
هل يتراجع مسار السلام بين روسيا وأوكرانيا تحت ضربات التصعيد؟
باتت الحرب الروسية الأوكرانية على موعد مع مرحلة جديدة بعد التصعيد العسكري المتبادل مؤخرا، وتعثر المفاوضات الهادفة إلى إنهاء الحرب المتواصلة منذ 3 أعوام ونيف، وسط تناقض مصالح الأطراف الإقليمية والدولية المعنية بالحرب.
يأتي ذلك في حين أعلنت وزارة الدفاع الروسية في 6 يونيو/حزيران 2025 توجيه ضربة صاروخية مكثفة استهدفت مكاتب التصميم ومؤسسات الصناعة العسكرية ومراكز التدريب الأوكرانية وغيرها من مواقع الطاقة والنقاط الحيوية، ردًًّا على هجمات كييف الأخيرة التي استهدفت 4 مطارات عسكرية روسية وعشرات الطائرات الرابضة فيها.
ويرى محللون أن التصعيد المتبادل قاد إلى توترات انعكست على سير المفاوضات التي عقدت في تركيا، مما يهدد مسار الحوار وخطة وقف إطلاق النار والتوصل إلى هدنـة، حيث يضع هذا التصعيد تحديات كبيرة أمام الجهود والوساطات الدولية الرامية لإيجاد حل سلمي من شأنه إنهاء الصراع.
تعثر في صفقات جزئية
ويبدو أن الأجواء المشحونة بين روسيا وأوكرانيا فعلت فعلها حتى على مستوى الصفقات الجزئية، فقد أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن أوكرانيا تماطل في تنفيذ صفقة لتبادل جثث جنود يبلغ عددهم نحو 6 آلاف، ليصبح مصيرهم معلقا إلى أجل غير مسمى.
واعتبر المتحدث باسم الرئاسة الروسية ديمتري بيسكوف أن "حجج كييف" في عدم المضي في الصفقة "من غير المرجح أن تكون معقولة"، بينما رأى ديمتري ميدفيديف نائب رئيس مجلس الأمن الروسي أن "كييف لا تتسلم جثث جنودها لأنها تخشى الاعتراف بأن هناك 6 آلاف جثة ولا تريد دفع تعويضات لأرامل الجنود".
من جهته، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن هذه القضية تحتاج إلى دراسة متأنية للغاية والتحقق من كل شيء، مضيفا أنه "من بين 6 آلاف جثة تم تحديد 15% فقط من هويات الجنود"، وفقا لما نقلته صحيفة "أوكراينسكايا برافدا".
وفي وقت لاحق، أعلنت الهيئة الحكومية الأوكرانية المسؤولة عن الملف، الأربعاء، استعادة جثامين نحو 1212 من جنودها الذين قتلوا في روسيا في واحدة من أكبر العمليات من نوعها منذ بدء الهجوم الروسي قبل أكثر من 3 سنوات.
هل تواطأ الغرب مع الهجوم الأوكراني؟
من وجهة نظر روسيا، فإن أوكرانيا بادرت إلى تنفيذ هجماتها بالمسيرات في عمق الأراضي الروسية قبل يوم من المفاوضات بهدف إفشالها وبدفع من جهات داخل الولايات المتحدة وأوروبا تريد للحرب أن تستمر.
وفي تأكيد من موسكو لوجهة نظرها بوجود تواطؤ غربي مع أوكرانيا غير معلن لإفشال المفاوضات، قال رئيس وفد المفاوضات الروسي فلاديمير ميدينسكي إن الوفد الأوكراني في مفاوضات عام 2022 بدا أكثر استقلالية وحرية مما كان عليه هذا العام، لافتا إلى أنه كان من الممكن توقيع معاهدة السلام في 28 فبراير/شباط 2022 لو أرادت أوكرانيا ذلك واتخذت القرارات بنفسها وفقا لما نقلته قناة "آر تي".
لكن مسؤولا حكوميا أوكرانيا قال لرويترز غداة الهجوم إن أوكرانيا لم تخطر الولايات المتحدة مسبقًا بالهجمات، وهو ما أكدته مصادر بإدارة الرئيس دونالد ترامب، بقولها لشبكة "سي بي إس" الأميركية إن البيت الأبيض لم يكن على علم بالهجوم.
ويرى مدير مركز "جي إس إم" للأبحاث الإستراتيجية والخبير بالشأن الروسي آصف ملحم أن مفتعل الهجوم الأوكراني غير المسبوق يريد إعاقة المفاوضات وتفجيرها، مضيفا أن الجانب الروسي "فهم الرسالة فورا وأرسل وفده إلى تركيا، لأن روسيا تريد الوصول إلى سلام عادل وشامل وطويل الأمد".
من جهته، يرى الباحث محمود علوش أن الظروف التي يمكن أن تنقل مستوى المسار السياسي من مستوى النقاش والدبلوماسية المكثفة إلى مستوى الإنتاج الفعلي للحلول لا تزال بعيدة أو لم تنضج بعد"، مشيرا في حديث للجزيرة نت إلى أنه "ربما في الفترة المقبلة ستبقى هناك حالة من عدم الوضوح في سباق بين المسار السياسي والعسكري، وأن هذه الحرب لن تنتهي إلا بتسوية سياسية".
