
هل روبوتات الذكاء الاصطناعي أفضل منك؟ اكتشف ما لا تستطيع الروبوتات فعله
أصبحت الروبوتات عند كثيرين العدو الأول للبشر لدرجة أن بعضهم اعتبرها عدوا وجوديا "لا يهدد وظائفنا وحسب بل يهدد حياتنا"، ولأن الإنسان عدو ما يجهل تبقى فكرة روبوتات الذكاء الاصطناعي غامضة ومخيفة والجميع الآن يترقب بحذر إلى أي حد ستصل هذه الآلات التي صنعها الإنسان.
ومن جهة أخرى، يقول كاريم لاخاني أستاذ في كلية هارفارد للأعمال "إن الذكاء الاصطناعي لن يحل محل البشر لكن البشر الذين يستخدمون الذكاء الاصطناعي سيحلون محل أولئك الذين لا يستخدمونه"، ولأننا في عصر الذكاء الاصطناعي الآن فإن ما يحدث من تسريح عمال نتيجة التطور هو شيء متوقع، لأنه لو عدنا إلى الوراء قليلا سنلاحظ أن هذه ليست المرة الأولى التي تحل فيها الآلات محل البشر.
الآلات تحل محل البشر منذ عقود
الروبوتات ليست شيئا جديدا فهي تُستخدم منذ زمن بعيد في تصنيع السيارات والقطع الإلكترونية وغيرها إذ إنها مفيدة في الوظائف الفائقة الدقة التي تصعب على الإنسان، ومن الجدير بالذكر أن الآلات بدأت بتغيير شكل الوظائف منذ القرن العشرين، فعلى سبيل المثال عندما انتشرت الجرارات التي تعمل بالوقود في بدايات القرن الماضي استطاع المزارعون تحسين إنتاجهم واستخدام وقتهم بشكل أكثر كفاءة، وهذا أدى إلى انخفاض كبير في عدد العاملين بالزراعة من حوالي 40% من قوة العمل في عام 1900 إلى أقل من 2% بعد عام 2000.
وبشكل مشابه، انخفضت نسبة العاملين في قطاع التصنيع من أكثر من 25% في خمسينيات القرن الماضي إلى أقل من 10% اليوم، ويرجع السبب الأساسي في هذا الانخفاض إلى الأتمتة، فقد وجدت دراسة من جامعة بول ستيت أن 87% من الوظائف التي فقدها قطاع التصنيع بين عامي 2000 و2010 كانت بسبب الأتمتة، بينما 13% فقط كانت بسبب العولمة والتجارة.
وبالمقابل، أسهمت الأتمتة في زيادة الإنتاج، فمنذ عام 1990 زاد إنتاج المصانع في أميركا بنسبة 72% تقريبا، في حين انخفض عدد العمال بنسبة 30%، وفي الفترة نفسها زادت إنتاجية العامل الواحد بنسبة 140% مما جعل تكلفة التصنيع أقل والمنتجات الأميركية أكثر تنافسية.
ورغم هذا التقدم فإن نسبة قليلة فقط من المهام في المصانع مؤتمتة بالكامل حتى الآن، ففي عام 2015 كانت الروبوتات تنفذ 10% فقط من أعمال المصانع على مستوى العالم، لكن من المتوقع أن ترتفع هذه النسبة إلى 25% بحلول عام 2025 بسبب انخفاض تكلفة الروبوتات وسهولة برمجتها.
فئات الأعمال البشرية
كل أسبوع تقريبا نسمع عن تقارير أو كتب أو آراء تُحذّر من فقدان الوظائف بسبب التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، لكن من المهم أن نتذكر أن الروبوتات لا تستطيع القيام بشيء لم نعلّمها إياه، وهذا يعني أن التكنولوجيا لا تستطيع أن تحل محل الإنسان تماما.
ويبقى السؤال: هل فعلا "صعود الروبوتات" سيقضي على وظائف البشر في المستقبل؟ يمكننا إيجاد الإجابة عند الاقتصادي ديفيد أوتور من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا "إم آي تي" (MIT) في ورقته البحثية التي صدرت عام 2015 بعنوان "لماذا لا تزال هناك العديد من الوظائف؟"، حيث أشار إلى أن الإجابة تكمن في ما يُعرف بـ"مفارقة بولاني" التي تقول إننا نحن البشر نعرف أشياء لا نستطيع شرحها بالكلام، وهذه المعرفة الضمنية يصعب على التكنولوجيا تقليدها.
وقد لاحظ الفيلسوف مايكل بولاني في القرن العشرين أنه لا ينبغي الافتراض أن التكنولوجيا يُمكنها محاكاة وظيفة المعرفة البشرية نفسها، فحتى لو كانت الحواسيب تعرف كل شيء عن السيارة فهذا لا يعني بالضرورة أنها تستطيع قيادتها كما نفعل نحن، ويمكن تصنيف أعمال البشر إلى 10 فئات وهي بالترتيب:
الفئة الأولى: وهي الأكثر بساطة تتمثل في استخدام الجسم لتحريك الأشياء المادية مثل عامل في مستودع يحمل صناديق على الشاحنات.
الفئة الثانية: استخدام اليدين والعينين لصناعة منتجات مثل عامل في مصنع يصنع ساعات يدويا أو يُركّب قطعا إلكترونية صغيرة.
الفئة الثالثة: تشغيل الآلات بطريقة يدوية –العمل كروبوت بشري – مثل عامل يضع المنتجات داخل آلة التغليف بشكل يدوي لتغليفها آليا.
الفئة الرابعة: تشغيل الآلات وتوجيهها، مثل مُشغّل آلة في مصنع يستخدم لوحة تحكم لتحديد سرعة أو اتجاه تشغيل الماكينة.
الفئة الخامسة: أداء مهام إدارية مثل المحاسبة.
الفئة السادسة: تسهيل الاتصال وتبادل المعلومات مثل موظفي خدمة العملاء.
الفئة السابعة: البرمجة حيث يكتب الإنسان البرمجيات ويترجم المهام إلى أكواد برمجية.
الفئة الثامنة: تقديم اتصال بشري مباشر مثل الطبيب الذي يحتاج للتواصل مع المريض ومعاينته لتشخيص مرضه بدقة وتقديم المعالجة المناسبة.
الفئة التاسعة: الإدارة والإشراف مثل مدير تنفيذي في شركة حيث يكون مسؤولا عن الفئات السابقة.
الفئة العاشرة: التفكير النقدي وحل المشكلات حيث يفكر الإنسان بشكل نقدي في المشاكل المعقدة ثم يبتكر اختراعات أو حلولا جديدة لها.
وعلى مدار 6 آلاف سنة الماضية، بدأت الأعمال التي تعتمد على استخدام الجسم لنقل الأشياء (الفئة الأولى) تنتقل تدريجيا من البشر إلى الحيوانات ثم لاحقا إلى الآلات، وخلال 300 سنة الأخيرة أصبحت المهام التي تعتمد على استخدام اليدين والعينين لصنع الأشياء (الفئة الثانية) أيضا من اختصاص الآلات.
وبينما كانت الآلات تتطور، زاد الاعتماد على البشر في المهام من الفئة الثالثة إلى السادسة، وهي المهام التي تُكمّل عمل الآلات وتدعمه، ونتيجة لذلك أصبحت هذه الوظائف أكثر انتشارا وارتفعت الأجور بشكل كبير.
