
تآكل للثقة يُترجم عزوفاً للمصريين عن انتخابات مجلس الشيوخ
العزوف الشعبي عن المشاركة في الاستحقاقات الانتخابية في ظل هذه الظروف، لم يكن مجرد "ملاحظة عابرة"، بل مؤشر واضح على أزمة أعمق تتعلق بانسداد المجال العام، وتآكل أدوات المشاركة، وتحول الانتخابات من آلية ديمقراطية إلى طقس شكلي يفتقر للمنافسة الحقيقية والمضمون السياسي الفعّال.
إقبال ضعيف في انتخابات مجلس الشيوخ
منذ اللحظات الأولى لانطلاق التصويت، بدت المؤشرات واضحة:
إقبال ضعيف
، وغياب للزخم الشعبي، ودوائر انتخابية خالية تقريباً من الطوابير،
ومشهد عام يفتقد لأي مظاهر منافسة
. ورغم إعلان مرشحي أربعة أحزاب موالية للسلطة، هي مستقبل وطن، والشعب الجمهوري، وحماة الوطن، والجبهة الوطنية، تصدرها النتائج، إلا أن مصداقية هذه النتائج واجهت تساؤلات جدية، لا سيما بعد تسريب بيانات من داخل بعض لجان فرز الأصوات إلى وسائل التواصل الاجتماعي والصحف، تُظهر نسبة تصويت لم تتجاوز 1% في إحدى دوائر محافظة الإسكندرية.
عمرو هاشم ربيع: مع إغلاق المجال العام، وغياب التعددية الحقيقية، تصبح الانتخابات بلا جدوى
ويُعدّ مجلس الشيوخ في مصر، المؤلف من 300 عضو، استشارياً بشكل رئيسي، حيث يُنتخب ثلثا أعضائه، ويُعيّن رئيس الجمهورية الثلث المتبقي. وقد أُعيد مجلس الشيوخ (المعروف باسم مجلس الشورى سابقاً) إلى الحياة النيابية بموجب التعديلات الدستورية التي أجرتها مصر عام 2019. ومن المقرر بموجب الجدول الزمني لانتخابات مجلس الشيوخ، إعلان النتائج لانتخابات 2025، يوم 12 أغسطس/ آب الحالي، على أن تستأنف الدعاية الانتخابية في جولة الإعادة في اليوم نفسه.
أخبار
التحديثات الحية
6 دولارات ثمن الصوت في انتخابات مجلس الشيوخ المصري
وفي هذا السياق، قال المستشار في مركز الأهرام للدراسات السياسية، عمرو هاشم ربيع، لـ"العربي الجديد": "الانتخابات مؤشر واحد فقط من مؤشرات الديمقراطية، لكنها في مصر تجري في ظل غياب كامل لبقية المؤشرات، ومع إغلاق المجال العام، وغياب التعددية الحقيقية، تصبح الانتخابات بلا جدوى". وأوضح أن "نظام القائمة المطلقة مثلاً يزوّر الإرادة الشعبية بشكل مقنّن، لأن فوز القائمة بنسبة 51% يمنحها 100% من المقاعد". وتابع ربيع: "مجلس الشيوخ لا يتمتع بصلاحيات حقيقية، وثلث أعضائه يتم تعيينهم من قبل الرئيس، بينما لا يتحرك إلا بتكليف من السلطة التنفيذية. أمام هذا الوضع، فإن المشاركة لا تبدو ذات معنى للناخب، خصوصاً في ظل تفاقم الأزمات المعيشية وغياب الحلول".
وكان اللافت في الانتخابات الأخيرة، أن بعض الأحزاب المنضوية داخل "القائمة الوطنية من أجل مصر"، وهي القائمة المدعومة من السلطة، لم تتردد في التعبير عن تحفظاتها على سير العملية الانتخابية. وأصدر الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، وهو أحد مكونات القائمة، بياناً، دان فيه منع وكلاء المرشحين من متابعة عمليات فرز الأصوات داخل اللجان الفرعية والعامة، واعتبر ذلك مخالفة صريحة للقانون، و"مساساً بنزاهة العملية الانتخابية".
