logo
العالم منشغل بحرب إيران والفلسطينيون يقتلون بحثاً عن طعام

العالم منشغل بحرب إيران والفلسطينيون يقتلون بحثاً عن طعام

Independent عربيةمنذ 7 ساعات

"ذهب ابني كي يجلب بعض الطحين لعائلته، فعاد مكفناً في التابوت".
هذا ما قاله إياد أبو درابي، الأب لستة أبناء، وهو يشرح كيف قتلت القوات الإسرائيلية ابنه موسى البالغ من العمر 25 عاماً في جنوب غزة خلال الأسابيع الأولى من يونيو (حزيران).
مدفوعاً باليأس والجوع، خرج الشاب خلسة من المنزل مخالفاً رغبة عائلته، سعياً إلى الحصول على الطعام من موقع مخصص لتوزيع المساعدات تدعمه إسرائيل وتديره مؤسسة غزة الإنسانية، المنظمة الخيرية الأميركية المثيرة للجدل الواسع.
تمر كل المساعدات التي تدخل غزة الآن تقريباً عبر فريق الإغاثة الأميركي الذي بدأ عمله في مايو (أيار) بعد أشهر من الحصار الإسرائيلي على كل المواد الغذائية والإغاثية تقريباً. وتوزع المواد الغذائية في مواقع قاتلة مكتظة بالناس يشرف عليها متعاقدون أمنيون أميركيون خاصون والجيش الإسرائيلي.
يصف الغزيون هذه المواقع بأنها "نقاط الموت الأميركية" بسبب المتعاقدين الذين يشرفون عليها.
وتحيط السرية بالمؤسسة التي لديها مصادر تمويل غامضة وشهدت تغييرات عدة في قيادتها وإدارتها منذ إطلاقها.
وتقول وزارة الصحة في غزة إن القوات الإسرائيلية أطلقت النار على الحشود التي تحاول الوصول إلى مواقع توزيع المساعدات الغذائية التابعة لمؤسسة غزة الإنسانية، فتسببت بمقتل ما يقارب 400 فلسطيني وجرح أكثر من 3 آلاف منذ إعادة تفعيل توزيع المساعدات في أواخر مايو.
في عدد من الفيديوهات المنشورة عن هذه النقاط، يظهر أشخاص وهم يختبئون أو يهربون من الرصاص، ويعانون من أجل حمل أكياس المواد الغذائية أثناء فرارهم.

