
عون يقفل الباب أمام المشاريع المشبوهة: لبنان واحد.. و«السلم والحرب» بيد الدولة
كلام عون لم يكن مجرد موقف عابر في سياق سجالات داخلية وخارجية، بل جاء بمنزلة إعلان واضح عن ثوابت وطنية غير قابلة للتفاوض، يؤسس عليها لمقاربة جديدة، تقوم على استعادة المبادرة السيادية وتثبيت أسس الدولة الحديثة، دولة الحق والسلاح الواحد.
وفي هذا السياق، قال مصدر سياسي لبناني رفيع لـ «الأنباء»: «موقف الرئيس عون يقرأ في إطار رد مباشر ومدروس على طروحات بدأت تتسلل إلى المشهد اللبناني في الأشهر الأخيرة، سواء عبر الحديث عن الفيدرالية أو عبر محاولات عزل بعض المناطق عن القرار المركزي للدولة، أو ضم مناطق لبنانية إلى دولة أخرى، وكأننا على أبواب تكرار سيناريوهات ماضية أثبت التاريخ فشلها ومأساويتها».
وأضاف المصدر: «رسم رئيس الجمهورية بموقفه سقفا سياديا واضحا لا يمكن لأحد تجاوزه. وأكد أن مرجعية الدولة الجامعة غير قابلة للتفكك. وحين قال عون إن قرار حصرية السلاح بيد الدولة اتخذ، لم يكن يستعرض موقفا رمزيا، بل كان يقر بحقيقة لا بد أن تترجم إلى سياسات ملموسة على الأرض، تمهد لاستعادة الدولة هيبتها، وتعيد ترسيخ دور الجيش والمؤسسات الشرعية في ضبط الأمن ومنع الانزلاق نحو محاور خارجية أو مشاريع تقسيمية تهدد الكيان الوطني برمته».
واعتبر أن رئيس الجمهورية «استند في كلامه إلى الدستور واتفاق الطائف، ليقطع الطريق على أي تأويل، ويؤكد أنه لا شرعية لأي سلاح خارج إطار الدولة، ولا لأي قرار بالحرب أو السلم يتخذ خارج المؤسسات، ولا لأي نيات تقسيم أو تجزئة أو توطين قطع دابرها الدستور».
في العمق، يعكس هذا الموقف استشعارا بالخطر المحدق بلبنان، في ظل اشتداد النزاعات الإقليمية، وتكاثر المبادرات العابرة للحدود، والتي غالبا ما تستغل ضعف الداخل لفرض وقائع لا تعبر عن إرادة اللبنانيين. إلا أن عون في المقابل، لا يركن إلى خطاب التهديد والوعيد، بل يؤمن بأن «الفرص كبيرة أيضا»، داعيا اللبنانيين إلى استثمار قدراتهم وإبداعهم في خدمة الوطن، وتحويل التحديات إلى فرص نهوض اقتصادي وسياسي، إذا ما توافرت الإرادة الجامعة والرؤية الواضحة.
وفي هذا السياق، أشار المصدر السياسي نفسه لـ«الأنباء» إلى أن «عون يدرك تماما أن الأزمة التي يمر بها لبنان تتجاوز الانهيار الاقتصادي أو الفراغات السياسية، إلى أزمة خيار وطني. ولهذا جاءت دعوته إلى التمسك بالفرص لا الوقوع في فخاخ الفتنة، وإلى استنهاض قدرات اللبنانيين التي لطالما كانت الخزان الحقيقي لأي نهوض تاريخي».
إن تمسك رئيس الجمهورية بوحدة الأراضي اللبنانية، ليس فقط موقفا سياديا أو التزاما دستوريا، بل هو تعبير عن خيار شعبي لبناني راكم عبر التاريخ تضحيات لا تعد دفاعا عن الصيغة التنوع، وعن الدولة الوطنية الجامعة. وحين يؤكد أنه أقسم اليمين على صون «استقلال الوطن وسلامة أراضيه»، فهو يوجه رسائل إلى الداخل والخارج بأنه لا تهاون مع أي مشروع يتجاوز هذه الثوابت، ولا تراجع عن القسم، ولا مجال لإعادة إنتاج الطروحات التي تنسف الكيان لمصلحة كيانات متهالكة أو ارتباطات إقليمية.
وبحسب المصدر السياسي، فإن «تأكيد الرئيس على قسمه، لم يكن تفصيلا عاطفيا، بل كان موقفا سياديا يعكس رفضا واضحا لكل محاولات الإيحاء بأنه قد يتساهل مع مشاريع تفتيتية أو اقتراحات دولية مشبوهة، وهو بذلك يطمئن الداخل ويرسل إشارات قوية إلى الخارج بأن لبنان ليس ورقة تفاوض إقليمية أو دولية».
ختاما وفي زمن الانقسامات، يأتي كلام رئيس الجمهورية ليذكر بأن الوطن ليس ورقة تفاوض، ولا خريطة قابلة لإعادة الرسم وفق حسابات الميدان أو الخارج.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الأنباء
منذ 4 ساعات
- الأنباء
«المقاصد» تمنح الدكتوراه الفخرية لمفتي لبنان برعاية رئيس الحكومة
بيروت ـ خلدون قواص أكد رئيس مجلس الوزراء د.نواف سلام حرص حكومته «على أصول الدولة وعدم التفريط فيها أو بيعها أو رهنها، بل العمل على استثمار تلك الأصول والاستفادة منها وعدم ركنها». موقف الرئيس سلام جاء خلال رعايته حفل جامعة المقاصد التي منحت مفتي لبنان الشيخ عبداللطيف دريان الدكتوراه الفخرية لإنجازاته الإسلامية والعلمية والقضائية والإدارية، فيما وصفها الرئيس سلام بالدكتوراه الوطنية. وشدد سلام على ان حكومته تسعى «بكل ما أوتيت من إمكانات وتعمل جاهدة على حل الأزمات المتراكمة المالية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية، ومشروعها بناء الدولة وتلخيص البيان الوزاري هو إعادة بناء الدولة على كل المستويات». وقال «نحن نزرع بذورا بحاجة لسقاية لكي تنتج الثمار المتوخاة، فكيف لبذرة زرعت منذ أربعة أشهر أن تؤتي ثمارها اليوم؟ وأؤكد ان هناك مجموعة من الأسس التي زرعناها في الأربعة أشهر الماضية، ولسنا في صدد التباهي بها.. تمكنا في حكومتنا من القيام بعدد من الأمور المهمة، كرفع السرية المصرفية التي كانت في فترة من الفترات نعمة للبنان مكنته من استقطاب رؤوس الأموال، بينما أصبحت اليوم نقمة يتم استخدامها في عمليات غير مشروعة كتبييض الأموال والمخدرات وسواها. وهي الأداة الضرورية التي تسمح بتمييز الأموال المشروعة وغير المشروعة، فعلينا وضع الأموال غير المشروعة جانبا». وأضاف «قامت حكومتنا بمشروع إعادة هيكلة المصارف لأننا في أمس الحاجة لمصارف متعافية ومعاد رسملتها وهيكلتها، فمن غير الممكن أن يقوى الاقتصاد او تأتينا الاستثمارات دون وجود مصارف صحية. الاستثمارات لا تأتي بالحقائب، فالحقائب تأتي لأهداف أخرى. وحكومتنا تعمل اليوم على قانون الانتظام المالي أو سد الفجوة المالية. وعملنا على إعداد مشروع استقلالية القضاء، آملين ان يصدر سريعا، اذ لا يمكن ان تنتظم الحياة العامة أو ينهض الاقتصاد من دون وجود قضاء يحظى بثقة الشعب. لذا يجب ان يكون قضاء مستقلا، وهو إحدى البذور التي زرعناها ولم تظهر نتائجها بعد، لكنها ستثمر ثقة وأمنا وأمانا للبنانيين ان شاء الله». وختم بقوله «نحن في مرحلة إعادة التأسيس حيث نقوم بوضع الأساسات في جميع