logo
فجوة أجور مع انعكاس الأدوار...فتيات الجيل زد يتقاضين أكثر من الشباب

فجوة أجور مع انعكاس الأدوار...فتيات الجيل زد يتقاضين أكثر من الشباب

Independent عربية٠٨-٠٦-٢٠٢٥
عادة ما كان مارك بروكس يُقابَل بتجاهل مهذب. ويقول "منذ 10 أعوام، لم يعترف أحد بأن الرجال والصبيان يعانون أية مشكلات. لكن الأجواء اختلفت الآن". في وقت سابق من الشهر الجاري، لفت وزير الصحة ويس ستريتنغ إلى هذا التغيير حين كشف عن وجود "أزمة ذكورة"، إذ قال "استغرق المجتمع وقتاً طويلاً قبل أن يدرك أن الرجال والفتيان يعانون كثيراً اليوم. والحقيقة هي أن الحياة في مجتمع اليوم قد تكون شاقة جداً بالنسبة إلى الشباب".
وأدلى ستريتنغ بتصريحه خلال افتتاح "مركز أبحاث السياسات حول الرجال والفتيان" The Centre for Policy Research on Men and Boys (CPRMB)، وهو هيئة جديدة تسعى إلى وضع سياسات قابلة للتطبيق من أجل التصدي للتردي في صحة الرجال وانخفاض فرص توظيفهم ومتوسط العمر المتوقع لهم، وهو تراجع لم تتوقعه الطبقة السياسية. أشرف بروكس-مستشار السياسات في المركز والناشط الذي كرس حياته للعمل في مجال تحسين صحة الرجال- على إطلاق أول تقرير للمركز. يستعرض تقرير "الرجال المفقودين" التحديات التي تواجه الرجال والفتيان وقد صدر بعد وقت قصير على صدور تقرير آخر من قبل مركز العدالة الاجتماعية-بعنوان "الفتيان المفقودين"- يقدم بدوره صورة قاتمة مماثلة عن استنتاجات تخص الرجال.
خلال العام الماضي، حاول الساسة التعامل مع التغير في وضع الرجال. وتشكلت مجموعة من نواب حزب العمل مهمتها التفكير في طرق استمالة الفتيان في ظل ارتفاع معدلات دعم حزب "ريفورم" بين ذكور "الجيل زد". وفي نوفمبر (تشرين الثاني)، أمر ستريتنغ بإعداد أول استراتيجية من نوعها تتناول صحة الرجال، فيما أشار إلى أن السبب الأول لوفيات الرجال تحت الـ50 من العمر هو الانتحار- وعلق على ذلك بقوله "هذه الحقيقة صدمتني لدرجة أنني أوشكت على الوقوع عن الكرسي" (مع أن هذا الواقع مستمر منذ عام 2001 بالنسبة إلى الرجال بين 20 و34 سنة). وقد استرعى مسلسل المراهقة الخيالي الذي تعرضه منصة "نتفليكس" انتباه رئيس الوزراء الذي طالب بعرضه في المدارس، إذ يطرح الفيلم قابلية تلامذة المدارس الذكور لارتكاب أفعال متطرفة وقتل البنات.
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويقول بروكس "ساعدنا مسلسل 'المراهقة' كثيراً من إحدى النواحي، إذ طُرحت الحاجة إلى البدء بدراسة التحديات والعوائق التي يواجهها الفتيان والرجال في المعترك السياسي العام".
وخلص تقرير "الفتيان المفقودين" إلى استنتاجات عدة من بينها أن الأدوار انعكست بالنسبة إلى الفجوة في الأجور بين الجنسين، ولا سيما بالنسبة إلى الموظفين بدوام كامل بين سن 16 و24. وهذا يعني أنه بالنسبة إلى معظم أبناء "الجيل زد"- بمن فيهم الخريجون الجدد من الجامعات- تتقاضى الشابات أجوراً أعلى بقليل من الشباب بالمعدل. لكن من المتوقع أن تنقلب هذه المعادلة في فترة لاحقة من الحياة لمصلحة الشباب وتتسع الفجوة التي تُعزى عادة إلى مشاركة نسبة أكبر من الرجال في مجالات أعلى أجراً وإلى "عقوبة الأمومة" التي تعكس إسهاماً أكبر بكثير للمرأة في رعاية الأطفال. لكن هذا التغيير البسيط في حظوظ "الجيل زد"، رجالاً ونساءً، يعتبره واضعو الدراسة من طلائع التغيير. ويقول لوك تايلور، الباحث في مركز أبحاث العدالة الاجتماعية "تعد الفجوة في الأجور بين الجنسين أمراً يسترعي الانتباه، لكنه ليس لب القضية، بل قد يكون أحد انعكاسات التغيير الأوسع".