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
رغم المجازر، تشير التقارير إلى أن إدارة ترمب تدرس إمكانية مد المنظمة بنحو 500 مليون دولار (370 مليون جنيه) من خلال الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID) التي قلص حجمها أخيراً.
لكن تركيز العالم هذا الأسبوع ينصب على الاشتباكات التي تتصاعد حدتها بين إسرائيل وإيران. تبادل الطرفان آلاف الصواريخ والمسيرات والقنابل في صراع تهدد نيرانه بإشعال الشرق الأوسط بأسره واستقطاب دول من حول العالم.
وطغت هذه الأنباء على الأحداث المأسوية التي تجري في غزة حيث يقع مليونا نسمة في براثن المجاعة وفقاً للأمم المتحدة. فقد قتل القصف الإسرائيلي على القطاع الضيق الذي لا يتجاوز طوله 35 ميلاً أكثر من 55 ألف شخص منذ الهجمات الدموية التي شنها مسلحو "حماس" على جنوب إسرائيل في أكتوبر (تشرين الأول) 2023.
ولم يكن موسى سوى واحد من بين مئات فقدوا حياتهم في سعيهم المستميت للحصول على لقمة العيش.
يقول الشهود وعائلات القتلى إن الجنود الإسرائيليين أطلقوا النار على الحشود المجتمعة ذلك اليوم فيما تدافع المدنيون الجوعى للحصول على الطعام في أرض مقفرة وقاحلة. وقد أصيب الشاب بنيران دبابة وقتل على الفور إلى جانب نساء وأطفال كما يقول إياد.
ويضيف إياد بيأس، "إن المساعدات مصيدة موت للشباب: وضعت في أرض قاحلة مسيجة، حيث تفتح البوابات أمام عشرات الآلاف كي يتقاتلوا على الإمدادات في غياب أي نوع من التنظيم. إن إسرائيل تترك الناس ليتقاتلوا على لقمة الطعام".
"ذهب من دون علمي وبسبب تضوره من الجوع. لكن هذه ليست مساعدات بل فرصة سانحة أمام مزيد من القتل".
اعترف الجيش الإسرائيلي بإطلاق طلقات تحذيرية على الناس المتجمعين للحصول على المساعدات لكنه ينفي استهداف المدنيين في غزة أو تحول مواقع توزيع المساعدات إلى "مصائد موت". وقال لـ"اندبندنت" إن "حادثة واحدة في الأقل قيد التحقيق".
وأضاف الجيش، "إن جيش الدفاع الإسرائيلي يأسف لأي أذى أصاب أفراداً لا علاقة لهم ويعمل على تقليص الضرر عليهم قدر الإمكان مع الحفاظ على سلامة قواتنا".
أما مؤسسة غزة الإنسانية فقالت إن الحادثة لم تقع داخل موقع المؤسسة فيما زعمت في بيان صحافي أصدرته الإثنين إنها وزعت أكثر من 3 ملايين وجبة في أربعة مواقع "بلا حوادث".
لكن آخر الأحداث، وأكثرها دموية، وقع الثلاثاء. إذ أفادت وزارة الصحة بمقتل 50 شخصاً وإصابة أكثر من 200 كانوا ينتظرون دخول شاحنات الأمم المتحدة والشاحنات التجارية إلى القطاع، محملة بالمواد غذائية هم في أمس الحاجة إليها.
وقال شهود عيان من الفلسطينيين، إن القوات الإسرائيلية قصفت منزلاً على مقربة من الموقع قبل أن تفتح النار على الحشود في مدينة خان يونس جنوبي القطاع.
وبينما لم يبد أن لإطلاق النيران علاقة بشبكة مؤسسة غزة الإنسانية التي أطلقت حديثاً بدعم إسرائيلي، فهذا دليل على الصراع المميت الذي يمر به الفلسطينيون يومياً للحصول على ما يسد رمقهم في وقت وصل فيه سعر كيلو السكر إلى 70 دولاراً. تقول رندة يوسف، الأم العزباء لثلاثة أطفال والبالغة من العمر 42 سنة، إن قريبها محمد قتل في الخامس من يونيو أثناء محاولته الحصول على الطعام من موقع لمؤسسة غزة الإنسانية في رفح. وأضافت أنه كان من المقرر أن يتزوج محمد بعد ثلاثة أيام من مقتله.
وتشرح رندة "أطلق عليه الرصاص في الظهر ووقع أرضاً. لم تتوفر أي وسيلة لنقله، فنزف حتى الموت طوال ثلاث ساعات وسط وابل الرصاص المتواصل".
"لا يمكننا شراء الحاجات الأساسية. فثمن كيلو السكر الواحد 70 دولاراً. ولهذا نخاطر بأرواحنا. أحياناً، يبكي ابني. وصدقاً، لا أعرف كيف أسد رمقه".
"إن المساعدات الأميركية فوضى متعمدة".
اكتفت إدارة بايدن بالقول إنها تحاول إقناع إسرائيل بالسماح بدخول المساعدات إلى غزة من دون أن تحقق أي شيء يذكر، لكن إدارة ترمب تبنت مقاربة عدم التدخل إلى حد كبير.
منعت إسرائيل دخول معظم المواد الغذائية والإغاثية إلى غزة في مارس (آذار)، فانتشر الجوع في القطاع. حذرت المنظمات الإنسانية من جهتها من أن خطر المجاعة يحدق بالجزء الأكبر من سكان غزة البالغ عددهم نحو 2.2 مليون شخص ما لم تكثف المساعدات الإنسانية المرسلة إليهم.
