
انتقادات للاتفاق التجاري بين أوروبا وأمريكا.. بايرو: يوم مظلم في تاريخ الاتحاد
وفي حين أشاد الرئيس الأمريكي بالاتفاق ووصفه بأنه "أعظم اتفاق تم التوصل إليه على الإطلاق"، إلا أنه قوبل في فرنسا ببرود واضح، سواء من جانب المعارضة أو في أوساط الحكومة
الحكومة الفرنسية تنتفض ضد الاتفاق
لم يتوانَ رئيس الحكومة الفرنسية، فرانسوا بايرو، صباح يوم الاثنين، عن التنديد بما وصفه بـ"اليوم المظلم" مستنكرا "خضوع" "تحالف الشعوب الحرة" للولايات المتحدة.
ورحّب الوزير المنتدب لأوروبا، بنجامين حداد، بما وصفه بـ"الاستقرار المؤقت للفاعلين الاقتصاديين المهددين بتصعيد الرسوم الجمركية الأمريكية"، في إشارة إلى قطاعات مثل الطيران، والأدوية، والمشروبات الروحية التي استُثنيت من الاتفاق. لكنه في المقابل وصف الاتفاق بأنه "غير متوازن".
وقال حداد: "لقد تم رفض التجارة الحرة الآن من قبل الولايات المتحدة، التي اختارت نهج الإكراه الاقتصادي والتجاهل التام لقواعد منظمة التجارة العالمية". وأضاف: "لنكن واضحين.. الوضع الحالي غير مرضٍ وغير مستدام".
ويشاطره هذه الرؤية لوران سان مارتان، الوزير الفرنسي المنتدب للتجارة الخارجية، الذي دعا إلى "إعادة التوازن" في العلاقة التجارية بين الطرفين.
وقال سان مارتان: "لا أريد أن نتوقف عند ما حدث يوم الأحد. فالقيام بذلك يعني افتراض أن أوروبا ليست قوة اقتصادية. هل التكامل الأوروبي والاتحاد الأوروبي قوة؟ إذا أردنا أن تكون الإجابة بنعم، فلا ينبغي أن نقول الكتلة".
المعارضة الفرنسية تندد بـ"الفشل السياسي" و"العار".
ونددت القوى السياسية الفرنسية الرئيسية، من اليسار واليمين على حد سواء، بالاتفاق.
إذ أعرب رئيس التجمع الوطني، جوردان بارديلا، عن أسفه لـ"اتفاق العار"، قائلاً إن"أورسولا فون دير لاين قبلت استسلام أوروبا التجاري، على حساب مصدرينا ومزارعينا ومصنعينا".
وتحدثت رئيسة مجموعة حزب التجمع الوطني في الجمعية الوطنية الفرنسية، مارين لوبان، عن "إخفاق سياسي واقتصادي وأخلاقي"، قائلةً إن الاتحاد الأوروبي الـ27 "حصل على شروط أسوأ من المملكة المتحدة".
كما كانت الإدانة واضحة أيضًا في أوساط قوى اليسار.
وعبر مؤسس حزب "فرنسا الأبية"، جان لوك ميلونشون، عن أسفه لتوجيه ضربة "لليبرالية" و "المنافسة الحرة وغير المشوهة"، ورأى أن "كل شيء قد تم التنازل عنه لترامب مع الحق في تغيير قواعد اللعبة التي تم وضعها على مدى 75 عامًا من العلاقات الثنائية".
أما السكرتير الأول للحزب الاشتراكي، أوليفييه فور، فقال إن الاتفاق الذي تم توقيعه يوم الأحد "وصمة عار"، مضيفا أن الاتحاد الأوروبي يخضع لشروط دونالد ترامب و "يظهر مرة أخرى أن الأوروبيين يقدمون مرة أخرى مصالحهم الوطنية على أي منطق أوروبي".
وقال رافاييل غلوكسمان، عضو البرلمان الأوروبي عن حزب "بليس بوبليك"، إن "هذه الصفقة الخاسرة مع ترامب هي نتاج ضعف سياسي وأخلاقي يائس".
تسوية تفاوضية مؤلمة
وستخضع بموجب الاتفاق الذي تم إبرامه يوم الأحد في اجتماع بين دونالد ترامب وأورسولا فون دير لاين في اسكتلندا، غالبية الصادرات الأوروبية إلى الولايات المتحدة الآن لتعريفة جمركية بنسبة 15%.