أشياء لا تستطيع الروبوتات فعلها مثل البشر
لا تزال الروبوتات رغم تطورها تفتقر إلى الكثير، ومن الأشياء المهمة التي يستحيل أن تكون عليها الروبوتات هي الإنسانية التي من دونها لم يكن هناك أي تقدير للبشر، فهي آلات مسيّرة بما تعلمته كما أنها تفتقد للمشاعر مما يجعلها مؤذية في كثير من المواقف، وسنذكر أهم الأشياء التي لا يمكن للروبوتات فعله ومن ثم فلن تحل محل الإنسان فيه.
الابتكار
الروبوتات بارعة في أداء المهام الروتينية، ولكن البشر وحدهم من يستطيعون التفكير خارج الصندوق، فمثلا في المستقبل قد تتمكن الروبوتات من تصميم مخطط منزل عادي أو مبنى سكني، ولكن ابتكار مفهوم جديد للحياة السكنية سيظل بحاجة إلى رؤية ومهارة مهندس معماري، وحتى الآن لم يُخترع بعد الحاسوب القادر على ابتكار حاسوب آخر، فالإبداع سيظل ميزة بشرية لا غنى عنها.
في المستشفى.. إيصال الأخبار السيئة بطريقة إنسانية
تخيل أنك أجريت تصويرا بالرنين المغناطيسي وتنتظر التشخيص، هل تفضل أن يخبرك روبوت بالنتيجة؟ بالتأكيد سيخبرك الخبر السيئ بصراحة من دون مراعاة مشاعرك، ولكن وجود طبيب بشري يعرف كيف يتحدث بوضوح وبأسلوب متعاطف يمكن أن يحدث فرقا كبيرا في تجربة المريض، فهل نرغب فعلا بأن يتجول الروبوت في المستشفى ليجري العمليات ويعطي المرضى تشخيصهم؟ في المواقف الصعبة لا شيء يمكن أن يعوض العنصر الإنساني.
رعاية الأطفال
أهم شيء يحتاجه طفلك هو الحنان، ومن المثير للاهتمام أن هذه المشاعر بالتحديد لا تولد مع الإنسان بل تأتي بعد أن يُرزق بالأولاد والتي تُعرف بمشاعر الأبوة أو الأمومة، والروبوتات عديمة المشاعر فمن الخطر جدا أن تكون مسؤولة عن تربية الأطفال أو توجيههم لأن ذلك سيخلق جيلا منطويا يفتقر إلى الإبداع والشخصية المستقلة.
إعلان
يقول نويل شاركي أستاذ الروبوتات والذكاء الاصطناعي في جامعة شيفيلد "إن الروبوتات أدوات فعالة لتعليم الأطفال العلوم والهندسة، لكنها لا تُغني عن القائمين على رعايتهم". وأضاف أن تربية الأطفال لا تعتمد فقط على تعليمهم، بل على فهم مشاعرهم والتعامل مع أحاسيسهم، وهو أمر لا تستطيع الروبوتات القيام به.
جعل الشخص يشعر بالاهتمام
أحيانا يكون العمل في خدمة العملاء أشبه بعمل طبيب نفسي، فعندما يتواصل معك العميل بسبب مشكلة فقد لا تكون المشكلة الحقيقية في المنتج أو الخدمة نفسها، بل في ظروف الحياة التي يمر بها. في بعض الأحيان كل ما يحتاجه العميل هو بعض الاهتمام والإنصات وعندما تمنحه ذلك، فأنت تبني علاقة وثيقة معه.
ولا يقتصر الأمر دائما على البيع، على سبيل المثال استغرقت أطول مكالمة في شركة "زابوس" (Zappos) مع أحد عملائها أكثر من 10 ساعات، إذ تدرك الشركة أن دور مركز الاتصال ليس فقط بيع الأحذية، بل أيضا بناء تواصل إنساني حقيقي مع العملاء.
الكوميديا
الكوميديا الحقيقية تنبع من المشاعر الإنسانية العميقة مثل الألم والإحراج والتجارب الصعبة في الحياة، وهي أمور لا يمكن تقليدها أو اختلاقها بسهولة، فالإنسان يكتسب حس الفكاهة من خلال ما يمر به من مواقف مؤلمة أو محرجة أو معقدة، ويحوّلها إلى قصص مضحكة تلامس مشاعر الآخرين، ولهذا السبب تظل العروض الكوميدية التي يقدمها البشر زاخرة بالروح والحياة.
وتُعد التعابير الوجهية عنصرا أساسيا في الكوميديا إذ يمتلك الإنسان 43 عضلة في وجهه لإعطاء تعابير الفرح والغضب والحزن وغيرها وهو ما يُعد تجسيده مستحيلا في روبوت آلي، كما أن هذه الآلات تفتقر إلى التجربة الإنسانية، ومن ثم لا يمكنها خلق أو فهم الكوميديا بنفس العمق أو الحس العفوي، فهي لا تشعر بالخجل ولا تعرف الإحباط ولا تمر بمواقف محرجة تجعل الجمهور يتعاطف معها أو يضحك بعفوية.
هل جربت أن تطلب من " شات جي بي تي" أن يخبرك بنكتة مضحكة؟ لو قمت بتجربة ذلك فسوف تتأكد أن الذكاء الاصطناعي أو الروبوتات فاشلة في الكوميديا.
بناء الثقة
بناء الثقة بين شخصين لا يمكن أن يكون بالطريقة نفسها مع الروبوتات، فالثقة تُبنى من خلال تعامل مستمر وجيد بين الطرفين. الإنسان يملك مبادئ وأخلاقا تؤثر على سلوكه أما الروبوت يتصرف فقط بحسب برمجته، وهناك تفاصيل دقيقة في العلاقات البشرية مثل النوايا والمشاعر والحدس لا يمكن للروبوت أن يفهمها أو يكررها، ولهذا من الصعب أن نثق به كما نثق بشخص آخر، وهناك مقولة تقول "لا يُمكنك الوثوق بشيء لا تستطيع النظر إليه في عينيه"، حيث إن العيون كثيرا ما تكشف حقيقة الشخص الآخر.
اتخاذ القرارات الحاسمة
صحيح أن الآلات قادرة على تحليل كميات هائلة من البيانات بسرعة ودقة تفوق البشر، لكن القرار النهائي حول ما يجب فعله بهذه البيانات يجب أن يتخذه الإنسان.
