
ماذا يريد حكمت الهجري من الحكومة السورية؟
اضافة اعلان
وتصدر الهجري المشهد بشكل كبير في المحافظة الجنوبية بعيد سقوط الأسد أواخر عام 2024، نظرا لقيادته تيارا مناهضا للإدارة السورية الجديدة يتمثل في المجلس العسكري لمحافظة السويداء ومطالبته المستمرة بشكل من أشكال الإدارة الذاتية، إضافة إلى الحماية الدولية.
في منتصف يوليو/تموز الجاري، تطورت الأمور في السويداء بعد اقتتال واحتجاز رهائن متبادل بين مجموعات مسلحة درزية وأخرى بدوية، تدخلت على إثرها قوات حكومية واجهتها قوات من المجلس العسكري الموالي للهجري بدعم وإسناد كبيرين من إسرائيل.
أدى ذلك إلى جولات من العنف والتقدم والتراجع للقوات الحكومية في المحافظة ووصول قوات عشائرية من أنحاء مختلفة من البلاد تضامنا مع البدو داخل السويداء بعد تعرضهم لانتهاكات واسعة وعمليات تهجير قسرية من القوات الموالية للهجري، الذي لا يزال يجاهر برفضه سيطرة الدولة السورية على محافظة السويداء، رغم وساطات إقليمية ودولية.
مواقف متقلبة
مرَّ الهجري -أحد مشايخ العقل والرئيس الروحي للدروز في محافظة السويداء- بتقلبات خلال مسيرته، إذ ارتبط بعلاقات إيجابية مع نظام الأسد حتى عام 2021، وظهر مرارا في مقابلات تلفزيونية يمتدح فيها بشار الأسد، ويبارك نجاحه في الانتخابات الرئاسية.
ففي عام 2015 دعا الهجري نظام الأسد إلى تسليح الطائفة الدرزية، وفي عام 2017 استقبل وفدا من حركة النجباء التابعة للحشد الشعبي العراقي، حين كانت تشارك فصائل الحشد إلى جانب نظام الأسد في الهجوم على ريف إدلب ومدينة حلب.
كما طالب عام 2018 أبناء الطائفة بالالتحاق بالخدمة الإلزامية ضمن جيش الأسد، عقب المواجهات التي اندلعت بين فصائل درزية وتنظيم الدولة، كما توسط لدى النظام السابق من أجل إعادة موظفين حكوميين إلى عملهم.
ووفقا لدراسة أصدرها مركز جسور للدراسات عام 2020 تناولت الفاعلين في محافظة السويداء، فإن مساعد الهجري -ويدعى أبو فخر- أشرف على تشكيل فصيل عسكري في محافظة السويداء بالتنسيق مع وفيق ناصر العميد في المخابرات التابعة لنظام الأسد.
الزعامة الدينية وأثرها على مواقف الهجري
يترأس الهجري المؤسسة الروحية لطائفة الدروز في سوريا، وهذا منصب متوارث في العائلة، إذ ورثه حكمت عن شقيقه أحمد الذي مات في حادث سير مطلع عام 2012، اتُّهم نظام الأسد بتدبيره نتيجة مواقف أحمد التي كانت أقرب للانتفاضة الشعبية ضد الأسد وقتها.
أيضا، يتولى الهجري إدارة دارة قنوات التي تعتبر واحدة من داري مرجعية درزية في السويداء، إلى جانب دار عين الزمان التي يشرف عليها الشيخ يوسف جربوع.
طوال سنوات الثورة لم تصدر عن المرجعيات الدرزية مواقف موحدة، فكان الهجري يميل إلى تأييد نظام الأسد، مقابل موقف أقرب للحياد من الجربوع وشيخ العقل الثالث حمود حناوي، ثم انقلب الهجري لاحقا على النظام في 2021 وصار يجاهر بانتقاده. مقابل ذلك، تمسك الجربوع بخطاب داعم لسلطة النظام، ودعا لبسط سيطرة الأخيرة على السويداء، وتفكيك الفصائل المرتبطة بالخارج.
بعيد سقوط نظام الأسد، أظهر كل من الجربوع والحناوي مواقف مؤيدة للحكومة السورية، مع رفض الاستقواء بالخارج، في المقابل، جاهر الهجري بمعارضته للسلطة السورية الجديدة، وطالب باللامركزية، ودعا إلى الحماية الدولية.
