logo
إيران وقطر وغزة: أسئلةٌ عالقةٌ بعد انتهاء حرب الاثني عشر يوماً

إيران وقطر وغزة: أسئلةٌ عالقةٌ بعد انتهاء حرب الاثني عشر يوماً

الميادينمنذ 6 ساعات

مع انتهاء الحرب الأولى من نوعها بين إيران والكيان، برزت إلى الواجهة ثلاثة تساؤلاتٍ رئيسةٍ شغلت الأوساط السياسية والإعلامية:
· هل خرجت الجمهورية الإسلامية منتصرة؟
· هل كان قصف قاعدة العديد خطأً سياسيًا؟
· أين موقع غزة من مجمل مشهد المواجهة؟
يسعى هذا المقال إلى تناول هذه الأسئلة بالتحليل والتمحيص عبر تخصيص فقرةٍ مستقلةٍ لكلٍّ منها، بما يُسهّل على القارئ متابعة خيوط النقاش.
أعلن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بطريقته الاستعراضية المعهودة، دعوته إلى وقف إطلاق النار بين إيران والكيان الصهيوني، وذلك عقب وقتٍ قصير من توجيه الجمهورية الإسلامية ضربةً صاروخيةً استهدفت المقرّ الأمامي للقيادة المركزية الأميركية في قاعدة العديد الجوية في قطر، التي تُعد أكبر قاعدة عسكرية أميركية في منطقة غرب آسيا، وحجر الزاوية في استراتيجية واشنطن الجوية في الإقليم. وقد جاءت تلك الدعوة لوقف إطلاق النار مفاجِئةً للجميع، بمن فيهم فريق ترامب ومستشاروه، لتفتح بعدها الباب على مصراعيه للجدل حول من خرج منتصرًا في حرب الاثني عشر يومًا؟
لم تكن أهداف العدوان الثنائي الصهيو-أميركي على الجمهورية الإسلامية فجر الجمعة 13 حزيران 2025 خفيةً؛ إذ سبق لترامب أن عرض على إيران ما سماه «الاستسلام غير المشروط» مع انطلاق العدوان، والذي تضمّن وقفًا تامًا لبرنامجيها الصاروخي والنووي، إضافةً إلى التخلي الكامل عن دعمها لقوى التحرر العربي والإسلامي، وهي الشروط ذاتها التي كرّرها وزراء خارجية بريطانيا وفرنسا وألمانيا أمام وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي خلال محادثات جنيف في 20 حزيران 2025، بوصفها شروطًا مسبقةً لإيقاف العدوان، إلّا أن الجمهورية الإسلامية رفضت حتى مجرّد مناقشة هذه الشروط رفضًا قاطعًا.
لم تمضِ سوى ثلاثة أيام على تلك المحادثات حتى تلاشى حديث ترامب عن «الاستسلام غير المشروط»، وذهبت الشروط الثلاثة أدراج الرياح، وتمّ الإعلان عن وقف العمليات الحربية بين الأطراف المتحاربة دون توقيع أي اتفاقٍ مكتوب أو تقديم أي التزاماتٍ محدّدة، ليتم ترك تحديد المنتصر والمهزوم لنتائج الميدان وحده.
لقد أثبتت الضربة الصاروخية الإيرانية الأخيرة على الكيان، التي جاءت أشدّ وقعًا من سابقاتها، والتي استخدم فيها حرس الثورة الإسلامية أنواعًا جديدة من الصواريخ الاستراتيجية، أن برنامج إيران الصاروخي لم يُصَب بأضرار جوهرية.
أمّا على صعيد البرنامج النووي، فلم تغيّر إيران موقفها قيد أنملة بشأن حقها السيادي في تخصيب اليورانيوم على أراضيها وفق ما تراه ضروريًا، كما احتفظت بمخزونها الذي يقدّر بنحو 9379 كيلوغرامًا من اليورانيوم المخصّب على درجات نقاء متفاوتة، من بينها نحو 409 كيلوغرامات من اليورانيوم عالي التخصيب (بنقاء 60%).
فضلًا عن ذلك، فإن أيّ أضرار لحقت بالمنشآت النووية الإيرانية تبقى، وفق اعتراف العدوّ نفسه، قابلةً للترميم، ولا سيما أن برنامج إيران النووي برنامجٌ وطني بامتياز، إذ إنّ تلك المنشآت وأجهزة الطرد المركزي وغيرها من مكونات البرنامج هي صناعةٌ محليةٌ خالصة. اليوم 09:02
اليوم 08:38
من نافلة القول إن الجمهورية الإسلامية ليست في وارد التراجع عن دعمها الاستراتيجي لقوى المقاومة في المنطقة، وهي حقيقةٌ يُدركها جيدًا الطرف المعتدي.
بهذا العدوان، يكون المحور الصهيو-أميركي قد استنفد ورقة الخيار العسكري التي لطالما هدد بها، والتي كانت الورقة التفاوضية الأقوى بيده خلال الجولات السابقة على مدى العقود الماضية، دون أن يحقّق أي نتائج حاسمة. هذه النتيجة تحديدًا هي ما حذّر منه العديد من صنّاع القرار في الولايات المتحدة، بمن فيهم الرئيس الأسبق باراك أوباما؛ إذ مَن عساه يمتلك الآن موقعًا تفاوضيًا أفضل، بعد استنزاف أوراق الخيار العسكري، هذا إن قرّرت إيران العودة إلى طاولة المفاوضات أصلًا؟
تدلّل جميع المعطيات على أن الجمهورية الإسلامية خرجت منتصرةً من هذه الحرب، وأنها باتت على طريق تحقيق نقلةٍ استراتيجية نوعية على الصعيدين الإقليمي والدولي، نقلة تشبه في دلالاتها التاريخية والسياسية انتصار مصر عبد الناصر على العدوان الثلاثي عام 1956. ولتقييم عمق هذا الانتصار ودلالاته، يكفي استذكار دعوات نتنياهو التحريضية للشعب الإيراني إلى التمرد على دولته عشية العدوان، فضلًا عن بعض التحليلات الإقليمية والغربية التي راهنت على قرب سقوط الحكم الإيراني وانهيار الدولة؛ فأين تقف تلك التحليلات اليوم من حقائق الميدان؟
أبدى بعضُ حسني النيات تحفظًا بشأن استهداف إيران لقاعدة العديد الأميركية في قطر، معتبرين أن ذلك يمثّل انتهاكًا لسيادة دولة شقيقة، ويتعارض مع قواعد القانون الدولي، الأمر الذي قد يُفقِد إيران جانبًا من التأييد الدولي الذي حازته في مواجهتها للعدوان، كما قد يؤثر سلبًا في العلاقات الأخوية بين إيران وقطر، وتُطرح هنا عدة إشكالاتٍ حول هذه التحفظات.