ويرتبط جزء كبير من ذلك التغيير بانهيار فرص عمل الرجال ذوي التحصيل العلمي المتدني، إضافة إلى تدني أداء الفتيان مقارنة بالفتيات في المجال الدراسي. ويقول تايلور "منذ فترة طويلة يُعمل على تفريغ قطاع الصناعات من الرجال ذوي المستوى العلمي المتدني. وقد تغيرت متطلبات هذا النوع من الوظائف كثيراً بسبب تقلص عددها وقد يحتاج المرء اليوم إلى شهادة كي يؤديها". في المقابل، ارتفعت قليلاً فرص توظيف النساء بين عمر 20 و24 سنة مقارنة بالرجال في المملكة المتحدة بينما ترتفع معدلات الشباب الذين لا يتابعون دراساتهم أو يعملون، بل يبحثون عن عمل.
أما في مجال التعليم، فحققت النساء نتائج أفضل إجمالاً خلال الأعوام الـ30 الماضية، إذ يتفوق أداء النساء مقارنة بالرجال بصورة عامة على كل المستويات الدراسية وضمن كل الفئات العمرية في النظام الدراسي. وتحقق النساء نتائج أفضل في امتحانات الثانوية العامة وامتحانات المستوى المتقدم، ويشكلن نسبة أكبر من طلاب الجامعات ويحصّلن عدداً أكبر من الشهادات المرموقة. ويشكلن غالبية ضئيلة من أعداد الطلبات المقبولة في جامعتي أكسفورد وكامبريدج، مع أن عدد الرجال المسجلين على مراتب الشرف في هاتين الجامعتين أعلى.
وغالباً ما تميل النساء إلى اختصاصات تفسح مجال العمل في قطاعات أجورها متدنية، مثل التعليم وعلم النفس والتمريض والعمل الاجتماعي، فيما يحصّل الرجال غالبية شهاداتهم من مجالات مثل الهندسة. لكن نسبة النساء ارتفعت في بعض الوظائف الأعلى أجراً، إذ تضاعف عدد المتقدمات بطلب دخول كلية القانون مرتين أكثر من الرجال، فيما أصبح عدد خريجات الطب وطب الأسنان أكثر بمرتين من الخريجين تقريباً. ويكسب العاملون في هذه المجالات رواتب أولية مرتفعة نسبياً (بين25 و50 ألف جنيه في السنة) مع أنها مجالات تتطلب دراسة جامعية أطول بكثير.
ويقول تايلور "شعرت ببعض الارتباك من هذا الموضوع لأن ما أعرفه هو أن عدد النساء اللواتي يرتدن الجامعات أكبر من عدد الرجال، لكن غالباً ما يخترن القطاعات الأقل أجراً"، ويضيف "لكنهن يتجهن الآن أكثر بكثير نحو اختصاصات مثل الطب أو طب الأسنان أو القانون أيضاً. ولديك في المقابل عدد كبير من الرجال الذين يتابعون دراسات في التربية البدنية والعلوم السياسية، وهي ليست ضمن الوظائف الأعلى أجراً".
ومن ناحية أخرى، يعد الفتيان أكثر عرضة بمرتين من الفتيات للإيقاف الموقت عن الدراسة وأكثر من مرتين للإقصاء. وتبدو هذه المشكلات أسوأ عندما يُضاف إليها عامل الطبقة الاجتماعية، فيما يعد الفتية البريطانيون البيض المخولون بالحصول على الوجبات المدرسية المجانية أسوأ الفئات أداء وفقاً لورقة بحثية برلمانية.
ويعلق تايلور على ذلك بقوله "في موضوع الدراسة، علينا إما تقبل أن الفتيان أكثر غباء أو أن النظام مصمم بطريقة تتسبب بفشلهم. مهما كان السبب، علينا الاعتراف بأن الفتيان بحاجة إلى دعم أكثر من ذلك الذين يحصلون عليه".
ويعتقد بروكس بأن الفتيان قد يستفيدون من ثقافة مختلفة. درس عادات المدارس التي لا تسجل فجوة في الأداء الدراسي بين الجنسين. ويقول "ما رأيناه هو بيئة إيجابية تجاه الصبية تعمل على تحفيزهم وتطبق عملية انضباط وتأديب عادلة ومتساوية وتحرص على التعامل مع مشكلات التنمر وعلى أن يستوعب الفتيان الهدف من التعليم".
ويذكر محادثة أجراها مع مديرة مدرسة أرادت أن تفهم سبب تخلف الصبيان دراسياً في مدرستها. ويقول "إحدى الأمور التي لاحظتها هي أنه عندما تسير في الأروقة، كانت الملصقات كافة تقريباً وصور النجاح تُظهر طالبات فحسب، لذلك كانت تنظر إليها وتقول ربما الصبيان لا يرون أنفسهم ناجحين دراسياً".
