logo
مصادر أوروبية تكشف لـ"المدن": حقيقة الشروط الأميركية لإعادة الاعمار

مصادر أوروبية تكشف لـ"المدن": حقيقة الشروط الأميركية لإعادة الاعمار

المدن٢٤-٠٤-٢٠٢٥

لم يُفرج الرؤساء والمسؤولون في لبنان عن كامل ما دار في البحث مع الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس. إذ إن ما قيل وأُعلن لا يُشكّل سوى جزء بسيط من نقاش واسع شمل ملف السلاح والمرحلة السياسية والاجتماعية المقبلة، إضافة إلى ملف إعادة الإعمار بعد الحرب الإسرائيلية.
من المتوقع أن تكون عمليات الإعمار هذه المرة مختلفة جذريًا عن تلك التي شهدها لبنان بعد حرب تموز عام 2006. فالمساعدات الدولية لإعادة إعمار ما دمّرته الحرب ستكون مشروطة، إن لم نقل مصحوبة بشروط تعجيزية فعلًا، وهي في جوهرها استكمال لعملية نزع سلاح حزب الله، التي يُصر عليها الأميركيون. المطلوب هو تطويق إمكانية عودة حزب الله إلى التمركز في الجنوب، سواء عبر شبكات الاتصالات أو البُنى السكنية والمؤسسات على اختلافها، وذلك من خلال اشتراط وجود مراقبين وخبراء أميركيين في مشاريع إعادة الإعمار المزمع تنفيذها.
الشروط المفروضة
فبعد المراقبين العسكريين الذين يشرفون على عمليات مصادرة الجيش اللبناني لمخازن أسلحة تعود إلى الحزب والتأكد من تفجيرها، يأتي الدور الآن على خبراء مدنيين للإشراف على عملية إعادة الإعمار، وهو ما أثار استياءً أوروبيًا كبيرًا، نظرًا لرغبة أوروبا في المشاركة بتنفيذ عدد من المشاريع، خصوصاً في قطاعات الكهرباء والاتصالات، وسط مفاجأة كبيرة من حجم الشروط الأميركية المفروضة على الشركات الأوروبية الراغبة في الانخراط بهذه العملية.
وتقول مصادر موثوقة إن عددًا من الشركات الأوروبية تواصل مع المسؤولين اللبنانيين واتفق معهم على تنفيذ سلسلة مشاريع، لتواجه لاحقًا عقبة الشروط الأميركية الصارمة، والتي تطلبها إسرائيل بحجة الاطلاع الكامل على مراحل التمويل والتنفيذ.
وتؤكد المصادر نفسها أن أورتاغوس، خلال زيارتها إلى لبنان، أبلغت الرؤساء الثلاثة أن الإدارة الأميركية تطلب، وبلا جدل، إدخال خبراء أميركيين في كل عقود الإعمار في الجنوب، بدءًا من لجان إعداد دفاتر الشروط، مرورًا بلجان استلام العروض وفضّها، وصولًا إلى لجان التعاقد، الإشراف على التنفيذ، الاستلام المرحلي، والتسليم النهائي. الهدف هو التأكد من أن حزب الله لن يتمكّن من التسلّل إلى البنى التحتية من جديد. ومن دون الالتزام بهذه الشروط، فإن لا قروض، ولا تمويل، ولا مساعدات، ولا عقود لإعادة الإعمار في الجنوب والضاحية.
وتشير المصادر إلى أن المناخ الدولي -أميركيًا وأوروبيًا وخليجيًا- يُجمِع على أن لا تمويل أو قروض أو مساعدات لإعادة إعمار البنى التحتية المتضرّرة من العدوان الإسرائيلي، إلا وفق الشروط التالية:
1- التأكد من الانتشار الفعلي للجيش اللبناني في جميع المناطق جنوب نهر الليطاني، وعدم الاكتفاء بالتصريحات حول نزع سلاح حزب الله.