كما ارتبط بعلاقات مع رئيس المحكمة الدرزية داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة موفق طريف، صاحب العلاقة القوية مع الجيش الإسرائيلي، ثم طلب الهجري مؤخرا بشكل واضح دعم حكومة بنيامين نتنياهو الإسرائيلية بالتوازي مع المواجهات التي اندلعت في السويداء خلال يوليو/تموز الجاري.
حسب تقارير صحف لبنانية، فإن انقلاب الهجري على نظام الأسد عام 2021 يعود إلى منح الأخير ميزات لشيخ العقل يوسف جربوع على حسابه، بعد وساطة من الشيخ نصر الدين الغريب المقرب من الزعيم الدرزي اللبناني طلال أرسلان، حيث أصبح الجربوع هو المسؤول عن منح الموافقة على زيارة رجال الدين الدروز غير السوريين إلى محافظة السويداء.
كما أشارت تقارير إلى أن الهجري تعرض لإهانة خلال مكالمة هاتفة من ضابط في استخبارات نظام الأسد يدعى لؤي العلي، الأمر الذي زاد من حنقه، ودفعه لتأييد الحراك الشعبي الذي خرج في السويداء عام 2021 احتجاجا على تردي الأوضاع الاقتصادية.
تصعيد الهجري والاستقواء بالخارج
تصاعد موقف الهجري تدريجيا ضد الإدارة السورية الجديدة مع كل خطوة سياسية اتخذتها الأخيرة، وقد بدأ هذا التصعيد مع استضافة الرئاسة السورية لقيادات درزية مثل ليث البلعوس المسؤول عن مضافة شيوخ الكرامة، وسليمان عبد الباقي قائد تجمع جبل العرب.
رفض الهجري مخرجات مؤتمر الحواري الوطني الذي نظمته الإدارة السورية الجديدة في فبراير/شباط الماضي، حيث حرصت الإدارة على توجيه دعوات شخصية بعيدا عن التكتلات والأحزاب والمرجعيات، واكتفت بدعوة 20 شخصية أكاديمية واجتماعية من السويداء دون توجيه دعوة لمشايخ العقل.
كما عارض الهجري الإعلان الدستوري الذي صدر لاحقا وتضمن التأكيد أن الفقه الإسلامي من مصادر التشريع الرئيسية، إذ اعتبر الهجري أن هذه الخطوات هي تكريس للون الواحد حسب وصفه، مكررا مطالب الدولة العلمانية والديمقراطية.
بالتوازي مع مجاهرة الهجري بمعارضة الإدارة السورية الجديدة، برزت علاقته مع المرجعيات الدينية الدرزية في إسرائيل، فقد أكد تقرير للوكالة الفرنسية أن الزيارة التي قام بها 60 رجل دين درزيا إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة في مارس/آذار الماضي، تمت بموجب التنسيق بين الهجري وموفق طريف.
وكشفت صحيفة الجمهورية نت السورية عن أن خلدون الهجري، الممثل السياسي لحكمت، التقى في فبراير/شباط 2025 مسؤولين أميركيين، وعرض عليهم خطة للتمرد المسلح على حكومة الرئيس أحمد الشرع بالتعاون مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد) وفلول النظام.
وخلال المواجهات الأخيرة، طالب الهجري بفتح الطريق بين السويداء ومناطق سيطرة قسد، إلى جانب طلب المساعدة من نتنياهو والحكومة الأميركية. كما عمدت المجموعات الموالية له إلى تهجير البدو من المحافظة، وهو ما بدأ يأخذ طابعا رسميا مع تطبيق اتفاق لوقف إطلاق النار تم برعاية أميركية ونص على فتح معابر إنسانية مع درعا لخروج البدو وتبادل الرهائن والمعتقلين.
أبرز مطالب الهجري المعلنة
تتمثل أبرز المطالب المعلنة للرئيس الروحي للدروز في السويداء حكمت الهجري في ما يلي:
* رفض ما يسميها حكومة "اللون الواحد"، إذ يصف الحكومة الحالية بالإرهابية، وقد تبنى الهجري هذا المطلب بعد الإعلان الدستوري الذي صدر عن الإدارة السورية الجديدة مطلع عام 2025، وتطرق إلى دور الفقه الإسلامي كأحد مصادر التشريع.
