logo
المواقف السعودية تتواصل لمساندة الحكومة والشعب.. إنعاش الاقتصاد السوري بدعم مالي للموظفين

المواقف السعودية تتواصل لمساندة الحكومة والشعب.. إنعاش الاقتصاد السوري بدعم مالي للموظفين

سعورسمنذ 2 أيام

واستمرارًا لجهود السعودية وقطر في دعم وتسريع وتيرة تعافي الاقتصاد السوري، وامتدادًا لدعمها السابق في سداد متأخرات سوريا لدى مجموعة البنك الدولي، التي بلغت نحو 15 مليون دولار، أعلنت السعودية وقطر عن تقديم دعم مشترك للعاملين في القطاع العام السوري لثلاثة أشهر.
بحث العلاقات
استقبل الرئيس السوري أحمد الشرع، في قصر تشرين بالعاصمة دمشق ، وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان، والوفد الاقتصادي الرفيع المستوى المرافق له.
ونقل وزير الخارجية، في بداية الاستقبال، تحيات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، لفخامته والشعب السوري الشقيق.
وجرى خلال الاستقبال استعراض العلاقات الثنائية بين البلدين، وبحث السبل الرامية لدعم أمن واستقرار المنطقة، واستعراض المساعي الهادفة إلى تقوية اقتصاد سوريا ومؤسساتها، وبما يسهم في تحقيق تطلعات شعبها الشقيق. توجيه من ولي العهد
على وقع زيارته الرسمية إلى سوريا ، رفقة وفد اقتصادي سعودي رفيع المستوى، أكد وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان أن ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، الأمير محمد بن سلمان، وجه بتقديم أشكال الدعم والإسناد لسوريا كافة، مبينا أن السوريين أمامهم فرصة لبناء وطنهم، والسعودية ستدعمهم في تحقيق ذلك.
وخلال مؤتمر صحفي مع نظيره السوري أسعد الشيباني، قال وزير الخارجية السعودي: «استعرضنا فرص تعزيز التعاون الثنائي بما يعكس التعاون الأخوي، ونتطلع لتعزيز الشراكة بين البلدين».
وشدد الأمير فيصل بن فرحان على أن «المملكة تتطلع إلى تعزيز الشراكة مع الأشقاء في سوريا بما يسهم في ترسيخ الاستقرار، ودعم فرص النهوض الاقتصادي، لتكون سوريا في موقعها ومكانتها الطبيعية».
وتابع: «السعودية تثمن استجابة الرئيس الأمريكي برفع العقوبات عن سوريا. كما تثمن الإعلان المماثل من المملكة المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي، وهي خطوات من شأنها أن تعزز ثقة الشعب السوري في مستقبله».
وأضاف وزير الخارجية: «رفع العقوبات سيسهم في دوران عجلة الاقتصاد المعطلة منذ عقود، وسينعكس سريعا على التنمية والازدهار والاستقرار». وقال: «المملكة ستقدم، بمشاركة قطر ، دعما ماليا مشتركا للعاملين بالقطاع العام في الجمهورية السورية».
وأكد الأمير فيصل بن فرحان أن «السعودية ستظل في مقدمة الدول التي تقف إلى جانب سوريا في مسيرة إعادة الإعمار والنهوض الاقتصادي»، لافتا إلى أن «هناك توجها من المستثمرين للاستفادة من هذه الفرص في سوريا ، مما يعزز المصالح المشتركة للبلدين».
وأضاف: «لدى سوريا الكثير من الفرص والقدرات، والشعب السوري أثبت في دول المهجر والعالم بأسره أنه قادر على الإبداع والإنجاز وبناء وطنه، ونحن معه في ذلك».
الدعم السعودي لسوريا
قال وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني: «دعم السعودية لسوريا كان دعما واضحا وعميق الأثر، وذلك منذ لحظة تحرير البلاد»، مشيرا إلى أن «العقوبات لم تضعف الحكومات، بل أضعفت الأسر السورية»، ومشددا على أن «رفع العقوبات الغربية عن سوريا ليس إلا بداية، إذ إن العمل الحقيقي بدأ الآن».
وأضاف الشيباني: «اتخذنا خطوات جادة لتوفير الخدمات للمواطنين، ووقعنا اتفاقية منذ يومين مع شركات دولية، لتأمين الغاز اللازم لتوليد الطاقة الكهربائية»، متابعا: «خيارنا في سوريا السيادة الاقتصادية، وقوة شراكتنا مع السعودية تكمن في المصالح المشتركة».
وشدد على أن «إعادة إعمار سوريا لن تفرض من الخارج، بل من قِبل الشعب السوري، ونرحب بكل إسهام في هذا المجال»، مضيفا: «هوية سوريا الجديدة وطن يعود إلى مكانه الطبيعي بين أشقائه العرب وأصدقائه».
ووصل وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان، السبت، إلى العاصمة السورية دمشق ، في زيارة رسمية، برفقة وفد اقتصادي رفيع المستوى، يضم كلا من: المستشار بالديوان الملكي محمد بن مزيد التويجري، ونائب وزير المالية عبدالمحسن بن سعد الخلف، ومساعد وزير الاستثمار الدكتور عبدالله بن علي الدبيخي، ووكيل وزارة الخارجية لشؤون الاقتصاد والتنمية عبدالله بن فهد بن زرعه، وعدد من المسؤولين في مختلف القطاعات.
وقد ذكرت الخارجية السعودية، في بيان، أن الوفد الاقتصادي الرفيع المستوى سيعقد جلسة مشاورات مع نظرائهم من الجانب السوري، «تهدف لبحث سبل العمل المشترك بما يسهم في دعم اقتصاد سوريا ، ويعزز من بناء المؤسسات الحكومية فيها، ويحقق تطلعات الشعب السوري الشقيق».
أبرز ما جاء في زيارة وزير الخارجية إلى سوريا
- تقديم دعم مالي من السعودية وقطر للعاملين في القطاع العام السوري.
- دور محوري سعودي في إعادة إعمار سوريا.
- السعودية وسوريا تدخلان في مرحلة قوية من التعاون الاستثماري والاقتصادي المشترك.
- توقيع اتفاقية كبرى في مجال الطاقة.
- تيسير أداء الحج لمئات السوريين، خاصة عائلات الشهداء تكريما لهم.
- تزور دمشق لاحقا وفود سعودية في مجالات الطاقة والزراعة والمعلوماتية وغيرها.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ثروات أثرياء روسيا ترتفع بأكثر من 22.5 مليار دولار منذ بداية 2025
ثروات أثرياء روسيا ترتفع بأكثر من 22.5 مليار دولار منذ بداية 2025