ورغم التعاطي الروسي البارد مع الهجوم الأوكراني الذي وصف بالجريء وغير المسبوق، فإن المراقبين أجمعوا على أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لن يدعه يمر من دون رد قاس، وهو ما حدث في 6 يونيو/حزيران الجاري مع توجيه موسكو أكبر هجوم لها بالمسيرات على أوكرانيا منذ بدء الحرب، الأمر الذي خلّف قتلى وجرحى واستهدف منشآت عسكرية وسككا حديدية.
وفي تعليقه، خلص الخبير ملحم في حديثه للجزيرة نت إلى استبعاد إمكانية عقد لقاء -في ظل أجواء التصعيد المتبادل- بين الرئيس الروسي ونظيره الأوكراني.
مصالح أوروبية بين الحرب والسلام
وبينما تدعم الدول الأوروبية مسار السلام بين موسكو وكييف، تخشى من أن يؤدي إنهاء الحرب بطريقة تسمح لروسيا بإعلان انتصارها إلى أضرار على أمنها الإستراتيجي والحاجة إلى ترميم منظومتها للردع المنهارة، لا سيما في ظل تراجع المظلة العسكرية الأميركية في أوروبا.
ومنذ بداية الأزمة الأوكرانية الروسية، قدمت الدول الأوروبية دعما ماديا وعسكريا بلغ نحو 138 مليار يورو مساعدات مادية، أي بأكثر من 23 مليار يورو مما قدمته الولايات المتحدة الأميركية ونحو 64 مليار يور مساعدات عسكرية، وذلك وفقا لتقديرات موقع متتبع للدعم الأوكراني الرسمي.
كذلك أعلنت دول أوروبية عدة من داخل الاتحاد الأوروبي وخارجه، وفق مقترح فرنسي وألماني، انخراطها في محادثات لتشكيل تحالف عسكري يهدف إلى حماية أوكرانيا وإرسال قوات إليها في حال التوصل إلى اتفاق لوقف الحرب، وأبدت دول في غرب أوروبا دعمها للفكرة أو استعدادها لنقاشها.
فما الذي ستجنيه الدول الأوروبية من ضخ كل هذه المساعدات رغم أنها تعيش أزمة اقتصادية خانقة في السنوات الأخيرة؟
تشير هذه المعطيات إلى تمسك أوروبي بدور مهم في مسار الحرب في أوكرانيا وأيضا في طريقة إنهائها، وذلك بما يتفق مع المصالح الأوروبية على المستويات الأمنية والعسكرية والجيوسياسية.
يرى الدكتور محمود علوش أن "الدول الأوروبية لديها مصلحة في أن يكون هناك سلام بين روسيا وأوكرانيا، ولكن هذا السلام لا يعني انتصارا لروسيا، لذلك هم يواجهون مشكلة كبيرة الآن، ويعتقدون أن الدفع الأميركي باتجاه أي سلام مع روسيا يمكن أن يؤدي إلى نتائج عكسية على مصالحهم".
ويعتقد علوش أن الانخراط الأوروبي في دعم عملية السلام هو أمر حيوي ومهم وسيكون ضرورة لإنجاح فرص هذه العملية، ولكنّ لديهم هاجسا كبيرا من هذا المسار من جهة، ومن السياسة الأميركية التي ينتهجها ترامب في ما يتعلق بالحرب وعلاقته مع روسيا من جهة أخرى.
ويمكن القول إن أوروبا تستطيع عرقلة أي سلام لا يحقق مصالحها وترى أنه يحقق النصر لروسيا ولا يضمن سلاما عادلا بين موسكو وكييف، بحسب الباحث والمحلل السياسي.
تصعيد روسي متواصل ولكنه محسوب
يتوقع خبراء ومحللون أن الرد الروسي لن يقف عند حدود هجمات 6 يونيو/حزيران 2025، بل سيكون بداية لتصعيدات عسكرية في مناطق أوكرانية متعددة، إذ كشفت السلطات الأوكرانية في 9 يونيو/حزيران 2025 أن روسيا هاجمت البلاد بنحو 479 مسيرة في ليلة واحدة، وقد اعتبرته أكبر رقم قياسي لهجمات الطائرات المسيرة منذ بداية الصراع.
وعن طريقة الرد الروسي الأخير على الهجمات الأوكرانية الأخيرة وإمكانية استمراريته، قال الخبير السياسي آصف ملحم "إن الجانب الأوكراني أراد استفزاز روسيا للقيام برد نووي ما، لأن استهداف أوكرانيا بقنبلة نووية تكتيكية سيؤدي إلى هروب جميع الأموال والخبرات والصناعات والمهارات من أوروبا إلى أميركا، وهذا الشيء أدركته روسيا فورا، لذلك هي غير معنية بأي رد نووي على أوكرانيا، مع العلم أن ما قامت به كييف يستدعي هذا الرد".
من جانبه، أكد الباحث في العلاقات الدولية محمود علوش أن "هذا التصعيد من الممكن أن يقوّض الفرص الجديدة الناشئة من أجل دفع مسار عملية السلام بين روسيا وأوكرانيا، ولكن هذا المسار لا يزال قويا على الرغم من التصعيد لمجموعة من الاعتبارات".
فبرأي علوش، فإن روسيا وأوكرانيا بحاجة لحل سياسي ينهي هذه الحرب، وأيضا انسجاما مع التحول في الموقف الأميركي بعد تولي ترامب السلطة وتركيزه على مسار السلام والذي أصبح أقرب إلى الواقعية مما كان عليه في السنوات السابقة، بالإضافة إلى الدبلوماسية التي تقوم بها تركيا والتي تشكل عاملا مساعدا لتعزيز فرص السلام بين البلدين.