بدأ العمل بالنظام الذي أرسته مؤسسة غزة الإنسانية في مايو لكن المنظمات الإغاثية حذرت من أن هذه العمليات لا تكفي أبداً لسد حاجات السكان. وحذرت الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الإنسانية من جهتها من أخطار الاحتكاك بين القوات الإسرائيلية والمدنيين من طالبي المساعدات، وهي لا تزال تدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار وإلى رفع العراقيل أمام إدخال المساعدات.
يصف مسؤولون سابقون من وزارة الخارجية الأميركية والوكالة الأميركية للتنمية الدولية USAID ممن عملوا سابقاً على توزيع المساعدات الإغاثية في حالات الطوارئ هذا النظام الجديد بأنه "رهيب" و"خطر" وجزء من خطة أشمل هدفها استخدام المساعدات للسيطرة على تحرك الفلسطينيين.
وفي هذا الإطار، قال جيريمي كونينديك الذي أشرف على عمليات الإغاثة من المجاعة طوال ثلاثة أعوام خلال إدارة أوباما وهو اليوم يترأس منظمة اللاجئين الدولية Refugees International "الأمر المأسوي والمثير للغضب في هذا الموضوع هو أنه يحدث تماماً كما كانت أي جهة متمرسة في العمل الإنساني لتتوقع أن يحدث [كما هو متوقع]".
وأضاف، "عندما تقوم آلية توزيع المساعدات على إجبار أعداد هائلة من الجوعى اليائسين بالتجمع بمحاذاة منشآت عسكرية لجيش الدفاع الإسرائيلي، ستقع مجازر [لا محالة]".
وقال السيد كونينديك، إن إنشاء معظم مراكز توزيع المساعدات في جنوب غزة "ليس من قبيل المصادفة"، لا سيما أن الجيش الإسرائيلي يحاول إرغام الفلسطينيين على الخروج من شمال القطاع.
وأضاف، "من المبادئ الأساسية للإغاثة الإنسانية وضع المساعدات في أقرب نقطة ممكنة من وجود السكان. وهم يقومون بعكس ذلك تماماً مما يشير إلى رغبتهم بجر السكان إلى الجنوب".
وتابع بقوله "أعتقد أن في ذلك دليلاً كبيراً على خطتهم على المدى البعيد".
كشف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الشهر الماضي عن خططه لإجبار الفلسطينيين على الانتقال إلى جنوب غزة بعد موافقة الكابينت الأمني على توسيع رقعة العمليات العسكرية في شمال القطاع ووسطه.
وفي كلامه عن العملية، قال "سوف يتم نقل السكان حفاظاً على سلامتهم".
من جانبها، اعتبرت ستايسي جلبرت التي استقالت من وزارة الخارجية الأميركية في 2024 على خلفية امتناع إدارة بايدن عن محاسبة إسرائيل على منع دخول المساعدات إلى غزة، هذه المراكز "حيلة دعائية".
"ليست سوى حيلة دعائية تماماً كعمليات إسقاط المساعدات جواً. وهي حيلة دعائية مثل كارثة الميناء العائم. إنها طرق استخدمتها إدارة بايدن، والآن إدارة ترمب، لمحاولة التعتيم على بذلهم هذه الجهود الخطرة جداً والمكلفة للغاية لمجرد أن إسرائيل تمنع دخول المساعدات. لا يمكن النظر إلى الموضوع بأي طريقة أخرى"، كما قالت لـ"اندبندنت".
وأضافت، "أنه أمر مهين يحط من الكرامة وهو تعريض للخطر ببساطة، والأمر خطر جداً وترتد آثاره على كل المعنيين به".
تعتقد السيدة جلبرت أيضاً أن المراكز قد وضعت بصورة عامة في الجنوب كي تستقطب الفلسطينيين وتبعدهم عن الشمال.
وقالت، "في هذا محاولة لجذبهم جميعاً إلى منطقة واحدة بعيداً من المنطقة التي لا ترغب إسرائيل في وجودهم فيها".
على رغم وقوع مئات الضحايا في مراكز منظمة غزة الإنسانية، ودخول كمية غير كافية من المساعدات إلى غزة، يبدو أن إدارة ترمب تفتح المجال أمام دعم المؤسسة مالياً.
صرح ناطق باسم وزارة الخارجية لـ"اندبندنت" بأن مؤسسة غزة الإنسانية "منظمة مستقلة. ولا تتلقى تمويلاً من وزارة الخارجية".
وأضاف، "مع ذلك فنحن نبحث بصورة متواصلة عن حلول خلاقة لإدخال المساعدات إلى غزة من دون أن تنهبها حماس".
تصر إسرائيل على أن النظام الجديد كان ضرورياً لأن المساعدات كانت تحول إلى "حماس" في ظل النظام السابق القائم منذ فترة طويلة، تحت إدارة الأمم المتحدة، وهي تهمة نفتها الأمم المتحدة و"حماس" على حد سواء.
تقول سلوى الدغمة من مدينة خان يونس جنوب غزة "ليست هذه المساعدات سوى لقمة مغمسة بالدم".
قتل أخوها خالد، الأب لخمسة أطفال، برصاص قناص في وقت سابق من الشهر الجاري في مركز آخر تابع لمؤسسة غزة الإنسانية في رفح بينما كان يحاول الحصول على كيلو طحين واحد لأطفاله- الذين بالكاد تجاوز أصغرهم السنتين من العمر.
عندها أيضاً، أطلقت القوات الإسرائيلية النار على الحشود الضخمة بعد اندلاع الفوضى.
وقالت، "أصابته الرصاصة في رأسه مباشرة. خرج دماغه من الجانب الثاني وقتل على الفور. أغلقت إسرائيل المعابر ومنعت دخول الطعام ثم أتونا بطريقة أخرى لقتل أطفالنا وعائلاتنا".
"هذه مصيدة موت وليست نقطة إغاثة. هم لا يريدون مساعدتنا- بل إنهم يقتلوننا في الواقع".