الوئام

timeمنذ 22 دقائق

  • الوئام

ثروات أثرياء روسيا ترتفع بأكثر من 22.5 مليار دولار منذ بداية 2025

ارتفعت ثروات كبار رجال الأعمال الروس خلال الأشهر الخمسة الأولى من عام 2025 بأكثر من 22.5 مليار دولار، وفقًا لما أظهره مؤشر 'بلومبرغ للمليارديرات'، الذي يرصد بشكل يومي تحركات ثروات أغنى 500 شخصية حول العالم استنادًا إلى أسعار أسهم الشركات التي يمتلكون حصصًا فيها. وكان من أبرز المستفيدين من هذا الارتفاع رجل الأعمال فلاديمير بوتانين، رئيس شركة 'نورنيكل' المتخصصة في إنتاج النيكل والمعادن، حيث زادت ثروته بنحو 3.82 مليار دولار، لتصل إلى 31.7 مليار دولار، محافظًا بذلك على موقعه كأحد أغنى رجال الأعمال في روسيا. كذلك شهدت ثروة رجل الأعمال عليشر عثمانوف، المساهم الرئيسي في شركة 'ميتالوينفيست' لإنتاج خام الحديد، قفزة قدرها 3.7 مليار دولار، لتبلغ 16.9 مليار دولار. في المقابل، سجل ديمتري ريبلوفليف، مالك نادي موناكو الفرنسي، أكبر تراجع في الثروة بين الأثرياء الروس، حيث فقد نحو 1.77 مليار دولار من إجمالي ثروته، التي تراجعت إلى 9.21 مليار دولار، نتيجة تقلبات الأسواق وانخفاض قيمة بعض الأصول التي يملكها. ويضم مؤشر بلومبرغ للمليارديرات 25 رجل أعمال روسيًا من بين قائمة أغنى 500 شخصية عالمية. ويعكس هذا النمو في الثروات جزئيًا تعافي الاقتصاد الروسي، وتحسّن أداء بعض القطاعات الاستراتيجية، مثل التعدين والصناعة والطاقة، رغم الضغوط الخارجية والتقلبات الجيوسياسية.

لماذا لا يزال التضخم مرتفعا في بريطانيا مقارنة بالدول الغربية؟
لماذا لا يزال التضخم مرتفعا في بريطانيا مقارنة بالدول الغربية؟

