logo
تعرفات ترامب تثري الأثرياء وتفقر الفقراء

تعرفات ترامب تثري الأثرياء وتفقر الفقراء

النهار٣٠-٠٣-٢٠٢٥

حميد الكفائي *
السياسات الانعزالية التي يتبعها الرئيس الأميركي دونالد ترامب ليست جديدة، فقد كانت سائدة في العالم في القرون الماضية، لكنها تقلصت واختفت في النصف الأول من القرن العشرين، بعدما أدركت دول العالم ضررها بالاقتصاد العالمي، لأنها ترفع الأسعار وتكاليف الإنتاج، وتجعل حياة الناس صعبة، خصوصاً ذوي الدخل المحدود.
لكن هذه السياسة، التي تجاوزها الزمن، وتؤدي إلى إفقار الناس في الدول المصدرة والمستوردة على حد سواء، تعود في القرن الحادي والعشرين، ليس لأنها مفيدة، بل لأنها تخدم الأغنياء عبر حماية منتجاتهم من المنافسة، ولأن تفكير الذين أعادوها لا ينتمي إلى العصر الحديث، بل إلى قرون خلت.
في عام 1930، تقدم السناتور الجمهوري ريد سموت، والنائب الجمهوري ويليس هولي، بمشروع قانون لفرض التعرفات على المنتجات الزراعية. وبعدما أجازه الكونغرس، وقَّعَه الرئيس هيربرت هوفر، رغم مطالبة أكثر من ألف عالم اقتصادي أميركي الرئيس بإيقاف القانون، إذ توقعوا أنه سيُحدث أضراراً فادحة بالاقتصاد الأميركي.
وكانت النتيجة اندلاع حرب تجارية بين أميركا وكندا وأوروبا، تسببت في تفاقم الكساد العظيم، الذي عانى منه العالم وترك آثاراً مدمرة على الاقتصاد العالمي.
رئيس الوزراء الكندي آنذاك مَكنزي كينغ، رد بفرض تعرفات مماثلة على الواردات الأميركية، بينما خفَّض التعرفات على دول الإمبراطورية البريطانية. ورغم ذلك، صوَّت الناخبون الكنديون المستاؤون من فرض التعرفات، لحزب المحافظين، وأخرجوا كينغ وحزبه الليبرالي من السلطة.
المرشح الديموقراطي للرئاسة الأميركية عام 1932 فرانكلين روزفلت، وصف تعرفات الرئيس هوفر بأنها "أسلاك شائكة منيعة تفرِّق بين أميركا وحلفائها". لقد ألحقت تلك التعرفات أضراراً فادحة بالاقتصاد الأميركي، ما أدى إلى خسارة هوفر في الانتخابات لصالح روزفلت، الذي سارع في اتخاذ إجراءات عاجلة لتخفيفها، وبقي رئيساً لأربع دورات، حتى مماته عام 1945.
تعرفات ترامب الحالية ستكون أخطر على الاقتصاد الأميركي والعالمي من تعرفات هوفر، وخصوصاً أن ترامب سيبقى رئيساً حتى عام 2029، لكن المؤمل أن يفوز الديموقراطيون في الانتخابات النصفية في تشرين الثاني / نوفمبر 2026، وقد يتمكنون من إعاقة إجراءاته أو تخفيفها، رغم أنه يعمل عبر الأوامر التنفيذية، وليس القوانين التي يشرعها الكونغرس.
الهدف المعلن من التعرفات، حسب ادعاء ترامب، بأن العالم يستغل أميركا، وقد آن الأوان لأن يتوقف هذا الاستغلال وتعود الأموال إلى أميركا، بدلاً من أن تتمتع بها شعوب العالم الأخرى، وأن أميركا يمكنها أن تنتج ما تحتاجه بنفسها وتوفر الوظائف لشعبها، وتبعد الأجانب عن أرضها لأنهم حلّوا محل سكانها وأفقروهم.