أثبتت أحداث العامين الماضيين، بما لا يدع مجالًا للشك، أنّ القانون الدولي، أقلّه في هذه المرحلة التاريخية، لم يعد سوى مجرّد حبرٍ على ورق، ولا سيما في ظل حالة السيولة الدولية، وذلك في ظل إرهاصات تَشكُّل نظامٍ عالميٍ متعدّد الأقطاب بعد عقود من العالَم أحادي القطب.
إن فشل العالم في وقف الإبادة الجماعية المستمرة في غزة منذ زهاء عشرين شهرًا، وعجز محكمتي العدل والجنايات الدوليتين عن محاسبة قيادات الكيان الصهيوني، وفي مقدّمتهم المتهم بجرائم الحرب بنيامين نتنياهو، إلى جانب إخفاق المجتمع الدولي في إدانة الاعتداء الصارخ على منشآت نووية سلمية لدولةٍ عضوٍ في معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية من قبل دولتين نوويتين، كل ذلك دفع العديد من خبراء القانون الدولي إلى الإعلان عن وفاة هذا القانون عمليًا.
لذلك، فإن مناقشة قانونية الرد الإيراني على قواعد عسكرية، كان قد تم بالأصل استخدامها للاعتداء على سيادة الجمهورية الإسلامية وسلامة أراضيها، يغدو في أفضل أحواله ترفًا فكريًا لا يتلاءم مع خطورة المرحلة الراهنة.
أما عن التداعيات السياسية لاستهداف قاعدة العديد، من قبيل فقدان إيران للتعاطف الدولي أو تراجع مشروعية تصديها للعدوان، فقد جاءت النتائج معاكسةً لهذه التوقعات، إذ لم يتأثر التضامن الدولي مع إيران، ولم تُمس مشروعية دفاعها عن النفس، ما يؤكد صواب تقديرها السياسي.
علاوةً على ذلك، فقد أظهرت الحكومة القطرية تفهّمًا ضمنيًا لرد الفعل الإيراني، برغم ما صدر عن وزارة الخارجية القطرية من بيانٍ دبلوماسي تقليدي، ولا سيما أن إيران كانت قد اتخذت أقصى درجات الحيطة والحذر لتفادي إلحاق أيّ ضرر بالبنية التحتية القطرية أو سلامة الأشقاء القطريين.
أما من المنظورين القومي والتحرّري، وهما الجانبان الأكثر أهميةً في هذا السياق، فإن النقاش لا يطال حقيقة أن هذه القواعد الأميركية المنتشرة في منطقتنا، وعلى رأسها قاعدة العديد في قطر، تعد من أبرز أدوات إدامة الهيمنة الغربية على مصير الأمة، فهي التي استُخدمت قواعد انطلاقٍ للعدوان على شعوب المنطقة ودولها، إذ أدار الأميركي من قاعدة العديد احتلال العراق، واحتلال أفغانستان، وعمليات تزويد الكيان الصهيوني بالذخائر التي يستخدمها في جريمة الإبادة الجماعية الموصوفة المتواصلة في غزة منذ عشرين شهرًا، فضلًا عن دعمه لحروبه العدوانية السابقة على غزة ولبنان واليمن. وتُعدّ هذه القاعدة، دون مبالغة، الأخطر والأقذر في منطقتنا، بما تشكّله من مركز لقيادة العدوان وإدارة الخراب.
لا يمكن فصل التطورات الإقليمية خلال السنتين الأخيرتين، وما رافقها من تصعيدٍ في ساحاتٍ أخرى، عمّا يجري على أرض غزة، فاستمرار جريمة الإبادة الجماعية ضد الغزيين يعد الأصل في حالة التوتر الراهنة في المنطقة. لذلك، فإن أي مسعى لاستعادة الهدوء النسبي في الإقليم ينبغي أن يشمل بالضرورة وقف العدوان على غزة، وهذه مسؤوليةٌ تقع على عاتق جميع الدول العربية والإسلامية، بما في ذلك الجمهورية الإسلامية والوسيط القطري، اللذان كانا جزءًا من مشهد حرب الاثني عشر يومًا الأخيرة والوساطة التي أفضت إلى وقفها.
لكن، أيًا يكن الحال، فإن الترابط الوثيق بين جبهات محور المقاومة، والتداخل العضوي بين الأطراف المعتدية في المقابل، يجعلان نتائج المعارك مترابطةً ومتأثرةً ببعضها البعض. وبالتالي، لا يمكن عزل تداعيات فشل العدوان الصهيو-أميركي على الجمهورية الإسلامية عن ساحة غزة، التي تظل في القلب من مشهد المواجهة.
برغم استمرار مظاهر الألم والقهر والموت والجريمة الخسيسة التي يرتكبها المحور الصهيو-أميركي ضد كلّ ما هو في غزة، لا تزال المقاومة الفلسطينية المسلحة تقاتل بكفاءة استثنائية وعنفوان ثابت. في المقابل، يعاني جيش الاحتلال من كمائنَ وهجماتٍ نوعية تُكبّده خسائر بشرية ومادية مستمرة، حتى باتت الحرب مفتقرةً لأي أفق عسكري، وتشكل عبئًا عسكريًا وسياسيًا ثقيلًا على كاهل الكيان ومأزقًا أخلاقيًا ودبلوماسيًا واضحًا لداعميه.
أمّا الآن، وفي ضوء الضربات القاسية التي طالت المرافق العسكرية والاقتصادية في الكيان المؤقّت خلال المواجهة الفاشلة مع الجمهورية الإسلامية، فإن نتنياهو سيعود لمواجهة التداعيات المتراكمة لحربه المستمرة على غزة، مضافًا إليها تداعيات الإخفاقات العسكرية والسياسية الجديدة التي تكبّدها الكيان مؤخّرًا. وعلى الأرجح، فإن حماسة الأميركي لاستمرار الحرب في المنطقة سوف تتراجع على وقع هذه التطورات المتلاحقة.
هذه العوامل، القديمة منها والمستجدة، سوف تصب في مصلحة الفلسطينيين، وستُسرّع بالضرورة مسار الوصول إلى وقفٍ لإطلاق النار في غزة؛ ذلك أنّ مفهوم تشابك المسارات الإقليمية أصبح اليوم أكثر وضوحًا من أي وقتٍ مضى.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