* رفض دخول قوات الأمن والجيش إلى محافظة السويداء، والتمسك بمطلب عودة الضباط والعناصر الأمنيين السابقين في زمن نظام الأسد إلى عملهم، واللافت أن الهجري رفض أن تتولى شخصيات من المحافظة، مثل ليث البلعوس أو سليمان عبد الباقي، مهمة ضبط الأمن بالتنسيق مع الحكومة.
* المطالبة بدولة علمانية ديمقراطية ولامركزية، تحظى السويداء فيها بإدارة ذاتية.
إطلاق مؤتمر حوار وطني جديد، وبالفعل تم عقد جولة تحضيرية في السويداء لهذا المؤتمر خلال فبراير/شباط الماضي، لكن لم تكتمل هذه الجهود.
* إعلان دستوري جديد، والمطالبة بالإشراف الدولي على عملية الانتقال السياسي في سوريا.
* فتح معبر مع الأردن، وفتح الطرقات مع مناطق سيطرة قسد، وهو مطلب أثار شكوكا كثيرة في الأوساط السورية، كونه يتوافق مع التسريبات التي تتحدث عن رغبة إسرائيل في فرض مشروع ممر داود الذي يمنحها وصولا إلى مناطق سيطرة قسد، مرورا بالجنوب والبادية السوريين.-(الجزيرة)
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


رؤيا نيوز
منذ ثانية واحدة
- رؤيا نيوز
'حل الدولتين'.. بين ضغط الاعتراف الدولي وسيف الضم الاحتلالي
في لحظة من أكثر اللحظات تعقيدا في مسار الصراع الفلسطيني- الكيان الصهيوني، يتقاطع المشهد الدولي المتسارع، نحو الاعتراف بالدولة الفلسطينية، مع تصعيد خطر للكيان، تمثل بتصويت الكنيست الصهيوني بضم الضفة الغربية. مشهد يعكس مفارقة صارخة؛ اعتراف دولي متزايد بحق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم، يقابله مشروع استيطاني توسعي، يسعى لمحو هذا الحق بالكامل. وبينما يراهن الاحتلال على فرض أمر واقع بالقوة، تتساءل قوى دولية إن كان الاعتراف وحده كافيا، أم أن ترجمته لأدوات ضغط فعلية توقف انزلاق المنطقة نحو صراع مفتوح، أصبحت لازمة. ففي وقت يتسارع فيه الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية، لا سيما من قوى غربية بارزة كفرنسا وإسبانيا والنرويج، يتخذ الاحتلال، خطوات ميدانية وتشريعية معاكسة تماما، أبرزها تصويت الكنيست بضم الضفة الغربية. وهذا التناقض الحاد، يسلّط الضوء على مسارين متوازيين متصادمين: دبلوماسي يكتسب زخما دوليا لصالح الفلسطينيين، وآخر استيطاني توسعي يسعى لتصفية القضية الفلسطينية من جذورها. وفيما يراهن الاحتلال على الزمن، وعلى تآكل القضية الفلسطينية تحت سطوة التوسع، معوّلا على انقسام العالم، وضعف أدوات المحاسبة الدولية، وبين الرهانات الدولية وسياسات الضم، يبقى حل الدولتين معلقا على خيط هشّ، مهددا بالزوال ما لم يقابل بخطة دولية واقعية، جادة، وملزمة. ووسط هذه المعادلة الجديدة التي تشمل تصاعد الاعتراف، مقابل تصعيد الضم، أكد محللون في الشأن السياسي والإستراتيجي، في تصريحات لـ'الغد'، أن اللحظة الراهنة تمثل نقطة تحول فارقة في الصراع، بحيث يتقاطع المد السياسي الدولي الداعم لفلسطين، مع سياسة ضم عنيفة ومعلنة من حكومة احتلالية 'تعد الأكثر تطرفا في تاريخ الكيان'. وأشاروا إلى أن هذا التصادم، لا يمكنه البقاء في الإطار الرمزي أو الإعلامي، بل يتطلب إرادة دولية حقيقية وحازمة، وإلا فإن حل الدولتين سيدخل في طور الانهيار الكامل، مع احتمالية انفجار إقليمي واسع النطاق، وفق الخبراء. وفي الوقت ذاته، رجّحوا ألا ينفذ قرار