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

اجتماع جنيف: الأوروبيون يناقشون والأميركيون يقررون
اجتماع جنيف: الأوروبيون يناقشون والأميركيون يقررون

الشرق الأوسط

timeمنذ ساعة واحدة

  • الشرق الأوسط

اجتماع جنيف: الأوروبيون يناقشون والأميركيون يقررون

لم يسفر اجتماع جنيف الوزاري، الجمعة، الذي استمر أربع ساعات في فندق «إنتركونتيننتال» المطل على بحيرة ليمان، بين الوفدين الأوروبي والإيراني، عن أي نتائج إيجابية يمكن أن تؤشر إلى لقاءات لاحقة. وفي الوقت عينه، فإن الضغوط الأميركية على الطرفين المذكورين تتصاعد لجهة حصر مهمة الوساطة الأوروبية في أسبوعين. الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تلقى اتصالا من نظيره الإيراني مسعود بيزكشيان السبت وحثه على التفاوض سبيلا لوضع حد للحرب بين إيران وإسرائيل (رويترز) وفي الوقت ذاته، تواصل واشنطن تعزيز قواتها البحرية والجوية الضاربة في منطقة ممتدة من المحيط الهندي إلى مياه الخليج والبحر الأبيض المتوسط. وكعادته، لم يتردد الرئيس دونالد ترمب في إرباك الأوروبيين بتأكيده، الجمعة، ثلاثة أمور: الأول أن طهران تتواصل مع إدارته، وهو ما ينفيه الجانب الإيراني، فيما تتوفر معلومات عن اتصالات بين الجانبين عبر الوسيط القطري. والثاني أن إيران تريد الحوار مع الجانب الأميركي، وليس مع الأوروبيين. والثالث (وهو الأهم) أن أوروبا لا يمكنها أن تقدم المساعدة في الملف النووي الإيراني. وأهمية تأكيدات ترمب أنها تتناقض تماماً مع الأجواء التي أوحى بها وزراء خارجية فرنسا وألمانيا وبريطانيا، يومي الخميس والجمعة، وقوامها أن المهمة التي يقومون بها تتم بالتنسيق مع الجانب الأميركي. ورغم غياب النتائج، فإن وزير الخارجية الفرنسي الذي طرح في الاجتماع «ورقة العمل» التي صاغها الرئيس ماكرون، والتي تستعيد إلى حد بعيد المطالب الأميركية التي رفضتها إيران خلال ست جولات من المفاوضات المتنقلة بين مسقط وروما، أكد عقب الاجتماع أن «جميع المشاركين أعربوا عن استعدادهم لمواصلة المناقشات»، ولكن من غير تحديد الزمان والمكان. رغم ما سبق، فإن الأمور لا تبدو «مقفلة» تماماً، والدليل على ذلك الاتصال الهاتفي الذي جرى أمس بين الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون بمبادرة من الأول، وذلك رغم الموقف المتشدد الذي تتمسك به باريس (ومعها برلين ولندن)، لجهة رفض تمكين إيران من مواصلة تخصيب اليورانيوم على أراضيها، ودفعها إلى مناقشة برنامجها الصاروخي والباليستي بغرض تحجيمه، ومطالبتها بالكف عن السياسة التي مارستها لسنوات، والتي يعتبرها الغربيون مزعزعة للاستقرار بسبب الدعم الذي توفره لحلفائها ووكلائها في المنطقة. الوزراء الثلاثة ومسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي بعد انتهاء الاجتماع الخاص بالملف النووي في جنيف (إ.ب.أ) ويضاف إليه مساندتها لروسيا عسكرياً في حربها على أوكرانيا. وجاء في تغريدة لماكرون، على منصة «إكس» ما نصه: «أعربتُ (للرئيس بزشكيان) عن قلقي العميق بشأن البرنامج النووي الإيراني. وهنا أيضاً موقفي واضح، وهو أنه يجب ألا تمتلك إيران السلاح النووي، ويقع على عاتقها تقديم جميع الضمانات بأن نياتها سلمية. أنا مقتنع بأنه لا يزال هناك طريق للخروج من الحرب وتفادي مخاطر أكبر. ومن أجل تحقيق ذلك، سنسرّع المفاوضات التي بدأتها فرنسا وشركاؤها الأوروبيون مع إيران». وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي يتحدث في جنيف (أ.ب) مصير الوساطة الأوروبية الأهم فيما كتبه ماكرون ما تضمنته الجملة الأخيرة الخاصة بـ«تسريع المفاوضات» الأوروبية - الإيرانية التي يرى فيها الرئيس الفرنسي وسيلة لوضع حد للحرب، خصوصاً «تفادي مخاطر أكبر» في تلميح لاحتمال أن تنضم الولايات المتحدة الأميركية إلى العمليات العسكرية التي تقوم بها إسرائيل في إيران منذ 13 من الشهر الحالي. والمعنى الآخر لكلام ماكرون أن أوروبا يمكن أن تلعب دوراً، بعكس ما يؤكده ترمب، واعتباره، ضمناً، أن ما لم تحصل عليه واشنطن في المفاوضات المباشرة مع إيران يمكن أن يحصل عليه الأوروبيون، اليوم، بسبب الضربات التي أصابت البرنامج النووي الإيراني والمنظومة العسكرية، سلاحاً وقيادةً، وما يصدر عن الجانب الإسرائيلي حول عزمه على مواصلة الحرب وهو ما زال، حتى اليوم، يتمتع بدعم