"Unherd": لقد انتهى عصر عبادة الحزب الجمهوري لـ "إسرائيل"
"Unherd": لقد انتهى عصر عبادة الحزب الجمهوري لـ "إسرائيل"

الميادين

timeمنذ 25 دقائق

  • الميادين

"Unherd": لقد انتهى عصر عبادة الحزب الجمهوري لـ "إسرائيل"

موقع "Unherd" البريطاني ينشر مقالاً يتناول التحوّل المتزايد في الرأي العام والسياسي الأميركي تجاه العلاقة مع "إسرائيل"، ويسلط الضوء على الانقسام الأيديولوجي داخل الولايات المتحدة بشأن مدى الالتزام والدعم المطلق لـ"إسرائيل". أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية: هل الولايات المتحدة أم "إسرائيل" أعظم دولة في العالم؟ قد تتوقع أن يختار مسؤول في إدارة ترامب أميركا من دون تردد، لكنك مخطئ. في مقابلة مع وسيلة إعلام إسرائيلية، وصفت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، تامي بروس، الولايات المتحدة بأنها "أعظم دولة على وجه الأرض"، قبل أن تتوقف لتُصحّح كلامها: "إلى جانب إسرائيل". المقابلة، التي بُثّت قبل شهر، لم تبدأ بالانتشار في وسائل التواصل الاجتماعي الأميركية إلا في خضمّ الضربات الأميركية والإسرائيلية الأخيرة على إيران، قبل أن يخفضها إعلان الرئيس الخامس والأربعين وقف إطلاق النار الليلة الماضية. مع ذلك، دفع هذا حتى المحافظين المتشددين إلى التشكيك في جدوى التمسك الوثيق بـ"إسرائيل". أن تكون مؤيداً لـ"إسرائيل" شيء، وأن تُعبّر، كأميركي، عن هذا الشعور التام والمطلق بالانتماء إلى دولة أخرى شيء آخر تماماً. هذا يصل إلى حدّ الإيحاء بأن وطنك هو ثاني أفضل بلد بعد الدولة اليهودية. اليوم 13:52 اليوم 10:58 لم تُجب بروس على طلبي بالتعليق. يُمكن لزلّة لسانها أن تُلقي الضوء على سبب قيام رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بهذه المُخاطرة الكبيرة بمهاجمة الجمهورية الإسلامية فيما كانت المفاوضات بين واشنطن وطهران لا تزال جارية. ومع ذلك، ربما يكون الزمن الذي كانت فيه "إسرائيل" تتقبل مشاعر مثل مشاعر بروس في واشنطن على أنها أمر مسلّم به قد ولّى. ففي العام الماضي، كان 46% من البالغين الأميركيين دون سن الثلاثين ينظرون إلى "إسرائيل" بإيجابية، وفقاً لاستطلاعات مركز "بيو"، بانخفاض قدره 17 نقطة مئوية عن السنوات الخمس السابقة. ووجد استطلاع "ريل كلير" الذي أُجري في الربيع أنّ "أكبر الزيادات في الآراء السلبية" تجاه "إسرائيل" "جاءت من الجمهوريين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و49 عاماً، إذ انخفضت نسبة من 35% إلى 50%". بحسب موقع "RealClear"، أصبح التماهي شبه الكامل مع الدولة اليهودية وقضيتها يقتصر بشكل متزايد على الجمهوريين الذين تزيد أعمارهم على 50 عاماً، وهذا ينطبق على أشخاص مثل بروس أو السيناتور تيد كروز، اللذين استخدما كلمة "نحن" في مقابلة حديثة مع تاكر كارلسون عند الحديث عن مهاجمة إيران، قبل أن تتدخل الولايات المتحدة بشكل مباشر في الصراع. وأشار أريس روسينوس إلى أن ابتعاد الشباب عن "إسرائيل" - من اليسار واليمين - سيظهر عاجلاً أم آجلاً في المجال السياسي. وبالفعل، يرفض العديد من المهنيين الشباب في الحزب الجمهوري، ممن يتدرجون في مناصب وزارة الدفاع، الخضوع لـ "إسرائيل" الذي فرضه الإنجيليون. في وسائل الإعلام الإلكترونية - كمجموعة مُحفّزة من المدونات الصوتية والمقاطع الصوتية والتغريدات - يتسرب هذا التشكك اليميني إلى رفضٍ للتضحية بـ"إسرائيل"، بل إلى معاداةٍ صريحةٍ للسامية أحياناً. ومع ذلك، بين نخب السياسة الخارجية الشابة، لا يُترجم هذا الاغتراب المتزايد بالضرورة إلى عداءٍ صريحٍ تجاه "إسرائيل"، بل يرونها ببساطة دولةً أخرى لها أجندتها ومصالحها الخاصة التي تتوافق أحياناً مع أميركا. إنّ تصريحات غريبة كتصريحات بروس هي التي يُرجّح أن تُوسّع الفجوة بين الأجيال بشأن "إسرائيل"؛ ففي نهاية المطاف، من الشائع بين الأبناء والبنات التشكيك في معتقدات آبائهم ويقينياتهم، إن لم يكن تحطيمها. في المستقبل، من المرجح أن تنهار النزعة الإسرائيلية المتطرفة في مواجهة هذا المد المتصاعد، ليس لمصلحة الولايات المتحدة فحسب، بل على الأرجح "إسرائيل" نفسها أيضاً. نقلته إلى العربية: بتول دياب.

"972+": الإسرائيليون يتجرعون من الكأس المرّة نفسها
"972+": الإسرائيليون يتجرعون من الكأس المرّة نفسها