الكنيست بضم الضفة فورا، نظرا للكلفة السياسية والدبلوماسية الباهظة المترتبة عليه، بخاصة في ظل التوازنات الإقليمية والدولية، لكن في الوقت نفسه، أشاروا إلى رسالة أيديولوجية داخلية، تستخدم في مزايدات سياسية انتخابية، وتوظف ضمن معادلة الضغط على المسار التفاوضي في غزة. ورأوا أنه في ظل هذا الاستقطاب، بين اعترافات دولية متزايدة ومخططات ضم احتلالية متصاعدة، يبدو أن مستقبل حل الدولتين يمر بأخطر مراحله، لافتين إلى أن مشروع الكيان لا يستهدف فقط ضم الأراضي، بل يُكرّس نظام فصل عنصري واستعمار إحلالي، ينسف أي إمكانية للتسوية. في المقابل، ما تزال الأدوات الدولية قاصرة عن كبح جماح هذا المشروع، طالما أنه لم ينتقل من مربع التنديد إلى ميدان الفعل، مبينين أنه يمكن اعتبار الاعترافات الدولية بدولة فلسطين أداة ضغط سياسية، لكنها لن تحدث فرقا فعليا، ما لم تستخدم كجزء من إستراتيجية شاملة لتغيير سلوك الاحتلال. تصعيد غير مسبوق لكيان متطرف وفي هذا السياق، حذر الخبير الأمني والإستراتيجي د. بشير الدعجة، من خطورة المرحلة الراهنة التي يمر بها الصراع الفلسطيني- الكيان، واصفا إياها بأنها لحظة مفصلية تتقاطع فيها اعترافات دولية متسارعة بالدولة الفلسطينية مع تصعيد غير مسبوق لكيان تقوده حكومة هي الأكثر تطرفا في تاريخه. وأشار الدعجة إلى أن هذا التناقض الحاد بين ما يناقش في برلمانات أوروبا من دعم لحقوق الفلسطينيين، وما يفرض فعليا على الأرض من وقائع احتلال واستيطان، يكشف عن صدام قادم لا محالة بين الإرادة الدولية وخطط الضم الاحتلالية. واعتبر أن هذا الصدام، إذا لم يحسم بإرادة دولية صارمة، فسيكتب شهادة وفاة لحل الدولتين، ويشعل فتيل انفجار واسع، قد يمتد ليهدد استقرار المنطقة بأكملها. وأوضح الخبير الأمني والإستراتيجي، أن الاعتراف المتسارع بالدولة الفلسطينية من قوى غربية بارزة كفرنسا وإسبانيا والنرويج؛ يجب ألا ينظر إليه كموقف رمزي فقط، بل باعتباره تعبيرا عن إدراك سياسي متأخر لحجم المأساة الفلسطينية، والانتهاكات المتكررة التي تمارسها سلطات الاحتلال بحق المدنيين. وشدد الدعجة على أن حكومة الاحتلال الحالية، والتي تتكوّن من تحالف يميني ديني متشدد، تقود مشروعا معلنا لتصفية القضية الفلسطينية بالكامل، وتعمل على إجهاض أي أفق تسووي على نحو منهجي. واصفا حكومة الاحتلال، بأنها إعلان رسمي لفشل كل محاولات التسوية السابقة، ونهاية سريرية لأي مفاوضات جادة. وقال إن 'الكيان تجاوز حدود الوقاحة السياسية، وفرض واقعا استيطانيا بقوة السلاح والتشريعات العنصرية، في تحد واضح للقرارات الدولية، وعدم اكتراث بجهود المجتمع الدولي'. وتوقف الدعجة عند تصويت الكنيست بضم الضفة، مؤكدا أنه ليس مجرد خطوة عابرة، بل إعلان نوايا واضح من حكومة رئيس وزراء الكيان المتطرف بنيامين نتنياهو وشركائه، لإجهاض حل الدولتين نهائيا، وتحويل الضفة إلى فضاء استيطاني مغلق، يخدم المشروع الصهيوني على حساب السكان الفلسطينيين الأصليين. واعتبر أن ما يحدث ليس تنظيرا سياسيا، بل تطبيق فعلي لسياسة ممنهجة، تقوم على مصادرة الأراضي، وهدم المنازل، وتشريد الأهالي، وفرض نظام فصل عنصري بكل معانيه، موضحا أن الاعترافات الدولية بالدولة الفلسطينية، رغم أهميتها، لا تعدّ كافية ما لم تتحول إلى أدوات