والسبب هو أن الإنسان لا ينظر فقط إلى الأرقام بل يأخذ في اعتباره تأثير القرار على الناس، مثل الروح المعنوية ومصلحة الفريق والمجتمع ككل، وغالبا ما تكون هذه القرارات معقدة، وحتى لو أظهرت البيانات أن خيارا معينا هو الأفضل، على الإنسان أن يفكر في العواقب الأخرى التي قد لا تظهر في الأرقام مثل تأثيره على الموظفين أو صورة الشركة.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 15 ساعات
- الجزيرة
تعرف على كلفة الحج في الدول العربية
يتمنى المسلمون أداء فريضة الحج التي كلف الله بها من استطاع إليه سبيلا لمشقتها ماليًا وربما من جوانب أخرى، وفي هذا العام يؤدي 1.6 مليون شخص الفريضة. وفي هذه الأثناء بدا مشهد إيماني مهيب مع توافد الحجيج إلى صعيد عرفات تغمرهم المشاعر الإيمانية لأداء الركن الأعظم لفريضة الحج. وذكرت وكالة الأنباء السعودية أنه خلال عملية انتقال جموع الحجيج من منى إلى عرفات "اتسمت الحركة المرورية بالانسيابية". وارتفعت أسعار رحلات الحج في بعض الدول العربية خلال العام الجاري مع زيادة أسعار تذاكر الطيران وتراجع العديد من العملات أمام الدولار، في حين أبقت دول عربية على كلفة الحج مع تحملها الزيادة في الكلفة. وتتباين تكاليف الحج في بعض الدول العربية، وفق ما أظهرته متابعة مراسلي الجزيرة نت والتي جاءت كالتالي فيما يلي: مصر متوسط كلفة الحج: 8893 دولارا. شهدت أسعار الحج في مصر ، سواء السياحي (الخاص) أو القرعة والجمعيات (حكومي، أهلي) قفزة كبيرة تراوحت بين 25% و60% على الرغم من تراجع التضخم من مستوى 33% العام الماضي إلى أقل من 17% حاليا. ولم تتوقف الزيادة عند هذا الحد، بل تبعتها أسعار تذاكر الطيران التي شهدت ارتفاعا غير مسبوق وصل إلى 100% هذا العام، وفقا لمواقع محلية. إعلان ورغم هذه الزيادات الحادة التي تُثقل كاهل الحجاج، إلا أن الموسم الحالي تميز بانضباط كبير في التنظيم، على عكس العام الماضي الذي شهد مخالفات جسيمة ووقوع آلاف الحجاج فريسة لـ"سماسرة الحج". ويقول محمد إسماعيل صاحب شركة سياحة بمحافظة الجيزة (ضمن نطاق القاهرة الكبرى) لمراسل الجزيرة نت محمد عبد الله: "زادت أسعار الحج بنسب كبيرة هذا العام سواء للحكومي أو الخاص، وبلغت أسعار تذاكر الطيران نحو 100 ألف جنيه (حوالي ألفي دولار) وهو أمر غير مبرر أو مقبول". وبشأن كلفة الحج من دون تذاكر الطيران كانت كالآتي: متوسط الحج السياحي 550 ألف جنيه (11 ألف دولار) متوسط الحج الاقتصادي 275 ألف جنيه (5537 دولارا) تراوح حج الجمعيات الأهلية بين 395 ألف جنيه (8 آلاف دولار) و240 ألف جنيه (4832 دولارا). إضافة تذكرة طيران تتراوح بين (1100 دولار وألفيْ دولار) لكافة برامج السياحة. وتبلغ حصة مصر الرسمية من تأشيرات الحج هذا العام 78 ألفا و500 تأشيرة، تتوزع بين وزارات السياحة والداخلية والتضامن، وتستحوذ وزارة السياحة على النصيب الأكبر بواقع 36 ألف تأشيرة. ويقول عضو مجلس إدارة الاتحاد المصري للغرف السياحية، علي غنيم إن "جهود الحكومة المصرية نجحت هذا العام في فرض انضباط كبير على تنظيم الحج السياحي، واستطاعت منع تلاعب بعض شركات السياحة أو موظفيها بالحجاج بأساليب غير شرعية وبيعهم أوهامًا زائفة". وأضاف لمراسل الجزيرة نت أن هذه الإجراءات أسهمت بشكل فعال في القضاء على ظاهرة سماسرة الحج السياحي غير الشرعيين، الذين تسببوا في فوضى عارمة وارتكبوا مخالفات صارخة في تنظيم الرحلات العام الماضي، مما أدى إلى وفيات وملاحقات لبعض الحجاج، وخسارة آخرين لأموالهم. وأوضح غنيم أن العام الحالي شهد إقرار عقوبات وغرامات غير مسبوقة، فرضتها وزارتا السياحة المصرية والحج السعودية على الشركات المنظمة التي ستخالف تطبيق برامج الحج لهذا العام. متوسط كلفة الحج: 5030 دولارا. عدد حجاج فلسطين لعام 2025: 6600 منهم 1350 من الغزيين المقيمين في مصر و5250 من الضفة الغربية بما فيها القدس المحتلة. رسوم الحج: تتراوح بين 3320 دينارا أردنيا (4680 دولارا) و3817 دينارا (5380 دولارا). ويعاني الفلسطينيون حصارا وحربا إسرائيلية مدمرة منعتهم من الخروج لأداء فريضة الحج وسط دعوات دولية لوقف إراقة الدماء ووقف إطلاق النار. وعلى صعيد مستويات الأسعار خلال أبريل/نيسان سجلت أسعار المستهلك ارتفاعًا حادًا في قطاع غزة بنسبة 75.59% مقارنة بشهر مارس/آذار2025، كما سجل المؤشر ارتفاعًا في القدس بنسبة 0.24%، بينما سجل الرقم القياسي انخفاضًا مقداره 0.13% في الضفة الغربية. وعلى أساس سنوي، ذكر تقرير للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني نهاية 2024 أن نقصا حادا في السلع التي تدخل إلى قطاع غزة نتيجة عدوان الاحتلال الإسرائيلي المستمر على القطاع، وما نتج عنه من تداعيات على الضفة الغربية، إضافة إلى تأثر فلسطين بالوضع الإقليمي، أدى، بشكل أساسي، إلى ارتفاع حاد في مستوى الأسعار في قطاع غزة بأكثر من 227%، ترافق ذلك مع ارتفاع أسعار المستهلك في الضفة الغربية بحوالي 3%. الأردن متوسط كلفة الحج: 4613 دولارا. حصة الأردن من عدد الحجيج: 8 آلاف حاج. عدد المسجّلين لأداء الفريضة: 29 ألفا. كلفة الحج: للطيران: بين 2999 إلى 3737 دينارا (4235 دولارا – 5278 دولارا). برًّا: بين 2795-3132 دينارا ( 3947 دولارا – 4423 دولارا). حسب أرقام رسمية، انخفضت كلفة الحج لهذا العام للحاج الأردني تقريبًا 100 دولار عن العام الفائت 2024. السعودية متوسط كلفة الحج: 2834 دولارًا. أعلنت وزارة الحج والعمرة السعودية عن 4 باقات رئيسية لحجاج الداخل: الباقة الأولى – مخيمات مطورة: 10 آلاف و366 ريالا سعوديا (2765 دولارًا). الباقة الثانية – مخيمات الضيافة: 8092 ريالا (حوالي 2160 دولارًا). الباقة الثالثة – الأبراج الستة: 13 ألفا و150 ريالا (حوالي 3508 دولارات). الباقة الرابعة – أبراج كدانة الوادي: 12 ألفا و537 ريالًا سعوديًا (3338 دولارًا). الكويت متوسط كلفة الحج: 32 ألفًا و200 دولار. في الكويت تتراوح تكلفة الحج بين 1650 دينارا (حوالي 5400 دولار) للفئة "ج" و18 ألف دينار (حوالي 59 ألف دولار) للغرفة المفردة في الفئة "أ" بارتفاع طفيف عن العام الماضي. إعلان متوسط كلفة الحج: 15 ألفًا و770 دولارًا. تتراوح أسعار باقات الحج لعام 2025 في قطر بين 30 ألف ريال (8228 دولارا) و85 ألف ريال (23 ألفًا و313 دولارا)، بناءً على مستوى الخدمات المقدمة بارتفاع ألفيْ ريال (548 دولارا) في الحد الأدنى للحج عن العام الماضي. سلطنة عُمان متوسط كلفة الحج: 4493 دولارًا. وفي سلطنة عمان يبلغ متوسط تكلفة الحج بالسفر جوًا حوالي 2137 ريالا (5557 دولارا)، وتشمل الخدمة تذاكر الطيران والإقامة في فنادق قريبة من