واشنطن. واللافت فرنسياً كلام وزير الخارجية الذي دعا السبت إلى «النظر في إطلاق المفاوضات مع جميع الأطراف، بما فيها الطرف الأميركي، وذلك من غير انتظار توقف الضربات (العسكرية الإسرائيلية) وهذا ما نتمناه». وشدد بارو على أن المفاوضات وحدها «تتيح لنا أن نجد حلاً لمسألة أمن إسرائيل الذي نتمسك به وأمن الشرق الأوسط وأوروبا... ولذا من المهم جداً العودة إلى المفاوضات». ما يهم الأوروبيين بالدرجة الأولى تجنُّب التصعيد. وما يهم الطرف الإيراني المعزول، عملياً، على المسرح العالمي أن يجد طرفاً يستطيع التفاوض معه يساعده على تخفيف المطالب الأميركية. ومن الناحية النظرية، فإن الطرف الأوروبي هو الأكثر أهلية لذلك، بالنظر للتاريخ الطويل من تعاطي الجانبين في الملف النووي؛ منذ عام 2003. لكن الصعوبة تكمن في أن الترويكا الأوروبية (فرنسا وألمانيا وبريطانيا) تتبنى كلياً المطالب الأميركية، وأولها منع إيران من تخصيب اليورانيوم، بأي درجة كانت، على أراضيها. صورة نشرتها وزارة الخارجية الألمانية تُظهر (من اليمين) وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي ووزير الخارجية الألماني يوهان فادفول وهو يصافح وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في جنيف (أ.ف.ب) ومن المعلوم أن هذه المسألة شكلت الخلاف الأساسي خلال المفاوضات الأميركية - الإيرانية. وعلم في باريس أن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي ردّ على نظرائه الأوروبيين الذين انضمت إليهم كايا كالاس، مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد، بأن هذا المطلب يتناقض مع معاهدة منع انتشار السلاح النووي التي وقَّعت عليها طهران في الستينات. كذلك، فإن عراقجي كرر، في بيان، موقف بلاده الذي يربط السير بالمفاوضات، خصوصاً مع الولايات المتحدة، بوقف العمليات العسكرية ضدها، وهو ما ترفضه إسرائيل إطلاقاً، وفق آخر تصريحات لرئيس وزرائها ووزير دفاعها. وقال عراقجي إن إيران «مستعدة للنظر في حل دبلوماسي إذا وُضع حد للاعتداء، وإذا حُمّل المعتدي (إسرائيل) مسؤولية جرائمه». لا أوراق أوروبية ضاغطة حقيقة الأمر أن مواصلة الأوروبيين لمهمتهم وربما نجاحها مرهونان بالتقبُّل والمشاركة الأميركيين. وعبَّر وزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول عن ذلك صراحة بقوله: «من المهم بالنسبة لنا (كأوروبيين) أن نشارك في المحادثات، ولكن من المهم قبل ذلك أن تكون الولايات المتحدة جزءاً منها وجزءاً من الحل». ودعمه في هذا الموقف نظيره البريطاني ديفيد لامي بقوله: «ندعو إيران إلى مواصلة المناقشات مع الولايات المتحدة». جانب من اللقاء الوزاري الأوروبي - الإيراني في جنيف أمس (أ.ف.ب) ويُستشف من ذلك كله أن الطرف الأوروبي، الراغب في لعب دور ما والعودة إلى طاولة المفاوضات، كما اعتاد على ذلك منذ سنوات، ليس على اطلاع على القرار الذي قد يتخذه الرئيس ترمب، وبالتالي فإنه يسعى للالتصاق به وبطروحاته إلى أقصى حدّ لتجنُّب انتقاداته. وفي لعبة رمي الكرات في ملعب الطرف الآخر، فإن المفاوض الأوروبي لا يتردد في الضغط على المفاوض الإيراني، لأنه الطرف الأضعف، الذي، رغم ذلك، ما زال يقاوم لإنقاذ برنامجه النووي في حده الأدنى بدلاً من الدخول في مواجهة عسكرية مع الولايات المتحدة سيكون هو الطرف الخاسر فيها. في عددها ليوم السبت، نقلت صحيفة «لوموند» الفرنسية عن مصدر إيراني في جنيف قوله: «تود أوروبا إطاراً شاملاً للمفاوضات، لا سيما بشأن الملف النووي، يشمل الولايات المتحدة، ولكن بشكل تدريجي. لقد استمرت المناقشات بين إيران والاتحاد الأوروبي دائماً بفضل الإرادة السياسية من كلا الجانبين، غير أن عودة الولايات المتحدة إلى طاولة المفاوضات لن تكون ممكنة إلا بعد وقف الأعمال العدائية». وبكلام آخر: إيران مستعدة للتحاور مع الأوروبيين سواء توقف القصف الإسرائيلي أم لم يتوقف. تكمن صعوبة المفاوض الأوروبي في أنه لا يملك أي ورقة ضاغطة على إسرائيل ولا على الولايات المتحدة. وبالمقابل، فإنه راغب في استعادة دورٍ فقده مع عودة ترمب إلى البيت الأبيض. ولذا، عليه أن يضاعف الجهود وإثبات جدواه لإقناع الأطراف الثلاثة الأخرى (إيران وإسرائيل والولايات المتحدة) بإفساح المجال أمامه لمواصلة مساعيه، في حين أن الأطراف الثلاثة قادرة على تعطيلها في أي وقت شاءت.