ويُعد هذا المعدل أقل قليلاً من التعريفات التي تفاوضت عليها دول أخرى مع البيت الأبيض مؤخرًا، لا سيما إندونيسيا والفلبين (19% لكل منهما)، وهو يعادل التعريفات الممنوحة لليابان (15%)، الحليف في مجموعة السبع.
وأكدت فون دير لاين أن الصفقة "كبيرة وضخمة"، مشيرة إلى أنها "ستجلب الاستقرار والقدرة على التنبؤ للشركات على جانبي المحيط الأطلسي".
كما أعلن دونالد ترامب أيضًا أن الاتحاد الأوروبي قد التزم بمبلغ 750 مليار دولار أمريكي في مشتريات الطاقة و600 مليار دولار أمريكي في استثمارات إضافية في الولايات المتحدة.
ومع ذلك، فإن الاتفاق أقل بكثير من الطموحات الأولية لبروكسل، التي وضعت اقتراح"صفر مقابل صفر" على الطاولة وأعلنت أنها لن تستبعد اتخاذ تدابير قسرية ضد واشنطن.
وفي مواجهة التوترات المتصاعدة، أعدت المفوضية الأوروبية عدة قوائم من التدابير الانتقامية ضد المنتجات الأمريكية، والتي بلغ مجموعها 93 مليار يورو.
لكن بروكسل لم تنفذ هذه التهديدات، بسبب الانقسامات العميقة بين الدول الأعضاء: فبعضها، مثل فرنسا وإسبانيا، دافع عن استعراض القوة، بينما دفع آخرون، بما في ذلك ألمانيا وإيطاليا، إلى التوصل إلى تسوية سريعة.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


يورو نيوز
منذ 13 دقائق
- يورو نيوز
"بوتين لن يرضخ".. تقرير يكشف عدم اكتراث الرئيس الروسي لتهديدات ترامب بشأن أوكرانيا
وهدد ترامب بفرض عقوبات جديدة على روسيا وفرض رسوم جمركية بنسبة 100% على الدول التي تشتري نفطها - وأكبرها الصين والهند - ما لم يوافق بوتين على وقف إطلاق النار في حرب روسيا في أوكرانيا. وينبع تصميم بوتين على الاستمرار من إيمانه بأن روسيا تنتصر، ومن تشككه في أن المزيد من العقوبات الأمريكية سيكون له تأثير كبير بعد موجات متتالية من العقوبات الاقتصادية خلال ثلاث سنوات ونصف من الحرب، وفقًا لمصادر الكرملين. تجنب إغضاب ترامب ولا يريد الرئيس الروسي إغضاب ترامب، ويُدرك أنه قد يُضيّع فرصةً لتحسين العلاقات مع واشنطن والغرب، لكن أهدافه الحربية لها الأولوية. وأفاد مصدر أن هدف بوتين هو الاستيلاء الكامل على مناطق دونيتسك ولوغانسك وزابوريزهيا وخيرسون الأوكرانية، التي تُطالب بها روسيا، ثمّ مناقشة اتفاقية سلام. وأضاف مصدر أن عملية المحادثات الحالية، التي التقى فيها المفاوضون الروس والأوكرانيون ثلاث مرات منذ مايو/ أيار، كانت محاولةً من موسكو لإقناع ترامب بأن بوتين لا يرفض السلام، مضيفًا أن المحادثات كانت خاليةً من أي مضمون حقيقي باستثناء مناقشات التبادلات الإنسانية. تقول روسيا إنها جادة في التوصل إلى سلام طويل الأمد في المفاوضات، إلا أن العملية معقدة نظرًا لتباعد مواقف الجانبين. ووصف بوتين المحادثات الأسبوع الماضي بأنها إيجابية. وتشمل مطالب موسكو المعلنة انسحابًا أوكرانيًا كاملًا من المناطق الأربع، وقبول كييف بوضع الحياد، وفرض قيود على حجم جيشها، وهي مطالب رفضتها أوكرانيا. ويتكوف في موسكو وفي إشارة إلى احتمال وجود فرصة للتوصل إلى اتفاق قبل الموعد النهائي، من المتوقع أن يزور المبعوث الخاص لترامب، ستيف ويتكوف، روسيا هذا الأسبوع، عقب تصعيد في الخطاب بين ترامب وموسكو بشأن مخاطر الحرب النووية. ويوم الاثنين، أعلنت روسيا أنها لم تعد ملزمة بوقف اختياري للصواريخ النووية قصيرة ومتوسطة المدى. ترامب، الذي أشاد سابقًا ببوتين وألمح إلى احتمال إبرام صفقات تجارية مربحة بين بلديهما، أعرب مؤخرًا عن نفاد صبره المتزايد تجاه الرئيس الروسي. وقد اشتكى مما وصفه بـ"هراء" بوتين، ووصف القصف الروسي المتواصل لكييف ومدن أوكرانية أخرى بأنه "مثير للاشمئزاز". دعت رئيسة الوزراء الأوكرانية يوليا سفيريدينكو العالم الأسبوع الماضي إلى الرد بـ"أقصى قدر من الضغط" بعد أن أسفرت أسوأ غارة جوية روسية هذا العام عن مقتل 31 شخصًا في كييف، بينهم خمسة أطفال، فيما وصفته برد روسيا على مهلة ترامب النهائية. وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، آنا كيلي: "يريد الرئيس ترامب وقف القتل، ولهذا السبب يبيع أسلحة أمريكية الصنع لأعضاء الناتو، ويهدد بوتين برسوم جمركية وعقوبات قاسية إذا لم يوافق على وقف إطلاق النار". تهديد مؤلم وقال مصدر آخر إن تهديد ترامب بالعقوبات كان "مؤلمًا ومزعجًا"، ولكنه ليس كارثيًا. وأضاف المصدر أنه لم يتضح بعد ما إذا كان ترامب سينفذ إنذاره، مضيفًا أنه "سبق أن وجّه تهديدات" ثم لم يقم بأي إجراء، أو غيّر رأيه، مشيراً إلى أنه من الصعب تخيّل أن الصين ستتوقف عن شراء النفط الروسي بناءً على تعليمات من ترامب، وأن أفعاله قد تأتي بنتائج عكسية برفع أسعار النفط. ونتيجةً لجولات العقوبات السابقة، تضررت إيرادات مُصدّري النفط والغاز الروس بشكل كبير، وانخفض الاستثمار الأجنبي المباشر في البلاد بنسبة 63% العام الماضي، وفقًا لبيانات التجارة الصادرة عن الأمم المتحدة. كما جُمّدت أصولٌ للبنوك المركزية في ولايات قضائية أجنبية تُقدّر بنحو 300 مليار دولار. لكن قدرة روسيا على شنّ الحرب لم تُعقّد، ويعود الفضل في ذلك جزئيًا إلى إمدادات الذخيرة من كوريا الشمالية وواردات الصين من المكونات ذات الاستخدام المزدوج التي ساهمت في زيادة هائلة في إنتاج الأسلحة. وقد صرّح الكرملين مرارًا وتكرارًا بأن روسيا تتمتع ببعض "الحصانة" من العقوبات. وأقرّ ترامب بمهارة روسيا في التهرب من العقوبات. وقال للصحفيين في نهاية الأسبوع، ردًا على سؤال حول ردّه إذا لم توافق روسيا على وقف إطلاق النار: "إنهم أشخاص ماكرون، وهم بارعون جدًا في تجنب العقوبات، لذا سنرى ما سيحدث". أشار المصدر الروسي إلى أن بوتين، في سعيه لحل النزاع، يُدير ظهره لعرض أمريكي قُدّم في مارس/ آذار، مفاده أن واشنطن، مقابل موافقته على وقف إطلاق نار كامل، سترفع العقوبات الأمريكية، وتعترف بملكية روسيا لشبه جزيرة القرم - التي ضمتها من أوكرانيا عام 2014 - وتعترف بالسيطرة الروسية الفعلية على الأراضي التي استولت عليها قواتها منذ عام 2022. ووصف المصدر العرض بأنه "فرصة رائعة"، لكنه قال إن وقف الحرب أصعب بكثير من إشعالها. خطوط مواجهة مشتعلة لا تزال خطوط المواجهة شرقي أوكرانيا مشتعلة منذ أكثر من ثلاث سنوات، قتل ثلاثة أشخاص في هجوم روسي بواسطة طائرات مسيرة على مدينة لوزوفا الواقعة في منطقة خاركيف شرقي أوكرانيا. وفي سياق متصل، أفاد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، على منصة تلغرام، بأن روسيا أطلقت أكثر من 25 مسيّرة باتّجاه المدينة وضربت "بنى تحتية مدنية"، مؤكدا أن الهجوم ألحق أضرارا "بالسكك الحديد بما في ذلك مستودع ومحطة"، ما تسبب بإصابة عشرة أشخاص بجروح. من جهتها، أكدت روسيا سيطرة قواتها من مجموعة "الشرق" على بلدة يانفارسكيه في مقاطعة دنيبروبتروفسك وسط أوكرانيا. ونوهت وزارة الدفاع الروسية إلى أسقاط دفاعاتها الجوية خلال الليلة الماضية 24 طائرة مسيرة أوكرانية، بما في ذلك 13 فوق بريانسك وسبع فوق روستوف، واثنتان فوق كالوغا وسمولينسك. حتى الآن، لم تُفلح وعود ترامب وتهديداته ومُحاولاته في تغيير موقف الكرملين، ولا يزال الجمود الدبلوماسي قائمًا. في غضون ذلك، تخسر أوكرانيا المزيد من الأراضي على خط المواجهة، على الرغم من عدم وجود أي مؤشر على انهيار وشيك لدفاعاتها.