وقال قيادي في الحزب، فضّل عدم ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد"، إن منع حضور الوكلاء هدفه "التلاعب في النتائج لصالح أحزاب بعينها"، مشيراً إلى أن "هناك تخوفات مشروعة من تزوير النتائج عبر التلاعب بالأرقام في اللجان العامة، وإضافة آلاف الأصوات لصالح مرشحين مدعومين من السلطة".
شارع غير متحمس
من جهته، قال محمد أنور السادات، رئيس حزب "الإصلاح والتنمية"، وهو أيضاً أحد الأحزاب المنضوية في القائمة الوطنية، إن ضعف المشاركة يعود إلى القوانين المنظمة للعملية الانتخابية التي لم تشجع الأحزاب أو النقابات أو الاتحادات على خوض تجربة انتخابية حقيقية. وأضاف السادات لـ"العربي الجديد": "الناس لم تكن تشعر بأن هناك منافسة، والشارع غير متحمس، وغياب الإشراف القضائي الكامل زاد من حالة فقدان الثقة. لكننا كحزب نؤمن بأهمية المشاركة الإيجابية، ونرفض المقاطعة، لأن الممارسة السياسية لا تُبنى على الانسحاب بل على الحضور حتى لو كانت البيئة صعبة". واعترف السادات بأن بعض الأحزاب "تتمتع بامتيازات واضحة" بحكم قربها من السلطة، معتبرا أن الانتخابات المقبلة لمجلس النواب، والمتوقع انطلاق إجراءاتها في سبتمبر/أيلول المقبل، هي "الفيصل الحقيقي" لمستقبل العمل السياسي في مصر.
محمد أنور السادات: الناس لم تكن تشعر بأن هناك منافسة والشارع غير متحمس
ورصد المجلس القومي لحقوق الانسان
مخالفات
، تشمل دفع الناخبين للتصويت بمقابل مادي، قدّمها بعض أنصار المرشحين، بما يعد مخالفة صريحة لقواعد الانتخابات النيابية.
وأثارت الانتخابات جدلاً إضافياً بعد الكشف عن حجم الميزانية المخصصة لها. وصرّح مصدر قضائي بارز في الهيئة الوطنية للانتخابات، لـ"العربي الجديد"، أن التكلفة التقديرية للانتخابات بلغت نحو 2 مليار جنيه مصري (41 مليون دولار أميركي) تم اعتمادها رسميا من وزارة المالية، لتغطية كافة مراحل العملية الانتخابية. وتشير المعلومات المتوفرة إلى أن الميزانية شملت مكافآت لأكثر من 9500 قاضٍ من هيئتي النيابة الإدارية وقضايا الدولة، إضافة إلى مكافآت لرجال الشرطة والموظفين المدنيين المكلفين بإدارة اللجان وتجهيز المقار الانتخابية. وتضمّنت البنود أيضا نفقات ضخمة للإعاشة، تشمل الإقامة والوجبات في فنادق واستراحات حكومية، لا سيما في المحافظات البعيدة.
وفي سابقة منذ ثورة يناير (2011) أُجريت الانتخابات من دون إشراف قضائي كامل، إذ تولى العملية قضاة من هيئتي النيابة الإدارية وقضايا الدولة، بدلاً من قضاة المحاكم العادية والنيابة العامة. ويأتي هذا التحول تطبيقا لنص دستوري ينهي الإشراف القضائي بعد عشر سنوات من إقرار دستور 2014. هذا التغيير أثار انتقادات عديدة، إذ رأى فيه مراقبون نقطة ضعف كبيرة في ضمان نزاهة الانتخابات، وزاد من حالة الشك الشعبي في جدية الاستحقاق الانتخابي، خاصة في ظل غياب المراقبة الدولية المستقلة.
وتتقاطع كل هذه العوامل، ضعف المنافسة، وغياب الشفافية، وانعدام الصلاحيات، وغياب الرقابة، لتشكل أزمة ثقة متفاقمة بين المواطن والنظام السياسي، حيث يرى كثيرون أن مشاركتهم في الانتخابات لن تُحدث أي فارق حقيقي. وقال هاشم ربيع في هذا السياق: "الناس ملت، المشاكل بتزيد، والانتخابات بقت شكلية. لمّا المواطن يلاقي إن لا شيء يتغير، والظروف من سيئ إلى أسوأ، طبيعي يفقد الإيمان بالعملية كلها".