المجالات ليجري رفع البنيان عليها. صحيح إن حكومتنا قد فازت بثقة النواب وحازت أيضا على ثقة الناس، وسنحافظ عليها وهي أثمن ما لدينا. وما قمنا به لا أعتبره إنجازات، بل واجبات الحكومة وتقوم بها وأنا متفائل ومستبشر خيرا». بدوره، أعلن مفتي لبنان الشيخ عبداللطيف دريان باسم المسلمين واللبنانيين جميعا «أن دار الفتوى، ومن تمثل، مع رئيس الحكومة وإلى جانبه في مواقفه الصادقة وتوجهاته العربية والوطنية»، وتوجه إلى الرئيس سلام بالقول «أعانك الله على السياسيين في لبنان. هناك بعض الكلمات التي سمعناها من قبل بعض النواب كان في بعضها تجن، والبعض الآخر كان فيها حرص على موقع رئاسة الحكومة وإنصاف دورها في إنجاح تنفيذ البيان الوزاري». وقال «موقع رئاسة الحكومة هو دستوري ووطني، ومن غير المسموح أن يحاول البعض الافتئات على رئيس الحكومة وعلى هذا الموقع». وأضاف «نحن في لبنان بحاجة إلى التماسك الوطني، والتمسك بوحدتنا الوطنية. نؤمن بلبنان العيش المشترك، وبالتسامح فيما بين أبناء هذا الوطن. نريد أن نتجنب الاعتداءات الصهيونية على لبنان، وعلينا التمسك بوحدتنا الوطنية الحامية لنا والحائلة لكل مشاريع التقسيم التي نسمعها بين الحين والآخر. وأطمئنكم بأنه لن يتم هذا الأمر ولن يمر مادمنا متمسكين بلبنانيتنا وبوطنيتنا وبعيشنا الواحد مسلمين ومسيحيين».


الأنباء
منذ 4 ساعات
- الأنباء
«وقف إسرائيل النار أولاً».. الشرط الأساسي في معادلة بري
تتواصل الاتصالات الأميركية المكثفة مع لبنان في سياق الجهود الرامية إلى تثبيت اتفاق وقف الأعمال العدائية بين لبنان وإسرائيل، والذي يشكل الإطار القائم منذ الحرب الأخيرة بموجب القرار 1701. وبينما لايزال لبنان ملتزما ببنود هذا الاتفاق ويحرص على احترامه، فإن إسرائيل تواصل خرقه بشكل شبه يومي من خلال الغارات الجوية والقصف المدفعي والاستهدافات المباشرة، ما يهدد بتوسيع رقعة التصعيد في أي لحظة ويقوض أسس الاستقرار في الجنوب. في هذا السياق، تحاول واشنطن بلورة تفاهم يضمن التهدئة والاستقرار المستدام على الحدود، لكنها تصطدم بموقف إسرائيلي متعنت يرفض وقف الاعتداءات وبالتالي وقف اطلاق النار، وهذا ما دفع رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى التشديد بوضوح على أن أي بحث في الترتيبات أو الآليات يجب أن ينطلق أولا من وقف إسرائيل لانتهاكاتها المتكررة والتزامها الكامل بوقف إطلاق النار. وقال مصدر ديبلوماسي في بيروت لـ «الأنباء»: «أوضح بري أمام زواره لاسيما المبعوث الأميركي السفير توماس باراك، أن لبنان ملتزم بالقرار 1701 ولم يخرج عنه ويطالب بوقف الأعمال العدائية، فيما إسرائيل تتصرف خارج أي التزام دولي. وبالتالي، لا معنى لأي نقاش حول التهدئة بينما إسرائيل تواصل عدوانها، وأن لبنان لا يمكن أن يقبل منطق التهدئة من طرف واحد». وأشار المصدر إلى أن الموقف الأميركي يركز على «ضرورة مباشرة لبنان