ويرى أن روسيا تحاول تحييد المسألة الأوكرانية من العلاقة مع الولايات المتحدة، إذ تحاول تسوية مشاكلها مع أميركا وترك الأزمة الأوكرانية كأنها أزمة أوروبية لا علاقة لأميركا بها.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
كيف تقرأ أنقرة التصعيد بين إسرائيل وإيران؟
أنقرة- بينما تتجه أنظار العالم إلى التصعيد المتسارع بين إسرائيل و إيران ، تجد تركيا نفسها على خط التماس الجيوسياسي، حيث تتقاطع المخاوف الأمنية مع الحسابات الدبلوماسية والمصالح الاقتصادية الحيوية، وتتعامل أنقرة مع واقع جديد ينذر بإعادة تشكيل خرائط التحالفات والاصطفافات في المنطقة. وتبرز تركيا كأحد أكثر الأطراف المعنية بتداعيات هذا التصعيد بحكم موقعها الجغرافي المجاور "لبؤر التوتر"، وارتباطها بشبكات نقل الطاقة والمصالح الإستراتيجية في الإقليم العربي وآسيا الوسطى. وبينما تحاول الحفاظ على توازن دقيق بين انتقادها المعلن للسياسات الإسرائيلية، وتجنب القطيعة مع إيران، تدرك أنقرة أن أي انزلاق نحو مواجهة مفتوحة قد يُلحق ضررا مباشرا بأمنها القومي واستقرارها الداخلي، ويُربك أولوياتها في السياسة الخارجية. تصعيد مقلق وأدانت الخارجية التركية بشدة -في بيان- الهجوم الإسرائيلي على إيران، واصفة إياه بأنه "استفزاز سافر وانتهاك صارخ للقانون الدولي"، محذرة من أنه يهدد بجر المنطقة إلى صراع أوسع. وأكدت أن أنقرة لا ترغب في رؤية المزيد من الدماء تراق في الشرق الأوسط، داعية المجتمع الدولي إلى التحرك العاجل لاحتواء التصعيد ومنع تفجر نزاع إقليمي شامل. يرى المحلل السياسي محمود علوش، أن التصعيد العسكري الراهن بين إسرائيل وإيران لا يغير فقط في طبيعة العلاقة بين أنقرة وطهران، بل يعيد خلط الأوراق على مستوى الإقليم بأسره. واصفا ما يجري بأنه فصل جديد من حرب السابع من أكتوبر، لكنه "أكثر خطورة وتعقيدا". وقال للجزيرة نت، إن أنقرة تنظر بقلق إلى هذا التصعيد من زوايا متعددة، نظرا لكون إيران دولة جارة، محذرا من أن أي تحرك إسرائيلي أو أميركي يستهدف إسقاط النظام الإيراني قد يُفضي إلى تداعيات ثقيلة على الأمن القومي التركي. ووفقا له، فإن تراجع النفوذ الإيراني في بعض ساحات المنطقة -مثل سوريا- أتاح فرصا لأنقرة لتعزيز حضورها، لكنه في الوقت نفسه خلق تحديات جديدة، خصوصا مع سعي إسرائيل إلى ملء هذا الفراغ وتكريس نفسها لاعبا محوريا في هندسة توازنات القوة في الشرق الأوسط، وهو ما تعتبره تركيا مصدر قلق إستراتيجي. ويعتقد علوش، أن تركيا قد تمتلك في هذه المرحلة هامشا للعب دور دبلوماسي فاعل في التواصل بين واشنطن وطهران لاحتواء التصعيد، لكن هذا الاحتمال -في رأيه- يبقى مرهونا بنوايا واشنطن وتل أبيب: فإن كان الهدف من الضغوط، هو دفع إيران إلى طاولة التفاوض وفق الشروط الأميركية، فقد تنخرط أنقرة في دور وساطة حيوي. أما إذا كان الهدف يتجاوز ذلك نحو تفكيك النظام الإيراني، فإن تركيا ستكون مضطرة إلى التكيف مع مشهد إقليمي جديد، يحمل في طياته مزيجا من التهديدات والفرص. حياد مسؤول من جانبه، يرى المحلل السياسي علي أسمر، أن هذا التصعيد يضع أنقرة أمام واحدة من أعقد لحظاتها الدبلوماسية، إذ تتحرك ضمن حقل ألغام إقليمي يفرض عليها التزام أقصى درجات التوازن. ويؤكد أنها لا تنطلق من مواقف اصطفافية، بل من حرص واضح على حماية استقرار إقليمي بات أكثر هشاشة من أي وقت مضى. ويوضح للجزيرة نت، أن أنقرة بحكم موقعها ومكانتها الجيوسياسية، محكومة بلعب دور الوسيط لا الخصم، والتصرف بعقلانية مسؤولة، وليس بحياد سلبي. ورغم توتر علاقتها التاريخية مع طهران، خصوصا في الملف السوري، فإن ما يثير قلقها اليوم هو "محاولات إيران إعادة التمركز داخل سوريا بأدوات غير رسمية تغذي الفوضى بدلا من دعم