كل هذه التبريرات تبدو منطقية للناخب العادي، لذلك صوَّت ملايين الفقراء لدونالد ترامب، لأنه "يقدِّم مصالح أميركا على مصالح الدول الأخرى"، ولأنه "يريد إبعاد 13 مليون عامل أجنبي، كي يوفر الوظائف للأميركيين العاطلين عن العمل"، ولأنه أيضاً "رجل سلام يسعى لتجنيب العالم حرباً عالمية ثالثة"!
لقد صدّق الناخبون بهذه التبريرات، دون الالتفات إلى سجل ترامب السابق وادعاءاته الكثيرة التي اتضح بأنها أكاذيب، وأهملوا إدانات المحاكم الأميركية له، البالغة 34إدانة بتهم جنائية، ما جعله أول رئيس أميركي يدخل البيت الأبيض وهو مدان قضائياً!
لم ينتبه الفقراء إلى أنهم سيكونون أول المتضررين من هذه الإجراءات، فالتعرِفات الجمركية ترفع أسعار المنتجات المستوردة، خصوصا الصينية، التي يلجأ إليها المستهلكون محدودو الدخل لانخفاض أسعارها.
الشركات الأميركية المهاجرة، التي يقول ترامب وطاقمه إنها ستعود إلى أميركا وتنشئ مصانع توظف فيها الأميركيين، لن تهرع عائدة إلى الولايات المتحدة، لعدة أسباب، الأول أن عودة الشركات لن تكون سهلة، فبناء المصانع يستغرق سنوات عدة، والثاني أن تكاليف الإنتاج في أميركا عالية، والعمال الأميركيون لا يقبلون بالأجور المنخفضة التي يقبل بها المكسيكيون أو الصينيون، بينما هناك مناطق أخرى أقل تكلفة في العالم يمكن أن تهاجر إليها الشركات، والثالث أن هناك أسواقاً أخرى يمكن أن تكون أكثر ربحاً من الأسواق الأميركية.
إضافة إلى ذلك فإن الصادرات الأميركية سوف تتأثر أيضاً، لأن الدول المتضررة سوف تفرض تعرفات معاكسة، وقد ترد الولايات المتحدة بمزيد من التعرفات. المشكلة المعقدة التي تخلفها تعرفات ترامب هي الغموض وعدم اليقين في الأسواق المالية والتي يبدو أنها لا تُقلِق الرئيس كثيراً، بينما لا يجرؤ مساعدوه ووزراؤه على الاعتراض، حتى الذين عُرفوا بخبرتهم المالية، كوزير الخزانة سكوت بيسنت، بل صاروا يصرّحون بما يرضي ترامب، وعكس ما كانوا يقولونه سابقاً. كان بيسنت مديراً لصندوق تحوّط، وكان المستثمرون يثقون بمعلوماته، لكنه الآن انسجم مع سياسة الرئيس، ويقول إن تدني أسعار الأسهم ليس سيئاً بل هو "تصحيح ضروري"!
هل سيمضي ترامب في هذه السياسة حتى النهاية؟ ظني أنه سيتراجع بعدما يرى فداحة الأضرار التي تخلفها، كارتفاع معدل التضخم والبطالة، وردود الأفعال السلبية للأسواق، وتدني شعبية الحزب الجمهوري في الانتخابات النصفية.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ترامب "حذر" نتنياهو من "تخريب" المفاوضات مع إيران
ترامب "حذر" نتنياهو من "تخريب" المفاوضات مع إيران

