التحنيط وصناعة الزجاج والخزف.
وأوضح البروفيسور هنريك بانير، رئيس فريق البحث: "يُعتبر النطرون - وهو معدن من فئة كربونات الصوديوم - من المعادن النادرة التي لا تتوفر إلا في مناطق محدودة جداً حول العالم. ويُمثّل وادي النطرون في مصر أحد أهم مصادره التاريخية. هذا الاكتشاف يستدعي إعادة تقييم جذري لشبكات التجارة القديمة التي كانت تربط بين السودان ومصر."
كما عثر العلماء على أقدم القطع الأثرية التي تعود إلى العصر الحجري القديم (2.6-1.7 مليون سنة مضت)، بما في ذلك أدوات تعود إلى تقنية (أولدواي) وورشات (أشولية). وعُثر في البيوضة على العديد من القطع الأثرية من العصر الحجري الأوسط (300-50 ألف سنة مضت)، والتي صنعت باستخدام تقنية (ليفالوا) الخاصة بمعالجة الحجر.
وأشار بانير قائلا: "إن ذلك يدل على الوجود المبكر للإنسان العاقل في هذه المنطقة من إفريقيا".
ومن بين أكثر الاكتشافات تميزا مقبرة تعود إلى العصر الحجري المتوسط في وسط البيوضة، عند سفح جبل الغارة. وتحتوي المقبرة على 16 قبرا موزعة على عدة طبقات. وأظهر التحليل بالكربون المشع أن المقبرة استُخدمت في الفترة بين 7-6 آلاف سنة قبل الميلاد. وعُثر في القبور على أصداف وحجرية وخرز مصنوع من قشور بيض النعام.
ومن المواقع المهمة الأخرى مستوطنة للصيادين بالقرب من جبل الفول. وعُثر هناك على حوالي 300 عظمة لحيوانات برية، ونحو 3400 قطعة خشبية متحجرة، وأكثر من 2000 قطعة فخارية، والعديد من الأدوات الحجرية. ويعود تاريخ هذه الاكتشافات إلى حوالي 6000 سنة قبل الميلاد.
أظهرت الأبحاث أن البيوضة كانت مأهولة على مدى آلاف السنين. وتعود العظام الحيوانية من السافانا والحشرات التي عُثر عليها في أوان إلى عصر كرمة (2500-1500 ق.م.) وتشير إلى مناخ أكثر رطوبة في الماضي.
وأكد بانير أن "هذه المواقع تقدم بيانات قيمة عن آلاف السنين من الاستيطان والتغيرات الحضرية والبيئية والمناخية في صحراء البيوضة".
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


نافذة على العالم
منذ 18 ساعات
- نافذة على العالم
ثقافة : أسرار الموميات المصرية.. من الرائحة المميزة والوشم النادر إلى ممنوع اللمس
الخميس 29 مايو 2025 04:31 مساءً نافذة على العالم - بين الحين والآخر، تجرى دراسات متعددة ومتنوعة على المومياوات المصرية، نظرًا لما تحمله من خصائص فريدة ومميزات استثنائية، تكشف أسرارًا دفينة عن حضارة لا تزال تدهش العالم حتى اليوم. ما هي رائحة المومياوات؟ رغم أن الرائحة والذاكرة مترابطتان ارتباطًا وثيقًا، إلا أنه ليس من السهل دائمًا تحديد رائحة الماضي، ولكن في حالة المومياوات المصرية، قد يكون لدى المؤرخين إجابة بالفعل، وهي "لطيفة بشكل مدهش". مؤخرًا، تعاون باحثون من كلية لندن الجامعية مع المتحف المصري بالقاهرة لتحليل روائح تسع مومياوات من فترات زمنية مختلفة في التاريخ المصري القديم. جمعت الدراسة الناتجة ، والتي نُشرت في فبراير 2025 في مجلة الجمعية الكيميائية الأمريكية ، بين التحليل الحسي التقليدي - من خلال لجنة من "خبراء الشم" المدربين الذين وصفوا نتائجهم - وتقنيات لتحديد المركبات الكيميائية التي تنبعث من المومياوات. فحص الباحثون تسع مومياوات، يعود