الاستقرار، وهو ما ترفضه تركيا قطعا". في المقابل، يعتبر الباحث، أن الضربات الإسرائيلية ليست سوى محاولة لصرف الأنظار عن العدوان المتواصل على غزة، مشددا على أن رفض أنقرة لهذا النهج لا يعني انحيازا لإيران، بل رفضا صريحا لمنطق القوة الذي يهدد بانفجار واسع. ويخلص إلى أن تركيا تنتهج سياسة خارجية "عقلانية وحذرة"، ترفض الحرب المفتوحة، وتدعو إلى حل سياسي شامل في فلسطين، في الوقت الذي تعمل فيه على ترسيخ مكانتها كقوة إقليمية مستقلة، توازن بين المبادئ والمصالح دون التورط في محاور مغلقة أو مواجهات عبثية. أهداف إستراتيجية من ناحيته، يرى الأكاديمي والمحلل السياسي مصطفى يتيم، أن العملية العسكرية الإسرائيلية تحمل أهدافا إستراتيجية واضحة، يمكن تلخيصها في ثلاثة محاور رئيسية: استهداف القادة العسكريين الكبار. تدمير البنية التحتية النووية الإيرانية. شل القدرات الدفاعية والعسكرية لطهران. ويؤكد للجزيرة نت، أن هذه العملية تعكس اختلالا إستراتيجيا واضحا، إذ إنها تظهر مدى هشاشة الردع الإيراني رغم سنوات من المواجهة مع إسرائيل، وهو ما يتجلى في استمرار تل أبيب في تنفيذ اغتيالات وهجمات معقدة داخل العمق الإيراني دون ردع فعال. ويقول إن الموقف الأميركي في هذا التصعيد ينطوي على دلالات مهمة، فواشنطن لم تعد في موقع القادر على كبح جماح إسرائيل، بل تقف في موقع المتفرج أو المتواطئ الصامت، كما أوحت به تصريحاتها الأخيرة التي اكتفت بتأكيد عدم التدخل ما لم تُستهدف المصالح الأميركية مباشرة. ويذهب يتيم إلى اعتبار العملية الإسرائيلية جزءا من مسار متصاعد من الأحادية والتفلت من الضوابط الدولية، مؤكدا أن إسرائيل تحاول فرض واقع جديد في الإقليم تقوم فيه بدور القوة الوحيدة القادرة على التدخل في كل الساحات، دون أن تخضع لأي محاسبة قانونية أو سياسية، كما ظهر جليا في عدوانها على غزة. ويختتم، إن العملية تحمل في طياتها بعدا يتجاوز مجرد الضغط على إيران للتفاوض، لتُلامس فكرة تغيير النظام ذاته، في مشهد يعيد خلط موازين القوة في المنطقة، ويهدد بدوامة صراع يصعب احتواؤها في حال غياب تدخل دولي فاعل، لا سيما من واشنطن. اضطراب اقتصادي في السياق، يرى المحلل الاقتصادي بلال بغيش، أن التصعيد العسكري في الشرق الأوسط يأتي في لحظة تتسم بتزايد الاضطرابات العالمية، وكان من المتوقع أن تتصرف دول المنطقة بمزيد من المسؤولية لتفادي مزيد من الفوضى. ويؤكد للجزيرة نت، أن إيران تُعد بلدا محوريا في معادلات الطاقة وسلاسل الإمداد بين الشرق والغرب، وعليه فإن أي تصعيد في الداخل الإيراني ستكون له انعكاسات مباشرة على مشاريع كبرى مثل مبادرة " الحزام والطريق"، وأمن الإمداد عبر "الممر الأوسط"، إضافة إلى حركة انتقال الطاقة من الخليج عبر مضيق هرمز. وفي رأيه، سيؤدي هذا الوضع حتما إلى ارتفاع أسعار الطاقة وتزايد الطلب على "الملاذات الآمنة" اقتصاديا، وأن ما جرى بعد الحرب الروسية الأوكرانية سيتكرر الآن بنسخة شرق أوسطية، وهو ما سيعزز من أهمية تركيا كمركز بديل من حلول تجارية وإستراتيجية، وكطريق عبور آمن للموارد والطاقة. ويقول بغيش، إن أنقرة، بموقعها الجغرافي المحوري وثقلها الاقتصادي والسياسي، ستبرز كأكثر الدول أهمية في إدارة المرحلة المقبلة، لا سيما في ظل بحث القوى الدولية عن بدائل آمنة ومستقرة. وفي حين يتوقع أن تتعرض الاستثمارات التركية في آسيا الوسطى والتدفقات التجارية والطاقة المرتبطة بها لضغوط سلبية على الأمد القصير، إلا أنه يرى أن المسار العام سيتحول لصالح أنقرة. ويؤكد أن هذه الأزمة، رغم مخاطرها، ستُسهم على الأمد المتوسط والطويل في تقوية موقع تركيا كممر إستراتيجي ومركز حلول، وتعزز من قدرتها على لعب دور محوري في رسم ملامح الترتيبات الاقتصادية الجديدة في المنطقة.


