
حملات شعبية واسعة في مصر لدعم وإغاثة غزة
وعادت حملات التبرع بشكل لافت، بعد توقف، تقودها المؤسسات المصرح لها حكوميا بجمع الأموال، بجانب تلقي البعض تبرعات عينية، وسط محاولات شعبية فردية للإغاثة خلقت نقاشا مجتمعيا.
ومنذ مارس/آذار الماضي تمارس إسرائيل سياسة تجويع ممنهج بحق الفلسطينيين في قطاع غزة، حيث تغلق المعابر وترفض دخول الإمدادات والمساعدات إلا بكميات شحيحة جدا، مما تسبب بكارثة إنسانية غير مسبوقة.
قوافل إغاثية
ودفع الهلال الأحمر المصري، في الساعات الأخيرة، بسابع قوافله التي أطلقها تحت شعار "زاد العزة.. من مصر إلى غزة"، محملة بمساعدات غذائية وطبية تضم أكثر من 95 ألف سلة غذائية، ونحو 95 طن دقيق، وآلافا من أكياس الخبز، وأكثر من 4 أطنان من المستلزمات الطبية.
وانطلقت أولى قوافل "زاد العزة" في 27 يوليو/تموز عبر معبر كرم أبو سالم ، حاملة آلاف الأطنان من المساعدات التي تنوعت بين سلاسل الإمداد الغذائية من دقيق وألبان أطفال ومستلزمات طبية وأدوية علاجية ومستلزمات عناية شخصية، بالإضافة إلى سيارتي وقود".
يتوازى مع هذه الجهود، جهد بيت الزكاة والصدقات المصري، الذي يتولى رئاسة مجلس أمنائه شيخ الأزهر، الذي يلقى قبولا شعبيا رائجا، حيث انطلقت فجر اليوم الثلاثاء الخامس من أغسطس/آب، القافلة الـ11 الإغاثية، للبيت، وتضم أكثر من ألف خيمة مجهزة، وآلاف الأطنان من المواد الغذائية، والمياه النقية، والمستلزمات الطبية والمعيشية، إلى جانب ألبان الأطفال، والحفاضات، والأدوية، ومستلزمات العناية الصحية.
وأعلنت جمعية الباقيات الصالحات البارزة في العمل الخيري، وصول شاحنات إغاثة شعبية من جهودها ضمن قافلة للتحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي (تحالف للجمعيات والمؤسسات الخيرية).
وكشف "التحالف الوطني" عن انطلاق قافلته رقم (11)، بمشاركة 200 شاحنة محملة بالمواد الغذائية بحمولة إجمالية تُقدر بـ4 آلاف طن من المواد الغذائية الضرورية، أعدتها 13 مؤسسة من مؤسسات التحالف الوطني، من مختلف المحافظات المصرية.
ومن تبرعات شعبية، تحت شعار "أنقذوا غزة"، جهزت جمعية الأورمان الخيرية قافلة إغاثة لغزة، تنتظر خلال الساعات الأخيرة، وفق بيان لها، على طريق مصر الإسماعيلية في طريقها باتجاه معبر رفح.
وأعلن بنك الطعام المصري (مؤسسة خيرية مصرية) انطلاق الاستعدادات لتجهيز قافلة جديدة لدعم وإغاثة أهل غزة، من تعبئة وتغليف المساعدات، داعيا المواطنين إلى المشاركة.
حملات التبرع
وتصاعدت بشكل بارز حملات جمع التبرعات لصالح غزة، والتي تتم عبر المؤسسات المعتمدة حكوميًا، حيث يحظر جمعها شعبيا دون إذن قانوني ملزم.
وأطلقت شركة "فودافون مصر" مبادرة لمضاعفة قيمة كل تبرع مقدم من العملاء لدعم جهود مصر الإغاثية لأهل غزة، بالشراكة مع الهلال الأحمر المصري من خلال التبرع عبر خدماتها المالية، بجانب مشاركة موظفيها في جهود تعبئة وتجهيز بعض المساعدات المقدمة إلى قطاع غزة.