يورو نيوز
منذ 6 ساعات
- يورو نيوز
وداعًا للشوكولاتة والجبن وساعات الرولكس الفاخرة.. البضائع السويسرية خارج متناول الأمريكيين
وقد حذّرت عدة جهات مصنّعة من أن الحرب التجارية التي شنّها ترامب على جنيف ستعود على جيوب المستهلكين الأمريكيين، الذين يهوون الساعات والشوكولاتة والجبن السويسري الفاخر. وكان ترامب قد وقّع، يوم الخميس، أمرًا تنفيذيًا يقضي بفرض رسوم جمركية على 66 دولة من شركاء بلاده التجاريين، بما فيهم الاتحاد الأوروبي وتايوان وجزر فوكلاند، على أن تدخل الرسوم حيّز التنفيذ في 7 أغسطس الجاري. ومع أن الزعيم الجمهوري هدّد سويسرا سابقًا في أبريل بفرض تعريفات بنسبة 31% على البضائع الواردة منها، إلا أن النسبة المفروضة عليها الآن أتت أكبر من المتوقع، وقد تركت البلاد في حالة من الصدمة. في هذا السياق، صرّحت الرئيسة السويسرية كارين كيلر-سوتر بأن نسبة 39% كانت مفاجئة، لأن المفاوضين حاولوا التوصّل إلى اتفاق مع إدارة الزعيم الجمهوري في وقت سابق، لكن الجهود باءت بالفشل. وقالت كيلر-سوتر للصحفيين: "سندرس الوضع الآن ونحاول إيجاد حل. لا أستطيع التنبؤ بالنتيجة، لكنها ستضر بالاقتصاد بالتأكيد". في العام الماضي، بلغ العجز التجاري الأمريكي لصالح سويسرا 38.5 مليار دولار، بزيادة قدرها 56.9% عن عام 2023، وفقًا لمكتب الممثل التجاري للولايات المتحدة. ويعني ذلك أن واشنطن استوردت سلعًا سويسرية بقيمة 63.4 مليار دولار العام الماضي، بينما لم تستورد جنيف سوى حوالي 25 مليار دولار من شريكتها. ولربما أزعجت هذه الأرقام سيّد البيت الأبيض، كما ألمحت كيلر-سوتر، حيث أوضحت أنها تعتقد أن الأخير اختار في النهاية فرض رسوم جمركية بنسبة 39% لأن الرقم يتماهى مع عجز الميزان التجاري للسلع، البالغ 38.5 مليار دولار. وأضافت: "كان من الواضح أن الرئيس يريد أن يُركّز على العجز التجاري، وعلى هذه القضية تحديدًا". اتحاد صناعة الساعات السويسرية: كنا نتوقع المعاملة بالمثل من جهته، عبّر اتحاد صناعة الساعات السويسرية عن انزعاجه من القرار الأمريكي، مشيرًا إلى أن سويسرا ألغت في عام 2024 الرسوم الجمركية على جميع السلع الصناعية. وقال الاتحاد في بيان: "بما أن سويسرا ألغت جميع الرسوم الجمركية على المنتجات الصناعية المستوردة، كان يجب أن يتم التعامل بالمثل". مضيفًا: "تُشكّل الرسوم الجمركية مشكلة خطيرة لعلاقاتنا الثنائية". في المقابل، قالت شركتا الشوكولاتة متعددتا الجنسيات "نستله" و"ليندت آند سبرونغلي" إنّه رغم أن لديهما خطوط إنتاج في الولايات المتحدة، إلا أن المتوقع أن تعاني الشركات السويسرية الصغيرة والمتوسطة الحجم من الرسوم الجمركية. وأوضح روجر ويرلي، الرئيس التنفيذي لرابطة مصنّعي الشوكولاتة السويسرية، المعروفة أيضًا باسم "تشوكوسويس"، أن سويسرا تصدّر 7% من إنتاجها من الشوكولاتة إلى الولايات المتحدة. وتابع أن المشكلة ليست فقط في الرسوم العالية، بل أيضًا في سعر الصرف ما بين الدولار الأمريكي والفرنك السويسري، موضحًا أن الزيادة في تكاليف الشركات السويسرية ستقارب 50%. ويرى ويرلي أن الزيادة في التكلفة سيتحمّلها المستهلكون الأمريكيون إذا لم تنخفض هوامش الربح الضئيلة أصلًا، مطالبًا مصنّعي الشوكولاتة السويسريين ببيع منتجاتهم في أسواق أخرى حول العالم لتعويض هذا الفارق.