Independent عربية

timeمنذ 23 دقائق

  • Independent عربية

لماذا لا يزال التضخم مرتفعا في بريطانيا مقارنة بالدول الغربية؟

تبدو بريطانيا كم يعيش حالاً من التضخم الاقتصادي الخاص، فالمملكة المتحدة لا تزال تعاني أعلى معدلات التضخم بين الاقتصادات الغربية الكبرى على رغم أن موجة زيادة الأسعار التي أعقبت جائحة "كوفيد-19" تراجعت في معظم دول العالم المتقدم. عاود التضخم الارتفاع مرة أخرى بالمقارنة مع ذروته في أواخر عام 2022، إذ ارتفعت أسعار المستهلكين بنسبة 3.5 في المئة في أبريل (نيسان) مقارنة بـ2.6 في المئة في مارس (آذار)، مما يعني أن "بنك إنجلترا" لا يزال أمامه كثير من العمل ليصل إلى هدفه البالغ اثنين في المئة. ماذا حدث للتضخم؟ وارتفع معدل التضخم في بريطانيا عندما خرجت الاقتصادات من جائحة كورونا، إذ بدأ الناس بإنفاق المدخرات التي جمعوها خلال فترات الإغلاق، بينما واجهت الشركات صعوبات في تلبية الطلب المرتفع وسط اضطرابات سلاسل الإمداد. وقفزت أسعار الطاقة بعد الحرب الروسية على أوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، وأسهم تراجع أسعار الطاقة في خفض التضخم، إلا أن معدل التضخم في المملكة المتحدة ظل أعلى من مثيله في معظم دول أوروبا القارية، فمعدل التضخم في فرنسا في أبريل بلغ 0.9 في المئة، وفي ألمانيا 2.2 في المئة، وهو يتماشى مع متوسط منطقة اليورو ذات الـ20 دولة. ما سبب ارتفاع التضخم؟ تعد بريطانيا أكثر اعتماداً من غيرها من الاقتصادات الكبرى على الغاز المستورد لتلبية حاجاتها من الطاقة، وارتفعت أسعار الغاز البريطاني بصورة كبيرة عام 2022، ولم تعد إلى مستويات ما قبل الجائحة. وبموجب نظام "التسعير الحدي" في بريطانيا، يتحدد سعر الكهرباء بأغلى مصدر للطاقة أكثر من 90 في المئة من الوقت، مما يجعل الغاز مؤثراً أساساً في أسعار الكهرباء. لكن الطاقة ليست القصة الكاملة، إذ أدى نقص العمالة بعد الجائحة إلى زيادة الأجور، ونفذت نقابات العاملين في السكك الحديد والقطاع العام إضرابات للمطالبة بزيادات في الرواتب أثناء وبعد صدمة التضخم. وواصلت الأجور الأساسية السنوية ارتفاعها بمعدل 5.6 في المئة في الربع الأول من عام 2025، وهو أعلى من النطاق الذي يراه "بنك إنجلترا" (3 في المئة إلى 3.5 في المئة) متوافقاً مع هدف تضخم اثنين في المئة ونمو إنتاجية بين واحد في المئة و1.5 في المئة. وأسهمت الحكومة في زيادة الضغوط التضخمية عبر رفع الحد الأدنى للأجور الوطنية، وهو الحد الأدنى الذي يجب أن يدفعه أصحاب العمل للعاملين فوق سن 21 بنسبة 9.7 في المئة، و9.8 في المئة، و6.7 في المئة على التوالي خلال السنوات الثلاث الماضية. وفي أبريل الماضي فرضت الحكومة ضريبة جديدة على الرواتب بقيمة 26 مليار جنيه استرليني (35 مليار دولار)، ونقل بعض أصحاب العمل هذا العبء إلى العملاء من خلال رفع الأسعار. مشكلة التضخم ببريطانيا ويؤدي التضخم إلى زيادة كلفة المعيشة ويؤثر في النشاط الاقتصادي، بخاصة بالنسبة إلى العمال في القطاعات التي لا تتماشى فيها زيادات الأجور مع ارتفاع الأسعار، ويعد التضخم المرتفع أكثر قسوة على ذوي الدخل المنخفض، إذ يخصصون نسبة أكبر من دخلهم للضرورات. وأظهرت البيانات الرسمية أن أسعار الغذاء ارتفعت بنسبة 3.4 في المئة في أبريل مقارنة بالعام السابق. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) غالباً ما يعيد البريطانيون تمويل قروضهم العقارية بصورة أكثر تكراراً مقارنة بنظرائهم في الولايات المتحدة وأوروبا القارية، مما يعني أن عديداً من الأسر معرضة لأسعار الفائدة المرتفعة التي فرضها "بنك إنجلترا". وعلى رغم أن كلفة الاقتراض تم خفضها أربع مرات إلى 4.25 في المئة من ذروتها البالغة 5.25 في المئة، فإنها تتراجع بصورة أبطأ مقارنة بمنطقة اليورو التي خفضت أسعار الفائدة سبع مرات إلى 2.25 في المئة من 4 في المئة، وغالباً ما يعاني الأشخاص في سن العمل أكثر من غيرهم، لأن الأجيال الأكبر سناً تمتلك منازلها بالفعل وتتلقى معاشات تقاعدية مرتبطة بالتضخم. ماذا عن "بريكست"؟ تشير الدراسات إلى أن "بريكست" كان له دور واضح في مشكلة التضخم، إذ توضح أبحاث من كلية لندن للاقتصاد أن ثلث التضخم في أسعار الغذاء في المملكة المتحدة بين نهاية 2019 ومارس 2023 كان سببه "بريكست"، إذ أضافت الكلفة الحدودية الإضافية نحو 7 مليارات جنيه استرليني إلى فواتير البقالة. وحذرت عضو لجنة السياسة النقدية في "بنك إنجلترا" كاثرين مان من أن الحواجز التجارية الجديدة جعلت المملكة المتحدة "حالاً فريدة". وأبرمت الحكومة العمالية اتفاقاً مع الاتحاد الأوروبي لتقليل الاحتكاكات الحدودية على المواد الغذائية، لكن الهدف الأكبر هو التوصل إلى اتفاق أوسع يشمل جميع السلع. عوامل أخرى مؤثرة ويؤكد الاقتصاديون أن بريطانيا تعاني مشكلة في الإنتاجية تتفاقم مع الوقت، فعندما يكون أداء القوة العاملة ضعيفاً، تنتج السلع والخدمات بمعدل أقل وكلفة أعلى لكل وحدة، مما يحد من قدرة الاقتصاد على النمو دون إثارة التضخم. وفي الربع الأول من عام 2025، كانت الإنتاجية، كما تقاس بالإنتاج لكل عامل، سلبية، إذ تراجعت بنسبة 0.7 في المئة وفقاً لمكتب الإحصاءات الوطنية. وتأتي إنتاجية المملكة المتحدة خلف ألمانيا وفرنسا والولايات المتحدة ضمن مجموعة السبع، وتتساوى تقريباً مع إيطاليا وكندا، لكنها تتفوق على اليابان. وأسهمت مستويات الهجرة المرتفعة منذ عام 2010 في دعم معدل النمو بالمملكة المتحدة، مما أخفى ضعف الإنتاجية، ويلقى اللوم على ضعف الاستثمار من قبل الشركات والحكومة منذ الأزمة المالية عام 2008 في الأداء الهزيل للإنتاجية. هل ينخفض التضخم قريباً؟ عبر مسؤولو "بنك إنجلترا" عن ثقتهم في أن أسعار الفائدة المرتفعة تؤتي ثمارها، وأن التضخم سيعود إلى مستوى اثنين في المئة بحلول أوائل عام 2027. وأظهرت سوق العمل في المملكة المتحدة علامات واضحة على التباطؤ، مما قد يقلل من الضغط التصاعدي على الأجور. وكشف مسح أجراه "بنك إنجلترا" لأصحاب الأعمال أن نمو الأجور سيكون نحو 3.5 في المئة بحلول نهاية عام 2025، فيما تسهم الحروب التجارية التي أطلقها الرئيس الأميركي دونالد ترمب أيضاً في دعم عملية خفض التضخم في المملكة المتحدة، إذ تعيد الدول المصدرة، مثل الصين، توجيه شحناتها نحو دول منخفضة الرسوم الجمركية مثل بريطانيا. متى ستخفض الفائدة؟ يرفض بنك إنجلترا تقديم تقدير لمعدل الفائدة "النهائي"، وهو المستوى الذي ستستقر عنده كلفة الاقتراض عندما يعمل الاقتصاد بكامل طاقته ويصبح التضخم عند اثنين في المئة، ويعتقد معظم الاقتصاديين أنه يراوح ما بين 3 و3.5 في المئة. وقال العضو الخارجي في لجنة السياسة النقدية آلان تايلور إنه يعتقد أن المعدل سيستقر عند نحو 2.75 في المئة.