ولا يحقق الصبيان أداء أسوأ في كل المدارس مما يعني أنه ربما يجب أخذ العبر من الثقافة المحيطة بهم. من ناحية أخرى، يستمر الفتيان بالتفوق على الفتيات بصورة كبيرة في مجال محدد. فهم بين الأفضل أداء في العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (مواد ستيم STEM).
إن الأولمبياد البريطاني للعلوم هو سلسلة مسابقات تُجرى على المستوى الوطني في مواضيع العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات. ويُشجع ألمع الفتيان والفتيات في هذه المجالات على التقدم للمسابقة وعليهم حل مسائل تتعلق بكل مجال من هذه المجالات فيما يُجرى الامتحان في ظل شروط صارمة. وإن المشاركة في الأولمبياد طوعية لكن حافز المشاركة كبير لأن الجوائز تعزز فرص قبول طلب الدخول إلى أرقى الجامعات. لا تنشر الأولمبياد البريطانية معلومات حول توزيع الجنسين لكنها تعلن عن أسماء الفائزين الستة على موقعها لأنهم يمثلون المملكة المتحدة بعد ذلك في مسابقات الأولمبياد الدولي. والذي تكشفه هذه البيانات بوضوح هو أن مشاركة الإناث غالباً ما تكون متدنية جداً في أعلى المستويات. فعلى سبيل المثال، لم تشارك في فريق المملكة المتحدة في أولمبياد الرياضيات البريطاني سوى أربع نساء من بين 60 شخصاً خلال الأعوام الـ10 الماضية (2016-2025).
وتُلاحظ أنماط مشابهة في أولمبياد الفيزياء البريطاني الذي لم يسجل فريقه الدولي مشاركة أية فتاة بين 2015 و2024. أما أولمبياد الكيمياء، فقد سجل مشاركة فتاة واحدة في فريقه الدولي خلال الأعوام الـ10 الماضية (وقد شاركت في المسابقة مرتين في 2023 و2024).
وفيما تبدو سجلات أولمبياد علوم الأحياء غير مكتملة، يكشف تحليل جزئي للجوائز المُحرزة خلال السنوات الـ10 الماضية توزيعاً أكثر توازناً بين الجنسين فيما مثل المملكة المتحدة في الأولمبياد الدولي عام 2024 فريق كامل أعضائه من الفتيات. إن الأولمبياد ليست كامتحانات الثانوية العامة أو الامتحانات المتقدمة، إذ إن نحو نصف المدارس البريطانية فحسب تمنح طلابها فرصة المشاركة فيها ونسبة كبيرة من بين هذه المؤسسات هي مدارس المتفوقين (grammar schools) والمدارس المستقلة التي فيها بعض التحيز تجاه الصبيان- وهو ما يُحتمل أنه يؤثر على مشاركة الفتيات. وقامت عوامل أخرى في النظام عبر التاريخ، مثل التمييز على أساس الجنس والأفكار النمطية المسبقة بدور في خفض مشاركة الفتيات وأدائهن، وربما لا تزال موجودة، مع أنه يصبح من الأصعب الدفاع عن هذه الحجة نظراً إلى هيمنة النساء أكاديمياً بصورة عامة ووجود مبادرات مخصصة للفتيات فحسب مثل أولمبياد الرياضيات الأوروبي للفتيات الذي تأسس عام 2012.
ما يمكن استخلاصه من هذه البيانات هو أن الفتيان الذين يُظهِرون مؤشرات على التميز ويحظَون بدعم كافٍ من مدارسهم – ولا سيما في المدارس المستقلة أو النموذجية التي تملك موارد أفضل – يمكن أن يحققوا نجاحاً باهراً في مجالات أكاديمية معينة. والخلاصة الثانية هي أن النساء يتطلبن دعماً أكبر في المستويات العليا التي لا يزال الرجال يهيمنون عليها. ومن الممكن أن يصح هذان الاستنتاجان في آن واحد، ما دام الفتيان أكثر عرضة من الفتيات لأن يسجلوا أفضل وأسوأ أداء في الوقت نفسه. ويقلق بعضهم من أن تأتي هذه الجهود الجديدة لدعم الفتيان على حساب إطلاق العنان لإمكانات الفتيات.
ويقول بروكس "تتمثل المرحلة المقبلة في تعليم الفتيان بإجراء مزيد من الأبحاث القائمة على الأدلة - والنظر في الأساليب الناجعة بالنسبة إلى الفتيان في المدرسة بصورة لا تؤثر سلباً في الأداء الدراسي للشابات والفتيات، إذ إن تعديل طريقة النظر إلى الفتيان ودعمهم داخل المدارس لا ينبغي أن يأتي على حساب الأداء التعليمي للفتيات".
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