2- إشراف إسرائيلي غير مباشر عبر وجود خبراء أميركيين في:
- لجان إعداد دفاتر الشروط والمواصفات التعاقدية والإدارية والمالية والتقنية لكل مشروع.
- لجان إعداد لوائح الشركات المحلية والأجنبية المؤهلة للمشاركة في المناقصات.
- لجان استلام وفض العروض.
- لجان الإشراف على التنفيذ.
- لجان الاستلام المرحلي والموافقة على التمويل في كل مرحلة.
- لجان الاستلام النهائي.
- لجان التدريب وتشكيل الكوادر اللبنانية.
- لجان التشغيل والصيانة.
على أن تُدفع كلفة وجود الخبراء الأميركيين من ضمن موازنة كل مشروع.
وقد أبلغت أورتاغوس هذه التفاصيل لجميع المسؤولين اللبنانيين بحضور السفيرة الأميركية في بيروت وطاقم السفارة. تضيف المصادر، وتقول إن صياغة هذه الشروط بالشكل التفصيلي الذي وُضعت عليه، ودمجها ضمن آليات القروض والتمويل والمواصفات الإدارية والفنية لكل عقد، تتيح للولايات المتحدة تطويق عمليات التمويل لاحقًا، والتحكّم الصارم بكل مفاصل ومعلومات المشاريع، وتحديد وجهة تنفيذها والمناطق الجغرافية التي تُطبّق فيها.
التبرير الأميركي للشروط
أما المبررات التي تلقّاها الأوروبيون، فكانت أن الغاية هي منع حزب الله من التسلّل مجددًا إلى مشاريع المياه، الصرف الصحي، الاتصالات، وغيرها، والتأكد من أنه لا يستغل البنية التحتية لإعادة بناء تواجده العسكري، بأي شكل.
وقد عبّر مسؤول أوروبي رفيع المستوى عن استيائه الشديد مما وصفه بـ"المعلومات الصادمة" التي تلقاها الأوروبيون، والتي ولّدت شعورًا لديهم بأن الإشراف الإسرائيلي يُمارَس بأعين أميركية على مشاريع إعادة الإعمار. ووفق المعلومات، فإن هذه الشروط ستُطبّق أيضًا على الشركات اللبنانية التي ستشارك في مشاريع إعادة الإعمار في الجنوب وبيروت.
يحذر المسؤول من أن عددًا من الشركات الأوروبية قد تعجز عن المساهمة في تنفيذ المشاريع المطلوبة، نظرًا إلى الشروط الأميركية القاسية، خصوصًا وأن أوروبا باتت تبحث عن بدائل للشركات الأميركية، بعد قرارات الرئيس الأميركي دونالد ترامب القاسية بشأن الضرائب والرسوم، والضغوط الاقتصادية التي تمارسها واشنطن، إضافة إلى الموقف المستجد الذي يجمع ترامب بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين حول أوكرانيا. هذا الواقع دفع أوروبا إلى الحذر والقلق بعدما كانت تظن أن علاقتها مع الولايات المتحدة مضمونة، لتكتشف أنها أصبحت مهدّدة، وهو ما يدفعها للبحث عن بدائل.
في لبنان، وبعدما أحكمت الولايات المتحدة سيطرتها على القرار السياسي، ها هي تسعى اليوم إلى كف يد الشركات الأوروبية الطامحة للمشاركة في عملية إعادة الإعمار، مستكملة بذلك الحرب الإسرائيلية على حزب الله، عبر تطويق وجوده العسكري على مختلف المستويات، بالتوازي مع الإصرار على إلزام الجيش اللبناني بمصادرة سلاحه وإبعاده شمال الليطاني.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

