logo
حملات التبرع تكشف عن معدلات صادمة لسوء التغذية بين الغزيين

حملات التبرع تكشف عن معدلات صادمة لسوء التغذية بين الغزيين

دير البلح/ محمد عيد
استجابةً لحملة تطوعية، لبّى الشاب أشرف الدعالسة (30 عامًا) برفقة أصدقائه وجيرانه نداء وزارة الصحة، التي أطلقت حملة تبرع بالدم بالتعاون مع صفحات اجتماعية، ودعت إليها المساجد عبر مكبرات الصوت، لدعم الجرحى والمرضى.
بحماسة شديدة، توجّه الدعالسة إلى مستشفى العودة بمخيم النصيرات للتبرع، معتبرًا ذلك "واجبًا وطنيًا وإنسانيًا"، لكن اندفاعه سرعان ما خمد بعد أن أظهر الفحص المخبري أن نسبة الهيموغلوبين لديه 12 غرام/ديسيلتر، وهي نسبة غير كافية طبيًا للتبرع.
يقول الدعالسة لصحيفة "فلسطين": "كانت النسبة عندي تتراوح دائمًا بين 14 و15، واعتدت التبرع باستمرار. تفاجأت جدًا بأنني غير مؤهل هذه المرة."
أحد الأخصائيين حاول تهدئته، وأخبره أن هذا حال العشرات من الشباب والرجال الذين يعانون من ضعف الدم نتيجة تفشي سوء التغذية بين سكان غزة.
ووفق أحدث تقييم صادر عن التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC) في مايو/ أيار الماضي، فإن نصف مليون شخص في غزة يواجهون خطر الموت جوعًا، ما دفع المفوض العام لـ"أونروا"، فيليب لازاريني، إلى القول:
"إسرائيل تستخدم الجوع كسلاح سياسي وعسكري. غزة بحاجة إلى دعم هائل، دون عوائق أو انقطاع، لمواجهة الجوع المتفاقم."
حاجة ماسة للدم.. والمخزون لا يكفي
بسبب الانتشار الواسع لحالات سوء التغذية، اضطر منسق الحملة المخبري، أيمن قنديل، إلى تمديد ساعات الحملة في محاولة لجمع مزيد من العينات.
وقال قنديل لـ "فلسطين أون لاين": "الاحتياجات الهائلة للدم نتيجة المجازر المستمرة، تدفعنا للخروج ثلاث مرات أسبوعيًا بحثًا عن المتبرعين لدعم الجرحى والمرضى."
ومن بين المتبرعين، كانت السيدة ميساء زقوت (40 عامًا)، التي أصيبت بداية الحرب وتلقت وحدة دم لإنقاذها، ما دفعها للمبادرة بالتبرع، تقول: "لن أنسى من أنقذ حياتي. أردت أن أكون سببًا في إنقاذ إنسان آخر."
لكن الفحص أظهر أن نسبة دمها 12.5 غرام/ديسيلتر، وهي أقل من الحد المطلوب. وبسبب الحاجة الشديدة، وافقت الطواقم على سحب عينة واحدة منها "تجاوزًا".
ويشير قنديل إلى أن عدد وحدات الدم التي كانت تُجمع قبل الحرب في حملات أسبوعية كان يصل إلى 50 وحدة، أما اليوم فبالكاد نحصل على 100 وحدة تنفد خلال يومين فقط بسبب كثرة الإصابات الناجمة عن القصف المتواصل.
ويؤكد أن نسب الفشل في الفحص المخبري بلغت 35% من الرجال و90% من النساء، وهي نسبة غير مسبوقة، ما ينذر بكارثة صحية إنسانية حقيقية.
"نساء يأتين بالعشرات.. ولا يصلح إلا القليل"
من أصل 40 امرأة جاءت للتبرع خلال الحملة الأخيرة، لم تُقبل سوى 5 فقط بعد اجتياز الفحص.
يقول قنديل: "نواجه مؤشرات مقلقة، تدل على تفاقم سوء التغذية بين كلا الجنسين ومن مختلف الفئات العمرية، ويتطلب الأمر تدخلات صحية ودولية عاجلة."
وكانت منظمة "آكشن إيد" الدولية قد حذّرت من أن سوء التغذية يحد من قدرة السكان على التبرع بالدم، في وقت تتزايد فيه حاجة المستشفيات لوحدات دم بشكل يومي.
وبعد انتهاء ميساء من التبرع، لم تتمكن من الوقوف على قدميها، فاضطر أحد الأخصائيين إلى إسعافها بمكمل غذائي وزجاجة ماء صغيرة.
أزمة مركبة.. صحية وإنسانية
يقول قنديل: "نواجه أزمة مركبة: الاحتلال يمنع إدخال الأدوية، المكملات الغذائية، وحتى الإمدادات الصحية الأساسية. المنظومة الصحية تنهار، والمواطنون لا يملكون الحد الأدنى من التغذية أو العلاج."
وتؤكد منظمة الصحة العالمية أن النظام الصحي في غزة يواجه خطر الانهيار الكامل، حيث لا يعمل سوى 17 مستشفى من أصل 36، ومعظمها بطاقة تشغيلية جزئية أو دنيا.
وسط هذه الظروف الكارثية، يتآكل جسد المجتمع الغزي من الداخل، ليس فقط بالصواريخ، بل بالجوع والأنيميا وسوء التغذية... و"حتى التبرع بالدم" لم يعد خيارًا متاحًا أمام معظم الناس.
المصدر / فلسطين أون لاين

