
السيادة الفلسطينية على أرضها ، الرد الاستراتيجي على مشروع سموتريتش ، بقلم : محمد علوش
يشكل مشروع سموتريتش لتمزيق الضفة الغربية وتطويق القدس تهديداً وجودياً للمشروع الوطني الفلسطيني، إذ يهدف إلى تقويض أهم مقومات الدولة الفلسطينية المتمثلة بالأرض، وإعادة فرض واقع تقسيمي يهدد مستقبل شعب بأسره، وفي هذا الواقع المتقلّب، يصبح التحرك السياسي والقانوني والميداني ليس مجرد خيار، بل واجب وطني مقدس لضمان حماية الأرض والمواطن والحقوق الوطنية المشروعة.
والخطوة الأولى لمواجهة هذا المشروع الخطير هي إعلان السيادة الفلسطينية الكاملة على الضفة الغربية والقدس على حدود 4 حزيران/يونيو 1967، وهذا الإعلان ليس مجرد رمزية سياسية، بل استحقاق قانوني وتاريخي يضع الأسس لأي استراتيجية دفاعية وسياسية لاحقة، ويؤكد للعالم أجمع أن الشعب الفلسطيني صاحب الأرض والحق والكرامة، وأن دولته المستقلة كاملة السيادة ليست حلماً، بل واقعاً يجب تثبيته.
ولا يمكن للسيادة أن تتحقق دون إعادة قراءة العلاقة مع دولة الاحتلال، ووضع حد لكل اعتراف أو تعامل يشرعن السيطرة الاسرائيلية على الأرض الفلسطينية، وفي المقابل، يجب التأكيد على الدفاع عن الأرض والمواطن بكل الوسائل المشروعة، ضمن تحالف متكامل بين كافة أشكال النضال الشعبي والمقاومة الميدانية، لضمان حماية المزارعين والسكان في مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية وعصابات المستوطنين.
وإنّ البعد الاقتصادي للمقاومة الشعبية عنصر حاسم في صمود المجتمع الفلسطيني، إذ يمكن تحويل مقاطعة البضائع الإسرائيلية إلى فعل حرية واستقلال، بالاستعاضة عنها بالبدائل الوطنية أو منتجات الدول الشقيقة والصديقة، مع وضع آليات قانونية لمساءلة المخالفين، ليصبح الاقتصاد ساحة مقاومة أخرى تجسّد قوة الأرض وصمود أهلها.
وعلى الصعيد الدولي، يتطلب الرد تحركات دبلوماسية حازمة، تشمل رفع الشكاوى للهيئات الدولية، والمطالبة بفرض العقوبات على إسرائيل، ووقف عضويتها في المؤسسات التي تشرعن انتهاكاتها، وهذا المسار يربط بين النضال الوطني والمجتمع الدولي، ويضع العالم أمام مسؤولياته القانونية والسياسية والأخلاقية تجاه الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة.
إن مواجهة مشروع سموتريتش لا يمكن أن تحصر بالوعود الخارجية أو السياسات الجزئية، بل تتطلب خطة وطنية شاملة، تجمع بين المقاومة الشعبية، المؤسسات الرسمية، والضغوط الدولية، لتصون الأرض وتحقق السيادة وتؤكد الحقوق الوطنية المشروعة، وفي النهاية، الطريق الوحيد للظفر بهذه الحقوق يمر عبر وحدة الشعب الفلسطيني، وإعلاء قيمة الأرض والسيادة الوطنية فوق كل الاعتبارات الأخرى، لتظل فلسطين، كما كانت دائماً، قلب الحق والكرامة في المنطقة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


معا الاخبارية
منذ 10 ساعات
- معا الاخبارية
سموتريتش هدد بالاستقالة خلال مداولات تعديل موازنة 2025
بيت لحم -معا- قالت القناة 12 الإسرائيلية: وزير المالية الإسرائيلي سموتريتش هدد بالاستقالة خلال المداولات على إدخال التعديلات على موازنة العام 2025. واضافت ان سموتريتش تعرض لهجوم من وزراء بسبب الاقتطاعات من موازنة الوزارات التي ستتم لتمويل نفقات الحرب. واكدت القناة 13 الإسرائيلية ان الحكومة صادقت على زيادة نفقات الأمن 9 مليارات دولار.