الجزيرة
منذ 2 ساعات
- الجزيرة
إيران تحت القصف.. العالم يحبس أنفاسه وإدانات واسعة للهجوم الإسرائيلي
تراقب العواصم العالمية مآلات التصعيد في المنطقة بعد الهجوم الواسع الذي شنته إسرائيل في وقت مبكر من صباح اليوم الجمعة، على مواقع متعددة في إيران، بينها منشآت نووية ومصانع صواريخ باليستية ، كما اغتالت قادة عسكريين وعلماء نوويين في هجوم اليوم. وأعربت العديد من دول العالم، وخصوصا في منطقة الشرق الأوسط عن إدانتها للهجوم، داعية لضبط النفس، ووقف التصعيد، في حين ما زالت العديد من الدول تلتزم الصمت. وحذرت العديد من دول العالم من مخاطر الانزلاق نحو مستوى غير مسبوق من التصعيد، بينما صدرت مواقف غربية تؤكد تفهمها للهجوم الإسرائيلي، وتؤكد حق إيران في الدفاع عن نفسها. ندد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالهجوم، واصفا إسرائيل بأنها "قطاع طرق" تسعى لجر العالم إلى كارثة. وقال في منشور على منصة "إكس" إن "على الأسرة الدولية أن تضع حدا لسلوك قطاع الطرق الإسرائيلي الذي يستهدف الاستقرار العالمي والإقليمي". وبدورها، حذرت وزارة الخارجية التركية من أن الهجمات ستؤدي إلى تصعيد خطير، مؤكدة أن إسرائيل ترفض الحلول الدبلوماسية. قطر: تصعيد خطير يهدد الاستقرار شدد رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني على أنه بينما تعمل دول العالم لإيجاد حلول دبلوماسية تدمر تصرفات إسرائيل فرص السلام. وأضاف أنه لا بد للمجتمع الدولي من إيقاف هذه التجاوزات الخطيرة قبل فوات الأوان. كما أعربت وزارة الخارجية القطرية في بيان عن إدانتها الشديدة واستنكارها البالغ للهجوم الإسرائيلي على إيران، واعتبرته انتهاكا صارخا لسيادة إيران وأمنها، وخرقا واضحا لقواعد ومبادئ القانون الدولي. وعبرت قطر عن بالغ قلقها إزاء هذا التصعيد الخطير، الذي يأتي في سياق نمط متكرر من السياسات العدوانية التي تهدد أمن واستقرار المنطقة، وتعرقل الجهود الرامية إلى خفض التصعيد والتوصل إلى حلول دبلوماسية. وشددت على ضرورة تحمّل المجتمع الدولي مسؤوليته القانونية والأخلاقية لوقف هذه الانتهاكات الإسرائيلية بشكل عاجل. كما أكدت الخارجية القطرية أن رئيس الوزراء وزير الخارجية أجرى اتصالات مع وزراء خارجية السعودية ومصر والأردن وإيران. إعلان السعودية: ندين الاعتداءات الإسرائيلية السافرة أعربت المملكة العربية السعودية عن إدانتها واستنكارها الشديد للاعتداءات الإسرائيلية السافرة تجاه إيران، قائلة إن تلك الاعتداءات تمس سيادة وأمن إيران، وتمثل انتهاكا ومخالفة صريحة للقوانين والأعراف الدولية. أكدت أن على المجتمع الدولي ومجلس الأمن مسؤولية كبيرة تجاه وقف هذا العدوان بشكل فوري. وأكدت الخارجية السعودية أن وزيرها أجرى اتصالات مع نظرائه الإيراني والمصري والأردني لبحث تداعيات الهجوم. سلطنة عمان: الهجوم يمثل سلوكا عدوانيا عبرت سلطنة عمان عن أن الهجوم الإسرائيلي على إيران يمثل تصعيدا خطيرا ومتهورا، ويشكل انتهاكا صارخا لميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي، كما يمثل سلوكا عدوانيا مرفوضا ومستمرا يقوض أسس الاستقرار في المنطقة". وقالت "وإذ تحمّل سلطنة عمان إسرائيل المسؤولية عن هذا التصعيد وتداعياته، فإنها تدعو المجتمع الدولي إلى اتخاذ موقف واضح وحازم لوقف هذا النهج الخطير، الذي يهدد بإقصاء الحلول الدبلوماسية وتقويض أمن واستقرار المنطقة". الإمارات تدين وتعبر عن القلق أدانت دولة الإمارات بأشد العبارات الاستهداف العسكري الإسرائيلي الذي تعرضت له إيران. وعبرت في بيان عن قلقها العميق إزاء استمرار التصعيد وتداعياته على الأمن والاستقرار في المنطقة. العراق يستنكر ويشكو لمجلس الأمن أكد رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني أن توقيت الاعتداء على إيران يكشف عن نية متعمدة للتصعيد وجر المنطقة إلى مواجهة أوسع بدلا من منعها. وجدد السوداني الرفض القاطع لاستخدام أراضي العراق أو مجاله الجوي في تنفيذ أو تسهيل أي أعمال عدوانية ضد أي دولة مجاورة. وذكر بيان لوزارة الخارجية العراقية أن "جمهورية العراق قدمت شكوى رسمية إلى مجلس الأمن الدولي، أعربت فيها عن إدانتها واستنكارها الشديدين لقيام الكيان الصهيوني بخرق الأجواء العراقية، واستخدامها في تنفيذ اعتداءات عسكرية في المنطقة". وأشار البيان إلى أن "الشكوى أكدت أن هذه الممارسات تمثل انتهاكا صارخا لسيادة العراق، وتجاوزا