ترمب اجتمع بفريقه للأمن القومي لمناقشة المواجهة بين إيران وإسرائيل
ترمب اجتمع بفريقه للأمن القومي لمناقشة المواجهة بين إيران وإسرائيل

الشرق الأوسط

timeمنذ 2 ساعات

  • الشرق الأوسط

ترمب اجتمع بفريقه للأمن القومي لمناقشة المواجهة بين إيران وإسرائيل

عقد دونالد ترمب اجتماعا لمجلس الأمن القومي، الثلاثاء، لمناقشة المواجهة بين إيران وإسرائيل، فيما يدرس الرئيس الأميركي احتمال الانضمام إلى الحرب. وقال مسؤول في البيت الأبيض مشترطا عدم كشف اسمه إن الاجتماع في «غرفة العمليات» استمر ساعة و20 دقيقة، من دون الخوض في أي تفاصيل. يأتي الاجتماع إثر تشديد ترمب لهجته ضد المرشد الإيراني علي خامنئي، مما زاد التكهنات بشأن تدخل عسكري أميركي محتمل في المواجهة المتواصلة منذ خمسة أيام. وقال مسؤولون أميركيون إن ترمب يبقي كل الخيارات مطروحة، مع تأكيده أن واشنطن لم تنخرط إلى الآن في الحملة. ومن بين الخيارات التي يدرسها، يعد الأكثر احتمالا استخدام قنابل خارقة للتحصينات ضد منشأة فوردو لتخصيب اليورانيوم المقامة في عمق الجبال، والتي لا تستطيع القنابل التي تمتلكها إسرائيل من الوصول إليها. وقالت صحيفة «نيويورك تايمز» إن ترمب يدرس أيضا السماح لطائرات الإمداد الأميركية بتزويد المقاتلات الإسرائيلية بالوقود لكي تتمكن من أداء مهام بعيدة المدى. وقال مسؤولون أميركيون إن الأولوية لترمب تكمن في وضع حد للبرنامج النووي الذي تقول الدول الغربية إن إيران تستغله من أجل حيازة سلاح نووي، وهو ما تنفيه طهران. لكن منشورا لترمب الثلاثاء أوحى بأن خيار اغتيال خامنئي ليس مستبعدا بالكامل، بعد أيام قليلة على قول مسؤول أميركي لوكالة الصحافة الفرنسية إن الرئيس الأميركي عارض خطة إسرائيلية لاغتياله. وجاء في منشور لترمب على منصته «تروث سوشال»: «نعرف بالتحديد أين يختبئ المدعو المرشد الأعلى. هو هدف سهل، لكنه في مأمن هناك. لن نقضي عليه (نقتله!)، على الأقل ليس في الوقت الحالي». يذكر أن ترمب قطع مشاركته في قمة مجموعة السبع في كندا وعاد إلى واشنطن.

