logo
امتعاض أوروبي من مسار ترامب للسلام في أوكرانيا... "لعبة محصلتها صفر"؟

امتعاض أوروبي من مسار ترامب للسلام في أوكرانيا... "لعبة محصلتها صفر"؟

النهار٢٨-٠٣-٢٠٢٥

على وقع المحادثات التي تشهدها الرياض بوساطة أميركية، والساعية إلى إنهاء الحرب الروسية على أوكرانيا وإحلال السلام بين البلدين، ارتفع منسوب امتعاض أوروبا من عدم إشراكها في المداولات التي تجريها الولايات المتحدة مع كلّ من روسيا وأوكرانيا، رغم أن كييف دعت مراراً إلى مشاركة الشركاء الأوروبيين في المفاوضات من دون أن يتم توجيه الدعوة لهم. يأتي ذلك في وقت يحاول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين فرض شروطه على أوكرانيا بغض طرف من إدارة الرئيس دونالد ترامب. فما هي مآخذ ألمانيا وأوروبا على مسار المحادثات مع رفض العالم جميع محاولات بوتين إطالة أمد الحرب؟
استسلام أوكرانيا
في وقت يدور الحديث عن العمل على هدنة موقتة، برزت انتقادات من وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس بشأن ما تم التوافق عليه بين ترامب وبوتين، إذ وصف ذلك، في حديث مع القناة الثانية في التلفزيون الألماني "زد دي إف"، بأنه "لعبة محصلتها صفر"، لافتاً إلى أن الوعد الروسي بغارات جوية أقل على البنية التحتية للطاقة الأكثر حماية في أوكرانيا لمدة 30 يوماً لا يعني شيئاً في الواقع. وأفاد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بأنه في تلك الليلة تعرضت أنظمة الطاقة ومحطات الضخ ومعها منشآت مدنية أخرى للهجوم. ومن بين أمور أخرى، تريد موسكو أن تتوقف أوكرانيا عن تلقي الأسلحة من الخارج وعدم استقطاب المزيد من الجنود، ناهيك عن أنها تعتبر أربع مناطق أوكرانية ومعها شبه جزيرة القرم جزءاً من روسيا، رغم أن القوات الروسية لا تسيطر بالكامل على هذه الأراضي.
وفي ظل الوضع القائم، رفضت منسقة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس الدعوات المطالبة بوقف تسليح كييف، محذرة من أنه إذا ما نجحوا في منع أوكرانيا من تلقي المساعدات العسكرية، سيكون بإمكان موسكو الاستمرار بهجماتها كما يحلو لها. وفي الإطار نفسه، أشار كل من البروفسور في جامعة الجيش الألماني في ميونخ كارلو ماسالا والجنرال في البوندسفير كارستن بروير مع "بيلد" إلى أن إنهاء الحرب لن يؤدي إلى إحلال السلام في القارة الأوروبية، وأن روسيا ستكون قادرة على شن حرب واسعة النطاق عام 2029.
التحكم بمسار التفاوض
ويقول الباحث السياسي كاي مورشلات، في حديث إلى "النهار"، إن "بوتين يريد التحكم في مسار التفاوض بعد أن تم تعويمه وإعادته إلى المسرح الدولي من قبل ترامب الذي اختار وقف الدعم العسكري لكييف والتوجه لعقد صفقة معه، ما شكل منعطفاً لزعيم الكرملين لفرض شروطه"، إذ وافق الرئيس الروسي فقط على عدم مهاجمة البنية التحتية للطاقة، فيما أبدت كييف موافقتها على المقترح الأميركي بوقف النار الفوري.