تاريخها إلى الفترة الممتدة من عصر الدولة الحديثة في مصر (حوالي ١٥٣٩ إلى ١٠٧٧ قبل الميلاد) وحتى العصر الروماني (٣٠ قبل الميلاد إلى ٦٤٢ ميلادي)، وكانت أكثر الروائح التي لاحظها الناس شيوعًا هي "خشبية" و"توابل" و"حلوة". وفي حالات أقل شيوعًا، وُصفت المومياوات بأنها تفوح منها رائحة "تشبه البخور" أو "عتيقة ". كما طُلب من المشاركين وصف لذة روائح المومياوات، المعروفة تقنيًا باسم "النغمة اللذية". وصُنفت النغمة اللذية المتوسطة بأنها "لطيفة بعض الشيء" - ليست سيئة، بعد حوالي 5000عام من الوفاة. من بين أكثر مركبات الرائحة شيوعًا التي عزلت باستخدام التحليلات المتطورة تقنيًا: "النونانال" (وُصفت برائحة منعشة تشبه الشمع وقشر البرتقال والدهون)، و"الفورفورال" (وُصفت برائحة حلوة تُذكرنا بالخشب واللوز والخبز)، والتربينويدات تشير التربينويدات عادةً إلى استخدام منتجات نباتية مثل زيت العرعر والمر واللبان، والتي وُثّقت جميعها جيدًا كجزء من عملية التحنيط. في الواقع، تُعزى الروائح المنبعثة من المومياوات بشكل كبير إلى المواد المستخدمة لحفظ الجثث، ورغم اختلاف التقنيات والمواد على مر الزمن، غالبًا ما كانت المومياوات المصرية تحنط براتنجات من أشجار مثل الصنوبر والأرز والعرعر والمصطكي، بالإضافة إلى راتنجات الصمغ (مثل المر واللبان)، والبخور، والدهون الحيوانية، والشمع، ومختلف أنواع الأخشاب والتوابل والأعشاب والزهور. غالبًا ما كانت عملية الحفظ تتضمن أملاح النطرون - وهي مزيج من كربونات الصوديوم وكربونات الهيدروجين، وكميات صغيرة من الكلوريد والكبريتات. مع ذلك، لم تقتصر الروائح المذكورة في الدراسة على مواد التحنيط الأصلية فحسب، بل كشف التحليل أيضًا عن آثار عطرية ناتجة عن زيوت نباتية استخدمت في عمليات حفظ حديثة؛ ومبيدات حشرية صناعية (بعضها كانت رائحته تشبه إلى حد كبير مواد التحنيط الأصلية)؛ ونواتج تدهور ميكروبيولوجية مثل العفن. حتى أن بعض الجزيئات العطرية جاءت من مواد مثل التوابيت وأقمشة التحنيط، وفقا لما ذكره موقع هستورى فاكت. هذا يعني أن رائحة هذه المومياوات قد تختلف اليوم بعض الشيء عما كانت عليه عند حفظها لأول مرة. أشارت الدراسة إلى أن التقنيات المستخدمة في تحنيط المومياوات المصرية تغيرت بمرور الوقت، وتنوعت أيضًا حسب المنطقة والوضع الاجتماعي والاقتصادي. في حين أن التحنيط في مصر ما قبل الأسرات (حوالي 5000 قبل الميلاد) كان إلى حد كبير عملية طبيعية تتم بواسطة رمال الصحراء الجافة والحارة، فقد شهدت المملكة القديمة (حوالي 2700 إلى 2200 قبل الميلاد) استخدام أملاح النطرون وراتنجات النباتات والأصماغ وإزالة الأعضاء الداخلية. بلغت جودة التحنيط ذروتها خلال المملكة الحديثة (حوالي 1570 إلى 1069 قبل الميلاد) وانخفضت خلال العصرين البطلمي واليوناني الروماني (332 قبل الميلاد إلى 395 م). بعد الفتح العربي لمصر عام 641 م، لم يعد التحنيط يمارس في المنطقة. ومع ذلك، فمن الإنصاف القول إنه على الرغم من ممارسة هذه الطقوس، إلا أنها ربما أنتجت روائح تشبه إلى حد ما تلك التي لاحظتها الدراسة. لم يدرس الباحثون روائح المومياوات كنوع من الفضول فحسب، بل يأملون أن يُسهم فهم أكثر