
حرب اقتصادية بلا منتصرين.. مشروع جراهام قد يُفجّر نظام الاقتصاد الدولي
مشروعه القاضي بفرض رسوم جمركية بنسبة 500% على الدول التي تتعامل تجارياً مع روسيا يطرح أسئلة جوهرية حول مستقبل النظام الاقتصادي العالمي، ودور الولايات المتحدة فيه، لا سيما في ظل تقاطع السياسة بالمصالح المالية والشخصية.
مشروع جراهام العقابي
يسعى السيناتور الأمريكي جراهام لتمرير قانون في مجلس الشيوخ يعاقب الدول التي تشتري النفط أو الغاز أو اليورانيوم من روسيا، عبر فرض رسوم بنسبة 500% على صادراتها إلى أمريكا.
لكن الواقع أن هذا المشروع لا يستهدف روسيا بشكل مباشر، بل قد يطال كل دول العالم، ويضرب الاقتصاد الأمريكي قبل أي طرف آخر.
خلاف واشنطن مع قوى عالمية
من جانبها تلعب روسيا دوراً محورياً في تأمين موارد الطاقة عالمياً، إذ تغطي جزءاً كبيراً من واردات الصين والهند النفطية.
وبفرض هذا النوع من العقوبات، ستجد الولايات المتحدة نفسها على خلاف مباشر مع دول تعتبر قوى عالمية، ترفض الخضوع لإملاءات خارجية تمس سيادتها، مثل الصين والهند.
خياران كارثيان
إذا مضت واشنطن في تنفيذ القانون، فستواجه خيارين أحلاهما مر. إما أن توقف دول كبرى كالصين والهند وتركيا واليابان تعاملها مع أمريكا، أو أن تتوسع الحرب التجارية لتشمل ردوداً مماثلة من تلك الدول. وفي الحالتين، قد تتعطل حركة التجارة العالمية بشكل شبه كامل.
والعقوبات لن تقتصر على روسيا وشركائها الكبار، بل ستمتد لتشمل دولاً أخرى مثل البرازيل ودول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. هذه الدول لن تقف مكتوفة الأيدي، بل سترد بعقوبات معاكسة، ما يعني احتمال دخول الاقتصاد الأمريكي في عزلة تجارية خانقة.
التكلفة على واشنطن
يشير محللون إلى أن فرض رسوم بنسبة 500% قد يؤدي إلى انقسام عالمي حاد، ويضرب القدرة التنافسية للمنتجات الأمريكية.
والولايات المتحدة، التي تعتمد بشدة على واردات السلع الاستهلاكية والصناعية من آسيا وإفريقيا، ستكون الخاسر الأكبر من هذه الحرب الاقتصادية.
الأسواق البديلة
تمتلك دول مثل الصين والهند بدائل واسعة، من أسواق آسيا وإفريقيا إلى أمريكا اللاتينية، ما يجعلها أكثر قدرة على التكيّف مع العقوبات الأمريكية. في المقابل، ستعاني واشنطن من ندرة السلع وارتفاع الأسعار، إلى جانب صعوبة تصريف صادراتها في ظل انهيار الثقة العالمي.
إن أي توقف شامل للتجارة الدولية سيؤدي إلى انهيار الإنتاج في معظم أنحاء العالم، يتبعه تراجع حاد في الطلب على النفط، ما سيضرب بشدة الدول المنتجة للطاقة، ويدخل العالم في أزمة اقتصادية غير مسبوقة.
أصوات معارضة من الداخل الأمريكي
مقارنة بأزمة كوفيد-19، فإن الأزمة الاقتصادية التي قد تنتج عن قانون جراهام ستكون أكثر عمقاً وانتشاراً. الأسواق المالية ستنهار، والمضاربون سيهربون، وستنكمش الاقتصادات الكبرى بشكل غير مسبوق.
وحذر السيناتور راند بول من العواقب الكارثية للقانون، معتبراً أنه سيؤدي إلى تدمير سلاسل التوريد، وزيادة أسعار السلع على المستهلك الأمريكي، وسيدفع الدولار نحو الهبوط. كما أكد أن الحلفاء الأساسيين مثل اليابان لن يتمكنوا من تجنب العقوبات رغم اعتمادهم على مصادر الطاقة الروسية.
انهيار الثقة العالمية
إذا تم تمرير المشروع، فستنهار الثقة بالدولار، وسيتخلى المستثمرون الدوليون عن السندات الأمريكية. ما يعني خسائر بمئات المليارات، وتآكلاً حاداً في موقع الدولار كعملة احتياط عالمية.
وفي حال طات العقوبات دولاً حساسة مثل تركيا، التي تمتلك ثاني أكبر جيش في الناتو، فقد لا تبقى الأزمة اقتصادية فقط، بل تتحول إلى أزمة جيوسياسية وعسكرية. في حال عجز أمريكا عن الحفاظ على الاستقرار الدولي، ستظهر قوى جديدة تملأ الفراغ.
الجوع والاضطرابات
أزمة غذاء ومجاعات محتملة قد تضرب دولاً عديدة، وسط فوضى اقتصادية عالمية، ما سيخلق بيئة خصبة لظهور قادة جدد ونظام دولي جديد. عالم اليوم قد يختفي بالفعل.