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

تقرير مساعدات مسمومة... غزَّة تكتشف مؤامرةً جديدةً عبر أكياس الدَّقيق
تقرير مساعدات مسمومة... غزَّة تكتشف مؤامرةً جديدةً عبر أكياس الدَّقيق

فلسطين أون لاين

timeمنذ ساعة واحدة

  • فلسطين أون لاين

تقرير مساعدات مسمومة... غزَّة تكتشف مؤامرةً جديدةً عبر أكياس الدَّقيق

غزة/ جمال محمد: لم تكن الأربعينية "هبة" (اسم مستعار) تتوقع أن يتحول كيس الدقيق، الذي حصلت عليه بعد انتظار طويل، إلى مصدر للذعر بدلاً من أن يكون عونًا في توفير قوت يوم أسرتها. فبين حبات الدقيق، اكتشفت هبة أقراصًا دوائية مجهولة، كانت جزءًا من شحنة مساعدات وُزعت عبر إحدى نقاط التوزيع المرتبطة بجهات أمريكية وإسرائيلية. وبينما كانت تستعد لاستخدام الدقيق لإعداد الخبز، لاحظت وجود تلك الأقراص، فسارعت إلى صيدلية قريبة في مدينة غزة. لكن الصدمة كانت أكبر عندما أخبرها الصيدلاني بأن ما عثرت عليه هو عقار مخدر يُعرف باسم "أوكسيكودون" (Oxycodone)، وهو دواء شديد الخطورة، يُصرف بوصفة طبية مشددة لعلاج الآلام الحادة، ويُصنف ضمن المواد الأفيونية ذات التأثير القوي على الجهاز العصبي واحتمالية عالية للإدمان. تبدلت دهشة الأم إلى خوف وقلق عميق، خشية أن تكون بعض الحبوب قد ذابت أو تفتت داخل الدقيق دون أن تنتبه، ما قد يعرّض أطفالها وزوجها لخطر التسمم أو الإدمان دون علمهم. لم تجد أمامها سوى اتخاذ قرار صعب: التخلص من كامل كمية الدقيق، رغم ندرة المواد الغذائية، مفضلة سلامة أسرتها على أي شيء آخر. ليست الحادثة الأولى حادثة هبة لم تكن الوحيدة؛ فقد رصدت صحيفة "فلسطين" العديد من المنشورات والتحذيرات على مواقع التواصل الاجتماعي لنشطاء فلسطينيين طالبوا السكان بفحص الدقيق جيدًا وتنقيته قبل استخدامه، بعدما تم العثور على أقراص مشابهة داخل أكياس أخرى. واتهم عدد من النشطاء جيش الاحتلال الإسرائيلي بمحاولة دس مواد مخدرة في المساعدات الغذائية، في محاولة لتدمير المجتمع الفلسطيني من الداخل، بعد أن فشلت أدواته العسكرية والسياسية في إخضاع قطاع غزة. في هذا السياق، أوضح الصيدلي الفلسطيني المخضرم د. ذو الفقار سويرجو، الذي يمتلك خبرة تتجاوز 38 عامًا، أن عقار "أوكسيكودون" يصنف ضمن المواد الأفيونية المخدرة، ويُستخدم حصريًا في المستشفيات وتحت رقابة طبية صارمة لعلاج الآلام الشديدة، مثل ما بعد العمليات الجراحية المعقدة أو لدى مرضى السرطان. وأضاف لصحيفة "فلسطين" أن تناول هذا الدواء دون إشراف طبي يؤدي إلى الإدمان بسرعة، ويمكن أن يتحول إلى بديل