متى نرى قاسم جالسا مكان عباس مُسلّما السلاح للدولة؟
متى نرى قاسم جالسا مكان عباس مُسلّما السلاح للدولة؟

القناة الثالثة والعشرون

timeمنذ ساعة واحدة

  • القناة الثالثة والعشرون

متى نرى قاسم جالسا مكان عباس مُسلّما السلاح للدولة؟

هي سطور قليلة أنهت سنوات طويلة من استباحة وتهشيم وانتهاك تعرضت لها سيادة الدولة اللبنانية، كانت في معظم الأحيان، برضى منها او استسلام... طويت امس صفحة السلاح الفلسطيني المتفلت باتفاق رئاسي لبناني - فلسطيني صدر أعلنت بنوده بعد اجتماع رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، ومما جاء فيه: أكد الجانبان "التزامهما مبدأ حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية، وإنهاء أي مظاهر خارجة عن منطق الدولة اللبنانية. كما يؤكدان أهمية احترام سيادة لبنان واستقلاله ووحدة أراضيه. ويعلنان إيمانهما بأن زمن السلاح الخارج عن سلطة الدولة اللبنانية، قد انتهى، خصوصاً أن الشعبين اللبناني والفلسطيني، قد تحمّلا طيلة عقود طويلة، أثماناً باهظة وخسائر فادحة وتضحيات كبيرة". وشدّد الجانبان على "تعزيز التنسيق بين السلطات الرسمية، اللبنانية والفلسطينية، لضمان الاستقرار داخل المخيمات الفلسطينية ومحيطها". وتعهد الجانب الفلسطيني "التزام عدم استخدام الأراضي اللبنانية كمنطلق لأي عمليات عسكرية، واحترام سياسة لبنان المعلنة والمتمثلة بعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى والابتعاد عن الصراعات الإقليمية". غير ان هذا الانجاز الذي طال انتظاره، بحسب ما تقول مصادر سيادية لـ"المركزية"، سرعان ما أثار سؤالا هو الاكبر والابرز والاهم اليوم، لناحية تداعياته على مستقبل لبنان ودوره الاقليمي وازدهاره ونموه: متى سنرى أمين عام حزب الله الشيخ نعيم قاسم، جالسا مكان الرئيس عباس؟ متى سيحصل الاجتماع "الاخير" بين الرئيس عون وحزب الله والذي سينتهي ببيان مفصلي تاريخي يتم فيه الاعلان عن تسليم الحزب السلاح وحصره بيد الدولة وانهاء "كل المظاهر الخارجة عن الدولة"؟ متى سيعلن الحزب وقف استخدام لبنان "كمنطلق لأي عمليات عسكرية، واحترام سياسة لبنان المعلنة والمتمثلة بعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى والابتعاد عن الصراعات الإقليمية"؟ وبعد، متى سيقول ان زمن السلاح الخارج عن الدولة، انتهى؟ فرح اللبنانيون بالموقف الفلسطيني امس وهم ينتظرون طبعا التنفيذ العملي، لكن الفرحة الكبرى ستكون عندما يفعل حزب الله الامر نفسه وتطوى ورقة سلاحه الى غير رجعة. فطالما هذا المطلب اللبناني والدولي لم يتحقق، سيبقى لبنان يتخبط في ازماته، تختم المصادر. لارا يزبك - المركزية انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News

لوائح لِمستقلين بوجه "الثنائي" في الجنوب.. فهل يتم خرق جدار بلوكاتها؟
لوائح لِمستقلين بوجه "الثنائي" في الجنوب.. فهل يتم خرق جدار بلوكاتها؟