وأطلق بنك الشفاء المصري (مؤسسة خيرية صحية) حملة تبرعات لصالح غزة، لتوفير الأدوية والمستلزمات الصحية في قوافل الإغاثة الطبية، كما دشنت جمعية رسالة الشهيرة في الأعمال الخيرية، مطلع الشهر الجاري، حملة تبرعات، عبر التطبيقات الرقمية وخدمات تحويل الأموال، والاتصال بمندوب جمع التبرعات، لشراء التجهيزات اللازمة للمشاركة في قافلة إغاثية جديدة.
وتحت شعار "ساند أهل غزة"، دشنت مؤسسة مصر الخير، أحد أكبر مؤسسات العمل الخيري، حملة تبرعات مماثلة للمشاركة في قوافل الإغاثة، في حين حددت مؤسسة الأورمان للعمل الخيري، سهم تبرع لغزة بقيمة 400 جنيه (الدولار يساوي 49 جنيها تقريبا).
التبرع العيني، تبنته، لجنة العطاء التابعة لنقابة أطباء مصر، حيث أعلنت تقبل التبرعات العينية لقافلة المساعدات إلى غزة، بجانب التبرع المادي عبر البنوك أو التطبيقات الرقمية لتحويل الأموال.
مرافقة القوافل
وأطلقت الحملة الشعبية المصرية للتضامن مع الشعب الفلسطيني، دعوات لتجهيز قوافل إغاثة إنسانية، خلال الأيام الأخيرة، منها دعوة من عضو مجلس النواب أحمد بلال عضو الحملة في محافظته الغربية شمالي العاصمة القاهرة.
وتقول عضو اللجنة الشعبية للتضامن مع الشعب الفلسطيني بمصر، كريمة الحفناوي، "طالبنا السلطات مع تصاعد التجويع والحصار المفروض على قطاع غزة بأن نذهب إلى رفح بقوافل إغاثة إلى الشعب الفلسطيني على مسؤوليتنا وأيضا السماح لحملات فك الحصار الدولية بالوصول إلى المعبر".
وتضيف الحفناوي للجزيرة نت، أن ما يحدث الآن من دخول شاحنات إلى غزة أو إلقاء مساعدات غذائية من الطائرات لا يكفي وقليل جداً، بينما كل يوم يتساقط العشرات من الجوع في غزة، مؤكدة أن الإصرار على نجاح مسار الإغاثة هو إفشال لمخطط الحصار والتجويع من أجل تنفيذ مخطط التهجير القسري.
جهود فردية
بالتزامن، ظهرت خلال الفترة الأخيرة جهود فردية مبتكرة لإغاثة غزة من عموم الشعب المصري، خلقت نقاشاً مجتمعيا، بحسب مراقبين، تمثلت بإلقاء زجاجات تحوي طعامًا وحبوبا في البحر أملا في وصولها إلى غزة.
ويرى الباحث المتخصص في شؤون الصراع العربي الإسرائيلي، صالح عبد الرؤوف، في حديثه للجزيرة نت، أن بعض أنشطة إغاثة غزة خلقت في بعض مشاهدها أسلوب مقاومة مدنية سلمية لرفض التأخر في الدعم والمساندة في ظل التجويع المتصاعد، وهو ما ظهر في انتشار صور إلقاء زجاجات ممتلئة بحبوب غذائية في البحر لتصل إلى شواطئ غزة.
ويعتبر عبد الرؤوف تسيير قوافل الإغاثة الشعبية لكسر الحصار والتجويع، أحد ألوان المقاومة الشعبية المصرية ضد التخاذل والتواطؤ الرسمي في الدول الغربية والعربية على السواء، ورمزية حضارية كبيرة تنم عن رابطة إنسانية شعورية بين الشعوب لم تتلوث بأدوات العزل والحصار، مؤكدا أنه لا يمكن فصل عودة قوافل الإغاثة من مصر إلى غزة عن سائر الفعاليات الشعبية التي عمت أرجاء المعمورة.
تحد قوي
في هذا السياق، هناك 3 ملفات تشكل أولوية لمساندة الفلسطينيين، في داخل مصر، بحسب "نجوى اقطيفان"، الإعلامية الفلسطينية ومسؤولة الإعلام باتحاد المرأة الفلسطينية فرع مصر، حيث ترى ضرورة الاهتمام بهم مع تصاعد نشاط الإغاثة في هذه الأيام.