الحرمين الشريفين، والمواصلات الداخلية، والإعاشة. أما كلفة الحج بالسفر برًا فتبلغ 1319 ريالا (3430 دولارا)، وتشمل الخدمة النقل البري والإقامة والمواصلات الداخلية والإعاشة. متوسط كلفة الحج: 5635 دولارًا. تتراوح كلفة الحج في الإمارات بين 16 ألفا و900 درهم (4601 دولار) وتصل إلى 24 ألفا و500 درهم (6670 دولارا)، وذلك حسب نوع الغرفة والخدمات المقدمة. وتغطي هذه الكلفة عادة تذاكر الطيران والإقامة في فنادق قريبة من الحرمين الشريفين والمواصلات الداخلية في السعودية والإعاشة والخدمات اللوجستية الأخرى. متوسط كلفة الحج: 5835 دولارًا. تتفاوت تكاليف الحج في البحرين لعام 2025 بشكل ملحوظ، حيث قدمت الحملات باقات متنوعة تبدأ الأسعار من حوالي 1400 دينار بحريني (3713 دولارا) للباقات الاقتصادية، وتصل إلى 9 آلاف دينار (23873) للباقات الفاخرة التي تشمل خدمات متميزة مثل الإقامة في فنادق 5 نجوم ومخيمات خاصة. الباقات الاقتصادية: تبدأ من 1400 دينار (3713 دولارا)، وتشمل الإقامة في غرف رباعية أو ثلاثية، مع خدمات أساسية. الباقات المتوسطة: تتراوح بين 1900 (5039 دولارا) و3 آلاف دينار (7957 دولارا)، وتشمل غرفا ثنائية أو ثلاثية، مع خدمات محسّنة. الباقات الفاخرة "في آي بي" (VIP): تبدأ من 6 آلاف دينار (15ألفًا و915 دولارا) وتصل إلى 9 آلاف دينار (23 ألفًا و873 دولارا)، وتشمل غرفا فردية أو ثنائية في فنادق 5 نجوم، ومخيمات خاصة، وخدمات متميزة. إعلان تونس متوسط كلفة الحج: 7 آلاف دولار. حددت وزارة الشؤون الدينية التونسية كلفة الحج بـ20 ألفا و700 دينار تونسي (7 آلاف دولار). الحصة المخصصة لتونس من تأشيرات الحجاج: 11 ألف حاج، وفق مراسل الجزيرة نت خميس بن بريك. بلغت نسبة التضخم في أبريل/نيسان الماضي 5.6% بتراجع طفيف مقابل شهر مارس/آذار الذي سجّل 5.9%، وبلغت النسبة نحو 7% في سنة 2024، لكن حسب خبراء الاقتصاد لا يعكس هذا التراجع الطفيف معاناة التونسيين مع غلاء الأسعار التي تبقى مرتفعة بشكل كبير على أرض الواقع. متوسط كلفة الحج: 6385 دولارا. أبقت الجزائر هذا العام على كلفة الحج مثل العام الماضي أي عند 840 ألف دينار (6385 دولارا و20 سنتًا)، وتشمل تذكرة السفر والنقل والإقامة، على أن تتحمل الدول زيادات مقررة في تكاليف الحج. عدد الحجاج الجزائريين 2025: 41 ألفا و300 حاج وحاجة. وعقب انتهاء قرعة الحج الرسمية، تم إجراء أخرى استثنائية، بعدما أعلن الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، عن تخصيص ألفيْ تأشيرة حج للبالغين من العمر 70 عاما فما فوق، والذين سجّلوا في قرعة الحج 10 مرات أو أكثر لتمكين كبار السن من أداء فريضة الحج، خاصة أولئك الذين لم يحالفهم الحظ في القرعات السابقة. وتراجعت معدلات التضخم بصورة واضحة خلال عام 2024 إلى 4% من 9.3% في 2023، وفق آخر تقرير صادر عن البنك الدولي. وتوقع البنك أن ينخفض معدل التضخم إلى 3.7% خلال عام 2025. ولم تصدر أرقام التضخم لعام 2025 بعد. العراق متوسط كلفة الحج: 3850 دولارا. تتراوح كلفة أداء فريضة الحج للمواطن العراقي بين 3450 دولارا و 3500 دولار للسفر برًا. تتراوح تكلفة السفر جوًا بين 4200 دولار و5 آلاف دولار. يُعزى هذا التفاوت في التكاليف إلى نوع وسيلة النقل (جوي أو بري) وسرعة حجز رحلات العودة. وقال المستشار الحكومي علاء الفهد، لمراسل الجزيرة نت فارس الخيام إن حصة العراق الإجمالية من الحجاج لعام 2025 بلغت 39 ألفًا و690 حاجا من بينهم المرشدون والمتعهدون والإداريون والأطباء. وأفاد الفهد بأن أكثر من 60% من إجمالي الحجاج العراقيين فضلوا الانتقال لأداء المناسك جوا. وتابع "تكفلت هيئة الحج العراقية بتوزيع مبالغ الهدي من مواردها الخاصة على جميع الحجاج العراقيين، مؤكدا أن مستوى الإقامة والطعام موحد لجميع الحجاج، إضافة إلى تقديم الخدمات الطبية والأدوية مجانا لكافة الحجاج". ليبيا تتراوح كلفة الحج لليبيين بين 7 آلاف و8 آلاف دولار، وتتكفل حكومة الوحدة الوطنية بمصاريف الحجاج للعام الرابع على التوالي، وفق قول المدير التنفيذي لهيئة شؤون الحج والعمرة. وبلغ عدد الحجاج الليبيين لهذا العام 7887 حاجا، حسبما نقلت مراسلة الجزيرة نت رشا الدرسي عن مدير المكتب الإعلامي لهيئة شؤون الحج والعمرة، حاتم الألفي. في أبريل/نيسان الماضي خفض مصرف ليبيا المركزي سعر صرف الدينار مقابل الدولار إلى 5.56 من 4.83 دينارات مقابل الدولار. سوريا متوسط كلفة الحج: 4900 دولار. تبلغ كلفة الحج في سوريا 4900 دولار وتشمل كافة الخدمات حسبما قالت مصادر متعددة لمراسلة الجزيرة نت شام السبسي. ويبلغ عدد الحجيج من سوريا هذا العام 22 ألفا و500 حاج، وفق قول مصدر رسمي لمراسلة الجزيرة نت. وبلغ معدل التضخم العام المحسوب في سوريا للفترة من فبراير/شباط 2024 حتى يناير/كانون الثاني 2025 ما معدله 46.7%، وهو أدنى من المعدل 119.7% المحسوب خلال الفترة نفسها للعام السابق. المغرب متوسط كلفة الحج: 9150 دولارا. تبلغ كلفة الحج ضمن التنظيم الرسمي الذي تشرف عليه وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية 63 ألفا و770 درهما (6900 دولار)، أما الشركات (الوكالات) فتنظم رحلات بمقابل يتراوح بين 70 ألفا و 140 ألف درهم (ما بين 7600 و15 ألفا و200 دولار)، وفق مراسلة الجزيرة نت سناء القويطي. وبلغ عدد الحجاج المغاربة لهذا الموسم 34 ألف حاج، منهم 22 ألفًا و500 حاج بتنظيم وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، و11 ألفا و500 بتنظيم وكالات السفر السياحية. ويرافق حجاجَ التنظيم الرسمي بعثة من 462 مرافقا، بمعدل مرافق لكل 49 حاجا في مختلف المراحل، فيما تضم البعثة الإدارية 165 عضوا، يشرفون على التنظيم والتنسيق مع الجهات السعودية، أما أعضاء البعثة الصحية فعددهم 82 عضوا والبعثة العلمية 24 من علماء وعالمات، والبعثة الإعلامية 12 عضوا. لبنان متوسط كلفة الحج: 5500 دولار. يبلغ الحد الأدنى لكلفة الحج في لبنان 5 آلاف دولار، فيما يبلغ الحد الأعلى 10 آلاف دولار، وفق قول مراسلة الجزيرة نجية الدهيشي. عدد الحجيج من لبنان: 6 آلاف شخص. السودان متوسط كلفة الحج: 5473 دولارًا. بلغ عدد حجاج هذا العام من السودان 11 ألفا و500 وهو الأعلى منذ كورونا، حسبما أفاد المجلس الأعلى للحج والعُمرة بالسودان. أما كلفة الحج فتختلف حسب الولاية القادم منها الحاج، ويمتد السودان على مسافات شاسعة، لكن بصورة عامة بلغت كلفة الحج للمسافرين عبر البواخر بالبحر 11 مليون و300 ألف جنيه سوداني (5242 دولارا)، بينما بلغت كلفته للمسافرين جوا 12 مليونا و300 جنيه سوداني (5705 دولارات)، وفق سعر البنك لأقل ولاية.