فرنسا لا تجد سبيلا لمصادرة موانع حمل تنوي الإدارة الأميركية إتلافها
فرنسا لا تجد سبيلا لمصادرة موانع حمل تنوي الإدارة الأميركية إتلافها

Independent عربية

timeمنذ يوم واحد

  • Independent عربية

فرنسا لا تجد سبيلا لمصادرة موانع حمل تنوي الإدارة الأميركية إتلافها

أعلنت فرنسا أمس الجمعة أنه لا سبيل لها لمصادرة منتجات لمنع الحمل مخزنة في بلجيكا وتعتزم الإدارة الأميركية إتلافها في وقت تتعالى فيه الأصوات المطالبة بمنع تنفيذ هذا القرار. وقالت وزارة الصحة الفرنسية رداً على طلب استفسار من وكالة الصحافة الفرنسية "استعرضنا وسائل العمل الممكن اتخاذها من الجانب الفرنسي، لكن للأسف ما من أسس قانونية تتيح أي تدخل لسلطات صحية أوروبية، ولا سيما الوكالة الوطنية لسلامة الأدوية (في فرنسا) لاستعادة هذه المنتجات الطبية". وأوضحت الوزارة "نظراً إلى أن موانع الحمل ليست أدوية ذات فائدة علاجية حيوية وإلى أننا لا نواجه في واقع الحال ضغوطاً على الإمداد، فلا سبيل لنا لمصادرة المخزونات". وأشارت إلى عدم امتلاكها معلومات عن الموقع المحدد لإتلاف هذه المنتجات، علماً أن بعض وسائل الإعلام أشارت إلى أن العملية ستجري في فرنسا. وفي منتصف يوليو (تموز) الماضي أعلنت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب التي تخفض المساعدات الإنسانية بصورة جذرية وتنتهج نهجاً مناهضاً للإجهاض، عن نيتها إتلاف موانع حمل نسائية، هي بغالبيتها غرسات منع حمل ولوالب رحمية، مودعة في مستودع في بلجيكا. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وكانت هذه المنتجات موجهة خصوصاً لنساء في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بموجب عقود أبرمتها الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID) في عهد الرئيس السابق جو بايدن. وأوردت وسائل إعلام أن هذه المنتجات التي تقدر قيمتها بنحو 10 ملايين دولار من المرجح أن تحرق "بحلول نهاية يوليو" في فرنسا تحت إشراف شركة متخصصة في إتلاف المخلفات الطبية. وتعذر على وكالة الصحافة الفرنسية التحقق من هذه المعلومات من مصدر رسمي. وكشفت منظمات دولية تعنى بشؤون تنظيم الأسرى عن أنها اقترحت على الإدارة الأميركية أن تشتري منها هذه المنتجات وتعيد تغليفها، لكن من دون جدوى. وأعلنت بلجيكا أنها تواصلت مع الجانب الأميركي، وهي تنظر في "كل السبل المحتملة لتفاد إتلاف المنتجات".