وتدعو اقطيفان إلى مزيد من الاعتناء بـ3 ملفات ملحة للفلسطينيين بمصر وهي: تذليل عقبات الإقامة وتوفير سبل الدراسة للأطفال والطلبة، وتعزيز الاهتمام الرعاية الصحية.
وفي حديثها للجزيرة نت، تقول اقطيفان إن "تصاعد النشاط الإغاثي الأخوي من مصر مقدر ومثمن، ومبني على العلاقة العميقة بين الشعبين الفلسطيني والمصري، فنحن أصحاب مصير واحد، ولدى المصريين إحساس بالمعاناة الكبيرة التي يعيشها أهل غزة وأهمية التضامن".
وتؤكد دعمها لكل الخطوات الحكومية المصرية في مسار عودة الإغاثة، وإدخال المساعدات، ووصفته بأنه دور كبير وتحد قوي في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي وأعوانه الدوليين.
وبدعم أميركي، تشن إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 تشن حرب إبادة جماعية بغزة، خلفت أكثر من 211 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد عن 9 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ ثانية واحدة
- الجزيرة
لماذا تغيب المظاهرات المناصرة لغزة عن بعض الدول العربية؟
شهدت عدة عواصم حول العالم منذ أشهر موجة من المظاهرات الداعمة لغزة، حيث خرجت حشود ضخمة إلى الشوارع رافعة الأعلام الفلسطينية ولافتات تطالب بوقف الحرب ورفع الحصار عن القطاع. ووفق المركز الأوروبي الفلسطيني للإعلام (إيبال)، تم توثيق أكثر من 35 ألف مظاهرة وفعالية بمئات المدن في 20 دولة أوروبية فقط منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. وهذا الأسبوع وحده شهد زخما لافتا في مساحة المظاهرات الممتدة من سيدني الأسترالية إلى العديد من المدن الغربية التي لم تتظاهر من قبل، مع مشاركة آلاف المناصرين للحق الفلسطيني، ورفع المعاناة التي يتعرض لها المجوّعون في قطاع غزة. لكن هذا الزخم لم يجد الصدى نفسه في المنطقة العربية، حيث غابت المشاهد المماثلة في العديد من العواصم العربية في مشهد يثير تساؤلات بشأن أسباب ذلك، خاصة مع استمرار الحرب 23 شهرا، وهو ما يفسره خبراء للجزيرة نت بعوامل سياسية وأمنية وإقليمية، ومن بينها القيود على حرية التجمع، أو ما يعده البعض ترتيبات لإسكات أي شكل من أشكال التضامن الشعبي. انسداد الأفق وقد لا تكون الأسباب عائدة إلى ضعف التفاعل العربي، بقدر ما تكون انعكاسا لحالة من غياب الرؤية الواضحة في المنظور العربي تجاه القضايا القومية والوطنية. وهذا ما عبر عنه الأمين العام للقوى الشعبية لمقاومة التطبيع بالسودان عثمان البشير الكباشي قائلا إن غياب المظاهرات الكبرى في العالم العربي "لا يعني تقاعسا عن التضامن العربي"، بل يعكس "انسداد الأفق في ظل أنظمة تتواطأ مع هذه الحرب". ويضيف الكباشي -في تصريحات للجزيرة نت- أن المواطن العربي ترسّخ لديه الشعور بأن الشعارات لم تعد تؤثر في "عدو لا يعرف إلا منطق القوة"، وأن كثيرين يبحثون عن أشكال دعم أكثر جدوى، بينما يمتد التعبير الشعبي إلى المساجد والكنائس والملاعب والمراكز الثقافية. ويشير الأمين العام للقوى الشعبية لمقاومة التطبيع بالسودان