اقتصاد الناس
التحديثات الحية
تجاوزات في الإنفاق على الدعاية في انتخابات مجلس الشيوخ المصري

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
منذ 2 أيام
- العربي الجديد
اتفاقية الغاز الإسرائيلي لمصر... زيادة في الأسعار وبنود إذعان
رغم مرور أربعة أيام على إعلان شركة نيوميدن الإسرائيلية توقيع صفقة "تاريخية" لتصدير الغاز الإسرائيلي إلى مصر من حقل ليفياثان حتى عام 2040 بقيمة 35 مليار دولار، إلا أن التقارير عن تداعيات الصفقة الضخمة والمكاسب الاقتصادية للطرف الإسرائيلي منها، فضلاً عن الارتدادات الاستراتيجية والسياسية على البلدين، لم تتوقف. وكما يقولون إن الشيطان يكمن في التفاصيل، فإن بنود الاتفاق التي نشرتها شركة نيوميد التي تمتلك الحصة الأكبر في الحقل كشفت عن استحقاقات والتزامات مصرية ربما لم تعهدها أي اتفاقيات ذات علاقة بالملف من قبل، لدرجة أن البعض وصفقها بـ"عقود إذعان". إسرائيل الرابح من اتفاق تصدير الغاز لمصر ووفقاً لصحف عبرية، فإن تل أبيب هي الرابح الأكبر من الصفقة من زاويتين: نجاح إسرائيل في رفع سعر الغاز على مصر بنسبة 14.8% في الصفقة الجديدة المعدلة خسائر مصر في هذه الاتفاقية، وأساساً "إلغاء بند رئيسي كان يمنح مصر الحق في تقليل الكميات المستوردة من إسرائيل إذا انخفض سعر خام برنت عن 50 دولاراً للبرميل" ويعني هذا البند أن مصر ستظل ملزمة بدفع كامل قيمة الصفقة وفقاً للأسعار المحددة حالياً، حتى إذا تراجعت الأسعار مستقبلاً أو انخفضت حاجة البلاد إلى الغاز، وفق صحيفة جيروزاليم بوست في 7 أغسطس/آب الجاري. ووفقاً لنص الاتفاقية، يجري الاعتماد على صيغة Take or Pay، وهو بند شائع في عقود الطاقة، يُلزم المستورد بدفع قيمة كميات الغاز المتفق عليها سنوياً، سواء تسلّمها بالفعل أو لم يفعل لانخفاض الحاجة أو الأسعار، وهو ما يضمن دخلاً ثابتاً ومستقراً لإسرائيل على حساب مصر، بغض النظر عن التغيرات في السوق أو مدى حاجة القاهرة لما ستستورده من غاز. وفي السنوات الماضية، كانت مصر تستورد الغاز من إسرائيل بأسعار تتراوح بين 5.5 إلى سبعة دولارات لكل مليون وحدة حرارية. وكانت تل أبيب تطالب بزيادة سعر توريد المليون وحدة حرارية لأكثر من ثمانية دولارات، حين كان سعر السوق ما بين أربعة وخمسة دولارات، واستغلت الحرب على قطاع غزة وأوقفت التصدير إلى مصر، بحجة الحرب، لممارسة ضغوط لرفع السعر. طاقة التحديثات الحية مخاوف على أمن الطاقة المصري من التصعيد العسكري في المنطقة وبموجب الاتفاق المبرم بين مصر وإسرائيل بشأن صفقة الغاز، سيزود حقل ليفياثان مصر في المرحلة الأولى بنحو 20 مليار متر مكعب من الغاز بدءاً من أوائل عام 2026 وحتى عام 2029 بعد ربط خطوط أنابيب إضافية. وذكرت نيوميد التابعة لمجموعة ديليلك التي يملكها رجل الأعمال الإسرائيلي إسحق تشوفا، أن الحقل سيصدر الكمية المتبقية، البالغة 110 مليارات متر مكعب، في