ومن وجهة نظر مورشلات، فإن "جدول الأعمال غير واضح تماماً ولا توجد خريطة طريق لوقف شامل للنار؛ وهذا كله يتطابق مع الكلام الصادر من موسكو التي خفضت التوقعات بالتوصل إلى اتفاق سريع، فالنقاشات تركز في المقام الأول على الوضع في البحر الأسود للسماح بحركة الملاحة البحرية دون عوائق، ما يعكس تغييب الحديث عن السلام. وبالتالي، هناك الكثير من العمل لتحقيق خرق جدي لأن المفاوضات معقدة نظراً لصعوبة بناء الثقة بين الجانبين، فضلاً عن ترتيبات تخفيف العقوبات أو رفعها عن روسيا، بالإضافة إلى التعويضات والمحاكمات ضد مجرمي الحرب".
إمكانيات المساعدة الأوروبية
وفي ما يتعلق بإمكانيات المساعدة الأوروبية خلال جولات المحادثات، لفت مورشلات إلى أن التحدي الآن هو "التوفيق بين المصالح المختلفة"، مشيراً إلى أن روسيا لديها اليد العليا حالياً، وأن الأمم المتحدة "كالبطة العرجاء". وقد يكون من المفيد دعم أوكرانيا من قبل الاتحاد الأوروبي وبريطانيا خلال هذه المرحلة من التفاوض، وذلك بتقديم مستشارين من ذوي الخبرة الديبلوماسية والأمنية والعسكرية على غرار الديبلوماسي المخضرم جوناثان باول الذي لعب دوراً رئيسياً في مفاوضات السلام في إيرلندا الشمالية.
أميركا وأهدافها الخاصة
وفي ضوء مواقف ترامب ومديح إدارته لبوتين، اعتبر محللون أن الولايات المتحدة ليست وسيطاً محايداً بين أطراف الصراع، وأنها مهتمة فقط بتحقيق هدفها الخاص وهو "استراتيجية الخروج من الصراع". وأشاروا إلى أن تفويض سفر الوفد الروسي إلى الرياض حمل موافقة بوتين على أن تتناول المحادثات بين الولايات المتحدة وروسيا إمكانية إحياء اتفاقية عام 2022 للنقل الآمن للصادرات الزراعية الأوكرانية عبر البحر الأسود. ومن زاوية أخرى، دعا ترامب إلى أن تسيطر الولايات المتحدة على محطات الطاقة في أوكرانيا، معتقداً أن ذلك سيكون أفضل لحماية البنية التحتية للطاقة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان يقصد محطات الطاقة التقليدية أو النووية أو كليهما.
وفي هذا الإطار، بينت القراءات السياسية والردود المثارة أن هذه المعطيات تشير إلى أن بوتين لا يريد تقديم أي تنازلات سوى استسلام أوكرانيا، وأن ترامب يحاول تحقيق ذلك ولن يجبره على مغادرة منطقة راحته، في حين تتعرض كييف لضغوط عسكرية. وعليه، من غير المستبعد أن تنجح واشنطن في المستقبل القريب بدفع أو حتى إجبار الطرف الأضعف في المنطقة، أوكرانيا، على تقديم تنازلات سريعة وإعطاء الشروط الروسية مساحة أوسع. وحيال ذلك، رأى متابعون أنه بعد أن بدأت الولايات المتحدة بالابتعاد عن حلفائها، بات يتعين على الأوروبيين "المبعثرين" تجنب السيناريو المدمر لأوكرانيا من خلال تعويض فقدان المساعدات العسكرية، وبالتالي تأمين مقاعد لهم على طاولة المفاوضات.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

