
أميركا تمنح 'الحزب' مقعدًا على طاولة الحل؟
عقب تسلمه من الرئيس جوزاف عون الرد الرسمي اللبناني، قال المبعوث الأميركي توم برّاك أن على لبنان التكيّف مع المتغيرات التي تشهدها المنطقة، مميزًا بين 'حزب الله' السياسي وجناحه العسكري.
هذا التمييز الممزوج بالدفع نحو التكيف مع التحولات يعد عاملًا مفتاحيًا لفهم سبب اجتماع براك مع مسؤولين من 'الحزب'، ولسبر أغوار تصريحاته السابقة للزيارة واللاحقة، التي تدرّج فيها من مطالبة الأخير بالاختفاء، أي الاندثار، إلى التلويح باحتمالية اندلاع حرب أهلية إذا لم تبادر الحكومة إلى اتخاذ قرار جدي بحصرية السلاح بمهلة لا تتجاوز نهاية العام.
ناهيكم عما بينهما من إشارات تاريخية أسقطها على الوضع الراهن، أكان بتشبيه الرئيس السوري أحمد الشرع بجورج واشنطن، أو القنص من كوّة إلحاق الشمال السني بسوريا، في تكتيك يروم استفزاز 'الحزب' بشكل جدي، ويندرج ضمن سياسة الضغوط القصوى عليه، لدفعه إلى وضع سلاحه على الطاولة، مع منحه مقعداً ليكون إذ ذاك جزءاً من الحل.
هذا المسار يمكن الاستدلال عليه في ثنايا الرد الأميركي الذي تسلمته السلطة يوم الإثنين الفائت، حيث تشير المعلومات إلى أن واشنطن تريد من الدولة التفاهم مع 'حزب الله' حول برنامج لسحب السلاح يتم إقراره بالإجماع في مجلس الوزراء.
والحال إن المؤشرات الأميركية تدعم النهج الذي تتبعه 'بعبدا' في التعامل مع مسألة حصرية السلاح، وتبرز أهمية الدور الذي يلعبه رئيس الجمهورية في الموازنة بين الحرص على عدم استعداء 'الحزب' والدرع البشري الذي يحتمي به، المتمثّل بالطائفة الشيعية، والتمريرة الحاسمة التي مرّرها إليه لحماية وجوده كقوة سياسية من خلال إشراكه في صياغة الرد، في موازاة الإصرار على إبقاء الكرة في ملعبه، وإفساح المجال أمام تفاعل ديناميات داخلية مع الضغوط الخارجية توظّف لتعزيز الضغط عليه.
ينطلق الرئيس جوزاف عون من قناعة راسخة مستقاة من وقائع تاريخ البلاد المعاصر المثقل بالندوب، بأن جميع الفاعلين في نهاية المطاف سيجلسون على الطاولة للاتفاق، وصياغة حلول وفق موازين القوى على أرض الواقع.
ما بين اندلاع الحرب الأهلية ولحظة 'الطائف'، تطايرت أوراق وحلول بمطالب وهواجس متباينة، وظهرت إمارات ودويلات، إلى أن نضجت أرضية اتفاق على طاولة 'الطائف' ترجمت موازين القوى الخارجية والداخلية، ولم يكن 'حزب الله' أحد فاعليه، بل استوجب الأمر مراوغة من حافظ الأسد بين قواعد لعبة متغيرة، وفتوى من المرشد في إيران لإدخال صنيعتها إلى النظام السياسي مع إبقائه فاعلاً عسكرياً. وكذلك كان 'اتفاق الدوحة' بعد غزوة ميليشيوية خاطفة على أرض العاصمة ترجمة لتفاهمات وموازين قوى، أتاحت لـ 'الحزب' في ما بعد غطاء للدخول إلى سوريا كقوة احتلال.
اليوم انقلبت المعادلة الإقليمية وخرج سلاح 'الحزب' من المواجهة مع إسرائيل، وصارت الإشكالية في كيفية دفعه إلى التقاعد في الداخل. ورغم مآخذ بعض الأطراف على ما يتسم به نهج 'بعبدا' من بطء شديد، إلا أن المؤشرات تثبت أنه سيثمر تدريجياً، ولا سيما مع ملاحظة بدء تهاطل طروحات المقايضة من حواضن 'الحزب'، بما يعبر عن خرق جدي يمكن المراكمة عليه، من خلال دفعه إلى حيّز النقاش السياسي الجدي.