معا الاخبارية
منذ 17 ساعات
- معا الاخبارية
مـن يـردع هـذه الـغـطـرسـة الإسـرائـيـلـيـة الـتـي لـم يـعـد لـهـا حـدود؟
يبدو أن غطرسة القوة التي صار يعبّر عنها حكام إسرائيل قد جعلتهم يتصورون أنهم قادرون على إبراز نزعاتهم التوسعية والعدوانية بصورة صارخة في هذا "الشرق الأوسط الجديد" الذي يحلمون بقيامه. هذا ما دلت عليه ثلاثة أحداث مترابطة وقعت خلال أيام قليلة، تمثّل الأول منها في إعلان رئيس حكومة الحرب الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، في الثاني عشر من آب/أغسطس الجاري، أنه يشعر "بصلة قوية جداً" برؤية "إسرائيل الكبرى"، وتمثّل الثاني في دعوة وزير ماليته بتسلئيل سموتريتش، في الرابع عشر من هذا الشهر، إلى تسريع مشروع رئيسي للاستيطان في منطقة حساسة تقطع شمال الضفة الغربية عن جنوبها وإلى ضم الأراضي الفلسطينية التي تحتلها إسرائيل، بينما تمثل الثالث، في الخامس عشر من الشهر نفسه، في قيام وزير الأمن الداخلي إيتمار بن غفير باستفزاز غير مسبوق، وذلك عندما قام بتهديد القائد الفلسطيني مروان البرغوثي في السجن الانفرادي الذي يقبع فيه. نتنياهو ورؤية "إسرائيل الكبرى" في مقابلة مع قناة i24NEWS العبرية، صرّح بنيامين نتنياهو أنه يشعر بأنه مُكلّف بـ "مهمة تاريخية وروحية"، لا سيما فيما يتعلق بحرب الإبادة الجماعية التي يشنها جيشه على قطاع غزة، كما أكد تمسكه برؤية إسرائيل الكبرى، وذلك عندما عرضت عليه الصحافية شارون غال تميمةً تُصوّر"خريطة أرض إسرائيل الموعودة"، وسألته عما إذا كان كان يشعر بارتباطٍ بـ "هذه الرؤية لإسرائيل الكبرى"، فأجاب مباشرةً: "نعم، أشعر بارتباطٍ كبير". وكانت وزارة الخارجية الإسرائيلية نشرت، في كانون الثاني/يناير 2025، خريطة على مواقع التواصل الاجتماعي تزعم وجود "مملكة يهودية" عمرها آلاف السنين، تشمل الأراضي الفلسطينية المحتلة، بالإضافة إلى أجزاء من الأردن ولبنان وسورية ومصر (1). سموتريتش وإحياء المشروع الاستيطاني في المنطقة "إي 1" (E1) تستغل حكومة بنيامين نتنياهو عودة دونالد ترامب، حليف إسرائيل الأكبر، إلى البيت الأبيض لتسريع مشاريعها الاستيطانية وتعزيز استراتيجيتها الاستعمارية في الضفة الغربية، حيث يعيش، من دون القدس الشرقية المحتلة، نحو ثلاثة ملايين فلسطيني و500 ألف مستوطن إسرائيلي. وفي هذا السياق، دعا وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش إلى تسريع مشروع لبناء 3400 وحدة سكنية في المنطقة "إي 1" (E1) وضم الأراضي الفلسطينية التي تحتلها إسرائيل في الضفة الغربية. جاء ذلك رداً منه على إعلانات عدة دول، في ظل استمرار الحرب الإسرائيلية والكارثة الإنسانية في قطاع غزة، أنها تدرس الاعتراف بدولة فلسطين في الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول/سبتمبر المقبل. وورد في تصريح سموتريتش: "من يريد الاعتراف بدولة فلسطينية اليوم سيتلقى منا رداً ميدانياً (...) بحقائق ملموسة: منازل، أحياء، طرق، وعائلات يهودية تبني حياتها". وأضاف: "في هذا اليوم المهم، أدعو رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى بسط السيادة الإسرائيلية على يهودا والسامرة، والتخلي نهائياً عن فكرة تقسيم البلاد، وضمان ألا يبقى لدى القادة الأوروبيين المنافقين ما يعترفون به بحلول سبتمبر"، وهدد قائلاً: "إذا اعترفتم بدولة فلسطينية في سبتمبر، فسيكون ردنا تطبيق السيادة الإسرائيلية على جميع أنحاء يهودا والسامرة". وكان الوزير يتحدث في مستوطنة "معاليه أدوميم" لتقديم آخر المستجدات حول تقدم هذا المشروع الاستيطاني، الذي أدانته حركة "السلام الآن"، غير الحكومية المناهضة للاستيطان، ووصفته بأنه "خطة قاتلة لمستقبل إسرائيل وأي فرصة لحل الدولتين"، موضحة أن لجنة فنية تابعة لوزارة الحرب ستناقش الاتفاق النهائي بشأن الخطة يوم الأربعاء في العشرين من هذا الشهر، وبعد كل الخطوات البيروقراطية، "يمكن تنفيذ الخطة في غضون بضعة أشهر، بينما يستغرق البناء حوالي عام". وأكدت الحركة أن هذه اللجنة رفضت بالفعل جميع الاعتراضات القانونية على المشروع (2). استعمار المنطقة "E1": الحؤول دون قيام دولة فلسطينية متواصلة جغرافياً على الرغم من أن مساحة هذه المنطقة، التي تربط القدس الشرقية بمستوطنة "معاليه أدوميم"، تبلغ 12 كيلومتراً مربعاً فقط، فإن أهمية الاستيطان فيها ينبع من كونها تقسم الضفة الغربية إلى قسمين منفصلين، مما يحول دون قيام دولة فلسطينية محتملة ذات تواصل جغرافي. طُرحت خطط الاستيطان في هذه المنطقة في التسعينيات، في عهد يتسحاق رابين، لكنها توقفت وأُعيد إطلاقها مراراً وتكراراً منذ سنة 2005. بعد يوم واحد من تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة، في 29 تشرين الثاني/نوفمبر 2012، على منح فلسطين صفة "دولة مراقب غير عضو"، أعلنت الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو عن بناء 3000 وحدة سكنية في المنطقة "إي 1"، وهو إعلان أثار غضب حتى حليفها الأميركي، وجعل الحكومة الإسرائيلية تتراجع عنه (3). عشية الانتخابات التشريعية الإسرائيلية في آذار/مارس 2020، دعا رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى المضي قدماً في خطط البناء في المنطقة، ونُشرت، في أعقاب ذلك، خطتان لبناء 3412 وحدة سكنية. وقد اعترضت حركة "السلام الآن" آنذاك على الخطتين، وكلفت المهندس أوري رايشر، المتخصص في تخطيط استخدام الأراضي، بإعداد تقرير يتضمن حجج الاعتراض، ومما جاء فيه: 1- تُعدّ منطقة "إي 1" أساسية للتنمية الفلسطينية، لذا فإن البناء الإسرائيلي فيها يُقوّض بصورة خطيرة إمكانات التنمية لدولة فلسطينية أو لأي أرض فلسطينية مستقلة، 2- من دون المنطقة "إي 1"، لا يمكن إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة، مع إمكانات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وعاصمتها القدس الشرقية. لذلك، يُعتبر النشاط الاستيطاني في هذه المنطقة قاتلاً لآفاق السلام؛ 3- من شأن الاستيطان في هذه المنطقة أن يضر بإمكانيات التنمية في القدس