المدن

timeمنذ 33 دقائق

  • المدن

ترامب "حذر" نتنياهو من "تخريب" المفاوضات مع إيران

ذكر موقع "واللا" الإسرائيلي، اليوم الثلاثاء، أن الولايات المتحدة تشعر بالقلق من ضربة إسرائلية محتملة على منشآت إيرانية نووية، فيما حذر الرئيس الأميركي دونالد ترامب، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، من إعاقة المفاوضات النووية بين واشنطن وطهران. ونقل الموقع عن مسؤول في البيت الأبيض، أن "ترامب أبلغ نتنياهو أنه يريد التوصل لحل دبلوماسي مع إيران، ولا يريد أن يقف أي شيء في طريقه إلى ذلك". وأضاف المسؤول أن "ترامب ومسؤولين آخرين أعربوا عن قلقهم من أن يأمر نتنياهو بضرب المنشآت النووية الإيرانية أو يتخذ خطوات تفشل الجهود الدبلوماسية". وأضاف أن ترامب أكد لنتنياهو أن "الخيار الآخر ما زال مطروحاً على الطاولة"، في إشارة إلى الخيار العسكري، لكنه يفضل منح المسار الدبلوماسي فرصة. وأوضح أن ترامب "شجّع نتنياهو على التصرف بحذر". ووصفت القناة (12) الإسرائيلية، أمس الاثنين، المكالمة التي جرت بين ترامب ونتنياهو، الخميس الماضي، بأنها "مشحونة ودراماتيكية"، مشيرة إلى أنها كشفت عن تباين كبير في المواقف بين تل أبيب وواشنطن بشأن الملف النووي الإيراني. وبعد المكالمة، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت، خلال مؤتمر صحافي، إن "الرئيس أوضح تماماً لرئيس الحكومة نتنياهو أنه يريد اتفاقاً مع إيران". وأضافت "هو لا يريد اللجوء إلى الخيار الصعب، يريد صفقة. إنه يؤمن بالدبلوماسية بقوة، وقد أوضح ذلك لنتنياهو". وأعرب ترامب ومسؤولون أميركيون آخرون، في محادثات مغلقة، عن قلق متزايد من احتمال أن يقدم نتنياهو على شن هجوم عسكري على المنشآت النووية الإيرانية أو اتخاذ خطوات تعرقل الجهود الدبلوماسية، وفق مصدر "واللا". تحذير أميركي مباشر وفي لقاء عقدته وزيرة الأمن الداخلي الأميركية كريستي نوم، مع نتنياهو، الأحد الماضي، نقلت له مجدداً رسالة من ترامب بضرورة تجنب خطوات تعرقل المفاوضات، بحسب ما نقل "واللا" عن مسؤول إسرائيلي. وقالت نوم في مقابلة مع شبكة "فوكس نيوز"، إنها أجرت "حديثاً صريحاً ومباشراً" مع نتنياهو، وأكدت له على أهمية "الوحدة ومنح العملية فرصة للتقدم"، مضيفة أن ترامب سيتخذ قراراً بشأن المفاوضات خلال أيام، وليس أسابيع. وقال المسؤول الإسرائيلي إن نوم نقلت عن ترامب قوله لنتنياهو: "أعطونا أسبوعاً"، فيما قالت الوزيرة الأميركية إنها "طلبت من رئيس الحكومة أن يعمل مع الرئيس ترامب لضمان اتخاذ قرارات حكيمة بشكل مشترك". وكان موقع "أكسيوس" قد نقل عن مصدرين إسرائيليين، أن تل أبيب تجري استعدادات لتوجيه ضربة سريعة لمنشآت إيران النووية إذا انهارت المفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران. وقال المصدران إن الاستخبارات الإسرائيلية بدلت اعتقادها بأن التوصل لاتفاق نووي بات وشيكاً إلى الاعتقاد بأن المحادثات على وشك الانهيار. وأشار أحد المصدرين إلى أن الجيش الإسرائيلي يعتقد أن "نافذة الفرصة" لتنفيذ ضربة ناجحة قد تُغلق قريباً، لذا إذا فشلت المفاوضات، سيتعيّن على إسرائيل التحرك بسرعة. بزشكيان في عُمان من جهة ثانية، أعرب الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، خلال لقائه سلطان عُمان هيثم بن طارق، عن امتنانه وشكره لمسقط على "دورها النشيط والبنّاء" في المفاوضات الإيرانية-الأميركية، معرباً عن أمله في أن تصل هذه المفاوضات إلى "نتائج جيدة". وأكد الرئيس الإيراني أن طهران "لديها ثقة تامة" بسلطنة عُمان، "ما يحمّل على عاتقهما مسؤولية أكبر لتعزيز العلاقات ومتابعة تنفيذ التفاهمات". بدوره، أعرب بن طارق عن شكره للمرشد الإيراني علي خامنئي، على "حُسن ثقته" في سلطنة عُمان للعب دور الوساطة بين إيران والولايات المتحدة، مؤكداً "أن بلاده لا تبحث في هذا المسار عن أي مصلحة أو منفعة خاصة، ودخلت ذلك بنيّة حسنة". وخاطب الرئيس الإيراني بالقول: "كونوا على ثقة بأننا سنتابع بكل احترام ودقة" مواقف المرشد الإيراني.