ماذا يمكن أن تفعل الحكومة اليمنية في ظل توقف صادرات النفط؟
ماذا يمكن أن تفعل الحكومة اليمنية في ظل توقف صادرات النفط؟

حضرموت نت

timeمنذ 2 ساعات

  • حضرموت نت

ماذا يمكن أن تفعل الحكومة اليمنية في ظل توقف صادرات النفط؟

ماذا يمكن أن تفعل الحكومة اليمنية في ظل توقف صادرات النفط؟ في اليمن، لطالما مثّلت صادرات النفط شريان حياة للاقتصاد الوطني ومصدرًا رئيسيًا لتغطية نفقات الدولة. لكن مع نهاية عام 2022، تلقت هذه العجلة المالية ضربة كبيرة نتيجة هجمات حوثية استهدفت موانئ تصدير النفط في محافظتي حضرموت وشبوة بجنوب اليمن، ما أدى إلى توقف شبه كامل في عمليات التصدير. توقف الصادرات لم يكن مجرد خلل عابر في موازنة الدولة، بل تسبب بسلسلة من التداعيات الهيكلية طالت المالية العامة، وقيمة العملة المحلية، ومستوى معيشة المواطنين، وأدت إلى تفاقم أزمة رواتب الموظفين وتمويل الخدمات. أمام هذا الوضع المعقّد، تُطرح تساؤلات جوهرية حول الخيارات المتاحة أمام الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا: هل يمكن تجاوز هذا الانهيار عبر تفعيل موارد بديلة؟ أم أن الأمر يتطلب إصلاحًا أعمق في البنية الإدارية والاقتصادية المهترئة؟ التقرير التالي يحاول استكشاف جذور الأزمة الاقتصادية الحالية في اليمن، ومدى ارتباطها بتوقف صادرات النفط، ويستعرض أبرز البدائل والمقترحات المطروحة من قبل خبراء اقتصاديين ومختصين يمنيين، ضمن رؤية تحليلية تسعى لفهم ما إذا كانت البلاد تقف عند حافة الهاوية أم على أعتاب تحول اقتصادي ممكن. الضربة النفطية شكّل توقف صادرات النفط، منذ أواخر عام 2022، نقطة تحول مفصلية في مسار الانهيار المالي الذي تشهده الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا. فعلى مدار سنوات الحرب، مثّل النفط الخام مصدرًا مركزيًا للإيرادات، وكان يشكّل ما بين 60 إلى 70 في المئة من الموازنة العامة بحسب تقديرات الخبراء. لكن مع استهداف جماعة الحوثي لميناءي 'الضبة' في حضرموت و'النشيمة' في شبوة، فقدت الدولة هذا الشريان الحيوي دفعة واحدة. وفقًا لإحاطة في مايو الماضي قدمها عبدالله السعدي، مندوب اليمن لدى الأمم المتحدة، فقد بلغت الخسائر الناتجة عن توقف الصادرات النفطية نحو 7.5 مليار دولار منذ أكتوبر 2022 وحتى منتصف عام 2025، وهو رقم يعكس حجم الفجوة التي خلفها غياب المورد النفطي في موازنة تعاني أساسًا من الهشاشة. ويرى الخبير الاقتصادي اليمني ووزير التخطيط السابق رأفت الأكحلي أن التوقف لم يكن مجرد عثرة في طريق الموارد بل بمثابة 'ضربة قاصمة' لكيان مالي هشّ بالأساس. وأكد في تصريح لمركز سوث24 أن حرمان الدولة من العملة الصعبة الناتجة عن تصدير النفط أفقدها القدرة على الوفاء بالالتزامات الأساسية، وعلى رأسها دفع رواتب موظفي القطاع العام ودعم خدمات مثل الكهرباء والمياه. وأشار إلى تأثيرات مضاعفة، ليست فقط على المالية العامة، بل تمتد إلى تدهور قيمة الريال اليمني وارتفاع معدلات التضخم، بما يفاقم من فقر المواطنين ويضعف القدرة الشرائية بشكل كارثي. كما لفت إلى أن رحيل الشركات النفطية الأجنبية بسبب المخاطر الأمنية يشكل خسارة استراتيجية إضافية، لأن استعادة ثقتها وعودتها ستتطلب وقتًا وجهدًا في بيئة استثمارية غير مستقرة. وفي هذا الصدد، حذر الخبير الاقتصادي مصطفى نصر من التداعيات العميقة لتوقف صادرات النفط، مشيرًا إلى أن هذا المورد ركيزة أساسية للمالية العامة. وأوضح نصر أن ذروة الإيرادات النفطية سُجلت خلال الفترة ما بين 2018 و2022، حيث تجاوزت المليار دولار، وهو رقم يُعد ضخمًا مقارنة ببقية مصادر الإيرادات الأخرى المتواضعة نسبيًا. وأضاف أن الأثر المباشر لهذا التوقف بدأ ينعكس بوضوح منذ عام 2024، متوقعًا أن يستمر تأثيره السلبي خلال النصف الأول من عام 2025، لا سيما في ظل غياب بدائل حقيقية. وأكد أن هذا الانقطاع فاقم الأزمة المالية الراهنة وأسهم في تدهور مستويات المعيشة، نتيجة ضعف القدرة الشرائية وتراجع قدرة الحكومة على الوفاء بالتزاماتها الأساسية تجاه المواطنين تداعيات التوقف لم يتوقف أثر توقف صادرات النفط عند حدود ميزانية الدولة، بل امتدّ سريعًا إلى عمق الحياة اليومية للمواطن اليمني، خصوصًا في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة. فقد أدى غياب تدفقات العملة الصعبة إلى تراجع غير مسبوق في قيمة الريال اليمني، الذي سجّل في يوم الخميس 19 يونيو 2025 أعلى مستوى من الانهيار في تاريخه، إذ بلغ سعر الدولار الأمريكي نحو 2700 ريالًا للشراء و2727 ريالًا للبيع في العاصمة عدن ومحافظات أخرى. هذا الانهيار في العملة، المصحوب بشلل في مصادر التمويل الحكومية، أطلق موجات تضخّم حادة طالت أسعار السلع والخدمات الأساسية، وألقت بأعباء ثقيلة على المواطن، الذي يعيش في ظروف معيشية هشة أصلًا. ومع تآكل القدرة الشرائية وتضاعف أسعار الغذاء والوقود، باتت رواتب الموظفين – حين تُصرف – غير قادرة على تأمين الحاجات الأساسية. في موازاة ذلك، تعطلت عشرات المشاريع الحكومية التي كانت تعتمد في تمويلها على عائدات النفط، وتوقفت أعمال صيانة البنية التحتية، وتراجعت خدمات الكهرباء والمياه والنقل، فيما ازدادت معاناة القطاعات الصحية والتعليمية بفعل نقص الموارد التشغيلية. الأزمة لم تكن اقتصادية فقط، بل تحوّلت إلى ورقة ضغط سياسي بيد الحوثيين، الذين وجدوا في ضعف الحكومة وعجزها عن صرف الرواتب فرصة لتعزيز موقفهم، خصوصًا في ظل تباينات حادة داخل صفوف الحكومة نفسها. فقد بات العجز عن تقديم الخدمات والتزامات الدولة مدخلًا لاستنزاف مشروعيتها أمام المواطنين، في الوقت الذي يستخدم فيه الحوثيون هذه الورقة كأداة لتقويض شرعية