الشرقية، التي هي من أكبر المدن الفلسطينية في الضفة الغربية؛ فهذه المنطقة هي احتياطي الأراضي الوحيد في منطقة القدس الشرقية، وهي ضرورية لضمان استمرارية حضرية عالية الجودة والتنمية الاقتصادية والاجتماعية للقدس الشرقية؛ فالاستيطان الإسرائيلي في المنطقة سيفصل القدس الشرقية تماماً عن الأراضي الفلسطينية، ويتسبب في موت المدينة، ويحوّلها إلى محيط في قلب الأراضي الفلسطينية، 4- من شأن الاستيطان في هذه المنطقة أن يضر بإمكانيات التنمية في منطقة رام الله - القدس الشرقية - بيت لحم الحضرية، 5- إن الاستيطان في هذه المنطقة سيضر بإمكانيات التنمية الإقليمية للضفة الغربية بأكملها، وليس فقط لمنطقة رام الله - القدس الشرقية - بيت لحم الحضرية، إذ ستتأثر مدن أخرى مثل أريحا شرقاً، فهذه المنطقة تقع على طريق القدس - أريحا، عند مفترق طرق ذي أهمية إقليمية بالغة، وهي مركز إقليمي محتمل يربط أريحا (والأردن) بشمال الضفة الغربية وجنوبها، بالقرب من الطرق الرئيسية (4). في سنة 2021، أُعلن عن تعليق خطط توسيع الاستيطان شرق القدس، لكن في 30 آذار/مارس 2025، اعتمدت الحكومة الإسرائيلية مشروعاً لبناء طريق جديد في الضفة الغربية المحتلة، يهدف إلى "تسهيل حركة المرور وتحسين البنية التحتية للنقل بين القدس ومعاليه أدوميم وغور الأردن"، وذلك بميزانية قدرها 303 ملايين شيكل (حوالي 75 مليون يورو). ووصف وزير الحرب يسرائيل كاتس هذا القرار بأنه "قرار تاريخي"، وقال: "ستُحسّن هذه المرافق الجديدة أمن السكان الإسرائيليين ورفاهيتهم، مع تعزيز قبضة إسرائيل على منطقة يهودا والسامرة". بينما وصفت حركة "السلام الآن" الطريق بأنه "طريق فصل عنصري"، مُشددةً على أن هذه البنى التحتية الجديدة تهدف في المقام الأول إلى تعزيز الاستعمار الإسرائيلي في الضفة الغربية (5). في 17 تموز/يوليو 2025، كشف مقال نشرته صحيفة "هآرتس" عن نية الحكومة الإسرائيلية إحياء مشروع "إي 1" الاستيطاني، الذي ناقشه اجتماع "المجلس الأعلى للتخطيط " التابع للإدارة المدنية الإسرائيلية، في السادس من آب/أغسطس الجاري. ووفقاً لحركة "السلام الآن"، فإن "حكومة نتنياهو-سموتريتش تستغل الحرب على قطاع غزة لترسيخ واقع يجعل حل الدولتين السلمي مستحيلاً". وكان وزير المالية الإسرائيلي قد أكد، خلال "مؤتمر المستوطنات" في أيار/مايو 2025، الذي نظمته صحيفة "ماكور ريشون" الاستيطانية اليمينية المتطرفة، على هذه الحقيقة بقوله: "بهذه الطريقة نقضي على إمكانية قيام دولة فلسطينية بحكم الأمر الواقع". ويرتبط إحياء هذا المشروع ارتباطاً مباشراً بسيطرة وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بصفته وزيراً ثانياً في وزارة الحرب، على الإدارة المدنية في الضفة الغربية المحتلة، وبترؤسه "المجلس الأعلى للتخطيط" بصورة غير رسمية (6). "المستوطنة الأكثر خطراً" تحت هذا العنوان، نشرت صحيفة "هآرتس" افتتاحية، في 15 آب/أغسطس الجاري، نقلتها عنها نشرة "مختارات من الصحف العبرية"، أشارت فيها إلى أنه من المتوقع أن