من 2024 وإلى الابد.. ترامب رئيسا لأميركا (فيديو)
من 2024 وإلى الابد.. ترامب رئيسا لأميركا (فيديو)

بيروت نيوز

timeمنذ 18 دقائق

  • بيروت نيوز

من 2024 وإلى الابد.. ترامب رئيسا لأميركا (فيديو)

نشر الرئيس الأميركي دونالد ترامب رسما كاريكاتوريا عبر منصة 'تروث سوشل' يلمح إلى أنه قد يبقى رئيسا للولايات المتحدة إلى الأبد. ويظهر الرسم المنشور صورة مزيفة لغلاف مجلة 'تايم' الشهيرة، حيث كتب عليها 'ترامب 2024' في إشارة إلى شعار حملته الانتخابية الأخيرة، ثم تحول النص ليصبح 'ترامب إلى الأبد'.

خلافات "الخط الأحمر"... وجولة جديدة من محادثات نووي إيران
خلافات "الخط الأحمر"... وجولة جديدة من محادثات نووي إيران

MTV

timeمنذ 29 دقائق

  • MTV

خلافات "الخط الأحمر"... وجولة جديدة من محادثات نووي إيران

يتوجه المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف إلى روما، لعقد جولة جديدة من المحادثات مع وفد إيراني بشأن برنامج طهران النووي، وستكون هذه هي الجولة الخامسة من المحادثات. وفي الوقت عينه، ناقش الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المفاوضات مع إيران خلال اتصال هاتفي، في أعقاب مقتل اثنين من موظفي السفارة الإسرائيلية في واشنطن. وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولاين ليفيت للصحافيين، خلال تقديم تفاصيل مكالمة ترامب ونتنياهو، إن الرئيس الأميركي يعتقد أن المفاوضات مع إيران "تسير في الاتجاه الصحيح". وقال مصدر، طلب عدم الكشف عن هويته، إن المسؤول الكبير في وزارة الخارجية مايكل أنطون سينضم إلى ويتكوف. وأضاف: "من المتوقع أن تكون المناقشات مباشرة وغير مباشرة، مثلما حدث في الجولات السابقة". وقال ويتكوف، الأحد الماضي، إن أي اتفاق بين الولايات المتحدة وإيران يجب أن يتضمن اتفاقا بعدم تخصيب اليورانيوم، وهو تعليق أثار انتقادات من طهران. وأضاف: "حددنا خطاً أحمر واضحا للغاية، وهو التخصيب. لا يمكننا السماح حتى بنسبة 1 في المئة من قدرة التخصيب". ومع تكرار ويتكوف موقف ترامب بشأن تخصيب اليورانيوم، كان رد إيران دليلا على أن الطريق أمام الطرفين طويل للتوصل إلى أي اتفاق بشأن برنامج إيران النووي. الموقف الإيراني وذكرت وسائل إعلام رسمية أن المرشد الإيراني علي خامنئي قال إن مطالب الولايات المتحدة بأن توقف طهران تخصيب اليورانيوم "مبالغ فيها وشائنة،" معبرا عن شكوكه في نجاح المحادثات بشأن اتفاق نووي جديد. كما أعلن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أن "خلافات جوهرية" ما زالت قائمة مع الولايات المتحدة، عشية جولة جديدة من المحادثات النووية في روما بوساطة سلطنة عمان. وقال: "لا تزال هناك خلافات جوهرية بيننا"، محذرا من أنه إذا أرادت الولايات المتحدة منع إيران من تخصيب اليورانيوم "فلن يكون هناك اتفاق".

بلديات 2025... إقتراع وفرز من أيام "بندق بو فتيل"
بلديات 2025... إقتراع وفرز من أيام "بندق بو فتيل"

القناة الثالثة والعشرون

timeمنذ 32 دقائق

  • القناة الثالثة والعشرون

بلديات 2025... إقتراع وفرز من أيام "بندق بو فتيل"