مرحلة ثانية تبدأ بعد اكتمال مشروع توسعة حقل ليفياثان وإنشاء خط أنابيب جديد لنقل الغاز من إسرائيل إلى مصر من خلال معبر نيتسانا (العوجة) في إسرائيل. وقال يوسي أبو، الرئيس التنفيذي لشركة نيوميد: "سنزيد تدفق الغاز إلى مصر عملياً أوائل العام المقبل، من 4.5 مليارات متر مكعب إلى 6.5 مليارات متر مكعب. وبعد الانتهاء من المرحلة الثانية من حقل ليفياثان في عام 2029، سنزيد الكمية إلى 12 مليار متر مكعب سنوياً حتى نهاية الفترة المتفق عليها". وأشارت صحيفة معاريف، يوم الخميس الماضي، إلى أن "هذه الاتفاقية توسع اتفاقية التصدير الحالية لعام 2019، حيث وقعت شركة " ديليك دريلينغ " الإسرائيلية، بالتعاون مع شركة "نوبل إنرجي" الأميركية، وشركاء مصريين، اتفاقاً لتوريد نحو 64 مليار متر مكعب من الغاز إلى مصر خلال عشر سنوات، بقيمة تتجاوز 15 مليار دولار، بمعدل 4.5 مليارات متر مكعب سنوياً، وجرى لاحقاً تعزيز الاتفاق ليشمل كميات إضافية وتمديد فترة التوريد، إذ إنه بموجب الاتفاق الجديد ستتم مضاعفة كميات الغاز المصدرة إلى مصر ثلاث مرات مقارنة بالمستويات السابقة. ومن المقرر أن تشتري مصر الغاز عبر شركة بلو أوشن إنرجي، ومقرها الإمارات. وتستحوذ شركة "نيوميد إنرجي" على حقوق التنقيب في أكثر من 45% من حقل "ليفياثان" البحري العملاق للغاز في إسرائيل، والذي بدأ الإنتاج عام 2019. وشركة النفط الأميركية العملاقة شيفرون بنسبة 40%، ووريشيو إنرجيز الإسرائيلية (Ratio Oil Exploration) بنسبة 15%. وتواجه مصر صعوبة في زيادة إنتاجها من الغاز، وتشير أحدث الأرقام من مبادرة بيانات المنظمات المشتركة (جودي) إلى أن الإنتاج بلغ 3545 مليون متر مكعب في مايو/أيار، مقارنة مع 6133 مليون متر مكعب في مارس/آذار 2021، بانخفاض يزيد عن 42% في أقل من خمس سنوات. وتشير بيانات (جودي) إلى أن واردات الغاز الإسرائيلية تشكل ما بين 15% و20% من الاستهلاك في مصر. اقتصاد الناس التحديثات الحية حكومة مصر تعتزم رفع أسعار الغاز رغم الصفقة مع إسرائيل وكان سعر المليون وحدة حرارية من الغاز الإسرائيلي إلى مصر يبلغ حوالي 6.70 دولارات، ومع ذلك طلبت إسرائيل زيادة السعر بنسبة 25%. وفقاً للعقد، من المقرر أن يتم تصدير نحو 130 مليار متر مكعب من الغاز (الإسرائيلي) إلى مصر حتى عام 2040، بدلاً من حوالي 64 مليار متر مكعب جرى الاتفاق عليها عام 2018، وزيادة كمية الاستيراد من 850 مليون قدم مكعبة إلى 1.7 مليار. وفي منشور عبر صفحته في منصة إكس، قال وزير الطاقة والبنى التحتية الإسرائيلي، إيلي كوهين: "صفقة الغاز التي وُقعت، وهي الأكبر في تاريخ إسرائيل، تعد إنجازاً مهماً على الصُعد الأمنية والسياسية والاقتصادية، وتعزز مكانة إسرائيل قوة إقليمية في مجال الطاقة تعتمد عليها دول الجوار". وأضاف أن "الاتفاق سيضخ مليارات الدولارات في خزينة الدولة، ويوفر فرص عمل جديدة، ويسهم في تقوية الاقتصاد".