تصادق الحكومة بشكل نهائي في الأسبوع المقبل على خطط البناء في المنطقة "إي 1" بعد سنوات من التأجيل بفعل الضغط الدولي، وهي "خطط ذات تبعات دراماتيكية على مستقبل الأراضي التي تحتلها إسرائيل، ولا رجعة عنها"، و "ستكون بمثابة حكم بالإعدام على فرص إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة في أي وقت مستقبلاً". وقدّرت الافتتاحية أنه "في حين أن الأغلبية الساحقة من دول العالم، والتي ازدادت مؤخراً، تؤمن بحل الدولتين، وتعترف بدولة فلسطينية، تأتي الحكومة الإسرائيلية لتبصق في وجهها، وإذا كان العالم بحاجة إلى سبب إضافي لتحويل إسرائيل إلى دولة منبوذة ومكروهة وممقوتة"، فإن خطة "إي 1" توفر له "سبباً مُقنعاً آخر". وأضافت أنه "يجب النظر إلى قرار بناء هذه المستوطنة المصيرية من منظور أوسع؛ فسموتريتش ومجموعته لا يكتفون، من خلال ذلك، بإشباع شهيتهم العقارية، بل يعملون أيضاً على ضم الضفة إلى إسرائيل رسمياً، أو على الأقل، ضم مناطق ج، وفي الوقت عينه، فرض وقائع جديدة على الأرض، هدفها إخراج الفلسطينيين من مناطق ج، مع رؤية نهائية لطردهم كلياً من جميع أنحاء الضفة...هكذا يُمنع قيام دولة فلسطينية، وهكذا تُوضَع الأسس لعملية ترحيل واسعة النطاق في الضفة الغربية" (7). بن غفير والاستفزاز غير المسبوق نشر إيتمار بن غفير مقطع فيديو على حسابه على موقع "إكس"، صباح الجمعة، في 15 آب الجاري، يظهر فيه وهو يهدد القائد الفلسطيني البارز مروان البرغوثي، المسجون منذ 23 عاماً في السجون الإسرائيلية، إذ يقف وزير الأمن الداخلي وشخصان آخران، أحدهما حارس سجن، أمام مروان البرغوثي ويحاصرونه في زاوية من زنزانته، ويقول الوزير بالعبرية: "لن تنتصروا، أي شخص يعبث مع شعب إسرائيل، وأي شخص يقتل أطفالنا، وأي شخص يقتل نساءنا، سنبيده". وعندما حاول زعيم حركة "فتح"، والعضو المنتخب في المجلس التشريعي الفلسطيني، الرد عليه، قاطعه بن غفير قائلًا: "عليكم أن تعلموا هذا على مر التاريخ". ثم نشر بن غفير تغريدة ورد فيها: "قرأتُ صباح اليوم أن العديد من كبار المسؤولين في السلطة الفلسطينية لم يُعجبهم كثيراً ما قلته & 39; الأكبر مروان البرغوثي... لذا، سأكرّر ذلك من دون أي اعتذار: كل مَن يعتدي على شعب إسرائيل، وكل مَن يقتل أطفالنا، وكل مَن يقتل نساءنا، سنمحوه، بمشيئة الله". في تعليقها على مقطع الفيديو هذا، ذكرت صحيفة "ليبيراسيون" الباريسية أن مروان البرغوثي "الزعيم الفلسطيني، والعضو في حركة فتح، التي تدعو إلى حل سياسي للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، مسجون لدى إسرائيل منذ سنة 2002، ويُستشهد به بانتظام كخليفة محتمل للرئيس الفلسطيني محمود عباس، رغم اعتقاله، وهو يُلقَّب بـ"مانديلا فلسطين" من قِبل أنصاره، وأصبح على مر السنين شخصيةً رمزيةً للقضية الفلسطينية". ونقلت الصحيفة عن عرب البرغوثي، نجل مروان، قوله في مقابلة مع وكالة "فرانس برس" إنه صُدم من مقطع الفيديو هذا"، وانتقد غطرسة الحكومة الإسرائيلية، التي "لا يعني