الميادين

timeمنذ 26 دقائق

  • الميادين

"972+": الإسرائيليون يتجرعون من الكأس المرّة نفسها

مجلة "972+" الإسرائيلية تنشر مقالاً يفيد بأنّ صواريخ إيران أثارت لدى العديد من الإسرائيليين قلقاً وجودياً للمرة الأولى. وفي حال صمود وقف إطلاق النار، فإن شعورهم المهتزّ بالحصانة سيظل قائماً. ويتناول المقال الرقابة العسكرية المفروضة على الصحافة، والانتهاكات التي تطال حرية الإعلام، من ملاحقة الصحافيين، ومصادرة معداتهم، والتحقيق معهم، إلى منعهم من التصوير، وتوجيه الاتهامات إلى كل من يوثّق آثار الضربات الإيرانية وتهديده بالقتل. أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية بتصرف: خلال الأيام الـ12 الماضية، قمتُ بتوثيق المشاهد اليومية للهجمات الصاروخية الإيرانية على "إسرائيل"، والتي وقعت أغلبها ليلاً. في بعضها، وصلتُ بعد دقائق فقط من الاصطدام، فيما كانت النيران لا تزال مشتعلة، وانتشال الجرحى من تحت الأنقاض لا يزال جارياً. الوصول خلال الظلام دائماً ما يكون خادعاً، فلا ترى سوى سيارات الإسعاف وعربات الإطفاء. ومع بزوغ الفجر، يتكشف تدريجياً الحجم الحقيقي لموقع الكارثة: عدد المنازل والمركبات والنوافذ المتضررة، وما إذا كان هناك أشخاص لا يزالون مدفونين تحت الأنقاض. وبعد ساعات من وقوع الهجوم، يعود السكان لمحاولة استرداد بعض ممتلكاتهم، فيما يصل الجيران والمتفرجون الفضوليون لتفقد الأضرار. وقد عملت فرق الإنقاذ في موقع الهجوم في "بات يام"، حيث قُتل 9 إسرائيليين، لأيّام من أجل إزالة الأنقاض وانتشال جميع الجثث. والمباني المنهارة، والحفر الهائلة، والأشجار والسيارات المغطاة بالرماد، والناس الفارون بملابس النوم مع أطفالهم وممتلكاتهم بين أذرعهم، تشبه بشكل مخيف الصور التي شاهدها الإسرائيليون وهم يخرجون من غزة على مدى العامين الماضيين، على الرغم من الرقابة الذاتية التي تمارسها وسائل الإعلام. وبخلاف مشاهد هجمات إطلاق النار أو الهجمات الصاروخية السابقة في أنحاء "إسرائيل"، حيث كان شعار "الموت للعرب" يتردد في كل مكان، لم أصادف أي دعوات للانتقام أو هتافات تصدح بـ"الموت للإيرانيين". ولعل السبب في ذلك هو الصدمة التي أصيب بها الجميع، أو مبادرة "إسرائيل" بالهجوم على إيران، أو الحسابات الأعمق لحدود القوة الإسرائيلية، وهذه أول حرب تشنّها "إسرائيل" ضد دولة ذات سيادة منذ عام 1973، وأول حرب تشنّها ضد دولة منذ عام 1967. وفي صباح 24 حزيران/يونيو، أُعلن عن وقف إطلاق النار الهشّ، ولكن ليس قبل أن يضرب صاروخ إيراني مبنى سكنياً في مدينة بئر السبع جنوبي "إسرائيل" ويتسبب بمقتل 4 أشخاص. وسواء صمد وقف إطلاق النار أم لم يصمد، يستطيع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن ينسب لنفسه الفضل في إنجاز كبير واحد، وهو تحطيم شعور الإسرائيليين بالحماية. هذه الحرب، التي أودت بحياة ما لا يقل عن 28 شخصاً في "إسرائيل"، جعلت عشرات، إن لم يكن مئات الآلاف، من الإسرائيليين، ولا سيّما في تل أبيب وضواحيها، يشعرون بخوف حقيقي على حياتهم. لطالما رافق الخوف حياة الإسرائيليين، سواء من التعرض لإطلاق النار والطعن أو حدوث انتفاضات أو "جولات" قتال مع حماس وحزب الله، لكن هذه المرة يبدو الأمر مختلفاً. إنه ليس مجرد قلق وجودي، بل هو خوف شخصي مباشر، وخصوصاً في وسط البلاد، فالناس يشعرون باقتراب أجلهم كلّما دوّى صوت الصواريخ المنفجرة وشاهدوا حجم الدمار الذي يلي الضربات التي لم يتم اعتراضها. إنّ ما كان يُمكن قمعه أو إدارته سابقاً من خلال بعض مظاهر الروتين يتطلب اليوم مواجهة مباشرة، فالقتل وتدمير المنازل وتعطيل الحياة اليومية دليل على أنّ سياسات نتنياهو تجعل "إسرائيل" غير صالحة للعيش لسكانها. لم تتسبب الحرب بأضرار مادية فحسب، بل بآثار نفسية مدمّرة أيضاً. على مدار العامين الماضيين، اعتاد