الجزيرة
منذ 19 ساعات
- الجزيرة
إلغاء تأشيرات الطلاب واتساع رقعة الحرب التجارية الأميركية الصينية
علاقة الصراع بين أميركا والصين بدأت مبكرًا، وإن كانت وصلت إلى الحرب الاقتصادية العلنية مع مجيء الرئيس الأميركي دونالد ترامب في ولايته الأولى 2017-2020، ويمكن رصد مسيرة الصراع منذ مطلع الألفية الثالثة حتى الآن في 5 محاور رئيسة. فقد شملت دائرة الصراع الاقتصادي الأميركي الصيني المحاور الآتية: اتهام الصين بإصرارها على إبقاء قيمة عملتها منخفضة من أجل زيادة الصادرات. اتهام الصندوق السيادي الصيني بممارسة دور سياسي. اتهام شركات التكنولوجيا الصينية بالقيام بأعمال تجسس. قيام أميركا باستخدام آلية الرسوم الجمركية بشكل مبالغ فيه ضد الواردات من الصين. الإعلان عن العزم على البدء بإلغاء تأشيرات الطلاب الصينيين، وبخاصة أولئك الذين يرتبطون بعلاقة بالحزب الشيوعي، أو يدرسون في تخصصات حساسة. وهنا يأتي التوظيف السياسي للقرار المزمع اتخاذه من قبل أميركا تجاه الطلاب الصينيين، إذ سيصنف الطلاب حسب انتمائهم السياسي داخل بلدهم، وكذلك نوعية الدراسات التي يلتحقون بها. ووصفت الخارجية الصينية إعلان وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو بأنه غير منطقي، وأنه يضر بمصالح الطلاب الصينيين. ويذكر أن الطلاب الصينيين يعدّون من أحد أهم مصادر التمويل للجامعات الأميركية، لكونهم يدفعون رسوما دراسية كاملة. وتذهب بعض التقديرات إلى أن عدد الطلاب الصينيين بأميركا يصل إلى 277 ألف طالب بمراحل التعليم الجامعي والدراسات العليا، وترصد بعض التقارير أن العدد في تناقص منذ عام 2021، إذ كانت الأعداد تزيد على 300 ألف طالب. وذكرت وكالة بلومبيرغ أن نواب من الحزب الديمقراطي قد نبهوا في تقرير لهم إلى خطورة اطلاع طلاب صينيين على أبحاث موّلت من قبل وزارة الدفاع، وهو ما يعني نقل أسرار هذه الدراسات لدولة معادية. وهنا الملاحظة المهمة، والتي يمكن من خلالها قراءة خلفيات ما أعلنه وزير الخارجية الأميركي، أن الأمور تأتي من خلال مخاوف أمنية تتعلق بنقل للتكنولوجيا، وبخاصة في ظل الحرب الاقتصادية المعلنة بين أميركا والصين. الجدير بالذكر أن بعثات الصين التعليمية إلى أميركا بدأت في سبعينيات القرن العشرين بمبادرة من الرئيس الأميركي جيمي كارتر ، إذ بدأت بابتعاث نحو 10 آلاف طالب صيني، إلا أنها في السنوات الأخيرة في أقل تقديراتها، وكانت في بعض السنوات قد تجاوزت 900 ألف طالب. المصالح لا المبادئ على الرغم من تبنّي مشروع العولمة الأميركي منظومة من المبادئ، من حرية التجارة والاستثمار الأجنبي، والمنافسة الاقتصادية والتجارية، وتوزيع المنافع بين الشركاء في الاقتصاد العالمي، فإن الواقع يعكس صورة أخرى عمادها أن المصالح مقدمة على المبادئ، والأخطر أن العلاقة بين القوى الاقتصادية تأتي في إطار الصراع وليس المنافسة، وعكست صحة هذا الادعاء ممارسات ترامب في مواقف عدة تتعلق بالرسوم الجمركية وحجب التكنولوجيا. ولذلك كثُر المتضررون من ممارسة أميركا الاقتصادية، سواء من خلال تصديرها لمشكلاتها الاقتصادية الداخلية، عبر سياساتها المالية والنقدية، أو الخروج على منظومة المنظمات الدولية المعتمدة على مبدأ "تعدد الأطراف". ف العجز التجاري المزمن في أميركا، وإشكالية دينها العام المتزايد، يضغطان على الوضع المالي هناك، مما دعا لإعادة التصنيف الائتماني لأميركا من قبل وكلات التصنيف الدولية، حيث تراجع تصنيف أميركا على مؤشر وكالة موديز في مايو/أيار 2025 من "إيه إيه إيه" إلى "إيه إيه1". تجاهل التاريخ محاور الصراع والحرب الاقتصادية بين أميركا والصين تم تناولها ومناقشتها من قبل بشكل واسع عبر وسائل الإعلام أو الحلقات العلمية، إلا أن الخطوة الأخيرة التي تخص إلغاء تأشيرات الطلاب الصينيين هي الأكثر حداثة في مسيرة الصراع. وإن كانت أميركا تقوم اليوم باتخاذ مثل هذه الخطوة ضد طلاب الصين فمن الوارد أن تتخذها ضد دول أخرى كلما شعرت بأن هؤلاء الطلاب يسعون لنقل التكنولوجيا لبلدانهم، أو أن هذه الدول تمثل نوعًا من المنافسة غير المرغوبة للاقتصاد الأميركي. ولكن على أميركا أن تعي أن سجلات التاريخ محفوظة، وأنها إبان بناء نهضتها اتجهت لإرسال طلابها إلى دول أخرى في بعثات تعليمية أسهمت في تقدمها تكنولوجيًّا، فالكاتب البريطاني جون تشانج يذكر في كتابه "ركل السلم بعيدًا.. إستراتيجيات التنمية والتطور قديمًا وحديثًا" أنه مما يدلل على تقدم نوعية التعليم في ألمانيا أنه "قدم إليها 9 آلاف أميركي للدراسة بين عامي 1820-1920". وإن كانت الفترة تمتد إلى 100 عام، إلا أن المبدأ نفسه استفادت منه أميركا، ولنا أن نتخيل هذا العدد في ذلك الزمن، فهو عدد معتبر بمعايير عدد السكان آنذاك، كما أن الأيام دول وأميركا لم تكن بلا هدف من وراء بعثاتها التعليمية لألمانيا، فقد رأينا كيف لعبت أميركا أدوارا متعددة في الحربين الأولى والثانية، مكنتها في ما بعد من قيادة العالم، وكان للعلم والبحث العلمي دور كبير في هذا الأمر. ويقدر عدد الطلاب الوافدين إلى أميركا في عام 2024 بنحو 1.1 مليون طالب، يمثل الطلاب الهنود والصينيين منهم نصيب الأسد بنحو 50%، وإن كانت الهند تتقدم الصين من حيث عدد الطلاب الوافدين لأميركا. التأثير الاقتصادي حسب بيانات البنك الدولي، تبلغ صادرات الخدمات الأميركية في 2023 نحو تريليون دولار. تستحوذ الصين منها على قرابة 50 مليار دولار، حسب أرقام العام نفسه، بينما الأرقام الخاصة بصادرات الخدمات التعليمية الأميركية للصين بلغت 14.3 مليار دولار. وإن كان الرقم كبيرا