العربي الجديد
منذ 5 أيام
- العربي الجديد
تآكل للثقة يُترجم عزوفاً للمصريين عن انتخابات مجلس الشيوخ
على الرغم من التغطية الإعلامية الكثيفة والدعوات الرسمية المتكررة للمشاركة، مرّت انتخابات مجلس الشيوخ في مصر، والتي أجريت داخل البلاد يومي الاثنين والثلاثاء الماضيين، بهدوء لافت، كاشفة عن اتساع الفجوة بين الدولة والمواطن، وتأكيداً على ما يعتبره كثيرون حالة "تآكل للثقة" في العملية السياسية برمتها، في وقت تشهد فيه البلاد أزمة اقتصادية خانقة، وتواجه تحديات إقليمية متصاعدة. العزوف الشعبي عن المشاركة في الاستحقاقات الانتخابية في ظل هذه الظروف، لم يكن مجرد "ملاحظة عابرة"، بل مؤشر واضح على أزمة أعمق تتعلق بانسداد المجال العام، وتآكل أدوات المشاركة، وتحول الانتخابات من آلية ديمقراطية إلى طقس شكلي يفتقر للمنافسة الحقيقية والمضمون السياسي الفعّال. إقبال ضعيف في انتخابات مجلس الشيوخ منذ اللحظات الأولى لانطلاق التصويت، بدت المؤشرات واضحة: إقبال ضعيف ، وغياب للزخم الشعبي، ودوائر انتخابية خالية تقريباً من الطوابير، ومشهد عام يفتقد لأي مظاهر منافسة . ورغم إعلان مرشحي أربعة أحزاب موالية للسلطة، هي مستقبل وطن، والشعب الجمهوري، وحماة الوطن، والجبهة الوطنية، تصدرها النتائج، إلا أن مصداقية هذه النتائج واجهت تساؤلات جدية، لا سيما بعد تسريب بيانات من داخل بعض لجان فرز الأصوات إلى وسائل التواصل الاجتماعي والصحف، تُظهر نسبة تصويت لم تتجاوز 1% في إحدى دوائر محافظة الإسكندرية. عمرو هاشم ربيع: مع إغلاق المجال العام، وغياب التعددية الحقيقية، تصبح الانتخابات بلا جدوى ويُعدّ مجلس الشيوخ في مصر، المؤلف من 300 عضو، استشارياً بشكل رئيسي، حيث يُنتخب ثلثا أعضائه، ويُعيّن رئيس الجمهورية الثلث المتبقي. وقد أُعيد مجلس الشيوخ (المعروف باسم مجلس الشورى سابقاً) إلى الحياة النيابية بموجب التعديلات الدستورية التي أجرتها مصر عام 2019. ومن المقرر بموجب الجدول الزمني لانتخابات مجلس الشيوخ، إعلان النتائج لانتخابات 2025، يوم 12 أغسطس/ آب الحالي، على أن تستأنف الدعاية الانتخابية في جولة الإعادة في اليوم نفسه. أخبار التحديثات الحية 6 دولارات ثمن الصوت في انتخابات مجلس الشيوخ المصري وفي هذا السياق، قال المستشار في مركز الأهرام للدراسات السياسية، عمرو هاشم ربيع، لـ"العربي الجديد": "الانتخابات مؤشر واحد فقط من مؤشرات الديمقراطية، لكنها في مصر تجري في ظل غياب كامل لبقية المؤشرات، ومع إغلاق المجال العام، وغياب التعددية الحقيقية، تصبح الانتخابات بلا جدوى". وأوضح أن "نظام القائمة المطلقة مثلاً يزوّر الإرادة الشعبية بشكل مقنّن، لأن فوز القائمة بنسبة 51% يمنحها 100% من المقاعد". وتابع ربيع: "مجلس الشيوخ لا يتمتع بصلاحيات حقيقية، وثلث أعضائه يتم تعيينهم من قبل الرئيس، بينما لا يتحرك إلا بتكليف من السلطة التنفيذية. أمام هذا الوضع، فإن المشاركة لا تبدو ذات معنى للناخب، خصوصاً في ظل تفاقم الأزمات المعيشية وغياب الحلول". وكان اللافت في الانتخابات الأخيرة، أن بعض