القناة الثالثة والعشرون

timeمنذ ساعة واحدة

  • القناة الثالثة والعشرون

لوائح لِمستقلين بوجه "الثنائي" في الجنوب.. فهل يتم خرق جدار بلوكاتها؟

كتب شادي هيلانة في القناة الثالثة والعشرين في إنتخابات الجنوب، تبرز لوائح في بعض البلدات لمرشحين مستقلين غير تابعين لثنائي "حزب الله" و"حركة امل"، مثل بلدة أنصار حيث أن المنافسة هناك مشتعلة بين العائلات، فمنهم من ترشح ضمن اللائحة ومنهم مستقلون ومنهم من أنشأ لائحة مؤلفة من شباب وشابات قررت خوض الاستحقاق البلدي طارحة نفسها نموذجاً مختلفاً في الادارة بعيداً عن أي حسابات سياسية او حزبية. ولا يختلف المشهد في النبطية، اذ يقول أحد أبناء المنطقة للقناة الثالثة والعشرين ان هناك مرشحين مستقلين، قد أعطوا الناخب الجنوبي خيارات أُخرى مختلفة تماماً عن لائحة الثنائي، كَوْن المجالس البلدية المتعاقبة منذ العام 2004 لم تكن على قدر التوقعات. وبما أن النبطية مركز للاتحاد واحدى أكبر المدن في لبنان والجنوب فهي تستحق وجود من يطرح عليها مشروعاً انمائياً يُحسنها. فيما الابرز بلدة الدوير، التي تُشكل تحدٍ قوي ضد الحزب والحركة، اذ برزت لائحة "الدوير تجمعنا" بوجه لائحة الثنائي، المؤلفة من 13 عضواً بينهم امرأة واحدة، والتي تحمل هموماً إنمائية بحتة، على إعتبار وفق فعاليات وسكان البلدة، أن هناك مشكلات كبيرة تعاني منها الدوير على مستوى الخدمات كافة، خصوصاً تلك المتعلقة بالنفايات، والمياة أو حتى النشاطات الرياضية والثقافية. وامام وجود لوائح مستقلة تحت مسمى مشاريع انمائية بعيدة عن الاصطفافات الحزبية، ثمة من يسأل هل ستنتصر الديموقراطية جنوباً يوم السبت، وتفرض الخروقات نفسها ويكون لها رأي آخر تكسر بلوكات الثنائي؟ انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News

محمد حيدر… عيون أمل التي أطفأتها الغارة في عيترون
محمد حيدر… عيون أمل التي أطفأتها الغارة في عيترون

القناة الثالثة والعشرون

timeمنذ ساعة واحدة

  • القناة الثالثة والعشرون

محمد حيدر… عيون أمل التي أطفأتها الغارة في عيترون

بينما تعيش قرى جنوب لبنان تحت وطأة التصعيد والغارات المتكررة، جاء نبأ اغتيال محمد حيدر في عيترون ليحمل بعدًا إنسانيًا يتجاوز أرقام الضحايا والمواجهات. لم يكن محمد حيدر مجرد اسم جديد على قائمة الشهداء، بل كان قصة معاناة وأسرة واجهت الأذى مرتين، أولاً بفقدان زوجته بصرها في هجوم سابق، وثانيًا بفقدان محمد نفسه في غارة جديدة. قصة محمد حيدر أمس الأربعاء، استهدفت طائرة مسيّرة إسرائيلية دراجة نارية عند مفترق العنيسة في بلدة عيترون، مما أدى إلى استشهاد محمد حيدر. كانت الغارة جزءًا من سلسلة تصعيد أمني في الجنوب شهدت خلال أقل من 24 ساعة اغتيال ثلاثة أشخاص في عمليات منفصلة. محمد حيدر، ابن البلدة، عُرف بارتباطه الوثيق بعائلته، خصوصًا زوجته أمل، التي فقدت بصرها في هجوم «البيجر» في 17 أيلول الفائت. كان محمد العينين اللتين ترى بهما أمل، يصطحبها بشكل متكرر للعلاج الفيزيائي بعد إصابتها، ويتولى رعاية ابنهما الذي عانى من صدمة نفسية بعد رؤية والدته غارقة في دمائها. هذا وتصاعدت عمليات الاغتيال في جنوب لبنان بشكل لافت خلال الأيام الأخيرة، حيث شهد يوم الاغتيال ذاته سقوط علي سويدان في ياطر، وحسين برجي في عين بعال، وكلها نتيجة غارات لطائرات مسيّرة إسرائيلية، ضمن سياسة استهداف عناصر وقيادات حزب الله. أما هجوم «البيجر» الدموي، فبرجع إلى أيلول الفائت، حين وقعت انفجارات متزامنة في أجهزة اتصال لاسلكية (بيجرات) كان يستخدمها عناصر من حزب الله في الجنوب، وأسفرت عن سقوط قتلى وجرحى بينهم مدنيون من عائلات عناصر الحزب. انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store