يورو نيوز
منذ 6 ساعات
- يورو نيوز
عرض جديد لتفادي "ضربة اقتصادية".. سويسرا تتحرك لاحتواء أزمة الرسوم الأميركية
أعلنت الحكومة السويسرية، يوم الاثنين، أنها تستعد لتقديم "عرض أكثر جاذبية" في مفاوضاتها التجارية مع الولايات المتحدة، في محاولة لتفادي رسوم جمركية أميركية مرتفعة بنسبة 39% على وارداتها، والتي من شأنها أن تُلحق ضرراً بالغاً بالاقتصاد السويسري القائم على التصدير. وفي بيان رسمي عقب اجتماع حكومي طارئ، أكد المجلس الفيدرالي – الهيئة التنفيذية للحكومة السويسرية – عزمه مواصلة المحادثات مع واشنطن، حتى بعد الموعد النهائي الذي حدده الرئيس الأميركي دونالد ترامب في 7 أغسطس لدخول الرسوم الجديدة حيز التنفيذ. وقالت الحكومة في البيان: "تدخل سويسرا هذه المرحلة الجديدة وهي مستعدة لتقديم عرض أكثر جاذبية، يأخذ في الاعتبار الهواجس الأميركية ويسعى إلى تخفيف الوضع الراهن بشأن الرسوم الجمركية". ورغم تعهدها بمواصلة الحوار وتأمين معاملة تجارية منصفة مقارنة بمنافسيها الرئيسيين، لم تكشف الحكومة عن تفاصيل العرض المرتقب، وأكدت في الوقت نفسه أنها لا تدرس حالياً اتخاذ إجراءات مضادة. ضربة غير متوقعة وكانت سويسرا قد فوجئت، يوم الجمعة، بقرار الإدارة الأميركية فرض رسوم جمركية تُعد من بين الأعلى ضمن سياسة ترامب لإعادة هيكلة التجارة العالمية. وقد أثار القرار قلقاً واسعاً في الأوساط الاقتصادية، حيث حذرت منظمات صناعية من أن عشرات الآلاف من الوظائف مهددة بسبب الرسوم الجديدة. وبحسب التقديرات، فإن الرسوم المقررة التي يبدأ سريانها الخميس المقبل، ستؤثر على نحو 60% من الصادرات السويسرية إلى الولايات المتحدة، ما يضيق هامش التحرك أمام برن التي تعتبر واشنطن أكبر سوق لصادراتها من الأدوية والساعات والآلات والشوكولاتة. ورفضت الحكومة السويسرية التعليق على ما إذا كانت الرئيسة كارين كيلر-سوتر ستسافر إلى واشنطن لإجراء محادثات مباشرة، وهو مقترح تقدم به عدد من المسؤولين، من بينهم نيك هايك، الرئيس التنفيذي لشركة "سواتش" الرائدة في صناعة الساعات. اتهامات أميركية بـ"علاقة تجارية أحادية" وكان البيت الأبيض قد برر قراره بفرض الرسوم الجمركية، باتهام سويسرا بعدم تقديم "تنازلات مجدية" في ملف إزالة الحواجز التجارية، واصفاً العلاقات الحالية بين البلدين بأنها "أحادية الجانب". في المقابل، عبّر مسؤولون واقتصاديون سويسريون عن دهشتهم من استهداف بلادهم بهذا الإجراء، رغم عمق العلاقات التجارية بين الجانبين. وأشار البيان السويسري إلى أن حجم التبادل التجاري الثنائي تضاعف أربع مرات خلال العشرين عاماً الماضية، في حين تحتل سويسرا المرتبة السادسة ضمن قائمة أكبر المستثمرين الأجانب في الولايات المتحدة. كما لفت إلى أن سويسرا كانت قد ألغت، بشكل أحادي، جميع الرسوم الجمركية على السلع الصناعية اعتباراً