تفصيلًا لهذه الروائح في حفظ الآثار، من خلال توسيع نطاق فهمنا لأساليب التحنيط وتحسين تقنيات الحفظ التي قد تُساعد في حماية المومياوات من المزيد من التلف. على الرغم من أن هذه الدراسة تزعم أنها الأولى التي تدرس روائح مجموعة من المومياوات بشكل منهجي، إلا أن دراسة سابقة تناولت البقايا في جرار كانوبية عمرها 3500 عام (أوعية كانت تُستخدم لحفظ أعضاء المومياوات المحنطة) من مقبرة سيدة نبيلة مصرية تُدعى سينتناي. وقد اكتشف العلماء الذين كشطوا البقايا من الجرار الفارغة، التي عثر عليها هوارد كارتر عام 1900 في وادي الملوك، آثارًا لشمع العسل، وزيوت نباتية، ودهون، وبيتومين، وراتنجات من أشجار مختلفة، بما في ذلك الصنوبر والأرز، لكن هذه المرة، لم يكتفِ الباحثون بعرض نتائجهم، بل حاولوا إعادة إنتاجها. عمل العلماء المشاركون في المشروع، ومنهم عالمة الآثار الألمانية باربرا هوبر، مع صانعة العطور الفرنسية كارول كالفيز وعالمة المتاحف الحسية صوفيا كوليت إيريش لإعادة إنتاج رائحة مواد التحنيط الموجودة في الجرار. وفي حديثها عن نتائج إعادة الإنتاج، قالت هوبر لإذاعة CBC : "الرائحة السائدة هي بالتأكيد رائحة خشبية تشبه رائحة الصنوبر، ولكنها تحتوي أيضًا على لمحة من البيتومين، وقليل من شمع العسل، ورائحة حلوة، وقد تتمكن حتى من شم نكهة الفستق المنعشة والحمضية". أُطلق على هذا العطر اسم "رائحة الخلود"، ورغم أنه لم يكن معروضًا للبيع، إلا أنه أصبح جزءًا من "تجربة غامرة متعددة الحواس" في متحف مويسجارد بالدنمارك في أكتوبر 2023. استخدم معرض "مصر القديمة - هوس الحياة" رائحته للمساعدة في سرد قصة المعتقدات المصرية القديمة حول الحياة الآخرة وعملية التحنيط. يُعد هذا جزءًا من توجه حديث لدمج الروائح في معروضات المتاحف وطرق أخرى لاختبار التاريخ. ففي النهاية، استخدم أسلافنا حواسهم الخمس، وينبغي علينا أن نفعل ذلك أيضًا. مومياء مصرية لم يجرؤ أى خبير على لمسها لقد أسرت مومياء "با شيرى" الغامضة عقول علماء المصريات لأكثر من قرن من الزمان، لكن لم يجرؤ أى خبير على لمسها، تم اكتشاف المومياء المعروفة باسم "غير القابلة للمس" من قبل عالم المصريات الشهير هوارد كارتر في عام 1919 فى منطقة وادى الملوك فى الأقصر، قبل ثلاث سنوات من اكتشافه لمقبرة الملك توت عنخ آمون الفخمة. وفقا لما ذكره موقع ديلى ميل، لم يسبق أن رأينا مثل هذه التقنية المستخدمة في لف هذه الجثة القديمة فى أى مكان آخر، حيث تم ترتيب الضمادات على الوجه فى نمط معقد يشبه أهرامات مصر الشهيرة. وتشير العناية غير العادية التي لفت بها مومياء "باشيرى" إلى أن هذا الشخص كان أيضًا ذى أهمية كبيرة في المجتمع المصري القديم، لكن هوية الجثة تظل غير معروفة إلى حد كبير، لأن فتح المومياء لمعرفة ما بداخلها قد يلحق ضررا لا رجعة فيه بهذه الممارسة الفريدة من نوعها في التحنيط. وقد وجد العلماء طرقا أخرى للنظر إلى داخله، ومع ذلك، فقد عثروا على بعض الأدلة حول من قد يكون هذا الشخص، تم استخدام التصوير المقطعي والأشعة السينية لرؤية ما يكمن تحت الضمادات دون إزعاجها. وقد أتاحت هذه التقنيات للباحثين تحديد أن مومياء "باشيرى" كانت في يوم من الأيام لرجل يبلغ طوله نحو خمسة أقدام ونصف، تعود مومياء باشيرى إلى العصر البطلمي بين القرن الثاني وأوائل القرن الثالث قبل الميلاد، وخلال هذه الفترة وصلت براعة وتطور ممارسات التحنيط إلى ذروتها. تقدم هذه المومياء نافذة فريدة على الممارسات الجنائزية في العصر البطلمي في مصر القديمة، وهي معروضة حاليا في متحف مصر بالقاهرة، ويقال إن الترتيب المعقد للضمادات فوق وجه المومياء يشبه التصميم المعماري للأهرامات المصرية، وهو ما قد يشير إلى التبجيل والاحترام اللذين يكنهما لهذا الفرد. إن فتح جوف المومياء سيكون الطريقة الأكثر مباشرة لمعرفة المزيد عن البقايا الموجودة بداخلها، لكن أغلفتها حساسة للغاية، وإتلافها من شأنه أن يدمر الدليل الوحيد المعروف لهذه التقنية الخاصة في التحنيط. ولهذا السبب لجأ الخبراء إلى أساليب أقل تدخلاً في التحقيق، مثل التصوير المقطعي المحوسب والأشعة السينية، إن مراقبة المظهر الخارجي المزخرف للمومياء يكشف أيضًا عن معلومات حول وضع هذا الرجل خلال حياته. وتشير هذه التفاصيل إلى أن هذا الرجل كان ذى ثروة كبيرة وأهمية كبيرة، ولكن حتى ذلك الحين، ستبقى مومياء البشيري محاطة بالغموض. وشم نادر على وجه مومياء غامضة عمرها 800 عام يحير علماء الآثار كشفت مومياء عمرها 800 عام، مُنحت لمتحف في إيطاليا قبل قرن من الزمان، عن أدلة جديدة حول وشم الوجه القديم، إلا أن أصل المومياء لا يزال يكتنفه الغموض، وفقا لما نشره موقع"livescience". قبل عام 1930، تبرع متحف الأنثروبولوجيا والإثنوغرافيا (MAET) بجامعة تورينو بمومياء امرأة بالغة ، دون أي سجلات عن سياقها الأثري، وقد لفتت المومياء انتباه فريق من الباحثين مؤخرًا بسبب وجود وشم مفاجئ على وجهها. وفي دراسة نشرت في عدد مايو من مجلة التراث الثقافي ، قام فريق دولي من الباحثين بتفصيل تحليلهم للمومياء والوشوم الموجودة عليها، مشيرين إلى أنها غير عادية للغاية سواء في موقعها أو في تركيبة الحبر المستخدم في صنعها. تتميز المومياء بشعر أسود مستقيم قصير، وهي ملتوية بإحكام في وضعية الجلوس، وهو أمر شائع في دفن المومياوات في جبال الأنديز، وقد حدد الباحثون تاريخ شظايا نسيجية ملتصقة بالجسم باستخدام الكربون المشع، وخلصوا إلى أن المرأة توفيت بين عامي 1215 و1382 ميلاديًا. وقال جيانلويجي مانجياباني ، الباحث الرئيسي في الدراسة وعالم الأنثروبولوجيا في جامعة تورينو، إن فريق البحث لاحظ سلسلة من الوشم غير العادية، ثلاثة خطوط على الخد الأيمن للمومياء، وخط واحد على الخد الأيسر وشكل حرف S على الرسغ الأيمن. وكتب الباحثون في الدراسة أن "علامات الجلد على الوجه نادرة بين مجموعات منطقة الأنديز القديمة، وأكثر ندرة على الخدين"، وأن الوشم على شكل حرف S "فريد من نوعه حتى الآن بالنسبة لمنطقة الأنديز". لتحديد نوع الحبر المستخدم في الوشم، استخدم الباحثون مجموعة من التقنيات غير الإتلافية، ورغم توقعهم العثور على آثار فحم حجري في الحبر، إلا أنهم اكتشفوا أن هذا الحبر الغريب مصنوع من المغنتيت، وهو معدن من أكسيد الحديد، مع آثار من معدن الأوجيت، في أمريكا الجنوبية، يمكن العثور على الأوجيت والماغنتيت معًا في جنوب بيرو، مما يشير إلى موطن محتمل للمرأة المحنطة.