ضغط حقيقية ومؤثرة. وأضاف الدعجة، أن 'الاعتراف بدون عقوبات على الاحتلال، وبدون وقف الدعم العسكري، يبقى مجرد مناشدة لا تأثير لها، خصوصا مع حكومة لا تؤمن بالسلام أصلا، ولا تفهم إلا لغة القوة'، مضيفا أن المطلوب هو ربط هذه الاعترافات بإجراءات ملموسة، كحظر المنتجات الاستيطانية، وملاحقة مسؤولين الكيان المتورطين بجرائم حرب، وتعليق الاتفاقيات الثنائية مه لحين امتثاله للقانون الدولي. وشدد الدعجة على أن استمرار الانفصام بين المواقف الدولية المتعاطفة، والواقع الاحتلالي المتغوّل، يهيّئ الأرض لانفجار أمني واسع، مشيرا إلى أن المنطقة لا تحتمل قرارات متأخرة، بل تحتاج لتدخل استباقي، يمنع تحول الصراع إلى حرب دينية مفتوحة، ويحمي المنطقة العربية من الانزلاق نحو فوضى، قد يصعب احتواؤها لاحقا. وأكد أن حكومة الكيان الحالية، لا تمارس فقط سياسة الضم، بل تشعل النيران في جميع المسارات السياسية والأمنية، وتمزق كل احتمالات السلام، لافتا إلى أنها 'لا تمثل دولة تبحث عن أمن، بل كيانا يسير نحو الفاشية الدينية والعنصرية'، داعيا المجتمع الدولي للارتقاء بردّه إلى مستوى التهديد الذي تشكله هذه السياسات، والتوقف عن الاكتفاء ببيانات التنديد. وجدد الدعجة تأكيده على أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية، هو مجرد خطوة أولى، لكن الصراع الحقيقي اليوم يتمثل في المواجهة بين مشروع تطهير سياسي تقوده حكومة احتلالية متطرفة، ومجتمع دولي مطالب بأن يُثبت مصداقيته، إما بالتصدي الفعلي لهذا المشروع، أو القبول بانهيار ما تبقى من النظام الدولي القائم على القانون وحقوق الإنسان. ضم الضفة يضع الكيان في مأزق من ناحيته، أكد الخبير العسكري والإستراتيجي د. نضال أبو زيد، أن قرار الكنيست بتشريع ضم الضفة، برغم ما يمنحه من صلاحيات موسعة للمستوطنين على الأرض، لا يعني بالضرورة أن ينفذه الاحتلال فورا، مشيرا إلى أن الكيان يدرك تماما حجم المخاطرة الدبلوماسية والكلفة السياسية الباهظة التي قد تترتب على هذا القرار، ليس فقط من زاوية الضم المباشر، بل من حيث ما ينطوي عليه من انسحاب فعلي من اتفاقيات سلام ترعاها قوى إقليمية ودولية. وأوضح أبو زيد أن الكيان، يحسب حسابا دقيقا للتداعيات الدولية المترتبة على خطوة كهذه، والتي قد تفهم في بعض الأوساط الغربية، باعتبارها نكوصا عن التزامات تفاوضية قائمة منذ عقود، وهو ما يضعها في مواجهة مع المجتمع الدولي، ويهدد التوازنات التي حافظت على قدر من الاستقرار السياسي في المنطقة. وأضاف أبو زيد، أن انعكاسات هذا القرار، بدأت تظهر سريعا، لا سيما بإعلان فرنسا نيتها الاعتراف بالدولة الفلسطينية، في خطوة قد تفهم كرد فعل مباشر على تحركات الاحتلال. وأشار الخبير العسكري والإستراتيجي إلى وجود نقاشات إعلامية وسياسية في بريطانيا حول احتمال اتخاذ خطوة مماثلة، ما يعكس حالة عدم الرضا لدى ما يعرف بدول 'الترويكا الأوروبية'، فرنسا، ألمانيا، بريطانيا، عن قرار الضم. ورأى أبو زيد أن هذه التحركات، حتى وإن لم تفض فورا لاعترافات رسمية من هذه الدول، فإنها تشكّل في جوهرها وسيلة ضغط دبلوماسي، تهدف لدفع الكيان للتراجع عن القرار أو – على الأقل- تجميده، خصوصا في ظل مخاوف من أن تنتقل 'عدوى الاعتراف' بالدولة الفلسطينية لمزيد من الدول