من 1 يناير 2024، ما يتيح دخول أكثر من 99% من السلع الأميركية إلى السوق السويسرية دون رسوم. العجز التجاري.. في قلب الأزمة يحمّل ترامب النظام الحالي مسؤولية عجز تجاري يُقدّر بـ1.2 تريليون دولار. ووفق بيانات رسمية، سجّلت سويسرا فائضاً تجارياً مع الولايات المتحدة بلغ 38.5 مليار فرنك سويسري (48 مليار دولار) خلال العام الماضي، ما جعلها تحت المجهر ضمن جهود ترامب للحد من العجز. وقالت الرئيسة السويسرية كيلر-سوتر، في تصريح لوكالة "رويترز" يوم الجمعة: "الرئيس يركّز بشكل كبير على العجز التجاري، لأنه يعتبره خسارة اقتصادية للولايات المتحدة". مقارنة مع الشركاء الآخرين وأثار القرار الأميركي حفيظة سويسرا بسبب ما تعتبره "تمييزاً"، إذ تشير بيانات الحكومة إلى أن دولاً مثل الاتحاد الأوروبي واليابان وكوريا الجنوبية – وجميعها تمتلك فوائض تجارية أكبر مع واشنطن – نجحت في التفاوض على رسوم لا تتجاوز 15%. وتشير الأرقام إلى أن فائض الاتحاد الأوروبي التجاري مع الولايات المتحدة يبلغ نحو 235 مليار دولار، مقابل 70 مليار دولار لليابان، و56 مليار دولار لكوريا الجنوبية. خيارات مطروحة وزير الاقتصاد السويسري غي بارميلان ألمح، في تصريحات نهاية الأسبوع، إلى أن الحكومة منفتحة على مراجعة عرضها، متحدثاً عن خيارات تشمل شراء الغاز الطبيعي الأميركي المسال، وزيادة الاستثمارات السويسرية داخل الولايات المتحدة. لكن في المقابل، دعا بعض الساسة إلى رد فعل أقوى، من بينهم من اقترح إلغاء صفقة بقيمة 6 مليارات فرنك سويسري لشراء مقاتلات F-35A Lightning II من الولايات المتحدة. الأثر الاقتصادي والمالي بحسب الخبير الاقتصادي هانس غيرسباخ، من جامعة ETH في زيورخ، فإن فرض تعرفة بنسبة 39% قد يؤدي إلى خفض الناتج المحلي الإجمالي لسويسرا بنسبة تتراوح بين 0.3% و0.6%. وإذا ما شملت الرسوم قطاع الأدوية، الذي لم تطله حالياً، فقد تتجاوز نسبة الانكماش 0.7%، في حين قد تؤدي الاضطرابات طويلة الأمد إلى تقليص الناتج المحلي بنسبة تفوق 1%. من جانبها، توقعت شركة نومورا أن يدفع هذا التصعيد البنك الوطني السويسري إلى خفض أسعار الفائدة في اجتماعه المقبل في سبتمبر. انعكاسات في الأسواق في الأسواق المالية، تراجع مؤشر الأسهم السويسرية الرئيسي (.SSMI) بنسبة 0.4% يوم الاثنين، مخالفاً الاتجاه الإيجابي في أوروبا حيث ارتفع مؤشر STOXX 600 بنسبة 0.8%. كما تراجعت أسهم شركات الساعات الفاخرة مثل ريشمونت وسواتش وسط تداولات متقلبة. فقد انخفض سهم ريشمونت بنسبة 1.5% بعد تراجع بلغ 3.5% خلال اليوم، بينما تراجع سهم سواتش بنسبة 1.8% بعد خسارة بلغت 5% في وقت سابق. وعلى صعيد العملات، سجّل الفرنك السويسري أسوأ أداء بين العملات الرئيسية أمام الدولار، حيث ارتفع الأخير بنسبة 0.4% إلى 0.8073 فرنكاً، مقترباً من أعلى مستوى له خلال شهر.