نافذة على العالم
منذ 2 أيام
- نافذة على العالم
أخبار العالم : لغز وعاء غامض مدفون قبل ألف عام فكّكه العلماء.. ما هو؟
الأربعاء 28 مايو 2025 12:30 مساءً نافذة على العالم - دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- اكتشف علماء الآثار مكوّنًا رئيسيًا لقطعة أثرية غامضة في موقع ساتون هو (Sutton Hoo) التابع للمؤسسة الوطنية للحفاظ على التراث (National Trust) في سوفولك، بإنجلترا. يشتهر الموقع بدفن "سفينة الأشباح" الأنغلوساكسونية من القرن السابع، التي عُثر عليها داخل تلة دفن بين عامي 1938 و1939. أثارت شظايا الدلو البيزنطي الذي يعود إلى القرن السادس فضول الباحثين منذ أن كشفت عنه مجرفة جرار بالصدفة في عام 1986. لطالما تساءل الباحثون عن الغرض من هذا الأثر الغامض، الذي يصوّر مشهد صيد في شمال إفريقيا، ويضم محاربين، ومجموعة متنوعة من الأسلحة، وأسودًا، وكلب صيد. يعتقد الخبراء أنّ جذور الدلو تعود إلى الإمبراطورية البيزنطية، وكان قد صُنّع في أنطاكيا (تركيا الحديثة)، قبل أن يشق طريقه إلى الساحل الشرقي لبريطانيا بعد نحو قرن من صناعته. قد يهمك أيضاً في عام 2012، ساهمت حفريات إضافية في العثور على قطع أخرى من هذا الأثر المعروف باسم دلو برومسويل (Bromeswell Bucket)، لكن القاعدة الكاملة للوعاء ظلّت غامضة، تمامًا كأسباب وجوده في موقع أنغلوساكسوني. أصبح لغز برومسويل اليوم أقرب إلى الحل، بعدما كشفت حفريات جديدة أُجريت الصيف الماضي، عن كتلة من التراب تحتوي على أجزاء من الدلو. بعد تحليل دقيق، تبيّن أنها تضم القاعدة الكاملة للوعاء التي تحتوي على زخارف تُكمل تفاصيل مثل الأقدام، والكفوف، والدروع الخاصة بالشخصيات، إضافة إلى الوجه المفقود لأحد المحاربين. كما اكتشف الفريق محتويات الدلو المفاجئة، والتي كانت عبارة عن بقايا محترقة لكائنات حيوانية وبشرية، الأمر الذي ألقى مزيدًا من الضوء على سبب دفن هذا الوعاء أساسًا. عثر الباحثون أيضَا على مشط محفوظ بشكل مذهل، قد يحتوي على أدلة حمض نووي (DNA) تعود إلى الشخص الذي وُضع ليرقد في هذا القبر قبل أكثر من ألف عام، ويُرجَّح أنه كان شخصًا يتمتع بمكانة رفيعة. تُوجد عظام بشرية وحيوانية محترقة على قاعدة الدلو، إلى جانب مشط مزدوج الجانبين. Credit: FAS Heritage مقتنيات جنائزية غير متوقعة خضعت كتلة التراب لفحوصات بالأشعة المقطعية والسينية في جامعة برادفورد، قبل أن تُرسل إلى هيئة الآثار في يورك (York Archaeological Trust) لمزيد من التحليل في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني. تولّى فريق بحثي متخصص في دراسة العظام البشرية، والبقايا العضوية، وحفظ الآثار، إزالة التربة بعناية فائقة من داخل الدلو، وحللوا كل شظية تظهر تدريجيًا. كشفت هذه المقاربة الدقيقة عن عظام بشرية محروقة، شملت أجزاء من عظمة كاحل، وقبة الجمجمة (الجزء العلوي الواقي من الجمجمة)، وفق ما جاء في بيان صادر عن المؤسسة الوطنية للحفاظ على التراث. كما عثر الباحثون على بقايا عظام حيوانية، وأظهر التحليل الأولي أن هذه القطع تعود لحيوان أكبر من الخنزير. وأشار الفريق إلى أن الأحصنة كثيرًا ما كانت تُحرق ضمن طقوس الحرق الجنائزي في العصور الأنغلوساكسونية المبكرة، كتعبير عن مكانة الشخص المتوفى. أما تمركز بقايا العظام في حزمة متماسكة، إلى جانب وجود ألياف غريبة غير معروفة، فيرمز إلى أن هذه الرفات كانت محفوظة في كيس وُضع داخل