لها شيئاً القانون الدولي والقانون الإنساني"، وعلّق قائلاً: "لم يرَ أي فرد من أفراد العائلة والدي منذ أكثر من عامين؛ أنا شخصياً لم أره منذ ثلاثة أعوام. [...] لقد فقد والدي الكثير من وزنه ويبدو متقدماً في السن، ونحن قلقون حقاً ونخشى على حياته وسلامته في ضوء المشاهد التي رأيناها". وأضاف: "سياسة الاحتلال واضحة جداً؛ يريدون أن يثبتوا للشعب الفلسطيني أنهم الأقوى بـ "إهانة قائدهم"، لكن والدي صمد في وجه الظلم في زنزانة صغيرة، مقيد اليدين، منهكاً، وواضح التعب عليه، لكنه صامد بكرامة"، وختم قائلاً: "رغم أنه تعرض بالفعل لأمور لا تُصدق خلال العامين الماضيين [...]، فهم لن يحطموا صورته، لأنه يمثل الشعب الفلسطيني والأسرى الفلسطينيين" (8). أمام هذه الغطرسة: لم تعد تنفع الإدانات ولا حتى الاعترافات أصدر وزراء خارجية 31 دولة عربية وإسلامية، في 15 آب، بياناً نددوا فيه بتصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بشأن ما يسمى "رؤية إسرائيل الكبرى"، بصفتها تمثّل "استهانة بالغة وافتئاتاً صارخاً وخطيراً لقواعد القانون الدولي، ولأسس العلاقات الدولية المستقرة، وتشكل تهديداً مباشراً للأمن القومي العربي ولسيادة الدول، والأمن والسلم الإقليمي والدولي" (9). ولكن، إذا كانت هذه التصريحات، التي هي ليست مجرد كلام بل تنطوي على قناعات راسخة لدى رئيس حكومة الحرب الإسرائيلية استلهمها من معلمَيه فلاديمير جابوتنسكي ومناحم بيغن، تهدد الأمن القومي العربي، فما فائدة معاهدات السلام واتفاقات التطبيع العربية-الإسرائيلية إذن؟ وإذا كان مشروع الاستيطان في المنطقة "إي1" قد جوبه بإدانات من الدول الغربية الكبرى، باستثناء الولايات المتحدة، في موقف تقليدي لها كلما أعلنت إسرائيل عن مشاريع استيطانية جديدة، فما فائدة هذه الإدانات إذا ظلت مجرد كلام لا قيمة له؟ وحتى الاعترافات الموعودة بدولة فلسطينية ما نفعها، في ظل تعهد بتسلئيل سموتريتش بأن هذه الدولة لن تقوم على أرض الواقع ووصفه من يعترف بها بـ "المنافق"، وطالما لم يقترن هذا الاعتراف بفرض عقوبات جدية على حكومة نتنياهو-سموتريتش- بن غفير المتغطرسة والمستخفة بالمجتمع الدولي؟ أما الرد الفلسطيني الأقوى على هذه الغطرسة الإسرائيلية، فسيتمثل في العمل على وقف حرب الإبادة والتجويع الإسرائيلية على قطاع غزة، والسعي الجاد إلى تحقيق وحدة الصف الوطني الفلسطيني، بحيث يتمكن الرئيس الفلسطيني من تقديم الرؤية السياسية المتكاملة التي يجري الحديث عنها، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول/القادم، باسم هذه الوحدة، وخصوصاً أن هذه الرؤية، التي قيل إنها ستنطوي على المطالبة بوقف العدوان الإسرائيلي، ورفض التهجير، والتمسك بالحقوق الوطنية و"الانتقال من السلطة الوطنية إلى تجسيد دولة فلسطين في ظل الاعترافات المتزايدة بدولة فلسطين، واستنادا إلى قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 19/67 لسنة 2012"، من المفترض أن تلقى إجماعاً داخل الساحة الفلسطينية.