سياسات الإعانة تغرق أطفال بريطانيا في فقر غير مسبوق
سياسات الإعانة تغرق أطفال بريطانيا في فقر غير مسبوق

Independent عربية

timeمنذ 39 دقائق

  • Independent عربية

سياسات الإعانة تغرق أطفال بريطانيا في فقر غير مسبوق

كانت التغطية الإخبارية لفقر الأطفال في المملكة المتحدة هذا العام عادية إلى حد ما، بمعنى أنها كانت كثيرة وقاسية. إنها أزمة وطنية متفاقمة خلال عام 2025، تدفع بالأطفال الأكثر فقراً إلى القاع وتسحقهم تحت وطأتها. خلال الشهر الماضي، كشفت نتائج بحث أجراه مختبر أنشأه غوردون براون (رئيس وزراء بريطاني سابق) وزوجته سارة، أن الحرمان يؤثر سلباً في نمو دماغ الأطفال. وبعد أسابيع قليلة، أعلن أن الحد الأقصى للدعم الحكومي المحدد بطفلين، دفع بنحو 30 ألف طفل إضافي في بريطانيا إلى هوة الفقر منذ الانتخابات الأخيرة. وبلغ عدد الأطفال الذين يعيشون في فقر داخل المملكة المتحدة الآن رقماً قياسياً هو 4 ملايين و500 ألف طفل. وكانت صحيفة "ذا أوبزرفر" ذكرت يوم الأحد أن رئيس الوزراء البريطاني السير كير ستارمر أيد بصورة غير علنية إلغاء الحد الأقصى للدعم المقتصر على إعانة طفلين فقط ضمن الأسرة الواحدة، وطلب من وزارة الخزانة تخصيص مبلغ 3 مليارات و500 ألف جنيه استرليني (4 مليارات و725 ألف دولار أميركي) لتمويل الخطوة. هذه الصورة القاتمة للأطفال الذين يعيشون في حال فقر، هي بعيدة كل البعد من الوعود التي قطعت لنا، ولا تعكس في أي حال بيان حزب "العمال" -الذي تضمن تعهداً صريحاً بالحد من فقر الأطفال- ولا ملصقات الحملة الانتخابية الإلكترونية التي روجت لرؤية مشرقة لمستقبل البلاد... وكانت من أكثر الصور تأثيراً، تلك التي تظهر عائلة وسط سنابل قمح طويلة، يجلس فيها طفل على كتفي والده، وآخر يقف في وهج الشمس الآفلة عند الغروب، مع عبارة "التغيير لن يحدث إلا إذا صوتم له". لكن بعد مرور 10 أشهر فحسب، تلاشت تلك الصورة الحالمة تحت سماء زرقاء صافية، ليحل مكانها واقع آخر أكثر قتامة. فوفقاً للتوقعات، قد يصل عدد الأطفال الذين يعيشون في حال فقر إلى 4 ملايين و800 ألف طفل مع نهاية الولاية البرلمانية الأولى لحكومة حزب "العمال" (مما دفع بأليسون غارنهام المديرة التنفيذية لـ"مجموعة العمل لمكافحة فقر الأطفال" Child Poverty Action Group إلى القول إن "الأرقام القياسية لأعداد الأطفال الفقراء ليست هي التغيير الذي صوت الناس من أجله"). سيشكل ذلك بالتأكيد فشلاً ذريعاً لهذه الحكومة التي لم تثبت حتى الآن أنها على مقدار التحدي في التعامل مع الأزمة. وقد عبرت عن ذلك جوانا باريت الرئيسة المساعدة للسياسات في "الجمعية الوطنية لمنع القسوة على الأطفال" National Society for the Prevention of Cruelty to Children (NSPCC) لـ"اندبندنت" بقولها، "للأسف، لم تبد الحكومة البريطانية بعد المستوى المطلوب من الطموح السياسي والالتزام الكافي الذي يتناسب مع حجم هذا التحدي". من يدفع الثمن؟ أطفالنا. فهؤلاء هم أنفسهم الذين أجبروا على البقاء في منازلهم وحرموا من ارتياد مدارسهم خلال جائحة كورونا (يجب ألا ننسى أن المتنزهات الترفيهية فتحت قبل الفصول الدراسية)، وخرج كثير منهم من تلك التجربة وهم يعانون القلق وتأخر النمو، وبعضهم لم يتعاف حتى الآن. ويمكن القول إن الأطفال في بريطانيا لديهم أسوأ النتائج الصحية في أوروبا (بما فيها أدنى مستويات الرفاه بين جميع الدول)، ولا يستثمر في رعايتهم وتعليمهم المبكر إلا القليل (لا يتجاوز 0.