الاضطرابات الجوية تضاعف الخوف من الطائرات
الاضطرابات الجوية تضاعف الخوف من الطائرات

Independent عربية

timeمنذ 3 أيام

  • Independent عربية

الاضطرابات الجوية تضاعف الخوف من الطائرات

الموت نتيجة للاضطرابات الجوية التي تمر بها الطائرات أمر نادر للغاية، إذ لا توجد سجلات رسمية ولكن بعض المصادر تفيد بأن أربع وفيات فقط وقعت نتيجة لهذا الأمر منذ عام 1981، أما الإصابات فحدث ولا حرج كما يقال. في أميركا وحدها سجلت 207 إصابات خطرة منذ عام 2009، وفقاً لأرقام المجلس الوطني لسلامة النقل، من بينهم 166 من أفراد طاقم الطائرة الذين كانوا يؤدون مهماتهم ولا يجلسون في مقاعدهم ليتحصنوا بأحزمة الأمان. ووفق تقرير نشرته هيئة الإذاعة البريطانية، يحذر الخبراء من أن تغيرات المناخ تجعل السفر الجوي أكثر صعوبة، فمن الممكن أن يزيد ارتفاع درجات الحرارة وتغير أنماط الرياح في الغلاف الجوي العلوي من وتيرة الاضطرابات التي تواجه الطائرات وشدتها. ويتوقع عالم الغلاف الجوي في جامعة "ريدينغ" بول ويليامز ازدياد عدد الاضطرابات الجوية الشديدة حول العالم خلال العقود المقبلة إلى الضعف أو ثلاثة أضعاف، كما يقول إن مقابل كل 10 دقائق من الاضطرابات تحدث اليوم قد تزيد المدة إلى 20 أو 30 دقيقة. ومن الناحية العملية كلما ازدادت شدة الاضطرابات الجوية أصبحت أكثر خطورة وضرراً على الركاب والطائرات، وتشير الأرقام إلى أن تأثيرها يطاول نحو 5 آلاف رحلة حول العالم سنوياً من أصل 35 مليوناً. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وتعتبر الاضطرابات الجوية شديدة عندما تبلغ قوتها 1.5 "جي فورس"، وهي وحدة قياس قوة الحركة التي تتسبب فيها تيارات الهواء لجسد الطائرة، وهذه الدرجة كافية لترفع الشخص من مكانه إذا كان لا يضع حزام الأمان. ووفق تقرير السلامة لمنظمة "الطيران المدني الدولي" لعام 2023، فإن 40 في المئة من الإصابات الخطرة التي طاولت المسافرين كانت بسبب الاضطرابات الجوية. وتعد الطريق بين بريطانيا وأميركا وكندا والبحر الكاريبي من المناطق المعروفة باضطراباتها الجوية، وعلى مدى الـ40 عاماً الماضية، أي منذ بدأت الأقمار الاصطناعية برصد الغلاف الجوي، ازدادت تلك الاضطرابات بنسبة 55 في المئة فوق شمال الأطلسي، ولكن دراسة حديثة تتوقع أن يرتفع تواترها في مناطق أخرى مثل شرق آسيا وشمال أفريقيا وشمال المحيط الهادئ وأميركا الشمالية والشرق الأوسط. ثمة ثلاثة أسباب رئيسة للاضطرابات الجوية، أولها الغيوم والعواصف الرعدية، ثم الفتحات الجبلية الهوائية وأخيراً تغير اتجاه الرياح وسرعتها في الأجواء الصافية الذي يسبب الاضطراب الأقوى لأنه غير متوقع ولا يمكن رؤيته. ويعد تغير المناخ عاملاً رئيساً في زيادة الاضطرابات الجوية الناتجة من الغيوم والعواصف وتغير سرعة الرياح، فمثلاً يحمل الغلاف الجوي الأكثر دفئاً رطوبة زائدة تتّحد