خطير للمخدرات في الأوساط المجتمعية. وأشار إلى أن العثور على هذا النوع من العقاقير داخل أكياس الدقيق المقدمة كمساعدات، يُعد جريمة خطيرة، خاصة في حال كانت الأقراص غير مغلفة أو معدّلة كيميائيًا لتذوب بسهولة داخل المادة الغذائية، ما يزيد من صعوبة اكتشافها ويرفع مستوى التهديد على الصحة العامة. ودعا سويرجو الأسر الفلسطينية إلى توعية أطفالها بخطورة هذه المواد، والتعامل معها بحذر شديد، وتسليم أي كمية يتم العثور عليها مباشرة إلى وزارة الصحة، محذرًا من أن هذه الحوادث قد تكون جزءًا من مخطط منظم يهدف إلى نشر الإدمان وضرب النسيج المجتمعي الفلسطيني، في ظل الحصار والدمار الذي يعانيه القطاع. مصائد الموت بدوره، أصدر المكتب الإعلامي الحكومي في غزة بيانًا أكد فيه العثور على أقراص "أوكسيكودون" داخل عدة أكياس دقيق وُزعت عبر مراكز تُعرف باسم "المساعدات الأمريكية–الإسرائيلية"، واصفًا هذه المراكز بـ "مصايد الموت". وأكد البيان توثيق أربع حالات لمواطنين عثروا على الأقراص المخدرة داخل أكياس الدقيق، محذرًا من احتمال أن تكون بعض تلك الأقراص قد طُحنت أو ذابت عمدًا داخل الدقيق لتنتقل إلى الطعام بشكل يصعب اكتشافه. وحمل البيان الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن هذه الجريمة، معتبرًا أنها محاولة خبيثة لضرب المجتمع الفلسطيني في عمقه، وزرع بذور الإدمان وسط شعب يعاني أصلًا من الحصار والمجاعة والدمار. ودعا البيان المواطنين إلى فحص أي مساعدات تصلهم من هذه المراكز المشبوهة، وطالب المؤسسات الدولية، وخاصة الأمم المتحدة، بفتح تحقيق فوري وإغلاق تلك المراكز التي وصفها بأنها تسببت بمقتل 549 شهيدًا خلال شهر واحد، بسبب تداعيات مختلفة، من بينها ما سماه "المساعدات المسمومة". في قلب مجزرة مستمرة تأتي هذه التطورات في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي العنيف على قطاع غزة، منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، والذي أسفر حتى الآن عن سقوط أكثر من 189 ألف شهيد وجريح، أغلبهم من النساء والأطفال، إضافة إلى أكثر من 11 ألف مفقود، ومئات الآلاف من النازحين. ويواجه سكان غزة أوضاعًا إنسانية كارثية غير مسبوقة، تشمل نقصًا حادًا في الغذاء والماء والدواء، ودمارًا شبه كامل للبنية التحتية، وانتشارًا واسعًا للمجاعة والأوبئة التي تهدد حياة أكثر من مليوني إنسان محاصر في القطاع. المصدر / فلسطين أون لاين

تقرير الأمراض الجلدية تفتك بأطفال غزة وسط انعدام الدواء
تقرير الأمراض الجلدية تفتك بأطفال غزة وسط انعدام الدواء