الأوروبية، ما قد يفضي لعزل دبلوماسي متصاعد لهذا الكيان. وحذّر من أن حكومة نتنياهو اليمينية، قد تكون مستعدة لقبول مثل هذه العزلة، لكن هذا لا ينطبق بالضرورة على باقي مكونات الطيف السياسي في الكيان، وخصوصا التيارات الوسطية واليسارية التي تدرك بأن هذا العزل، ستكون له تداعيات إستراتيجية واقتصادية وأمنية على المدى البعيد. وأشار أبو زيد كذلك، إلى أن قرار ضم الضفة يتناقض مع مبدأ حل الدولتين الذي ما يزال يحظى بقبول لدى دول غربية، ويتقاطع في الوقت نفسه مع طرح 'الدولة الواحدة' الذي يرفض دوليا، كونه يقود لواقع فصل عنصري أو تفوق عرقي. وفي هذا السياق، رأى أبو زيد أن الكيان يدرك تماما بأن لهذا القرار أبعادا سياسية، قد تكون أكثر خطورة على المدى الطويل من تداعياته الفورية، وهو ما يرجّح بأن القرار قد لا يكون سوى جزء من 'مقايضة سياسية داخلية'، تهدف عبرها حكومة الكيان لتحصيل مكاسب انتخابية أو تفاوضية في سياق تطورات الملف الفلسطيني، وتحديدًا في المسار المتعلق بقطاع غزة. وشدد على أن الضم، في صورته الحالية، يجب ألا يفصل عن السياق الداخلي للكيان، حيث تلعب الحسابات السياسية والتحالفات الحكومية دورا محوريا في الدفع نحو قرارات خطرة، تستخدم أحيانا كورقة ضغط أو كأداة لتثبيت الشرعية الداخلية، بعيدا عن النظر إلى التداعيات الإقليمية والدولية التي قد تكون كارثية على المدى المتوسط والبعيد. انقسام عالمي جهة ما يحدث في فلسطين وبدوره، رأى رئيس الجمعية الأردنية للعلوم السياسية د. خالد شنيكات، أن المواقف الدولية إزاء التطورات في الأراضي الفلسطينية، تشهد انقساما حادا بين اتجاهين رئيسين؛ الأول تقوده الولايات المتحدة ويستند إلى سياسة فرض الأمر الواقع، فيما يمثل الثاني تيارا متعاطفا مع القضية الفلسطينية، يرى بأن الاستقرار في المنطقة مستحيل دون الاعتراف بحق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة. وأوضح شنيكات أن الاتجاه الأول، والذي يحظى بدعم أميركي، يقوم على مقاربة القوة والسيطرة الميدانية، بحيث تدعم واشنطن عمليا ضم الضفة، واستمرار الحرب في القطاع، في رهان على أن المجتمع الدولي سيرغم في نهاية المطاف على قبول الواقع الجديد المفروض على الأرض. وأضاف أن هذا هو جوهر رؤية الكيان الرسمية، والمتمثلة بأن الواقع، هو ما يقرره المنتصر، في تأكيد على أن السياسات الواقعية المطبقة على الأرض، تحدد مصير النزاعات، وليس المواقف الرمزية أو القانونية. وأشار شنيكات إلى أن هذه الرؤية تتجاوز الأراضي الفلسطينية، لتشمل مشاريع توسعية أكبر، إذ تتبنى أوساط الكيان المتطرف، سياسة إقليمية تقوم على فكرة التوسع الجغرافي والسيطرة الإستراتيجية، وتشمل أراضي في جنوب لبنان، وأجزاء من سورية، وربما لاحقا الأردن ومناطق أخرى. مبينا أن منطق القوة هذا، يتجاهل بالكامل مفاهيم القانون الدولي وحقوق الإنسان، ويعتمد على ما يمكن فرضه ميدانيا وليس ما يتفق عليه سياسيا. وتحدث شنيكات عن الاتجاه الثاني الذي برز على نحو ملحوظ بعد الـ23 من تشرين الأول (أكتوبر)، والذي يتبنى رؤية أكثر انسجاما مع القانون الدولي وحقوق الشعوب، ويقوم على القناعة بأن السلام والاستقرار في المنطقة مستحيلان من دون الاعتراف بدولة فلسطينية ذات سيادة. مضيفا بأن هذا الاتجاه تأثر بتحولات