إلى أن المظاهرات رغم رمزيتها تحمل قيمة سياسية وأخلاقية، وقد تتحول إلى وسائل ضغط مثل المقاطعة، فضلا عن كونها جزءا من تحالف شعبي عالمي يتشكل ضد الجرائم الإسرائيلية. صمت الأنظمة لكن القيادي في الحركة الإسلامية الأردنية بادي رفايعة يحمّل الأنظمة العربية مسؤولية غياب المظاهرات الواسعة في بعض البلدان العربية، ويرى أن هذا الغياب "جزء من ترتيب يجري في المنطقة لإنهاء الوضع هناك واستكمال المشروع الصهيوني دون ضجيج". ويضيف في -حديثه للجزيرة نت- أن معظم الأنظمة إما مشاركة، أو متغاضية، أو غير مهتمة، وتنتظر أن ينهي رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو وجود المقاومة الفلسطينية في غزة، لا سيما حركة المقاومة الإسلامية (حماس). ويشير رفايعة إلى أن بعض الحكومات لم تكتفِ بالصمت، بل "سعت لإنهاء أنشطة تضامنية، كما حدث في الأردن عندما أوقفت جمع التبرعات والمساعدات بدعوى الإضرار بالاقتصاد الوطني". التطبيع وقد تكون لظاهرة غياب المظاهرات الشعبية المتضامنة مع قطاع غزة أسباب مختلفة، حسب ما قاله مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان فضل عبد الغني، إذ يقول إن المقتلة الجارية في غزة "تستحق التظاهر وأكثر"، لكنه بدأ يتشكل "نوع من التطبيع مع هذا الوضع". ويضيف -في تصريحات للجزيرة نت- أن الاحتلال الإسرائيلي"استنسخ هذه السياسة" بحيث تتراجع ردود الفعل تدريجيا، لكنها في الغرب ما زالت مستمرة مستفيدة من بيئة سياسية وحزبية تسمح بالحشد وتمنح مساحات أوسع للتعبير، في حين تعاني المنطقة العربية من "التصحر السياسي وغياب القوى المنظمة والنقابات الفاعلة". ويشدد عبد الغني على أن استمرار المظاهرات والتغطية الإعلامية لجرائم الاحتلال في غزة ضرورة لعدم إهمالها أو التنازل عنها، والحفاظ عليها على طاولة النقاش الدولي، مبينا أن "فضح الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة واجب، فالتوقف أخطر من المضي في الاحتجاجات". ويحذر الخبراء من أن استمرار غياب الحراك العربي يتزامن مع تصعيد ميداني خطير في غزة، حيث يمضي نتنياهو في تنفيذ مخطط يهدف إلى التوسع "تدريجيا" في السيطرة على أغلب مساحة القطاع، وهو ما ينذر بمزيد من الضحايا والمآسي. ووفق إحصاءات وزارة الصحة في غزة أمس الأحد، فقد أسفرت الحرب الإسرائيلية المستمرة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 عن استشهاد أكثر من 61 ألف فلسطيني، وإصابة أكثر من 153 ألفا، فضلا عن آلاف من المفقودين تحت ركام منازلهم أو في الشوارع والطرق ولم تستطع فرق الدفاع المدني التوصل إليهم. وفي ظل هذه التطورات أيضا، دعت حركة حماس أمس الأحد إلى تصعيد الحراك الشعبي في كل العواصم للضغط على الاحتلال ووقف حرب التجويع وكسر الحصار بكل الوسائل. كما طالبت حماس بتحرك عربي وإسلامي رسمي يوظف كل مقدرات الأمة للضغط على الإدارة الأميركية والاحتلال لوقف جرائم الحرب، وفتح جميع المعابر فورًا ومن دون قيود، وإدخال المساعدات بكميات آمنة وكافية لكل سكان قطاع غزة.