في حين يعقد الرئيس الأميركي ترامب اتفاقات متطوّرة حول الذكاء الاصطناعي مع الدول الخليجية، يقف لبنان محشوراً في أقلام اقتراع بدائية تُكتب اللوائح فيها باليد، وتُشطب الأسماء بالقلم، وتُفرز النتائج يدوياً على ضوء الهواتف أحياناً، وتُعدّ الأصوات بالصراخ، وتُدوّن النتائج في سجلّات ورقية. في عصر التكنولوجيا، يتغنّى لبنان بإنجاز الاستحقاق البلدي ببصمة حبر على الإبهام. فهل هو إنجاز حقاً؟ أم انتخابات مسلوقة قُرّرت وأُعدّت وأُنجزت على عجل وبقيت متخلّفة عن مواكبة العصر بسنين ضوئية؟ التأخير في فرز نتائج الانتخابات البلدية في طرابلس كشف المستور، وصرخات رؤساء الأقلام أعلنت بالصوت المدوّي ما حاولت وزارة الداخلية تجاهله. والنتيجة، أن الانتخابات البلدية في لبنان، وبغض النظر عن شعاراتها الإنمائية وتدخّلاتها السياسية والطائفية وحماستها الشعبية، أثبتت أن لبنان لا يزال يعيش في زمن بائد خارج حدود التحوّل الرقمي، في انفصام تام عن الواقع الذي يعيشه شبابه والعالم أجمع. في الثامن من شباط، استلمت الحكومة الجديدة مهامها. وفي الرابع والعشرين من آذار أعلنت عن مواعيد إجراء الانتخابات البلدية التي بدأت أولى جولاتها في الرابع من أيار 2025. بسرعة وبدون مقدّمات بدأت التحضيرات. لم تأخذ في الاعتبار رؤساء الأقلام الذين نسوا كيفية التعامل مع النظام الأكثري بعد مضيّ تسع سنوات على آخر مرة مورس فيها. ووفق العميد المتقاعد إلياس خوري الذي تولّى الإشراف سابقاً على العملية الانتخابية، وفي اتصال لـ «نداء الوطن» به خارج لبنان، دُرّب هؤلاء على النظام النسبي في العام 2018 بشكل سريع وانتُقدت وزارة الداخلية حينها بسبب الفجوات الكثيرة التي ظهرت فعملت على تحسين الأمور قليلاً في العام 2022 لتعود اليوم وتقذف برؤساء الأقلام والكتاب في خضمّ النظام الأكثري دون أي تدريب أو تأمين تقنيات حديثة لهم. في العام 2016، تضمّنت الصناديق التي سلّمت لرؤساء الأقلام دليلاً ورقياً لا تزال النسخة الرقمية منه موجودة على موقع الوزارة ليعرف هؤلاء كيفية التعامل مع العملية الانتخابية بكل تفاصيلها من الاقتراع إلى فرز الأصوات. اليوم لم تحمل الصناديق هذا الدليل. ومن دون تدريب يذكر، بدا رؤساء الأقلام جاهلين كيفية ممارسة مهامهم بشكل صحيح وعلى الأخص كيف يتممون الفرز الصحيح قبل إرساله إلى لجان القيد. لا شاشات في أقلام الاقتراع عند الفرز لرؤية اللوائح، وحتى أسماء المرشحين لم تكن مطبوعة على جداول. وكان على رئيس القلم كتابتها باليد، في حين كان يمكن طبعها مسبقاً وإضافتها إلى المحضر الموجود في الصندوق لتسهيل عملية الفرز، أو استخدام نظام الـ Excel على الكمبيوتر لتسجيل النتائج. كل ذلك لم يكن موجوداً، وتوجّب على رؤساء الأقلام كتابة الأسماء بالقلم وإضافة الأرقام أمام كل اسم ثم جمعها بواسطة الآلة الحاسبة، وانتظار المندوبين غير المدرّبين حتى يسجّلوا كل اسم. وحين نعلم أن في طرابلس مثلاً ترشح 125 اسماً، يمكن أن ندرك ثقل العملية التي ألقيت على أكتاف رؤساء الأقلام وسبّبت تأخّر النتائج. ويؤكّد مصدر مطلع: «لقد كان على الوزير أن يقدر أن انتخابات بلدية في مدينة كبرى كطرابلس تحتاج إلى كادر إداري كبير ولجان قضائية أكثر». غرائب وعجائب الانتخابات البلدية لم تكن اللوائح المستخدمة في الانتخابات