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بفرنسا والدول الاسكندنافية التي تنفق ضعف هذه النسبة). في بعض الأحيان، يبدو وكأن إخفاقنا في حماية أطفالنا قد تحول إلى إحدى تقاليدنا الوطنية. ففي المملكة المتحدة اليوم، يواجه الأطفال أعلى معدلات الفقر مقارنة بأية فئة أخرى في المجتمع (بمعدلات تفوق ضعفي ما يواجهه المتقاعدون). وتقول أليسون غارنهام إن "جميع الأطفال يستحقون أفضل بداية في الحياة، لكن كثيرين منهم يحرمون من هذه الفرصة، وهذا أمر يفترض أن يشعرنا جميعاً بالخزي". هذا الخزي مستمر في التفاقم. وتقول غارنهام إن الإجراءات الأخيرة لخفض الإنفاق على الرعاية الاجتماعية -التي طاولت إعانات الإعاقة والمرض- والتي كانت أعلنت عنها وزيرة الخزانة البريطانية رايتشل ريفز في بيان الربيع، "سحبت البساط من تحت أقدام المرضى وذوي الحاجات الخاصة". وتحذر غارنهام من أن الإصلاحات "لن تؤدي إلا إلى تفاقم فقر الأطفال"، مشيرة إلى أن 44 في المئة من الأطفال الفقراء في المملكة المتحدة يعيشون أصلاً في أسر تضم فرداً من ذوي الإعاقة. وفي هذا السياق، تقر الحكومة -إلى حد ما- بخطورة التداعيات، إذ تظهر بياناتها أن نحو 50 ألف طفل إضافي (أي ما يعادل تقريباً عدد سكان مدينة دورهام) معرضون للوقوع في براثن الفقر نتيجة هذه السياسات. العودة إلى الأساسات جولين التي تعيش في ويلز وهي أم لثلاثة أطفال يعانون اضطرابات عصبية (وعضو في مشروع وثائقي رقمي عن التجارب الحياتية بعنوان "حقائق متغيرة" Changing Realities)، تعرف تماماً ما الذي ينتظر هؤلاء الأطفال الـ50 ألفاً في بريطانيا. فقد واجهت أسرتها صعوبات كبيرة عندما اضطرت إلى ترك عملها من أجل رعاية ابنتها المصابة بالتوحد، بعدما تفاقمت حالتها خلال جائحة كورونا. تقول جولين "توقفت عن الذهاب إلى المدرسة، ولم تعد قادرة على النوم، ورفضت مغادرة المنزل". لكن بدلاً من تلقيها الدعم، قوبلت أزمتها بتهديدات بفرض غرامات بسبب تغيبها عن الدراسة، من دون توفير أي بديل تعليمي لها، فيما رفضت "خدمات الصحة العقلية للأطفال والمراهقين"Child and Adolescent Mental Health Services (CAMHS) تقديم المساعدة. بعدما تركت جولين وظيفتها في متجر لبيع النظارات الطبية، وجدت نفسها غارقة في متاهة نظام إعانات العجز والمرض، الذي تصفه بأنه "مهين" ومعقد. فقد استغرقت عملية الحصول على "مدفوعات الاستقلال الشخصي" Personal Independence Payment (PIP) (وهي إعانة حكومية مخصصة للذين يعانون حالات صحية أو إعاقات طويلة الأمد) قرابة 18شهراً، بعد رفض أولي لطلبها من قبل "وزارة العمل والمعاشات" (التي لم تتراجع عن قرارها إلا قبل أيام قليلة من موعد جلسة المحكمة للنظر في الطعن الذي قدمته). تقول جولين التي كان شريكها يعمل بدوام كامل "كانت الأوضاع صعبة للغاية. بالكاد كنا نتمكن من شراء الطعام، فقط الضرورات الأساس". لكن إلى أي حد بلغت الأزمة؟ تجيب متأملة في تلك الفترة الصعبة التي أمضتها في الكفاح من أجل الحصول على الإعانات التي تستحقها لإعالة ابنتها قائلة "في أحد الأيام، فكرت بجدية في وضع حد لحياتي". شعرت في حينها بأنه لا يوجد سبيل آخر لحصول أطفالي على المساعدة التي يحتاجون إليها". بعد ثلاثة أعوام، تمكنت جولين أخيراً من العودة إلى العمل بدوام جزئي في وظيفة تحبها. وشعرت للحظة بأن عائلتها بدأت تتجاوز المحنة، لكن سرعان ما تلقت ضربتين قاسيتين متتاليتين، الأولى تمثلت في إصدار الحكومة البريطانية "الورقة الخضراء" [تحت عنوان "مسارات نحو العمل: إصلاح الإعانات والدعم لإعادة بريطانيا إلى العمل"]، والتي تتضمن مقترحات لإصلاح نظام إعانات الإعاقة وتعديلات الرعاية الاجتماعية. أما الثانية، فكانت بعد أسبوع واحد فحسب، حين رفض بصورة مفاجئة طلب تجديد "مدفوعات الاستقلال الشخصي" التي كانت تتلقاها أسرتها، مما أدى بين ليلة وضحاها إلى انخفاض دخلها بمقدار 550 جنيهاً استرلينياً (743 دولاراً) في الشهر. الآن، تستعد جولين لتقديم طعن جديد في قرار رفض برنامج إعانات الاستقلال الشخصي، على رغم إدراكها أن التعديلات الأخيرة ستؤدي إلى تقليص المبلغ حتى في حال الموافقة. وتقول بصوت يختلط فيه الحزن بالإحباط "إن محاولة التعامل مع نظام من المفترض أن