الجزيرة
منذ ثانية واحدة
- الجزيرة
وداع غزة لصحفيي الجزيرة.. عندما تغتال رصاصات الاحتلال الحقيقة
غزة- غيبت صواريخ طائرة مسيرة إسرائيلية الصحفي الفلسطيني مراسل قناة الجزيرة أنس الشريف أيقونة التغطية الإعلامية للحرب على قطاع غزة رفقة مراسل قناة الجزيرة الآخر محمد قريقع و3 من طاقم التصوير، بعد استهداف مباشر لخيمتهم المقامة أمام بوابة مجمع الشفاء الطبي بمدينة غزة. وتأتي جريمة الاحتلال الإسرائيلي بعد عملية تهديد وتحريض مركزة شنها المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي ضد الصحفي الشريف، امتدت على مدى أشهر طويلة. ونعت الهيئات والأطر الصحفية الفلسطينية طاقم قناة الجزيرة الذي ارتقى الليلة الماضية، وأكدت أن الجريمة تأتي في إطار المحاولات الإسرائيلية المتواصلة لتغييب الصوت والصورة، والاستمرار في ارتكاب جرائم الإبادة بعيدا عن عدسات الكاميرات. إسكات الحقيقة وأعرب منتدى الإعلاميين الفلسطينيين عن إدانته الشديدة لجريمة الاحتلال الإسرائيلي باغتيال صحفيي قناة الجزيرة، والاستهداف المباشر لطاقمها العامل في مدينة غزة ، مما أدى إلى استشهاد مراسلي القناة أنس الشريف، ومحمد قريقع، والمصورين إبراهيم ظاهر ومؤمن عليوة ومحمد نوفل. وقال مدير المنتدى محمد ياسين إن الجريمة التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق طاقم قناة الجزيرة تأتي امتدادا للاستهداف الممنهج للصحافة الفلسطينية التي قدمت 237 صحفيا شهيدا منذ بداية الحرب على قطاع غزة. وأوضح ياسين في حديثه للجزيرة نت أن الجريمة تأتي في إطار الحرب التي تشنها الحكومة الإسرائيلية ضد الرواية الفلسطينية وقناة الجزيرة، والتي بدأت مبكرا باستهداف أسرة الزميل وائل الدحدوح مدير مكتب الجزيرة في غزة، ومن ثم محاولة اغتياله مباشرة مما أدى لإصابته واستشهاد المصور سامر أبو دقة في منتصف ديسمبر/كانون الأول 2023، ومن ثم اغتيال الصحفي إسماعيل الغول نهاية يوليو/تموز 2024. وأشار ياسين إلى الاستهداف الممنهج الذي تتعرض له قناة الجزيرة في الأراضي الفلسطينية من خلال القتل المباشر، أو حجب التغطية الإعلامية والتي كان آخرها اقتحام مكتب قناة الجزيرة في مدينة رام الله وتجديد قرار إغلاقه القسري لمدة شهرين إضافيين، في انتهاك صارخ لكل القوانين الدولية التي تكفل حرية العمل الصحفي والإعلامي. واستنكر مدير منتدى الإعلاميين الصمت والعجز الدوليين عن حماية الصحفيين الفلسطينيين، وتمكينهم من أداء واجبهم المهني وفقًا للقوانين الدولية والمواثيق الإنسانية. صمت دولي ووصف عماد زقوت رئيس كتلة الصحفي الفلسطيني اغتيال طاقم قناة الجزيرة بواحدة من أبشع الجرائم المرتكبة بحق الصحافة وحرية التعبير، جراء الاستهداف المباشر والمتعمد من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي. وأكد زقوت في حديث للجزيرة نت أن جرائم الاحتلال غير مسبوقة في تاريخ الصحافة العالمية، ولم تُقابل بأي تحرك جاد من المجتمع الدولي أو المؤسسات المعنية بحماية الصحفيين، مما يفتح الباب أمام مواصلة الاحتلال لجرائمه دون مساءلة أو رادع. وشدد على أن الصحفي الفلسطيني في غزة تحول إلى رمز للمقاومة الإعلامية، يطارد الخبر تحت القصف، ويواصل تغطيته رغم التهديدات المباشرة بالاغتيال والترهيب، رافعا شعار "التغطية مستمرة" رغم الدمار والخطر والملاحقة. وذكر رئيس كتلة الصحفي مناقب الزميل الشهيد أنس الشريف الذي أوصل صوت الضحايا الفلسطينيين منذ الأيام الأولى للعدوان، واتخذ على عاتقه مواصلة التغطية في أحلك الظروف وأصعبها لاسيما في شمال قطاع غزة، مشيدا بإصراره على استكمال الرسالة من الميدان رغم تعرضه لعشرات رسائل التهديد بالقتل من الجيش الإسرائيلي. وفند زقوت مزاعم الاحتلال بحق صحفيي قناة الجزيرة ووصفهم بدعم الإرهاب، مؤكدا أنهم يعملون على الهواء مباشرة وينقلون الحقيقة دون تزييف للرواية التي يحاول الاحتلال طمسها. مطالبا المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياتهم القانونية والأخلاقية، والضغط على الاحتلال الإسرائيلي لوقف حربه ضد الصحافة وضمان حرية العمل الصحفي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والسماح بدخول الصحافة الأجنبية إلى قطاع غزة. ونعى التجمع الإعلامي الفلسطيني مراسلي قناة الجزيرة الذين قضوا وهم على رأس عملهم في تغطية الأحداث الميدانية لحرب الإبادة الإسرائيلية المستمرة وجريمة التجويع الممنهج بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة. وأدان التجمع الإعلامي في بيان له المجزرة المدبرة ضد فرسان الصحافة، مشددا على أنها واحدة من أفظع جرائم الحرب الوحشيّة والمركبة، التي تُضاف إلى السجل الدموي للاحتلال الإسرائيلي وانتهاكاته الجسيمة ضد الصحفيين والإعلاميين في محاولة يائسة لإخماد صوت الحقيقة، وطمس السردية الفلسطينية. ودعا التجمع الإعلامي الفلسطيني مختلف الاتحادات والأجسام والمؤسسات الإعلامية والحقوقية حول العالم إلى التوقف عن سياسة الصمت المخزي حيال جرائم الاحتلال ومجازره المتوالية ضد الصحفيين والإعلاميين الفلسطينيين، والتدخل العاجل لوقفها واتخاذ كل التدابير الفعلية لحمايتهم وضمان سلامتهم، استنادا للقوانين الدولية ومواثيق حقوق الإنسان. وطالب بالعمل الجاد على ملاحقة كيان الاحتلال النازي وتقديم مسؤوليه للمحاكمة أمام المحاكم الدولية بصفتهم مجرمي حرب، ومحاسبتهم على إرهابهم المنظم ضد شهود الحقيقة، وحراس الكلمة والصورة. وصمة عار وحمّل التجمع الصحفي الديمقراطي جيش الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن الجريمة البشعة التي ارتكبها باغتيال طاقم الجزيرة في محيط مستشفى الشفاء بمدينة غزة، مؤكدا أنها وصمة عار على جبين الاحتلال وجريمة حرب تستوجب الملاحقة الدولية. وذكر التجمع الصحفي -في بيان له اليوم الاثنين- أن هذه الجريمة المروعة ليست حادثا معزولا، بل حلقة جديدة في سلسلة الجرائم الممنهجة ضد الصحفيين والإعلام الحر، وتأتي في سياق الإبادة الجماعية المستمرة وحرب التجويع التي يشنها الاحتلال ضد قطاع غزة، بهدف إسكات الأصوات التي تفضح ممارساته الإجرامية وتكشف للعالم حقيقة ما يجري من قتل وحصار وتجويع. وقال التجمع الصحفي "لقد كان الشهيدان أنس ومحمد وزملاؤهما في طاقم الجزيرة صوتَ المجوّعين والمشرّدين وضحايا القصف، وحملوا كاميراتهم وسط الدمار لينقلوا صورة الحقيقة من قلب المأساة، فاغتالهم الاحتلال في جريمة حرب مكتملة الأركان تمثل خرقا صارخا للقانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف". وأكد البيان على ضرورة ملاحقة القتلة من قادة وجنود جيش الاحتلال أمام المحكمة الجنائية الدولية ، وفتح تحقيق دولي مستقل وشفاف بإشراف أممي لضمان عدم إفلات المجرمين من العقاب". وأكد التجمع الصحفي الديمقراطي أن الجريمة جاءت بعد أشهر من التحريض العلني الإسرائيلي ضد الشهيدين الشريف وقريقع، اللذين واصلا أداء مهامهما المهنية منذ بداية العدوان، رغم النزوح القسري، وانعدام الأمان، وظروف المعيشة القاسية، مما يعكس إصرارهما على أداء رسالتهما الصحفية حتى اللحظة الأخيرة. وأضاف أن دماء الشهداء الصحفيين ستبقى شاهدا على فشل الاحتلال في إسكات الحقيقة، ودليلا على أن الكلمة الحرة والصورة الصادقة أقوى من رصاص القتلة، وأن الحق لا يموت ما دام هناك من يحمله وينقله إلى العالم. من جانبه، قال المكتب الإعلامي الحكومي في غزة إن عملية اغتيال صحفيي الجزيرة تمت مع سبق الإصرار والترصد بعد استهداف مقصود ومتعمد لخيمتهم، مما يرفع عدد الشهداء الصحفيين الذين قتلهم الاحتلال في قطاع غزة خلال الإبادة الجماعية وحتى الآن إلى 237 صحفيا شهيدا. وأوضح المكتب الحكومي في بيان له أن استهداف صحفيي الجزيرة جريمة حرب مكتملة الأركان، تهدف لإسكات الحقيقة وطمس معالم جرائم الإبادة الجماعية، وهي تمهيد لخطة الاحتلال الإجرامية للتغطية على المذابح الوحشية الماضية والقادمة التي نفّذها وينوي تنفيذها في غزة.