إجراءات عملية تتصل بحصرية السلاح بيد الدولة، لكنه لا يتضمن حتى الآن ضمانات واضحة تلزم إسرائيل بوقف عملياتها، لذا يعتبر الجانب اللبناني ان هذا الطرح منقوصا، لأن أي تفاهم لا يقوم على التوازن في الالتزامات سيفشل في تحقيق التهدئة المطلوبة. والتشديد من جانب لبنان على أن مفتاح الحل يبدأ من الضغط على إسرائيل لوقف خروقاتها للقرار 1701، وبعدها يمكن الانتقال إلى البحث في مسائل أخرى تتعلق بتثبيت الاستقرار وتطوير آليات تنفيذ القرار 1701 بكامل مندرجاته». وبحسب المصدر نفسه، فإن «موقف لبنان ليس من باب التحدي، بل هو دفاع عن السيادة الوطنية وعن منطق العدالة، إذ لا يمكن القبول بأن يطلب من لبنان أن يضبط النفس بينما تستهدف أراضيه وشعبه يوميا. وأي مبادرة لا تضمن وقفا كاملا ومتبادلا لإطلاق النار ستبقى غير جدية وغير قابلة للحياة». وختم المصدر بالتأكيد على أن «لبنان لا يمانع النقاش في كل الملفات بعد وقف العدوان، وهو منفتح على التفاوض في ترتيبات التهدئة المستدامة والتنفيذ الدقيق للقرار 1701، لكنه يرفض أي مقاربة تنطلق من فرض الوقائع الإسرائيلية بالقوة أو عبر الإملاء السياسي». الموقف اللبناني يجسد تمسكا واضحا بالشرعية الدولية وبالقرار 1701، الذي لم ينقض إلا من الجانب الإسرائيلي. وبالتالي، فإن المطلوب اليوم من واشنطن والمجتمع الدولي ليس مطالبة لبنان بالمزيد من الالتزام، بل إلزام إسرائيل بوقف انتهاكاتها، لأن أي حل عادل يبدأ من هنا، وكل ما عداه قابل للبحث بعد تثبيت التزام الطرفين بالاتفاق القائم.


الأنباء
منذ 4 ساعات
- الأنباء
النائب عماد الحوت لـ «الأنباء»: لا خوف على لبنان من سورية
بيروت ـ خلدون قواص قال النائب عماد الحوت لـ «الأنباء»، بعد زيارته مفتي لبنان الشيخ عبداللطيف دريان في دار الفتوى بعائشة بكار، «الجماعة الإسلامية في لبنان تخضع لقرارات الدولة اللبنانية بكل مندرجاتها. وأبلغناها (الدولة) منذ وقف إطلاق النار مع العدو الصهيوني التزامنا الكامل فيما يتعلق بموضوع السلاح الذي هو الآن قيد رئيس الجمهورية العماد جوزف عون الذي يدير هذا الملف بكل حكمة. والجماعة الإسلامية جزء من الحوار مع الرئيس في هذا الإطار». وأكد النائب الحوت أن الجماعة الإسلامية ليس لديها قواعد سلاح أو سلاح ثقيل كي تسلمه، عملياتنا ضد العدو الصهيوني كانت عمليات على الحدود لدعم أهل القرى لمواجهة العدو الإسرائيلي، وكل سلاحنا فردي ومتوسط. وأضاف: الجماعة الإسلامية أول من نادت بالاستراتيجية الدفاعية في سبتمبر 2006. وهذا مطلب لنا أن تكون للبنان إستراتيجية أمن قومي وأمن دفاعي، وكل اللبنانيين جزء منها وليس فقط الجماعة الإسلامية. وختم: لا خوف على لبنان من سورية. هناك وعي عال جدا عند البلدين سواء عند الرئيس اللبناني أو الرئيس السوري أو الحكومتين. ولا أعتقد هناك خوف من أي توغل من البلدين ضد الآخر، أو تدخل لأي بلد في شؤون البلد الآخر.