إلى حد ما، عندما ننظر إليه في ضوء إنفاق الدول الأخرى على الخدمات التعليمية بأميركا، إلا أنه لا يمثل شيئا يذكر عند مقارنته بالناتج المحلي الإجمالي الأميركي البالغ 27.7 تريليون دولار في عام 2023. ثقل إنتاج التكنولوجيا التأثير الاقتصادي قد يُنظر إليه في الأجل القصير أو في الجانب المباشر بحجم إنفاق هؤلاء الطلاب وما يحدثونه من زيادة في الطلب على السلع والخدمات، ولكن التأثير غير المباشر هو ما استرعى انتباه إدارة ترامب، ومن قبلها مسؤولين أميركيين، إذ يتمثل هذا الأثر غير المباشر في تغيير ثقل إنتاج التكنولوجيا، فقد لاحظ النواب الأميركيون أن طلاب الصين يمثلون الكتلة الأكبر من الطلاب الأجانب بالجامعات الأميركية في مجالات العلوم والتكنولوجيا. ولكنّ ثمة أمرا مهمًّا يتعلق بإسهام الأجانب في تطوير البحث العلمي بأميركا، حيث تعتبر إسهامات الأجانب ملموسة ولا يمكن تجاهلها، وقد تؤدي الخطوة الأميركية إلى تأثير سلبي على مسار البحث العلمي في ضوء منع تأشيرات الدخول للبلاد للطلاب الصينيين. ويتوقع أن يتزايد الصراع بشكل عام، وفي مجال البحث العلمي بشكل خاص، وكلا الطرفين بلا شك سوف يبحث عن بديل، فقد تذهب الصين بطلابها للأبواب الخلفية للتكنولوجيا الأميركية في الهند أو كوريا الجنوبية. بينما قد تفتح أميركا الباب لجنسيات أخرى من أميركا اللاتينية أو تزيد حصة الطلاب من شرق آسيا لتعويض الحضور الصيني في التعليم الجامعي والدراسات العليا. ونحسب أن حسابات كلا الطرفان إستراتيجية ولا تخضع للتكتيك، فالصراع في طريقه للتزايد، وحتى لو هدأت ملفات أخرى تتعلق بالرسوم الجمركية، إلا أن ملف نقل التكنولوجيا من أميركا للصين ستكون له حسابات أكثر تشددًا، وهو أمر يمثل اتفاقا بين الحزبين الأميركيين، الديمقراطي والجمهوري، فإبان ولاية بايدن زادت القيود التكنولوجية على الصين.


الجزيرة
منذ يوم واحد
- الجزيرة
من العزلة إلى الانفتاح المشروط: تفكيك العقوبات الأميركية على سوريا
يمثّل إعلان الرئيس دونالد ترامب في مايو/ أيار 2025 بشأن رفع العقوبات الأميركية عن سوريا أحد أبرز التحولات الإستراتيجية في السياسة الأميركية تجاه الشرق الأوسط خلال العقود الأخيرة. وتعكس هذه الخطوة، المتمثلة في حزمة شاملة لتخفيف العقوبات، من خلال الترخيص العام رقم 25 الصادر عن وزارة الخزانة الأميركية، والإعفاء الصادر عن وزارة الخارجية بموجب قانون قيصر لمدة 180 يومًا، تحولًا عميقًا من سياسة العزلة الاقتصادية طويلة الأمد إلى نهج مدروس لإعادة الدمج. ورغم ما تحمله هذه السياسات الجديدة من فرص اقتصادية غير مسبوقة لسوريا، فإنها تطرح في الوقت ذاته تحديات قانونية وسياسية وتنفيذية معقّدة، من المرجح أن تؤثر على طبيعة العلاقات الأميركية السورية والاستقرار الإقليمي لسنوات قادمة. التطور التاريخي لهيكل العقوبات الأميركية (1979–2025) يُعد تطور نظام العقوبات الأميركية على سوريا نموذجًا للتصعيد المتدرّج في توظيف الإكراه الاقتصادي، ابتداءً من إجراءات محدودة خلال الحرب الباردة، وصولًا إلى واحدة من أشدّ آليات العزل الاقتصادي صرامةً في التاريخ المعاصر للعلاقات الدولية. أولاً: مرحلة التأسيس (1979- 2003) بدأ فرض العقوبات الأميركية على سوريا في ديسمبر/ كانون الأول 1979، عندما صنّفت الولايات المتحدة سوريا كدولة راعية للإرهاب، وهو تصنيف استمر دون انقطاع لأكثر من أربعة عقود. وقد جاء هذا التصنيف في سياق التصاعد في التوترات الإقليمية عقب تثبيت حافظ الأسد سلطته عبر انقلاب داخلي عام 1970. وكان الدعم السوري للفصائل الفلسطينية وموقفها المناهض للمصالح الغربية، إضافة إلى اصطفافها إلى جانب الاتحاد السوفياتي، الدوافع الرئيسية لهذا التصنيف. كانت العقوبات في هذه المرحلة محدودة نسبيًا، وتمثلت في تقييد المساعدات الأميركية، وفرض حظر على الصادرات الدفاعية والعسكرية، وضوابط على صادرات المواد مزدوجة الاستخدام. وشكّلت هذه الإجراءات الأساس الأوّلي الذي أتاح إمكانية التوسع لاحقًا. وتجدر الإشارة إلى أن سوريا ظلت الدولة الوحيدة المستمرة على هذه القائمة من تأسيسها عام 1979 وحتى رفع العقوبات عنها عام 2025. ثانياً: مرحلة التوسع التشريعي (2003- 2011) أسفر المناخ الدولي الذي أعقب هجمات 11 سبتمبر/ أيلول 2001، وما تلاه من سياسات توسعية في عهد إدارة الرئيس جورج بوش الابن في الشرق الأوسط، عن تشديد كبير لنظام العقوبات على سوريا. فقد وقّع الرئيس بوش في مايو/ أيار 2004 الأمر التنفيذي رقم 13338، تنفيذًا لـ «قانون محاسبة سوريا واستعادة السيادة اللبنانية» الصادر في العام 2003. ومثّل هذا الإجراء تحولًا بارزًا في إستراتيجية العقوبات الأميركية، من مجرد أدوات أمنية إلى وسيلة ضغط اقتصادي واسعة النطاق. شملت العقوبات حينها فرض حظر شبه كامل على الصادرات الأميركية إلى سوريا (باستثناء الغذاء والدواء)، وقيودًا صارمة على القطاع المصرفي السوري، مع تصنيف المصرف التجاري السوري كمؤسسة مثيرة للقلق في مجال مكافحة غسل الأموال، مما أدى إلى قطع صلاته مع المصارف الأميركية. وقد ساهمت هذه العقوبات في ترسيخ مفهوم العزلة المالية كأداة رئيسية في السياسة الأميركية تجاه سوريا. استندت هذه العقوبات إلى اتهامات بدعم الإرهاب، والتدخل في الشؤون اللبنانية، وتطوير أسلحة غير تقليدية. ورغم محدودية العلاقات الاقتصادية الثنائية آنذاك، والتي لم تتجاوز قيمتها 300 مليون دولار سنويًا عام 2004، فإن هذه الإجراءات تجاوزت التأثير الاقتصادي المباشر إلى التأثير السياسي والرمزي. ثالثاً: مرحلة الحظر الشامل (2011- 2020) مع