الجزيرة
منذ 2 دقائق
- الجزيرة
إسرائيل واغتيال الشهود: حين تُستهدف الكلمة قبل الروح
في الحروب، تبقى الحقيقة أول ضحية، لكن في فلسطين، الاحتلال لا ينتظر أن تسقط الحقيقة صدفة، بل يتعمد اغتيالها مع أصحابها! إسرائيل، التي راكمت تاريخاً طويلاً من القمع والبطش، تدرك أن المعركة لم تعد تُحسم بالسلاح وحده، بل بالسيطرة على الرواية، ولهذا جعلت من الصحفيين هدفاً عسكرياً مشروعاً في نظرها، في محاولة لإسكات الشهود قبل أن ينطقوا، وكتم الكاميرا قبل أن تلتقط المشهد. اغتيال الصحفيين ليس حدثاً طارئاً في سجل الاحتلال، بل سياسة ممنهجة وممتدة، تهدف إلى شطب العين التي ترى والأذن التي تسمع والقلم الذي يوثق.. ومن بين أحدث الشواهد على هذه السياسة الجبانة، جريمة اغتيال أنس الشريف ومحمد قريقع، مراسلي شبكة الجزيرة في غزة، اللذين شكّلا خلال السنوات الماضية أيقونتين في ميدان الصحافة الميدانية، ونبراسين ينيران الطريق أمام العالم لفهم حجم المأساة التي يعيشها الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال والحصار. أنس الشريف، الذي عُرف بثباته تحت القصف، لم يكن مجرد مراسل ينقل الخبر من مسافة آمنة، بل كان جزءاً من الحدث، يقف وسط الركام، يرافق المسعفين، ويوثق اللحظة كما هي، دون تزييف أو تلطيف.. كان صوته هادئاً لكنه يحمل في نبراته قوة الحقيقة، وصورته دائماً مشبعة بالغبار والدموع وملامح الأطفال الذين فقدوا بيوتهم وأحبتهم. أما محمد قريقع، فكان شريكاً في حمل هذا العبء، بعدسته الحادة التي اخترقت جدران الأكاذيب، وقدرته على تجميد اللحظة حتى تبقى شاهداً على الزمن، فلا تضيع في ضجيج الأخبار. حين أقدمت إسرائيل على اغتيالهما، لم تكن تستهدف شخصيهما فقط، بل كانت تسعى إلى اغتيال الدور الذي قاما به؛ دور الصحفي الذي يتحدى الموت لينقل الحقيقة، ودور الشاهد الذي يقف في وجه الرواية الرسمية للاحتلال. هذه الجريمة ليست منفصلة عن سجل طويل من الاعتداءات على الصحفيين الفلسطينيين والأجانب، من اغتيال شيرين أبو عاقلة برصاص قناص إسرائيلي في جنين، إلى استهداف مقار إعلامية كاملة في غزة، مثل برج الجلاء الذي ضم مكاتب وكالة أسوشيتد برس والجزيرة، في محاولة لطمس أي تغطية مستقلة للجرائم. سياسة اغتيال الصحفيين ليست مجرد قرارات ميدانية اتخذها جنود على الأرض، بل هي انعكاس لعقلية احتلال يدرك أن الكلمة الصادقة أخطر عليه من الرصاص، وأن الصورة التي تخرج من تحت الركام قد تهدم أسوار دعايته التي بناها على مدى عقود. إسرائيل، التي تمتلك ماكينة إعلامية ضخمة مدعومة من حلفائها، تسعى بكل قوتها لتكون روايتها هي الوحيدة المسموعة عالميًّا، ولهذا تعمل على محو أي صوت أو صورة تناقض تلك الرواية. إن استهداف