معا الاخبارية
منذ 17 ساعات
- معا الاخبارية
من تهجير غزة إلى دفن الدولة الفلسطينية: مشهدية الهزيمة أم فرصة للتحول؟
لم تعد إسرائيل تُخفي أهدافها الحقيقية؛ من تدمير مدينة غزة التاريخية ومدن جنوب القطاع إلى تهجير سكانها بذريعة "استعادة المحتجزين"، ومن إعلان نتنياهو دفن الدولة الفلسطينية من مستوطنة في قلب الضفة، إلى شروع سموتريتش في تنفيذ أخطر مخطط استيطاني في "منطقة E1" يقطع أوصال الضفة الغربية ويمنع إقامة دولة فلسطينية متواصلة وقابلة للحياة، بل والتلويح بطموحات نتنياهو حول "إسرائيل الكبرى" باعتبارها نهاية التاريخ في فلسطين. كل ذلك يجري أمام صمت دولي مشوب بالتواطؤ، لا يرى في الضحايا الفلسطينيين سوى تفصيل صغير أمام صفقات السلاح والطاقة والمصالح. تحوّل استراتيجي في العقيدة الصهيونية: من إدارة الصراع إلى حسمه التحولات الآخذة في مزيد من التطرف، سواء في تل أبيب أو في البيت الأبيض، ليست استثناءً، بل تشكّل امتدادًا لبنية الفكرة الصهيونية التي قامت على إلغاء وجود الفلسطيني شعبًا وأرضًا. إلا أن ما يحدث اليوم هو انتقال نوعي من إدارة الصراع إلى حسمه عبر التدمير الشامل لغزة والضمّ الزاحف للضفة. إنهم يسابقون الزمن لفرض واقع لا عودة عنه، مستندين إلى انشغال العالم بأزماته، وإلى عجز فلسطيني داخلي يمنحهم نافذة وفرص مناورة إضافية. الانقسام الفلسطيني: شرعية مهزوزة وقيادات منفصلة عن الشعب في الجانب الفلسطيني، يظهر المشهد أكثر قتامة. فهناك من يقدّم نفسه حاكمًا لغزة بقرار أميركي، بما يشكّله ذلك من استقواء بالخارج، ومن إقصاء للإرادة والقرار والكرامة والحق الفلسطيني في اختيار قيادته كمكوّن أساسي من حقه في تقرير مصيره. فيما تُصدر السلطة مراسيم فوقية، تارةً لما يسمى انتخاب مجلس وطني جديد وفق شروط وتوقيت لا تفضي سوى لإقصاء شركاء الوطن، وتارةً لتشكيل لجنة دستور من لونٍ واحد لا تعكس تنوع الطيف السياسي ولا الاجتماعي. هذا في وقت يتعرض فيه الشعب لواحدة من أبشع حملات الإبادة والتطهير العرقي والاقتلاع. النتيجة مشهدية لا تعكس سوى عجز القيادات والنخب المتحكمة في المصير الوطني، وانفصالها عن نبض الناس وتضحياتهم. جذور الأزمة: استعمار إحلالي وفشل المسار السياسي يعود هذا المشهد إلى طبيعة بنية الفكرة الصهيونية، سيّما الاستعمار الاستيطاني الإحلالي الذي يرى الأرض "خالية سياسيًا"، ويستهدف نزع الفلسطيني من المكان والسردية معًا. كما أن فشل تسوية مسار أوسلو، وما أنتجه من قدرة على تحويل "المرحلي" إلى دائم، ومن ثم تكريسه، ومن تجزئة الأرض والشعب والقرار، إلى تطبيع إدارة الاحتلال بدل تفكيكه. هذا بالإضافة إلى انتقال حكومة الاحتلال من الردع إلى عقيدة التدمير الشامل، أو من "جزّ العشب" إلى سياسة "كسر المجتمع" عبر الحصار والتجويع وتدمير المقومات المدنية. يأتي ذلك كله في سياق ثغرات بنيوية خطيرة في الحالة الفلسطينية، حيث شرّع الانقسام الأبواب لفتح شهية الاحتلال نحو الضم والتصفية، كما أدى إلى اهتزاز طبيعة وشرعية التمثيل، سيّما في ظل انشغال النخب الحاكمة في الصراع الداخلي على حساب مشروع التحرر الوطني، حيث بات القرار الوطني يُصنع في الغرف المغلقة، وتُدار المؤسسات بمراسيم بدلاً من التوافق والانتخابات والمساءلة. المطلوب فلسطينيًا: استنهاض وطني