الإسرائيليون سماع صفارات الإنذار ودخول الملاجئ. ومع ذلك، عندما أطلق الحوثيون صواريخ وطائرات مسيرة باتجاه "إسرائيل"، وأصدروا إشعارات إخلاء تُحاكي إشعارات "الجيش" الإسرائيلي في غزة، سخر منهم عدد كبير من الإسرائيليين. في المقابل، ألحقت صواريخ حماس وحزب الله أضراراً جسيمة بجنوب "إسرائيل" وشمالها. لكن صواريخ إيران لها تأثير مختلف، بحيث أصبحت شوارع وسط تل أبيب مهجورة تقريباً، في مشاهد تذكرنا بفترة "كوفيد-19"، ولكن من دون الأمان الذي يوفره الخروج في الهواء الطلق. وبينما يتمتع معظم اليهود الإسرائيليين بملاجئ في وحداتهم السكنية أو لديهم القدرة على الوصول إلى الملاجئ العامة القريبة، وهو ما يفتقر إليه الفلسطينيون، فقد توجه الكثير منهم إلى مواقف السيارات تحت الأرض، مع العلم أنّ أي شيء فوق الأرض يمكن أن يُمحى من خلال ضربة مباشرة. اليوم 13:52 25 حزيران 12:59 وبحلول منتصف الأسبوع الماضي، امتلأ موقف السيارات في مركز "ديزنغوف" التجاري بالخيام والفرش وكراسي الشاطئ والمراوح الكهربائية، وظهر مشهد مماثل في الملجأ العام، الذي يتسع لـ16 ألف شخص، والواقع أسفل محطة الحافلات المركزية جنوبي تل أبيب، والذي فُتح أبوابه لأول مرة منذ حرب الخليج بين عامي 1990 و1991. وفي هذا السياق، قالت مالي، البالغة 30 عاماً، والتي كانت تحتمي مع قطتها في الطابق الرابع من مركز "ديزنغوف"، لمجلة "+972": "جئتُ إلى هنا لأن الصواريخ الإيرانية أكبر بكثير، وأعلى صوتاً، وأكثر رعباً، وأكثر تدميراً من صواريخ حزب الله والحوثيين. قررتُ أن من الأفضل البقاء هنا حفاظاً على سلامتي"، في حين قالت بنينا، البالغة 46 عاماً، إنّ "رؤية الدمار في أماكن أخرى دفعتنا إلى القدوم إلى هنا.. أنام هنا كل ليلة". في أعقاب هجمات السابع من تشرين الأول/أكتوبر، انتهجت "إسرائيل" سياسة تحويل حياة كل من يُعتبر عدواً إلى جحيم من خلال تدمير غزة، والتطهير العرقي في الضفة الغربية، والضربات الجوية على لبنان واليمن وسوريا، والآن إيران. لقد تم نقل "عقيدة غزة" إلى إيران، مصحوبة بتصريحات غريبة من المتحدث باسم "جيش" الدفاع الإسرائيلي حول "إخلاء" أحياء بأكملها في طهران، إلى جانب مبررات لقصف محطة تلفزيونية بتهمة "التحريض على الإبادة الجماعية" وجامعة بتهمة "الارتباط بالحرس الثوري". وكان الضرر الجانبي لهذا السعي إلى "النصر الكامل" هو جعل حياة الإسرائيليين العاديين لا تُطاق. وكما في كثير من الحالات السابقة، فإن من يرى الوضع بشكل أكثر وضوحاً هم أولئك الذين فقدوا كل شيء والذين يستطيعون رؤية الكارثة الكبرى من خلال مأساتهم الشخصية. قال محامٍ إسرائيلي لمجلة "+972": "ننتهي من القتال في غزة ونبدأ في لبنان؛ ثم ننتهي في لبنان ونبدأ في سوريا؛ بعدها ننتهي في سوريا ونبدأ في إيران؛ ثم ننتهي في إيران ونبدأ حرباً ثالثة أو رابعة في لبنان. لم نعد نتذكر سبب هذه الحروب بعد الآن". وأضاف: "ما الذي نتعامل معه؟ حروب وضحايا. لا نريد مزيداً من الضحايا. أوقفوا هذه الحرب اللعينة بأي وسيلة. تحاوروا وامنعوا وقوع المزيد من الضحايا". بعد 7 تشرين الأول/أكتوبر، لم يهرب معظم من غادروا "إسرائيل" من هجوم حماس نفسه، بل من الواقع الذي فرضه الرد الإسرائيلي من حرب انتقامية وتخلٍّ عن الرهائن إلى انهيار العقد الاجتماعي بين الحكومة والمستوطنين. وقد شنّت الحكومة الإسرائيلية على الفور حملة قمع غير مسبوقة على حرية التعبير ضد معارضي الحرب، مستهدفةً بشكل خاص المواطنين الفلسطينيين في "إسرائيل". واليوم، بات الشعب بأكمله يرزح تحت وطأة هذا القمع، الذي يعد أوضح مظاهره حظر مغادرة البلاد عن طريق الجو والتحذيرات الشديدة من خطر العبور براً إلى الأردن أو مصر، ما يحول "إسرائيل" عملياً إلى "غيتو". كما تجلّت مظاهر القمع في الهجوم على حرية الصحافة في شكل توجيهات رسمية من جانب