الأحزاب المنضوية داخل "القائمة الوطنية من أجل مصر"، وهي القائمة المدعومة من السلطة، لم تتردد في التعبير عن تحفظاتها على سير العملية الانتخابية. وأصدر الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، وهو أحد مكونات القائمة، بياناً، دان فيه منع وكلاء المرشحين من متابعة عمليات فرز الأصوات داخل اللجان الفرعية والعامة، واعتبر ذلك مخالفة صريحة للقانون، و"مساساً بنزاهة العملية الانتخابية". وقال قيادي في الحزب، فضّل عدم ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد"، إن منع حضور الوكلاء هدفه "التلاعب في النتائج لصالح أحزاب بعينها"، مشيراً إلى أن "هناك تخوفات مشروعة من تزوير النتائج عبر التلاعب بالأرقام في اللجان العامة، وإضافة آلاف الأصوات لصالح مرشحين مدعومين من السلطة". شارع غير متحمس من جهته، قال محمد أنور السادات، رئيس حزب "الإصلاح والتنمية"، وهو أيضاً أحد الأحزاب المنضوية في القائمة الوطنية، إن ضعف المشاركة يعود إلى القوانين المنظمة للعملية الانتخابية التي لم تشجع الأحزاب أو النقابات أو الاتحادات على خوض تجربة انتخابية حقيقية. وأضاف السادات لـ"العربي الجديد": "الناس لم تكن تشعر بأن هناك منافسة، والشارع غير متحمس، وغياب الإشراف القضائي الكامل زاد من حالة فقدان الثقة. لكننا كحزب نؤمن بأهمية المشاركة الإيجابية، ونرفض المقاطعة، لأن الممارسة السياسية لا تُبنى على الانسحاب بل على الحضور حتى لو كانت البيئة صعبة". واعترف السادات بأن بعض الأحزاب "تتمتع بامتيازات واضحة" بحكم قربها من السلطة، معتبرا أن الانتخابات المقبلة لمجلس النواب، والمتوقع انطلاق إجراءاتها في سبتمبر/أيلول المقبل، هي "الفيصل الحقيقي" لمستقبل العمل السياسي في مصر. محمد أنور السادات: الناس لم تكن تشعر بأن هناك منافسة والشارع غير متحمس ورصد المجلس القومي لحقوق الانسان مخالفات ، تشمل دفع الناخبين للتصويت بمقابل مادي، قدّمها بعض أنصار المرشحين، بما يعد مخالفة صريحة لقواعد الانتخابات النيابية. وأثارت الانتخابات جدلاً إضافياً بعد الكشف عن حجم الميزانية المخصصة لها. وصرّح مصدر قضائي بارز في الهيئة الوطنية للانتخابات، لـ"العربي الجديد"، أن التكلفة التقديرية للانتخابات بلغت نحو 2 مليار جنيه مصري (41 مليون دولار أميركي) تم اعتمادها رسميا من وزارة المالية، لتغطية كافة مراحل العملية الانتخابية. وتشير المعلومات المتوفرة إلى أن الميزانية شملت مكافآت لأكثر من 9500 قاضٍ من هيئتي النيابة الإدارية وقضايا الدولة، إضافة إلى مكافآت لرجال الشرطة والموظفين المدنيين المكلفين بإدارة اللجان وتجهيز المقار الانتخابية. وتضمّنت البنود أيضا نفقات ضخمة للإعاشة، تشمل الإقامة والوجبات في فنادق واستراحات حكومية، لا سيما في المحافظات البعيدة. وفي سابقة منذ ثورة يناير (2011) أُجريت الانتخابات من دون إشراف قضائي كامل، إذ تولى العملية قضاة من هيئتي النيابة الإدارية وقضايا الدولة، بدلاً من قضاة المحاكم العادية والنيابة العامة. ويأتي هذا التحول تطبيقا لنص دستوري ينهي