أنس ومحمد هو رسالة رعب موجهة لكل صحفي ما زال يحمل الكاميرا أو الميكروفون في غزة والضفة، تقول له: "حياتك هي الثمن إذا واصلت كشف الحقيقة". لكنها أيضاً -وللمفارقة- شهادة مجانية على فشل الاحتلال في معركته ضد الحقيقة، لأن دماء هؤلاء الشهداء تحولت إلى وقود يزيد من قوة الرواية الفلسطينية، ويكشف أمام العالم حجم الإجرام الممنهج. في السياق الإنساني، خسارة أنس ومحمد هي فقدان لعينين كانتا ترصدان الألم لحظة بلحظة، ولقلبين كانا ينبضان على إيقاع المأساة اليومية في غزة. لم يكونا يكتفيان بنقل الخبر، بل كانا يعيشان تفاصيله، يواسيان الضحايا، ويقدمان الدعم للناجين، حتى وهم تحت القصف. كانت الكاميرا بالنسبة لهما ليست أداة مهنية فحسب، بل أمانة ومسؤولية ورسالة. اغتيالهما في هذه اللحظة بالذات يشي بنوايا الاحتلال لإخفاء ما هو قادم؛ فعادة ما يسبق قتل الصحفيين تنفيذ مجازر أكبر في الخفاء، حيث يُراد للدماء أن تُسفك بعيداً عن عدسات العالم، وأن تُمحى آثار الجريمة قبل أن توثق.. إنها سياسة "التعتيم المسبق" التي تجيدها إسرائيل، وتنفذها بلا أي خشية من المساءلة الدولية، مستندة إلى صمت دولي مريب، وتواطؤ من أنظمة ترى الحقيقة عبئاً ثقيلاً. ستبقى الكلمة عصية على الاغتيال، وستظل العدسة أصدق من الرصاصة. ورغم الألم، فإن إرث أنس الشريف ومحمد قريقع سيبقى حاضراً، يلهم الصحفيين في غزة وخارجها لكن ما لا تدركه إسرائيل أن الحقيقة لا تُقتل باغتيال حامليها، بل تتجذر أكثر، وتجد ألف طريق لتخرج للنور. فاليوم، صار أنس ومحمد رمزين لجيل كامل من الصحفيين الفلسطينيين الذين يواجهون الموت يومياً، من أجل أن تبقى فلسطين حاضرة في ضمير العالم. دماؤهما ستظل توقظ الذاكرة كلما حاولت الأكاذيب أن تهيمن، والعدسة التي صمتت ستواصل الكلام من خلال كل زميل ورفيق يواصل الطريق. إن معركة الصحفيين في فلسطين هي معركة وجود، ليست مهنية فحسب، بل أخلاقية وإنسانية؛ فهم لا يدافعون فقط عن حرية الصحافة، بل عن حق شعب بأكمله في أن يروي قصته، وعن حق العالم في أن يعرف الحقيقة كما هي، لا كما يريد المحتل أن يرويها.. اغتيال أنس ومحمد هو تذكير مؤلم أن الاحتلال لا يخشى السلاح بقدر ما يخشى الحقيقة، وأن الصورة قد تكون أقوى من أي طلقة. في النهاية، ستبقى الكلمة عصية على الاغتيال، وستظل العدسة أصدق من الرصاصة. ورغم الألم، فإن إرث أنس الشريف ومحمد قريقع سيبقى حاضراً، يلهم الصحفيين في غزة وخارجها، ويؤكد أن الحقيقة، مهما حوصرت بالرصاص والجدران، لا بد أن تجد طريقها إلى ضمير العالم. دماؤهما ليست خاتمة القصة، بل بداية فصل جديد في معركة الرواية، فصل يكتب بالدم، لكن يقرؤه كل من ما زال يؤمن أن الحقيقة تستحق أن يدافَع عنها حتى آخر نفس.