فلسطين أون لاين

timeمنذ 2 أيام

  • فلسطين أون لاين

تقرير الأمراض الجلدية تفتك بأطفال غزة وسط انعدام الدواء

غزة/ جمال غيث: على سرير داخل مستشفى عبد العزيز الرنتيسي في مدينة غزة، يتمدد الطفل أنس الترامسي، مغمض العينين، محاطًا بأجهزة التنفس وبعض الأدوية التي بالكاد تخفف عنه الألم. لم يكن هذا ما حلمت به والدته، غدير الترامسي، التي انتظرته ستة أعوام كاملة. ففي يوم ميلاده الأول، لم يحتفل أنس بالكعكة أو البالونات، بل أمضى يومه في صمت داخل غرفة العلاج، يتنفس بصعوبة، محرومًا من أبسط حقوق الطفولة، بسبب الحرب الدامية التي تعصف بقطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023. تجلس الترامسي بجوار نجلها "أنس"، تتأمله بعينين دامعتين، وتدعو الله عز وجل أن ينقذه من براثن المرض، وأن يُسمح بإدخال الأدوية والمستلزمات الطبية التي تمنعها قوات الاحتلال الإسرائيلي منذ بداية العدوان. وتقول الأم بحرقة لصحيفة "فلسطين"، "ابني جاء بعد سنوات من الانتظار، والآن هو بين الحياة والموت بسبب نقص الأدوية. لا نعلم متى تنتهي هذه الحرب". وتروي تفاصيل معاناة ابنها، إذ بدأت حالته الصحية تتدهور قبل نحو شهر ونصف، عندما ظهرت بثور على رأسه. تحسنت حالته قليلًا بعد تلقيه العلاج، لكنها سرعان ما انتكست مجددًا، وبدأت تظهر على جسده حبوب متغيرة اللون، استدعت تدخلًا جراحيًا لإزالتها. ثم توالت المضاعفات، وظهرت تقرحات أخرى، لتصبح حالته أكثر تعقيدًا. اصطدمت غدير، كغيرها من أمهات غزة، بواقع طبي كارثي؛ فالأدوية شبه معدومة، والمستلزمات الصحية شحيحة. وتقول: "أحاول شراء ما أستطيع على نفقتي الخاصة، لكن الأسعار مرتفعة جدًا، والأدوية الضرورية غالبًا غير متوفرة، والمستشفى لا يملك إلا القليل، فيما يمنع الحصار إدخال الباقي". شح الأدوية ليست قصة "أنس" الوحيدة. ففي مخيم النزوح بمنطقة الشيخ رضوان، شمال غرب مدينة غزة، تعيش نجوى عبد الحميد داخل خيمة لا تقيها ولا أطفالها من حر الصيف، ولا من الأمراض المنتشرة. تقول عبد الحميد، وهي أم لأربعة أطفال، لمراسل "فلسطين"، "منذ أن نزحنا بعد قصف مدينة بيت لاهيا ونحن نعيش هنا في ظروف لا يمكن وصفها؛ لا ماء، لا نظافة، لا دواء، حتى الهواء مشبع بالغبار والمرض". تضيف، أن جسد ابنها امتلأ مؤخرًا بحبوب حمراء، ظنتها في البداية جدريًا، لكن الطبيب أخبرها بأنها مجرد حساسية ناتجة عن قلة النظافة وسوء البيئة المحيطة. وتشير إلى أن أبناءها الأربعة أصيبوا بأمراض جلدية مختلفة، وتضطر إلى استخدام مياه مالحة لتحميمهم بسبب ندرة المياه العذبة، وغياب مواد التنظيف الأساسية. وتحاول الأم التخفيف عنهم بما توفر من مراهم حصلت عليها من نقطة طبية في المدينة، لكنها، كما تقول، "لا تجدي نفعًا بسبب ضعف فعاليتها وغياب الأدوية الأساسية. الصيدليات فارغة، والمستودعات خاوية، وحتى إن توفر شيء، لا نستطيع شراءه بسبب غلاء الأسعار". وضع كارثي منذ بداية الحرب المدمرة على قطاع غزة، تشهد المنظومة الصحية انهيارًا غير مسبوق. آلاف الجرحى والمرضى، معظمهم من الأطفال والنساء وكبار السن، يصارعون الموت في مستشفيات مهددة بالإغلاق بسبب نفاد الأدوية والمستهلكات الطبية، ولاستهدافها المتكرر من قبل جيش الاحتلال. وأطلقت وزارة الصحة في القطاع مرارًا نداءات استغاثة للمجتمع الدولي، محذرة من كارثة صحية وشيكة، إلا أن الاحتلال لا يزال يفرض حصارًا مشددًا ويمنع دخول الاحتياجات الطبية. ولاحظ مراسل "فلسطين" أن الوضع ازداد سوءًا مع استمرار موجات النزوح، إذ تنتشر الأمراض المعدية والجلدية بسرعة داخل المخيمات التي تفتقر إلى الحد الأدنى من شروط النظافة والسلامة. فبعض الأطفال يتعافون فقط لأن ذويهم تمكنوا من الحصول على الدواء بطرق استثنائية أو عبر مساعدات نادرة، بينما يعاني آخرون في صمت. في كل زاوية من زوايا غزة، هناك قصة طفل يتألم، وأم تواسيه، وممرض يقف عاجزًا عن فعل شيء. المستشفيات تعمل فوق طاقتها، وأعداد المرضى في ازدياد، فيما لا تزال الحرب تفتك بالبشر والحجر، وتحرم آلاف الأطفال من حقهم في الحياة. المصدر / فلسطين أون لاين