في الرأي العام العالمي، لا سيما عقب التصعيد العسكري للاحتلال بغزة، ما دفع دولا عدة لإعادة تقييم مواقفها من الصراع. وأوضح أن لهذا التيار دافعين رئيسين؛ أولهما التعاطف الإنساني مع الشعب الفلسطيني في ظل المآسي المتواصلة، وثانيهما الإدراك السياسي المتزايد، بأن غياب حل عادل ودائم للصراع الفلسطيني – الكيان يهدد استقرار المنطقة بأسرها. وأشار رئيس الجمعية الأردنية للعلوم السياسية، إلى أن هذا التوجه، تمثله دول كإسبانيا، وإيرلندا، وفرنسا، إلى جانب بريطانيا التي ما تزال مواقفها متأرجحة، فضلا عن دول أخرى حول العالم، بدأت تتعاطف على نحو أعمق مع الحقوق الفلسطينية. ومع ذلك، شدد شنيكات على أن هذا الاتجاه، برغم زخمه الشعبي والدبلوماسي، يظل بلا تأثير فعلي ما لم يتحول لخطوات عملية وملموسة، مبينا بأن الاعترافات الرمزية لا تكفي، ما لم ترافقها سياسات حازمة مثل فرض عقوبات على الكيان بسبب الاستيطان، ووقف تصدير السلاح إليها، وتخفيض مستوى العلاقات الدبلوماسية أو قطعها، إلى جانب دعم الشعب الفلسطيني سياسيًا واقتصاديا وإعلاميا. وأكد أن اتخاذ مثل هذه الخطوات، من شأنه إحداث تغير حقيقي في موازين الصراع، أما في حال غيابها، فستظل هذه الاعترافات بلا قيمة عملية، كما وصفها الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأنها 'حبر على ورق'، مشددا على أن ما يفرض على الأرض، سيظل هو المحدد الرئيس للمشهد السياسي الإقليمي. وحذر شنيكات من أن السيناريو الواقعي الذي يمضي فيه الكيان حاليا، يمضي نحو تكريس دولة استعمارية متوسعة تمتد إلى الضفة، وأجزاء من لبنان وسورية، وربما حتى الأردن وسيناء، وفق تعبيره. وأضاف أن هناك ما يشبه 'الفرصة التاريخية' التي يراها الكيان، لإعادة رسم خرائط النفوذ في المنطقة العربية، وهي تستعد لهذا عبر خطاب سياسي واضح، وخطط عسكرية قد تشمل مواجهات في إيران، وتقسيم سورية، وإضعاف لبنان. وخلص إلى أن هذه السياسات التوسعية تمثل تهديدا شاملا، يتجاوز القضية الفلسطينية ليطال استقرار المنطقة بأكملها. الغد.


رؤيا نيوز
منذ 30 دقائق
- رؤيا نيوز
نتنياهو: مستمرون في القتال حتى 'النصر' وسنواصل التفاوض لتحرير المحتجزين
قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إن حكومته ستواصل القتال والعمليات العسكرية في قطاع غزة حتى تحقيق ما وصفه بـ'النصر الكامل' مؤكدًا في الوقت ذاته أن إسرائيل تدير مفاوضات موازية بهدف إعادة المحتجزين لدى حركة حماس. وأضاف نتنياهو في تصريحات صحفية على هامش تفقده قاعدة جوية، الأحد، أن إسرائيل 'تتقدم في الحرب'، رغم الخسائر التي تتكبدها، مشيرًا إلى سقوط قتلى ومصابين في صفوف قواته خلال العمليات الجارية في غزة. وشدد نتنياهو على أن الهدف المعلن من العملية العسكرية هو 'القضاء على حركة حماس وتحرير المحتجزين'، مضيفًا: 'ليكن واضحًا أننا سنحقق هذا الهدف'. وأكد رئيس الوزراء الإسرائيلي أن حكومته تدير المعركة على مسارين متوازيين: الأول عسكري ميداني، والثاني تفاوضي، قائلاً: 'نقاتل في غزة، ونتقدم في القتال، وفي الوقت نفسه نواصل التفاوض من أجل القضاء على حماس وتحرير المحتجزين'. وفيما يخص الجانب الإنساني، قال نتنياهو: 'علينا أن نستمر في إدخال الحد الأدنى من المساعدات الإنسانية إلى غزة'.