الإشراف القضائي بعد عشر سنوات من إقرار دستور 2014. هذا التغيير أثار انتقادات عديدة، إذ رأى فيه مراقبون نقطة ضعف كبيرة في ضمان نزاهة الانتخابات، وزاد من حالة الشك الشعبي في جدية الاستحقاق الانتخابي، خاصة في ظل غياب المراقبة الدولية المستقلة. وتتقاطع كل هذه العوامل، ضعف المنافسة، وغياب الشفافية، وانعدام الصلاحيات، وغياب الرقابة، لتشكل أزمة ثقة متفاقمة بين المواطن والنظام السياسي، حيث يرى كثيرون أن مشاركتهم في الانتخابات لن تُحدث أي فارق حقيقي. وقال هاشم ربيع في هذا السياق: "الناس ملت، المشاكل بتزيد، والانتخابات بقت شكلية. لمّا المواطن يلاقي إن لا شيء يتغير، والظروف من سيئ إلى أسوأ، طبيعي يفقد الإيمان بالعملية كلها". اقتصاد الناس التحديثات الحية تجاوزات في الإنفاق على الدعاية في انتخابات مجلس الشيوخ المصري


العربي الجديد
منذ 5 أيام
- العربي الجديد
اعتداء على أهالي "عزبة الهجانة" شرقي القاهرة لرفضهم إخلاء منازلهم
اعتدت قوات من الشرطة المصرية ، اليوم الخميس، على مجموعة من أهالي "عزبة الهجانة" في حي مدينة نصر، شرقي العاصمة القاهرة، إثر اعتراضهم على إزالة منازلهم بالقوة، وتهجيرهم قسراً منها، من أجل إنشاء مشروع للإسكان الفاخر باسم "مدينة الأمل الجديدة"، بالتعاون بين محافظة القاهرة والهيئة الهندسية للجيش وشركة "كونتراك" للتنمية العمرانية. وتسعى السلطات المصرية للاستيلاء على مساحة عشرة أفدنة من أرض عزبة الهجانة لإنشاء المدينة السكنية الجديدة، بعد تهجير السكان منها مقابل تعويضات هزيلة، بلغت في حدها الأقصى خمسة آلاف جنيه (نحو 103 دولارات) للمتر المربع، مع منح السكان الراغبين في شراء وحدات جديدة بعد الانتهاء من مشروع التطوير 30 ألف جنيه إجمالاً بدلاً للإيجار، إلى حين الانتهاء من تنفيذ المدينة خلال 15 شهراً. وقال عبد الناصر المهدي (66 عاماً)، مالك إحدى البنايات المهددة بالإزالة، إن "أهالي عزبة الهجانة استبشروا خيراً حين وجّه الرئيس عبد الفتاح السيسي الأجهزة المختصة بتطويرها عام 2021، وتحسين مستوى عيش السكان فيها، إلا أنهم فوجئوا مع الوقت بأن ما يحدث على أرض الواقع لا يعد تطويراً، وإنما إجبار للأهالي على بيع منازلهم بغرض إزالتها مقابل تعويضات زهيدة، لا تتناسب على الإطلاق مع قيمتها السوقية"، على حد قوله. وأضاف المهدي في حديث خاص مع "العربي الجديد"، أن "محافظة القاهرة مصرة على استكمال أعمال الإزالة من دون مراعاة لظروف الأهالي، الذين يعملون في أماكن قريبة من محل سكنهم، ويلتحق ذووهم بمدارس بالمنطقة"، مؤكداً أن "التعويضات المطروحة من المحافظة ليست عادلة، ولا تمثل تعويضاً مناسباً للسكان، مع الارتفاع الكبير الذي شهدته أسعار العقارات في مصر خلال العامين الماضيين". واستدرك قائلاً: "الأهالي في عزبة الهجانة لا يرفضون التطوير من حيث المبدأ، ولكنهم يتمسكون بحقهم الأصيل في السكن الكريم والملائم المنصوص عليه في مواد الدستور، ويرفضون توظيف مصطلح التطوير لمصلحة جهات وشركات استثمارية معروفة بالاسم، على حساب الكادحين والبسطاء من أهالي