الرقابة العسكرية الإسرائيلية بعدم نشر مواقع الضربات الصاروخية، ما دفع السكان والأقارب إلى اللجوء إلى التخمينات وسط سيل من الشائعات في وسائل التواصل الاجتماعي. في الوقت نفسه، تصاعد التحريض ضد وسائل الإعلام، إذ يقوم اليمينيون بمطاردة المصورين وفرق التصوير في مواقع الهجمات الصاروخية ومضايقتهم. وفي موقع سقوط الصاروخ في بئر السبع، في 24 حزيران/يونيو، تجمّع عدد من السكان حول مراسل القناة 13، متهمين إياه بالعمل لمصلحة الخارج. وبينما كنت ألتقط الصور من موقع الحدث، قال لي صاحب متجر قريب: "أنت تخدم العدو". وليلة السبت الفائت، دهمت الشرطة فندقاً في حيفا يستخدمه عدد من الشبكات التلفزيونية، وصادرت كاميرات 3 صحافيين عرب يعملون في وسائل إعلام أجنبية، وقام الضباط بتفحص بطاقاتهم الصحافية واستدعائهم للاستجواب. ولم تتم إعادة معدات الصحافيين حتى الآن. وقبل يوم، أصدرت الرقابة العسكرية توجيهات مألوفة، إلا أنّ النسخة الإنكليزية منها تضمنت بنداً مثيراً للجدل يُلزم الصحافيين الأجانب بالحصول على موافقة مسبقة من الرقابة على ما ينشرونه، وهو مطلب يتجاوز السلطة القانونية للرقابة. دافع وزير الاتصالات شلومو كرعي عن هذه الخطوة، مؤكداً أنّ الأمن القومي أهم من حرية الصحافة. ​​ومع ذلك، أفادت التقارير بأنّ المدّعي العام غالي بهاراف - ميارا اعترض وطالب الوزراء المعنيين بتقديم توضيحات. وزعم المسؤولون سراً عدم وجود تغيير كبير في السياسة، لكنهم أقروا بوجود تطبيق غير متسق، ونصحوا الصحافيين بالحصول على موافقة مسبقة كإجراء احترازي. من الواضح أنّ التحريض الميداني يؤثر في حرية الصحافة، بغض النظر عن المناقشات القانونية. وفي هذا الصدد، ​​قال صحافي عربي (طلب عدم الكشف عن هويته خوفاً من الانتقام) ينقل الأحداث باللغة العربية لشبكة دولية: "يقول الناس لي :سنقطع رأسك". وأضاف قائلاً: "يحاول الصحافيون الآن البقاء أقصر وقت ممكن في التغطية الميدانية". وبعد ضرب إيران، حظرت الحكومة الإسرائيلية جميع الاحتجاجات، وقامت الشرطة بقمع حتى أصغر التظاهرات بشكل ممنهج خلال الأسبوع والنصف الماضيين. وتم التخلي تماماً عن التظاهرات المستمرة منذ فترة طويلة من أجل صفقة الرهائن، بحيث أدى الحظر إلى اختفاء هذه القضية من الوعي العام. ويوم الأحد الماضي، تجمع نحو 20 متظاهراً بصمت في ساحة هابيما في تل أبيب، رافعين لافتات مناهضة للحرب، ومتباعدين لتجنب انتهاك الحظر المفروض على التجمعات العامة. وفي غضون دقيقة، وصلت وحدة من الشرطة تساوي عدد المتظاهرين وقامت بتمزيق اللافتات واعتقال عدد من المتظاهرين بأسلوب عنيف. في اليوم التالي، اعتقلت الشرطة في حيفا عدداً من المتظاهرين، بزعم أن قمصانهم المناهضة للحرب غير قانونية. وفي وقت لاحق، اعتقلت الشرطة شخصين خلال الليل، أحدهما الناشط المناهض لنتنياهو، أمير هاسكل، الذي وقف على رصيف في تل أبيب حاملاً لافتة كُتب عليها: "53 رهينة في غزة - وقتهم ينفد". وقدم صندوق المدافعين عن حقوق الإنسان الدعم القانوني لـ12 متظاهراً تم اعتقالهم منذ الضربة الإسرائيلية الأولى على إيران. وبعد 12 يوماً ارتعب خلالها كثير من الإسرائيليين، بات السكان منهكين. ويشعر الناس بالارتياح لأن وقف إطلاق النار، إن صمد، سيسمح لهم بالعودة إلى روتينهم المعتاد، وسيُعلن نهاية حرب أيدها الكثيرون، لكنهم خشوا أيضاً أن يطيلها نتنياهو لأشهر أو أكثر، كما حدث في غزة، إلا أنّ بعض الأشخاص الذين فقدوا ثقتهم بوقف إطلاق النار لم يعودوا إلى ديارهم بعد وفضّلوا البقاء خارج وسط البلاد أو قرب الملاجئ. وحتى مع إعلان نتنياهو أنّ "إسرائيل" "أزالت تهديداً وجودياً" بهجماتها على إيران، فإنّ "الروتين" الذي يعود إليه الإسرائيليون لا يزال يتمثّل في الحرب المستمرة، بحيث يواصل "جيشهم" التسبب بالمآسي في غزة. نقلته إلى العربية: زينب منعم.