تقرير أنس أبو خوصة.. يتحدى البتر ويعود بعزيمة أقوى
تقرير أنس أبو خوصة.. يتحدى البتر ويعود بعزيمة أقوى

فلسطين أون لاين

timeمنذ 4 أيام

  • فلسطين أون لاين

تقرير أنس أبو خوصة.. يتحدى البتر ويعود بعزيمة أقوى

غزة/ هدى الدلو: في مدينة أنهكها القصف والخوف، ووسط الركام والدمار، وُلدت حكاية بطولة من نوع مختلف. أنس خالد أبو خوصة، فتى في السابعة عشرة من عمره، من سكان شرق مدينة غزة، لم يكن مجرد رقم جديد في سجل الإصابات، بل بات رمزًا للصبر والإرادة. في إحدى ليالي نوفمبر 2023، كان أنس يجلس مع عائلته في الغرفة الأقرب إلى مخرج المنزل، بعد تلقيهم تهديدًا بقصف المنزل المجاور من الجهة الخلفية. اللحظات كانت ثقيلة، يغلفها الصمت والقلق. وبينما كانت الأسرة تنتظر الضربة، دوى الانفجار. اعتقدوا أن القصف أصاب منزلهم، فاندفع أنس ليرى ما جرى. يقول والده، خالد أبو خوصة لصحيفة "فلسطين": "ما كنت أتخيل إن اللحظة اللي فتح فيها أنس باب البيت، حتكون بداية قصة جديدة من حياته. بمجرد ما وقف، سمعت صوت صاروخ، وانفجر أمامه مباشرة". سقط أنس أرضًا، والدماء تغمر جسده. بُترت ساقه اليسرى من أسفل الركبة، وأصيب بشظايا في أنحاء جسده. لم يفقد وعيه كليًا، لكنه شعر وكأن الزمن توقف. يضيف والده: "نظر إلى ساقه فلم يجدها، لكنه لم يبكِ. قال لي بصوت خافت وعينين لامعتين: (حسيت إن الله كاتبلي امتحان، ولازم أنجح فيه)". تم إسعافه إلى مستشفى الشفاء، حيث بدأت رحلة العلاج الطويلة. ومع الازدحام الشديد ونقص الإمكانيات، كان الألم مضاعفًا. أجرى الأطباء عملية بتر نظيفة، تلتها جلسات تنظيف الجرح والتأهيل، قبل أن يُسافر لاستكمال العلاج وتركيب طرف صناعي. ورغم الإصابة، لم ينكسر أنس. يواصل والده حديثه: "أنس معروف بشخصيته القوية، متفوق دراسيًا، وحافظ للقرآن الكريم. لما صحى في المستشفى بعد العملية، كان يتمتم بآيات من القرآن لتهدئة قلبه". قبل إصابته، كان أنس يعشق رياضة كمال الأجسام، ويمارسها بانتظام. يقول والده: "كان يرى نفسه في جسده وعضلاته التي بدأ يبنيها، لكن بعد الإصابة لم يعرف الاستسلام، وقرر أن يتخطى هذه المحنة بعزيمة أقوى". بدأ أنس مرحلة التأهيل الجسدي والنفسي استعدادًا لتركيب الطرف الصناعي. ومع كل جلسة علاج طبيعي، كان يعود أكثر إصرارًا. يقول أنس دائمًا: "أنا مش ناقص.. أنا كامل بعزيمتي. رجلي مش هي اللي كانت تخليني قوي.. قلبي هو اللي بيقودني". يوضح والده أن أنس يحلم بالعودة إلى مقاعد الدراسة، رغم التحديات التي قد تواجهه في التنقل والحركة، لكنه واثق من قدرة ابنه على الاندماج مجددًا في المجتمع والمشاركة في الأنشطة الرياضية والترفيهية. وفي رسالة أنس الأخيرة التي يرددها دائمًا لوالده: "أنا ما خسرتش رجلي.. أنا ربحت تجربة قربتني من ربي، وعلّمتني إن الإنسان أقوى بكتير مما بيظن". المصدر / فلسطين أون لاين

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store