العزبة". ويبلغ أقل سعر معلن في مشروع مدينة الأمل الجديدة مليونين و704 آلاف جنيه للوحدة السكنية المكونة من ثلاث غرف بإجمالي 104 أمتار، بمتوسط سعر 26 ألف جنيه للمتر، (الدولار= 48.60 جنيهاً مصرياً) على أن تتكون كل بناية في المشروع من طابق أرضي تجاري، و12 طابقاً سكنياً. وتقع المدينة في منطقة متميزة على مقربة من تجمع "غاردينيا" السكني التابع للجيش، وجسر "شينزو آبي" المروري الجديد، وطريق السويس الموصل إلى مدن الرحاب ومدينتي والشروق وبدر والعاصمة الإدارية الجديدة. ونشر أهالي عزبة الهجانة استغاثة عبر مجموعة خاصة بهم في فيسبوك، بهدف توجيهها إلى رئيس الجمهورية، طالبوا فيها بتسليم محافظة القاهرة وحدات سكنية بديلة بنفس المساحة داخل المرحلة الأولى من المشروع الجديد، من دون دفع أي رسوم إضافية، وتقدير سعر المتر السكني بـ25 ألف جنيه لضمان قدرة الأهالي على توفير سكن بديل، بما يتناسب مع مستوى المعيشة الحالي. كما يطالب الأهالي بألا يقل سعر التعويض للمتر التجاري عن 30 ألف جنيه، باعتبار أن النشاط التجاري يمثل مصدراً ثابتاً للدخل لهم، مؤكدين رفضهم التام للبيع أو التنازل عن منازلهم، في حالة عدم تنفيذ المحافظة مطالبهم العادلة. ونصت المادة 35 من الدستور بأن "الملكية الخاصة مصونة، وحق الإرث فيها مكفول، ولا يجوز فرض الحراسة عليها إلا فى الأحوال المبينة في القانون، وبحكم قضائي. ولا تنزع الملكية إلا للمنفعة العامة، ومقابل تعويض عادل يدفع مقدماً وفقاً للقانون". وكان السيسي قد وجه بإنشاء مدينة الأمل الجديدة، بعد الانتهاء من إزالة نحو 700 عقار في عزبة الهجانة، من أجل إنشاء جسر "شينزو آبي" المروري، الذي يربط بين مناطق مدينة نصر وطريق السويس، وإنشاء عدد من الأكشاك التجارية أسفل الجسر، بديلاً عن الورش والمحال التي تمت إزالتها. وقبل عام، أعلنت محافظة القاهرة حصر 232 عقاراً بمنطقة عزبة الهجانة تمهيداً لإزالتها، بإجمالي 1166 وحدة سكنية و224 محلاً ومخزناً و23 قطعة أرض فضاء، تحت مزاعم تطوير المنطقة بإنشاء مدينة الأمل الجديدة، والتي ستضم وحدات بديلة عن البنايات المقرر إزالتها، ومجمع للورش الحرفية يشمل 178 ورشة، ومبنى إداري يضم 16 محلاً تجارياً. قضايا وناس التحديثات الحية أهالي الموصل يُنظمون حملة جمع تبرعات لقطاع غزة وما يحدث مع سكان عزبة الهجانة هو تكرار لمحاولات الاستيلاء على أراضي جزيرة الوراق النيلية، شمالي العاصمة المصرية، التي تشهد مظاهرات واسعة النطاق بين الحين والآخر، احتجاجاً على تهديدات الشرطة للأهالي المتحصنين للدفاع عنها، والرافضين لتسليم أراضيهم إلى هيئة المجتمعات العمرانية التابعة لوزارة الإسكان، لإقامة مشروع سكني بديل مع تحالف عقاري بدولة الإمارات. وأزالت السلطات المصرية مئات من العقارات المأهولة بالسكان لتوسعة الطريق الدائري، الذي يربط بين محافظات القاهرة الكبرى، مقابل منح الأهالي تعويضات هزيلة تتراوح بين 120 و160 ألف جنيه للوحدة. الأمر الذي تكرر في كثير من المناطق المكتظة بالسكان، في محافظات أهمها القاهرة والجيزة والإسكندرية.