وراء الكواليس، تشير تقارير إلى أن جراهام قد يكون مدفوعاً بمصالح شخصية. رجل الأعمال الأوكراني الأصل لين بلافاتنيك يُشتبه في تقديم تبرعات مالية ضخمة لحملته، وتُثار تساؤلات حول علاقة جراهام بتجاوزات في إدارة مساعدات أمريكية مخصصة لأوكرانيا.
عندما تتحول السياسة إلى صفقة
وفقاً لمصادر استخباراتية، فإن جراهام قد يكون من بين السياسيين الأمريكيين الذين حصلوا على أموال مقابل دعم سياسات معينة تجاه أوكرانيا. الضغط المأجور أصبح أداة تُستخدم لتمرير قوانين تؤثر على مستقبل البشرية.
وإذا مضى هذا المشروع إلى التنفيذ، فسيكون بمثابة إعلان حرب اقتصادية شاملة. يبقى الأمل معلقاً على أن يرفض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي يملك التأثير السياسي في أوساط الجمهوريين، دفع الولايات المتحدة إلى حافة الهاوية من أجل مكاسب مالية لسيناتور واحد.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

سعورس
منذ 43 دقائق
- سعورس
طهران تتهم واشنطن بنسف المفاوضات النووية
وقال المساعد الأول للرئيس الإيراني محمد رضا عارف، خلال كلمته في مؤتمر الدول الحبيسة النامية المنعقد في تركمانستان: إن بلاده فقدت الثقة تمامًا في الولايات المتحدة ، مشيرًا إلى أن واشنطن لم تكتفِ بتعطيل الحوار، بل شاركت بشكل مباشر في الهجوم على منشآت نووية إيرانية سلمية، على حد وصفه. وأضاف عارف أن بعض الدول قدمت الدعم لإسرائيل خلال ضرباتها الأخيرة على إيران ، بدلًا من إدانة ما وصفه بالعدوان، معتبرًا أن هذا الموقف يزيد من تعقيد الأوضاع الإقليمية، ويقوّض فرص التهدئة. وأكد المسؤول الإيراني أن واشنطن"دمّرت طاولة المفاوضات" قبيل عقد الجولة السادسة من المحادثات النووية التي كانت مرتقبة، وهو ما أدى– بحسب تعبيره– إلى تعميق أزمة الثقة الدولية في التزامات الولايات المتحدة ، خاصة في ما يتعلق بالقضايا النووية الحساسة. تأتي تصريحات عارف في ظل تصاعد التوتر بين إيران والولايات المتحدة عقب حرب يونيو الماضي، التي استمرت 12 يومًا بين طهران وتل أبيب، والتي قالت إيران: إن الولايات المتحدة شاركت فيها عبر استهداف منشآت نووية داخل أراضيها. وكانت طهران وواشنطن قد عقدتا خمس جولات من المفاوضات غير المباشرة بوساطة سلطنة عُمان، قبل أن تُعلّق بسبب التطورات العسكرية الأخيرة. وواجهت المحادثات خلافات رئيسية؛ أبرزها إصرار الولايات المتحدة على وقف تخصيب اليورانيوم داخل إيران بشكل كامل، وهو ما ترفضه طهران بشكل قاطع. وفي وقت سابق، أشار سعيد خطيب زاده، مساعد وزير الخارجية الإيراني ، إلى أن إيران"لا تستعجل الدخول في أي نوع من التفاعل أو التفاوض مع واشنطن"، في إشارة إلى غياب الثقة بجدية الولايات المتحدة في إنجاح أي اتفاق مستقبلي. ومع تزايد التصريحات المتبادلة وغياب أفق واضح لاستئناف الحوار، يرى مراقبون أن فرص العودة إلى طاولة المفاوضات باتت أكثر تعقيدًا، خاصة في ظل استمرار التوترات الميدانية والانقسام الإقليمي بشأن الملف الإيراني.