لبنان لا يريد أن يتسلم 'شعلة النار'
لبنان لا يريد أن يتسلم 'شعلة النار'

صوت لبنان

timeمنذ 27 دقائق

  • صوت لبنان

لبنان لا يريد أن يتسلم 'شعلة النار'

جاء في 'الراي الكويتية': وفي اليوم الثاني على انتهاءِ الحرب الإسرائيلية – الإيرانية بـ «نفيرِ سلامٍ» مُباغِتٍ دقّه الرئيسُ الأميركي دونالد ترامب وأسكتتْ «موجاتُه الصوتية» أعتى المواجهات التي استعرت على مدى 12 يوماً، بقي لبنان تحت تأثير هذا التحوّل الذي لم تكتمل بعد الصورةُ في ما خص «علبة أسراره» ولا أفقه لجهةِ كيفية «تصفيحِ» وقْفِ النار باتفاقٍ يراعي مسبّباتِ الانفجار الذي كاد يودي بالمنطقة والتي يَختصرها «مثلث» النووي الإيراني، بالستي طهران وأذرعها في الإقليم. وفي الوقت الذي كان «محوُ» المنشآتِ النووية الإيرانية يعلو بصوت ترامب في قمة «الناتو» حيث استحضَر هيروشيما وناغازاكي كـ «مقياس» لتأثير الضربات الأميركية على منشآت فوردو وناتانز وأصفهان، فإنّ التقاطُعَ بين الولايات المتحدة وإسرائيل على هذه «النتيجة التدميرية» وعلى إعادة قدرات إيران النووية سنوات إلى الوراء، وصولاً إلى إقرار طهران بأن منشآتها النووية «تضرّرت بشدة»، عَكَسَ منحى لتثبيت مرتكزاتِ وقْف النار التي شكلت «السُلَّمَ» الذي أنْزل أطراف الحرب عن حافة معركة «وبعدي الطوفان» التي لم تَخْفَ في بيروت علاماتُ «الذعر» من إمكان اندلاعها وزج البلاد في… فوهتها. وفيما طغى على اليوم الثاني من وقْف النار ملفُ النووي ورسْم واشنطن خطاً أحمر حول عودة طهران إلى التخصيب أو امتلاك سلاح نووي، مع محاولة ترامب نسْف صدقية التقارير عن نقل اليورانيوم المخصب من فوردو، فإنّ لبنان بدا معنياً أكثر بانكفاء الحديث عن البندين اللذين يُفترض أنهما متلازمين، أي البالستي والأذرع، رغم الحديث الأميركي عن اتجاهٍ لاستئناف المفاوضات مع طهران الأسبوع المقبل، وسط رَصْدٍ لِما إذا كانت الولايات المتحدة ستلتزم بأولوياتِ إسرائيل في هذا الإطار وتوظّف «العقيدة الجديدة» التي ظهّرتها بإرساء معادلة «التفاوض بالقوة الساحقة» على الطاولة لاستدراج اتفاقٍ بشروطها وبالمَوازين التي عبّرتْ عنها ضربةُ «مطرقة منتصف الليل» واستعادت معها «بلاد العم سام» قوة الردع ومن بعيد. ولم يكن ممكناً، أمس استشراف تداعياتِ ما يَشي بأنه أكثر من فكِّ اشتباكٍ موْضعي جعلتْ واشنطن نفسها «عرّابته» وأقل من اتفاقٍ ذات مفاعيل دائمة، أقله حتى الساعة، في ظل تدقيقٍ حثيث بمعطياتٍ، ستكشف الأيام المقبلة دقّتها، حول أن إيران لن تتخلّى عن حقِّها عن برنامجها النووي لأغراض سِلمية ولا عن زيادة «تخصيب» أذرعها في المنطقة، وذلك على قاعدة أن ما شهدتْه حرب الأيام الـ 12 عمّق مبرراتِ رَفْع قدراتها الدفاعية المتعددة الطبيعة والطبقات، وأنها ربما تستفيد من ملامح استعجالٍ أميركي على إطفاء الصراع ما لم يعقبه إظهار حزمٍ في المفاوضات حيال النووي والبالستي والوكلاء. «حزب الله» ولم يكن عابراً البيان الذي