ومن البديهي أن تبدأ هذه الطروحات بسقوف عالية، لتعود فتتدرج انخفاضًا نحو المتاح ضمن الإطار الزمني المحدد أميركيًا، في ظل أن البديل المطروح هو اندلاع مواجهة تفتقر إلى الحد الأدنى من التكافؤ، مع دخول عناصر جديدة تتمثل بتوظيف الورقة السورية، وتوسيع عملية تجفيف الموارد المالية، بما يزيد من حجم الفجوة في موازين القوى.
في المقابل، يتعامل 'الحزب' مع هذه الوقائع من منطلق أن التنازل الأول سيكون مقدمة لتنازلات أكثر إيلامًا، ولذلك يظهر قدرًا كبيرًا من التعنت، يجعل مسألة سلاحه تتخذ طابع الاستقطاب الحاد، مثلما أظهرت جلسات المساءلة البرلمانية، حيث تجاوزت الحكومة امتحان الثقة بحصولها على تأييد 84 % من الحاضرين، إلا أن الضغط عليها صار أقوى، وموقعها في المعادلة السياسية أضعف.
الأمر الذي يفسر سبب تفضيل رئيس الجمهورية عدم طرح النقاش في القرار الاستراتيجي أمام الحكومة وإبقائه في دوائر السياسة المغلقة، حيث يعمل على إنضاج مناخ يتيح عرض برنامج لتسليم السلاح وفق آلية تنفيذية متدرّجة ومؤطرة زمنياً، ليقرّ بالإجماع على طاولة مجلس الوزراء، فيغدو التزامًا ممهورًا بتوقيع طرفي 'الثنائي الشيعي'، وهذا ما ترمي إليه سياسة الضغط الأميركي لاستدراج 'الحزب' كي يكون شريكًا على طاولة الحل، إنما حسب موازين القوى الجديدة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


القناة الثالثة والعشرون
منذ 32 دقائق
- القناة الثالثة والعشرون
سلام: فرنسا لن تترك لبنان ومهمة برّاك لم تنته
يلتقي رئيس الحكومة نواف سلام اليوم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ويتناولان جملة من المواضيع تهمّ لبنان وسبل حمايته من إسرائيل والعمل على تطبيق جدي لوقف النار وانسحابها من الجنوب وبت مصير سلاح "حزب الله". وستحضر بينهما مهمة الموفد الأميركي توم براك وما تعمل عليه إدارته بتوجيه من الرئيس دونالد ترامب، الناشط على أكثر من خط لترسيم سياسات المنطقة وفقا لرؤيته وفرض بصماته عليها. وسيفرض الوضع جنوبا نفسه من الباب الواسع، مع تأكيد سلام أن لبنان التزم وقف النار و"حزب الله" لا يردّ على الخروق، أما إسرائيل فلم تلتزم الاتفاق ولم توقف أعمالها الحربية إلى اليوم، فيما تشارك فرنسا في لجنة المراقبة في الجنوب برئاسة أميركية، مع اعتراف الجميع بأنها لم تؤدّ المهمات المطلوبة منها رغم تعاون الجيش ومواكبته في جنوب الليطاني بمشاركة "اليونيفيل" التي تساهم فيها فرنسا بقوة "وهي لن تتركنا" بحسب سلام. وردا على سؤال لـ"النهار" يقول سلام إن مهمة براك لم تنته بعد، وما زالت قيد المتابعة بينه وبين الرؤساء الثلاثة. ولا يريد رئيس الحكومة إصدار جواب على شكل حكم نهائي عما سينتهي إليه الموفد الأميركي الذي سيجري اتصالاته بالمسؤولين في إسرائيل. وسيبحث سلام في الإليزيه أوضاع المنطقة، بدءا من غزة، على وقع الجرائم الإسرائيلية المتواصلة والجوع وانتهاك الكرامات الإنسانية، مع التوقف عند التطورات الأخيرة في سوريا وخصوصا بعد أحداث السويداء التي لم تقتصر ارتداداتها على سوريا فحسب بل وصلت إلى إسرائيل ولبنان في ترابط لكل أزمات المنطقة. ولن يغيب عن سلام وضع ماكرون في مسار المشاريع الإصلاحية المالية وغيرها التي تعمل عليها الحكومة بالتعاون مع البرلمان. من جهة أخرى، يتوقف سلام عند موقف فرنسا التي تتابع القضية الفلسطينية "ولا سيما أنها من الدول المؤيدة لطرح حل الدولتين. وكان ماكرون يعمل لعقد قمة في نيويورك لهذا الملف بالتعاون مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان". ويقول "إن المأساة مفتوحة في غزة ولا ينبغي البقاء على هذا المنوال، ولا بد