شبكة عيون
منذ 2 ساعات
- شبكة عيون
النرويج تراجع استثمارات صندوقها السيادي بسبب ارتباطات بالشركات الإسرائيلية
النرويج تراجع استثمارات صندوقها السيادي بسبب ارتباطات بالشركات الإسرائيلية ★ ★ ★ ★ ★ مباشر: أعلنت هيئة مراقبة الأخلاقيات التابعة لصندوق الثروة السيادي النرويجي، اليوم الأربعاء، أن الصندوق كان ينبغي أن ينظر في إمكانية سحب استثماراته من شركة تقدم خدمات مرتبطة بالطائرات المقاتلة الإسرائيلية. وكان الصندوق قد استثمر العام الماضي في شركة طاقة إسرائيلية ومجموعة اتصالات، فيما يجري مجلس الأخلاقيات حالياً مراجعة لاحتمال التوصية بالتخلص من حصصه في خمسة بنوك إسرائيلية. وتأتي هذه التطورات بعد توجيه الحكومة النرويجية، أمس الثلاثاء، بإجراء مراجعة شاملة لمحفظة الصندوق، لضمان استبعاد أي شركات تساهم بشكل مباشر في الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية أو في العمليات العسكرية الجارية في قطاع غزة. حمل تطبيق معلومات مباشر الآن ليصلك كل جديد من خلال آبل ستور أو جوجل بلاي للتداول والاستثمار في البورصة المصرية اضغط هنا تابعوا آخر أخبار البورصة والاقتصاد عبر قناتنا على تليجرام لمتابعة قناتنا الرسمية على يوتيوب اضغط هنا لمتابعة آخر أخبار البنوك السعودية.. تابع مباشر بنوك السعودية.. اضغط هنا لمتابعة آخر أخبار البنوك المصرية.. تابع مباشر بنوك مصر.. اضغط هنا ترشيحات الحكومة المصرية: افتتاح المتحف المصري الكبير في 1 نوفمبر المقبل سعر الدولار مقابل الجنيه المصري في 11 بنكاً بنهاية تعاملات الأربعاء مباشر (اقتصاد) مباشر (اقتصاد) الكلمات الدلائليه الحكومة السعودية مصر سعر الدولار اقتصاد


حضرموت نت
منذ 2 ساعات
- حضرموت نت
مواطنون يوجهون نداءً عاجلاً لمدير شركة الغاز: لماذا لا يزال سعر الأسطوانة 10 آلاف ريال رغم تحسن سعر الصرف؟
في ظل التغيرات الاقتصادية الإيجابية التي تشهدها البلاد، خاصة التحسن الملحوظ في قيمة الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية، وجه عدد من المواطنين نداءً ملحًا ومباشرًا إلى السيد محسن بن وهيط، مدير شركة الغاز، مطالبين بتدخل عاجل لتوضيح أسباب استمرار بقاء سعر أسطوانة الغاز عند مستوى 10,000 ريال، رغم التغيرات الجذرية في سوق الصرف. وأكد المواطنون، في رسالة مفتوحة انتشرت بشكل واسع على منصات التواصل الاجتماعي، أن استمرار هذا السعر المرتفع بات غير مبرر في ظل التطورات الاقتصادية الأخيرة، مشيرين إلى أن سعر صرف الدولار والريال السعودي قد شهد انخفاضًا ملحوظًا خلال الأيام الماضية، ما انعكس إيجابًا على أسعار العديد من السلع والخدمات. وتساءل النشطاء في رسالتهم: 'إذا كانت قيمة العملة المحلية قد تعززت، وانخفضت تكاليف الاستيراد والنقل، فما المبرر المنطقي لاستمرار بيع أسطوانة الغاز بالسعر نفسه وكأن الدولار ما زال عند مستوياته القصوى؟'، مضيفين أن الغاز يُنتج محليًا في معامل داخلية، ولا يخضع لنفس التحديات التي تواجه السلع المستوردة، ما يجعل ارتفاع سعره غير مفهوم. وأشاروا إلى أن تكاليف النقل والتوزيع، التي كانت تُستخدم سابقًا كذريعة لارتفاع الأسعار، قد تراجعت فعليًا بفعل تحسن سعر الصرف، الذي خفّف من عبء الوقود واللوجستيات، متسائلين: 'إذا كانت باقي القطاعات الاقتصادية قد تجاوبت مع مؤشرات السوق وقامت بتعديل أسعارها، فلماذا تظل شركة الغاز وحيدة في إغفال هذه التغيرات؟'. وأكدت الرسالة أن 'الصمت الرسمي إزاء استمرار هذه الأسعار المرتفعة يُعد شراكة غير معلنة في استغلال المواطنين'، محذرة من أن الأعذار التقليدية لم تعد تقنع الشارع، الذي يعيش أزمة معيشية حادة، ويتطلع إلى خطوات عملية تخفف من معاناته اليومية. ودعت الرسالة شركة الغاز إلى اتخاذ قرار حاسم وفوري بمراجعة تسعيرة الأسطوانة بما يتماشى مع الواقع الاقتصادي الجديد، أو على الأقل تقديم توضيح شفاف وعلمي يُقنع الرأي العام بالأسباب التي تدفعها للإبقاء على السعر الحالي. وأضافت: 'الشعب يدفع ثمنًا مضاعفًا رغم تغير المعطيات، وإذا لم تكن هناك أسباب تقنية أو اقتصادية واضحة تبرر هذا التثبيت، فالشركة مطالبة بإعادة النظر في سياساتها قبل أن تفقد ثقة المواطن تمامًا'. وتأتي هذه الدعوة في وقت يعاني فيه المواطنون من ارتفاع متواصل في تكاليف المعيشة، وسط مطالب متزايدة بتدخل الدولة لضبط الأسعار وحماية القدرة الشرائية، خاصة في قطاعات حيوية مثل الطاقة والغذاء والنقل. ويُنظر إلى هذه الرسالة كمؤشر على تصاعد السخط الشعبي تجاه ما يُنظر إليه كـ'تجميد غير مبرر للأسعار' في ظل تحسنات اقتصادية ملموسة، وتشير إلى حاجة ملحة لإصلاحات شفافة وفعالة في قطاع توزيع المشتقات النفطية والغاز.