البلدية لوائح مقفلة لا يمكن تعديلها أو إضافة اسم إليها أو شطب اسم منها كتلك التي استخدمت في الانتخابات النيابية، بل كانت لوائح مشرّعة على كل الاحتمالات. قصاصات ورق هجينة قد تحوي ما تحويه من أسماء (أو آراء وطق حنك) يمكن تعليمها بالشطب أو إضافة أسماء مكتوبة باليد. ويمكن للمقترع الذي لا يحمل لائحة مطبوعة أن يعمد إلى كتابة الأسماء بخط اليد على قصاصة ورق مع ما يتطلّبه ذلك من وقت داخل العازل لا سيّما بالنسبة لكبار السن، وعلى رئيس القلم أن يفكّ طلاسم الخط لمعرفة اسم المرشح وتسجيل نقاطه. ومن غرائب ما شهدته الانتخابات البلدية، أنّ بعض الأقلام لم تتوافر فيها القرطاسية اللازمة من أقلام وأوراق وغيرها بعد أن تخلّف محافظ الشمال المقال عن تأمينها وفق ما أفادنا به أحد رؤساء الأقلام. كما شهدت بعض الأقلام الصغيرة في المناطق البعيدة اقتراعاً للموتى رغم بصمة الحبر بعد أن تمّ ترتيب الأمر مع رؤساء الأقلام! ومن غرائب الفرز، أن أحد المرشحين في طرابلس نال صفر أصوات في حين أنه أدلى بصوته لنفسه وكذلك فعلت عائلته، ولكن حين يُعرف أن بعض رؤساء الأقلام في طرابلس ولشدة الإرهاق الذي أصابهم عند فرز النتائج تغاضوا عن تسجيل أسماء ونقاط المرشحين الذين نالوا أصواتاً قليلة بالنسبة لغيرهم. الأمر كان من الممكن تفاديه لو كانت عملية الفرز ممكنة أو إلكترونية لا تسمح بحدوث أخطاء أو تلاعب بالنتائج أو حتى بوجود شاشة تلفزيون يمكن للمندوبين المدرّبين من خلالها تقصي الأسماء المفرزة. هذا عدا انقطاع التيار الكهربائي أثناء الفرز واضطرار رؤساء الأقلام للعمل في بعض الأحيان في غرف صغيرة لا تكاد تتّسع للمندوبين وأبوابها لا تقفل، ليتمّ بعدها نقل الصناديق باليد إلى لجان القيد. موظفون بلا عدة في طرابلس، أردنا النبش أكثر في خفايا العملية الانتخابية، فاستعنا بالصحافي جوزيف وهبي وهو من المخضرمين الذين واكبوا عدة عمليات انتخابية، فرسم خريطة واضحة لما حصل في طرابلس قائلاً :«إن الفوضى الإدارية سادت الانتخابات البلدية من الوزير الجديد الذي لا خبرة سابقة له في الانتخابات، إلى العدة القديمة، مروراً بالمحافظ الفاسد ووزارة التربية وصولاً إلى رؤساء الأقلام. فقد قُدمت إلى وزارة الداخلية داتا انتخابات 2022 التي تضم أسماء أساتذة أحيلوا إلى التقاعد أو هاجروا أو حتى توفوا، ولم يطّلع وزير الداخلية عليها» وفق ما يقول وهبي «ما خلق إشكاليات كبيرة في أعداد رؤساء الأقلام وتواجدهم». الأمر ذاته، يؤكده أحد هؤلاء الذي يكرر أن الداخلية لم تطلب داتا محدثة من وزارة التربية. ومن التحق من رؤساء الأقلام لم يكن مؤهلاً كفاية للسير بعمليات الفرز، كما عانى من تعب وإرهاق نتيجة عوامل متعددة. ويؤكد أكثر من مصدر طرابلسي أن محافظ الشمال لم يمنح تراخيص كافية للمندوبين ما اختصر عددهم وأثّر بشكل مباشر على العملية الانتخابية وعملية فرز الأصوات مع عدم تواجد فاعل ومكثف للماكينات الانتخابية ومندوبيها كما جرت العادة في الانتخابات السابقة. معاناة رؤساء الأقلام ما شهدته الانتخابات البلدية والاختيارية من فجوات تقنية ونقص في العدة المطلوبة وفي التدريب، لم يوازه فداحة إلّا المعاناة التي عاشها رؤساء الأقلام يوم الانتخابات، وفي اليوم الذي سبقه. ويخبر م. ع وهو من الأساتذة الذين استدعوا ليكونوا