وقطع الطريق على مشاريع التصفية أمام هذا المشهد، المطلوب أولًا استنهاض مجمل الطاقات الوطنية لوقف الإبادة وحماية المدنيين، عبر توحيد الجهود القانونية والسياسية والحقوقية، وتفعيل أدوات الضغط على الاحتلال في المحاكم الدولية وفي مؤسسات المجتمع المدني العالمي. ثانيًا، تحصين المجتمع من التهجير بإعادة الأمل للناس وفق رؤية واقعية قابلة للتطبيق، تشكّل أداة مضادة لمحاولات شطب الوجود الفلسطيني. وفي السياق ذاته، لا بد من وقف منح الشرعية للإجراءات الأحادية: لا لجنة دستور أحادية، ولا حكم مفروض من الخارج. إن مستقبل غزة والضفة والقدس لا يُحسم في العواصم الأجنبية ولا في المراسيم الفوقية، بل في عقد اجتماعي جديد يقوم على التوافق الذي يضمن وحدة التمثيل وتوسيع قاعدة المشاركة. الأمر الذي يتطلب الإسراع في تشكيل حكومة وفاق وطني تقطع الطريق على مخططات نتنياهو لتكريس الفصل بين الضفة والقطاع، وكذلك عقد الإطار القيادي الموحّد كهيئة انتقالية جامعة تضم جميع الفصائل والمجتمع المدني والنقابات والشتات، بولاية مؤقتة محددة تحت إطار منظمة التحرير، والتحضير لانتخابات عامة تشريعية ورئاسية وللمجلس الوطني، في الطريق لتشكيل مجلس تأسيسي لبرلمان دولة فلسطينية. فهذا ليس ترفًا تنظيميًا، بل شرط بقاء، لأن أي فراغ سيملؤه الاحتلال أو وكلاؤه، شريطة أن يكون ذلك كله في إطار أدوات وطنية جامعة، لا نهجًا إقصائيًا يبقي الأبواب مشرعة لتدخل الاحتلال وأعوانه. إلى جانب ذلك، نحن بحاجة إلى عقد اجتماعي يحدد برنامجًا كفاحيًا شاملًا، يرتكز على المقاومة الشعبية الفعّالة، والقادرة على تقليل الكلفة على المجتمع ورفعها على الاحتلال، وعلى استقلالية مالية من خلال صندوق وطني شفاف يدير موارد الإعمار والصمود بعيدًا عن الولاءات السياسية ذات اللون الواحد أو الابتزازات الخارجية. الرأي العام العالمي: من التعاطف إلى خلق كلفة على الاحتلال رغم صمت الحكومات الغربية، هناك رأي عام عالمي يتشكّل على صعيد الجامعات، والنقابات، والمجالس المحلية، والمحاكم، وصناديق التقاعد التي بدأت ترى في الاحتلال عبئًا أخلاقيًا واقتصاديًا. هذه النافذة تحتاج إلى جهد فلسطيني منظم ومحترف لتحويل التعاطف إلى كلفة سياسية مستدامة على الاحتلال، بدل أن يبقى مجرد شعارات موسمية فارغة من أي مضمون. بين مشهدية الهزيمة وإمكان التغيير: خيار الشعب أم قدر الاحتلال؟ اللحظة خطيرة، لكنها ليست قدرًا محتومًا. إسرائيل تراهن على إدارة بؤس فلسطيني دائم، وعلى قبول العالم بواقع "إسرائيل الكبرى". كسر هذا المسار يبدأ بتحويل الفلسطيني من موضوع للسياسات إلى صانع للكلفة على كافة الأصعدة: القانونية، والاقتصادية، والأخلاقية. لا قيادة تُمنح من الخارج، ولا شرعية بلا تمثيل، ولا مقاومة بلا انضباط أخلاقي. إن مشهدية التهجير والإبادة والاستيطان ليست نهاية الطريق، بل جرس إنذار أخير: إما إعادة بناء الحركة الوطنية الفلسطينية على أسس تمثيلية وشراكة حقيقية، أو الاستسلام لمعادلة الاحتلال التي لا ترى فينا سوى عبء يجب التخلص منه. الخيار ما زال ممكنًا، لكنه يتطلب شجاعة الاعتراف بالأزمة أولًا، وإرادة الخروج منها ثانيًا. والسؤال: كيف يمكن تحقيق ذلك؟ هذه مسؤولية الجميع، وبما يشمل كل مواطن، وهذا ما يستحق نقاشًا وطنيًا ومجتمعيًا واسع النطاق.