الرأي
منذ 38 دقائق
- الرأي
نتنياهو يدعي إدخال "الحد الأدنى" من المساعدات لغزة رغم تفاقم المجاعة
هاجم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الأحد، الأمم المتحدة واتهمها "باختلاق الأكاذيب"، مدعيا أنه يسمح بـ"إدخال الحد الأدنى من المساعدات لغزة"، رغم جرائم المجاعة والإبادة المتواصلة وغير المسبوقة التي ينفذها ضد المدنيين في القطاع منذ أكثر من 21 شهرًا. جاءت تصريحات نتنياهو خلال زيارة إلى قاعدة "رامون" الجوية (جنوب) التابعة لسلاح الجو، برفقة وزير الدفاع يسرائيل كاتس، وفق صحيفة "يديعوت أحرنوت". وقال نتنياهو: "سنقضي على حماس، ولتحقيق هذا الهدف، وكذلك لتحرير مختطفينا، نحن نواصل القتال وندير مفاوضات". وزعم أنه "أياً كان المسار الذي سنختاره، سيتعيّن علينا الاستمرار في السماح بإدخال إمدادات إنسانية بالحد الأدنى، وقد قمنا بذلك حتى الآن". وادعى نتنياهو، أن "الأمم المتحدة تختلق الذرائع والأكاذيب بشأن إسرائيل، وتقول إنه لا يُسمح بدخول المساعدات الإنسانية، وهذا غير صحيح". ومضى في ادعاءاته قائلا: "هناك ممرات آمنة، وقد وُجدت طوال الوقت، واليوم بات ذلك رسمياً"، وفق زعمه. واختتم قائلاً: "سنواصل القتال حتى نحقق جميع أهداف الحرب، حتى تحقيق النصر الكامل". يأتي ذلك بعد ساعات من إعلان الجيش الإسرائيلي، "سماحه" بإسقاط كميات محدودة من المساعدات على غزة، وبدء ما أسماه "تعليق تكتيكي محلي للأنشطة العسكرية" في مناطق محددة بقطاع غزة، للسماح بمرور المساعدات الإنسانية. وتتزامن تلك الخطوة الإسرائيلية مع تصاعد الضغوط الإقليمية والدولية نتيجة استفحال المجاعة بالقطاع وتحذيرات من خطر موت جماعي يهدد أكثر من 100 ألف طفل في القطاع. وانتقدت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" الإنزال الجوي الإسرائيلي للمساعدات في غزة، مؤكدة أنه "لن ينهي" المجاعة المتفاقمة، وفق ما صرحت به جولييت توما، مديرة الاعلام والتواصل في الوكالة لصحيفة نيويورك تايمز، ونشرتها الصفحة الرسمية للأونروا على منصة "إكس"، الأحد. ومطلع مارس/آذار الماضي، تنصلت إسرائيل من اتفاق وقف إطلاق نار وتبادل أسرى مع حماس، بدأ في 19 يناير/ كانون الثاني الماضي، واستأنفت الإبادة، ومنذ ذلك الحين ترفض جميع المبادرات والمطالبات الدولية والأممية لوقف إطلاق النار. وتعيش غزة أسوأ الأزمات الإنسانية في تاريخها، إذ تتداخل المجاعة القاسية مع حرب إبادة جماعية تشنها إسرائيل، بدعم أمريكي، منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023. وتغلق إسرائيل منذ 2 مارس الماضي، جميع المعابر مع القطاع وتمنع دخول معظم المساعدات الغذائية والطبية، ما تسبب في تفشي المجاعة داخل القطاع. وحسب أحدث حصيلة لوزارة الصحة بغزة، صباح الأحد، ارتفع عدد الوفيات الناجمة عن المجاعة وسوء التغذية منذ 7 أكتوبر 2023 إلى 133 فلسطينيا، بينهم 87 طفلا. ومنذ 7 أكتوبر 2023 تشن إسرائيل حرب إبادة جماعية بغزة، تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها. وخلفت الإبادة، بدعم أمريكي، أكثر من 204 آلاف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين بينهم عشرات الأطفال.