رؤساء أقلام أن الأمر كان أشبه بكابوس حيث استدعي مثلاً أساتذة من الجنوب ليكونوا في طرابلس وآخرون من عكار ليكونوا في أقلام زحلة. وكان عليهم القدوم يوم السبت باكراً لتلقي الصناديق ومن ثم المغادرة والعودة يوم الأحد صباحاً لبدء عملية الاقتراع مع ما يستدعيه ذلك من كلفة مالية عليهم. بعضهم اضطرّوا للمبيت في سيّاراتهم لا سيّما أن الماكينات الانتخابية لم تحتضنهم، كما في أوقات سابقة. كما أن كلفة الحصول على غرفة للمبيت توازي ما ينالونه كبدل عن دورهم كرؤساء أقلام الذي يوازي 19 مليون ليرة أي ما يعادل 215 $ ومعظمهم لا يعرفون أشخاصاً ليؤمّنوا لهم المبيت في المنطقة التي فصلوا إليها. لم يراع مبدأ تكليف كل رئيس قلم وفق منطقته ولم تحتسب كلفة التنقل والمبيت. لقد تمّ طلب الأساتذة بناء على داتا 2022 دون سؤال الأساتذة والتأكد من رغبتهم في المشاركة. وصلت ملفات استدعاء الأساتذة إلى مدارسهم عصر يوم الجمعة ومن أراد التخلّف من هؤلاء لم يُترك له مجال للاعتراض، ولم يستطع الاتصال بأي رقم لإعلان تخلّفه معرّضاً نفسه بذلك لعقوبات مسلكية. ولم يتلق الأساتذة المكلفون أي تدريب بل مجرد فيديو من الاتحاد الأوروبي حول كيفية فتح الصناديق وإغلاق الأوراق، فيما بقي التدريب على عمليات الفرز غائباً. وبسبب البعد الجغرافي، لم يتمكن بعض رؤساء الأقلام من الوصول باكراً سواء لتسلم الصناديق، أو حتى للبدء بالعملية الانتخابية التي تأخّرت بدورها. شكّلت عملية الفرز كابوساً آخر لهؤلاء، ما اضطرّهم بعد نهار انتخابي طويل إلى قضاء الليل يفرزون يدوياً ويكتبون الأسماء والأرقام بخط اليد مع صفر مكننة. والمكننة هنا، لا يُقصد بها أدوات الذكاء الاصطناعي أو الماسحات الضوئية، بل مجرد طباعة الأسماء واحتساب النتائج على برامج الإكسل على الكمبيوتر. ويروي أحد رؤساء الأقلام في طرابلس، أن التعب أخذ منهم مأخذاً بحيث قام بعض رجال الدرك بمساعدتهم في عملية الفرز ليس لتغيير النتائج بل للإسراع فيها. ألم يحن الوقت؟ في ظلّ كل إشكاليات الفرز اليدوي وانعكاساته السلبية التي تؤثر على مصداقية العملية الانتخابية وشفافية النتائج ألم يحن الوقت في لبنان لتحديث آليات الفرز وجعلها مواكبة للعصر كما هو معمول به في العديد من الدول العصرية؟ أحد خبراء التحوّل الرقمي يقدّم المقترحين الآتيين اللذين يمكن اعتمادهما :الأول، ما يعرف بالـ E VOTING أي استخدام أجهزة تصويت إلكترونية تعمل بالشاشات اللمسية أو عن بعد بواسطة الإنترنت حيث يتم اختيار اسم المرشح أو اللائحة وتخزن الأصوات مباشرة في قاعدة بيانات ما يؤمّن نتائج فورية ويقلّل من الأخطاء. لكن ذلك يتطلب تجهيزات قد تكون كلفتها عالية وتحتاج إلى وعي عند الناخبين. أما الثاني، فيمكن من خلاله اعتماد أوراق اقتراع ورقية مصمّمة بشكل موحّد يقوم جهاز ماسح ضوئي scan بقراءتها وتسجيل النتائج مباشرة على برنامج معدّ لهذا الغرض ما يتيح سرعة قصوى في الفرز ونتائج خالية من الأخطاء البشرية. ويمكن هنا الاحتفاظ باللوائح الورقية كنسخة احتياطية للرجوع إليها في حال حدوث أي خلل إلكتروني. هذه الطريقة قد تكون الأنجح في لبنان شرط توافر الكهرباء والاتصال بالإنترنت بشكل دائم. المصدر: نداء الوطن الكاتب: زيزي اسطفان انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store