مع الحرارة لتسببا عواصف رعدية أكثر شدة. وبصورة عامة يسبب تبدل حرارة الغلاف الجوي، تيارات هوائية عنيفة صاعدة وهابطة، أشدها ينتج مما يسمى "السحب الركامية" أو سحب العواصف الرعدية التي ضربت رحلة أندرو ديفيز عام 2024 فوق جنوب ميانمار، حيث تعرضت الطائرة لـ 19 ثانية من الاضطراب الشديد وانخفاض 178 قدماً في خمس ثوان. وتفيد دراسة أميركية نشرت قبل أكثر من عقد بأن ارتفاع الحرارة عالمياً بمقدار درجة مئوية واحدة يؤدي إلى زيادة ضربات البرق بنسبة 12 في المئة، وبحسب تقارير مختصة ازدادت خلال الأعوام الماضية العواصف الكبيرة التي يصل قطرها إلى أكثر من 80 ميلاً، وهو أمر يفترض أنه نادر الحدوث. ووفقاً لاستطلاع أجرته مؤسسة "يوغوف"، يخشى أكثر من خُمس البالغين في المملكة المتحدة الطيران، وقد يؤدي تفاقم شدة الاضطرابات الجوية وتواتر حدوثها إلى جعل الرحلات كابوساً أكبر لهؤلاء الأشخاص. أجنحة الطائرات تتمتع بمرونة للتعامل مع الاضطرابات الجوية (غيتي) ومن ناحية التصميم، تنطوي أجنحة الطائرات المدنية على مرونة كبيرة، حتى إن بعض الأنواع يمكن أن ينحني جناحها بزاوية 25 درجة قبل أن ينكسر، ولم يحدث ذلك بفعل الاضطرابات الهوائية حتى الآن ولكن لا توجد ضمانات بألا يقع مستقبلاً. وثمة محاولات قائمة من أجل الوصول إلى تصاميم جديدة لأجنحة الطائرات، مفصلية الطابع إن صح القول، يمكن أن تكون أكثر قدرة على امتصاص الضربات الجوية، ولكن لا تزال كل التجارب قيد الاختبار ويمكن ألا تصلح سوى للطائرات الصغيرة. والضرر الذي تلحقه الاضطرابات الجوية بالركاب يتحمله قطاع التأمين أو المؤسسات الصحية بصورة أو بأخرى، لكن شركات الطيران تتكبد خسائر تتمثل في كلفة إصلاح الطائرات بعد تعرضها للاضطرابات تراوح قيمتها ما بين مئات آلاف الدولارات ومليوني دولار سنوياً. أما تجنب الطرق الأكثر عرضة للاضطرابات الجوية، فيعني إطالة مدة رحلات الطيران وازدحام الممرات الآمنة إن جاز التعبير، كما أن إطالة وقت الطيران تعني زيادة الانبعاثات الكربونية المؤثرة في التغير المناخي، وتعني أيضاً زيادة كلفة السفر وتراجع جاذبيته بالنسبة إلى كثرٍ، بخاصة لغرض السياحة، مما يقود إلى انخفاض شركات القطاع. وفي سياق احتواء خطر الاضطرابات الجوية يقوم التطور التقني بدور في توقعها والتنبؤ بها بنسبة كبيرة باتت تصل إلى 70 في المئة اليوم مقابل 60 في المئة قبل 20 عاماً، وفق عالم الغلاف الجوي آدامز، وعند توقع الاضطرابات يمكن لقائد الطائرة تجنبها أو محاولة التخفيف من وطأتها أو في الأقل إبلاغ الركاب والمضيفين لأخذ الحيطة. ومن الناحية التقنية أيضاً يدرس معهد كاليفورنيا للتقنية استخدام الذكاء الاصطناعي في مواجهة الاضطرابات الجوية، فيبحث العلماء في حلول مبتكرة لتوجيه جسد الطائرة والأجنحة للتعامل مع تلك الاضطرابات، ولكن هذا الهدف لن يكون قريب التحقق وفق تقديراتهم.