لأحكام القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، لا سيما المبادئ المتعلقة باحترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية". الأردن يدين ويرفض استخدام مجاله الجوي أدان الأردن الهجوم الإسرائيلي على إيران، واعتبره انتهاكا صارخا لسيادة دولة عضو في الأمم المتحدة وخروجا سافرا عن قواعد القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة. أكدت وكالة الأنباء الأردنية تعليق حركة الطيران أمام جميع الطائرات الآتية والمغادرة والعابرة للمملكة مؤقتا، في ظل توقع هجمات متبادلة بين إيران وإسرائيل. كما أكدت الحكومة الأردنية أنها لن تسمح باستخدام مجالها الجوي ولن "يكون الأردن ساحة لأي صراع" بعد الضربات الإسرائيلية على إيران التي توقع ردا منها. وكانت عشرات الصواريخ والمسيرات التي أطلقتها إيران على إسرائيل في أكتوبر/تشرين الأول الماضي اعترضت في المجال الجوي الأردني. مصر تعتبر الهجوم تصعيدا سافرا أدانت مصر، الجمعة، العدوان الإسرائيلي على إيران، واعتبرته "تصعيدا إقليميا سافرا بالغ الخطورة". أفادت وزارة الخارجية المصرية في بيان بأنها تتابع "بقلق بالغ التطورات الحالية المتسارعة"، معتبرة العدوان الإسرائيلي على إيران "انتهاكا فاضحا للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، وتهديدا مباشرا للأمن والسلم الإقليمي والدولي". ووصفت مصر الهجمات الإسرائيلية، بأنها "عمل غير مبرر سيؤدي إلى مزيد من إشعال فتيل الأزمة، ويقود إلى صراع أوسع في الإقليم". قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب لشبكة "إيه بي سي" إن إدارته منحت الإيرانيين فرصة، ولم يستغلوها وتلقوا ضربة قاسية جدا، مؤكدا أن هناك المزيد في المستقبل. وخلال حديثه مع الشبكة، وصف ترامب الهجوم على إيران "بالممتاز". وجوابا عن سؤال عن أي دور أميركي في الهجوم على إيران، قال "لا أريد الرد على ذلك". كما قال ترامب "أعطينا إيران الفرصة تلو الأخرى للتوصل لاتفاق"، مضيفا أنه طلب من إيران إبرام صفقة، ولكن بغض النظر عن مدى محاولتهم ومدى اقترابهم لم يتمكنوا من إنجازها. وقال يجب على إيران التوصل إلى اتفاق قبل أن يذهب كل شيء وإنقاذ ما كان عرف سابقا بالإمبراطورية الإيرانية، وفق تعبيره. وفي تصريح آخر، أكد ترامب أن جيش بلاده لم يشارك بأي شكل في الضربات الجوية الإسرائيلية على إيران، مشددا على أنه لن يشارك أبدا في أي ضربات محتملة، وفق ما نقلته قناة فوكس نيوز. وقال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو إن إدارة ترامب اتخذت جميع الخطوات لحماية القوات الأميركية، مشيرا إلى تنسيق مستمر مع شركاء واشنطن الإقليميين. الصين تعارض انتهاك سيادة إيران أكدت الصين أنها تعارض انتهاك سيادة إيران وأمنها وسلامة أراضيها، وتعارض تفاقم التناقضات وتوسيع الصراعات وزيادة توتر الوضع الإقليمي بشكل مفاجئ. ودعت جميع الأطراف المعنية إلى بذل المزيد من الجهود لتعزيز السلام والاستقرار الإقليميين، وتجنب المزيد من التصعيد للوضع المتوتر. وأكدت الصين أنها مستعدة للقيام بدور بناء في تهدئة الوضع. روسيا: الهجوم الإسرائيلي غير مقبول نددت روسيا بالضربات الإسرائيلية على إيران ووصفتها بأنها "غير مقبولة" و"غير مبررة". وأعلنت وزارة الخارجية الروسية في بيان أن "الضربات العسكرية غير المبررة على دولة ذات سيادة عضو في الأمم المتحدة ومواطنيها ومدن مسالمة نائمة ومنشآت نووية ومنشآت للطاقة غير مقبولة إطلاقا". ونقلت وكالات أنباء روسية عن المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف قوله إن "روسيا قلقة وتدين التصعيد الحاد للتوتر". وأكدت موسكو مجددا أنه لا يمكن التوصل إلى تسوية في الملف النووي الإيراني إلا دبلوماسيا، ودعت الجانبين إلى ضبط النفس. وأوصت السفارة الروسية في إسرائيل الروس بعدم السفر إليها. فرنسا: لإسرائيل حق الدفاع عن النفس قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن باريس نددت مرارا بالبرنامج النووي الإيراني، وأكدت أن لإسرائيل الحق في حماية نفسها. وكتب ماكرون في منشور على منصة إكس يقول إنه تحدث مع عدد من قادة العالم، من بينهم ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس الأميركي دونالد ترامب. ودعا جميع الأطراف إلى ضبط النفس، دون أن يوضح ما إذا كان قد تحدث مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. ومن جانبه، دعا وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو جميع الأطراف إلى ضبط النفس وتجنب أي تصعيد قد يهدد الاستقرار الإقليمي. وأضاف "عبرنا مرارا عن قلقنا البالغ إزاء البرنامج النووي الإيراني، لا سيما في أحدث قرار اعتمدته الوكالة الدولية للطاقة الذرية". وأكد مجددا على حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد أي هجوم. بلجيكا تعبر عن القلق أعرب وزير الخارجية البلجيكي ماكسيم بريفوت على منصة إكس عن قلقه من أن يؤدي العدوان الإسرائيلي على إيران إلى مزيد من عدم الاستقرار في المنطقة. وأضاف بريفوت أن بلاده تدعو جميع الأطراف إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس وتجنب التصعيد بأي ثمن. وفي إشارة إلى الجولة الجديدة من المحادثات النووية الأميركية الإيرانية المقررة في 15 يونيو/حزيران الجاري، قال بريفوت إنه ينبغي ألا تؤثر هذه التطورات العسكرية سلبا على الجهود الدبلوماسية. ألمانيا تدعو لتجنب التصعيد دعا المستشار الألماني فريدريش ميرتس الجانبين إلى الامتناع عن اتخاذ خطوات قد تؤدي إلى مزيد من التصعيد وزعزعة استقرار المنطقة بأسرها. قال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر إن التصعيد لا يخدم أحدا في المنطقة، وإنه يجب أن يكون الاستقرار في الشرق الأوسط هو الأولوية. وأضاف نتواصل مع شركائنا لخفض التصعيد. والآن هو وقت ضبط النفس والهدوء والعودة إلى الدبلوماسية. أستراليا تشعر بالقلق أما وزيرة الخارجية الأسترالية بيني وانج، فقال إن بلاده تشعر بالقلق من التصعيد بين إسرائيل وإيران. واعتبر أن هذا "يهدد بمزيد من زعزعة الاستقرار في منطقة مضطربة أصلا". ودعا جميع الأطراف إلى الامتناع عن الأفعال والتصريحات التي من شأنها أن تزيد من تفاقم التوترات. وأضاف ندرك جميعا أن برنامج إيران النووي والصاروخي الباليستي يمثل تهديدا للسلم والأمن الدوليين، ونحث الأطراف على إعطاء الأولوية للحوار والدبلوماسية. اليابان تأسف لاستخدام القوة العسكرية قال وزير الخارجية الياباني تاكيشي إيوايا إنه "في خضم الجهود الدبلوماسية الجارية، بما يشمل المحادثات بين الولايات المتحدة وإيران للتوصل إلى حل سلمي للقضية النووية الإيرانية، استخدام القوة العسكرية أمر مؤسف للغاية". وأكد أن الحكومة تدين بشدة هذا الإجراء الذي يصعد الوضع. قال وزير الخارجية التشيكي يان ليبافسكي إن إيران أخفقت منذ فترة طويلة في الوفاء بالتزاماتها للمجتمع الدولي وتطور برنامجها النووي، وفي الوقت ذاته لديها خطاب يهدف لتدمير دولة إسرائيل. وأضاف شهدنا أنها نفذت مرتين هجمات بصواريخ باليستية وطائرات مسيرة في العام ونصف العام المنصرمين على إسرائيل هي وحماس وحزب الله وتسعى لتدمير دولة إسرائيل. وخلص إلى القول: "لذلك أتفهم بشكل كبير.. العمل العسكري للردع عن إنتاج قنبلة نووية في المنطقة". الاتحاد الأوروبي يدعو لضبط النفس دعت رئيسة مفوضية الاتحاد الأوروبي أورسولا فون دير لاين الأطراف إلى التحلي بضبط النفس وتجنب الرد بالمثل في أعقاب العدوان الإسرائيلي على إيران الذي طال عدة أهداف بينها منشآت نووية. ووصفت فون دير لاين في منشور على منصة إكس، الجمعة، الوضع في الشرق الأوسط بأنه مقلق جدا. وأكدت أن الحل الدبلوماسي بات أكثر إلحاحا من أي وقت مضى من أجل استقرار المنطقة والأمن العالمي. من جانبها، وصفت مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي كايا كالاس، في منشور على منصة إكس، الوضع في الشرق الأوسط بأنه خطير. ودعت كالاس الأطراف إلى التحلي بضبط النفس ومنع تصعيد التوتر، مشددة على استعدادها لدعم أي جهود دبلوماسية تهدف إلى خفض التوتر. الناتو يدعو لخفض التصعيد قال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته إن "هذا العمل جاء بشكل أحادي الجانب من إسرائيل. لذلك أعتقد أن من الضروري للكثير من الحلفاء بما في ذلك الولايات المتحدة العمل فورا على خفض التصعيد". وكالة الطاقة الذرية تحذر قال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي إنه يدعو جميع الأطراف إلى التحلي بأقصى درجات ضبط النفس لتجنب المزيد من التصعيد. أكد أن أي عمل عسكري يعرض سلامة وأمن المنشآت النووية للخطر ينذر بعواقب وخيمة على شعب إيران والمنطقة وما هو أبعد من ذلك. وأضاف أنه أبلغ "السلطات المعنية باستعدادي للسفر في أقرب وقت ممكن لتقييم الوضع وضمان السلامة والأمن ومنع الانتشار النووي في إيران.