أصدره «حزب الله» وهنأ فيه إيران بتحقيقها «نصراً مؤزراً» في حربها مع إٍسرائيل، معتبراً أن ما حصل ما هو إلا «بداية ‏مرحلة تاريخية ‏جديدة في مواجهة الهيمنة الأميركية والعربدة الصهيونية في ‏المنطقة». وإذ رأى أن «الردّ البطولي المباشر وجّه رسالة حاسمة للإدارة الأميركية وللكيان ‏الصهيوني ولكل الطغاة ‏والمستكبرين، أن زمن الاستعلاء والتجبّر على ‏شعوب المنطقة قد ولّى إلى غير رجعة»، مؤكداً وقوفه «الحاسم والثابت إلى ‏جانب الجمهورية الإسلامية قيادةً وشعباً»، نقلت قناة «الحدث» عن مصدر قريب من الحزب «ان أنظارَ إسرائيل ستعود إلى لبنان بعد وقف الحرب مع إيران» وأن عودة نشاطها «سيكون بالضغط السياسي والعسكري». وبحسب المصدر «فإن ملف السلاح شمال الليطاني سيكون عنوان البحث الإسرائيلي»، موضحاً «ان جزءاً من مخازن سلاح الحزب معروف لدى إسرائيل ويمكن ضربه بأي لحظة، فيما مخازن السلاح النوعي غير معروفة لإسرائيل وتتواجد شمال الليطاني»، ولافتاً إلى «أن إسرائيل تمارس اليوم جهداً استخباراتياً كبيراً لمعرفة أماكن المخازن النوعية وتدميرها، وجهودها منصبّة على كشف المنصات والمسيَّرات التي مازال يملكها الحزب». عون وألغرين في هذا الوقت، ومع بدء العد التنازلي لعودة الموفد الأميركي الى سوريا توماس باراك إلى بيروت بعد نحو أسبوعين لإكمال ما بدأه لجهة حض اللبنانيين على بت قضية نزع سلاح «حزب الله» على قاعدة سحْبه من أي تلازمٍ مع مصير الملف الإيراني، وسط خشيةٍ من أن تستعيد إسرائيل نمط التصعيد مع لبنان بحال لم «يُمنح» باراك ما يكفي لتأكيد وضع مسألة السلاح على سكة التنفيذ، أبلغ رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، المستشار الأول لدى وزارة الدفاع البريطانية لشؤون الشرق الأوسط الادميرال إدوارد ألغرين «ان استمرار إسرائيل في احتلالها التلال الخمس ومحيطها لايزال يعرقل استكمال انتشار الجيش اللبناني حتى الحدود». وأوضح أنه «حيثما حلّ الجيش اللبناني في منطقة جنوب الليطاني تم تطبيق قرار الدولة بحصرية السلاح في يد القوات الأمنية النظامية وحدها، مع إزالة كل المظاهر المسلحة»، مشدداً على «أن استمرار الاعتداءات الإسرائيلية على البلدات الجنوبية وامتدادها أحيانا الى مناطق لبنانية أخرى في الجبل والضاحية الجنوبية من بيروت يُبْقي التوتر قائماً ويحول دون تطبيق ما تم الاتفاق عليه في نوفمبر الماضي من إجراءات تحفظ سيادة لبنان وامنه واستقراره». ولفت عون إلى «أن لبنان يعتبر أن التمديد للقوات الدولية العاملة في الجنوب (اليونيفيل) عامل أساسي لحفظ الاستقرار والأمان على الحدود اللبنانية الجنوبية، ولذا يعلق آمالاً كبيرة على دعم الدول الأعضاء في مجلس الأمن ومنها بريطانيا كي يتم التمديد في موعده (نهاية آب) من دون أي عراقيل»، مؤكداً «ان وجود«اليونيفيل»في منطقة جنوب الليطاني يساعد كثيراً في تطبيق القرار 1701».

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store