الدلو. عُثر أيضًا على بعض شظايا العظام خارج الدلو مباشرة، تظهر عليها بقع نحاسية (ناتجة عن تفاعل العظام مع معدن الدلو)، ما يدل على أنها دُفنت في الوقت ذاته، لكن خارج الوعاء. قد يهمك أيضاً تخضع كل من العظام البشرية والحيوانية راهنًا، لمزيد من الدراسة، بالإضافة إلى اختبارات التأريخ بالكربون المشع، لتوفير سياق زمني أوضح ودقيق. وقد وُضعت مقابر حرق عدّة في موقع ساتون هو داخل أوعية مثل الجرار الفخارية والسلطانيات البرونزية، من بينها وعاء برونزي معلّق معروض حاليًا في قاعة المعرض الكبرى. وفقًا لما ذكرته لورا هوارث، مديرة قسم علم الآثار والتفاعل الجماهيري في موقع ساتون هو، التابع للمؤسسة الوطنية، فإن استخدام الدلاء في عمليات الدفن هذه نادر للغاية، ولم يُعثر من قبل على دلو يحتوي على رفات محروقة. أظهرت الفحوصات الأولية أيضًا وجود مقتنيات جنائزية داخل الدلو، وتمكّن الباحثون بعناية فائقة من استخراج مشط مزدوج الجوانب، دقيق ومتكامل إلى حد كبير، يحتوي على جانب بأسنان رفيعة وآخر بأسنان أوسع، ويُرجّح أنه صُنع من قرن أيل (غزال). واللافت أن المشط، بخلاف العظام، لم يتعرّض للاحتراق. المشط المزدوج المصنوع من قرن الأيل محفوظ بشكل مفاجئ وجيد، رغم التربة الحمضية التي دُفن فيها. Credit: FAS Heritage عُثر على أمشاط مصنوعة من العظام وقرون الأيائل في مدافن تعود للرجال والنساء على حدّ سواء، وأشار الاختلاف بالأحجام إلى أنها استُخدمت في تسريح الشعر، واللحى، وإزالة القمل. وقالت هوارث إنّ التربة الحمضية في موقع ساتون هو، التي تسببت بتحلّل الخشب الخاص بالسفينة الأنغلوساكسونية، ولم تترك سوى بصمات للألواح وصفوف من المسامير الحديدية، تعني أن العديد من الأمشاط العظمية التي عُثر عليها سابقًا في الموقع لم تُحفظ بحالة جيدة. لم يتمكّن الفريق من تحديد جنس الشخص من بقايا العظام المكتشفة، لكن يشعر الباحثون بالتفاؤل بإمكانية استخراج حمض نووي قديم (DNA) من المشط، ما قد يساهم في كشف المزيد عن هوية هذا الشخص. أوضحت نعومي سوپول، عالمة الآثار البيئية التي قامت بتحليل الاكتشافات، في مقطع فيديو على قناة برنامج "تايم تيم" (Time Team) البريطاني على "يوتيوب"، أن العلماء يشعرون بالحماسة أيضًا لفحص الأوراق وبقايا النباتات التي وُجدت داخل الدلو، ما قد يقدم أدلة جديدة. قام الباحثون بإزالة التربة بعناية بواسطة فُرَش دقيقة لكشف محتويات الدلو. Credit: FAS Heritage من جهة أخرى، أفاد أنغوس وينرايت، عالم آثار تابع للمؤسسة الوطنية، في بيان: "كنا نعلم أن هذا الدلو قطعة نادرة وثمينة من زمن الأنغلوساكسونيين، لكن سبب دفنه ظل لغزًا لفترة طويلة. والآن نعلم أنه استُخدم لحفظ رفات شخص مهم في مجتمع ساتون هو. وآمل أن تكشف التحليلات الإضافية مزيدًا من المعلومات حول هذا الدفن الفريد من نوعه". تأتي الأبحاث الجديدة في موقع ساتون هو، ضمن مشروع يمتد على مدار عامين، بدأ في صيف عام 2024، بقيادة المؤسسة الوطنية للحفاظ على التراث، بالتعاون مع اختصاصيي علم الآثار الحقلي (Field Archaeology Specialists – FAS)، ومؤسسة Heritage، وبرنامج "تايم تيم" (Time Team). يُعد ساتون هو، من أهم مواقع التنقيب الأثري في بريطانيا، حيث خضع لحملات تنقيب عديدة على مرّ السنين، ذلك لأنّ اكتشاف سفينة الدفن في أواخر ثلاثينيات القرن الماضي غيّر بشكل جذري فهم المؤرخين لحياة الأنغلوساكسونيين، ومكانتهم، وثقافتهم.