الجزيرة
منذ 4 ساعات
- الجزيرة
ما الأسباب الحقيقية للهجوم الإسرائيلي على إيران؟ وكيف سترد؟
موسكو- أدانت وزارة الخارجية الروسية الضربات الإسرائيلية على الأراضي الإيرانية، وقالت في بيان لها "ندين بشدة العمل العسكري الذي قامت به دولة إسرائيل، والذي ينتهك ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي". كما أعربت الوزارة عن قلقها البالغ من أن تؤدي هذه الهجمات إلى تصعيد خطير للتوتر في الشرق الأوسط، ووصفتها بأنها "ضربات عسكرية غير مبررة ضد دولة عضوة ذات سيادة في الأمم المتحدة، ومواطنيها، ومدنها الهادئة، ومنشآت بنيتها التحتية للطاقة النووية، وهو أمر غير مقبول قطعيا". وأشارت إلى أن "تصرفات إسرائيل تزامنت مع انعقاد جلسة لمجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية ، وعشية جولة أخرى من الاتصالات بين طهران والولايات المتحدة بشأن البرنامج النووي، وهذا ما يجعل هذا الهجوم مثيرا للسخرية". وأكدت الوزارة أن مسؤولية عواقب التصعيد تقع على عاتق القيادة الإسرائيلية لأنها "اتخذت خطوة مقصودة نحو مزيد من تفاقم الصراع". وأوضحت أن موسكو تنتظر من الوكالة تقييما موضوعيا للوضع وتحليلا شاملا لعواقب الهجمات على المنشآت النووية في إيران ، وأنها تأمل أن يدرك الغرب -الذي أثار هستيريا معادية لطهران- النتائج الكارثية لسياسته. من جانبه، يرى الخبير في الشؤون الشرق أوسطية أندريه أونتيكوف أن الهدف من وراء الهجمات الإسرائيلية ليس البرنامج النووي الإيراني كما يقول رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة، لأن طهران لا تملك المستوى الكافي من اليورانيوم المخصب لإنتاج أسلحة نووية. ووفقا لما يقوله أونتيكوف للجزيرة نت، يكمن الهدف الحقيقي في محاولة نتنياهو الخروج من الأزمات الداخلية لأن العملية العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة دخلت في نفق مسدود، فضلا عن الضغوط التي يتعرض لها من جانب المعارضة والمظاهرات المناهضة لسياساته. وتابع أن نتنياهو وجد المخرج في اللجوء نحو التصعيد من خلال شن الهجمات على إيران، والحصول على نزاع طويل الأمد يمكنه من البقاء في السلطة. ولا يتوقع أونتيكوف ردود فعل جدية وخطوات عملية من جانب روسيا، متحدثا عن رد الفعل الدبلوماسي وبيانات الإدانة، ومشيرا إلى أن موسكو ستكون إلى جانب إيران في الأمم المتحدة "لأنه من الواضح أن الجمهورية الإسلامية تعرضت لعدوان"، متوقعا أن تحبط الولايات المتحدة وبريطانيا أي مشروع قرار يدين إسرائيل. وبرأيه، فإن السؤال يجب أن يوجه إلى الإدارة الأميركية لأن "حليفها الإستراتيجي في المنطقة (إسرائيل) تجاوز كل الحدود التي يمكن أن يتخيلها العقل". رد متناسب بدوره، رأى الخبير الإستراتيجي رولاند بيجاموف أن الهجمات الإسرائيلية جرى تنفيذها بشكل وترتيبات تضع رد الفعل الإيراني في سياق العدوان والرد غير المتكافئ من وجهة نظر المنظومة الغربية. وتوقع بيجاموف -في تعليق للجزيرة نت- أن يكون الرد إلإيراني "متناسبا" مع حجم الضربات الإسرائيلية، وستجد طهران وسيلة لتحقيق ذلك. ولفت إلى أن إسرائيل تحاول من خلال الشخصيات والمواقع التي استهدفتها التأثير على الوضع السياسي الداخلي في إيران ، أما من الناحية العسكرية فقد هدفت الضربة إلى التقليل من مستوى القدرات والإمكانيات العسكرية لدى طهران. ووصف بيجاموف دور المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي بالسلبي، وذلك من خلال تصريحاته التي سبقت الضربة الإسرائيلية، وقال فيها إن طهران باتت قادرة على صنع سلاح نووي، مما أعطى غطاء سياسيا غير مباشر للهجوم وأحبط المفاوضات الأميركية الإيرانية في سلطنة عمان. رد حتمي بدروه، وصف الخبير في الشؤون الأمنية نيكولاي بابكين التصعيد بين إسرائيل وإيران بالخطير للغاية وغير المسبوق ويقوض معايير الردع القائمة. وقال بابكين للجزيرة نت إنه رغم "ادعاء" كلا الجانبين عدم سعيهما لحرب شاملة فإن خطر سوء التقدير أو دورة انتقامية لا يمكن السيطرة عليها بات مرتفعا للغاية. ووفقا له، فإن تدمير البرنامج النووي الإيراني بالكامل من خلال الغارات الجوية أمر مستحيل، فهو "مشتت ومدفون في أعماق الأرض ومحصن، ومن المرجح أن تكون لديه قدرة احتياطية وخطط للطوارئ". وقد تعطله الضربات بشكل كبير أو تعيق تقدمه لأشهر أو سنوات، ومع ذلك سيتم الحفاظ على المعرفة والبنية التحتية الأساسية، مما يسمح لإيران بإعادة بناء برنامجها، بل من المرجح أن يعزز عزمها على تطوير أسلحة نووية كرادع، حسب بابكين. ويؤكد الخبير ذاته أن طهران سترد "حتما" على الهجوم الإسرائيلي، لأن خلاف ذلك سيكون ضربة قاسية لسمعتها ونفوذها اللذين تضررا بالفعل بعد أحداث سوريا ولبنان. واعتبر أن العملية الإسرائيلية تقوض بشكل خطير وربما تدمر في المستقبل المنظور آفاق استئناف المحادثات النووية، لأن طهران ستعتبر أي هجوم -خاصة إذا كان مدعوما بموافقة أو رضوخ غربي- دليلا على عدم جدوى الدبلوماسية، وأن أمنها لا يمكن ضمانه إلا بالردع النووي. وخلص إلى أنه رغم الصعوبات الاقتصادية فإن إيران أثبتت قدرتها على الصمود في وجه عقود من الضغوط، وبنت جهازا أمنيا قويا وفعالا في وجه التهديدات الداخلية المعارضة، ومن المرجح أن تعزز هذه الضربات روايتها عن الدفاع عن الوطن من العدوان الخارجي، وحشد الدعم المحلي "مؤقتا على الأقل"، وترسيخ موقفها، وفي هذا السياق لا يعد تغيير النظام هدفا عسكريا واقعيا لإسرائيل.