خصومهم وفرض خطابهم السياسي. أزمة إدارة رغم فداحة الخسائر التي نجمت عن توقف صادرات النفط، يرى كثير من الخبراء أن الأزمة أعمق من مجرد غياب هذا المورد، بل تعكس فشلًا هيكليًا في الإدارة العامة، وسوء تخطيط مزمن، وتفشيًا للفساد في مفاصل الدولة. في هذا السياق، تقول د. فاطمة باعمر، عضو الهيئة الاقتصادية في المجلس الانتقالي الجنوبي، إن الحكومات المتعاقبة لم تمتلك في أي وقت أجندة اقتصادية واضحة، وإن ما يجري هو نتيجة 'فشل ذريع في إدارة الموارد وتحديد الأولويات'. وتشير إلى أن المجلس الانتقالي قدم منذ عام 2021 مقترحات استراتيجية لمعالجة الوضع الاقتصادي، غير أن معظمها تم تجاهله، ما قاد إلى تفاقم الانهيار الحاصل. وتضيف باعمر أن الإنفاق الحكومي ظل مفرطًا في بنود غير ضرورية، منها الامتيازات الممنوحة للوزراء والنفقات الباهظة للسفارات بالخارج بالعملة الصعبة، في وقت يواجه فيه المواطنون في الداخل أزمة معيشية خانقة. الأدهى من ذلك، كما تقول، أن سياسة الإنفاق لم تتغير حتى بعد خسارة الدولة 70% من إيراداتها النفطية، ما يعكس غيابًا تامًا للمسؤولية. وجهة النظر ذاتها يتبناها الصحفي المصري المتخصص في الشأن اليمني، حسام السعيدي، الذي يرى أن التركيز على النفط بوصفه السبب الوحيد للأزمة هو تشخيص مضلل. ويشير إلى أن هناك موارد كبيرة تم تعطيلها بفعل الإهمال أو التواطؤ، مثل الجمارك والضرائب، إضافة إلى التهريب الممنهج عبر المنافذ، الذي يحدث أمام أعين السلطات دون أي تدخل فعّال. ويضيف السعيدي أن الحكومات المتعاقبة اكتفت بلعب دور 'المتفرج' على مظاهر الانفلات المالي، متجاهلة الإصلاحات الضرورية، ويقترح حزمة من الإجراءات العاجلة، منها تقليص البعثات الدبلوماسية، ووقف رواتب المسؤولين في الخارج، وتشكيل حكومة تكنوقراط مصغّرة لإدارة المرحلة بفعالية أكبر. البدائل المتاحة في ظل هذا الواقع المتأزم، لا تبدو خيارات الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا واسعة، لكنها تظل ممكنة في حال توفرت الإرادة السياسية والخطط القابلة للتنفيذ. فالاعتماد المفرط على النفط بوصفه المورد الوحيد أظهر هشاشة المنظومة الاقتصادية، وفتح الباب أمام طرح تساؤلات جادة حول سبل تنويع الإيرادات وتفعيل البدائل الكامنة. الخبير الاقتصادي مصطفى نصر يرى أن الحكومة، رغم مرور أكثر من عامين على توقف التصدير، لم تطور أي بدائل مستدامة حقيقية، واكتفت خلال الفترة الماضية على تلقي المنح من المانحين الإقليميين والدوليين. وبرأيه، تمثل الأزمة الحالية فرصة سانحة لإعادة هيكلة الإيرادات العامة، والتحول نحو مصادر دائمة لا ترتبط بأزمات سياسية أو عسكرية. في الاتجاه ذاته، يقترح رأفت الأكحلي خارطة طريق من خمس أولويات إصلاحية يمكن للحكومة السير فيها لإنعاش الوضع الاقتصادي على المدى المتوسط: 1. إصلاح النظام المالي والضريبي: عبر رفع كفاءة تحصيل الموارد المحلية، وتحديث المنظومة الضريبية، وتفعيل آليات الجباية من مختلف الأنشطة التجارية والمناطق غير الملتزمة بتوريد إيراداتها إلى البنك المركزي، كمارب وتعز. 2. التركيز على القطاعات التصديرية غير النفطية: خاصة المنتجات الزراعية والثروة السمكية، وهي قطاعات تمتلك ميزة تنافسية في اليمن، ويمكن أن تدرّ عملة صعبة وتوفر فرص عمل واسعة النطاق. 3. تسريع التحول الرقمي في إدارة الدولة: بما يعزز الشفافية ويقلّص فرص الفساد، مع الاعتماد على أنظمة مالية رقمية تتيح تتبع الإنفاق والإيرادات بفعالية. 4. الاستثمار في الطاقة المتجددة: لا سيما في الأنظمة اللامركزية للطاقة الشمسية، بما يقلل الاعتماد على الوقود المستورد ويوفر حلولًا دائمة للمناطق الريفية والقطاعات الإنتاجية. 5. دعم ريادة الأعمال والمشاريع الصغيرة والمتوسطة: كوسيلة لتحريك عجلة الاقتصاد من القاعدة إلى القمة، وبناء قطاع خاص محلي قادر على التوسع والنمو خارج إطار الاعتماد على الدولة. وبرغم واقعية هذه المقترحات، يشدد الأكحلي على أن نجاحها مرهون بدعم دولي عاجل ومشروط، داعيًا السعودية والإمارات إلى ربط أي دعم مالي جديد ببرنامج إصلاح واضح، وتقديم المساعدة الفنية اللازمة لتطبيقه، مع ضرورة بناء شراكة قوية مع القطاع الخاص اليمني. لكن نظرة حسام السعيدي أقل تفاؤلًا، إذ يرى أن الفساد المستشري سيبتلع أي دعم أو خطة إصلاحية. ويتساءل بمرارة: 'أين ذهبت مليارات الدولارات التي قُدمت سابقًا؟'. في إشارة إلى ضعف الرقابة وغياب الشفافية. ويقارن بين أداء الحكومة اليمنية خلال أكثر من عقد، وبين ما يسميه 'النجاح النسبي السريع' الذي حققته حكومة دمشق الجديدة في سوريا، معتبرًا أن الانطلاقة الحقيقية لأي إصلاح يجب أن تأتي من الداخل، لا من الخارج. هذا الطرح تعززه مجددًا فاطمة باعمر، التي تكشف عن عمليات تهريب ممنهج للعملة الصعبة إلى مناطق الحوثيين، تُسهم عمليًا في تمويل الحرب ضد الحكومة نفسها. كما تنتقد عجز البنك المركزي عن إلزام مؤسسات الإيرادات الكبرى بتوريد أموالها، مما يفرغ صلاحياته من مضمونها، ويُضعف ثقة الشركاء الدوليين بأي إصلاح مرتقب. من هذا المنظور، فإن البدائل موجودة، لكنها مُعلقة بالإرادة، ومشروطة بمعركة جادة ضد الفساد، ومرتبطة بإعادة تعريف دور الدولة بعيدًا عن منطق الريع والهدر، نحو نموذج إنتاجي مستدام. عبد الله الشادلي صحفي ومحرر لدى مركز سوث24 للأخبار والدراسات ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عدن تايم , ولا يعبر عن وجهة نظر حضرموت نت وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عدن تايم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة على المصدر السابق ذكرة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store