يمرس
منذ 2 أيام
- يمرس
عمرها 2.6 مليون سنة.. العثور على "كبسولة زمن" في الصحراء الإفريقية
نفذ فريق بحثي متخصص من جامعة فروتسواف ومركز الآثار بجامعة وارسو ومتحف الآثار في غدانسك أعمال تنقيب وحفريات ميدانية استمرت ست سنوات. أسفرت هذه الجهود عن اكتشاف أكثر من 1200 موقع أثري جديد، منها 448 موقعا ضمن مشروع المركز الوطني للعلوم. وقد نشرت نتائج هذه الأبحاث في المجلة العلمية المرموقة "Antiquity". ومن بين الاكتشافات البارزة، عُثر على بحيرة قديمة تقع في قلب صحراء البيوضة. وكشف الفريق البحثي أن الموقع الذي كانت تحتله هذه البحيرة الجافة كان يُستخرج منه النطرون - ذلك المعدن النادر الذي استخدمه قدماء المصريين في عمليات التحنيط وصناعة الزجاج والخزف. وأوضح البروفيسور هنريك بانير، رئيس فريق البحث: "يُعتبر النطرون - وهو معدن من فئة كربونات الصوديوم - من المعادن النادرة التي لا تتوفر إلا في مناطق محدودة جداً حول العالم. ويُمثّل وادي النطرون في مصر أحد أهم مصادره التاريخية. هذا الاكتشاف يستدعي إعادة تقييم جذري لشبكات التجارة القديمة التي كانت تربط بين السودان ومصر." كما عثر العلماء على أقدم القطع الأثرية التي تعود إلى العصر الحجري القديم (2.6-1.7 مليون سنة مضت)، بما في ذلك أدوات تعود إلى تقنية (أولدواي) وورشات (أشولية). وعُثر في البيوضة على العديد من القطع الأثرية من العصر الحجري الأوسط (300-50 ألف سنة مضت)، والتي صنعت باستخدام تقنية (ليفالوا) الخاصة بمعالجة الحجر. وأشار بانير قائلا: "إن ذلك يدل على الوجود المبكر للإنسان العاقل في هذه المنطقة من إفريقيا". ومن بين أكثر الاكتشافات تميزا مقبرة تعود إلى العصر الحجري المتوسط في وسط البيوضة، عند سفح جبل الغارة. وتحتوي المقبرة على 16 قبرا موزعة على عدة طبقات. وأظهر التحليل بالكربون المشع أن المقبرة استُخدمت في الفترة بين 7-6 آلاف سنة قبل الميلاد. وعُثر في القبور على أصداف وحجرية وخرز مصنوع من قشور بيض النعام. ومن المواقع المهمة الأخرى مستوطنة للصيادين بالقرب من جبل الفول. وعُثر هناك على حوالي 300 عظمة لحيوانات برية، ونحو 3400 قطعة خشبية متحجرة، وأكثر من 2000 قطعة فخارية، والعديد من الأدوات الحجرية. ويعود تاريخ هذه الاكتشافات إلى حوالي 6000 سنة قبل الميلاد. أظهرت الأبحاث أن البيوضة كانت مأهولة على مدى آلاف السنين. وتعود العظام الحيوانية من السافانا والحشرات التي عُثر عليها في أوان إلى عصر كرمة (2500-1500 ق.م.) وتشير إلى مناخ أكثر رطوبة في الماضي. وأكد بانير أن "هذه المواقع تقدم بيانات قيمة عن آلاف السنين من الاستيطان والتغيرات الحضرية والبيئية والمناخية في صحراء البيوضة".