اندلاع الثورة الشعبية في سوريا في مارس/ آذار عام 2011، تبنّت إدارة الرئيس باراك أوباما سياسة تصعيد تدريجية ضد نظام الأسد، بدأت بإصدار الأمر التنفيذي رقم 13572 في أبريل/ نيسان من العام نفسه، والذي وسّع حالة الطوارئ المفروضة سابقًا، مستهدفًا مسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان. وسرعان ما تبعه الأمران التنفيذيان 13573 و13582، حيث شكل الأخير (الصادر في أغسطس/ آب 2011) حجر الزاوية لفرض حظر اقتصادي شامل. تضمن هذا القرار تجميد جميع أصول الحكومة السورية، وحظر التعامل الاقتصادي مع الكيانات الحكومية السورية، ووقف الاستثمارات الأميركية في سوريا، إضافة إلى حظر استيراد النفط السوري. بذلك، تم قطع جميع العلاقات الاقتصادية الرسمية بين البلدين تقريبًا. وفي عام 2012، تبعتها أوامر تنفيذية إضافية استهدفت أفرادًا وكيانات محددة، متورطة في انتهاكات حقوق الإنسان. رابعاً: قانون قيصر (2020- 2025) في عام 2020، دخل «قانون قيصر لحماية المدنيين السوريين» حيز التنفيذ، والذي وقّعه الرئيس ترامب أواخر عام 2019. أحدث هذا القانون نقلة نوعية في بنية العقوبات، حيث امتدت لتشمل كيانات وأفرادًا أجانب، ممن يدعمون النظام السوري عسكريًا أو يشاركون في جهود إعادة الإعمار. أدى قانون قيصر إلى خلق حالة من الخوف لدى الشركات والمؤسسات الدولية، التي باتت تتجنب الانخراط في أي نشاط تجاري مع سوريا؛ خشية التعرض للعقوبات الأميركية، مما أدى إلى تعميق عزلة سوريا الاقتصادية دوليًا. خامساً: رفع العقوبات جاءت مبادرة تخفيف العقوبات إثر إعلان مفاجئ للرئيس ترامب في 13 مايو/ أيار 2025، خلال قمة مجلس التعاون الخليجي في الرياض، حيث أشار ترامب إلى نيته «وقف العقوبات المفروضة على سوريا لمنحها فرصة للتقدم»، واصفًا تلك العقوبات بأنها «مُعيقة للغاية وشديدة القوة». وتبنّت إدارة ترامب نهجًا مرنًا لا يقوم على إلغاء كامل للعقوبات، بل يُتيح تخفيفًا فوريًا مع الحفاظ على إمكانية إعادة تطبيقها إذا ساءت الأوضاع. وقد أكد وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت على أن «الوزارة تعمل وفق تفويضات جديدة تهدف لتشجيع الاستثمار في سوريا»، مشددًا على أن «سوريا مطالبة بالمضي قدمًا نحو التحول إلى دولة مستقرة وآمنة». في 23 مايو/ أيار 2025، أصدر مكتب مراقبة الأصول الأجنبية (OFAC) التابع لوزارة الخزانة الأميركية، الترخيص العام رقم (25) GL 25، والذي يمثل أكبر خطوة نحو تخفيف العقوبات على سوريا منذ أكثر من عقد من الزمن. يُعلّق هذا الترخيص غالبية العقوبات السابقة التي نصّت عليها لوائح العقوبات السورية، ما يسمح بإجراء نطاق واسع من التعاملات المالية التي كانت محظورة. يشمل الترخيص ثلاثة مجالات رئيسية: السماح بتصدير الخدمات المالية إلى سوريا، وفتح المجال أمام فرص استثمارية جديدة، والسماح بالمعاملات المتعلقة بالنفط السوري ومشتقاته. كما يشمل الترخيص الحكومة السورية بقيادة أحمد الشرع، بالإضافة إلى 28 كيانًا رئيسيًا مدرجًا في ملحق الترخيص، من بينها مؤسسات مصرفية كبرى مثل البنك المركزي السوري، والمصرف التجاري والصناعي والعقاري والزراعي، ومصرف الادخار. وتعتبر هذه المؤسسات ضرورية لإعادة بناء الثقة المالية، وإدارة الرواتب الحكومية، وتشغيل المرافق العامة. وفي سياق إعادة دمج النظام المالي، شكّل الترخيص العام رقم 25 اختراقًا كبيرًا للعزلة المالية الطويلة لسوريا، حيث رفع القيود عن مؤسسات مالية حيوية، خاصة مصرف سوريا المركزي، الذي حُرم سابقًا من الوصول إلى النظام المالي الدولي والعملات الأجنبية. وفي إجراء مكمل، أصدرت شبكة إنفاذ الجرائم المالية (FinCEN) إعفاءً خاصًا، بموجب قانون باتريوت، يسمح للبنوك الأميركية بفتح حسابات مراسلة مع المصرف التجاري السوري بعد إغلاق استمر منذ أبريل/ نيسان 2006. هذه الخطوة تسهّل إعادة الاتصال بين القطاع المصرفي السوري والدولي وتحدّ من التعقيدات القانونية المتعلقة بالامتثال. يختلف قانون قيصر في طبيعته القانونية عن العقوبات التنفيذية التي تصدر بقرارات رئاسية، والتي يمكن تعديلها أو تعليقها بسهولة أكبر؛ إذ يُعتبر قانون قيصر تشريعًا صادرًا عن الكونغرس، ما يتطلب تدخّلًا تشريعيًا صريحًا لإلغائه بصورة نهائية. وقد أقر وزير الخارجية ماركو روبيو بهذا الواقع القانوني، موضحًا أن الإعفاءات الحالية محدودة بفترة زمنية مدتها 180 يومًا، داعيًا في هذا السياق إلى ضرورة تحرّك تشريعي يضمن الإنهاء الدائم لهذه العقوبات. وقد أصدرت وزارة الخارجية الأميركية إعفاءً مؤقتًا لمدة 180 يومًا، يوفر غطاءً قانونيًا للمشاركين من غير المواطنين الأميركيين في الأنشطة الاقتصادية التي يسمح بها الترخيص العام رقم 25. وأوضح الوزير روبيو أن الهدف من هذه الخطوة هو تشجيع الاستثمار والتدفقات المالية التي تدعم الخدمات الأساسية وجهود إعادة الإعمار في سوريا، مؤكدًا التزام الولايات المتحدة الراسخ بمساندة الشعب السوري في بناء مستقبل أكثر استقرارًا وازدهارًا. ويوفر هذا الإعفاء المؤقت مساحة قانونية مهمة للانخراط الاقتصادي، مع الإقرار بالتعقيدات السياسية والقانونية التي تواجه الحصول على إعفاء تشريعي دائم. ورغم اتساع النطاق الذي يغطيه الترخيص العام رقم 25، فإنه استثنى بشكل واضح المعاملات المتعلقة بكل من روسيا، وإيران، وكوريا الشمالية، بهدف منع هذه الدول من الاستفادة بشكل مباشر أو غير مباشر من إعادة فتح الاقتصاد السوري. كذلك أبقى الترخيص على القيود المفروضة على مئات الأفراد والكيانات المُدرجة ضمن قائمة الأشخاص