من بذل جهود عربية ودولية لوقف المجازر التي ترتكب ضد الفلسطينيين". كل هذه الملفات الشائكة على طول مساحة دول المنطقة ستكون محل بحث بين ماكرون وسلام، مع تأكيد جديد من باريس أنها لن تترك لبنان وستستمر في مساندته في أكثر من أزمة يعانيها، ولا سيما مع مواصلة إسرائيل حربها ضد لبنان. لكن المعطيات تظهر أن الكلمة الأولى تبقى للأميركيين إذا تمكنوا من فرض ضغوط على إسرائيل لوقف مسلسل اعتداءاتها في الجنوب ومناطق لبنانية أخرى. ويبقى أن فرنسا على استعداد لدعم حكومة سلام، وإذا كانت تؤيد الرئيس جوزف عون فهي في الوقت نفسه لا تقف في وجه رئيس الحكومة، ولا سيما أن علاقة الإليزيه بسلام جيدة، وتنوي في محطته اليوم تجديد استعدادها لدعم لبنان وتشديدها على ملف الإصلاحات التي تتولاها، وتشكيلها مظلة لأي مؤتمر دولي لدعم لبنان، فيما تتفرّغ واشنطن لملف سلاح "حزب الله". المصدر: النهار الكاتب: رضوان عقيل انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News


القناة الثالثة والعشرون
منذ ساعة واحدة
- القناة الثالثة والعشرون
حزب الله: لن يكون أحد بمنأى عن مشاريع الوحش الشيطانيّة
أصدر "حزب الله" بيانا حول تصويت الكنيست على اقتراح يدعو الى فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية وغور الأردن، ورأى انه "مع كل يوم يمر على هذه الحرب الشعواء على الشعب الفلسطيني المظلوم، ومع كل يوم يزداد فيه الفتك والإجرام الصهيوني، ومع استمرار الإبادة الجماعية والحصار والتجويع الذي يتعرض له أهل غزة، تتكشف وتطفو إلى السطح السياسات والخطط الإسرائيلية التوسعية والأحلام التلمودية بتحقيق ما يسمى "الوطن التاريخي للشعب اليهودي". أضاف: "وما تصويت الكنيست الصهيوني اليوم على اقتراح يدعو الى فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية وغور الأردن، إلا انعكاس لطبيعة المشروع الصهيوني الاستعماري التوسعي، وتأكيد أن هذا الكيان يُمعن في احتلاله وغصبه للأرض الفلسطينية، ويقفز فوق كل الالتزامات والاتفاقات الدولية، لِيثبت أن تلك الاتفاقات لم تكن إلا مجرد غطاء لتوسيع احتلاله واستيطانه وتهويد الأرض الفلسطينية وتصفية القضية برمّتها". وأكد أن "ترك هذا الوحش المتفلّت الذي ينهش بجسد الأمة، سيدفعه للتمادي أكثر وأكثر، وهو لن يقف عند حدود الضفة أو القدس أو فلسطين بل ستشمل مخططاته كامل المنطقة، ولن يكون أحد بمنأى عن تلك المشاريع الشيطانية، وليس ما يجري في لبنان وسوريا من خلال الاعتداءات المتواصلة والتوغلات المستمرة واحتلال الأراضي، وكذلك العدوان على اليمن العزيز، إلا استكمالاً لتلك المشاريع". وإذ دان "بشدة هذا القرار"، أكد "وقوفه الثابت والمبدئي إلى جانب الشعب الفلسطيني لِتحرير أرضه، وهو الذي سيسقط بمقاومته وبِسواعد مجاهديه كل المخططات الصهيونية"، محملا "الدول العربية والإسلامية وكل الشعوب الحرة وأحرار العالم، المسؤوليات التاريخية لِمساندة الشعب الفلسطيني، والعمل بكل قوة لإحباط هذه المخططات التي تستهدف الجميع". انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News

القناة الثالثة والعشرون
منذ ساعة واحدة
- القناة الثالثة والعشرون
ريفي: لن نقبل أن يكون بطرس حرب كبش محرقة
كتب النائب أشرف ريفي في حسابه على "أكس" : ما يتعرّض له النائب والوزير السابق بطرس حرب هو اغتيال سياسي موصوف، يستكمل محاولة الإغتيال الجسدي التي نفّذها "حزب الله" بحقه. وأضاف ريفي : بطرس حرب من أنزه وأكفأ السياسيين والمشرِّعين، ولن نقبل أن يكون كبش محرقة لمفهوم أعوج لمحاربة الفساد. انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News