ترامب: بوتين يلعب بالنار
ترامب: بوتين يلعب بالنار

المردة

timeمنذ ساعة واحدة

  • المردة

ترامب: بوتين يلعب بالنار

بعد توجيهه انتقادات لفلاديمير بوتين خلال الأيام الماضية، أكد الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن نظيره الروسي 'يلعب بالنار'. وكتب ترامب في منشور على 'تروث سوشيال' 'ما لا يدركه فلاديمير بوتين هو أنه لولا وجودي، لكانت روسيا قد شهدت بالفعل أحداثاً سيئة للغاية، بل سيئة للغاية. إنه يلعب بالنار!'. فرض عقوبات ولأكد عدة أشخاص مقربين من الرئيس الأميركي أنه يدرس فرض عقوبات على روسياهذا الأسبوع، في ظل تزايد إحباط ترامب من هجمات الرئيس الروسي المستمرة على أوكرانيا وبطء وتيرة محادثات السلام، وفق ما نقلت صحيفة 'وول ستريت جورنال'. إلى ذلك، أوضح أشخاص مطلعون على تفكير ترامب أنه سئم أيضا من مفاوضات السلام، ويفكر في التخلي عنها تمامًا إذا لم تُجدِ المحاولة الأخيرة نفعًا. فيما أوضحت كارولين ليفيت، السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض، أن الرئيس الأميركي 'أوضح رغبته في رؤية اتفاق سلام تفاوضي. لكنه أبقى جميع الخيارات مطروحة بذكاء'. وكان ترامب ألمح يوم الأحد الماضي إلى إمكانية فرض عقوبات جديدة على روسيا. وقال عن بوتين: 'إنه يقتل الكثير من الناس.. لا أعرف ما الذي أصابه.. ؟' فيما وشت تلك التطورات بتدهور جديد في العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا، التي شهدت تقلبات صعودًا وهبوطًا حتى في الأشهر القليلة الماضية. علماً أن ترامب كان أكد مرارا منذ توليه منصبه الرئاسي في يناير الماضي أنه قادر على وقف الحرب الروسية الأوكرانية، مكررا أن علاقته بنظيره الروسي جيدة جدا. وساطة أميركية يذكر أن الإدارة الأميركية كانت أطلقت قبل أشهر وساطة من أجل وقف الحرب بين كييف وموسكو، حيث زار المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف روسيا نحو 4 مرات التقى خلالها بوتين. في حين عقد قبل أكثر من أسبوع لقاء روسي أوكراني في اسطنبول، إلا انه لم بفض إلا إلى تبادل مئات الأسرى بين البلدين، دون تحقيق اختراق سياسي. على الرغم من أن الكرملين أكد أمس أن العمل مستمر على مسودة مذكرة سلام روسية.

الأزمة بين كيان الـ.ـعـ.ـدو والدول الأوروبية تتفاقم
الأزمة بين كيان الـ.ـعـ.ـدو والدول الأوروبية تتفاقم

التحري

timeمنذ ساعة واحدة

  • التحري

الأزمة بين كيان الـ.ـعـ.ـدو والدول الأوروبية تتفاقم

ذكرت معلّقة الشؤون الخارجية في القناة 12 'الإسرائيلية' كيرن بتسلئيل، أن هناك سيلًا من الدول الأوروبية انضمّ للانتقادات ضد 'إسرائيل'، وذلك بعد أسبوع تمامًا على تهديد بريطانيا، فرنسا وكندا، باتخاذ خطوات عقابية ضد 'إسرائيل' إذا لم توقف الحر ب، وتسمح بالمساعدة الإنسانية بالدخول إلى قطـ.ـاع غـ.ـزة. وأضافت كيرن: 'إذا ألقينا نظرة إلى ما حصل في الـ24 ساعة الأخيرة، نرى أن إسبانيا طالبت بفرض حظر أسلحة على 'إسرائيل' وفرض عقوبات، مالطا تخطّط للاعتراف بدولة فلسـ.ـطينية، وفي السويد يهددون بالعقوبات وقد استدعوا السفير 'الإسرائيلي' في الدولة لإجراء حديث توبيخي على ضوء الأزمة الإنسانية، إيرلندا تحوّلت على ما يبدو لأول دولة تدفع قدمًا بخطوة وقف كامل للتجارة مع 'إسرائيلي' في الضفة الغربية، وهذا أمر لم نرَ مثله بعد'. وتابعت: 'فوق كل شيء يجب الالتفات إلى ألمانيا وإلى المستشار الألماني الجديد الذي تولّى منصبه قبل ثلاثة أسابيع، وهو زعيم كانوا ينتظرون في 'تل أبيب' تولّيه منصبه، قال اليوم كلامًا مُعقّدًا جدًا: 'الضرر الواسع الذي لحق بالسكان المدنيين في قطـ.ـاع غـ.ـزة لا يمكن أن يكون مبررًا لمحاربة الإرهـ..ـاب. أنا لا افهم ما هـ.ـدف عمليات الجيش 'الإسرائيلي' في غـ.ـزة في هذا التوقيت'، وهذا يعتبر زعيمًا داعمًا لـ'إسرائيل''. ونقلت كيرن عن دبلوماسي قوله: 'لدينا شعور أن المسؤولين 'الإسرائيليين' لا يأخذون بالحسبان ما نقوله، قد نكون نحن غير ذي صلة – وهو يقصد الدول الأوروبية – 'تل أبيب' تنظر فقط نحو البيت الأبيض'.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store