انعدام اللقاحات يهدد حياة ملايين الأطفال في السودان
انعدام اللقاحات يهدد حياة ملايين الأطفال في السودان

Independent عربية

timeمنذ 6 أيام

  • Independent عربية

انعدام اللقاحات يهدد حياة ملايين الأطفال في السودان

مع تصاعد العنف في السودان جراء الحرب تزداد أوضاع الأطفال الصحية سوءاً، مما يتطلب التدخل العاجل لإنقاذ الموقف، خصوصاً بعدما باتت حياة الملايين في خطر بسبب انتشار الأمراض والنقص الحاد في الغذاء والدواء. وإلى ما سبق من معاناة، يشكل تراجع معدلات تطعيم الأطفال في السودان خطراً يهدد حياة الملايين منهم، إذ انخفضت مستويات التطعيم إلى أدنى مستوياتها منذ 40 عاماً، بحسب منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسيف"، ومنظمة الصحة العالمية، ولم يتلق 880 ألف طفل سوداني، بما يعادل أكثر من نصف الرضع في البلاد، الجرعة الأولى من لقاحات التيتانوس (الكزاز) والسعال الديكي والخناق التي كان مقرر تلقيها في العام الماضي. تعجز وزارة الصحة عن توفير اللقاحات بحجة إغلاق الطرق وتصاعد المعارك (اندبندنت عربية - حسن حامد) انعدام اللقاحات تشكو أفراح طارق التي فرت مع أسرتها من منطقة هبيلا في ولاية جنوب كردفان إلى مدينة الدلنج، من عدم تلقي طفلها الرضيع اللقاح الدوري المقرر له في عمر الأشهر الستة، وعلى رغم التنقل بين مستشفيات ومراكز صحية عدة، لكن رحلتها كانت بلا فائدة نظراً إلى عدم وجود اللقاحات الضرورية. وأوضحت طارق أن "عشرات الأمهات يعانين في سبيل الحصول على جرعات تطعيم للأطفال الرضع من دون جدوى، في وقت تعجز وزارة الصحة عن توفير اللقاحات بحجة إغلاق الطرق وتصاعد المعارك في الإقليم، مما يعرض اليافعين إلى خطر الموت"، ونوهت النازحة السودانية إلى أن "تكدس مئات الأطفال في مراكز الإيواء أدى إلى ظهور مشكلات صحية كثيرة، فضلاً عن تفشي الأوبئة وانعدام الأدوية، كما أن نسبة كبيرة من الأطفال في حاجة إلى إجراء فحوص طبية بصورة دورية وتقديم العلاجات المطلوبة". أمراض ومخاوف وقالت عبير نور الدائم التي تقيم في معسكر داخل منطقة طويلة شمال دارفور، "عدم حصول الأطفال على لقاحات السعال الديكي والتيتانوس (الكزاز) في المواعيد الدورية المحددة أسهم في ظهور مضاعفات صحية"، وأوضحت أن "الأطفال يعانون مشكلات صحية عدة خصوصاً ازدياد سرعة التنفس عن المعتاد والغثيان والقيء، وكذلك الإسهالات والحمى الشديدة، والعاملون الصحيون يؤكدون أنها بسبب عدم توافر اللقاحات"، وأشارت، أيضاً، إلى أن "انعدام لقاح شلل الأطفال فاقم الأوضاع في مراكز الإيواء، وتسبب بذعر واسع لدى الأسر وسط مخاوف من إصابة مئات اليافعين بالفيروس، والتعرض لخطر الشلل، خصوصاً في ظل وجود تجمعات وازدحام في معسكرات النزوح". تحذيرات أممية وسط هذه الأجواء، حذرت "اليونيسيف" ومنظمة الصحة العالمية، في بيان، من تعرض أطفال السودان لخطر الأمراض المميتة، وأوضح البيان أن "880 ألفاً في الأقل، بما يعادل أكثر من نصف الرضع، لم يتلقوا الجرعة الأولى من لقاحات التيتانوس (الكزاز) والسعال الديكي والخناق، التي كان مقرر تلقيها في العام الماضي"، وشدد البيان على أن