يكون شبكة أمان، أمر صادم... فلا وجود فعلياً لأية شبكة أمان". على عكس ما تأمله الحكومة من أن تشجع الضغوط المالية على العمل، وجدت جولين نفسها غير متأكدة من قدرتها على تحمل كلف البقاء في وظيفتها، في ظل مسؤولياتها كأم ترعى أطفالاً من ذوي الحاجات، والاقتطاعات الكبيرة من دخل أسرتها. وتقول "لا أعرف كيف سنتمكن من تدبر أمورنا. أشعر بإحباط شديد. لقد بذلت كل ما في وسعي للخروج من اليأس. فماذا عساي أن أفعل أكثر من ذلك؟". إنه سؤال وجيه. فمع وجود 71 في المئة من الأطفال الفقراء في بريطانيا الذين يعيشون ضمن أسر عاملة (يعمل فيها شخص بالغ واحد في الأقل). وهذا يثبت أن دفع الناس قسراً إلى العمل عبر التضييق المالي ليس هو الحل. وتقول أليسون غارنهام "الحكومة تعرف أن العمل وحده ليس الحل لهذه المشكلة"، مشيرة إلى السياسات التي اتبعتها حكومة حزب العمال السابقة، والتي أخرجت مئات الآلاف من الأطفال من دائرة الفقر. وتضيف "نحن نعرف بالضبط ما الأدوات الفعالة التي يجب استخدامها". وتشير إلى أنه، خلافاً للضجيج المتزايد حول ارتفاع كلفة الإعانات، فإن الإنفاق السنوي على نظام الرعاية الاجتماعية انخفض بمقدار 50 مليار جنيه استرليني عما كان عليه عام 2010، في حين لم ترفع الإعانات لتواكب معدل التضخم العام سوى خمس مرات فقط خلال الأعوام الـ14 الماضية. وتؤكد أن "هذا وحده كفيل بأن يدفع الحكومة إلى إعادة التفكير والاستثمار من جديد في هذا القطاع". إلغاء الحد الأقصى المقتصر على إعانة طفلين لا يوجد استثمار أكثر إلحاحاً من إلغاء سياسة الحد الأقصى لعدد الأطفال المستفيدين من الإعانة، هي سياسة رفاه اجتماعي تمنع الأسر المستفيدة من المساعدات المعروفة بـ"الائتمان الشامل" Universal Credit (معونة تمنح شهرياً لأصحاب الدخل المنخفض أو للعاطلين من العمل لمساعدتهم على تحمل كلف معيشتهم)، أو "الإعفاء الضريبي" Tax Credit، من الحصول على أي دعم مالي للطفل الثالث أو الأطفال اللاحقين. ودان حزب "العمال" هذه السياسة في السابق، ووصفها بأنها "مشينة"، خصوصاً بعدما أظهرت الأدلة أنها تدفع ببعض النساء إلى اتخاذ قرار إنهاء الحمل. بمعزل عن الاعتبارات الأخلاقية (والإنسانية)، تعد سياسة الحد الأقصى لإعانة طفلين استثناءً صارخاً على المستوى العالمي. أستاذة السياسات الاجتماعية في "جامعة يورك" والمشرفة على مشروع "الحقائق المتغيرة" روث باتريك تصف هذه السياسة بأنها "فريدة من نوعها دولياً"، وتوضح قائلة "عندما قمنا ببحث لمقارنة الطرق التي تتبعها بلدان أخرى في تقديم الدعم للأطفال من خلال أنظمة الضمان الاجتماعي، تبين أن المملكة المتحدة هي الدولة الوحيدة التي تقيد هذا الدعم بطفلين فقط". وفي مقارنة مع الاقتصادات المتقدمة الأخرى، سجلت المملكة المتحدة خلال الفترة الممتدة ما بين عامي 2014 و2021 أكبر ارتفاع في معدلات فقر الأطفال، هذا الارتفاع كان ناجماً بالكامل عن الفقر في الأسر الكبيرة (إذ يعيش اليوم نصف عدد الأسر التي لديها ثلاثة أطفال أو أكثر، في حال فقر). ناشطون في بنك طعام بريطاني يحذرون من الأثر الكارثي لسياسة حد الطفلين في نظام الإعانات (غيتي) هذه السياسة التي استخدمتها الدولة أسهمت إلى حد كبير في تفاقم فقر الأطفال داخل بريطانيا، إذ تدفع يومياً بنحو 109 أطفال إضافيين إلى ما دون خط الفقر. وفيما يشير الواقع القاتم إلى أن حد الطفلين لتلقي الإعانات هو السبب الرئيس في تزايد فقر الأطفال، إلا أن الجانب المشرق يكمن في أن إلغاء هذا الحد يعد أسرع الحلول وأكثرها فعالية من حيث الكلفة لمعالجة الأزمة. فوفق التقديرات، يمكن أن يسهم إنهاء العمل به في إخراج 540 ألف طفل من دائرة الفقر، في مقابل كلفة سنوية تقدر بمليارين و500 ألف جنيه استرليني فقط (3 مليارات و375 مليون دولار). قد يرد بعض بالقول إن ذلك "مكلف للغاية"، لكن الحقيقة أن كلفة هذا