المحظورين (SDN)، والتي يرتبط معظمها بشكل مباشر أو غير مباشر بنظام الأسد. وأكد الترخيص أن تجميد الأصول أو الممتلكات المجمدة بتاريخ 22 مايو/ أيار 2025 سيستمر، ما لم تصدر لاحقًا تراخيص خاصة تسمح بفك التجميد عنها. رغم تخفيف القيود المالية واسع النطاق بموجب الترخيص العام رقم 25، فإن القيود على صادرات السلع والتكنولوجيا ذات الاستخدام المزدوج، والتي يشرف عليها مكتب الصناعة والأمن (BIS) التابع لوزارة التجارة الأميركية، ما تزال قائمة دون تعديل. يُنشئ هذا الواقع التنظيمي بيئة قانونية متداخلة ومعقدة، إذ يُسمح بالتعاملات المالية بشكل عام، في حين تبقى القيود التقنية المتعلقة بالسلع والتكنولوجيا سارية. ونتيجة لذلك، تواجه الشركات الراغبة في دخول السوق السورية تحديات إضافية في الموازنة بين تيسير العقوبات المالية من جهة، والقيود المستمرة على الصادرات التقنية من جهة أخرى. الأبعاد السياسية والإستراتيجية تشكّل هذه السياسة الجديدة بتخفيف العقوبات تحولًا مهمًا في إستراتيجية الولايات المتحدة تجاه الشرق الأوسط، وتمثل انتقالًا واضحًا من نهج العزلة العقابية إلى إستراتيجية إعادة الدمج المدروسة، وذلك عبر توظيف الأدوات الاقتصادية لتحقيق أهداف أمنية إستراتيجية، دون التخلّي تمامًا عن أوراق الضغط المتاحة. وتساهم هذه السياسة في خلق مناخ استثماري ملائم قد يؤدي إلى تعزيز الاستقرار المحلي، وتوفير حوافز اقتصادية تدعم الاستقرار المجتمعي وتقلّص من دوافع العنف. ومن الناحية الجيوسياسية، تهدف هذه الإستراتيجية أيضًا إلى منح الشركات الأميركية فرصة مبكرة للمشاركة في إعادة الإعمار في قطاعات مهمة، مثل النفط، والبناء، والاتصالات، والخدمات العامة، ما قد يُساعد في موازنة النفوذ المتزايد لروسيا، وإيران، والصين في مرحلة تعافي سوريا. إطار المشاركة المشروطة تمّ تطبيق تخفيف العقوبات وفق إطار واضح ومحدد بشروط، حيث يشترط على الحكومة السورية الجديدة الالتزام بحماية حقوق الأقليات الدينية والإثنية، وعدم توفير ملاذات للمنظمات الإرهابية. وأكدت وزارة الخزانة الأميركية أن هذه التسهيلات ستظل مشروطة، وأن الإدارة ستراقب من كثب التطورات على الأرض مع احتفاظها بالحق الكامل في إعادة فرض العقوبات إذا لم يتم الالتزام بالشروط المحددة. كما تواجه المؤسسات المالية الدولية تحديات خاصة في إعادة بناء العلاقات مع القطاع المصرفي السوري، تتطلب إصلاحات داخلية كبيرة لتعزيز الشفافية، وضمان الالتزام بالمعايير المالية الدولية. ومن المتوقع أن تكون عملية إعادة دمج الاقتصاد السوري في النظام المالي الدولي تدريجية، وتعتمد على إعادة بناء الثقة، وإرساء آليات فعالة للرقابة، وإدارة المخاطر. التداعيات والفرص الاقتصادية يوفّر الترخيص العام رقم 25 فرصًا غير مسبوقة لمشاركة القطاع الخاص الأميركي في جهود إعادة إعمار سوريا، عبر السماح بفتح استثمارات جديدة في كافة المجالات الاقتصادية بعد فترة طويلة من العزل الاقتصادي. ويسهم هذا التطور في معالجة أزمة السيولة النقدية التي شهدتها سوريا جراء تجميد القنوات المصرفية الرسمية، واللجوء إلى القنوات غير الرسمية والنقد اليدوي لتسيير شؤون الاقتصاد اليومي. ويمكّن الترخيص المؤسسات العامة والخاصة من إعادة تشغيل آليات الدفع المصرفية، وأنظمة الرواتب، وبرامج التمويل، والإقراض. وتواجه الحكومة السورية الجديدة في هذا الإطار مهمة حساسة تتعلق باستعادة الثقة في النظام النقدي الوطني، من بينها التوجه نحو نقل إنتاج العملة من روسيا الخاضعة للعقوبات إلى اتفاقيات تعاون جديدة مع ألمانيا والإمارات. كما يمثل السماح بإجراء التعاملات المالية المتعلقة بالنفط السوري ومشتقاته أحد أبرز البنود في الترخيص العام رقم 25، إذ يفتح الباب أمام تدفقات مالية هامة يمكنها أن تدعم بشكل ملحوظ موازنات الحكومة السورية. كما يوفر هذا الانفتاح فرصًا استثمارية واسعة النطاق في قطاع الطاقة، ويؤسس لإعادة إحياء العلاقات التجارية النفطية بين سوريا والشركاء الدوليين. الجدول الزمني للتنفيذ التدريجي تميّزت عملية تخفيف العقوبات بمنهجية تدريجية تُوازن بين المرونة التنظيمية والحذر في التطبيق. حيث يتيح الإعفاء المؤقت المحدد بـ 180 يومًا في إطار قانون قيصر مراجعة دورية من قبل الولايات المتحدة لمدى التزام الحكومة السورية الجديدة بالشروط المنصوص عليها. ومع أن هذا النهج يسمح بقدر من المرونة، فإنه يُبقي في الوقت نفسه على حالة من عدم اليقين، ما يُعيق التخطيط الاستثماري طويل المدى. وقد أعلن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية (OFAC) عن خططه لإصدار إرشادات إضافية حول تطبيق الترخيص العام رقم 25، ما يؤكد أن عملية التنفيذ ستبقى متجددة وتتطلب تعديلات مستمرة بحسب التطورات على أرض الواقع، مما يوفر آلية لتصحيح الأخطاء المحتملة، ولكنه في الوقت ذاته يعزز من الغموض في المراحل الأولى من التطبيق. خاتمة: يشكّل قرار إدارة ترامب برفع العقوبات الأميركية عن سوريا نقطة تحول تاريخية في العلاقات الأميركية السورية، وفرصة كبيرة لنهوض الاقتصاد السوري من الرماد. من الناحية العملية، يعتمد نجاح هذه الخطوة على التوازن الدقيق بين ضمان امتثال الحكومة السورية الجديدة للشروط الأميركية، وبناء الثقة بشكل تدريجي مع المؤسسات المالية الدولية، وإدارة التنافس الجيوسياسي مع القوى الإقليمية والدولية الأخرى. كما تستلزم مواجهة التحديات البنيوية للاقتصاد السوري، خاصة إصلاح القطاع المصرفي، واستعادة الثقة في العملة المحلية، وإعادة بناء البنية التحتية التي دمرتها الحرب.