السودان يسجل الآن أدنى تغطية بلقاح السعال الديكي في العالم، فضلاً عن انخفاض تغطية اللقاح الثلاثي من 94 في المئة عام 2022 إلى 48 في المئة العام الماضي، ويعد ذلك أدنى تغطية في السودان منذ عام 1987. وأضاف البيان أن "هذا الانخفاض أدى إلى تفشي شلل الأطفال والحصبة وأمراض أخرى يمكن الوقاية منها باللقاحات". اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) جهود حكومية في غضون ذلك، بدأت وزارة الصحة السودانية، بالتضامن مع "اليونيسيف"، العمل المكثف لمجابهة الأزمة، وأوضحت مديرة إدارة صحة الأم والطفل أسمهان الخير خلال ورشة عمل التدريب القياسي على استراتيجية العلاج المتكامل للأطفال أقل من خمس سنوات، أن "استراتيجية العلاج المتكامل للأطفال أقل من عمر خمس سنوات مهمة لأنها تقلل من الأمراض وحالات الوفاة، مع التدخلات الأخرى مثل التحصين والتغذية، وتؤدي إلى التحسين المستمر لخدمات العلاج المتكامل، فضلاً عن تحقيق العدالة في توزيع الخدمات". ونوه مدير البرنامج القومي لصحة الطفل قصي محمد عثمان إلى أن "الورشة تأتي ضمن مشروع المساعدة الصحية والاستجابة الممول من البنك الدولي عبر اليونيسيف تحسيناً للنظام الصحي، وتستند إلى أحدث توصيات منظمة الصحة العالمية للمعالجة القياسية لأمراض الأطفال أقل من خمس سنوات". تفشي الحصبة في إقليم دارفور الذي يشهد تصاعد المعارك وتفاقم الأوضاع الإنسانية، ارتفعت حالات الإصابة بمرض الحصبة إلى مستويات مقلقة نتيجة إصابة آلاف الأطفال وسط ضعف حملات التحصين الروتينية. وطالبت منظمة "أطباء بلا حدود" بضرورة قيام حملات تطعيم شاملة بصورة عاجلة في جميع أنحاء دارفور، منوهة بأن التأخير في الاستجابة قد يؤدي إلى مزيد من الوفيات وانتشار الأمراض المعدية الأخرى. وقالت المنسقة الطبية للمنظمة في وسط دارفور سيسيليا غريكو، إن "فرق أطباء المنظمة عالجت نحو 10 آلاف مصاب بالمرض بينهم 35 حالة وفاة". من جهته، رأى الطبيب السوداني المتخصص في مكافحة العدوى نعمان الصاوي أن "الحصبة عدوى فيروسية حادة، يمكن أن تنتقل بسهولة من شخص إلى آخر، وقد تكون عواقبها على الأطفال الصغار وخيمة، إذ إنهم أكثر عرضة للإصابة بها نظراً إلى عدم اكتمال نمو جهازهم المناعي، وكذلك عدم تلقيهم اللقاحات الكافية، لكنها قد تشكل خطراً كبيراً أيضاً على البالغين"، وطالب الصاوي بضرورة تنفيذ حملات تطعيم عاجلة في مراكز إيواء النازحين بولايات السودان خصوصاً بعد ظهور عدد من الحالات في مدن ومناطق عدة، لافتاً إلى أن "التحصين باللقاح فعال ويحمي نحو 99 في المئة من الملقحين، ويؤدي ذلك في العادة إلى مناعة مدى الحياة لذلك يجب عدم إهماله"، وأبدى المتخصص في مكافحة العدوى تخوفه "من ظهور حالات الحصبة وشلل الأطفال في ولايات دارفور التي يصعب الوصول إليها في ظل تصاعد وتيرة المعارك لتقديم الخدمات الصحية"، وبين أن "الوضع لا يزال مطمئناً والإصابة لم تنتقل بعد إلى كبار السن، ومحصورة حتى الآن وسط الصغار، والحصبة قد تكون مميتة للكبار لأنها تسبب لهم التهابات في الدماغ والجهاز التنفسي".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store