الإجراء لكل طفل تعد الأقل مقارنة بأي تعديل محتمل آخر في نظام الإعانات. بل إن أبسط الحسابات تبين أن فقر الأطفال يكلف الدولة سنوياً خلال الوقت الراهن 39 مليار جنيه استرليني (52.65 مليار دولار)، وهو من المتوقع أن يزداد عاماً بعد آخر ليصل إلى 40 مليار جنيه (54 مليار دولار) بحلول عام 2027. بالتالي، فإن خطوة واحدة كإلغاء هذا الحد، من شأنها أن تنتشل أربعة في المئة من الأطفال من الفقر، وتعيد إلى خزانة الدولة بصورة فورية أكثر من مليار و500 مليون جنيه استرليني. هذا الرقم من المرجح أن يصبح أكثر إقناعاً عند النظر إلى المكاسب غير المباشرة على المدى الطويل. فمع تحسين فرص الحياة للأطفال، تخفف الكلف المستقبلية في مجال الرعاية الصحية والخدمات الاجتماعية ونظام العدالة الجنائية عندما يكبر هؤلاء الأطفال. كما أنه يعزز فرصهم في الحصول على وظائف في المستقبل، بالتالي زيادة المساهمات الضريبية (تماماً مثل برنامج "البداية المضمونة" Sure Start، الذي ثبت أنه حقق عائداً أكبر للدولة من تكاليفه في تلك المجالات). وعلى الجانب الأخلاقي، فإن احترام أبسط حقوق الطفل في الغذاء والمأوى والتعليم والحياة الكريمة، لا يقل أهمية عن الاعتبارات الاقتصادية. خلال الوقت الراهن، تظهر الأبحاث أن الأطفال الذين ينشأون في المناطق الأكثر حرماناً في بريطانيا، هم أقل حظاً في تحصيل درجة مقبولة (خمسة أو أعلى) في مادتي اللغة الإنجليزية والرياضيات، وهم أكثر عرضة للإصابة بالسمنة وتسوس الأسنان، ويعيش كثر منهم في مناطق تعاني نقص الغذاء، ويواجهون مشكلات في الصحة العقلية، ويتغيبون عن المدرسة أو يتعرضون للطرد منها، ويعانون التشرد أو حتى الوفاة المبكرة. أما في مرحلة البلوغ، فإن الذين نشأوا في الفقر غالباً ما يتلقون أجوراً منخفضة، ويواجهون احتمالات أكبر للإصابة بأمراض نفسية على المدى الطويل. وعلى رغم تصاعد المطالب بإلغاء حد الإعانة لطفلين، فإن الحكومة -وفي المقدمة وزيرة العمل والمعاشات التقاعدية ليز كيندال، التي جددت موقفها في مقابلة أجريت معها الأسبوع الماضي (مؤكدة أن الحكومة "لن تقدم أي وعود ما لم تثبت قدرتها على تحمل كلفها وتوضح كيفية الالتزام بها")- لا تزال ترفض الاستجابة، متمسكة بعدم قبول دعوات أطراف مثل تحالف "إنهاء فقر الأطفال" End Child Poverty (وهو ائتلاف يضم 130 منظمة وجمعية خيرية) تواصل الضغط باتجاه إلغاء هذا القيد. كيندال دعت إلى التمهل مشيرة إلى "وجوب انتظار الاستراتيجية الحكومية الخاصة بمكافحة فقر الأطفال، والمتوقع صدورها خلال يونيو (حزيران) الجاري، أي بعد نحو عام من تولي الحكومة السلطة". لكن من وجهة نظر الخبراء، فإن إلغاء حد الطفلين هو أمر غير قابل للتفاوض. وتقول أليسون غارنهام "إذا لم تتضمن الاستراتيجية الحكومية المقبلة إلغاء هذ الحد، فلن تكون استراتيجية جديرة بالثقة". إنديا، وهي أم لأربعة أطفال (تتفاوت أعمارهم ما بين عام وسبعة أعوام) من مقاطعة سافولك، وجدت نفسها متضررة بشدة نتيجة القيود المحددة بطفلين، بعدما تغيرت حياتها بين ليلة وضحاها. وتقول "هذا لم يكن ضمن الخطة"، في إشارة إلى الانفصال المفاجئ عن زوجها أثناء حملها بطفلها الرابع والأصغر، وهو الحدث الذي غير مسار حياتها ودفعها إلى التشرد وطلب المساعدة من الدولة للمرة الأولى في حياتها. وتصف إنديا "الصدمة الكبيرة" التي شعرت بها عندما أدركت أثناء تقديمها طلباً للحصول على معونة "الائتمان الشامل"، أنها لن تتلقى أية مساعدة مالية لطفليها الأصغر سناً، بسبب القيود المفروضة بموجب حد الطفلين، مما يعني خسارة آلاف الجنيهات. ولم تقف المعاناة عند هذا الحد، إذ فرض عليها أيضاً "سقف للإعانات" -وهو حد إضافي على إجمال لما يمكن أن يحصل عليه الأشخاص الذين هم في سن العمل من دعم- مما أدى إلى خفض إعانة السكن بـ250 جنيهاً استرلينياً شهرياً. القول إن الحياة أصبحت صعبة منذ ذلك الحين، لا يكفي لوصف ما تمر به إنديا، فهي تشتري ملابس أطفالها وأحذيتهم وزيهم المدرسي من متاجر البضائع المستعملة، أو تحصل عليها عبر تبرعات. واستفادت من برنامج المساعدات الاجتماعية الذي توفره السلطة المحلية، لكن مع ذلك لا يتبقى لها سوى قليل من المال بعد دفع إيجار السكن والفواتير. وتقول "أحياناً لا يكفي المال لشراء الطعام، فأضطر إلى اللجوء إلى بنوك الطعام. أتناول الخبز المحمص أو فتات ما يتركه أطفالي من غذاء، لكنني لا أريدهم أن يعرفوا (السبب). ينبغي ألا يعلموا". وعلى رغم الضغوط الهائلة على إنديا، تقول "مررت بلحظات شعرت فيها بأنني فاشلة كأم، بحيث تعرضت لانهيارات عصبية واسترسلت في البكاء"، إلا أن شغلها الشاغل يبقى أطفالها، وتأثير الفقر على حياتهم. وتتابع "أخشى أن يؤثر هذا الوضع ليس فقط في الصحة الجسدية لأطفالي، بل في صحتهم النفسية أيضا". وتشعر هذه الأم بالقلق من عدم قدرتهم على تحمل كلف المشاركة في أية أنشطة خارج المنهج الدراسي، وتقول "كانوا يرغبون في الالتحاق بدروس سباحة"، مما يعني أنهم "يُحرمون من تجارب قد تحدث فارقاً في حياتهم مستقبلاً". وكما جولين، ترغب إنديا في العمل، لكن كلف رعاية الأطفال ستدفع بها إلى فقر أشد. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) أما نينيا، الشابة اللندنية البالغة من العمر 19 سنة، وهي سفيرة شبابية لـ"تحالف إنهاء فقر الأطفال"، فقد اضطرت وعائلتها إلى مواجهة التشرد بسبب الظروف القاسية. وهي اليوم تتحدث بصراحة عن الأثر العميق الذي تركته تلك التجربة على حياتها. تقول نينيا وقد غلب عليها التأثر "كانت حقاً تجربة صادمة. ما زلت أخشى أن أفقد منزلي". هذه الشابة اضطرت خلال نشأتها، إلى إرجاء أحلامها طويلة الأمد. لكنها ترى أن "الأثر الأكبر كان اجتماعياً أكثر من أي شيء آخر". زميلتها في التحالف صوفي البالغة من العمر 21 سنة، والتي نشأت في أسرة تعولها أم عزباء شمال شرقي إنجلترا، تعرف جيداً هذا الشعور. وتقول "لم أستطع التركيز في المدرسة بسبب قلقي على أخوتي وما يجري (في المنزل). فقد أدركت عندما كبرت أن والدتي ربما كانت تتخلى عن وجبات طعامها من أجلنا". تتابع صوفي دراستها الجامعية اليوم -بفضل إرادتها الصلبة واجتهادها- لكنها تضطر إلى العمل ضعف ما يقوم به زملاؤها، فقط كي تتمكن من الاستمرار، سواء من خلال الانخراط في "ثلاث أو أربع وظائف خلال العطلات"، أو العثور على كفيل (مع تحمل أجره) كي تتمكن من استئجار سكن في ظل عدم امتلاك أحد والديها مسكناً (يشترط معظم مالكي العقارات وجود كفيل يقبل تغطية الإيجار إذا لم يتمكن المستأجر من الدفع، ويكون عادة أحد الوالدين). وتقول "أتساءل أحياناً لماذا أفعل ذلك على رغم صعوبة الأمر. إن القلق لا يفارقني أبداً". والآن، تتجه الأنظار نحو الحكومة -التي ترفع شعار العدالة الاجتماعية والاقتصادية- لمنح جميع الأطفال فرصاً متساوية في النمو والتعلم والحياة. وتعد استراتيجيتها المرتقبة لمكافحة فقر الأطفال الفرصة الحقيقية الوحيدة لبدء معالجة هذه الأزمة الوطنية الأكثر إلحاحاً، والتي تخلت فيها البلاد عن أطفالها الأشد فقراً وضعفاً. عندما سُئلت أنجيلا راينر نائبة رئيس الوزراء البريطاني الأحد الماضي في المقابلة التي أجرتها معها المقدمة لورا كوينسبيرغ، عما إذا كانت تؤيد إلغاء حد الطفلين، اكتفت بالقول: "لن أخوض في تكهنات في شأن ما ستقوم به حكومتنا". لكن كثراً يعدون أن هذه اللحظة مصيرية ولا تحتمل التأجيل. وتقول روث باتريك "ما لم نشهد إجراءات ملموسة لمعالجة فقر الأطفال، فإن المملكة المتحدة تخاطر بأن تتحول إلى حالة استثنائية بين الدول الغنية، من حيث سوء معاملتها للأطفال الذين يعيشون على دخل محدود. إن مستقبل هذه البلاد وأطفالها يتوقف على ذلك".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store